الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأمية في المنظور الإسلامي
بقلم / مصطفى بن عيد الصياصنة (1)
كثيرة هي المفاهيم التي تحتاج اليوم إلى تصويب. .
ومن هذه المفاهيم الكثيرة: مفهوم الأمية.
فلو أن مسلما وقف اليوم قائلا: (نحن - أمة الإسلام - أمة أمية)، لأفزع مثل هذا القول منه كثيرين، وقد تأخذ العصبية بعضهم، فيرفعون عقيرتهم في وجهه صائحين:
أو يقول مثل هذا الكلام - اليوم - عاقل؟
أو بقي - ونحن على أعتاب القرن الحادي والعشرين - من تسمح له نفسه، أن يتلفظ بمثل هذه الكلمات؟!! يحارب الإسلام (الأمية) بكل صورها وأشكالها؟!!.
أو لم يسع المسلمون - ولا يزالون - إلى القضاء على مثل هذه الآفة، بمختلف الوسائل والأساليب؟؟ ونحن بدورنا نقول لمثل هؤلاء الثائرين الغاضبين:
نعم، وألف نعم.
إن الإسلام حارب الأمية - الأمية التي بمعنى الجهالة - ولا يزال وليس هناك في الدنيا عاقل - لديه أدنى ذرة من عقل - يجرؤ على إنكار شيء من ذلك.
أسمعتم - ذات يوم - مسلما يقول: دعونا نرسف في أغلال
(1) ورد لكاتب البحث ترجمة في العدد 39 ص 345.
الجهالة، ونعب من أوحال التخلف، فنحن نرفض العلم، ونأبى الحضارة، ونمقت شموس المعرفة والثقافة.
إننا لن نختلف على شيء من ذلك، ولا يمكن لمثل هذا أن يكون. . ولكن. .
لكن. . على رسلكم أيها القوم. .
لقد ظلمتم (الأمية) حين جعلتموها لا تعني سوى الجهالة والغفلة والتخلف.
حين صورتموها للناس غولا بشعا، وسرطانا قاتلا، وداء فتاكا، يشل حركة الفرد ويعطل مسيرة الأمة عن سلوك مدارج التقدم والمدنية والرقي.
حين حجمتم مفهوم العبارة، وقزمتم مدلولها، بل وألزمتموها أن تلبس ثوبا واحدا، هو الثوب الذي فرضتموه عليها، وأجبرتموها أن تزهد في بقية ما لها من الأثواب الجميلة القشيبة البراقة.
لقد أخذتم بهذا المفهوم الضيق الضحل، ووقفتم عنده لا تتجاوزونه، وضربتم بكل ما لهذه الكلمة من مدلولات أخرى يزخر بها كتاب الله تعالى، وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم ولغة العرب عرض الحائط، غير آبهين بواحد منها على الإطلاق.
هلا أتيتم معنا إلى كتاب الله تعالى، وإلى أحاديث المصطفى صلى الله عليه وسلم، وإلى كتب الأصول، لنرى ما لهذه العبارة، وما عليها، فنحدد الرؤية، ونستوضح المفهوم، ونستبين الصواب.؟
من أجل هذا كله، كانت لنا هذه الوقفة، إضاءة بسيطة