المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الصلاة خلف المبتدع - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ٩

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌الوصية بكتاب الله (القرآن الكريم)

- ‌الإجابة عن أسئلة متفرقة بعد المحاضرة

- ‌التواصي بالحق

- ‌أقسام التوحيد

- ‌أسئلة وأجوبتها بعد تعليق سماحته

- ‌التوحيد أولا

- ‌أمور التوحيد.. لا عذر فيها

- ‌كلمة توجيهية في الدورة الرابعة والثلاثين للمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عام (1416 ه

- ‌الحث على العناية بكتاب الله وتعلمه

- ‌بيان حقوق ولاة الأمور على الأمة

- ‌حول طاعة الأمير

- ‌حكم التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم والتوسل به

- ‌تعليق على الكلمة الطيبة التي تفضل بها صاحبالفضيلة الشيخ \ محمد ناصر الدين الألباني

- ‌بيان أهمية الفقه الإسلامي

- ‌وجوب وقاية النفس والأهل من النار

- ‌تنبيه على ما وقع من الغلو في قصيدةالمدعو محمد بدر الدين المنشورة فيمجلة الرابطة عدد 368 في شهر جمادى الآخرةمن عام 1416 ه

- ‌نصيحة حول الزلازل

- ‌من حكمة الله تعالى ابتلاء العبادبالمصائب والفتن، منها الزلازل

- ‌الخشوع لا يصرف للرسول عليه الصلاة والسلام

- ‌تقريظ وتحبيذعلى قصيدة الشيخ راشد بن صالح الخنينالعلامة الورع التقي الغيور على الحق

- ‌تقريظ على قصيدة الشيخ \ صالح بن حسين العلي

- ‌الفرق بين الكفر والشرك

- ‌السنة ومكانتها في الإسلام وفي أصول التشريع

- ‌بيان حكم الشرع في الجارودي على ضوء المقابلة معه في مجلة المجلة

- ‌تحذير وبيان عن مؤتمر بكين للمرأة

- ‌معنى تنقض عرى الإسلام عروة عروة

- ‌الإمام ابن تيمية لم يستحسن الاحتفال بالمولد النبوي

- ‌كلمة في حفل التوعية الإسلامية في الحج

- ‌موقف الدعاة والعلماء من كثرة انتشار الباطل

- ‌رد على المفترين على العلماء

- ‌الوهابية لا تناصب آل البيت العداءبل هي على طريقة السلف الصالح

- ‌الإجابة عن عدة أسئلة لصحيفة المدينةرد الافتراء على شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهابرحمه الله ودعوته

- ‌حول تفضيل أحد الأولاد على الآخرين في العطاء

- ‌حول اعتماد طالب العلم أو الداعية على الكتب الفكرية والثقافية وعدم قراءة الكتب الشرعية

- ‌نصيحة للدعاة في عدم استعجال ثمار دعوتهم

- ‌ليس الحنابلة هم السلفيون فقط

- ‌تحذير من الوقوع في أعراض الناس والغيبة

- ‌نصيحة عامة للمسئولين الأفغان

- ‌دعوة إلى دعمالهيئة العليا للبوسنة والهرسك

- ‌حث المسلمين على التبرعومساعدة إخوانهم المحتاجين

- ‌حادث التفجير في الرياض جريمة عظيمة. وفساد في الأرض وظلم كبير

- ‌دعوة إلى المساهمة المادية في تحفيظ القرآن الكريم

- ‌تحذير من سؤال الكهنة والعرافين وتصديقهم

- ‌الكهان يدعون الغيب بواسطة شياطينهم

- ‌إتيان الكهان تعلق بخيط العنكبوت

- ‌أسئلة مهمة وأجوبتها

- ‌ الأعور الدجال

- ‌ رؤية الله وكلامه لخلقه يوم القيامة

- ‌ سؤال حول ترجمة الكتب المعرفة للإسلام بعدة لغات

- ‌حكم الدخول بالمصحف إلى الحمام وحكم تمزيق الأوراق المكتوب فيها آيات قرآنية

- ‌الإجابة عن أسئلة لجريدة المدينة

- ‌ كيفية علاج الكبر واكتساب التواضع

- ‌ إصلاح ذات البين

- ‌ دعاة الباطل

- ‌ الاحتفال بضرب النفس بالسيف عمل منكر

- ‌ ما يسمى بعصيدة بنت النبي بدعة منكرة

- ‌ ادعاء أن عليا حارب الجن كذب لا أصل له

- ‌ تفسير الآية (258) من سورة البقرة

- ‌حكم صيام من لا يصلي إلا في رمضان

- ‌أسئلة متفرقة والإجابة عنها

- ‌هذا الحديث غير صحيح

- ‌حول أعمال الدراويش الخادعة

- ‌إخراج الثعابين من البيت بالكلام الطيب ليس بسحر

- ‌الخضر مات قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم وضع القرآن الكريم على الأرض

- ‌حكم تقبيل المصحف

- ‌حكم قراءة القرآن على طريقة المغنيين

- ‌كلمة سيد فلان

- ‌رفع اليدين في الدعاء

- ‌دعاء الصباح والمساء

- ‌كيفية بر الوالدين بعد موتهما

- ‌خروج النساء للدعوة

- ‌لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

- ‌حكم السفر إلى بلاد المشركين

- ‌حكم الرجوع في عطية الوالد لابنه

- ‌حكم مساعدة العاق لوالديه

- ‌علاج الوساوس والشك في العبادة

- ‌الدليل على قتل المرتد عن الإسلام

- ‌حول صحف إبراهيم وموسى

- ‌حول دعاء الركوب في المصعد

- ‌حول كلمة منة الله ولا منة خلقه

- ‌الخروج مع جماعة التبليغ

- ‌ليس في نسيان الآيات إثم

- ‌لم يمد الرسول صلى الله عليه وسلم يده لأحد من قبره

- ‌يأجوج ومأجوج من بني آدم

- ‌نصيحة الوالد الذي يرتكب المعاصي

- ‌الواجب الثبات على الحق وعدم الطاعة في معصية الخالق

- ‌طائفة عبد الله الحبشي ضالة

- ‌دور المراكز الإسلامية وكراسي الدراساتالإسلامية في خدمة الإسلام

- ‌حول كلمة الولاء للوطن

- ‌بدع في العزاء

- ‌حكم قراءة القرآن على قبر الميت

- ‌حكم إهداء الصلاة للغير

- ‌القراءة على الأموات

- ‌هذا العمل شرك أكبر

- ‌الدعاء بقول (بحق محمد) لا يجوز

- ‌حكم أكل المسلم مع الكافر

- ‌المملكة تنفذ الأحكام الشرعية ولو لم ترض الحكومات

- ‌حكم التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌هذا الكلام بدعة ومنكر ولا أصل له

- ‌على الشباب سلوك الطريق الصحيح في التفقه في الدين

- ‌وجوب التكاليف على الأصم والأبكم

- ‌التعلم والتفقه في الدين واجب إذا تيسر في المدرسة

- ‌لا تجوز النياحة على الميت

- ‌حكم الطعن في الأنساب والنياحة على الميت

- ‌يجوز الضرب الخفيف للتأديب

- ‌حول كلمة صدق الله العظيم

- ‌لا يجوز الحلف بالصلاة ولا بالذمة

- ‌الكيفية الصحيحة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌إنكار المنكر واجب على الجميع دون استثناء

- ‌كيفية إنكار البدع الظاهرة

- ‌الأوقات التي تجاب فيها الدعوات

- ‌حكم قول المسلم للمسلم: يا غبي يا خبل

- ‌قبول التوبة وشروطها الأربعة

- ‌من شروط الدعاء الثقة بالله والإتيان بالأسباب

- ‌لا يجوز تعطيل الأسباب لأحد مهما بلغ

- ‌جمع المصحف على حرف واحد

- ‌كيفيه التكفير عن المعاصي

- ‌توبة الزاني

- ‌الحفظ والتفقه في الدين لتعليم أهل القريةوالصلاة بهم عمل صالح تشكر وتؤجر عليه

- ‌الواجب على العاق لوالديه الاستغفاروالدعاء لهما بعد موتهما

- ‌حكم الصلاة خلف من يتبرك بالقبور

- ‌الصلاة خلف المبتدع

- ‌الكتابة على القبور

- ‌الفتنة بالمال أكثر وأشد

- ‌معنى الخلود في النار

- ‌حول شرعية نوادي النساء

- ‌حكم مشاهدة التليفزيون

- ‌نصيحة لمن يستمع إلى الأغاني من النساء

- ‌الاستماع إلى القرآن عبادة

- ‌لا كفارة عليك إذا لم تحلف

- ‌حكم التصوير للمضطر

- ‌التقرب بالذبح لغير اللهشرك

- ‌حكم الذبح لغير الله

- ‌رد السلام الموجه من الكاتب

- ‌حكم الدعاء جهرا

- ‌التحذير من استفتاء الجهلة وأصحاب العقيدة الباطلة

- ‌حكم العذر بالجهل في العقيدة

- ‌حكم الإقامة بين المشركين

- ‌لا تجوز الإقامة في بلد يظهر فيه الشرك والكفر إلا للدعوة إلى الله

- ‌نصيحة لمن ارتكب الفواحش ثم ندم

- ‌يجوز لساعي البريد أخذ المساعدة

- ‌أخذ الأجرة على القراءة على المرضى

- ‌كيفية علاج المرض النفسي

- ‌ أذكار وتعوذات لعلاج جميع الأمراض الحسية والمعنوية

- ‌علاج صرع الجن للإنس

- ‌صلة الرحم واجبة حسب الطاقة

- ‌من يقرأ القرآن وهو عليه شاق فله أجر

- ‌كراهية الموت

- ‌حكم التسمية بأسماء من الآيات

- ‌حول ترك السنن لتألف الناس

- ‌حكم الإسلام في إجراء العملية لإزالة التشوه الخلقي

- ‌الاغتسال بالدم منكر ظاهر ومحرم

- ‌المبتدع والعاصي

- ‌أسئلة وأجوبة تتعلق بالطبوالعاملين بالمستشفيات

- ‌نصيحة لمن أسرف على نفسه ثم تاب

- ‌جريمة الزنا والخلاص من آثاره

- ‌ليس هناك نص يحدد عمر الدنيا

- ‌حكم من لا يدري في أمور الإسلام إلا قليلا

- ‌هدم قبر لإعادة حفره وبنائه

- ‌اثبتي على توبتك

- ‌رسالة شكر إلى الملك حسينعلى منع إقامة تمثاله

- ‌نصيحة لمن ارتكب معصية وندم ثم نسي وعاد

- ‌اعدل بين أولادك

- ‌حكم تعليق التمائم على الصبيان والمرضىوتعليق الآيات القرآنية والأذكار على الجدرانفي المكاتب والمساجد

- ‌الوصية بالاستمرار في النصيحة

- ‌العقيدة الصوفية باطلة

- ‌أهمية العناية بمن يعتنق الإسلام في بلادنا

- ‌حكم إطلاق لفظة الشهيد على شخص معين

- ‌كيف أنزل الحديث

الفصل: ‌الصلاة خلف المبتدع

ج: هذا فيه تفصيل: إن كان مجرد الاحتفال بالموالد من دون شرك فهذا مبتدع، فينبغي أن لا يكون إماما لما ثبت في الحديث الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«إياكم ومحدثات الأمور فإن كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة (1) » والاحتفال بالموالد من البدع، أما إذا كان يدعو الأموات ويستغيث بهم، أو بالجن، أو غيرهم من المخلوقات فيقول: يا رسول الله انصرني أو اشف مريضي، أو يقول: يا سيدي الحسين، أو يا سيدي البدوي، أو غيرهم من الأموات، أو الجمادات كالأصنام، المدد المدد، فهذا مشرك شركا أكبر لا يصلى خلفه، ولا تصح إمامته - نسأل الله العافية - أما إذا كان يرتكب بدعة كأن يحضر المولد ولكن لا يأتي بشرك، أو يقرأ القرآن عند القبور، أو يصلي عندها، ولا يأتي بشرك، فهذا يكون قد ابتدع في الدين، فيعلم ويوجه إلى الخير وصلاته صحيحة إذا لم يفعلها عند القبور. أما الصلاة في المقبرة فلا تصح لقول النبي صلى الله عليه وسلم:«لعن الله اليهود والنصارى اتخذوا قبور أنبيائهم مساجد (2) » متفق عليه.

(1) رواه أبو داود في السنة برقم 3991 واللفظ له، وأحمد في مسند الشاميين برقم 16522.

(2)

رواه البخاري في الجنائز برقم 1301، ومسلم في المساجد ومواضع الصلاة برقم 823 واللفظ متفق عليه.

ص: 374

‌الصلاة خلف المبتدع

(1)

س: ما حكم المقيم في بلد أهله متمسكون بالبدعة، هل يصح له أن يصلي معهم صلاة الجمعة والجماعة أو يصلي وحده أو تسقط عنه الجمعة؟ وإذا كان أهل السنة ببلد أقل من اثني عشر فهل تصح لهم الجمعة أم لا؟

(1) مما نشر في الدعوة في 25\9\1416هـ.

ص: 374

ج: إن إقامة الجمعة واجبة مع كل مسلم أو فاجر، فإذا كان الإمام في الجمعة لا تخرجه بدعته عن الإسلام فإنه يصلى خلفه قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله في عقيدته المشهورة:(ونرى الصلاة خلف كل بر وفاجر من أهل القبلة وعلى من مات منهم) انتهى.

قال الشارح لهذه العقيدة، وهو من العلماء المحققين في شرح هذه الجملة. قال صلى الله عليه وسلم:«صلوا خلف كل بر وفاجر (1) » رواه مكحول عن أبي هريرة رضي الله عنه، وأخرجه الدارقطني وقال: مكحول لم يلق أبا هريرة، وفي إسناده معاوية بن صالح متكلم فيه، وقد احتج به مسلم في صحيحه، وأخرج الدارقطني أيضا وأبو داود عن مكحول عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «الصلاة واجبة عليكم مع كل مسلم برا كان أو فاجرا وإن عمل الكبائر والجهاد واجب عليكم مع كل أمير برا كان أو فاجرا وإن عمل الكبائر (2) » وفي صحيح البخاري أن عبد الله بن عمر رضي الله عنه كان يصلي خلف الحجاج بن يوسف الثقفي، وكذا أنس بن مالك، وكان الحجاج فاسقا ظالما، وفي صحيحه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«يصلون لكم فإن أصابوا فلكم ولهم وإن أخطأوا فلكم وعليهم (3) » وعن عبد الله بن عمر رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «صلوا على من قال لا إله إلا الله وصلوا خلف من قال لا إله إلا الله (4) » أخرجه الدارقطني من طرق وضعفها.

(1) رواه الدارقطني في سننه 2\57 في كتاب العيدين حديث 10 باب صفة من تجوز الصلاة معه، والبيهقي في السنن الكبرى 4\19 كتاب الجنائز

(2)

رواه أبو داود في الجهاد برقم 2171، والدارقطني في سننه 2\56 في كتاب العيدين.

(3)

رواه البخاري في الأذان برقم 653، وأحمد في باقي مسند المكثرين برقم 8309.

(4)

رواه الدارقطني في سننه 2\56 في كتاب العيدين باب صفة من تجوز الصلاة معه والصلاة عليه حديث 3، 4.

ص: 375

اعلم رحمك الله وإيانا أنه يجوز للرجل أن يصلي خلف من لم يعلم منه بدعة ولا فسقا باتفاق الأئمة، وليس من شرط الائتمام أن يعلم المأموم اعتقاد إمامه ولا أن يمتحنه فيقول ماذا تعتقد؟ بل يصلي خلف المستور الحال، ولو صلى خلف مبتدع يدعو إلى بدعته أو فاسق ظاهر الفسق وهو الإمام الراتب الذي لا يمكنه الصلاة إلا خلفه كإمام الجمعة والعيدين والإمام في صلاة الحج بعرفة ونحو ذلك، فإن المأموم يصلي خلفه عند عامة السلف والخلف، ومن ترك الجمعة والجماعة خلف الإمام الفاجر فهو مبتدع عند أكثر العلماء، والصحيح أنه يصليها ولا يعيدها، فإن الصحابة رضي الله عنهم كانوا يصلون الجمعة والجماعة خلف الفجار ولا يعيدون، كما كان عبد الله بن عمر يصلي خلف الحجاج ابن يوسف، وكذلك أنس بن مالك رضي الله عنه كما تقدم، وكذلك عبد الله بن مسعود رضي الله عنه وغيره يصلون خلف الوليد بن عقبة بن أبي معيط وكان يشرب الخمر، حتى إنه صلى بهم الصبح مرة أربعا ثم قال: أزيدكم؟ فقال له ابن مسعود: ما زلنا معك منذ اليوم في زيادة. وفي الصحيح أن عثمان رضي الله عنه لما حصر صلى بالناس شخص، فسأل سائل عثمان: إنك إمام عامة وهذا الذي صلى بالناس إمام فتنة؟ فقال: يا ابن أخي، إن الصلاة من أحسن ما يعمل الناس، فإذا أحسنوا فأحسن معهم وإذا أسأءوا فاجتنب إساءتهم.

والفاسق والمبتدع صلاته في نفسها صحيحة، فإذا صلى المأموم خلفه لم تبطل صلاته، لكن إنما كره من كره الصلاة خلفه لأن الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر واجب.

ومن ذلك أن من أظهر بدعة وفجورا لا يرتب إماما للمسلمين، فإنه يستحق التعزير حتى يتوب، فإن أمكن

ص: 376

هجره حتى يتوب كان حسنا وإذا كان بعض الناس إذا ترك الصلاة خلفه وصلى خلف غيره أثر ذلك في إنكار المنكر حتى يتوب أو يعزل أو ينتهي الناس عن مثل ذنبه، فمثل هذا إذا ترك الصلاة خلفه كان في ذلك مصلحة شرعية ولم تفت المأموم جمعة ولا جماعة.

وأما إذا كان ترك الصلاة خلفه يفوت المأموم الجمعة والجماعة فهنا لا يترك الصلاة خلفه إلا مبتدع مخالف للصحابة رضي الله عنهم. وكذلك إذا كان الإمام قد رتبه ولاة الأمور وليس في ترك الصلاة خلفه مصلحة شرعية فهنا لا يترك الصلاة خلفه، بل الصلاة خلفه أفضل، فإذا أمكن للإنسان ألا يقدم مظهرا للمنكر في الإمامة وجب عليه ذلك لكن إذا ولاه غيره ولم يمكنه صرفه عن الإمامة أو كان لا يتمكن من صرفه عن الإمامة إلا بشر أعظم ضررا من ضرر ما أظهر من المنكر فلا يجوز دفع الفساد القليل بالفساد الكثير، ولا دفع أخف الضررين بحصول أعظمهما، فإن الشرائع جاءت بتحصيل المصالح وتكميلها وتعطيل المفاسد وتقليلها بحسب الإمكان، فتفويت الجمع والجماعات أعظم فسادا من الاقتداء فيهما بالإمام الفاجر ولا سيما إذا كان التخلف عنها لا يدفع فجورا، فيبقى تعطيل المصلحة الشرعية بدون دفع تلك المفسدة.

وأما إذا أمكن فعل الجمعة والجماعة خلف البر فهذا أولى من فعلها خلف الفاجر. وحينئذ فإذا صلى خلف الفاجر من غير عذر فهو موضع اجتهاد العلماء، منهم من قال يعيد، ومنهم من قال لا يعيد.

ص: 377