المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌عقود الصيانةوتكييفها الشرعيإعدادالدكتور الصديق محمد الأمين الضرير - مجلة مجمع الفقه الإسلامي - جـ ١١

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌العدد الحادي عشر

- ‌بيع الدين والأوراق الماليةوبدائلها الشرعيةإعدادالقاضي محمد تقي العثماني

- ‌أحكام التصرف في الديوندراسة فقهية مقارنةإعداد الدكتورعلي محيي الدين القره داغي

- ‌بيع الدينأحكامه – تطبيقاته المعاصرةإعدادأ. د نزيه كمال حماد

- ‌بيع الدينإعداد الدكتورعبد اللطيف محمود آل محمود

- ‌بيع الدين وسندات القرضوبدائلها الشرعيةفي مجال القطاع العام والخاصإعداد الدكتورمحمد علي القري بن عيد

- ‌بيع الدين وسندات القرضوبدائلها الشرعية في مجال القطاع العام والخاصإعدادالدكتور سامي حسن حمود

- ‌المضاربات في العملةوالوسائل المشروعة لتجنب أضرارها الاقتصاديةإعداد الدكتورأحمد محيي الدين أحمد

- ‌المضاربات على العملةماهيتها وآثارها وسبل مواجهتهامع تعقيب من منظور إسلاميإعداد الدكتورشوقي أحمد دنيا

- ‌عقود الصيانةوتكييفها الشرعيإعدادالشيخ محمد المختار السلامي

- ‌عقود الصيانةوتكييفها الشرعيإعدادالدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

- ‌عقود الصيانة وتكييفها الشرعيعقد الصيانةإعدادآية الله محمد على التسخيري – مرتضى الترابي

- ‌عقود الصيانةإعدادالدكتور منذر قحف

- ‌عقود الصيانة وتكييفها الشرعيإعدادالدكتور محمد أنس الزرقاء

- ‌ضوابط الفتوىفي ضوء الكتاب والسنةومنهج السلف الصالحإعداد الدكتورعبد الوهاب بن لطف الديليمي

- ‌سبل الاستفادة من النوازل "الفتاوى "والعمل الفقهي في التطبيقات المعاصرةإعداد الدكتوروهبة مصطفى الزحيلي

- ‌سبل الاستفادة من النوازل "الفتاوى "والعمل الفقهي في التطبيقات المعاصرةإعدادالشيخ خليل محيي الدين الميس

- ‌سبل الاستفادة من النوازل "الفتاوى "والعمل الفقهي في التطبيقات المعاصرةإعداد الدكتورعبد الله الشيخ المحفوظ بن بيه

- ‌العمل الفقهيعند الإباضيةإعدادناصر بن سليمان بن سعيد السابعي

- ‌الإسلامفي مواجهة الحداثة الشاملةإعدادالدكتور ناصر الدين الأسد

- ‌مجمع الفقه الإسلامي الدوليووحدة الأمة الإسلاميةإعدادمحمد الحبيب ابن الخوجة

- ‌الوحدة الإسلاميةمنهجية المقارنة بين المذاهب الفقهيةإعدادالدكتور عبد الستار أبو غدة

- ‌الوحدة الإسلاميةمعالمها وأعلامهاإعدادالأستاذ محمد واعظ زادة الخراساني

- ‌الوحدة الإسلامية{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ}إعدادالشيخ عدنان عبد الله القطان

- ‌الوحدة الإسلاميةأدب الحوار وأخلاقيات البحثإعدادالدكتور سعيد بن عبد الله بن محمد العبري

- ‌‌‌الإسلام في مواجهة العلمنةإعدادالدكتور عمر عبد الله كامل

- ‌الإسلام في مواجهة العلمنةإعدادالدكتور عمر عبد الله كامل

- ‌الإسلام في مواجهة العلمنةموقف الإسلام من مسألة الحكم والسيادةإعدادآية الله الشيخ محمد علي التسخيري

- ‌الديمقراطية والعلمانيةوحقوق الإنسانالمرجعية الغربية والمرجعية الإسلاميةإعدادالأستاذ إبراهيم بشير الغويل

الفصل: ‌عقود الصيانةوتكييفها الشرعيإعدادالدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

‌عقود الصيانة

وتكييفها الشرعي

إعداد

الدكتور الصديق محمد الأمين الضرير

أستاذ الشريعة الإسلامية

كلية القانون – جامعة الخرطوم

بسم الله الرحمن الرحيم.

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على سيدنا محمد خاتم النبيين، وعلى سائر الأنبياء والمرسلين، وبعد:

فهذا بحث عن:

عقود الصيانة وتكييفها الشرعي

أكتبه استجابة لطلب الأمانة العامة لمجمع الفقه الإسلامي لتقديمه لمجلس المجمع في دورته الحادية عشرة، سائلا الله أن يوفقني إلى الصواب ويجنبني الزلل.

عقد الصيانة من العقود الضرورية التي لا غنى للمجتمع عنها؛ فالبناء، والمصنع، والقطار، والسيارة، والطائرة، والساعة، وكل موجود يحتاج إلى الصيانة لكي يبقى ويستمر منتفعا به إلى أن يلحقه الفناء.

تعريف عقد الصيانة:

الصيانة في اللغة هي الحفظ، يقال: صان صونا وصيانا وصيانة إذا حفظه في صوانه، والصوان هو ما يصان فيه الشيء (1) .

والمعنى القانوني والفقهي لعقد الصيانة قريب من المعنى اللغوي، فإن الغرض من عقد الصيانة هو المحافظة على الشيء وبقاؤه منتفعا به من غير أن يتعرض للخلل والتلف.

ولا يوجد تعريف في الفقه ولا في القانون لعقد الصيانة؛ لأنه لا يوجد عقد بهذا الاسم، لا في الفقه ولا في القانون، فهو من العقود المستحدثة التي تحتاج إلى تكييف قانوني، وتكييف فقهي، وتعريف.

التكييف القانوني:

أبدأ بالتكييف القانوني؛ لأنه لا صعوبة فيه؛ ولأن التكييف الفقهي ينبني عليه.

تكييف عقد الصيانة هو أنه عقد مقاولة، وعقد المقاولة من العقود المسماة المستحدثة المعمول به في جميع البلاد العربية، ومن البلاد التي تضمن قانونها المدني أحكاما خاصة بعقد المقاولة: السودان، والأردن، ومصر.

تعريف عقد المقاولة:

عرف قانون المعاملات المدنية لسنة 1984 م (السوداني) عقد المقاولة بالآتي: المقاولة عقد يتعهد أحد الطرفين بمقتضاه بأن يصنع شيئا، أو يؤدي عملًا، لقاء مقابل يتعهد به الطرف الآخر (2) .

هذه المادة مأخوذة من القانون الأردني (3) . مع استبدال كلمة (مقابل) بكلمة (بدل) .

والقانون الأردني أخذ هذا التعريف من القانون المدني المصري (4) .

مع استبدال كملة (بدل) بكلمة (أجر) وتقديم وتأخير لبعض الكلمات وكل من القانون السوداني والقانون الأردني يستمد أحكامه من الفقه الإسلامي.

أما القانون المصري فإنه يستمد أحكامه من القانون الفرنسي.

وعقد الصيانة هو نوع من أنواع عقد المقاولة (5) . ينطبق عليه أكثر ما ينطبق على عقد المقاولة، وكل من عقد المقاولة وعقد الصيانة قد يتعهد فيه أحد المتعاقدين أن يؤدي عملا، وينفرد عقد المقاولة بأن أحد المتعاقدين قد يتعهد فيه بأن يصنع شيئًا، فعقد المقاولة أعم من عقد الصيانة، فكل عقد صيانة هو عقد مقاولة.

(1) مختار الصحاح؛ والمصباح المنير

(2)

المادة: 378

(3)

المادة: 780

(4)

المادة: 646 وهذا نصها: المقاولة عقد يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين أن يصنع شيئا أو أن يؤدي عملا لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر

(5)

انظر الوسيط، للسنهوري: 7/31-34

ص: 344

وإذا أردنا تعريفا خاصا لعقد الصيانة نقول: عقد الصيانة يتعهد بمقتضاه أحد المتعاقدين بصيانة شيء لقاء أجر يتعهد به المتعاقد الآخر.

والقانون يعتبر عقد الصيانة عقدا مستقلا، له خصائصه التي تميزه عن غيره من العقود، وقد بين الدكتور السنهوري هذه الخصائص والمميزات (1) .

وعندما تكلم عن (تميز المقاولة عن البيع)(2) .

وعندما تكلم عن (تميز المقاولة عن البيع)(3) اصطدم بالمادة 647 من القانون التي تنص على الآتي:

647 – 1. يجوز أن يقتصر المقاول على التعهد بتقديم عمله على أن يقدم رب العمل المادة التي يستخدمها أو يستعين بها في القيام بعمله.

2.

كما يجوز أن يتعهد المقاول بتقديم العمل والمادة معا. (4) .

وعلق الدكتور السنهوري على هذه المادة بالآتي:

لاشك أن العقد في الحالة التي يقدم فيها رب العمل المادة ويقتصر فيها المقاول على تقديم عمله يتمخض عقد مقاولة لا شبهة فيه، وإنما تقوم الشبهة في الفرض الآخر الذي نصت عليه الفقرة الثانية.. ..فقد يقع أن يتعاقد شخص مع نجار على أن يصنع له مكتبا، ويقدم النجار الخشب من عنده

فهل يبقى العقد في هذه الحالة وأمثالها عقد مقاولة، أو يكون عقد بيع واقع على شيء مستقبل هو الخشب

؟

وأجاب الدكتور السنهوري بأن الآراء انقسمت في هذه المسألة؛ فرأي يذهب إلى أن العقد مقاولة دائما، والمادة ليست إلا تابعة للعمل.. . ورأي ثان يذهب إلى أن العقد هو بيع شيء مستقبل.. .

ورأي ثالث يذهب أن العقد يكون مقاولة أو بيعا بحسب نسبة قيمة المادة إلى قيمة العمل، فإن كانت قيمة العمل تفوق كثيرا قيمة المادة.. . فالعقد مقاولة، أما إذا كانت قيمة المادة تفوق كثيرا قيمة العمل.. . فالعقد بيع.

وأيد الدكتور السنهوري هذا الرأي، ولكنه استثنى منه الحالة التي تكون للمادة فيها قيمة محسوسة إلى جانب قيمة العمل حتى لو كانت أقل قيمة منه، ومثل لها بالخشب الذي يورده النجار لصنع الأثاث، فاعتبر العقد في هذه الحالة مزيجا من بيع ومقاولة، سواء كانت قيمة المادة أكبر من قيمة العمل أو أصغر، ويقع البيع على المادة، وتسري أحكامه فيما يتعلق بها وتقع المقاولة على العمل وتنطبق أحكامها عليه (5) .

هذا هو التكييف القانوني لعقد المقاولة، وهو نفسه التكييف القانوني لعقد الصيانة باعتبار عقد الصيانة نوعا من أنواع عقد المقاولة.

(1) انظر المرجع السابق: 7/5 – 35

(2)

انظر الوسيط، للسنهوري5/7 -35

(3)

انظر الوسيط، للسنهوري 23/7

(4)

هذه المادة موجودة نصا في والقانون المدني الأردني 781وفي قانون المعاملات المدنية لسنة 1984 م (السوداني) ، 379

(5)

الوسيط: 23/7-27

ص: 345

وعقد الصيانة كعقد المقاولة قد يتعهد فيه الصائن بتقديم عمله فقط، ويتعهد فيه صاحب الشيء المصون بتقديم المادة، وقد يتعهد فيه الصائن بتقديم العمل والمادة معا.

والتكييف القانوني لعقد الصيانة في الحالة الأولى هو أنه عقد مقاولة تنطبق عليه أحكام عقد المقاولة المبين في القانون، وأما تكييفه في الحالة الثانية، أي الحالة التي يتعهد فيها الصائن بتقديم العمل والمادة، فيجري فيها الخلاف السابق بين القانونين في تكييف عقد المقاولة.

تكييف عقد الصيانة في الفقه الإسلامي:

القوانين المستمدة من الفقه الإسلامي التي قننت عقد المقاولة التي اطَّلعت عليها هي قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م (السوداني) والقانون المدني الأردني.

أما القانون السوداني فلم يتعرض للتكييف، وأما القانون الأردني فقد تعرض للتكييف في المذكرة الإيضاحية للمواد 780و781و782 (1) .ويفهم منها أن واضعي القانون الأردني يعتبرون عقد المقاولة، ومثله عقد الصيانة؛ عقد استصناع وعقد إجارة الأشخاص، الأجير فيها مشترك.

وفيما يلي بعض ما جاء في المذكرة الإيضاحية:

جرى العرف بين الناس على اصطلاح عقد المقاولة عوضا عن عقد الاستصناع الذي كان الفقهاء يستعملونه، كما ورد في بدائع الصنائع.. . وعوضا عن استئجار الأجير، كما ورد في المجلة وغيرها من المراجع الفقهية؛ وأصبح مفهوم عقد المقاولة شاملا بصورة تستتبع الأخذ بهذا الاصطلاح الجديد تقريرا للواقع وتمشيا مع العرف فيما لا يناقض آية قرآنية أو سنة نبوية، مع إخضاع هذا العقد للأحكام الخاصة بالاستصناع والأجير المشترك

وقد اعتمد في أحكام المواد الثلاث على ما ورد في كتاب الاستصناع أول الجزء الخامس من بدائع الصنائع، وعلى ما جاء في الصفحة 106، ج6 من المغني، والمواد 388و390و421و422و463و571و600و604و616 من مرشد الحيران (2) .

(1) المادة (780) هي المادة الخاصة بالتعريف، وقد تقدمت في ص 546، والمادة (781) وهي تطابق المادة (647) من القانون المصري المذكور في ص547، والمادة (782) هذا نصها:(يجب في عقد المقاولة وصف محله وبيان نزعه وقدره وطريقة أدائه، ومدة إنجازه وتحديد ما يقابله من بدل)

(2)

المذكرات الإيضاحية للقانون المدني الأردني: 582/2و583

ص: 346

ويلحظ أن المذكرة الإيضاحية لم توضح ما إذا كان عقد المقاولة هو عقد استصناع وإجارة معا في جميع الحالات. أم عقد استصناع في حالة تعهد المقاول بتقديم المادة، وعقد إيجارة في حالة تعهد رب العمل بتقديم المادة، كما يتبادر إلى الذهن.

ويلحظ أيضًا اختلاف التكييف القانوني الذي أورده الدكتور السنهوري عن التكييف الفقهي الذي أورده واضعو المذكرة الإيضاحية للقانون الأدرني، مع أن المواد المتحدث عنها في القانونين متطابقة.

والفارق الأساسي بين التكييفين هو أن الدكتور السنهوري اعتبر عقد المقاولة عقدا جديدا له مميزاته وأحكامه، تطبق عليه القواعد العامة للعقد، وواضعي المذكرة الإيضاحية للقانون الأردنى اعتبروه عقد استصناع وعقدًا مع أجير مشترك تطبق عليه أحكام هذين العقدين.

إن تكييف عقود الصيانة يحتاج في رأيي إلى تفصيل على النحو التالي:

1.

تكييف عقد الصيانة غير المقترن بعقد، وغير المحتاج لمادة (المجرد) .

2.

تكييف عقد الصيانة غير المقترن بعقد والمحتاج لمادة والمتعهد بالمادة صاحب الشيء المصون.

3.

تكييف عقد الصيانة غير المقترن بعقد والمحتاج لمادة والمتعهد بالمادة الصائن.

4.

تكييف عقد الصيانة المشروط في عقد البيع على البائع.

5.

تكييف عقد الصيانة المشروط في عقد الإجارة على المؤجر أو المستأجر.

6.

تكييف عقد الصيانة المشروطة في عقد المقاولة على المقاول.

قبل الدخول في تكييف هذه الأنواع من عقود الصيانة أود أن أشير إلى أن عقد الصيانة كأي عقد آخر له أركان هي أركان العقد بصفة عامة، وهي: الصيغة، والعاقدان، والمحل، ولكل ركن من هذه الأركان شروط صحة، لابد من تحققها ليكون العقد صحيحا، وسأفترض أن شروط الصحة المطلوبة في الصيغة والعاقدين متحققة في عقد الصيانة، وسأهتم بالشروط المطلوبة في المحل – العمل والبدل – لأن تحققها أو عدمه هو الذي يؤثر على التكييف.

ص: 347

1.

تكييف عقد الصيانة غير المقترن بعقد آخر، وغير المحتاج لمادة:

هذا هو أبسط أنواع عقود الصيانة، فهو عقد صيانة مجرد، أو مستقل، غير مقترن بعقد آخر: مقاولة أو غيرها، وغير محتاج إلى مادة، لا من الصائن، ولا من صاحب الشيء المصون، فهو عقد يتعهد فيه الصائن بأداء عمل فقط هو الصيانة.

ويلحق بهذا النوع الصيانة التي تحتاج إلى مادة لا يعمل المتعاقدان لها حساب في العادة.

هذا النوع من عقود الصيانة يشبه شبها تاما عقدًا معروفًا في الفقه الإسلامي هو عقد إجارة الأشخاص، وعقد إجارة الأشخاص قد يكون فيه الأجير مشتركا، وقد يكون فيه الأجير خاصا، والأجير المشترك هو: من يستأجر لإداء عمل معين، ولم يختص به شخص معين كالبناء، والمهندس، والصائن إذا لم يكن عملهم مقصورا على معين. الأجير الخاص هو: من يستأجر مدة محددة لأداء عمل لشخص معين بحيث لا يتقبل عملا من غيره مدة الإجارة.

وفي عقد الصيانة قد يكون الصائن ممن يعمل لجميع الناس، فتطبق عليه في هذه الحالة أحكام الأجير المشترك، وهذا هو الغالب، وقد يكون الصائن يعمل لشخص معين كما لو اتفق صاحب مصانع مع شخص ليتفرغ لصيانة مصانعه بأجر شهري، فتطبق عليه أحكام الأجير الخاص.

(1)

والمعقود عليه في عقد الصيانة عندما يكون الصائن أجيرا مشتركا هو العمل، ولذا يجب أن يعين تعيينا ينتفي معه الغرر المؤدي إلي فساد العقد، كما يجب أن يكون الأجر معلوما، أما المعقود عليه بالنسبة للصائن عندما يكون أجيرا خاصا فهو منفعته أو وقته في المدة التي يعمل بها، لهذا يجب أن تكون المدة معينة في العقد (1) .

(1) تنص المادة (380) من قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م (السوادني) على الآتي: - يجب في عقد المقاولة وصف محله، وبيان نوعه وقدره. وطريقة أدائه ومدة إنجازه وتحديد ما يقابله من مقابل. وهى مطابقة للمادة (782) من القانون المدني الأردني، مع استبدال كلمة (مقابل) بكلمة (بدل) .

ص: 348

2.

تكييف عقد الصيانة غير المقترن بعقد والمحتاج إلى مادة والمتعهد بالمادة هو صاحب الشيء المصون:

هذا النوع من عقود الصيانة كالنوع الأول يكون فيه الصائن إما أجيرا مشتركا، أو أجيرًا خاصا، تطبق عليه أحكامهما، ويضاف إلى هذا النوع أن المادة التي يقدمها صاحب الشيء المصون تكون أمانة وفي يد الصائن يضمنها إذا تعدى أو قصر في حفظها باتفاق الفقهاء، أما إذا تلفت من غير تعد أو تقصير، فإن كان الصائن أجيرا خاصا فإن لا يضمن باتفاق الفقهاء أيضا، وإن كان أجيرا مشتركا فإنه في تضمينه وعدمه الخلاف المشهور بين الفقهاء (1) .

3.

تكييف عقد الصيانة غير المقترن بعقد والمحتاج إلى مادة والمتعهد بالمادة الصائن:

هذا النوع من عقود الصيانة يتضمن عقد إجارة كما في النوع الأول والثاني، ويتضمن عقد بيع للمواد من الصائن إلى صاحب الشيء المصون فهو عقد اجتمع فيه عقدان: البيع والإجارة، فهو صفقتان في صفقة، فهل يشمله النهي الوارد في حديث صفقتين في صفقة.

عن سماك، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود، عن أبيه قال: نهى النبي صلى الله عليه وسلم ((عن صفقتين في صفقة واحدة)) (2) .

هذا الحديث قال بعض العلماء أنه موقوف، وعلى فرض رفعه فقد اختلف في تفسيره، فقد فسره سماك، وهو أحد رواته، بأن يبيع الرجل البيع فيقول: هو بنسأ بكذا وكذا، وهو بنقد بكذا وكذا (3) ..

وهو أيضًا تفسير لأبي عبيد القاسم بن سلام فقد قال: صفقتان في صفقة أن يقول الرجل للرجل: أبيعك هذا نقدا بكذا، ونسيئة بكذا، ويفترقان على ذلك (4) .

وهذا هو أحد التفاسير لبيعتين في بيعة (5) .

فعلى هذا التفسير فإن مسألتنا لا تدخل في النهي الوارد في هذا الحديث، ولكن التحقيق أن بيعتين في بيعة أخص من صفقتين في صفقة؛ لأنه في نوع خاص من الصفقات هو البيع (6) .. وأما صفقتان في صفقة فإن يشمل البيع وغيره من الصفقات، فيدخل فيه الجمع بين عقدين في عقد واحد أيا كان نوع العقدين، فالجمع بين البيع والإجارة، أو البيع والإعارة، أو البيع والسلف، أو البيع أوالشرط.. . كل ذلك ونحوه من صفقتين في صفقة، ولكن هل يتناول النهي كل ما يصدق عليه لفظ صفقتين في صفقة؟

(1) ذكر قانون المعاملات المدنية سنة 1984 السوداني هذه الأحكام في عقد المقاولة في المادة (381) والمادة (384) وهذا نصهما: المادة (381-2) : إذا كان صاحب العمل هو الذي قدم مادة العمل وجب على المقاول أن يحرص عليها وأن يراعي في عمله الأصول الفنية، وأن يرد لصاحبها ما بقي منها، فإن وقع خلاف ذلك فتلفت أو تعيبت أو فقدت، فعليه ضمانها. المادة (384) : يضمن المقاول ما تولد عن فعله وصنعه من ضرر أو خسارة سواء أكان بتعديه أم تقصيره أم لا، وينتفي الضمان إذا نجم ذلك عن حادث لا يمكن التحرز منه، وهاتان المادتان مطابقتان للمادتين (783) و (786) من القانون المدني الأردني

(2)

روى هذا الحديث أحمد في مسنده: 1/398، وأخرجه أيضا البزار والطبراني في الكبير والأوسط، ولفظ الطبراني في الأوسط: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (لا تحل صفقتان في صفقة) ولفظه في الكبير (الصفقة بالصفقتين ربا) وهو موقوف: منتقى الأخبار مع شرحه نيل الأوطار: 5/248 -249. قال في مجمع الزوائد: رجال أحمد ثقات: 4/84، ولكن البزار أعل بعض طرقه ورجح وقفه، وبالوقف رواه أبو نعيم وأبو عبيد القاسم بن سلام فتح القدير: 5/218

(3)

مسند الإمام أحمد: 1/398

(4)

فتح القدير: 5/218

(5)

انظر كتاب الغرر وأثره في العقود، ص 102

(6)

فتح القدير: 5/218

ص: 349

لفظ الحديث عام ولكن الفقهاء لم يأخذوا بهذا العموم، فالمالكية يمنعون الجمع بين كل عقدين بينهما تضاد، ولذلك منعوا الجمع بين البيع وأحد العقود الستة، وهى: الجعالة، والمساقاة، والقراض، والصرف، والشركة، والنكاح (1) . وجوزوا الجمع بين البيع والإجارة. جاء في المدونة:(قلت) : أرأيت إن استأجرت رجلا على أن يبني لي داري على أن الجص والآجر من عند الأجير، (قال) : لا بأس بذلك، (قلت) : وهو قول مالك، (قال) نعم، (قلت) : لمَ جوزه مالك، (قال) : لأنها إجارة وشراء جص وآجر صفقة واحدة.. .. (2) .

فتكييف هذا النوع من عقد الصيانة بالبيع والإجارة مقبول حسب مذهب المالكية، وهو الصواب عندي.

ويجب إن أخذنا بهذا التكييف تحقق شروط كل من عقد البيع وعقد الإجارة في هذا النوع من عقد الصيانة، ولكن يبدو لي أن تحقق شروط البيع غير ممكن، ولهذا فإن الأولى عندي، إذا كان صاحب العمل لا يقدم المادة بنفسه، أن يوكل الصائن بشرائها فيكون تكييف العقد في هذه الصورة إجارة ووكالة بالشراء، ولا مانع من هذا.

4.

تكييف عقد الصيانة المشروط في عقد البيع على البائع:

قد يشتري شخص سلعة من السلع التي تحتاج إلى صيانة، ويشترط على بائعها أن يقوم بصيانتها مدة من الزمن، فيجتمع في العقد بيع وشرط، وقد ورد في هذا حديث هو حديث عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم ((عن بيع وشرط)) (3) .

(1) الفروق: 3/142

(2)

المدونة: 11/55، وانظر أيضا: 11/45

(3)

هذا الحديث رواه عبد الحق في أحكامه، الحطاب: 4/373 ح ورواه أبو حنيفة، قال ابن رشد: روي عن أبي حنيفة أنه روى أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع وشرط؛ بداية المجتهد: 2/16، قال ابن عرفة لا أعرف هذا الحديث إلا من طريق عبد الحق، الحطاب: 4/373؛ وقال ابن قدامة المقدسي: حديث النهي عن بيع وشرط ليس له أصل، وقد أنكره أحمد ولا نعرفه مرويًّا في مسند فلا يعول عليه – الشرح الكبير على المقنع: 4/53

ص: 350

وقد اختلف الفقهاء اختلافا كبيرا في العمل بهذا الحديث، فأخذ به الحنفية والشافعية في الجملة، ولم يأخذ به الحنابلة، وأخذ به المالكية في موضوعين، أحدهما الشرط الذي يناقض مقتضى العقد، والثاني الشرط الذي يعود بخلل في الثمن (1) .

ومن الأمثلة التي يذكرها الفقهاء للبيع والشرط التي تعنينا في تكييف مسألتنا ما إذا اشترى شخص ثوبا على أن يخيطه البائع قميصا:

قال الحنفية البيع فاسد، لأن الخياطة يقابلها شيء من الثمن فهو شرط إجارة في بيع، فيكون من صفقتين في صفقة (2) .

والبيع فاسد أيضا عند الشافعية لحديث النهي عن بيع وشرط؛ ولأنه شرط ينافي مقتضى العقد (3) .

والبيع جائز عند الحنابلة، قال ابن قدامة المقدسي: "ويصح أن يشترط المشتري نفع البائع في المبيع، مثل أن يشتري ثوبا، ويشترط على بائعه خياطته قميصا (4) .

والعقد صحيح عند المالكية على أصل مذهبهم في جواز اجتماع البيع والإجارة (5) . وبناء على ما تقدم فإن هذا النوع الرابع من عقود الصيانة يكيف على أنه (بيع وشرط) ، وجائر عند المالكية والحنابلة.

5.

تكييف عقد الصيانة المشروط في عقد الإجارة على المؤجر أو المستأجر:

صيانة العين المؤجرة على المؤجر؛ لأنه هو المالك للعين، والمستأجر يملك المنفعة، وعلى مالك العين تمكينه من الانتفاع.

(1) المبسوط: 13/13؛ وبداية المجتهد: 2/16؛ والمهذب: 1/268؛ والشرح الكبير: 4/49

(2)

فتح القدير: 5/221

(3)

المهذب: 1/268؛ ونهاية المحتاج: 3/143 و58

(4)

الشرح الكبير: 4/49

(5)

انظر ص 115

ص: 351

جاء في المدونة: " (قلت) : أرأيت إن استأجرت دارا على من مرمة الدار، وكنس الكنيف، وإصلاح ما بها من الجدران والبيوت، (قال) : على رب الدار، (قلت) : وهذا قول مالك؟ (قال) : سألنا مالكا عن الرجل يكتري الدار ويشترط عليه أنه إن انكسرت خشبة أو احتاجت الدار إلى مرمة يسيرة كان ذلك على المتكاري، (قال مالك) : لا خير في ذلك إلا أن يشترط من كرائها، فهذا يدلك على أن المرمة كلها في قول مالك على رب الدار (1) .

وجاء في المغني: على المكري بناء حائط إن سقط وإبدال خشبة إن انكسرت، وعليه تبليط الحمام.. . وإن شرط هذا على المكتري فالشرط فاسد؛ لأن العين ملك للمؤجر فنفقتها عليه (2) .

6.

تكييف عقد الصيانة المشروط في عقد المقاولة على المقاول:

قلنا إن عقد المقاولة هو عقد يتعهد فيه المقاول بصنع شيء أو أداء عمل، وإن عقد الصيانة يندرج في عقد المقاول (3) .لأن الصائن يتعهد فيه بأداء عمل من نوع خاص، وقد يتعهد المقاول بصنع شيء ويلتزم بصيانته مدة من الزمن، فيجتمع عقد الصيانة والمقاولة في عقد واحد، كما لو تعهد مقاول بإقامة مصنع وتعهد أيضا بصيانته لمدة عشر سنين.

تكييف هذه المعاملة هو أنها عقد إجارة على صناعة الشيء وصيانته إذا كانت المادة من صاحب العمل، وعقد إجارة وبيع إذا كانت المادة من المقاول، وكل هذا جائز شرعا كما بينا (4) .

هذا وقد نص قانون المعاملات المدنية لسنة 1984م السوداني في المادة (386)، والقانون المدني الأردني في المادة (788) عند الكلام عن التزامات المقاول على الآتي:

- إذا كان عقد المقاولة قائما على تقبل بناء يضع المهندس تصميمه على أن ينفذه المقاول تحت إشرافه كانا متضامنين في التعويض لصاحب العمل عما يحدث في خلال عشر سنوات من تهدم كلي أو جزئي فيما شيداه من مبان أو أقاماه من منشآت، وعن كل عيب يهدد متانة البناء وسلامته إذا لم يتضمن العقد مدة أطول.

هذه المادة تعني أن المقاول ملزم بنص القانون بصيانة ما بناه لمدة عشر سنوات، ويجوز أن يكون الالتزام بالصيانة لمدة أكثر باتفاق الطرفين.

(1) المدونه: 11/151

(2)

المغني: 5/458

(3)

انظر ص 105-106

(4)

انظر ص 115،113

ص: 352

تكييف عقد الصيانة على أنه عقد جعالة:

خرج أو كيف بعض الباحثين عقد الصيانة تكييفا يختلف عن التكييف الذي ذكرته، فكيفه بعضهم على أنه (جعالة) من هؤلاء الباحثين الأستاذ الدكتور يوسف قاسم.

يقول الدكتور يوسف:

"يمكن أن ينظر إلى بعض عقود الصيانة بحيث نستطيع تخريجها على أساس أنها من عقود الجعالة، مثال ذلك إذا أعلنت إحدى الشركات أن الذي يقوم بعملية صيانة شاملة للمصنع المملوك لها والكائن في مكان كذا، فإنها تقدم له مكافأة إجمالية شاملة قدرها كذا، والحال أن هذا الإعلان موجه للمهندسين المتخصصين في صيانته هذا النوع من المصانع. فلا شك أن هذا العقد يكيف على أنه عقد جعالة (1) .

ومن الباحثين الذين كيفوا عقد الصيانة بأنه عقد جعالة الأستاذ الدكتور أحمد الحجي الكردي، يقول الدكتور الحجي:

" الجعالة أقرب العقود قاطبة إلى عقد الصيانة مما يمكن معه إدخالها فيها، وترتب شروطها وأحكامها على وفقها (2) .

ومنهم الأستاذ عز الدين محمد توني، يقول الأستاذ عز الدين:

"النظر في تخريج بعض عقود الصيانة على عقد الجعالة:

الجعالة عقد يقع على عمل الإنسان نظير عوض، والصيانة كذلك عقد يقع على عمل للإنسان نظير عوض. وكما ذكرنا من قبل فإن أهم ما يميز عقد الجعالة أنه عقد جائز فلكل من الطرفين فسخه، وأن العوض فيها لا يستحق إلا بتمام العمل فيها يجوز أن يكون مجهولا.. ..

وإذن يمكن أن يتمخض عقد الصيانة عقد جعالة إذا تحققت في العقد هذه الأمور.

فلو أن بيت التمويل أعلن في الصحف أن من قام بإصلاح أجهزة التكييف في المبنى الكائن بشارع كذا فله كذا، فتقدمت إحدى الشركات، وتعاقد بيت التمويل معها، وذكر في العقد نوع العمل وتحديد قدر العوض، ثم ذكر في العقد أن الشركة لا تستحق هذا العوض إلا بعد تمام العمل، وأنها لو تركت العمل قبل إتمامه لا تستحق شيئا، ووافقت الشركة على ذلك كان هذا العقد عقد جعالة مسمى باسم الصيانة (3) .

(1) بحث مقدم للندوة الفقهية الرابعة بيت التمويل الكويتي، شوال 1414هـ، ومنشور في مجلة الاقتصاد الإسلامي، العدد 184، السنة السادسة عشرة ربيع الأول 1417 هـ يوليو 1996، ص 196

(2)

بحث مقدم للندوة الفقهية الرابعة، بيت التمويل الكويتي 1416 هـ1995 م، ص9

(3)

بحث مقدم للندوة الفقهية الرابعة، بيت التمويل الكويتي 1416 هـ1995 م، ص14

ص: 353

وقد أخذت الندوة الفقهية الرابعة بالكويت (1416هـ - 1995م) برأي هؤلاء الأساتذة فجاء في قرارتها ما يلي:

- تطبيقات الإجارة والجعالة على عقود الصيانة:

عقد الصيانة عقد مستحدث مشروع تنطبق عليه الأحكام العامة للعقود، ولا يخالف نصا أو قاعدة شرعية عامة، وهو في تكييفه الفقهي أقرب ما يكون إلى عقد الجعالة حيث إن معظم صور الصيانة لا يمكن فيها تحديد مقدار العمل بشكل دقيق.

وبعد تحديد جنس العمل ونوعه ومحل العمل والمقابل والزمن وما فيه من جهالة أو غرر فهو من اليسير المغتفر الذي لا يؤدي إلى النزاع بالرجوع إلى المتعارف عليه في كل مجال، (هكذا) وهذا بالنسبة لعقد الصيانة بدون الالتزام بقطع الغيار.

أما إذا كان العقد شاملا لقطع الغيار فيختلف الحكم بين الحالتين الاثنتين:

الحالة الأولى: أن يلتزم مالك العين المطلوب صيانتها بتقديم قطع الغيار من عنده عينا، أو يلتزم بدفع ثمنها المحدد ممن يقدمها، وهذه الصورة جائزة شرعًا؛ لأنها إما جعالة. أو جعالة رافقها بيع (1) .

الحالة الثانية: أن تلتزم الجهة المتعهدة بالصيانة بتقديم قطع الغيار مع العمل، فهناك صورتان:

الصورة الأولى: أن تكون الصيانة دورية، وقطع الغيار معلومة بالرجوع إلى العرف من حيث تحديد عددها وصفاتها وعمرها الافتراضي ووقت تبديلها، فهذه الصورة جعالة جائزة أيضا (2) . ويمكن التعاقد على العمل بعقد واحد حيث يغتفر الجهالة اليسيرة (هكذا) .

الصورة الثانية: أن تكون قطع الغيار غير قابلة للتحديد عند التعاقد بالرجوع للعرف أو مراعاة الطبيعة التقنية للمعدات، ويقع التفاوت الكبيرة في تكلفتها ففي هذه الصورة لا يجوز التعاقد على التزام الجهة المتعهدة بالصيانة للقيام بالعمل وتقديم قطع الغيار، وذلك للجهالة الكبيرة المؤدية للنزاع (3) .

تكييف عقد الصيانة على أنه عقد جعالة غير مقبول عندي؛ لأن عقد الصيانة عقد لازم بالنسبة للطرفين، وعقد الجعالة غير لازم بالنسبة للمجعول له فله أن يتخلى عن العمل في أي وقت يشاء، وغير لازم أيضا بالنسبة للجاعل قبل شروع المجعول في العمل (4) . وهذا وحده يكفي لبطلان التكييف بالجعالة، وزيادة على فإن عقد الجعالة يجوز أن يكون العمل فيه مجهولا، وعقد الصيانة يشترط فيه معرفة العمل، وعقد الجعالة لا يستحق فيه العوض إلا بتمام العمل، وعقد الصيانة يجوز أن يدفع فيه العوض عند العقد أو في أثناء العمل، أو بعده حسب اتفاق الطرفين (5) . ولو طبقنا أحكام عقد الجعالة على عقد الصيانة كما يقول الدكتور الحجي (6) . لأصبح عقد جعالة لا عقد صيانة.

والمثال الذي ذكره الدكتور يوسف هو عقد جعالة محله صيانة المصنع تطبق عليه أحكام الجعالة، وليس عقد الصيانة، والمثال الذي ذكره الدكتور عز الدين هو أيضا عقد جعالة، وقد اعترف الدكتور عز الدين بهذا في قوله آخر المثال:"كان هذا العقد عقد جعالة مسمى باسم الصيانة".

أما قرار الندوة فقد بدأ بداية جيدة حيث اعتبر عقد الصيانة عقدا مستحدثا مشروعا تطبق عليه الأحكام العامة للعقود، ولكنه عاد فجعله عقد جعالة فقط إذا كان بدون الالتزام بقطع الغيار، وعقد جعالة رافقه بيع إذا كان مع الالتزام بقطع الغيار، وإذا كان التكييف بالجعالة غير مقبول عندي فالتكييف بالجعالة والبيع (7) . أولى بعدم القبول.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه....

الدكتور / الصديق محمد الأمين الضرير.

(1) مرافقة البيع للجعالة غير ظاهرة في هذه الحالة

(2)

هذه هي الصورة التي يجتمع فيها البيع مع الجعالة

(3)

مجلة الاقتصاد الإسلامي العدد (177) السنة الخامسة عشرة، شعبان 1416 هـ، ديسمبر 1995م. ص579

(4)

انظر بحث الدكتور يوسف، ص196، والدكتور عز الدين، ص14

(5)

انظر بحث الدكتور عز الدين؛ ص14

(6)

انظر بحث الدكتور الحجي، ص9

(7)

راجع ما كتبته عن صفقتين في صفقة، ص113- 114

ص: 354