المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أشراطها ومثل كيفية نفسه وما أعده في الجنة لأوليائه (1). - مجلة البحوث الإسلامية - جـ ٤٥

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌المحتويات

- ‌ الشرائع مختلفة متنوعة على حسب حكمة الله وعلمه بأحوال العباد

- ‌الفقه الحنفي

- ‌الفقه المالكي

- ‌الفقه الشافعي

- ‌الفقه الحنبلي

- ‌الفتاوى

- ‌ أخذ جوائز في مسابقة لحفظ القرآن

- ‌ حافظ القرآن يصلي بالناس أو يقرأ للميت بأجرة

- ‌ أجرة المدرسين الذين يعلمون الناس كتاب الله

- ‌تعلم الرجل القرآن على يد شيخ نظير أجر معين

- ‌ أخذ أجرة على قراءة القرآن الكريم

- ‌ المصاحف المغلوطة أيهما أفضل: حرقها أم دفنها في التراب

- ‌ قراءة القرآن الكريم لمن كان مضطجعا أو قائما أو ماشيا

- ‌ قراءة القرآن في المسجد جماعة

- ‌ قراءة القرآن جماعة

- ‌ قول: (صدق الله العظيم) بعد الفراغ من قراءة القرآن

- ‌ تقبيل القرآن

- ‌ حكم سماع قراءة المرأة المسجل

- ‌ إقامة مباريات ترتيل القرآن الكريم بالنسبة للنساء بحضور الرجال

- ‌ ترجمة القرآن أو بعض آياته إلى لغة أجنبية أو عجمية

- ‌ تعدد القراءات في القرآن

- ‌ الغيبة المحرمة

- ‌ الكتب المفيدة النافعة في الدنيا والدين

- ‌مس الكافر ترجمة معاني القرآن الكريم باللغة الإنجليزية

- ‌التوبة النصوح

- ‌الأمية في المنظور الإسلامي

- ‌النبي الأمي:

- ‌أمته عليه الصلاة والسلام أمة أمية:

- ‌الإسلام وتعلم الكتابة:

- ‌الأمية: مصدر صناعي، والأمي: الذي لا يحسن الكتابة، ولا يقرأ من الكتاب

- ‌ الأميون: هم المسلمون، والأمة الأمية: هي الأمة المسلمة

- ‌الأميون: ما سوى اليهود من الأمم والشعوب

- ‌ الأمي: هو المنسوب إلى ما عليه جبلته الأولى، يوم ولدته أمه

- ‌الأمي: هو المتصف بقلة المعرفة

- ‌خطأ (المعجم الوسيط) في تحديد مفهوم الأمية:

- ‌ نحن أمة أمية

- ‌رحمة اللهأسبابها وآثارها

- ‌بين يدي البحث

- ‌مفهوم الرحمة:

- ‌أسرار اقتران اسم " الرحيم " بغيره من الأسماء الحسنى:

- ‌أولا: الرحمن الرحيم:

- ‌ ورود الاسمين مقترنين:

- ‌ ورود اسم " الرحمن " منفردا:

- ‌ ورود اسم " الرحيم " منفردا:

- ‌ثانيا: ورود الاسمين الحسنيين " التواب، الرحيم " مقترنين:

- ‌ثالثا: ورود الاسمين الحسنيين " الرؤوف الرحيم " مقترنين:

- ‌رابعا: ورود الاسمين الحسنيين " الغفور الرحيم " مقترنين:

- ‌خامسا: ورود الاسمين الحسنيين " العزيز الرحيم " مقترنين:

- ‌سادسا: ورود الاسمين الحسنيين " البر، الرحيم " مقترنين:

- ‌سابعا: مناسبة الاقتران:

- ‌سعة رحمة الله:

- ‌سبق رحمة الله غضبه:

- ‌علاقة الرحم بالرحمن:

- ‌محمد صلى الله عليه وسلم نبي الرحمة:

- ‌حاجة الأنبياء إلى الرحمة:

- ‌مظاهر رحمة الله وآثارها:

- ‌من أنواع الرحمة ومظاهرها وآثارها

- ‌أسباب الرحمة:

- ‌الخاتمة

- ‌المبحث الأول: كونها سنة

- ‌المبحث الثانيالحكمة من الفتنة والابتلاء

- ‌المسألة الأولى: هل التكفير خاص بالصغائر أم للصغائر والكبائر

- ‌المسألة الثانية: هل المصائب مكفرات أو مثيبات

- ‌المبحث الثالث:هل للمسلم أن يستدعي البلاء على نفسه

- ‌المبحث الرابع: أنواع الفتن:

- ‌فتنة اتباع المتشابه:

- ‌فتن الشهوات:

- ‌تحذير وبيان عن مؤتمر بكين للمرأة

- ‌حكم الإسلام في شعر الرأس الصناعيالمسمى اليوم (الباروكة)

- ‌ كشاف المجلة:

- ‌حديث شريف

الفصل: أشراطها ومثل كيفية نفسه وما أعده في الجنة لأوليائه (1).

أشراطها ومثل كيفية نفسه وما أعده في الجنة لأوليائه (1). أما الذين في قلوبهم زيغ يدعون المحكم الذي لا اشتباه فيه مثل: {وَإِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ} (2). {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} (3). وغير هذه الآيات ويتبعون المتشابه ابتغاء الفتنة؛ ليفتنوا به الناس إذا وضعوه على غير مواضعه وابتغاء تأويله وهو الحقيقة التي أخبر عنها (4). فمن الفتنة بالمتشابه ما أحدثه أهل الكلام في أسماء الله وصفاته حيث أولوا وحرفوا الكلم عن مواضعه فمما أنكروا السمع فقالوا: إنه لم يجئ خبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن الله يسمع بسمع ويبصر ببصر)(5). كما أنكروا العلم والقدر.

(1) مجموع فتاوى شيخ الإسلام ابن تيمية: 13/ 144.

(2)

سورة البقرة الآية 163

(3)

سورة طه الآية 14

(4)

انظر مجموع فتاوى شيخ الإسلام: 13/ 277.

(5)

رد الإمام الدارمي على بشر المريسي: 46.

ص: 321

‌فتن الشهوات:

فتن الشهوات هي المعارضة للإرادة وقد تجر فتنة الشهوة إلى شبهة، فالشهوات هي الغي واتباع الهوى فالإنسان إذا تمادى مع نفسه وأطلق لها العنان في كل ما تشتهيه فإن ذلك سيجره إلى تلبية الهوى حتى في الأمور الاعتقادية أو الأحكام الشرعية مما يجعله يبني أحكاما توافق هوى نفسه وشهوته فيقع في الشبهات.

ص: 321

ومن فتن الشهوات:

1 -

فتنة الأهل والأحباب:

فالإنسان يخشى على أهله وأحبابه أن يصيبهم الضرر بسببه وهو لا يملك الدفاع عنهم وهم ينازعونه ما هو فيه من أمر الدين ليتنازل من أجلهم باسم الحب والقرابة وصلة الرحم ولكن هل يستجيب لهم أم لا؟ إن هذا يتوقف على قوة إيمانه وضعفه فهذا سعد بن أبي وقاص كما تقدم حاولت أمه أن تفتنه عن دينه ولكنه أعرض عنها مع ما كانت تكن له من الرعاية والحب فكان في رغد من العيش يلبس أحسن الثياب يتقلب في النعمة والثراء ولكن لما دخل الإيمان في قلبه لم يعبأ بشيء من ذلك فهو يقول: «لقد رأيتنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وما لنا طعام إلا ورق الشجر حتى يضع أحدنا كما تضع الشاة (1)» . والله عز وجل يقول: {إِنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَاللَّهُ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (2). ويقول سبحانه: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ} (3).

وعداوتهم قد تكون بالمحاربة والمبارزة كما حصل لبعض الصحابة مع أهلهم في بدر فهذه العداوة لأجل العقيدة والدين وقد تكون العداوة والفتنة ليست ظاهرة كذلك وإنما هي سبب لغفلته وتثاقله من أمر الله

(1) الحلية لأبي نعيم: 1/ 92، مسند الطيالسي: 1/ 29.

(2)

سورة التغابن الآية 15

(3)

سورة الأنفال الآية 28

ص: 322

من الجهاد وغيره.

وعن أبي بريدة قال: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يخطبنا إذ جاء الحسن والحسين رضي الله عنهما عليهما قميصان أحمران يمشيان ويعثران فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم من المنبر فحملهما ووضعهما بين يديه، ثم قال: صدق الله:، فنظرت إلى هذين الصبيين يمشيان ويعثران فلم أصبر حتى قطعت حديثي ورفعتهما (2)» .

والإنسان بطبعه يحب الجاه والأموال والأولاد والرياسة فهذه من الأحباب التي قد يفتتن بها الإنسان وهي من متاع الحياة الدنيا الزائل لذلك حذرنا الله من الدنيا عموما فقال سبحانه: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (3).

ومن فتن الشهوات: فتنة الجاه وحب التعالي كما امتنع بعض كفار قريش عن الإيمان بمحمد صلى الله عليه وسلم جحدا لرسالته مع اعترافهم بها بقرارة أنفسهم كما قال تعالى: {وَكَذَلِكَ أَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ فَالَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يُؤْمِنُونَ بِهِ وَمِنْ هَؤُلَاءِ مَنْ يُؤْمِنُ بِهِ وَمَا يَجْحَدُ بِآيَاتِنَا إِلَّا الْكَافِرُونَ} (4). والجحود لا يكون إلا بعد المعرفة (5). وكان من

(1) تقدم تخريجه.

(2)

سورة الأنفال الآية 28 (1){وَاعْلَمُوا أَنَّمَا أَمْوَالُكُمْ وَأَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ وَأَنَّ اللَّهَ عِنْدَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ}

(3)

سورة العنكبوت الآية 64

(4)

سورة العنكبوت الآية 47

(5)

انظر تفسير الطبري 21/ 4.

ص: 323

أسباب ذلك خوفهم من نزول جاههم وسلطانهم (فقد ورد أن أبا جهل بن هشام حين جاءه الأخنس وقال له: يا أبا الحكم ما رأيتك فيما سمعت من محمد؟ فقال: ماذا سمعت، تنازعنا نحن وبنو عبد مناف الشرف أطعموا فأطعمنا وحملوا فحملنا وأعطوا فأعطينا حتى إذا تجاذبنا على الركب وكنا كفرسي رهان قالوا: منا نبي يأتيه الوحي من السماء فمتى ندرك مثل هذه، والله لا نؤمن به أبدا ولا نصدقه)(1). وكذلك فرعون حبه للتعالي والعدوان أعماه عن اتباع موسى فهذه الفتنة أوقعته في فتنة أشد ووقع في فتنة الشبهة حتى وصل به الأمر أنه ادعى الربوبية حيث قال تعالى عنه: {فَقَالَ أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلَى} (2) قال تعالى: {وَقَارُونَ وَفِرْعَوْنَ وَهَامَانَ وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مُوسَى بِالْبَيِّنَاتِ فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ وَمَا كَانُوا سَابِقِينَ} (3).

(1) سيرة ابن هشام: 1/ 337.

(2)

سورة النازعات الآية 24

(3)

سورة العنكبوت الآية 39

ص: 324

والدعة والخوف على الأموال لذلك حذرنا الله عز وجل من هذه أن تكون سببا في تركنا لأمر الله، قال تعالى:{يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ أَرْضِي وَاسِعَةٌ فَإِيَّايَ فَاعْبُدُونِ} (1){كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ} (2). وجماع ذلك كله في حب الدنيا وزهرتها كما قال صلى الله عليه وسلم: «إن هذه الدنيا حلوة خضرة وإن الله مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون ألا فاتقوا الدنيا واتقوا النساء (3)» . والله عز وجل لما أمر المؤمنين بترك الأوطان والاعتماد على الله في طلب الرزق وعدم الخوف من الموت حذرنا من الدنيا وبين أنها كظل زائل مهما طال. قال تعالى: {وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ وَإِنَّ الدَّارَ الْآخِرَةَ لَهِيَ الْحَيَوَانُ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (4). وما يكون من فتن الشهوات فتنة الإغراء من قبل الكفار فهم يغرون بما عندهم من أموال ومن جاه وغير ذلك كما حدث للرسول صلى الله عليه وسلم حينما بدأ بالدعوة فقد ورد أن عتبة بن ربيعة قال للرسول صلى الله عليه وسلم: يا بن أخي إنك منا حيث علمت من السطة في العشيرة والمكان في النسب وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم وسفهت به أحلامهم وعبت به آلهتهم ودينهم وكفرت بمن مضى من آبائهم فاسمع مني أعرض عليك أمورا تنظر فيها لعلك تقبل

(1) سورة العنكبوت الآية 56

(2)

سورة العنكبوت الآية 57

(3)

مسند أحمد: 3/ 19 وهو جزء من خطبة الرسول صلى الله عليه وسلم ص (28) سنن الترمذي: (4/ 483) كتاب الفتن باب ما جاء ما أخبر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه بما هو كائن يوم القيامة (26) ابن ماجه: 2/ 135 كتاب الفتن باب فتنة النساء.

(4)

سورة العنكبوت الآية 64

ص: 325

منها بعضها قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل يا أبا الوليد اسمع، قال: يا بن أخي إن كنت إنما تريد بما جئت به من هذا الأمر مالا جمعنا لك من أموالنا حتى تكون أكثرنا مالا، وإن كنت تريد شرفا سودناك علينا حتى لا نقطع أمرا دونك، وإن كنت تريد به ملكا ملكناك علينا (1). إلى آخر ما عرض عليه ولكن الرسول لم تغره تلك العروض واستمر على دعوته. ومن إغراء الكفار كما كانوا يغرون المسلمين قال الله تعالى عنهم:{وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا اتَّبِعُوا سَبِيلَنَا وَلْنَحْمِلْ خَطَايَاكُمْ وَمَا هُمْ بِحَامِلِينَ مِنْ خَطَايَاهُمْ مِنْ شَيْءٍ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ} (2). وهذا إغراء معنوي بتحمل ما يكون على من ترك هذا الدين.

وهذه شبهة قد تعترض من قصر علمه وإرادته فيصدقها وينخرط معهم في غيهم وضلالهم.

ومن إغرائهم ما حدث للنفر الذين خلفوا حين تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فقد جاء إلى كعب بن مالك كتاب من ملك غسان قال كعب: فإذا فيه أما بعد فإنه قد بلغني أن صاحبك قد جفاك ولم يجعلك الله بدار هوان ولا مضيعة، فالحق بنا نواسك. فقلت لما قرأتها: وهذا أيضا من البلاء فتيممت بها التنور فسجرته بها.

(1) سيرة ابن هشام: 1/ 313.

(2)

سورة العنكبوت الآية 12

ص: 326

الحديث. وفتنة الشهوات إذا تمادى بها الإنسان قد تقوده إلى فتنة الشبهات فيهلك وقد تجتمع الفتنتان كما في أشد فتنة حذرنا منها الرسول صلى الله عليه وسلم وهي فتنة المسيح الدجال كما قال صلى الله عليه وسلم: «ما بين خلق آدم إلى قيام الساعة خلق أكبر من الدجال (1)» . والمراد أكبر فتنة: أعظم شوكة (2). فإن أمره قد يشتبه على من في قلبه مرض فيظن أن ما معه من القوة تخوله بأن يكون هو الرب، فيكفر بالله ولذلك حذرنا الرسول صلى الله عليه وسلم من شبهاته فقال:«من سمع بالدجال فلينأ منه فإن الرجل يأتيه وهو يحسب أنه مؤمن فلا يزال به لما معه من الشبه حتى يتبعه (3)» . كما أن ما بعده من ملاذ الدنيا وما يتبعه منها شهوة يفتن بها الإنسان فقد ورد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لأنا أعلم بما مع الدجال منه، معه نهران يجريان أحدهما رأي العين ماء أبيض والآخر رأي العين نار تأجج، فإما أدركن أحدا فليأت النهر الذي يراه نارا وليغمض ثم يطأطئ رأسه فيشرب منه فإنه ماء بارد، وإن الدجال ممسوح العين عليها ظفرة (4) غليظة، مكتوب بين عينيه كافر يقرؤه كل مؤمن كاتب

(1) صحيح مسلم: 4/ 2267 كتاب الفتن باب في بقية من أحاديث الدجال واللفظ له، مسند أحمد: 4/ 21، مصنف ابن أبي شيبة: 15/ 133.

(2)

النووي على مسلم: 18/ 87.

(3)

مسند أحمد: 4/ 431، سنن أبي داود: 4/ 495، كتاب الملاحم باب خروج الدجال، مستدرك الحاكم: 4/ 531 وقال: هذا حديث صحيح الإسناد على شرط مسلم ولم يخرجاه، وصححه الألباني في صحيح الجامع: 5/ 303 رقم 6177.

(4)

صحيح مسلم: 4/ 2249 كتاب الفتن باب ذكر الدجال واللفظ له، ورواه البخاري مختصرا: 8/ 103 كتاب الفتن باب ذكر الدجال، المسند: 5/ 386، 405، سنن أبي داود: 4/ 494: الملاحم باب خروج الدجال.

ص: 327

وغير كاتب».

ص: 328

ومن شدة فتنته أن الأنبياء كانوا يخوفون قومهم منه فعن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: «قام رسول الله صلى الله عليه وسلم في الناس فأثنى على الله بما هو أهله ثم ذكر الدجال فقال: إني لأنذركموه ما من نبي إلا وقد أنذره قومه لقد أنذره نوح قومه ولكن أقول لكم فيه قولا لم يقله نبي لقومه، تعلموا إنه أعور وإن الله تبارك ليس بأعور (2)» . حتى إن الصحابة حينما خوفهم به رسول الله صلى الله عليه وسلم ظنوه قد خرج فعن النواس بن سمعان رضي الله عنه قال: «ذكر رسول الله (الدجال ذات غداة فخفض فيه ورفع حتى ظنناه في طائفة النخل فلما رحنا إليه عرف ذلك فينا فقال: ما شأنكم؟ قلنا يا رسول الله، ذكرت الدجال غداة فخفضت فيه ورفعت حتى ظنناه في طائفة النخل فقال: غير الدجال أخوفني عليكم إن يخرج وأنا فيكم فأنا حجيجه دونكم وإن يخرج ولست فيكم فامرؤ حجيج نفسه والله خليفتي على كل مسلم إنه شاب قطط. عينه طافية إني أشبهه بعبد العزى بن قطن فمن أدركه

(1) صحيح مسلم: 4/ 2245: كتاب الفتن باب ذكر ابن الصياد واللفظ له، صحيح البخاري: 8/ 172: كتاب التوحيد باب قوله تعالى: " ولتصنع على عيني " سنن أبي داود: 4/ 494: كتاب الملاحم باب خروج الدجال، مسند أحمد 1/ 195، 2/ 135.

(2)

تعلموا بمعنى اعلموا، النووي على مسلم: 18/ 56. (1)

(3)

جزء من حديث في صحيح مسلم: 4/ 2250 كتاب الفتن باب ذكر الدجال واللفظ له، سنن الترمذي: 4/ 510 كتاب الفتن باب ما جاء في فتنة الدجال، سنن ابن ماجه 2/ 1356: كتاب الفتن باب فتنة الدجال، مسند أحمد: 4/ 181، سنن أبي داود: 4/ 496: كتاب الملاحم باب خروج الدجال.

ص: 328

منكم فليقرأ عليه فواتح سورة الكهف إنه خارج خلة بين الشام والعراق فعاث يمينا وعاث شمالا، يا عباد الله فاثبتوا، قلنا: يا رسول الله، وما لبثه في الأرض؟ قال: أربعون يوما: يوم كسنة ويوم كشهر ويوم كجمعة وسائر أيامه كأيامكم، قلنا: يا رسول الله، فذلك اليوم الذي كسنة أتكفينا فيه صلاة يوم؟ قال: لا اقدروا له قدره، قلنا يا رسول الله، وما إسراعه في الأرض؟ قال: كالغيث استدبرته الريح فيأتي على القوم فيدعوهم فيؤمنون به ويستجيبون له فيأمر السماء فتمطر والأرض فتنبت فتمر عليهم سارحتهم أطول ما كانت ذرا. وأسبغه ضرعا وأمده خواصر، ثم يأتي القوم فيدعوهم فيردون عليه قوله فينصرف عنهم فيصبحوا ممحلين ليس بأيديهم من أموالهم شيء ويمر بالخربة فيقول لها: أخرجي كنوزك فتتبعه كنوزها كيعاسيب النحل ثم يدعو رجلا ممتلئا شبابا فيضربه بالسيف فيقطعه جزلتين رمية الغرض ثم يدعوه فيقبل يتهلل وجهه يضحك، فبينما هو كذلك إذ بعث الله المسيح ابن مريم فينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق بين مهرودتين واضعا كتفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ

(1) قطط: بفتح القاف والطاء أي شديد جعودة الشعر مباعد للجعود المحبوبة، النووي على مسلم: 18/ 65. (3)

(2)

العيث الفساد أو أشد والإسراع فيه، النووي على مسلم: 18/ 65. (1)

(3)

ذرا: هي الآجال والأسنمة ذروة. (2)

(4)

هي ذكور النحل وعبر عنها لأنه إذا طار الذكر تبعته جماعته. (3)

(5)

أي يجعل بين القطعتين مقدار رمية الغرض. (4)

ص: 329

رأسه قطر وإذا رفعه تحدر منه جمان (2)». الحديث. وقد ورد عن المصطفى (أحاديث كثيرة في التحذير منه نسأل الله أن يعصمنا من فتنته. وما يتعرض له الإنسان من المصائب والآلام والأحزان من فقد مال أو ولد أو جاه أو نحو ذلك فإنها ليست داخلة في النوعين أي الشبهات والشهوات، فإنها بالنسبة للمؤمن الذي يصبر عليها أجر وغنيمة، أما ما تحدثه من جزع وتسخط فإن هذا مرض بالقلب قد يدخل معه شبهة تصده عن دين الله كتسخط القدر وإنكاره أو أنها تدعوه إلى شهوة مما حرم الله عز وجل كالسرقة واغتصاب حقوق الغير إذا فقد ماله. فنسأل الله أن يعصم المسلمين من مضلات الفتن ويجعل أعمالنا خالصة لوجهه الكريم مطابقة لسنة نبيه محمد صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم.

(1) مهرودتين: أي ثوبين مصبوغين بورس ثم زعفران، وقيل شقتان والشقة نصف الملاءة. (5)

(2)

(1) كاللؤلؤ ولا يحل لكافر يجد ريح نفسه إلا مات ونفسه ينتهي حيث ينتهي طرفه فيطلبه بباب لد فيقتله

ص: 330

بيان من هيئة كبار العلماء بالمملكة العربية السعودية

حول المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على المبعوث رحمة للعالمين الذي أوصى بالنساء خيرا فقال:«استوصوا بالنساء خيرا (1)» وقال: «خيركم خيركم لأهله وأنا خيركم لأهلي (2)» ، فكان بأقواله وأفعاله داعيا إلى الرحمة وهو نبي الرحمة، وبعد:

فإن مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية قد اطلع في دورته الاستثنائية التاسعة المعقودة في مدينة الطائف ابتداء بيوم الثلاثاء 3/ 4 / 1416 هـ. على مذكرة منهاج عمل مؤتمر المرأة المقرر عقده في بكين عاصمة الصين، وتأمل منهاج هذا المؤتمر وأهدافه، ورأى مناقضات بعض مواد هذا المنهاج لبعض مواده، وتعمية متعمدة، والتواء في العبارات واضح، والهدف منه إطلاق الرغبات من كل قيد، وإفساح المجال للممارسات البعيدة عن ضوابط الأخلاق، وفطرة الله التي فطر الناس عليها، وشريعته التي شرعها لعباده، للانفلات وراء الرغبات الجنسية وإعداد الفتيات لهذه النزوات تحت ستار حرية المرأة، والرفق بالمرأة، ومشكلة المرأة.

(1) صحيح البخاري أحاديث الأنبياء (3331)، صحيح مسلم الرضاع (1468).

(2)

سنن الترمذي المناقب (3895)، سنن الدارمي النكاح (2260).

ص: 331

ومعلوم أن المرأة المسلمة لا تواجهها مشكلة من حيث مكانتها في المجتمع، فهي أم وزوجة وأخت وبنت، كفلت لها شريعة الإسلام جميع الحقوق، وصانتها عن الابتذال والإذلال بكل معاني الصيانة والاحترام، وأعطتها من الحقوق كل ما يناسب تكوينها الذي منحها إياه خالقها كما قال تعالى:{وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ} (1).

وفضل الرجل عليها في أحكام كثيرة كالإرث والشهادة وأمور أخرى، كما قال الله تعالى:{الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ} (2)، الآية من سورة النساء، وقال سبحانه في سورة النساء أيضا:{يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ} (3)، وقال سبحانه في آخرها:{وَإِنْ كَانُوا إِخْوَةً رِجَالًا وَنِسَاءً فَلِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ أَنْ تَضِلُّوا وَاللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (4)، وقال تعالى:{وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجَالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونَا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَامْرَأَتَانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَدَاءِ} (5)، الآية من سورة البقرة.

(1) سورة البقرة الآية 228

(2)

سورة النساء الآية 34

(3)

سورة النساء الآية 11

(4)

سورة النساء الآية 176

(5)

سورة البقرة الآية 282

ص: 332

ووثيقة منهاج عمل مؤتمر المرأة فيها المصادمة الصريحة لما شرعه الله والإلزام بنبذ كل ما جاء عن الله؛ إذا كان يخالف ما يدعو إليه هذا المؤتمر، وفي ذلك مصادمة لشرع الله، وتحطيم للأسرة، ومحادة لله ورسوله ولكافة رسله وأنبيائه، وإباحة صريحة لممارسات الزنا وغيره من الفواحش، وقضاء على ما بقي لدى الأمم من الأخلاق والقيم، وبذل لأموال طائلة في سبيل هذا الهدف الخبيث البعيد عن فطرة الله التي فطرة الناس عليها وعن شرع الله الحكيم، مما لو بذل بعضه لإغاثه أمم منكوبة أو حماية أمم مقهورة بالظلم والعدوان لكفى، وما هذا المؤتمر إلا عقدة في سلسلة عقد سابقة ولاحقة يترتب عليها تدمير الكيان الاجتماعي السليم، أو الباقي على شيء من القيم الكريمة.

ولكل ما تقدم فإن مجلس هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية يدعو المسلمين: حكومات وشعوبا وعلماء ومنظمات وجماعات وأفرادا للتنديد بمنهاج هذا المؤتمر، والتحذير منه، ودعوة الجميع للرد على أهدافه التي تقدمت الإشارة إليها، إنكارا لما أنكره الله ورسوله وحماية للمسلمين عن الوقوع فيها. والله ولي التوفيق.

ص: 333

وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه، ومن سار على نهجه إلى يوم الدين.

هيئة كبار العلماء في المملكة العربية السعودية

ص: 334