المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌كلمة في حفل التوعية الإسلامية في الحج - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ٩

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌الوصية بكتاب الله (القرآن الكريم)

- ‌الإجابة عن أسئلة متفرقة بعد المحاضرة

- ‌التواصي بالحق

- ‌أقسام التوحيد

- ‌أسئلة وأجوبتها بعد تعليق سماحته

- ‌التوحيد أولا

- ‌أمور التوحيد.. لا عذر فيها

- ‌كلمة توجيهية في الدورة الرابعة والثلاثين للمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عام (1416 ه

- ‌الحث على العناية بكتاب الله وتعلمه

- ‌بيان حقوق ولاة الأمور على الأمة

- ‌حول طاعة الأمير

- ‌حكم التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم والتوسل به

- ‌تعليق على الكلمة الطيبة التي تفضل بها صاحبالفضيلة الشيخ \ محمد ناصر الدين الألباني

- ‌بيان أهمية الفقه الإسلامي

- ‌وجوب وقاية النفس والأهل من النار

- ‌تنبيه على ما وقع من الغلو في قصيدةالمدعو محمد بدر الدين المنشورة فيمجلة الرابطة عدد 368 في شهر جمادى الآخرةمن عام 1416 ه

- ‌نصيحة حول الزلازل

- ‌من حكمة الله تعالى ابتلاء العبادبالمصائب والفتن، منها الزلازل

- ‌الخشوع لا يصرف للرسول عليه الصلاة والسلام

- ‌تقريظ وتحبيذعلى قصيدة الشيخ راشد بن صالح الخنينالعلامة الورع التقي الغيور على الحق

- ‌تقريظ على قصيدة الشيخ \ صالح بن حسين العلي

- ‌الفرق بين الكفر والشرك

- ‌السنة ومكانتها في الإسلام وفي أصول التشريع

- ‌بيان حكم الشرع في الجارودي على ضوء المقابلة معه في مجلة المجلة

- ‌تحذير وبيان عن مؤتمر بكين للمرأة

- ‌معنى تنقض عرى الإسلام عروة عروة

- ‌الإمام ابن تيمية لم يستحسن الاحتفال بالمولد النبوي

- ‌كلمة في حفل التوعية الإسلامية في الحج

- ‌موقف الدعاة والعلماء من كثرة انتشار الباطل

- ‌رد على المفترين على العلماء

- ‌الوهابية لا تناصب آل البيت العداءبل هي على طريقة السلف الصالح

- ‌الإجابة عن عدة أسئلة لصحيفة المدينةرد الافتراء على شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهابرحمه الله ودعوته

- ‌حول تفضيل أحد الأولاد على الآخرين في العطاء

- ‌حول اعتماد طالب العلم أو الداعية على الكتب الفكرية والثقافية وعدم قراءة الكتب الشرعية

- ‌نصيحة للدعاة في عدم استعجال ثمار دعوتهم

- ‌ليس الحنابلة هم السلفيون فقط

- ‌تحذير من الوقوع في أعراض الناس والغيبة

- ‌نصيحة عامة للمسئولين الأفغان

- ‌دعوة إلى دعمالهيئة العليا للبوسنة والهرسك

- ‌حث المسلمين على التبرعومساعدة إخوانهم المحتاجين

- ‌حادث التفجير في الرياض جريمة عظيمة. وفساد في الأرض وظلم كبير

- ‌دعوة إلى المساهمة المادية في تحفيظ القرآن الكريم

- ‌تحذير من سؤال الكهنة والعرافين وتصديقهم

- ‌الكهان يدعون الغيب بواسطة شياطينهم

- ‌إتيان الكهان تعلق بخيط العنكبوت

- ‌أسئلة مهمة وأجوبتها

- ‌ الأعور الدجال

- ‌ رؤية الله وكلامه لخلقه يوم القيامة

- ‌ سؤال حول ترجمة الكتب المعرفة للإسلام بعدة لغات

- ‌حكم الدخول بالمصحف إلى الحمام وحكم تمزيق الأوراق المكتوب فيها آيات قرآنية

- ‌الإجابة عن أسئلة لجريدة المدينة

- ‌ كيفية علاج الكبر واكتساب التواضع

- ‌ إصلاح ذات البين

- ‌ دعاة الباطل

- ‌ الاحتفال بضرب النفس بالسيف عمل منكر

- ‌ ما يسمى بعصيدة بنت النبي بدعة منكرة

- ‌ ادعاء أن عليا حارب الجن كذب لا أصل له

- ‌ تفسير الآية (258) من سورة البقرة

- ‌حكم صيام من لا يصلي إلا في رمضان

- ‌أسئلة متفرقة والإجابة عنها

- ‌هذا الحديث غير صحيح

- ‌حول أعمال الدراويش الخادعة

- ‌إخراج الثعابين من البيت بالكلام الطيب ليس بسحر

- ‌الخضر مات قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم وضع القرآن الكريم على الأرض

- ‌حكم تقبيل المصحف

- ‌حكم قراءة القرآن على طريقة المغنيين

- ‌كلمة سيد فلان

- ‌رفع اليدين في الدعاء

- ‌دعاء الصباح والمساء

- ‌كيفية بر الوالدين بعد موتهما

- ‌خروج النساء للدعوة

- ‌لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

- ‌حكم السفر إلى بلاد المشركين

- ‌حكم الرجوع في عطية الوالد لابنه

- ‌حكم مساعدة العاق لوالديه

- ‌علاج الوساوس والشك في العبادة

- ‌الدليل على قتل المرتد عن الإسلام

- ‌حول صحف إبراهيم وموسى

- ‌حول دعاء الركوب في المصعد

- ‌حول كلمة منة الله ولا منة خلقه

- ‌الخروج مع جماعة التبليغ

- ‌ليس في نسيان الآيات إثم

- ‌لم يمد الرسول صلى الله عليه وسلم يده لأحد من قبره

- ‌يأجوج ومأجوج من بني آدم

- ‌نصيحة الوالد الذي يرتكب المعاصي

- ‌الواجب الثبات على الحق وعدم الطاعة في معصية الخالق

- ‌طائفة عبد الله الحبشي ضالة

- ‌دور المراكز الإسلامية وكراسي الدراساتالإسلامية في خدمة الإسلام

- ‌حول كلمة الولاء للوطن

- ‌بدع في العزاء

- ‌حكم قراءة القرآن على قبر الميت

- ‌حكم إهداء الصلاة للغير

- ‌القراءة على الأموات

- ‌هذا العمل شرك أكبر

- ‌الدعاء بقول (بحق محمد) لا يجوز

- ‌حكم أكل المسلم مع الكافر

- ‌المملكة تنفذ الأحكام الشرعية ولو لم ترض الحكومات

- ‌حكم التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌هذا الكلام بدعة ومنكر ولا أصل له

- ‌على الشباب سلوك الطريق الصحيح في التفقه في الدين

- ‌وجوب التكاليف على الأصم والأبكم

- ‌التعلم والتفقه في الدين واجب إذا تيسر في المدرسة

- ‌لا تجوز النياحة على الميت

- ‌حكم الطعن في الأنساب والنياحة على الميت

- ‌يجوز الضرب الخفيف للتأديب

- ‌حول كلمة صدق الله العظيم

- ‌لا يجوز الحلف بالصلاة ولا بالذمة

- ‌الكيفية الصحيحة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌إنكار المنكر واجب على الجميع دون استثناء

- ‌كيفية إنكار البدع الظاهرة

- ‌الأوقات التي تجاب فيها الدعوات

- ‌حكم قول المسلم للمسلم: يا غبي يا خبل

- ‌قبول التوبة وشروطها الأربعة

- ‌من شروط الدعاء الثقة بالله والإتيان بالأسباب

- ‌لا يجوز تعطيل الأسباب لأحد مهما بلغ

- ‌جمع المصحف على حرف واحد

- ‌كيفيه التكفير عن المعاصي

- ‌توبة الزاني

- ‌الحفظ والتفقه في الدين لتعليم أهل القريةوالصلاة بهم عمل صالح تشكر وتؤجر عليه

- ‌الواجب على العاق لوالديه الاستغفاروالدعاء لهما بعد موتهما

- ‌حكم الصلاة خلف من يتبرك بالقبور

- ‌الصلاة خلف المبتدع

- ‌الكتابة على القبور

- ‌الفتنة بالمال أكثر وأشد

- ‌معنى الخلود في النار

- ‌حول شرعية نوادي النساء

- ‌حكم مشاهدة التليفزيون

- ‌نصيحة لمن يستمع إلى الأغاني من النساء

- ‌الاستماع إلى القرآن عبادة

- ‌لا كفارة عليك إذا لم تحلف

- ‌حكم التصوير للمضطر

- ‌التقرب بالذبح لغير اللهشرك

- ‌حكم الذبح لغير الله

- ‌رد السلام الموجه من الكاتب

- ‌حكم الدعاء جهرا

- ‌التحذير من استفتاء الجهلة وأصحاب العقيدة الباطلة

- ‌حكم العذر بالجهل في العقيدة

- ‌حكم الإقامة بين المشركين

- ‌لا تجوز الإقامة في بلد يظهر فيه الشرك والكفر إلا للدعوة إلى الله

- ‌نصيحة لمن ارتكب الفواحش ثم ندم

- ‌يجوز لساعي البريد أخذ المساعدة

- ‌أخذ الأجرة على القراءة على المرضى

- ‌كيفية علاج المرض النفسي

- ‌ أذكار وتعوذات لعلاج جميع الأمراض الحسية والمعنوية

- ‌علاج صرع الجن للإنس

- ‌صلة الرحم واجبة حسب الطاقة

- ‌من يقرأ القرآن وهو عليه شاق فله أجر

- ‌كراهية الموت

- ‌حكم التسمية بأسماء من الآيات

- ‌حول ترك السنن لتألف الناس

- ‌حكم الإسلام في إجراء العملية لإزالة التشوه الخلقي

- ‌الاغتسال بالدم منكر ظاهر ومحرم

- ‌المبتدع والعاصي

- ‌أسئلة وأجوبة تتعلق بالطبوالعاملين بالمستشفيات

- ‌نصيحة لمن أسرف على نفسه ثم تاب

- ‌جريمة الزنا والخلاص من آثاره

- ‌ليس هناك نص يحدد عمر الدنيا

- ‌حكم من لا يدري في أمور الإسلام إلا قليلا

- ‌هدم قبر لإعادة حفره وبنائه

- ‌اثبتي على توبتك

- ‌رسالة شكر إلى الملك حسينعلى منع إقامة تمثاله

- ‌نصيحة لمن ارتكب معصية وندم ثم نسي وعاد

- ‌اعدل بين أولادك

- ‌حكم تعليق التمائم على الصبيان والمرضىوتعليق الآيات القرآنية والأذكار على الجدرانفي المكاتب والمساجد

- ‌الوصية بالاستمرار في النصيحة

- ‌العقيدة الصوفية باطلة

- ‌أهمية العناية بمن يعتنق الإسلام في بلادنا

- ‌حكم إطلاق لفظة الشهيد على شخص معين

- ‌كيف أنزل الحديث

الفصل: ‌كلمة في حفل التوعية الإسلامية في الحج

‌كلمة في حفل التوعية الإسلامية في الحج

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، أما بعد: فإني أشكر الله عز وجل على ما من به علينا وعلى حجاج بيت الله الحرام من أداء مناسك الحج في أمن وعافية وسلامة وهدوء، والحمد لله جل وعلا على ذلك، ونسأله سبحانه أن يتقبل منا ومن جميع حجاج بيت الله الحرام، كما أسأله سبحانه أن يوفق حكومتنا لكل خير وأن يجزيها عما فعلت من التسهيل لحجاج بيت الله الحرام لأداء مناسكهم أفضل الجزاء، وأن يعينها على كل ما فيه صلاح العباد والبلاد كما أسأله سبحانه أن يجزي أيضا العاملين في هذه الدولة من عسكريين ومدنيين أحسن الجزاء عما فعلوا من الخير، وأن يضاعف مثوبتهم على ما فعلوه من تيسير وتسهيل وإعانة لإخوانهم حجاج بيت الله الحرام، وأسأله عز وجل أن يتقبل من الجميع عملهم وحجهم.

ثم إني أشكر أخي صاحب الفضيلة معالي الرئيس العام لشئون المسجد الحرام والمسجد النبوي الشيخ محمد بن عبد الله السبيل على كلمته القيمة، وتوجيهاته السديدة المفيدة، فجزاه الله خيرا، وقد أحسن

ص: 213

وأجاد في نصيحة إخوانه الدعاة، ووصيتهم بما ينبغي أن يعتمدوه في نصحهم ودعوتهم إلى الله عز وجل، وعنايتهم بإخوانهم حجاج بيت الله الحرام وغيرهم فإن الدعوة إلى الله شأنها عظيم، وهي من أهم الفرائض، وهي مهمة الرسل عليهم الصلاة والسلام، والعلماء هم ورثة الأنبياء فالواجب عليهم العناية بالدعوة، وأن تكون الأساليب التي يرجى منها حصول المطلوب والسلامة من النفور عن الحق، ويرجى منها الإفادة للمدعو وقبوله الحق، وعليهم أن يحذروا الأساليب التي يخشى منها بقاء المنكر، أو وجود ما هو أنكر منه.

فالداعي إلى الله يجب أن ينظر في أسلوب دعوته، وأن يتحرى الأساليب التي يرجى من ورائها حصول الخير والفائدة والسلامة من ضد ذلك، فجزى الله أخانا صاحب الفضيلة الشيخ محمد عن كلمته خيرا. كما أشكره أيضا على جهوده العظيمة الإصلاحية في المسجد الحرام والمسجد النبوي، وأسأل الله أن يزيده والعاملين معه من التوفيق والهداية، وأن يبارك في جهودهم وينفع بهم عباده من حجاج بيت الله الحرام وزوار هذا المسجد العظيم للعمرة وزواره للصلاة وزوار المسجد النبوي، نسأل الله أن يبارك في جهود القائمين على هذين المسجدين وأن يجعلهم هداة مهتدين.

كما أشكره أيضا هو وإخوانه، على ما يبذلونه من الدعوة إلى الله في المسجدين، وتوجيه الناس إلى الخير، وإفتائهم فيما يحتاجون إليه فجزاهم الله جميعا خيرا.

ص: 214

ثم أشكر الأمانة العامة للتوعية على جهودها في هذا السبيل سبيل تسهيل أداء المناسك لحجاج بيت الله الحرام، أشكر الأمانة والعاملين فيها على جهودهم الطيبة، في تسهيل أمر الحجيج وإعانتهم على أداء مناسكهم بما يسهل عليهم ذلك، وبما يعينهم على فهم ما أوجب الله عليهم، وعلى ترك ما حرم الله عليهم.

ولا شك أن جهود الأمانة العامة لها ثمار عظيمة، ولها فوائد جمة، ونسأل الله أن يبارك في هذه الجهود وأن يجزي العاملين فيها جزاء حسنا، وأن يثيبهم ويأجرهم على ما فعلوا، ويزيدهم من فضله، فإن الله سبحانه هو الجواد الكريم، وهو الذي يجازي العاملين بما يستحقون فنسأل الله أن يجزي العاملين في سبيله جزاء حسنا، وأن يثيبهم على ما قدموا، وأن يجعل لهم مثل ثواب إخوانهم الذين ساعدوهم في الخير، وسهلوا لهم طريق الخير.

ثم أشكر إخواني الدعاة إلى الله عز وجل، وأدعو لهم بمزيد من التوفيق، فقد بذلوا جهودا كبيرة وأسأل الله أن يجزيهم عن جهودهم خيرا، وأن يضاعف مثوبتهم، ولا شك أن الواجب عليهم عظيم، ونسأل الله أن يتقبل منهم جهودهم، وأن يعطيهم مثل أجور من هداه الله على أيديهم. قال الله عز وجل في كتابه العزيز:{قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُو إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ أَنَا وَمَنِ اتَّبَعَنِي} (1) فالدعوة

(1) سورة يوسف الآية 108

ص: 215

إلى الله هي: سبيل الأنبياء وأتباعهم على بصيرة، فنسأل الله أن يوفقنا وإخواننا الدعاة وسائر علماء المسلمين لما يرضيه، وأن يجعلنا جميعا من الدعاة إليه على بصيرة، وأن يعيننا على أداء الواجب، إنه خير مسئول.

ولا شك أن الدعاة إلى الله سبحانه في جهاد عظيم وهم جديرون بأن يبذلوا وسعهم في هذا السبيل؛ لأن الله جل وعلا قد أتاح لهم في هذا الموسم أمما كثيرة من سائر أرجاء الدنيا في حاجة إلى الدعوة والتوجيه فيما يتعلق بالعقيدة، ومناسك الحج، وفيما يتعلق بأحكام الدين، فهم جديرون بأن يوجهوهم ويرشدوهم إلى ما يجب عليهم وإلى ما يحرم عليهم حتى يفعلوا ما شرع الله، ويدعوا ما حرم الله.

وأسأل الله أن يبارك أعمالهم، وأن ينفع بها عباده المسلمين، وأن يجزيهم عن ذلك جزاء حسنا، وأن يجعلهم من الهداة المهتدين، ولا ريب أن الحجاج في أشد الحاجة إلى الدعوة والتوجيه والإرشاد، فالواجب أن تكون دعوتهم بالأساليب الحسنة التي يرجى منها قبول الحق وترك الباطل، قال الله جل وعلا:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (1) فهذه الطريقة التي رسمها الله لعباده، فيها الخير العظيم، فيها توجيه الناس وإرشادهم بالعلم والحكمة، فإن الحكمة هي: العلم وذلك بوضع الأمور في مواضعه عن علم وبصيرة، ثم الموعظة الحسنة

(1) سورة النحل الآية 125

ص: 216

بالترغيب والترهيب، ثم الجدال بالتي هي أحسن: لإزالة الشبه وإيضاح الحق.

وبذلك يحصل المطلوب ويزول المرهوب بخلاف الشدة والغلظة، فإنه يترتب عليها شر عظيم، وعواقب وخيمة منها: عدم قبول الحق، ومنها: أنه قد يقع بذلك منكرات أخرى. قال الله جل وعلا: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (1) وقال الله عز وجل لموسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (2)

فالواجب على الدعاة أن يسلكوا المسالك التي يرونها ناجحة مفيدة صالحة لإرشاد المدعوين وتوجيههم إلى الخير، ولا شك أن الحكمة في الدعوة والتبصر فيها من أهم المهمات، والدعوة إلى الله أحسن ما يبذله المسلم في نفع غيره، قال الله عز وجل:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا} (3) وموسم الحج من أحسن مواضعها وأوقاتها، فالحج فرصة للدعاة إلى الله لينشروا فيه دعوة الحق، ويرشدوا فيه الخلق إلى ما خلقوا له من توحيد الله وطاعته، ويحذرهم عما نهى الله عنه من سائر الأخلاق والأعمال، فهي نعمة من الله عظيمة على من دعا إلى الله عز وجل ونعمة من الله عظيمة على المدعوين. فنسأل الله أن يجزي الداعين خيرا، وأن يثيبهم عن دعوتهم، وأن يزيدهم علما إلى علمهم، وخيرا إلى

(1) سورة آل عمران الآية 159

(2)

سورة طه الآية 44

(3)

سورة فصلت الآية 33

ص: 217

خيرهم، وأن يجعلهم هداة مهتدين، وأن ينفع المدعوين بما سمعوا، وبما شاهدوا وأن يرزقهم البصيرة، والفقه في الدين، كما أسأله سبحانه أن يجزي ولاة أمرنا عما فعلوا وبذلوا من الخير، في إعانة الدعاة على أداء واجبهم، وفي إعانة الحجاج على أداء مناسكهم، نسأل الله أن يجزيهم على ذلك الجزاء الحسن، وأن يضاعف مثوبتهم، وأن يزيدهم من كل خير وأن يعينهم على إزالة كل شر.

وإن واجب العلماء النصيحة لله، ولعباده، والنصيحة لولاة الأمور بالمكاتبة والمشافهة للأمير، والرئيس، لكل ولي أمر من ملك، أو رئيس جمهورية، أو أمير ورئيس عشيرة، أو جماعة إلى غير ذلك، فكل من له رئاسة، وكل من له شيء يستطيع أن يتصرف فيه، هو جدير بأن ينصح ويوجه، حتى يبذل جهوده في من تحت يديه، هذا واجب العلماء أينما كانوا في مشارق الأرض ومغاربها وفي هذه الدولة، وفي هذه البقعة بصورة خاصة، وفي بقاع الدنيا عامة.

والواجب على العلماء أن يرشدوا الناس إلى توحيد الله وطاعته، ويتعاونوا مع ولاة الأمور بالحكمة، والأسلوب الحسن، والكلام الطيب، والنصيحة الطيبة وبالمشافهة والمكاتبة، واجتناب الألفاظ والوسائل التي قد تنفر من الحق، وقد تضر الدعوة، يجب على العلماء أينما كانوا أن يكونوا بصيرين في أمر الدعوة، وأن يتحروا الأسباب والوسائل التي يرجى من ورائها حصول المطلوب، وأن يحذروا كل سبب، وكل وسيلة يخشى من ورائها عدم حصول المطلوب، أو حصول ضده، هذا هو الواجب على الجميع.

ص: 218

وفي مكة المكرمة كان نبينا عليه الصلاة والسلام يدعو الناس بالكلام الطيب والأسلوب الحسن حسب الطاقة والإمكان، ويتابع البعد عن كل ما يضر الدعوة، وهكذا لما هاجر إلى المدينة فعل ذلك حتى شرع الله الجهاد، وأعطاه قوة، فعند ذلك جاهد الناس، وشرع في قتال الكفار إلى أن يستجيبوا للحق.

وعلى الدعاة إلى الله أن يسلكوا مسلك الأنبياء عليهم الصلاة والسلام، وأن يجتهدوا في إيصال الدعوة إلى المدعوين بالطرق التي يرجى منها حصول المطلوب. وإذا قوي من له سلطان، قام على تنفيذ الحق بالقوة بطريقة يحصل بها المطلوب، ولا يحصل منها ضده. وهذا هو الواجب على ولاة الأمور أن يقيموا الحق بالطريقة التي يمكن بها تنفيذه بدون حصول ما هو شر ومنكر.

والواجب على الدعاة إلى الله أن يبلغوا ولاة الأمور الحق، بالوسائل الكتابية، والشفهية حتى يحصل التعاون بين الجميع بين السلطان وبين الأمير وبين كبير القبيلة وبين كبير الأسرة حتى يحصل التعاون بين الجميع بالأسلوب الحسن والدعوة المباركة، ولا شك أن الدعوة إلى الله عز وجل يدخل فيها الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، كما أن الدعوة تدخل في الأمر والنهي عند الإطلاق. كما قال تعالى في كتابه العظيم:{وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا} (1) وهكذا قوله جل وعلا: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ} (2) الآية تعم الدعاة وتعم الأمر بالمعروف والنهي عن

(1) سورة فصلت الآية 33

(2)

سورة النحل الآية 125

ص: 219

المنكر، وتعم كل من قام بالإصلاح، والدعوة إلى الله عز وجل، في درس أو مجلس، أو غير ذلك، وهكذا الأمر بالمعروف، إذا أطلق دخلت فيه الدعوة، كما في قوله جل وعلا:{كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} (1) فالواجب على كل إنسان أن يبذل وسعه في تنفيذ الحق حسب طاقته، فالسلطان عليه واجبه الأعظم حسب طاقته، والأمير في القرية أو البلد أو القبيلة عليه تنفيذ الحق حسب طاقته بالفعل والقول جميعا، وكبير الأسرة وصاحب البيت عليه تنفيذ الحق بالقول وبالعمل حسب طاقته ومع أولاده وأهله، وهكذا كل إنسان عليه أن يعمل حسب طاقته، كما قال الله عز وجل {فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ} (2) وكما قال عليه الصلاة والسلام «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الإيمان (3) » .

فمن كان يستطيع بيده مثل السلطان والأمير فيما حدد له، والهيئة فيما حدد لها، وصاحب البيت فيما يقدر عليه، نفذ الأمر بيده، ومن كان بصفة أخرى نفذ بالكلام والتوجيه والإرشاد وبالتي هي أحسن حتى يحصل الحق، وحتى يزول الباطل، وعليه أن يستمر ولا ييأس ويرجو ما عند

(1) سورة آل عمران الآية 110

(2)

سورة التغابن الآية 16

(3)

رواه مسلم في الإيمان برقم 70 واللفظ له، ورواه الترمذي في الفتن برقم 2098، والنسائي في الإيمان وشرائعه برقم 4922.

ص: 220

الله من المثوبة فيصبر، كما قال الله عز وجل:{وَالْعَصْرِ} (1){إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (2){إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (3) هذه صفة الرابحين، والمؤمنين السعداء، إيمان صادق وعمل صالح، وتواص بالحق وتواص بالصبر، وقال تعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (4) وقال النبي صلى الله عليه وسلم: «من كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته (5) » ويقول جل وعلا: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ} (6) فالواجب نصر الله والعناية بأمره، والاجتهاد في ذلك ويشرع للمؤمن أن يجتهد في أن يكون في حاجة أخيه الدينية والدنيوية وأن يعينه على الخير حسب طاقته وبهذا تجتمع القلوب، ويحصل التعاون والتآلف والمحبة في الله، وكثرة الخير وقلة الشر.

فنسأل الله أن يوفق المسلمين لما يرضيه وأن يوفقنا جميعا لكل ما فيه صلاح العباد والبلاد أينما كانوا. كما أسأله سبحانه أن يوفق جميع المسئولين لما يرضيه في كل مكان وأن يصلح بطانتهم وأن يصلح

(1) سورة العصر الآية 1

(2)

سورة العصر الآية 2

(3)

سورة العصر الآية 3

(4)

سورة المائدة الآية 2

(5)

رواه البخاري في المظالم والغصب برقم 2262، ومسلم في البر والصلة برقم 4677 واللفظ متفق عليه.

(6)

سورة محمد الآية 7

ص: 221

العلماء ويعينهم على أداء الواجب، كما أسأله سبحانه أن يوفق ولاة أمور المسلمين في كل مكان للحكم بشريعته، والتحاكم إليها، والفقه فيها، كما أسأله أن يوفق ولاة أمرنا لكل خير وعلى رأسهم خادم الحرمين الشريفين وأن ينصر بهم الحق، وأن يوفقهم لكل ما فيه صلاح العباد والبلاد وأن يمنحهم الفقه في الدين وأن يجعلهم هداة مهتدين، وأن يوفق علماءنا وجميع المسلمين للتعاون على البر والتقوى إنه خير مسئول، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.

ص: 222