الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عند جمهور أهل العلم جميعا، بين هذا الحديث وبين آية التوبة المتقدم ذكرها وما في معناها.
س 16: لقد أغواني الشيطان وفعلت جريمة الزنا، وأنا أعلم أنها جريمة بشعة، وأريد أن أتوب إلى الله عز وجل، فهل يتوب الله علي؟ علما أنني كنت أقول: سوف أفعلها ثم أتوب. فهل لي توبة؟
جـ 16: التوبة بابها مفتوح إلى أن تطلع الشمس من مغربها، فمن تاب إلى الله توبة نصوحا من الشرك فما دونه تاب الله عليه.
و
التوبة النصوح
هي: المشتملة على الإقلاع عن الذنوب، والندم على ما فات منها، والعزم الصادق على ألا يعود فيها؛ خوفا من الله سبحانه، وتعظيما له، ورجاء لعفوه ومغفرته، كما قال الله سبحانه:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا تُوبُوا إِلَى اللَّهِ تَوْبَةً نَصُوحًا عَسَى رَبُّكُمْ أَنْ يُكَفِّرَ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ} (1)، وقال عز وجل:{وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (2)، وقال عز وجل:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (3)، وقد أجمع العلماء على أن هذه الآية نزلت في التائبين.
ويزاد على الشروط الثلاثة المذكورة في صحة التوبة شرط رابع فيما إذا كانت الحقوق لآدميين وهو: أن يؤدي إليهم حقوقهم من مال أو غيره أو يستحلهم منها؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان عنده لأخيه مظلمة من عرض أو شيء فليتحلله اليوم قبل ألا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ من حسناته بقدر مظلمته فإن لم
(1) سورة التحريم الآية 8
(2)
سورة النور الآية 31
(3)
سورة الزمر الآية 53
يكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه (1)». خرجه البخاري في صحيحه.
والواجب على المسلم أن يحذر الشرك ووسائله وجميع المعاصي؛ لأنه قد يبتلى بشيء من ذلك، ثم لا يوفق للتوبة، فتعين عليه أن يحذر كل ما حرم الله عليه، وأن يسأل ربه العافية من ذلك، وألا يتساهل مع الشيطان، فيقدم على المعاصي بنية التوبة منها، ولا شك أن ذلك خداع من الشيطان، وتزيين منه للوقوع في المعاصي، بدعوى أنه سيتوب منها، وقد يعاقب العبد فيحال بينه وبين ذلك فيندم غاية الندامة، وتعظم حسرته حين لا ينفعه الندم.
وقد قال سبحانه: {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَإِيَّايَ فَارْهَبُونِ} (2)، وقال سبحانه:{لَا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِنْ دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَنْ تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَإِلَى اللَّهِ الْمَصِيرُ} (3)، وقال عز وجل:{يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَلَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ} (4){إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا إِنَّمَا يَدْعُو حِزْبَهُ لِيَكُونُوا مِنْ أَصْحَابِ السَّعِيرِ} (5)، والآيات في هذا المعنى كثيرة.
وقاك الله شر نفسك وأعاذك من نزغات الشيطان.
وصلى الله وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
(1) صحيح البخاري المظالم والغصب (2449)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 506).
(2)
سورة البقرة الآية 40
(3)
سورة آل عمران الآية 28
(4)
سورة فاطر الآية 5
(5)
سورة فاطر الآية 6