المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌بيان حقوق ولاة الأمور على الأمة - مجموع فتاوى ومقالات متنوعة - ابن باز - جـ ٩

[ابن باز]

فهرس الكتاب

- ‌الوصية بكتاب الله (القرآن الكريم)

- ‌الإجابة عن أسئلة متفرقة بعد المحاضرة

- ‌التواصي بالحق

- ‌أقسام التوحيد

- ‌أسئلة وأجوبتها بعد تعليق سماحته

- ‌التوحيد أولا

- ‌أمور التوحيد.. لا عذر فيها

- ‌كلمة توجيهية في الدورة الرابعة والثلاثين للمجلس التأسيسي لرابطة العالم الإسلامي بمكة المكرمة عام (1416 ه

- ‌الحث على العناية بكتاب الله وتعلمه

- ‌بيان حقوق ولاة الأمور على الأمة

- ‌حول طاعة الأمير

- ‌حكم التبرك بآثار النبي صلى الله عليه وسلم والتوسل به

- ‌تعليق على الكلمة الطيبة التي تفضل بها صاحبالفضيلة الشيخ \ محمد ناصر الدين الألباني

- ‌بيان أهمية الفقه الإسلامي

- ‌وجوب وقاية النفس والأهل من النار

- ‌تنبيه على ما وقع من الغلو في قصيدةالمدعو محمد بدر الدين المنشورة فيمجلة الرابطة عدد 368 في شهر جمادى الآخرةمن عام 1416 ه

- ‌نصيحة حول الزلازل

- ‌من حكمة الله تعالى ابتلاء العبادبالمصائب والفتن، منها الزلازل

- ‌الخشوع لا يصرف للرسول عليه الصلاة والسلام

- ‌تقريظ وتحبيذعلى قصيدة الشيخ راشد بن صالح الخنينالعلامة الورع التقي الغيور على الحق

- ‌تقريظ على قصيدة الشيخ \ صالح بن حسين العلي

- ‌الفرق بين الكفر والشرك

- ‌السنة ومكانتها في الإسلام وفي أصول التشريع

- ‌بيان حكم الشرع في الجارودي على ضوء المقابلة معه في مجلة المجلة

- ‌تحذير وبيان عن مؤتمر بكين للمرأة

- ‌معنى تنقض عرى الإسلام عروة عروة

- ‌الإمام ابن تيمية لم يستحسن الاحتفال بالمولد النبوي

- ‌كلمة في حفل التوعية الإسلامية في الحج

- ‌موقف الدعاة والعلماء من كثرة انتشار الباطل

- ‌رد على المفترين على العلماء

- ‌الوهابية لا تناصب آل البيت العداءبل هي على طريقة السلف الصالح

- ‌الإجابة عن عدة أسئلة لصحيفة المدينةرد الافتراء على شيخ الإسلام محمد بن عبد الوهابرحمه الله ودعوته

- ‌حول تفضيل أحد الأولاد على الآخرين في العطاء

- ‌حول اعتماد طالب العلم أو الداعية على الكتب الفكرية والثقافية وعدم قراءة الكتب الشرعية

- ‌نصيحة للدعاة في عدم استعجال ثمار دعوتهم

- ‌ليس الحنابلة هم السلفيون فقط

- ‌تحذير من الوقوع في أعراض الناس والغيبة

- ‌نصيحة عامة للمسئولين الأفغان

- ‌دعوة إلى دعمالهيئة العليا للبوسنة والهرسك

- ‌حث المسلمين على التبرعومساعدة إخوانهم المحتاجين

- ‌حادث التفجير في الرياض جريمة عظيمة. وفساد في الأرض وظلم كبير

- ‌دعوة إلى المساهمة المادية في تحفيظ القرآن الكريم

- ‌تحذير من سؤال الكهنة والعرافين وتصديقهم

- ‌الكهان يدعون الغيب بواسطة شياطينهم

- ‌إتيان الكهان تعلق بخيط العنكبوت

- ‌أسئلة مهمة وأجوبتها

- ‌ الأعور الدجال

- ‌ رؤية الله وكلامه لخلقه يوم القيامة

- ‌ سؤال حول ترجمة الكتب المعرفة للإسلام بعدة لغات

- ‌حكم الدخول بالمصحف إلى الحمام وحكم تمزيق الأوراق المكتوب فيها آيات قرآنية

- ‌الإجابة عن أسئلة لجريدة المدينة

- ‌ كيفية علاج الكبر واكتساب التواضع

- ‌ إصلاح ذات البين

- ‌ دعاة الباطل

- ‌ الاحتفال بضرب النفس بالسيف عمل منكر

- ‌ ما يسمى بعصيدة بنت النبي بدعة منكرة

- ‌ ادعاء أن عليا حارب الجن كذب لا أصل له

- ‌ تفسير الآية (258) من سورة البقرة

- ‌حكم صيام من لا يصلي إلا في رمضان

- ‌أسئلة متفرقة والإجابة عنها

- ‌هذا الحديث غير صحيح

- ‌حول أعمال الدراويش الخادعة

- ‌إخراج الثعابين من البيت بالكلام الطيب ليس بسحر

- ‌الخضر مات قبل بعثة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌حكم وضع القرآن الكريم على الأرض

- ‌حكم تقبيل المصحف

- ‌حكم قراءة القرآن على طريقة المغنيين

- ‌كلمة سيد فلان

- ‌رفع اليدين في الدعاء

- ‌دعاء الصباح والمساء

- ‌كيفية بر الوالدين بعد موتهما

- ‌خروج النساء للدعوة

- ‌لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم

- ‌حكم السفر إلى بلاد المشركين

- ‌حكم الرجوع في عطية الوالد لابنه

- ‌حكم مساعدة العاق لوالديه

- ‌علاج الوساوس والشك في العبادة

- ‌الدليل على قتل المرتد عن الإسلام

- ‌حول صحف إبراهيم وموسى

- ‌حول دعاء الركوب في المصعد

- ‌حول كلمة منة الله ولا منة خلقه

- ‌الخروج مع جماعة التبليغ

- ‌ليس في نسيان الآيات إثم

- ‌لم يمد الرسول صلى الله عليه وسلم يده لأحد من قبره

- ‌يأجوج ومأجوج من بني آدم

- ‌نصيحة الوالد الذي يرتكب المعاصي

- ‌الواجب الثبات على الحق وعدم الطاعة في معصية الخالق

- ‌طائفة عبد الله الحبشي ضالة

- ‌دور المراكز الإسلامية وكراسي الدراساتالإسلامية في خدمة الإسلام

- ‌حول كلمة الولاء للوطن

- ‌بدع في العزاء

- ‌حكم قراءة القرآن على قبر الميت

- ‌حكم إهداء الصلاة للغير

- ‌القراءة على الأموات

- ‌هذا العمل شرك أكبر

- ‌الدعاء بقول (بحق محمد) لا يجوز

- ‌حكم أكل المسلم مع الكافر

- ‌المملكة تنفذ الأحكام الشرعية ولو لم ترض الحكومات

- ‌حكم التوسل بذات النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌هذا الكلام بدعة ومنكر ولا أصل له

- ‌على الشباب سلوك الطريق الصحيح في التفقه في الدين

- ‌وجوب التكاليف على الأصم والأبكم

- ‌التعلم والتفقه في الدين واجب إذا تيسر في المدرسة

- ‌لا تجوز النياحة على الميت

- ‌حكم الطعن في الأنساب والنياحة على الميت

- ‌يجوز الضرب الخفيف للتأديب

- ‌حول كلمة صدق الله العظيم

- ‌لا يجوز الحلف بالصلاة ولا بالذمة

- ‌الكيفية الصحيحة للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر

- ‌إنكار المنكر واجب على الجميع دون استثناء

- ‌كيفية إنكار البدع الظاهرة

- ‌الأوقات التي تجاب فيها الدعوات

- ‌حكم قول المسلم للمسلم: يا غبي يا خبل

- ‌قبول التوبة وشروطها الأربعة

- ‌من شروط الدعاء الثقة بالله والإتيان بالأسباب

- ‌لا يجوز تعطيل الأسباب لأحد مهما بلغ

- ‌جمع المصحف على حرف واحد

- ‌كيفيه التكفير عن المعاصي

- ‌توبة الزاني

- ‌الحفظ والتفقه في الدين لتعليم أهل القريةوالصلاة بهم عمل صالح تشكر وتؤجر عليه

- ‌الواجب على العاق لوالديه الاستغفاروالدعاء لهما بعد موتهما

- ‌حكم الصلاة خلف من يتبرك بالقبور

- ‌الصلاة خلف المبتدع

- ‌الكتابة على القبور

- ‌الفتنة بالمال أكثر وأشد

- ‌معنى الخلود في النار

- ‌حول شرعية نوادي النساء

- ‌حكم مشاهدة التليفزيون

- ‌نصيحة لمن يستمع إلى الأغاني من النساء

- ‌الاستماع إلى القرآن عبادة

- ‌لا كفارة عليك إذا لم تحلف

- ‌حكم التصوير للمضطر

- ‌التقرب بالذبح لغير اللهشرك

- ‌حكم الذبح لغير الله

- ‌رد السلام الموجه من الكاتب

- ‌حكم الدعاء جهرا

- ‌التحذير من استفتاء الجهلة وأصحاب العقيدة الباطلة

- ‌حكم العذر بالجهل في العقيدة

- ‌حكم الإقامة بين المشركين

- ‌لا تجوز الإقامة في بلد يظهر فيه الشرك والكفر إلا للدعوة إلى الله

- ‌نصيحة لمن ارتكب الفواحش ثم ندم

- ‌يجوز لساعي البريد أخذ المساعدة

- ‌أخذ الأجرة على القراءة على المرضى

- ‌كيفية علاج المرض النفسي

- ‌ أذكار وتعوذات لعلاج جميع الأمراض الحسية والمعنوية

- ‌علاج صرع الجن للإنس

- ‌صلة الرحم واجبة حسب الطاقة

- ‌من يقرأ القرآن وهو عليه شاق فله أجر

- ‌كراهية الموت

- ‌حكم التسمية بأسماء من الآيات

- ‌حول ترك السنن لتألف الناس

- ‌حكم الإسلام في إجراء العملية لإزالة التشوه الخلقي

- ‌الاغتسال بالدم منكر ظاهر ومحرم

- ‌المبتدع والعاصي

- ‌أسئلة وأجوبة تتعلق بالطبوالعاملين بالمستشفيات

- ‌نصيحة لمن أسرف على نفسه ثم تاب

- ‌جريمة الزنا والخلاص من آثاره

- ‌ليس هناك نص يحدد عمر الدنيا

- ‌حكم من لا يدري في أمور الإسلام إلا قليلا

- ‌هدم قبر لإعادة حفره وبنائه

- ‌اثبتي على توبتك

- ‌رسالة شكر إلى الملك حسينعلى منع إقامة تمثاله

- ‌نصيحة لمن ارتكب معصية وندم ثم نسي وعاد

- ‌اعدل بين أولادك

- ‌حكم تعليق التمائم على الصبيان والمرضىوتعليق الآيات القرآنية والأذكار على الجدرانفي المكاتب والمساجد

- ‌الوصية بالاستمرار في النصيحة

- ‌العقيدة الصوفية باطلة

- ‌أهمية العناية بمن يعتنق الإسلام في بلادنا

- ‌حكم إطلاق لفظة الشهيد على شخص معين

- ‌كيف أنزل الحديث

الفصل: ‌بيان حقوق ولاة الأمور على الأمة

‌بيان حقوق ولاة الأمور على الأمة

[أوضح سماحة الشيخ عبد العزيز بن باز مفتي عام المملكة العربية السعودية حقوق ولاة الأمور، ووجوب طاعتهم في غير معصية الله تعالى مستشهدا بما جاء في ذلك من الآيات والأحاديث النبوية وأشار سماحته إلى أصول الدعوة الإسلامية في الدولة السعودية محذرا من الدعوات الباطلة والضالة واصفا أصحابها بأنهم دعاة شر عظيم وجاء ذلك خلال ندوة عقدت بالجامع الكبير بالرياض مساء الخميس ليلة الجمعة 1 \ 5 \ 1417 هـ تحت عنوان: " بيان حقوق ولاة الأمور على الأمة بالأدلة من الكتاب والسنة، وبيان ما يترتب على الإخلال بذلك " حيث قال:] .

الحمد لله رب العالمين، والعاقبة للمتقين، والصلاة والسلام على نبيه ورسوله وخليله وأمينه على وحيه نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله وعلى آله وأصحابه، ومن سلك سبيله، واهتدى بهداه إلى يوم الدين، أما بعد:

فلا ريب أن الله جل وعلا أمر بطاعة ولاة الأمر والتعاون معهم على البر والتقوى، والتواصي بالحق والصبر عليه، فقال جل وعلا:

ص: 93

{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ إِنْ كُنْتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلًا} (1)

هذا هو الطريق؛ طريق السعادة، وطريق الهداية، وهو طاعة الله ورسوله في كل شيء، وطاعة ولاة الأمور في المعروف من طاعة الله ورسوله، ولهذا قال جل وعلا:{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الْأَمْرِ مِنْكُمْ} (2) فطاعة ولي الأمر تابعة لطاعة الله ورسوله، فإن أولي الأمر هم الأمراء والعلماء، والواجب طاعتهم في المعروف، أما إذا أمروا بمعصية الله سواء كان أميرا أو ملكا أو عالما، أو رئيس جمهورية، أو غير ذلك، فلا طاعة له في ذلك كما قال النبي صلى الله عليه وسلم:«إنما الطاعة في المعروف (3) » والله يقول: {وَلَا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ} (4) يخاطب النبي عليه الصلاة والسلام، ويقول الله عز وجل:{فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَأَطِيعُوا وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ} (5) فالله أمر بالتقوى، والسمع، والطاعة، يعني: في المعروف، لذا فإن النصوص يشرح بعضها بعضا، ويدل بعضها على بعض فالواجب على جميع المكلفين التعاون مع ولاة

(1) سورة النساء الآية 59

(2)

سورة النساء الآية 59

(3)

رواه البخاري في كتاب الأحكام برقم 6612، ومسلم في الإمارة برقم 3424، والنسائي في البيعة برقم 4134، وأبو داود في الجهاد برقم 2256، وأحمد في مستند العشرة المبشرين بالجنة برقم 686.

(4)

سورة الممتحنة الآية 12

(5)

سورة التغابن الآية 16

ص: 94

الأمور في الخير، والطاعة في المعروف، وحفظ الألسنة عن أسباب الفساد، والشر، والفرقة، والانحلال، ولهذا يقول الله جل وعلا:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (1) أي: ردوا الحكم في ذلك إلى كتاب الله، وإلى سنة رسوله صلى الله عليه وسلم في اتباع الحق والتلاقي على الخير والتحذير من الشر، هذا هو طريق أهل الهدى، وهذا هو طريق المؤمنين.

أما من أراد دفن الفضائل والدعوة إلى الفساد والشر ونشر كل ما يقال مما فيه قدح بحق أو باطل فهذا هو طريق الفساد، وطريق الشقاق، وطريق الفتن، أما أهل الخير والتقوى فينشرون الخير ويدعون إليه ويتناصحون بينهم فيما يخالف ذلك حتى يحصل الخير ويحصل الوفاق والاجتماع والتعاون على البر والتقوى لأن الله جل وعلا يقول:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (2) ويقول سبحانه: {وَالْعَصْرِ} (3){إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (4){إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (5)

ومعلوم ما يحصل من ولاة الأمر المسلمين من الخير والهدى والمنفعة العظيمة. من إقامة الحدود، ونصر الحق، ونصر المظلوم وحل المشاكل، وإقامة الحدود، والقصاص والعناية بأسباب الأمن والأخذ على يد السفيه والظالم، إلى غير هذا من المصالح العظيمة، وليس الحاكم معصوما إنما العصمة للرسل عليهم الصلاة

(1) سورة النساء الآية 59

(2)

سورة المائدة الآية 2

(3)

سورة العصر الآية 1

(4)

سورة العصر الآية 2

(5)

سورة العصر الآية 3

ص: 95

والسلام فيما يبلغون عن الله عز وجل، لكن الواجب التعاون مع ولاة الأمور في الخير والنصيحة فيما قد يقع من الشر والنقص، هكذا فهم المؤمنون، وهكذا أمر الرسول صلى الله عليه وسلم. أمر بالسمع والطاعة لولاة الأمور، والنصيحة لهم، كما قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الله يرضى لكم ثلاثا ويسخط لكم ثلاثا يرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا وأن تناصحوا من ولاه الله أمركم (1) » الحديث، ويقول عليه الصلاة والسلام:«الدين النصيحة، الدين النصيحة، الدين النصيحة، قالوا: يا رسول الله لمن؟ قال: لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (2) » وقال عليه الصلاة والسلام: «من ولي عليه وال فرآه يأت شيئا من معصية الله فليكره ما يأتي من معصية الله ولا ينزعن يدا من طاعة (3) » ولما سئل عن ولاة الأمر الذين لا يؤدون ما عليهم قال صلى الله عليه وسلم: «أدوا الحق الذي عليكم لهم وسلوا الله الذي لكم (4) » فكيف إذا كان ولاة الأمور حريصين على إقامة الحق، وإقامة العدل، ونصر المظلوم، وردع الظالم، والحرص على استتباب الأمن، وعلى حفظ نفوس المسلمين ودينهم وأموالهم وأعراضهم، فيجب التعاون معهم

(1) رواه الإمام أحمد في باقي مستند المكثرين برقم 8444، ومالك في الموطأ في كتاب الجامع برقم 1572.

(2)

رواه الترمذي في البر والصلة برقم 1849، والنسائي في البيعة برقم 4128، وأبو داود في الأدب برقم 4293.

(3)

رواه مسلم في الإمارة برقم 3448، وأحمد في باقي مسند الأنصار برقم 22856.

(4)

رواه مسلم في الفتن برقم 2116 بلفظ '' أدوا إليهم حقهم وسلوا الله الذي لكم '' ورواه أحمد في مسند المكثرين من الصحابة برقم 3458.

ص: 96

على الخير وعلى ترك الشر ويجب الحرص على التناصح والتواصي بالحق حتى يقل الشر ويكثر الخير.

وقد من الله على هذه البلاد بدعوة الشيخ الإمام محمد بن عبد الوهاب رحمة الله عليه ومناصرة جد هذه الأسرة الإمام محمد بن سعود رحمه الله لهذه الدعوة، وحصل بذلك من الخير العظيم ونشر العلم والحق، ونشر الهدى، والقضاء على الشرك، وعلى وسائل الشرك، وعلى قمع أنواع الفساد من البدع والضلالات ما يعلمه أهل العلم والإيمان ممن سبر هذه الدعوة، وشارك فيها، وناصر أهلها.

فصارت هذه البلاد مضرب المثل في توحيد الله والإخلاص له، والبعد عن البدع والضلالات، ووسائل الشرك حتى جرى ما جرى من الفتنة المعلومة التي حصل بسببها العدوان على هذه الدعوة وأهلها، ثم جمع الله الشمل على يدي الإمام تركي بن عبد الله بن محمد بن سعود والد الإمام فيصل بن تركي رحمة الله على الجميع، ثم على يد ابنه فيصل بن تركي، ثم على يد ابن ابنه عبد الله بن فيصل بن تركي ثم حصلت فجوة بعد موت الإمام عبد الله بن فيصل رحمه الله فجاء الله بالملك عبد العزيز ونفع الله به المسلمين، وجمع الله به الكلمة، ورفع به مقام الحق، ونصر به دينه، وأقام به الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحصل به من العلم العظيم والنعم الكثيرة، وإقامة العدل، ونصر الحق، ونشر الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى ما لا يحصيه إلا الله عز وجل، ثم سار على ذلك أبناؤه من بعده في إقامة الحق، ونشر العدل، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر.

ص: 97

فالواجب على جميع المسلمين في هذه المملكة التعاون مع هذه الدولة في كل خير وهكذا كل من يقوم بالدعوة إلى الله ونشر الإسلام والدعوة إلى الحق يجب التعاون معه في المشارق وفي المغارب، فكل دولة تدعو للحق، وتدعو إلى تحكيم شريعة الله، وتنصر دين الله يجب التعاون معها أينما كانت.

وهذه الدولة السعودية دولة مباركة نصر الله بها الحق، ونصر بها الدين، وجمع بها الكلمة، وقضى بها على أسباب الفساد وأمن الله بها البلاد، وحصل بها من النعم العظيمة ما لا يحصيه إلا الله، وليست معصومة، وليست كاملة، كل فيه نقص فالواجب التعاون معها على إكمال النقص، وعلى إزالة النقص، وعلى سد الخلل بالتناصح والتواصي بالحق والمكاتبة الصالحة، والزيارة الصالحة، لا بنشر الشر والكذب، ولا بنقل ما يقال من الباطل؛ بل يجب على من أراد الحق أن يبين الحق ويدعو إليه، وأن يسعى في إزالة النقص بالطرق السليمة وبالطرق الطيبة وبالتناصح والتواصي بالحق هكذا كان طريق المؤمنين وهكذا حكم الإسلام، وهكذا طريق من يريد الخير لهذه الأمة، أن يبين الخير والحق وأن يدعو إليه، وأن يتعاون مع ولاة الأمور في إزالة النقص، وإزالة الخلل، هكذا أوصى الله جل وعلا بقوله سبحانه:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (1)

ويقول سبحانه:

(1) سورة المائدة الآية 2

ص: 98

{وَالْعَصْرِ} (1){إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (2){إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (3) فالدين النصيحة، الدين النصيحة، فمن أهم الواجبات التعاون مع ولاة الأمور في إظهار الحق، والدعوة إليه، وقمع الباطل والقضاء عليه وفي نشر الفضيلة ومحاربة الرذيلة بالطرق الشرعية.

ويجب على الرعية التعاون مع ولاة الأمور، ومع الهيئات، ومع كل داع إلى الحق، يجب التعاون على الحق وعلى إظهاره والدعوة إليه، وعلى ترك الفساد والقضاء عليه، هذا هو الواجب على جميع المسلمين، بالطرق التي شرعها الله في قوله سبحانه:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ} (4) وفي قوله سبحانه: {وَمَنْ أَحْسَنُ قَوْلًا مِمَّنْ دَعَا إِلَى اللَّهِ وَعَمِلَ صَالِحًا} (5)

وفي قوله سبحانه: {وَلَا تُجَادِلُوا أَهْلَ الْكِتَابِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ} (6) وفي قوله سبحانه: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ} (7) الآية. وفي قوله عز وجل لموسى وهارون لما بعثهما إلى فرعون: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} (8)

(1) سورة العصر الآية 1

(2)

سورة العصر الآية 2

(3)

سورة العصر الآية 3

(4)

سورة النحل الآية 125

(5)

سورة فصلت الآية 33

(6)

سورة العنكبوت الآية 46

(7)

سورة آل عمران الآية 159

(8)

سورة طه الآية 44

ص: 99

أما ما يقوم به الآن محمد المسعري وسعد الفقيه وأشباههما من ناشري الدعوات الفاسدة الضالة فهذا بلا شك شر عظيم، وهم دعاة شر عظيم، وفساد كبير، والواجب الحذر من نشراتهم، والقضاء عليها، وإتلافها، وعدم التعاون معهم في أي شيء يدعو إلى الفساد والشر والباطل والفتن؛ لأن الله أمر بالتعاون على البر والتقوى لا بالتعاون على الفساد والشر، ونشر الكذب، ونشر الدعوات الباطلة التي تسبب الفرقة واختلال الأمن إلى غير ذلك.

هذه النشرات التي تصدر من الفقيه، أو من المسعري أو من غيرهما من دعاة الباطل ودعاة الشر والفرقة يجب القضاء عليها وإتلافها وعدم الالتفات إليها، ويجب نصيحتهم وإرشادهم للحق، وتحذيرهم من هذا الباطل، ولا يجوز لأحد أن يتعاون معهم في هذا الشر، ويجب أن ينصحوا، وأن يعودوا إلى رشدهم، وأن يدعوا هذا الباطل ويتركوه. ونصيحتي للمسعري والفقيه وابن لادن وجميع من يسلك سبيلهم أن يدعوا هذا الطريق الوخيم، وأن يتقوا الله ويحذروا نقمته وغضبه، وأن يعودوا إلى رشدهم، وأن يتوبوا إلى الله مما سلف منهم، والله سبحانه وعد عباده التائبين بقبول توبتهم، والإحسان إليهم، كما قال سبحانه:{قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ} (1){وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ} (2) وقال سبحانه: {وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (3) والآيات في هذا المعنى كثيرة.

(1) سورة الزمر الآية 53

(2)

سورة الزمر الآية 54

(3)

سورة النور الآية 31

ص: 100

والمقصود أن الواجب على جميع المسلمين التعاون مع ولاة الأمور في الخير والهدى والصلاح حتى يحصل الخير ويستتب الأمن، وحتى يقضى على الظلم، وحتى ينصر المظلوم، وحتى تؤدى الحقوق، هذا هو الواجب على المسلمين التعاون مع الولاة، ومع القضاة، ومع الدعاة إلى الله، ومع كل مصلح في إيجاد الحق، والدعوة إليه وفي نصر المظلوم، وردع الظالم وإقامة أمر الله، وفي الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر والدعوة إلى الخير والتخلص من الباطل، ويجب التعاون والتناصح لمن حاد عن الخير فينصح ويوجه إلى الخير وأسباب النجاة حتى يحصل الخير العظيم، والمصالح العامة، وحتى يقضى على الفساد والشر والاختلاف بالطرق الشرعية، والناس في خير ما تناصحوا وتعاونوا على البر والتقوى، فإذا تعاونوا على الباطل وعلى الشر والفساد ساد البلاء ونزع الأمن وانتصر الباطل، ودفن الحق وهذا هو الذي يحبه الشيطان والذي يدعو إليه شياطين الإنس والجن، فالواجب الحذر مما يدعو إليه شياطين الإنس والجن، والتواصي بكل أسباب الأمن، وبكل أسباب الخير والهدى، والتواصي بالتعاون مع ولاة الأمور، في كل خير، ومع كل من يدعو إلى الخير، وإقامة أمر الله، وفي نصر الحق وفي إقامة المعروف، والتعاون مع كل مصلح فيما يدحض الباطل وفي التحذير من الباطل، والتحذير من أسباب الفرقة والاختلاف.

ص: 101

هذا هو الواجب كما قال سبحانه وتعالى: {وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} (1) وقال جل وعلا: {وَالْعَصْرِ} (2){إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (3){إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (4) وقال سبحانه: {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (5) هذا هو الذي فيه النجاة والإيمان الصادق والعمل الصالح والعاقبة الحميدة، وبهذا يكثر الخير ويحصل التعاون على البر والتقوى، ويدحض الشر، وتأمن البلاد، ويستتب الأمن، ويحصل التعاون على الخير، ويرتدع السفيه المفسد، وينتصر صاحب الحق وصاحب الهدى.

ونسأل الله بأسمائه الحسنى، وصفاته العلى أن يوفق الجميع للخير وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يصلح أحوال المسلمين جميعا، وأن يعيذنا وإياهم من شرور النفس، وسيئات الأعمال واتباع الهوى، وأن يعيذنا جميعا من مضلات الفتن، كما نسأله سبحانه أن يوفق ولاة أمرنا لكل خير وأن يعينهم على كل خير وأن ينصر بهم الحق، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يوفق أعوانهم للخير وأن يعيذهم من كل ما يخالف شرع الله، وأن يجعلنا وإياكم وإياهم من الهداة المهتدين.

كما نسأله سبحانه أن يصلح أحوال المسلمين في كل مكان، وأن يمنحهم الفقه في الدين، وأن يولي عليهم خيارهم، ويصلح قادتهم، وأن يجمع كلمة المسلمين على الحق والهدى إنه سميع قريب وصلى الله وسلم علي نبينا محمد وآله وصحبه.

(1) سورة المائدة الآية 2

(2)

سورة العصر الآية 1

(3)

سورة العصر الآية 2

(4)

سورة العصر الآية 3

(5)

سورة آل عمران الآية 103

ص: 102