الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(10)
وأخرج البخاري ومسلم من حديث أنس بن مالك قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «من سره أن يبسط له في رزقه، أو ينسأ له في أثره فليصل رحمه (1)» .
فعلينا بصلة الرحم ولنحذر قطعها.
(1) صحيح البخاري 4/ 301 رقم 2067، صحيح مسلم، بر / 20، 21، أبو داود، زكاة / 45 وأحمد 3/ 156، 247، 266.
محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة:
إن الرحمة صفة لنبينا محمد صلى الله عليه وسلم أيضا فهو رحيم بالمؤمنين يعز عليه ما يشق عليهم، بل إنه صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة - جاء في القرآن الكريم:
1 -
2 -
وجاء في السنة:
1 -
أخرج مسلم في الصحيح من حديث جبير بن مطعم أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن لي أسماء، أنا محمد، وأنا أحمد، وأنا الماحي الذي يمحو الله بي الكفر، وأنا الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي، وأنا العاقب الذي ليس بعده أحد (3)» .
(1) سورة التوبة الآية 128
(2)
سورة التوبة الآية 61
(3)
صحيح مسلم 4/ 1828 رقم 125.
2 -
أخرج مسلم وغيره من حديث أبي موسى الأشعري قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يسمي لنا نفسه أسماء، فقال: أنا أحمد، والمقفى، والحاشر، ونبي التوبة، ونبي الرحمة (1)» .
3 -
أخرج مسلم أيضا من حديث عمران بن الحصين قال: «كانت ثقيف حلفاء لبني عقيل فأسرت ثقيف رجلين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم وأسر أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من بني عقيل وأصابوا معه العضباء، فأتى عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو في الوثاق قال: يا محمد، فأتاه، فقال: ما شأنك؟ فقال: بم أخذتني، وبم أخذت سابقة الحاج؟ فقال: إعظاما لذلك؛ أخذتك بجريرة حلفائك ثقيف ثم انصرف عنه فناداه، فقال: يا محمد، يا محمد، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم رحيما رقيقا. . . (2)» الحديث.
وكان النبي صلى الله عليه وسلم رحيما في كل المواطن، وكانت عيناه تفيضان بالدموع عندما يفيض قلبه بالرحمة، وقد يسمع صوت بكائه عليه الصلاة والسلام ولم يفقد، بل لم تفارقه الرحمة حتى في المواقف التي يضطهد فيها، يضيق عليه أهل مكة الخناق هو وأصحابه، بل يؤذونه ويعذبون أصحابه فيقول:«اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون (3)» .
(1) صحيح مسلم 4/ 1829 رقم 2355. وأخرجه الترمذي في جامعه كتاب الدعوات / 118، وابن ماجه في كتاب الإقامة 25، وأحمد 4/ 138، وذكره الألباني في صحيح الجامع رقم 1486.
(2)
أخرجه مسلم في الصحيح 3/ 1262 رقم 1641، والبخاري في كتاب الأذان 17/ 18 وأبو داود في كتاب الإيمان / 21، والنسائي في الأذان / 8 وأحمد 3/ 436، 4/ 433، 5/ 53.
(3)
صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3477)، صحيح مسلم الجهاد والسير (1792)، سنن ابن ماجه الفتن (4025)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 453).
وفي يوم الفتح صنع بمن حاربه السنين الطويلة ووقف في وجه الدعوة وقتل أصحابه فعل بهم كما فعل يوسف بإخوته عندما قال: {لَا تَثْرِيبَ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ يَغْفِرُ اللَّهُ لَكُمْ وَهُوَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ} (1). وكانت رحمته صلى الله عليه وسلم تسع جميع الناس، ويحس بها كل الناس الضعفاء والأقوياء على حد سواء.
4 -
كان رحيما بالأمهات وأطفالهن: أخرج الشيخان من حديث أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إني لأدخل في الصلاة وأنا أريد إطالتها، فأسمع بكاء الصبي فأتجوز في صلاتي مما أعلم من شدة وجد أمه من بكائه (2)» .
5 -
وذكر يوما رجلا أسود أو امرأة سوداء، أو فقده، فسأل عنه أو عنها، رحمة به أو بها، فقالوا: مات.
أخرج الشيخان من حديث أبي هريرة «أن رجلا أسود - أو امرأة سوداء - كان يقم المسجد، فمات، فسأل النبي صلى الله عليه وسلم عنه فقالوا: مات قال: أفلا كنتم آذنتموني به، دلوني على قبره - أو قال: قبرها - فأتى قبره فصلى عليه (3)» .
6 -
إن الذي سماه " رحيما " هو " الرحيم " الذي أنزل الرحمة في قلب عبده ومصطفاه حتى بلغت رحمته الحيوان.
روى الإمام أحمد من حديث عبد الرحمن بن عبد الله قال:
(1) سورة يوسف الآية 92
(2)
أخرجه البخاري في الصحيح 2/ 202 رقم 710، ومسلم في الصلاة / 191، وأبو داود في الصلاة / 133، والترمذي في الصلاة / 159، والنسائي في الإقامة / 35، وابن ماجه في الإقامة / 49، وأحمد 3/ 109.
(3)
أخرجه البخاري في صحيحه 1/ 552 رقم 458، ومسلم، وجنائز / 71 وغيرها.
7 -
وصح أنه صلى الله عليه وسلم «نهى عن قتل الصبر (2)» ، وفي رواية صحيحة أنه صلى الله عليه وسلم:«نهى أن يقتل شيء من الدواب صبرا (3)» .
8 -
وكان يقبل الصبيان رحمة بهم، روى مسلم من حديث عائشة قالت: «قدم ناس من الأعراب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: أتقبلون صبيانكم؟ فقالوا: نعم. فقالوا: لكنا والله ما نقبل.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أو أملك إن كان الله نزع منكم الرحمة (4)».
9 -
وثبت أنه قال صلى الله عليه وسلم: «من لا يرحم لا يرحمه الله عز وجل (5)» .
10 -
وروى الإمام أحمد من حديث ابن عباس قال: «قالت قريش للنبي صلى الله عليه وسلم ادع لنا ربك أن يجعل لنا الصفا ذهبا ونؤمن بك. قال: وتفعلون؟ قالوا: نعم. قال: فدعا، فأتاه جبريل، فقال: إن ربك عز وجل يقرأ عليك السلام، ويقول: إن شئت أصبح لهم الصفا ذهبا، فمن كفر بعد ذلك منهم عذبته عذابا لا أعذبه
(1) مسند الإمام أحمد 1/ 404 ورجاله ثقات عدا المسعودي صدوق.
(2)
صحيح الجامع رقم 6846 ثم قال: صحيح.
(3)
صحيح الجامع رقم 6716 ثم قال: صحيح
(4)
صحيح مسلم 4/ 1808 رقم 2317.
(5)
أخرجه البخاري في الصحيح 10/ 238 رقم 6013، صحيح مسلم 4/ 1809 رقم 2319.
أحدا من العالمين، وإن شئت فتحت لهم باب التوبة والرحمة. قال: بل باب التوبة والرحمة (1)».
11 -
12 -
وأخرج الإمام مسلم من حديث أبي هريرة قال: «قيل: يا رسول الله، ادع على المشركين قال: إني لم أبعث لعانا، وإنما بعثت رحمة (3)» .
13 -
وروى الإمام البخاري من حديث عائشة قالت: «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الوصال في الصوم رحمة لهم - (4)» الحديث.
14 -
وعن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: «كان رسول
(1) مسند الإمام أحمد 1/ 242 ورجاله ثقات.
(2)
صحيح البخاري 3/ 151 رقم 1284، ومسلم، جنائز / 11، وأبو داود، جنائز / 24، والنسائي، جنائز / 13، وابن ماجه، جنائز / 53، وأحمد 1/ 268، 5/ 204، 6/ 3
(3)
صحيح مسلم 4/ 2007 رقم 2599 وأبو داود، سنة / 10، رقم 5/ 81، 6/ 64.
(4)
صحيح البخاري 4/ 202 رقم 1964 ومسلم، صيام / 61.
الله صلى الله عليه وسلم يأخذني فيقعدني على فخذه، ويقعد الحسن بن علي على فخذه الآخر ثم يضمهما ثم يقول: اللهم ارحمهما فإني أرحمهما (1)».
من خلال هذه الأمثلة المتقدمة تتضح الصورة، وتصح التسمية ويتأسى به صلى الله عليه وسلم في رحمته بأمته، ورحمته بالضعفاء، ورحمته بالنساء، ورحمته بالصغار، وبالحيوان، والرحمة بالأمة مطلب مهم، وصفة المؤمنين، وصف الله سبحانه وتعالى المؤمنين بأنهم رحماء بينهم.
قال تعالى: {مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا} (2)، وقال سبحانه:{ثُمَّ كَانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ وَتَوَاصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ} (3)، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ترى المؤمنين في تراحمهم وتوادهم وتعاطفهم كمثل الجسد إذا اشتكى عضو تداعى سائر جسده بالسهر والحمى (4)» .
(1) صحيح البخاري 10/ 434 رقم 6003، وأحمد في المسند 5/ 205.
(2)
سورة الفتح الآية 29
(3)
سورة البلد الآية 17
(4)
أخرجه البخاري في الصحيح 10/ 438 رقم 6011 من حديث النعمان بن بشير، ومسلم في البر / 66، وأحمد 4/ 270.