المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تنبيه على ما وقع من الغلو في قصيدةالمدعو محمد بدر الدين المنشورة فيمجلة الرابطة عدد 368 في شهر جمادى الآخرةمن عام 1416 ه - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ٩

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌الوصية بكتاب الله (القرآن الكريم)

- ‌الإجابة عن أسئلة متفرقة بعد المحاضرة

- ‌التواصي بالحق

- ‌أقسام التوحيد

- ‌أسئلة وأجوبتها بعد تعليق سماحته

- ‌التوحيد أولا

- ‌أمور التوحيد.. لا عذر فيها

- ‌كلمة توجيهية في الدورة الرابعة والثلاثين للمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عام (1416 ه

- ‌الحث على العناية بكتاب الله وتعلمه

- ‌بيان حقوق ولاة الأمور على الأمة

- ‌حول طاعة الأمير

- ‌حكم التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم والتوسل به

- ‌تعليق على الكلمة الطيبة التي تفضل بها صاحبالفضيلة الشيخ \ محمد ناصر الدين الألباني

- ‌بيان أهمية الفقه الإسلامي

- ‌وجوب وقاية النفس والأهل من النار

- ‌تنبيه على ما وقع من الغلو في قصيدةالمدعو محمد بدر الدين المنشورة فيمجلة الرابطة عدد 368 في شهر جمادى الآخرةمن عام 1416 ه

- ‌نصيحة حول الزلازل

- ‌من حكمة الله تعالى ابتلاء العبادبالمصائب والفتن، منها الزلازل

- ‌الخشوع لا يصرف للرسول عليه الصلاة والسلام

- ‌تقريظ وتحبيذعلى قصيدة الشيخ راشد بن صالح الخنينالعلامة الورع التقي الغيور على الحق

- ‌تقريظ على قصيدة الشيخ \ صالح بن حسين العلي

- ‌الفرق بين الكفر والشرك

- ‌السنة ومكانتها في الإسلام وفي أصول التشريع

- ‌بيان حكم الشرع في الجارودي على ضوء المقابلة معه في مجلة المجلة

- ‌تحذير وبيان عن مؤتمر بكين للمرأة

- ‌معنى تنقض عرى الإسلام عروة عروة

- ‌الإمام ابن تيمية لم يستحسن الاحتفال بالمولد النبوي

- ‌كلمة في حفل التوعية الإسلامية في الحج

- ‌موقف الدعاة والعلماء من كثرة انتشار الباطل

- ‌رد على المفترين على العلماء

- ‌الوهابية لا تناصب آل البيت العداءبل هي على طريقة السلف الصالح

- ‌الإجابة عن عدة أسئلة لصحيفة المدينةرد الافتراء على شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهابرحمه الله ودعوته

- ‌حول تفضيل أحد الأولاد على الآخرين في العطاء

- ‌حول اعتماد طالب العلم أو الداعية على الكتب الفكرية والثقافية وعدم قراءة الكتب الشرعية

- ‌نصيحة للدعاة في عدم استعجال ثمار دعوتهم

- ‌ليس الحنابلة هم السلفيون فقط

- ‌تحذير من الوقوع في أعراض الناس والغيبة

- ‌نصيحة عامة للمسئولين الأفغان

- ‌دعوة إلى دعمالهيئة العليا للبوسنة والهرسك

- ‌حث المسلمين على التبرعومساعدة إخوانهم المحتاجين

- ‌حادث التفجير في الرياض جريمة عظيمة. وفساد في الأرض وظلم كبير

- ‌دعوة إلى المساهمة المادية في تحفيظ القرآن الكريم

- ‌تحذير من سؤال الكهنة والعرافين وتصديقهم

- ‌الكهان يدعون الغيب بواسطة شياطينهم

- ‌إتيان الكهان تعلق بخيط العنكبوت

- ‌أسئلة مهمة وأجوبتها

- ‌ الأعور الدجال

- ‌ رؤية الله وكلامه لخلقه يوم القيامة

- ‌ سؤال حول ترجمة الكتب المعرفة للإسلام بعدة لغات

- ‌حكم الدخول بالمصحف إلى الحمام وحكم تمزيق الأوراق المكتوب فيها آيات قرآنية

- ‌الإجابة عن أسئلة لجريدة المدينة

- ‌ كيفية علاج الكبر واكتساب التواضع

- ‌ إصلاح ذات البين

- ‌ دعاة الباطل

- ‌ الاحتفال بضرب النفس بالسيف عمل منكر

- ‌ ما يسمى بعصيدة بنت النبي بدعة منكرة

- ‌ ادعاء أن عليا حارب الجن كذب لا أصل له

- ‌ تفسير الآية (258) من سورة البقرة

- ‌حكم صيام من لا يصلي إلا في رمضان

- ‌أسئلة متفرقة والإجابة عنها

- ‌هذا الحديث غير صحيح

- ‌حول أعمال الدراويش الخادعة

- ‌إخراج الثعابين من البيت بالكلام الطيب ليس بسحر

- ‌الخضر مات قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم وضع القرآن الكريم على الأرض

- ‌حكم تقبيل المصحف

- ‌حكم قراءة القرآن على طريقة المغنيين

- ‌كلمة سيد فلان

- ‌رفع اليدين في الدعاء

- ‌دعاء الصباح والمساء

- ‌كيفية بر الوالدين بعد موتهما

- ‌خروج النساء للدعوة

- ‌لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

- ‌حكم السفر إلى بلاد المشركين

- ‌حكم الرجوع في عطية الوالد لابنه

- ‌حكم مساعدة العاق لوالديه

- ‌علاج الوساوس والشك في العبادة

- ‌الدليل على قتل المرتد عن الإسلام

- ‌حول صحف إبراهيم وموسى

- ‌حول دعاء الركوب في المصعد

- ‌حول كلمة منة الله ولا منة خلقه

- ‌الخروج مع جماعة التبليغ

- ‌ليس في نسيان الآيات إثم

- ‌لم يمد الرسول صلى الله عليه وسلم يده لأحد من قبره

- ‌يأجوج ومأجوج من بني آدم

- ‌نصيحة الوالد الذي يرتكب المعاصي

- ‌الواجب الثبات على الحق وعدم الطاعة في معصية الخالق

- ‌طائفة عبد الله الحبشي ضالة

- ‌دور المراكز الإسلامية وكراسي الدراساتالإسلامية في خدمة الإسلام

- ‌حول كلمة الولاء للوطن

- ‌بدع في العزاء

- ‌حكم قراءة القرآن على قبر الميت

- ‌حكم إهداء الصلاة للغير

- ‌القراءة على الأموات

- ‌هذا العمل شرك أكبر

- ‌الدعاء بقول (بحق محمد) لا يجوز

- ‌حكم أكل المسلم مع الكافر

- ‌المملكة تنفذ الأحكام الشرعية ولو لم ترض الحكومات

- ‌حكم التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌هذا الكلام بدعة ومنكر ولا أصل له

- ‌على الشباب سلوك الطريق الصحيح في التفقه في الدين

- ‌وجوب التكاليف على الأصم والأبكم

- ‌التعلم والتفقه في الدين واجب إذا تيسر في المدرسة

- ‌لا تجوز النياحة على الميت

- ‌حكم الطعن في الأنساب والنياحة على الميت

- ‌يجوز الضرب الخفيف للتأديب

- ‌حول كلمة صدق الله العظيم

- ‌لا يجوز الحلف بالصلاة ولا بالذمة

- ‌الكيفية الصحيحة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌إنكار المنكر واجب على الجميع دون استثناء

- ‌كيفية إنكار البدع الظاهرة

- ‌الأوقات التي تجاب فيها الدعوات

- ‌حكم قول المسلم للمسلم: يا غبي يا خبل

- ‌قبول التوبة وشروطها الأربعة

- ‌من شروط الدعاء الثقة بالله والإتيان بالأسباب

- ‌لا يجوز تعطيل الأسباب لأحد مهما بلغ

- ‌جمع المصحف على حرف واحد

- ‌كيفيه التكفير عن المعاصي

- ‌توبة الزاني

- ‌الحفظ والتفقه في الدين لتعليم أهل القريةوالصلاة بهم عمل صالح تشكر وتؤجر عليه

- ‌الواجب على العاق لوالديه الاستغفاروالدعاء لهما بعد موتهما

- ‌حكم الصلاة خلف من يتبرك بالقبور

- ‌الصلاة خلف المبتدع

- ‌الكتابة على القبور

- ‌الفتنة بالمال أكثر وأشد

- ‌معنى الخلود في النار

- ‌حول شرعية نوادي النساء

- ‌حكم مشاهدة التليفزيون

- ‌نصيحة لمن يستمع إلى الأغاني من النساء

- ‌الاستماع إلى القرآن عبادة

- ‌لا كفارة عليك إذا لم تحلف

- ‌حكم التصوير للمضطر

- ‌التقرب بالذبح لغير اللهشرك

- ‌حكم الذبح لغير الله

- ‌رد السلام الموجه من الكاتب

- ‌حكم الدعاء جهرا

- ‌التحذير من استفتاء الجهلة وأصحاب العقيدة الباطلة

- ‌حكم العذر بالجهل في العقيدة

- ‌حكم الإقامة بين المشركين

- ‌لا تجوز الإقامة في بلد يظهر فيه الشرك والكفر إلا للدعوة إلى الله

- ‌نصيحة لمن ارتكب الفواحش ثم ندم

- ‌يجوز لساعي البريد أخذ المساعدة

- ‌أخذ الأجرة على القراءة على المرضى

- ‌كيفية علاج المرض النفسي

- ‌ أذكار وتعوذات لعلاج جميع الأمراض الحسية والمعنوية

- ‌علاج صرع الجن للإنس

- ‌صلة الرحم واجبة حسب الطاقة

- ‌من يقرأ القرآن وهو عليه شاق فله أجر

- ‌كراهية الموت

- ‌حكم التسمية بأسماء من الآيات

- ‌حول ترك السنن لتألف الناس

- ‌حكم الإسلام في إجراء العملية لإزالة التشوه الخلقي

- ‌الاغتسال بالدم منكر ظاهر ومحرم

- ‌المبتدع والعاصي

- ‌أسئلة وأجوبة تتعلق بالطبوالعاملين بالمستشفيات

- ‌نصيحة لمن أسرف على نفسه ثم تاب

- ‌جريمة الزنا والخلاص من آثاره

- ‌ليس هناك نص يحدد عمر الدنيا

- ‌حكم من لا يدري في أمور الإسلام إلا قليلا

- ‌هدم قبر لإعادة حفره وبنائه

- ‌اثبتي على توبتك

- ‌رسالة شكر إلى الملك حسينعلى منع إقامة تمثاله

- ‌نصيحة لمن ارتكب معصية وندم ثم نسي وعاد

- ‌اعدل بين أولادك

- ‌حكم تعليق التمائم على الصبيان والمرضىوتعليق الآيات القرآنية والأذكار على الجدرانفي المكاتب والمساجد

- ‌الوصية بالاستمرار في النصيحة

- ‌العقيدة الصوفية باطلة

- ‌أهمية العناية بمن يعتنق الإسلام في بلادنا

- ‌حكم إطلاق لفظة الشهيد على شخص معين

- ‌كيف أنزل الحديث

الفصل: ‌تنبيه على ما وقع من الغلو في قصيدةالمدعو محمد بدر الدين المنشورة فيمجلة الرابطة عدد 368 في شهر جمادى الآخرةمن عام 1416 ه

‌تنبيه على ما وقع من الغلو في قصيدة

المدعو محمد بدر الدين المنشورة في

مجلة الرابطة عدد 368 في شهر جمادى الآخرة

من عام 1416 ه

ـ (1)

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداه، أما بعد:

فقد اطلعت على ما نشرته مجلة الرابطة في عددها المذكور الصادر في شهر جمادى الآخرة من هذا العام من الأبيات المنسوبة إلى محمد المذكور نسأل الله لنا وله الهداية وقد اشتملت على كلمات شركية وجب علي التنبيه عليها لئلا يغتر بها أحد من الناس وهي قوله:

فاسأل الرحمن واشفع

كي ينال العبد عتقا

وقوله:

فامنح الأحباب قربا

فامتداد البعد شقا

ففي هذين البيتين يسأل الشاعر من النبي صلى الله عليه وسلم الدعاء والشفاعة وأن يمنح الأحباب قربا. ومعلوم أن الأنبياء وغيرهم لا يسألون بعد الموت شيئا، بل سؤالهم ودعاؤهم من الشرك الأكبر وإنما يكون الطلب من الله عز وجل.

فيطلب المؤمن من الله سبحانه أن يشفع فيه نبيه صلى الله عليه وسلم وأن يمنحه القرب لديه وحسن الختام وغير ذلك مما يحتاجه العبد من أمور

(1) خطاب وجهه سماحته إلى الأمين العام لرابطة العالم الإسلامي في 25\9\ 1416هـ برقم 2089\ خ.

ص: 142

الدنيا والآخرة. أما الأموات والغائبون والجمادات فلا يجوز سؤالهم شيئا لأن الله سبحانه يقول: {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا} (1) ويقول سبحانه: {قُلْ لِلَّهِ الشَّفَاعَةُ جَمِيعًا} (2) ويقول سبحانه: {وَمَنْ يَدْعُ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ لَا بُرْهَانَ لَهُ بِهِ فَإِنَّمَا حِسَابُهُ عِنْدَ رَبِّهِ إِنَّهُ لَا يُفْلِحُ الْكَافِرُونَ} (3) وكل من دعا ميتا أو غائبا أو جمادا فقد اتخذه إلها مع الله كما كان عباد الأصنام من كفار قريش وغيرهم يعبدون الأصنام والأشجار واللات والعزى ومناة، ويسألونها ويتبركون بها فأنكر الله عليهم ذلك، وحكم عليهم بالكفر في هذه الآية الكريمة وبالشرك في قوله سبحانه:{وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللَّهَ بِمَا لَا يَعْلَمُ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يُشْرِكُونَ} (4) فأوضح سبحانه أن عملهم شرك ونزه نفسه عن ذلك وقال سبحانه: {فَاعْبُدِ اللَّهَ مُخْلِصًا لَهُ الدِّينَ} (5){أَلَا لِلَّهِ الدِّينُ الْخَالِصُ وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى إِنَّ اللَّهَ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ فِي مَا هُمْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي مَنْ هُوَ كَاذِبٌ كَفَّارٌ} (6) أخبر الله سبحانه في هذه الآية من سورة الزمر أن

(1) سورة الجن الآية 18

(2)

سورة الزمر الآية 44

(3)

سورة المؤمنون الآية 117

(4)

سورة يونس الآية 18

(5)

سورة الزمر الآية 2

(6)

سورة الزمر الآية 3

ص: 143

المشركين يقولون عن آلهتهم: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (1) ثم إنهم بهذه العبادة وبهذا القول كذبة كفار، فهي لا تقربهم إلى الله بل تبعدهم منه وهم بذلك كفار، فيعلم بذلك أنهم لم يعبدوهم لأنهم يتصرفون في الكون أو لأنهم يخلقون أو يرزقون.

فالمشركون من قريش وغيرهم يعلمون أن ذلك لله وحده وإنما عبدوهم بالدعاء والذبح والنذر والتبرك ليشفعوا لهم عند الله وليقربوهم لديه كما دلت على ذلك الآية الأولى من سورة يونس وهي قوله سبحانه: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} (2) والآية الثانية من سورة الزمر، وقال سبحانه في سورة فاطر:{ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ} (3){إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ} (4)

فأوضح سبحانه أن المشركين من الأموات والأصنام والأشجار والأحجار والكواكب وغيرها لا يسمعون دعاء داعيهم ولو سمعوا ما استجابوا له وأنهم يوم القيامة يكفرون بشركهم، وإنما قد تحصل لهم بعض مطالبهم عند الأصنام بواسطة الشياطين التي تضلهم وتقضي بعض حوائجهم حتى يظنوا أن ذلك من أصنامهم وآلهتهم ومن هذا قوله

(1) سورة الزمر الآية 3

(2)

سورة يونس الآية 18

(3)

سورة فاطر الآية 13

(4)

سورة فاطر الآية 14

ص: 144

تعالى في سورة سبأ: {وَيَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعًا ثُمَّ يَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ أَهَؤُلَاءِ إِيَّاكُمْ كَانُوا يَعْبُدُونَ} (1){قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنْتَ وَلِيُّنَا مِنْ دُونِهِمْ بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُمْ بِهِمْ مُؤْمِنُونَ} (2)

والآيات في هذا المعنى كثيرة وكلها تدل على أن دعاء الأموات والغائبين من الملائكة وغيرهم والأشجار والأحجار والكواكب وسائر الجمادات كله شرك بالله عز وجل وإن كان قصد الداعي من دعائه إياها أن تشفع له وأن تقربه إلى الله؛ لأن هذا هو قصد المشركين الأولين وقد كفرهم الله بذلك وأمر نبيه صلى الله عليه وسلم والمسلمين أن يقاتلوهم حتى يدعوا هذا الشرك ويخلصوا لله العبادة كما قال في سورة الأنفال: {وَقَاتِلُوهُمْ حَتَّى لَا تَكُونَ فِتْنَةٌ وَيَكُونَ الدِّينُ كُلُّهُ لِلَّهِ} (3)

وقد أخبر الله سبحانه في مواضع كثيرة من كتابه أن المشركين يقرون بأن الله سبحانه هو الخالق الرازق المحيي المميت المدبر للكون ولم يدخلهم ذلك في الإسلام حتى يخلصوا العبادة لله وحده كما قال الله سبحانه: {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ} (4) وقال عز وجل: {قُلْ مَنْ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ أَمَّنْ يَمْلِكُ السَّمْعَ وَالْأَبْصَارَ وَمَنْ يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَنْ يُدَبِّرُ الْأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللَّهُ فَقُلْ أَفَلَا تَتَّقُونَ} (5)

(1) سورة سبأ الآية 40

(2)

سورة سبأ الآية 41

(3)

سورة الأنفال الآية 39

(4)

سورة الزخرف الآية 87

(5)

سورة يونس الآية 31

ص: 145

وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «حق الله على العباد أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا (1) » متفق على صحته من حديث معاذ رضي الله عنه. وفي الصحيحين عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «يا رسول الله: أي الذنب أعظم؟ فقال: أن تجعل لله ندا وهو خلقك، قلت: يا رسول الله ثم أي؟ قال: أن تقتل ولدك خشية أن يطعم معك، قلت ثم أي؟ قال: أن تزاني بحليلة جارك (2) » فأنزل الله في ذلك قوله سبحانه: {وَالَّذِينَ لَا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ وَلَا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ إِلَّا بِالْحَقِّ وَلَا يَزْنُونَ وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ يَلْقَ أَثَامًا} (3){يُضَاعَفْ لَهُ الْعَذَابُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَخْلُدْ فِيهِ مُهَانًا} (4){إِلَّا مَنْ تَابَ وَآمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا} (5)

وفي صحيح مسلم عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لعن الله من ذبح لغير الله (6) » والآيات والأحاديث في هذا المعنى كثيرة.

والشفاعة والدعاء إنما يطلبان من الحي الحاضر القادر كما كان الصحابة رضي الله عنهم يطلبون من النبي صلى الله عليه وسلم أن يشفع لهم لدى ربهم عز وجل: وأن يدعو لهم وأن يستسقي لهم عند الجدب وأن يستغيث لهم

(1) رواه البخاري في الجهاد والسير برقم 2644، ورواه مسلم في الإيمان برقم 43.

(2)

رواه البخاري في تفسير القرآن برقم 4389، وفي الأدب برقم 5542، ورواه مسلم في الإيمان برقم 125.

(3)

سورة الفرقان الآية 68

(4)

سورة الفرقان الآية 69

(5)

سورة الفرقان الآية 70

(6)

رواه مسلم في كتاب الأضاحي برقم 3658، ورواه النسائي في الضحايا برقم 4346.

ص: 146

فاستغاث لهم فأمطروا، وكما سأله رجل أعمى أن يشفع له أن يرد الله عليه بصره فشفع له صلى الله عليه وسلم ودعا له حال حياته صلى الله عليه وسلم، وهكذا في يوم القيامة يسأله أهل الموقف أن يشفع لهم إلى الله سبحانه حتى يقضي بينهم فيجيبهم إلى ذلك بعد إذن الله له في ذلك، لأنه حي موجود بينهم، وهكذا يسأله المؤمنون أن يشفع لهم في دخول الجنة فيشفع لهم بعد إذن الله سبحانه له في ذلك، وهكذا يشفع عليه الصلاة والسلام يوم القيامة لكثير من عصاة المسلمين الذين دخلوا النار بمعاصيهم بعد إذن الله له في ذلك فيخرجهم الله من النار بشفاعته.

أما بعد الموت وقبل البعث والنشور فلا يجوز سؤاله الشفاعة ولا غيرها ولا يجوز سؤال غيره ذلك من الأنبياء ولا غيرهم من الأموات والغائبين والجمادات كما تقدم بيان ذلك، أما الحي الحاضر القادر فلا بأس أن يسأل ما يقدر عليه مما يجيزه الشرع المطهر، كما أخبر الله سبحانه عن موسى في سورة القصص أنه استغاثه الذي من شيعته على الذي من عدوه، وكما سأل بعض الصحابة النبي صلى الله عليه وسلم ودعا له حال حياته صلى الله عليه وسلم، وهكذا يجوز للمسلم أن يقول لأخيه الحاضر القادر: أعني على كذا كسقي الزرع وبناء البيت ونحو ذلك أو يكاتبه إن كان غائبا أو من طريق الهاتف ونحو ذلك من الطرق الحسية فهذا كله لا بأس به بإجماع المسلمين.

والله المسئول أن يوفق المسلمين جميعا للفقه في دينه والثبات عليه وأن يولي عليهم خيارهم وأن يصلح قادتهم وأن يعيذنا وجميع المسلمين من مضلات الفتن ونزغات الشيطان ومن شر دعاة الضلال والبدع إنه جواد كريم وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وأتباعه بإحسان.

عبد العزيز بن عبد الله بن باز

مفتي عام المملكة العربية السعودية

ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية والإفتاء

ص: 147