الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما
-
603 -
حديث جابر مرفوعاً:
"لكل بني أم عصبة، إلا ابني (1) فاطمة أنا وليَّهما، وعصبتهما".
قال: صحيح.
قلت: ليس بصحيح؛ فإن فيه يحيى بن العلاء، قال أحمد: كان يضع الحديث (2)، والقاسم بن أبي شيبة، وهو متروك.
(1) في (ب): (ابنتي).
(2)
الميزان (4/ 397).
603 -
المستدرك (3/ 164): حدثنا أبو بكر بن أبي دارم الحافظ بالكوفة، ثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة، حدثني عمي القاسم بن أبي شيبة، ثنا يحيى بن العلاء، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لكل بني أم عصبة ينتمون إليهم، إلا ابني فاطمة، فأنا وليهما، وعصبتهما".
تخريجه:
الحديث ذكره في كنز العمال (12/ 114رقم 34254)، وعزاه للحاكم فقط، ولم أجد من أخرجه من طريق جابر بهذا اللفظ سوى الحاكم، وله طرق أخرى سيأتي ذكرها في شواهد الحديث. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، فتعقبه الذهبي بقوله:"ليس بصحيح؛ فإن يحيى قال أحمد: كان يضع الحديث، والقاسم متروك".
ويحيى هذا هو ابن العلاء البجلي الرازي، وتقدم في الحديث (566) أنه كذاب يضع الحديث.
والقاسم بن محمد بن أبي شيبة تقدم في الحديث (555) أنه متروك.
الحكم على الحديث:
الحديث موضوع بهذا الِإسناد لنسبة يحيى بن العلاء إلى وضع الحديث، ولشدة ضعف القاسم. وله شاهد من حديث عمر، وفاطمة الكبرى رضي الله عنها.
أما حديث عمر رضي الله عنه فلفظه: "كل ولد أب فإن عصبتهم لأبيهم، ما خلا ولد فاطمة، فإني أنا أبوهم، وعصبتهم".
أخرجه القطيعي في زياداته على الفضائل لأحمد (2/ 626رقم1070) من طريق محمد بن يونس الكديمي واللفظ له.
والطبراني في الكبير (3/ 35رقم 2631) من طريق الغلابي بنحوه، إلا أنه قال:"كل بني أنثى".
كلاهما عن بشر بن مهران، عن شريك بن عبد الله، عن شبيب بن غرقدة، عن المستظل بن حصين، عن عمر، به.
قال الهيثمي في المجمع (6/ 301): "فيه بشر بن مهران، وهو متروك".
قلت: الحديث من طريق القطيعي، والطبراني موضوع، فبالِإضافة لما ذكر الهيثمي، ففي سند القطيعي محمد بن يونس الكديمي، وتقدم في الحديث (570) أنه متهم بالوضع، وفي سند الطبراني محمد بن زكريا الغلابي، وتقدم في الحديث (563) أنه يضع الحديث. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأما حديث فاطمة الكبرى رضي الله عنها، فلفظه نحو لفظ حديث جابر.
أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 36رقم 2632).
وأبو يعلى -كما في المجمع (9/ 172 - 173) -.
والخطيب في تاريخه (11/ 285).
ومن طريق ابن الجوزي في العلل (1/ 258رقم 418).
ثلاثتهم من طريق شيبة بن نعامة، عن فاطمة بنت الحسين، عن فاطمة الكبرى، به.
قال ابن الجوزي عقبه: "هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال ابن حبان: لا يجوز الاحتجاج بشيبة بن نعامة".
وقال الهيثمي: "فيه شيبة بن نعامة ولا يجوز الاحتجاج به".
وقال عبد الله بن أحمد: "عرضت على أبي حديث عثمان -يعني ابن أبي شيبة- عن جرير عن شيبة بن نعامة عن فاطمة بنت حسين عن فاطمة الكبرى عن النبي صلى الله عليه وسلم في العصبة. وحديث جرير عن الثوري عن ابن عقيل عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد عيداً للمشركين، وعدة أحاديث من هذا النحو، فأنكرها جداً وقال: "هذه أحاديث موضوعة، أو كأنها موضوعة". اهـ. من تاريخ بغداد (11/ 284).
قلت: وفاطمة بنت الحسين روايتها عن جدتها فاطمة مرسلة -كما في التهذيب (12/ 442) -.
وعليه فالحديث من هذه الطريق ضعيف، ومتنه منكر كما تقدم عن الِإمام أحمد، وبقية الطرق لا يستقيم ضعف الحديث بها، والله أعلم.
604 -
حديث فاطمة:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاها يوماً، فقال:"أين ابناي؟ " قالت: ذهب بهما علي
…
الحديث.
قال: فيه عون بن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، وهو، وأبوه ثقتان.
قلت: بل محمد ضعفوه.
604 - المستدرك (3/ 165): حدثني عبد الأعلى بن عبد الله بن سليمان بن الأشعث السجستاني ببغداد، حدثني أبي، ثنا أحمد بن الوليد بن برد الأنطاكي، ثنا محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، ثنا محمد بن موسى المخزومي، ثنا عون بن محمد، عن أبيه، عن أم جعفر أمه، عن جدتها أسماء عن فاطمة رضي الله عنها، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أتاها يوماً، فقال:"أين ابناي؟ " فقالت: ذهب بهما علي، فتوجَّه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فوجدهما يلعبان في مشربة، وبين أيديهما فضل من تمر، فقال:"يا علي، ألا تقلب ابنيَّ قبل الحر؟ " وذكر باقي الحديث. اهـ.
قال الحاكم: "محمد بن موسى هذا هو ابن مشمول مديني ثقة، وعون هذا هو ابن محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، هو، وأبوه ثقتان، وأم جعفر هي: ابنة القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وجدتها: أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم، وكلهم أشراف ثقات".
تخريجه:
الحديث أخرجه الحاكم هكذا دون أن يذكر باقي الحديث.
وقد أخرجه بتمامه الطبراني في الكبير (22/ 422رقم 1040)، من طريق أحمد بن صالح، عن ابن أبي فديك، عن موسى بن يعقوب، عن عون بن محمد، عن أمه أم جعفر، عن جدتها أسماء بنت عميس، عن فاطمة، أن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاها يوماً، فقال:"أين ابناي؟ " -يعني حسناً، وحسيناً-، قالت: أصبحنا وليس في بيتنا شيء يذوقه ذائق، فقال علي: أذهب بهما، فإني أتخوَّف أن يبكيا عليك، وليس عندك شيء، فذهب إلى فلان اليهودي، فتوجه إليه النبي صلى الله عليه وسلم، فوجدهما يلعبان في شربة، بين أيديهما فضل من تمر، فقال:"يا علي، ألا تقلب ابنيَّ قبل أن يشتدَّ عليهما الحر؟ " فقال علي: أصبحنا وليس في بيتنا شيء، فلو جلست يا نبي الله حتى أجمع لفاطمة تمرات، فجلس النبي صلى الله عليه وسلم حتى اجتمع لفاطمة شيء من تمر، فجعله في صُرَّته، ثم أقبل، فحمل النبي صلى الله عليه وسلم أحدهما، وعلي الآخر حتى أقلبهما.
قال الهيثمي في المجمع (10/ 316): "إسناده حسن".
وبنحو سياق الطبراني هذا أخرجه الدولابي في الذرية الطاهرة (ص 66) من طريق ضرار بن صرد، عن محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، عن محمد بن موسى، عن عون بن محمد، عن أمه أم جعفر بنت محمد بن جعفر، عن جدتها أسماء بنت عميس، عن فاطمة بنت محمد عليهما السلام، به.
دراسة الِإسناد:
الحديث تقدم كلام الحاكم عنه، وتعقبه الذهبي بقوله:"بل محمد ضعفوه".
ومحمد هذا هو ابن عبيد الله -بالتصغير-، ابن أبي رافع الهاشمي، مولاهم، الكوفي، وهو ضعيف./ الكامل (6/ 2125 - 2126)، والتهذيب (9/ 321رقم 531)، والتقريب (2/ 187رقم491).
قلت: وقد أخطأ الحاكم في محمد هذا، ولم يتنبَّه لخطأه الذهبي، فتبعه عليه، بل أخطأ الحاكم في أكثر من هذا، وفي سند الحديث عنده خطأ أيضاً، لست أدري منه، أو ممن فوقه؟ وبيان ذلك كالتالي: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
1 - قال الحاكم: "أم جعفر هي: ابنة القاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وجدتها: أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهم.
والصواب أن أسماء هذه هي بنت عميس، وأم جعفر هي زوجة محمد بن الحنفية، وأم ابنة عون، ويقال لها أيضاً: أم عون، وهي بنت محمد بن جعفر بن أبي طالب، وفي رواية الدولابي التصريح باسمها على الصواب، وترجمتها في التهذيب (12/ 474رقم 2968)، ولم يتكلم عنها أحد بجرح أو تعديل، وفي التقريب (2/ 623رقم 62) قال:"مقبولة".
ورواية الطبراني والدولابي على الصواب؛ حيث جاء فيها التصريح باسم أسماء، فقال:"بنت عميس"، وبوَّب لذلك الطبراني، فقال:"أسماء بنت عميس، عن فاطمة"، وساق هذا الحديث في تلك الترجمة.
2 -
في إسناد الحاكم: "
…
عون بن محمد، عن أبيه، عن أم جعفر أمه
…
".
والصواب هكذا: "عون بن محمد، عن أمه أم جعفر" كما في إسناد الطبراني، والدولابي، ولأن أم جعفر هذه هي أم عون، وزوجة محمد.
وعون بن محمد بن علي بن أبي طالب الهاشمي هذا مجهول الحال، ذكره البخاري في تاريخه (7/ 16رقم 71)، وسكت عنه، وبيض له ابن أبي حاتم (6/ 386رقم 2147)، وذكره ابن حبان في ثقاته (7/ 279).
3 -
الراوي عن عون هذا هو شيخ محمد بن إسماعيل بن أبي فديك، وهو عند الحاكم: محمد بن موسى المخزومي، وعند الطبراني: موسى بن يعقوب، والاختلاف ناشيء من الرواة عن ابن أبي فديك، فمن دونهم، والذي يترجح لي أنه محمد بن موسى، كما في رواية الحاكم، وتؤيدها رواية الدولابي، فإن الراوي الذي لا تعرف حاله كعون بن محمد، يُعنى العلماء بذكر الرواة عنه، وقد ذكروا من الرواة عنه محمد بن موسى، ولم يذكروا موسى بن يعقوب كما في الموضع السابق من تاريخ البخاري، والجرح والتعديل. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومحمد بن موسى بن أبي عبد الله الفطري، مولى الفطريين، في ترجمته في الجرح والتعديل (8/ 82 رقم341)، والتهذيب (9/ 480 رقم 775) ذكر أنه روى عن عون بن محمد بن الحنفية، وعنه ابن أبي فديك، وهذا غاية ما يطلب في التفريق بين الرواة.
ومحمد هذا صدوق، ورمي بالتشيع، روى له مسلم -كما في الموضع السابق من الجرح والتعديل، والتهذيب، والتقريب (2/ 211 رقم 745) -.
وأما قول الحاكم عن محمد هذا: "ومحمد بن موسى هذا هو ابن مشمول، مديني ثقة"، فليس بصحيح، فابن مشمول اسمه: محمد بن سليمان بن مشمول المشمولي المخزومي، حجازي، ترجمته في اللسان (5/ 185 - 186 رقم 642)، وسيأتي في الحديث (858).
الحكم علي الحديث.
الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لجهالة حال عون بن محمد، وأمه أم جعفر.
وأما محمد بن عبيد الله بن أبي رافع، فليس له ذكر في هذا الحديث على الصواب، والله أعلم.
605 -
حديث أبي ظبيان، عن سلمان:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "الحسن والحسين ابناي (1)، من أحبهما أحبني
…
" الخ.
قال: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: هذا حديث منكر، وإنما رواه بَقي بن مخلد بإسناد آخر واهٍ، عن زاذان، عن سلمان.
(1) في (ب)، والتلخيص:(ابني)، وما أثبته من (أ)، والمستدرك.
605 -
المستدرك (3/ 166): أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، ثنا أبو جعفر محمد بن علي الشيباني بالكوفة، حدثني أبو الحسن محمد بن الحسن السبيعي، ثنا أبو نعيم الفضل بن دكين، ثنا الأعمش، عن إبراهيم، عن أبي ظبيان، عن سلمان رضي الله عنه، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول: "الحسن والحسين ابناي، من أحبهما أحبني، ومن أحبني أحبه الله، ومن أحبه الله أدخله الجنة. ومن أبغضهما أبغضني، ومن أبغضني أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله النار".
تخريجه:
الحديث ذكره في كنز العمال (12/ 120رقم 34286)، وعزاه للحاكم فقط، ولم أجد من أخرجه من طريق أبي ظبيان، عن سلمان.
وأما من طريق زاذان التي أشار إليها الذهبي، فأخرجه:
الطبراني في الكبير (3/ 43رقم 2655) و (6/ 296رقم6109).
وأبو نعيم في المعرفة (1/ ل 147 أ).
وفي أخبار أصبهان (1/ 56).
كلاهما من طريق يحيى الحماني، عن قيس بن الربيع، عن محمد بن رستم، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عن زاذان، عن سلمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم للحسن والحسين: "من أحبهما أحببته، ومن أحببته أحبه الله، ومن أحبه الله أدخله جنات النعيم، ومن أبغضهما، أو بغى عليهما أبغضته، ومن أبغضته أبغضه الله، ومن أبغضه الله أدخله عذاب جهنم، وله عذاب مقيم".
هذا لفظ الطبراني، ولفظ أبي نعيم نحوه.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله: "هذا حديث منكر، وإنما رواه بَقيّ بن مخلد بإسناد آخر واه، عن زاذان، عن سلمان.
وإنما حكم الذهبي على هذا الحديث بالنكارة، لأنه تفرد به أبو الحسن محمد بن الحسن السبيعي من هذه الطريق، حيث لم أجد من تابعه عليه.
ومحمد بن الحسن بن سماعة، أبو الحسن الحضرمي، الكوفي هذا قال عنه الدارقطني:"ليس بالقوي، ضعيف" -كما في سؤالات حمزة السهمي له (ص119رقم 93) -، وانظر معه تاريخ بغداد (2/ 188 - 189 رقم 607)، ولسان الميزان (5/ 134 رقم 444).
وأما الحديث من طريق زاذان، عن سلمان الذي حكم الذهبي على إسناده بأنه واه، فإنه من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني، وتقدم في الحديث (551) أنه متهم بسرقة الحديث.
الحكم على الحديث:
الحديث من طريق الحاكم ضعيف الِإسناد، ومنكر المتن، لضعف محمد بن الحسن، وتفرده به من هذه الطريق.
وأما الطريق الأخرى فضعيفة جداً؛ لاتهام يحيى الحماني بسرقة الحديث.
ولبعض أجزائه شواهد:
فقوله صلى الله عليه وسلم: "الحسن والحسين ابناي" يشهد له قوله =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= صلى الله عليه وسلم عن الحسن والحسين: "هذان ابناي، وابنا ابنتي، اللهم إنك تعلم أني أحبهما فأحبهما".
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (12/ 97 - 98 رقم 12231).
والنسائي في الخصائص (ص 149 رقم 139).
والترمذي في سُننه (10/ 273 - 274 رقم 3858)، في مناقب الحسن بن علي رضي الله عنه من كتاب المناقب.
وابن حبان في صحيحه (ص 552 - 553 رقم 2234).
جميعهم من طريق موسى بن يعقوب الزمعي، عن عبد الله بن أبي بكر بن زيد بن المهاجر، عن مسلم بن أبي سهل النبَّال، عن حسن بن أسامة بن زيد، عن أبيه، به، واللفظ لابن أبي شيبة، وابن حبان، ولفظ النسائي، والترمذي نحوه.
وسنده ضعيف جداً.
حسن بن أسامة بن زيد بن حارثة الكلبي مقبول -كما في التقريب (1/ 163رقم 244) -، وانظر ثقات ابن حبان (4/ 125)، والتهذيب (2/ 254رقم 469).
وفي الموضع السابق من التهذيب ذكر أن ابن المديني قال عن حديث الحسن بن أسامة هذا الذي في فضل الحسن والحسين: "حديثه مديني، رواه شيخ ضعيف، عن مجهول، عن آخر مجهول".
أما الشيخ الضعيف الذي ذكره ابن المديني، فهو موسى بن يعقوب الزمعي، فقد تقدم في الحديث (493) أنه صدوق سيء الحفظ.
وأما المجهولان، فأحدهما الراوي حسن بن أسامة، وهو مسلم بن أبي سهل النبَّال، حكم عليه ابن المديني بالجهالة، وذكره ابن حبان في ثقاته (7/ 444)، وفي التقريب (2/ 245 رقم 1084) قال:"مقبول"، وانظر التهذيب (10/ 132رقم 233). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأما الآخر، فهو عبد الله بن أبي بكر بن زيد بن المهاجر، حكم عليه ابن المديني بالجهالة، وذكره ابن حبان في ثقاته (8/ 337)، وفي التقريب (1/ 405رقم212) قال:"مجهول"، وانظر التهذيب (5/ 163 رقم 278).
ولست أعلم وجه تفريق ابن حجر في الحكم على هذين الراويين، فيقول عن أحدهما:"مقبول"، وعن الآخر:"مجهول"، مع أن كلاً منهما قال عنه ابن المديني: مجهول، وذكره ابن حبان في ثقاته.
وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "من أحبهما أحبني" و: "من أبغضهما أبغضني"، فيشهد له حديث أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال عن الحسن والحسين:"من أحبهما فقد أحبني، ومن أبغضهما فقد أبغضني".
أخرجه الِإمام أحمد في المسند (2/ 440)، وفي الفضائل (2/ 777 رقم 1376).
والبزار في مسنده (3/ 227رقم 2627).
كلاهما من طريق جعفر بن إياس، عن عبد الرحمن بن مسعود، عن أبي هريرة، به.
قال الهيثمي في المجمع (9/ 179): "رجاله ثقات، وفي بعضهم خلاف".
ورواه الِإمام أحمد أيضاً في الفضائل (2/ 778رقم1378).
وابن ماجه في سُننه (1/ 51رقم 143) من فضل الحسن والحسين من المقدمة.
كلاهما من طريق أبي حازم، عن أبي هريرة، به.
قال البوصيري في الزوائد (1/ 21): "إسناده صحيح، رجاله ثقات".
وعليه فهذه الجملة الأخيرة صحيحة، وبقية الحديث باق على ضعفه، والله أعلم.
606 -
حديث أبي سعيد مرفوعاً:
"الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، إلا ابني الخالة"(1).
رواه ابن عمر، وزاد:"وأبوهما خير منهما"(2).
قال: صحيح (3).
قلت: فيه الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نُعْم، وفيه لين.
(1) أي عيسى ابن مريم، ويحيى بن زكريا كما سيأتي في التخريج.
(2)
رواية ابن عمر هذه هي الآتية بعد هذا الحديث.
(3)
قصد الحاكم بالتصحيح حديث أبي سعيد، وأما حديث ابن عمر فأورده شاهداً لحديث ابن مسعود الذي أخرجه عقب هذا الحديث، وسكت عن حديث ابن عمر، فتعقبه الذهبي بقوله:"معلى متروك"، وسيأتي.
606 -
المستدرك (3/ 166 - 167): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الحسن بن علي بن عفان، ثنا عبد الحميد بن عبد الرحمن الحماني، ثنا الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نُعْم، عن أبيه، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم، أنه قال
…
، الحديث بلفظه.
تخريجه:
الحديث له عن أبي سعيد رضي الله عنه ثلاث طرق:
* الأولى: طريق عبد الرحمن بن أبي نُعْم، وله عنه ثلاث طرق أيضاً:
1 -
طريق ابنه الحكم، عنه، عن أبي سعيد، وهي طريق الحاكم هذه.
وأخرجه الفسوي في المعرفة والتاريخ (2/ 644).
والنسائي في الخصائص (ص 151 رقم 143).
والطحاوي في مشكل الآثار (2/ 393). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وابن حبان في صحيحه (ص 551 رقم 2228).
والطبراني في الكبير (3/ 28رقم2610).
ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (5/ 71).
وأخرجه الخطيب في تاريخه (4/ 207).
جميعهم من طريق الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نُعْم، به مثله وزيادة قوله:"عيسى ابن مريم، ويحيى بن زكريا".
2 -
طريق يزيد بن مردانُبه، عن ابن أبي نُعْم، عن أبي سعيد، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة".
أخرجه الِإمام أحمد في المسند (3/ 3).
وفي الفضائل (2/ 779 - 780رقم 1384).
والنسائي في الخصائص (ص 150 رقم 140).
والطبراني في الكبير (3/ 28رقم2611).
ومن طريق أبو نعيم في أخبار أصبهان (2/ 343).
وأخرجه الخطيب في تاريخه (11/ 90).
جميعهم من طريق يزيد بن مردانبه، به.
3 -
طريق يزيد بن أبي زياد، عن ابن أبي نُعْم، به مثل سابقه.
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (12/ 96رقم 12225).
والِإمام أحمد في المسند (3/ 62 و 64 و 82).
وفي الفضائل (2/ 771و 774 رقم1360و1368).
والترمذي في سُننه (10/ 272 و 273 رقم3856و 3857) في مناقب الحسن بن علي من كتاب المناقب. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والنسائي في الخصائص (ص 142 و 151 رقم 129 و 141 و 142).
والطبراني في الكبير (3/ 29 رقم2612و 2613).
وأبو نعيم في الحلية (5/ 71).
والبغوي في شرح السنَّة (14/ 138رقم 3936).
جميعهم من طريق يزيد بن أبي زياد، به.
* الطريق الثانية: طريق عطية العوفي، عن أبي سعيد، به مثل سابقه.
أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 29رقم2615).
والخطيب في تاريخه (9/ 232).
* الطريق الثالثة: طريق عطاء بن يسار، عن أبي سعيد، به مثل سابقه.
أخرجه الطبراني في الموضع السابق برقم (2614).
دراسة الِإسناد:
الحديث أخرجه الحاكم، وقال:"هذا الحديث قد صح من أوجه كثيرة، وأنا أتعجب أنهما لم يخرجاه! "، فتعقبه الذهبي بقوله:"الحكم فيه لين".
والحكم هذا هو ابن عبد الرحمن بن أبي نُعْم -بضم النون، وسكون المهملة-، الكوفي البجلي، وهو صدوق سَيّئ الحفظ، قال ابن معين: ضعيف، وقال أبو حاتم: صالح الحديث، وذكره ابن حبان في ثقاته، وأخرج حديثه هذا في صحيحه./ الجرح والتعديل (3/ 123رقم 565)، والثقات لابن حبان (6/ 187)، والتهذيب (2/ 431رقم 753)، والتقريب (1/ 191رقم 491).
والحكم هذا إنما انفرد عن أبيه بزيادة قوله: "إلا ابني الخالة، عيسى ابن مريم، ويحيى بن زكريا"، وأما قوله:"الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة"، فقد تابعه عليه يزيد بن مردانبه، ويزيد بن أبي زياد، وتابع أباه عطية العوفي، وعطاء بن يسار، كلاهما عن أبي سعيد، به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وعبد الرجمن بن أبي نُعْم البجلي، أبو الحكم الكوفي ثقة عابد، روى له الجماعة، ووثقه ابن سعد، والنسائي، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال: "كان من عباد أهل الكوفة، ممن يصبر على الجوع الدائم، أخذه الحجاج بن يوسف ليقتله، وأدخله بيتاً مظلماً، وسدَّ الباب خمسة عشر يوماً، ثم أمر بالباب، ففتح؛ ليخرج به فيدفن، فدخلوا عليه، فإذا هو قائم يصلي، فقال له الحجاج بن يوسف: مرٍّ حيث شئت، وقال ابن أبي حاتم: ذكر أبي عبد الرحمن بن أبي نُعْم، فذكر له فضلاً وعبادة. اهـ. من الجرح والتعديل (5/ 295 رقم 1400)، وثقات ابن حبان (5/ 112)، والتهذيب (6/ 286رقم560).
قلت: وقد نقل ابن القطان عن أحمد بن أبي خيثمة، عن ابن معين قال: ابن أبي نُعْم ضعيف.
قال الذهبي في الميزان (2/ 595رقم 4992): "عبد الرحمن بن أبي نُعْم البجلي، كوفي، تابعي مشهور
…
، كان من الأولياء الثقات"، ثم ذكر نقل ابن القطان السابق، وقال: "كذا نقل ابن القطان، وهذا لم يتابعه عليه أحمد"، هكذا وردت العبارة في الميزان، ولعل الصواب: "وهذا لم يُتابع عليه أحمد".
وممن روى الحديث عن ابن أبي نُعْم: يزيد بين مردانُبة -بنون مضمومة بعد الألف، وموحدة-، القرشي، الكوفي، وهو ثقة، وثقه وكيع، وابن معين، والعجلي، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال أبو حاتم: لا بأس به./ الجرح والتعديل (9/ 289 - 290رقم1236)، والتهذيب (11/ 359رقم 694).
وعن يزيد هذا رواه محمد بن عبد الله الزبيري عند أحمد في المسند، وأبو نعيم الفضل بن دكين عند النسائي، والطبراني، والخطيب.
أما محمد بن عبد الله بن الزبير بن عمر بن درهم الأسدي، مولاهم، أبو أحمد الزبيري، الكوفي، فإنه ثقة ثبت روى له الجماعة، إلا أنه قد =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= يخطيء في حديث الثوري، قال الِإمام أحمد: كان كثير الخطأ في حديث سفيان، وقال أبو حاتم: عابد مجتهد حافظ للحديث، له أوهام، ووثقه ابن معين، والعجلي، وابن قانع، وقال بندار: ما رأيت أحفظ منه، وقال ابن نمير: صدوق، في الطبقة الثالثة من أصحاب الثوري، ما علمت إلا خيراً، مشهور بالطلب، ثقة صحيح الكتاب، وقال أبو زرعة، وابن خراش: صدوق، وقال ابن سعد: كان صدوقاً كثير الحديث، وقال النسائي: ليس به بأس./ الجرح والتعديل (7/ 297رقم1611)، والتهذيب (9/ 254 - 255 رقم420)، والتقريب (2/ 176 رقم 377).
وأما أبو نعيم الفضل بن دُكين عمرو بن حماد بن زهير التيمي، مولاهم، فهو ثقة ثبت روى له الجماعة، ومن كبار شيوخ البخاري./ الجرح والتعديل (7/ 61 - 62 رقم 353)، والتهذيب (8/ 270 - 276 رقم 504)، والتقريب (2/ 110 رقم 34).
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بإسناد الحاكم لضعف الحكم بن عبد الرحمن بن أبي نُعْم من قبل حفظه، وقوله: صلى الله عليه وسلم: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة" صحيح لغيره جاء من طرق أخرى كما سبق، منها الطريق التي رواها يزيد بن مردانبة، وهي صحيحة لذاتها كما يتضح من دراسة الإسناد.
وللحديث شواهد كثيرة عن عدة من الصحابة، سيأتي ذكر بعضها في الحديث الآتي بعد هذا، بزيادة:"وأبوهما خير منهما"، وليس فيها قوله:"إلا ابني الخالة عيسى بن مريم، ويحيى بن زكريا"، والحديث بدون هذه الزيادة متواتر، لمجيئه من طرق كثيرة عن عدة من الصحابة، حكى ذلك السيوطي في الأزهار المتناثرة (ص 39 رقم 103)، وأقره عليه الكتاني في نظم المتناثر (ص 196 رقم 235)، والمناوي في فيض القدير (3/ 415)، بلفظ:"الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة" فقط. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأما قوله: "إلا ابني الخالة عيسى ابن مريم، ويحيى بن زكريا" فضعيف من هذه الطريق، وله شاهد من حديث علي رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لفاطمة رضي الله عنها: "والله ما من نبي إلا ووَلَدَ الأنبياء، غيري، وإن ابنيك سيدا شباب أهل الجنة، إلا ابني الخالة يحيى، وعيسى".
أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 26رقم 2603)، فقال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا أحمد بن عثمان بن حكيم الأودي، ثنا علي بن ثابت، حدثنا أسباط بن نصر، عن جابر، عن عبد الله بن يحيى، عن علي، به.
قال الهيثمي في المجمع (9/ 182): "رجاله ثقات، وفي بعضهم ضعف".
قلت: سنده ضعيف جداً.
عبد الله بن يحيى ذكره المزي في شيوخ جابر الجعفي في تهذيب الكمال (1/ 181)، ولم أجد من ترجم له.
وجابر بن يزيد بن الحارث الجعفي، أبو عبد الله الكوفي اختلف فيه، فروى ابن علية، عن شعبة قال: جابر صدوق في الحديث، وقال في رواية يحيى بن أبي بكير عنه: كان جابر إذا قال: حدثنا، و: سمعت، فهو من أوثق الناس. وروى يحيى أيضاً عن زهير بن معاوية قال: كان إذا قال: سمعت، أو سألت، فهو من أصدق الناس. وقال وكيع مهما شككتم في شيء، فلا تشكوا في أن جابراً ثقة، وأثنى عليه سفيان الثوري، وشريك.
وخالف هؤلاء الجماعة، فحكموا عليه بأنه كذاب، منهم سعيد بن جبير، وأبو حنيفة، وليث بن أبي سليم، وأيوب السختياني، وزائدة، وابن عيينة، وأحمد بن خداش، والجوزجاني، وابن معين، وفِى رواية قال: لا يكتب حديثه، ولا كرامة.
وقال إسماعيل بن أبي خالد: قال الشعبي لجابر: لا تموت حتى تكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال إسماعيل: فما مضت الأيام، والليالي حتى اتهم بالكذب. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلت: أما غلوّه في الرفض فلم أجد من يخالف فيه، وكذا تدليسه، وأما أرجح الأقوال في الحكم عليه، فالذي ترجح لدي ما اختاره الحافظ ابن حجر في التلخيص الحبير (2/ 4) حيث قال عنه:"ضعيف جداً"، وهو رأي ابن سعد فيه، حيث قال:"كان يدلس، وكان ضعيفاً جداً في رأيه وروايته"، وهو بمعنى ما اختاره النسائي حيث قال:"متروك الحديث"، وقال يحيى بن سعيد القطان: تركنا حديث جابر قبل أن يقدم علينا الثوري، وقال الِإمام أحمد: تركه يحيى وعبد الرحمن، وقال أبو أحمد الحاكم ذاهب الحديث، يؤمن بالرجعة، اتهم بالكذب، وذكره يعقوب بن سفيان في باب من يرغب عن الرواية عنهم. اهـ. من الكامل لابن عدي (2/ 537 - 543)، والضعفاء للعقيلي (1/ 191 - 196)، والتهذيب (2/ 46 - 51 رقم 75).
وعليه فقوله: "إلا ابني الخالة
…
" باق على ضعفه، ولا يستقيم ضعفه بهذا الشاهد، والله أعلم.
607 -
قال (1): وروي عن ابن عمر مرفوعاً نحوه.
قلت: فيه (معلى)(2) بن عبد الرحمن، وهو متروك. صلى الله عليه وسلم
(1) أي الحاكم.
(2)
في (أ) و (ب): (يعلى)، وما أثبته من المستدرك، وتلخيصه، ومصادر التخريج والترجمة.
607 -
المستدرك (3/ 167): الحديث أخرجه الحاكم شاهداً لحديث ابن مسعود الآتي ذكره في الشواهد، فقال: وشاهده ما حدثناه أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد بن صبيح العمري، ثنا محمد بن إسحاق بن خزيمة الِإمام، ثنا محمد بن موسى القطان، ثنا معلى بن عبد الرحمن، ثنا ابن أبي ذئب، عن نافع، عن ابن عمر رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "الحسن والحسين سيِّدا شباب أهل الجنة، وأبوهما خير منهما".
تخريجه:
الحديث أخرجه ابن ماجه في سُننه (1/ 44رقم 118) في فضل علي رضي الله عنه من المقدمة.
وابن عدي في الكامل (6/ 2371).
كلاهما من طريق معلى بن عبد الرحمن، به مثله.
وأخرجه ابن عساكر -كما في كنز العمال (12/ 112 - 113 رقم 34247) -.
قال ابن عدي عقبه: "هذا عن ابن أبي ذئب لا يرويه غير معلى".
وقال البوصيري في الزوائد (1/ 20): "هذا إسناد ضعيف؛ المعلى بن عبد الرحمن اعترف بوضع سبعين حديثاً في فضل علي بن أبي طالب، قاله ابن معين". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= دراسة الِإسناد:
الحديث أورده الحاكم شاهداً لحديث ابن مسعود، وسكت عنه، فأعله الذهبي بقوله:"معلى متروك".
ومعلى هذا هو ابن عبد الرحمن الواسطي، وتقدم في الحديث (569) أنه متهم بالوضع، ورمي بالرفض.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف جداً بهذا الِإسناد؛ لاتهام معلى بوضع الحديث.
وأما قوله: "الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة"، فتقدم في الحديث السابق أنه صحيح من غير هذا الوجه.
وأما زيادة فوله: ""وأبوهما خير منهما"، فله شاهد من حديث ابن مسعود الذي أخرج الحاكم هذا الحديث شاهداً له، وشاهد من حديث قرة بن إياس، ومالك بن الحويرث، وحذيفة بن اليمان رضي الله عنهم أجمعين-.
أما حديث ابن مسعود رضي الله عنه، فأخرجه الحاكم قبل هذا الحديث، ولفظه مثل لفظه، ثم قال:"هذا حديث صحيح بهذه الزيادة، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.
وأما حديث قرة بن إياس رضي الله عنه، فلفظه مثل لفط حديث ابن عمر أيضاً.
أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 30رقم 2617) من طريق عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، عن معاوية بن قرة، عن أبيه، به.
قال الهيثمي في المجمع (9/ 183): "فيه عبد الرحمن بن زياد بن أنعم، وفيه خلاف، وبقية رجاله رجال الصحيح".
وأما حديث مالك بن الحويرث رضي الله عنه فلفظه مثل لفظ سابقه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أخرجه الطبراني في الكبير (19/ 292رقم 650).
وابن عدي في الكامل (6/ 2378).
كلاهما من طريق عمران بن أبان، عن مالك بن الحسن بن مالك بن الحويرث، عن أبيه، عن جده، به.
قال الهيثمي في الموضع السابق: "فيه عمران بن أبان، ومالك بن الحسن، وهما ضعيفان، وقد وثقا".
وأما حديث حذيفة بن اليمان رضي الله عنه، فأخرجه الطبراني في الكبير (3/ 27رقم2608) من طريق أبي الأسود عبد الله بن عامر الهاشمي، عن عاصم، عن زر، عن حذيفة رضي الله عنه قال: رأينا في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم السرور يوماً من الأيام، فقلنا: يا رسول الله، لقد رأينا في وجهك تباشير السرور؟ قال:"وكيف لا أُسَرُّ، وقد أتاني جبريل عليه السلام، فبشرني أن حسناً وحسيناً سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما أفضل منهما؟ ".
قال الهيثمي في الموضع السابق: "فيه عبد الله بن عامر أبو الأسود الهاشمي، ولم أعرفه، وبقية رجاله وثقوا، وفي عاصم بن بهدلة خلاف".
والحديث أخرجه ابن عساكر أيضاً -كما في كنز العمال (3/ 665 رقم 37694) -.
وعليه فالحديث بهذه الزيادة صحيح لغيره بمجموع هذه الطرق، والله أعلم.
608 -
حديث (الزبير)(1):
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبَّل (حسناً)(2)، وضمَّه إليه، وجعل يشمَّه
…
الحديث.
قلت: على شرط البخاري ومسلم (3).
(1) في (أ): (الزهري).
(2)
في (أ) و (ب): (حسيناً)، وما أثبته من المستدرك، وتلخيصه.
(3)
في المستدرك قال الحاكم: "هذا حديث صحيح الِإسناد على شرط الشيخين، ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي.
608 -
المستدرك (3/ 170): أخبرنا بكر بن محمد الصيرفي بمرو، ثنا عبد الصمد بن الفضل، ثنا عبد الله بن يزيد المقرىء، ثنا حيوة بن شريح، أخبرني أبو صخر، أن يزيد بن عبد الله بن قسيط أخبره، أن عروة بن الزبير أخبره، عن أبيه، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قبل حسناً، وضمّه إليه، وجعل يشمَّه، وعنده رجل من الأنصار، فقال الأنصاري: إن لي ابناً قد بلغ، ما قبَّلته قط، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"أرأيت إن كان الله نزع الرحمة من قلبك، فما ذنبي؟ ".
تخريجه:
الحديث أخرجه الِإمام أحمد في الفضائل (2/ 769 رقم 1356)، فقال: ثنا عبد الله بن يزيد، نا حيوة، قال: أخبرني أبو صخر، أن يزيد بن عبد الله بن قسيط أخبره، أن عروة بن الزبير قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبَّل حسيناً
…
، الحديث بمثله هكذا مرسلاً، وقال:"حسيناً، بدلاً من حسناً".
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، ووافقه الذهبي، وأورده ابن الملقن على غير عادته، وعنده:"قلت: على شرط البخاري ومسلم"، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فقد يكون في نسخته من التلخيص تصحيف، أو أن النظر أخطأ، فظن كلام الحاكم تعقُّباً من الذهبي، والله أعلم.
وبيان حال رجال إسناد الحاكم كالتالي:
عروة بن الزبير بن العوام بن خويلد الأسدي، أبو عبد الله المدني، ثقة فقيه مشهور، روى له الجماعة./ الجرح والتعديل (6/ 395 - 396 رقم 2207)، والتهذيب (7/ 180 - 185 رقم 351)، والتقريب (2/ 19 رقم 157).
ويزيد بن عبد الله بن قُسَيْط بن أسامة الليثي، أبو عبد الله المدني، الأعرج، ثقة روى له الجماعة./ الجرح والتعديل (9/ 273 - 274 رقم1152)، والتهذيب (11/ 342 - 343 رقم 655)، والتقريب (2/ 367 رقم 281).
وأبو صخر اسمه حميد بن زياد بن أبي المخارق الخرَّاط، وقد روى له مسلم في الصحيح، وأما البخاري فإنما روى له في الأدب المفرد، وهو مختلف فيه، والأرجح أنه: لا بأس به كما قال الِإمام أحمد، واختاره الذهبي في الكاشف (1/ 256رقم1258)، و"من تكلم فيه وهو موثق"(ص 73 رقم 97)، ورجحه الشيخ عبد العزيز التخيفي في رسالته عن المتكلم فيهم من رجال التقريب (1/ 346 - 351 رقم 51)، وانظر الجرح والتعديل (3/ 222 رقم 975)، والكامل لابن عدي (2/ 684 - 685، و691)، والتهذيب (3/ 41 - 42 رقم 69).
وحيوة بن شريح بن صفوان التجيبي، أبو زرعة المصري، ثقة ثبت فقيه زاهد، روى له الجماعة./ الجرح والتعديل (3/ 306 - 307 رقم 1366)، والتهذيب (3/ 69 - 70 رقم 135)، والتقريب (1/ 208 رقم 658).
وعبد الله بن يزيد المقري، أبو عبد الرحمن المكي، ثقة فاضل -روى له الجماعة، وهو من كبار شيوخ البخاري./ الجرح والتعديل (5/ 201 =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= رقم 939)، والتهذيب (6/ 83 - 84 رقم165)، والتقريب (1/ 462 رقم 752).
وعبد الصمد بن الفضل، قال الذهبي في الميزان (2/ 621رقم5077):"عن ابن وهب، له حديث يستنكر، وهو صالح -إن شاء الله -"، ومثله في المغني (2/ 396رقم 3715)، وفي الديوان (ص 194 رقم 2544) قال:"عن ابن وهب، في: (دبر النساء)، لا يصح".
وقال ابن حجر في اللسان (4/ 22رقم 59): "في ثقات ابن حبان: عبد الصمد بن الفضل بن موسى بن هانيء بن مسمار، أبو يحيى البَلْخي، يروي عن عبيد الله بن موسى، روى عنه أهل بلده، مات سنة (2)، أو سنة ثلاث وثمانين ومائتين، فما أدري هو ذا، أم غيره؟. اهـ.
قلت: أظنه هو، فإنه في طبقته، وهذا المذكور في ثقات ابن حبان هو الذي في إسناد الحاكم؛ لأنه بَلْخي، وشيخ الحاكم هو بكر بن محمد الصَّيْرفي، الدُّخَمْسيني، أبو أحمد، وفي ترجمته في الأنساب للسمعاني (5/ 324) ذكر أنه سمع ببلخ من عبد الصمد بن الفضل، وأحمد بن الحسين، وعبد الصمد بن غالب البَلْخيين.
والصيرفي هذا ذكره السمعاني في الموضع السابق، وقال:"كان فاضلاً عالماً مسناً، وذكر أن الحاكم قال في تاريخ نيسابور: "محدث خراسان في عصره"، وذكره الذهبي في سير أعلام النبلاء (15/ 554 - 555 رقم 330)، وقال: " المحدِّث، الرحَّال، الِإمام
…
، ما علمت أن به بأساً". اهـ.
وهذا الحديث مداره على عبد الله بن يزيد المقري، ورواه عنه عبد الصمد بن الفضل هذا عند الحاكم، والِإمام أحمد في الفضائل، واختلفا عليه، فعبد الصمد رواه عن عروة بن الزبير، عن أبيه، مرفوعاً، والِإمام أحمد رواه عن عروة مرسلاً، ولم أجد من أخرج الحديث سوى الِإمام أحمد، والحاكم رغبة في الاستيضاح، فإن سلمت نسخة الفضائل من السقط، فتكون رواية الِإمام أحمد أرجح؛ لحفظه، وإتقانه، وإمامته، فيكون الصواب في الحديث الإرسال، والله أعلم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحكم علي الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم فيه عبد الصمد بن الفضل، ولم يتضح من حاله ما يكفي، حيث لم يوثقه سوى ابن حبان، ومع ذلك فقد خالفه الِإمام أحمد في الفضائل، فروى الحديث مرسلاً كما سبق، فيكون الحديث ضعيفاً بهذا الإِسناد لما ذُكر، ولو صح لما كان على شرط الشيخين، لأن أبا صخر لم يرو له البخاري في الصحيح، وإنما في الأدب المفرد.
والحديث قد صح من غير هذا الوجه.
فقد أخرج البخاري في صحيحه (10/ 426رقم 5998) في الأدب، باب رحمة الولد، وتقبيله، ومعانقته.
ومسلم (4/ 1808رقم 64) في الفضائل، باب رحمته صلى الله عليه وسلم.
كلاهما من حديث عائشة رضي الله عنها قالت -واللفظ للبخاري-: جاء أعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: تقبلون الصبيان؟ فما نقبلهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم- "أوَ أملك لك أن نزع الله من قلبك الرحمة؟ ".
وأخرج البخاري في الموضع نفسه برقم (5997).
ومسلم أيضاً برقم (65).
كلاهما من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال -واللفظ للبخاري-: قبَّل رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن بن علي، وعنده الأقرع بن حابس التميمي جالساً، فقال الأقرع: إن لي عشرة من الولد، ما قبَّلت منهم أحداً، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال:"من لا يَرحم لا يُرْحم".
609 -
حديث ابن عباس:
أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم، (وقد)(1) حمل الحسن (على رقبته)(2)، فلقيه رجل، فقال: نعم المركب ركبت يا غلام، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"ونعم الراكب هو".
قال: صحيح.
قلت: لا.
(1) في (أ): (ولقد).
(2)
ما بين القوسين ليس في (أ).
609 -
المستدرك (3/ 170): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الحسن بن علي بن عفان العامري، ثنا أبو سعيد عمرو بن محمد العنقزي، ثنا زَمْعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، عن طاوس، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أقبل النبي صلى الله عليه وآله وسلم، وهو يحمل الحسن بن علي على رقبته. قال: فلقيه- رجل، فقال: نعم المركب ركبت يا غلام، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ونعم الراكب هو".
تخريجه:
الحديث أخرجه الترمذي (10/ 285 - 286 رقم 3872) في مناقب الحسن بن علي من كتاب المناقب، باب منه.
وابن عدي في الكامل (3/ 1085).
كلاهما من طريق أبي عامر العقدي، عن زمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عباس، به مثله، هكذا على أن شيخ سلمة بن وهرام هو عكرمة، لا طاوس. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال الترمذي: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، وزمعة بن صالح قد ضعفه بعض أهل العلم من قبل حفظه".
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وردَّه الذهبي بقوله:"لا"، ولم يذكر سبب ردِّه لتصحيح الحاكم.
وفي سند الحديث زَمْعة -بسكون الميم- بن صالح الجَنَدي -بفتح الجيم والنون-، اليماني، نزيل مكة، أبو وهب، وهو ضعيف، وقد أخرج له مسلم، لكن مقروناً بغيره./ الجرح والتعديل (3/ 624رقم 2823)، والكامل لابن عدي (3/ 1084 - 1087)، والتهذيب (3/ 338 - 339 رقم 629)، والتقريب (1/ 263 رقم 65).
ومع ضعف زمعة، فقد اختلف عليه في الحديث، فرواه عمرو بن محمد العنقزي، عنه، عن سلمة، عن طاووس، عن ابن عباس.
ورواه أبو عامر العقدي، عنه، عن سلمة، عن عكرمة، عن ابن عباس.
الحكم علي الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف زمعة، والاختلاف عليه في الحديث، والله أعلم.
610 -
حديث القاسم الحُدَّاني: حدثنا يوسف بن مازن، قال:
قام رجل (1) إلى الحسن بن علي
…
الحديث.
قال: صحيح.
قلت: ورَوَى عن يوسفَ نوحُ بن قيس أيضاً (2)، وما علمت أن أحداً تكلَّم فيه، والقاسم وثَّقوه، ورواه عنه أبو داود (3)، (و)(4) التَّبوذكي (5)، وما أدري آفته من أين؟
(1) سيأتي أن الحاكم رجح أنه: سفيان بن الليل.
(2)
كما في تهذيب الكمال للمزِّي (3/ 1559).
(3)
وهو الطيالسي، ومن طريقه أخرج الحاكم الحديث هنا.
(4)
الواو من التلخيص، وليست في (أ) و (ب).
(5)
واسمه موسى بن إسماعيل، ومن طريقه أخرج الحاكم الحديث هنا أيضاً.
610 -
المستدرك (3/ 170 - 171): أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن عمرويه الصفّار ببغداد، ثنا أحمد بن زهير بن حرب، ثنا موسى بن إسماعيل، ثنا القاسم بن الفضل الحُدَّاني.
وأخبرني أبو الحسن اليعمري، ثنا محمد بن إسحاق الِإمام، ثنا أبو طالب زيد بن أخزم الطائي، ثنا أبو داود، ثنا القاسم بن الفضل، ثنا يوسف بن مازن الراسبي، قال: قام رجل إلى الحسن بن علي، فقال: يا مسوِّد وجوه المؤمنين، فقال الحسن: لا تؤنِّبني -رحمك الله-؛ فإن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد رأى بني أمية يخطبون كل منبره رجلًا رجلاً، فساءه ذلك، فنزلت:
{إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1)} [الكوثر: 1] من سورة الكوثر)، نهر في الجنة، ونزلت: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= {إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1) وَمَا أَدْرَاكَ مَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ (2) لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ (3)} (الآية (1 - 3) من سورة القدر).
تملكها بنو أمية، فَحَسَبْنا ذلك، فإذا هو لا يزيد، ولا ينقص.
قال الحاكم: "هذا إسناد صحيح، وهذا القائل للحسن بن علي هذا القول هو سفيان بن الليل صاحب أبيه"، ثم ساق الرواية الدالة على ذلك، وهي الآتية برقم (611).
تخريجه:
الحديث يرويه القاسم بن الفضل، عن يوسف بن مازن، عن الحسن بن علي.
وأخرجه الحاكم هنا من طريق موسى بن إسماعيل التبوذكي، وأبي داود الطيالسي.
والذي يظهر أن الطيالسي أخرجه في مسنده كما يظهر من صنيع الحافظ ابن كثير في تاريخه (6/ 243).
وأخرجه البيهقي في الدلائل (6/ 509 - 510) من طريق الحاكم.
وأخرجه الترمذي في سننه (9/ 280 - 282 رقم3408) في تفسير سورة القدر من كتاب التفسير.
والطبراني في الكبير (3/ 92رقم 2754).
كلاهما من طريق الطيالسي، به نحوه، إلا أنه وقع عند الترمذي:(يوسف بن سعد) بدلاً من: (يوسف بن مازن)، وسيأتي في دراسة الِإسناد أن يوسف بن مازن يقال له: يوسف بن سعد.
قال الترمذي عقبه: "هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من هذا الوجه، من حديث القاسم بن الفضل، وقد قيل: عن القاسم بن الفضل، عن يوسف بن مازن، والقاسم بن الفضل الحَّداني هو ثقة، وثقه يحيى بن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= سعيد، وعبد الرحمن بن مهدي، ويوسف بن سعد رجل مجهول، ولا نعرف هذا الحديث على هذا اللفظ إلا من هذا الوجه". اهـ.
والحديث أعاده الحاكم (3/ 175) من طريق قراد أبي نوح، عن القاسم، به نحوه، وسكت عنه، ولم يورده الذهبي في التلخيص اكتفاءً بتعقبه له هنا.
وأخرجه ابن جرير الطبري في تفسيره (30/ 260) من طريق سَلْم بن قتيبة، عن القاسم بن الفضل، عن عيسى بن مازن، قال: قلت للحسن بن علي رضي الله عنه: يا مسود وجوه المؤمنين
…
، الحديث بنحوه هكذا، بتسمية يوسف بن مازن:(عيسى بن مازن)، وعلى أنه هو القائل هذه المقالة للحسن رضي الله عنه.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله: "وروى عن يوسف بن نوح بن قيس أيضاً، وما علمت أن أحداً تكلم فيه، والقاسم وثقوه، ورواه عنه أبو داود، والتبوذكي، وما أدري آفته من أين؟
والحديث مداره على القاسم بن الفضل، يرويه عن يوسف بن مازن.
ويوسف بن مازن الجمحي، مولاهم، البصري، ويقال: يوسف بن سعد، وقيل إنهما اثنان، وهو ثقة، وثقه ابن معين، وفي رواية قال: مشهور./ الجرح والتعديل (9/ 230 رقم 966)، والتهذيب (11/ 413 - 414 رقم806)، والتقريب (2/ 380 رقم 434).
وأما قول الترمذي عن يوسف هذا: "مجهول" فإنه لا يعارض القول بثقة الرجل، فإنه إن كان مجهولًا عنده، فقد عرفه ابن معين، وسيأتي كلام ابن كثير عن قول الترمذي هذا.
وأما ما جاء في رواية الطبري من تسمية يوسف هذا: (عيسى)، فقد قال عنه الحافظ ابن كثير في التفسير (4/ 530):"ورواه ابن جرير من طريق القاسم بن الفضل، عن (عيسى) بن مازن (في الأصل: يوسف بن مازن)، كذا قال، وهذا يقتضي اضطراباً في الحديث، والله أعلم". اهـ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلت: هذا لا يقتضي اضطراباً في الحديث، فقد رواه عن القاسم ثلاثة لم يختلفوا في تسميته:(يوسف)، وخالفهم سَلْم بن قتيبة، فسماه:(عيسى)، ولعل الخلاف من الراوي عنه، وهو شيخ ابن جرير سهيل بن إبراهيم الجارودي، أبو الخطاب، فقد ذكره ابن حبان في ثقاته (8/ 303)، وقال:"يخطيء ويخالف"، وانظر اللسان (3/ 124رقم 420).
وأما القاسم بن الفضل بن مَعْدان الحُدَّاني -بضم المهملة، والتشديد-، أبو المغيرة البصري، فإنه ثقة./ الجرح والتعديل (7/ 116 - 117 رقم 668)، والتهذيب (8/ 329 - 330 رقم594)، والتقريب (2/ 119رقم 41).
وبناء على ما تقدم، فالظاهر من إسناد هذا الحديث الصحَّة، لكن متنه منكر كما قال الحافظان المزِّي، وابن كثير، وهو ظاهر صنيع الذهبي.
قال ابن كثير في التفسير (4/ 530): "هذا الحديث على كل تقدير منكر جداً، قال شيخنا الِإمام الحافظ الحجة أبو الحجاج المزي هو حديث منكر، (قلت): وقول القاسم بن الفضل الحداني أنه حسب مدة بني أمية فوجدها ألف شهر لا تزيد يوماً ولا تنقص، ليس بصحيح، فإن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه استقل بالملك حين سلم إليه الحسن بن علي الِإمرة سنة أربعين، واجتمعت البيعة لمعاوية وسمي ذلك عام الجماعة، ثم استمروا فيها متتابعين بالشام وغيرها لم تخرج عنهم إلا مدة دولة عبد الله بن الزبير في الحرمين والأهواز وبعض البلاد قريباً من تسع سنين لكن لم تزل يدهم عن الِإمرة بالكلية، بل عن بعض البلاد إلى أن استلبهم بنو العباس الخلافة في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، فيكون مجموع مدتهم اثنتين وتسعين سنة وذلك أزيد من ألف شهر، فإن الألف شهر عبارة عن ثلاث وثمانين سنة وأربعة أشهر، وكأن القاسم بن الفضل أسقط من مدتهم أيام بن الزبير، وعلى هذا فيقارب ما قاله الصحة في الحساب، والله أعلم. ومما يدل على ضعف هذا الحديث أنه سيق لذم دولة بني أمية، ولو أريد ذلك لم يكن بهذا السياق، فإن تفضيل ليلة القدر على أيامهم لا يدل على ذم أيامهم، فإن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ليلة القدر شريفة جداً، والسورة الكريمة إنما جاءت لمدح ليلة القدر، فكيف تمدح بتفضيلها على أيام بني أمية التي هي مذمومة بمقتضى هذا الحديث!
وهل هذا إلا كما قال القائل:
ألم تر أن السيف ينقص قدره
…
إذا قيل إن السيف أمضى من العصا
وقال آخر:
إذا أنت فضلت امرءاً ذا براعة
…
على ناقص كان المديح من النقص
ثم الذي يفهم من الآية، أن الألف شهر المذكورة في الآية هي أيام بني أمية، والسورة مكية، فكيف يحال على ألف شهر هي دولة بني أمية! ولا يدل عليها لفظ الآية ولا معناها والمنبر إنما صنع بالمدينة بعد مدة من الهجرة، فهذا كله مما يدل على ضعف الحديث ونكارته، والله أعلم".
وذكر ابن كثير أيضاً هذا الحديث في البداية والنهاية (6/ 243 - 244)، وأطال الكلام في نقده سنداً ومتناً، فقال: "رواه الترمذي وابن جرير الطبري، والحاكم في مستدركه، والبيهقي في دلائل النبوة، كلهم من حديث القاسم بن الفضل الحدَّاني، وقد وثقه يحيى بن سعيد القطان، وابن مهدي، عن يوسف بن سعد، ويقال: يوسف بن مازن الراسبي، وفي رواية ابن جرير عيسى بن مازن، قال الترمذي: وهو رجل مجهول، وهذا الحديث لا نعرفه إلا من هذا الوجه، فقوله: إن يوسف هذا مجهول، مشكل، والظاهر أنه أراد أنه مجهول الحال، فإنه قد روى عنه جماعة، منهم حماد بن سلمة، وخالد الحذاء، ويونس بن عبيد، وقال يحيى بن معين: هو مشهور، وفي رواية عنه قال: هو ثقة، فارتفعت الجهالة عنه مطلقاً، قلت: ولكن في شهوده قصة الحسن ومعاوية نظر، وقد يكون أرسلها عمن لا يعتمد عليه، والله أعلم، وقد سألت شيخنا الحافظ أبا الحجاج المزي رحمه الله عن هذا الحديث فقال: هو حديث منكر. وأما قول =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= القاسم بن الفضل رحمه الله: إنه حسب دولة بني أمية فوجدها ألف شهر، لا تزيد يوماً ولا تنقصه، فهو غريب جداً، وفيه نظر، وذلك لأنه لا يمكن إدخال دولة عثمان بن عفان رضي الله عنه، وكانت اثنتا عشر سنة، في هذه المدة، لا من الصورة ولا من حيث المعنى، وذلك أنها ممدوحة لأنه أحد الخلفاء الراشدين والأئمة المهديين الذين قضوا بالحق وبه كانوا يعدلون.
وهذا الحديث إنما سيق لذم دولتهم، وفي دلالة الحديث على الذم نظر، وذلك أنه دل، على أن ليلة القدر خير من ألف شهر التي هي دولتهم، وليلة القدر ليلة خيرة، عظيمة المقدار والبركة، كما وصفها الله تعالى به، فما يلزم من تفضيلها على دولتهم، فليتأمل هذا فإنه دقيق يدل على أن الحديث في صحته نظر، لأنه إنما سيق لذم أيامهم، والله تعالى أعلم.
وأما إذا أراد أن ابتداء دولتهم منذ ولي معاوية حين تسلمها من الحسن بن علي، فقد كان ذلك سنة أربعين، أو إحدى وأربعين، وكان يقال له عام الجماعة، لأن الناس كلهم اجتمعوا على إمام واحد.
وقد تقدم الحديث في صحيح البخاري عن أبي بكرة أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول للحسن بن علي: "إن ابني هذا سيد، ولعل الله أن يصلح به بين فئتين عظيمتين من المسلمين".
فكان هذا في هذا العام، -ولله الحمد والمنة-. واستمر الأمر في أيدي بني أمية من هذه السنة إلى سنة اثنتين وثلاثين ومائة، حتى انتقل إلى بني العباس كما سنذكره، ومجموع ذلك اثنتان وتسعون سنة وهذا يطابق ألف شهر، لأن معدل ألف شهر ثلاث وثمانون سنة وأربعة أشهر، فإن قال: أنا أخرج منها ولاية ابن الزبير وكانت تسع سنين، فحينئذ يبقى ثلاث وثمانون سنة، فالجواب أنه وإن خرجت ولاية ابن الزبير، فإنه لا يكون ما بقى مطابقاً لألف شهر تحديداً، بحيث لا ينقص يوماً ولا يزيده كما قاله، بل يكون ذلك تقريباً، هذا وجه، الثاني أن ولاية ابن الزبير كانت بالحجاز والأهواز والعراق في بعض أيامه، وفي مصر في قول، ولم تنسلب يد بني أمية من الشام أصلاً، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ولا زالت دولتهم بالكلية في ذلك الحين، الثالث أن هذا يقتضي دخول دولة عمر بن عبد العزيز في حساب بني أمية، ومقتضى ما ذكره أن تكون دولته مذمومة، وهذا لا يقوله أحد من أئمة الإِسلام، وإنهم مصرحون بأنه أحد الخلفاء الراشدين، حتى قرنوا أيامه تابعة لأيام الأربعة، وحتى اختلفوا في أيهما أفضل؟ هو أو معاوية بن أبي سفيان أحد الصحابة، وقد قال أحمد بن حنبل: لا أرى قول أحد من التابعين حجة إلا قول عمر بن عبد العزيز، فإذا علم هذا، فإن أخرج أيامه من حسابه انخرم حسابه، وإن أدخلها فيه مذمومة، خالف الأئمة، وهذا ما لا محيد عنه. وكل هذا مما يدل على نكارة هذا الحديث، والله أعلم".
الحكم علي الحديث:
الحديث سنده ظاهرة الصحة، وأما متنه فمنكر جداً كما سبق نقله عن الحافظ ابن كثير، والله أعلم.
611 -
ثم ذكر الحاكم له (1) إسناداً آخر بنحوه.
وفيه السَّريَّ بن إسماعيل، وهو (2) واهٍ (3).
(1) أي لحديث الحسن بن علي السابق.
(2)
قوله: (وهو) ليس في (ب).
(3)
هذا الحديث تصرف فيه ابن الملقن، وإلا فالذهبي أورده في تلخيصه على عادته، بجزء من سنده، وبعض متنه.
611 -
المستدرك (3/ 171) تقدم في الحديث السابق أن الحاكم قال عقبه: "وهذا القائل للحسن بن علي هذا القول هو سفيان بن الليل صاحب أبيه"، ثم قال: حدثناه أبو أحمد بكر بن محمد الصيرفي بمرو، ثنا عبد الصمد بن الفضل، ثنا مكي بن إبراهيم، ثنا السري بن إسماعيل البجلي، عن الشعبي، عن سفيان بن الليل الهمداني، قال: أتيت الحسن بن علي حين بايع معاوية، فقلت: يا مسوِّد وجوه المؤمنين، ثم ذكره بنحوه. اهـ.
تخريجه:
الحديث أعاده الحاكم (3/ 175) من طريق آخر، فقال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا العباس بن محمد الدوري، ثنا الأسود بن عامر شاذان، ثنا زهير بن معاوية، ثنا أبو روق الهمداني، ثنا أبو الغريف، قال: كنا في مقدمة الحسن بن علي اثنا عشر ألفاً، تقطر أسيافنا من الحِدَّة على قتال أهل الشام، وعلينا أبو العمر طه، فلما أتانا صلح الحسن بن علي، ومعاوية كأنما كسرت ظهورنا من الحَرَد، والغيظ، فلما قدم الحسن بن علي الكوفة، قام إليه رجل منا يكنى: أبا عامر سفيان بن الليل، فقال: السلام عليك يا مذلَّ المؤمنين، فقال الحسن: لا تقل ذاك يا أبا عامر، لم أذل المؤمنين، ولكني كرهت أن أقتلهم في طلب الملك.
سكت الحاكم والذهبي عن هذا الحديث.
وأخرجه ابن أبي شيبة في الصنف (15/ 93 - 94 رقم 19204). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والفسوي في تاريخه (3/ 317).
ومن طريقه وطريق آخر أخرجه الخطيب في تاريخه (10/ 305 - 306).
ثلاثتهم من طريق أسود بن عامر، به نحوه.
وأخرج نعيم بن حماد في "الفتن" -كما في كنز العمال (11/ 348 - 349 رقم 31708) عن سفيان (وهو ابن الليل) قال: أتيت الحسن بن علي بعد رجوعه من الكوفة إلى المدينة، فقلت له: يا مذلَّ المؤمنين، فكان مما احتج علي أن قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا تذهب الأيام والليالي، حتى يجتمع أمر هذه الأمة على رجل واسع السُّرْم، ضخم البلعوم، يأكل ولا يشبع"، وهو معاوية، فعلمت أن أمر الله واقع.
وقوله: (واسع السُّرْم، ضخم البلعوم) السُّرْم: الدُّبُر، والبلعوم: الحلق، يريد: رجلاً عظيماً شديداً./ النهاية (2/ 362).
دراسة الِإسناد:
الحديث سكت عنه الحاكم، وأعله الذهبي بقوله:"السري واه".
والسري هذا هو ابن إسماعيل الهمداني، الكوفي، وتقدم في الحديث (489) أنه: متروك الحديث.
والسري هنا يروي الحديث عن الشعبي، وقد نص ابن عدي على نكارة أحاديثه عن الشعبي، خاصة، فقال في الكامل (3/ 1297):"وللسري غير ما ذكرت، وأحاديثه التي يرويها لا يتابعه أحد عليها، وخاصة عن الشعبي، فإن أحاديثه عنه منكرات، لا يرويها عن الشعبي غيره".
وأما الطريق الأخرى التي أخرجها الحاكم وغيره عن الأسود بن عامر، عن زهير بن معاوية، عن أبي روق، عن أبي الغريف، فليس فيها ذكر للمعنى المذكور في الحديث السابق عن قوله تعالى:
{إِنَّا أَنْزَلْنَاهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ (1)} [القدر: 1]، إلخ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وموضع الشاهد من هذه الرواية معرفة أن القائل هو سفيان بن الليل، وقوله: يا مسود وجوه المؤمنين.
ومع ذلك، فالراوي لهذه الطريق هو أبو الغريف عبيد الله بن خليفة الهمداني، المرادي، الكوفي، قال ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (5/ 313رقم1489):"سئل أبي عنه، فقال: كان على شرطة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وليس بالمشهور، قلت: هو أحب إليك، أو الحارث الأعور؟ قال: الحارث أشهر، وهذا قد تكلموا فيه، وهو شيخ من نظراء أصبغ بن نباتة".
قلت: أصبغ بن نباتة، قال عنه أبو حاتم -كما في الجرح والتعديل (2/ 319 - 320رقم1213) -:"لين الحديث".
وأبو الغريف هذا ذكره ابن حبان في ثقاته (5/ 68 - 69)، وقال ابن سعد: كان قليل الحديث، وذكره ابن البرقي فيمن احتمك روايته، وقد تكلم فيه./ التهذيب (6/ 10رقم 18).
قلت: وقد اختار الذهبي قول أبي حاتم: "تكلموا فيه" في الكاشف (2/ 225رقم 3587)، وقال في المغني (2/ 415 رقم3920):"فيه كلام"، وفي ديوان الضعفاء (ص 205 رقم 2691) قال:"تكلم فيه بعضهم"، ولم يذكره في "من تكلم فيه وهو موثق"، فدل على أنه ضعيف الحديث عنده، وحيث ساوى أبو حاتم بينه وبين أصبغ بن نباتة في الرتبة عنده، فهذا الرجل "لين الحديث" كما قال هو عن أصبغ، والله أعلم.
الحكم علي الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم ضعيف جداً لشدة ضعف السري بن إسماعيل، ومتنه منكر كما يقتضيه كلام ابن عدي السابق، وكما نص عليه المزي، وابن كثير، وسبق نقله في الحديث السابق.
وأما الطريق التي رواها نعيم بن حماد في "الفتن"، فلم يتيسر الاطلاع على سندها، والله أعلم.
612 -
حديث سفيان بن الليل (1)، قال:
لما كان من أمر الحسن ومعاوية ما كان قدمت عليه (2) المدينة وهو جالس في أصحابة
…
الحديث.
قلت: فيه نوح بن درَّاج كذاب (3).
(1) قوله: (ابن الليل) ليس في (ب).
(2)
قوله: (عليه) ليس في أصل (ب)، ومعلق بالهامش مع الِإشارة لدخوله في الصلب.
(3)
في التلخيص: (قال أبو داود: نوح كذاب).
612 -
المستدرك (3/ 171): حدثني نصر بن محمد العدل، ثنا أحمد بن محمد بن سعيد الحافظ، ثنا أحمد بن يحيى البجلي، ثنا محمد بن إسحاق البلخي، ثنا نوح بن درَّاج، عن الأجلح، عن البهي، عن سفيان بن الليل قال: لما كان من أمر الحسن بن علي ومعاوية ما كان، قدمت عليه المدينة وهو جالس في أصحابه، فذكر الحديث بطوله، قال: فتذاكرنا عنده الأذان فقال بعضنا: إنما كان بدء الأذان رؤيا عبد الله بن زيد بن عاصم، فقال له الحسن بن علي: إن شأن الأذان أعظم من ذاك؛ أذَّن جبريل عليه السلام في السماء مثنى مثنى، وعلَّمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وأقام مرة مرَّة فعلمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فأذن الحسن حين ولي.
تخريجه:
الحديث ذكره الزيلعي في نصب الراية (1/ 261) وعزاه للحاكم وحده في هذا الموضع، ولم يذكر الحاكم الحديث بتمامه، ولعله يقصد بقوله:"الحديث بطوله" الحديث السابق، وقول سفيان: "يا مسوِّد وجوه المؤمنين
…
"، إلخ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= دراسة الِإسناد:
الحديث سكت عنه الحاكم، وأعله الذهبي بقوله:"قال: أبو داود: نوح كذاب".
ونوح بن درَّاج هذا تقدم في الحديث (539) أنه متروك.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف جداً بهذا الِإسناد، لشدة ضعف نوح.
ومتنه مخالف للأحاديث الصحيحة في بدء الأذان وإنه كان برؤيا بعض الصحابة له، ومن ضمنهم عبد الله بن زيد وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما.
فقد أخرج أبو داود في سننه (1/ 335 - 337 رقم498) في الصلاة، باب بدء الأذان، من طريق هشيم، أخبرنا أبو بشر، عن أبي عمير بن أنس، عن عمومة له من الأنصار، قال: اهتمَّ النبي صلى الله عليه وسلم للصلاة كيف يجمع الناس لها، فقيل له: انصب راية عند حضور الصلاة، فإذا رأوها آذن بعضهم بعضاً، فلم يعجبه ذلك، قال: فذكر له القُنْع -يعني الشبُّور-، وقال زياد (شيخ أبي داود): شبُّور اليهود، فلم يعجبه ذلك، وقال:"هو من أمر اليهود"، قال: فذكر له الناقوس، فقال:"هو من أمر النصارى"، فانصرف عبد الله بن زيد بن عبد ربه وهو مهتمَّ؛ لهمَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأري الأذان في منامه، قال: فغدا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأخبره، فقال له: يا رسول الله، إني لبين نائم ويقظان، إذ أتاني آت، فأراني الأذان، قال: وكان عمر بن الخطاب رضي الله عنه قد رآه قبل ذلك، فكتمه عشرين يوماً، قال: أخبر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له:"ما منعك أن تخبرني؟ " فقال: سبقني عبد الله بن زيد، فاستحيَيْت، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"يا بلال، قم فانظر ما يأمرك به عبد الله بن زيد، فافعله"، قال: فأذَّن بلال. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأخرجه أبو داود عقب هذا الحديث برقم (499).
والترمذي في سننه (1/ 563 - 565 رقم189) في الصلاة، باب ما جاء في بدء الأذان.
كلاهما من طريق محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن إبراهيم بن الحارث التيمي، عن محمد بن عبد الله بن زيد بن عبد ربه، قال: حدثني أبي عبد الله بن زيد
…
، فذكر الحديث بمعنى سابقه،
قال الترمذي: "حديث عبد الله بن زيد حديث حسن صحيح".
613 -
حديث عمر بن علي بن الحسين، عن أبيه، قال:
خطب الحسن حين قتل علي
…
، فذكر الحديث، وفيه: أنا ابن النبي، وابن الوصي
…
إلخ.
قلت: ليس بصحيح.
613 - المستدرك (3/ 172): حدثنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى ابن أخي طاهر العقيقي الحسني، ثنا إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسن، حدثني عمي علي بن جعفر بن محمد، حدثني الحسن بن زيد، عن عمر بن علي، عن أبيه علي بن الحسين قال: خطب الحسن بن علي الناس حين قتل علي، فحمد الله، وأثنى عليه، ثم قال: لقد قبض في هذه الليلة رجل لا يسبقه الأولون بعمل، ولا يدركه الآخرون.
وقد كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يعطيه رايته فيقاتل وجبريل عن يمينه، وميكائيل عن يساره، فما يرجع حتى يفتح الله عليه.
وما ترك على أهل الأرض صفراء ولا بيضاء: إلا سبع مائة درهم فضلت من عطاياه، أراد أن يبتاع بها خادماً لأهله، ثم قال: أيها الناس، من عرفني فقد عرفني، ومن لم يعرفني فأنا الحسن بن علي، وأنا ابن النبي، وأنا ابن الوصي، وأنا ابن البشير، وأنا ابن النذير، وأنا ابن الداعي إلى الله بإذنه، وأنا ابن السراج المنير، وأنا من أهل البيت الذي كان جبريل ينزل إلينا، ويصعد من عندنا، وأنا من أهل البيت الذي أذهب الله عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، وأنا من أهل البيت الذي افترض الله مودتهم على كل مسلم، فقال تبارك وتعالى لنبيه صلى الله عليه وآله وسلم:
فاقتراف الحسنة مودّتنا أهل البيت.
تخريجه:
الحديث له عن الحسن بن علي رضي الله عنه سبع طرق: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= * الأولى: طريق الحسين بن زيد، واختلف عليه.
فرواه علي بن جعفر بن محمد، عنه، عن عمر بن علي، عن أبيه علي بن الحسين، عن الحسن، به.
أخرجه الحاكم هنا.
والدولابي في الذرية الطاهرة (ص 43).
كلاهما من طريق إسماعيل بن محمد بن إسحاق، عن علي بن جعفر، به، ولفظ الدولابي نحو لفظ الحاكم.
ورواه علي بن الحسن بن علي بن عمر بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن حسين بن زيد، عن الحسن بن زيد بن حسن، قال: خطب الحسن بن علي حين قتل علي بن أبي طالب، فذكر نحوه.
أخرجه الدولابي في الموضع السابق (ص 44)، فقال: أخبرني أبو عبد الله الحسين بن علي بن الحسن بن علي بن عمر بن الحسين بن علي بن أبي طالب، حدثني أبي، فذكره.
* الطريق الثانية: طريق أبي إسحاق السبيعي، عن هبيرة بن يريم، قال: سمعت الحسن بن علي قام خطيباً، فخطب الناس، فقال: يا أيها الناس، لقد فارقكم أمس رجل ما سبقه الأولون، ولا يدركه الآخرون، ولقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يبعثه المبعث، فيعطيه الراية، فما يرجع حتى يفتح الله عليه، جبريل عن يمينه، وميكائيل عن شماله، ما ترك بيضاء ولا صفراء، إلا سبعمائة درهم فضلت من عطائه أراد أن يشتري بها خادماً.
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (12/ 73 - 74 رقم12154).
وابن سعد في الطبقات (3/ 38و 38 - 39).
وأحمد في المسند (1/ 199). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والبزار في مسنده (3/ 205 رقم في 2574).
وابن حبان في صحيحه (ص 545 رقم 2211).
والطبراني في الكبير (3/ 79 - 82 رقم2717و2718و2719و 2722 و 2723 و 2724 و 2725).
والدولابي في الذرية الطاهرة (ص 46 و 47).
وأبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 45).
جميعهم من طريق أبي إسحاق، به، وهذا لفظ ابن أبي شيبة، ولفظ الباقين نحوه.
* الطريق الثالثة: طريق سُكَينْ بن عبد العزيز، عن حفص بن خالد بن جابر، عن أبيه، عن الحسن.
أخرجه البخاري في تاريخه (2/ 362 - 363).
والبزار في مسنده (3/ 205رقم 2573).
وأبو يعلى -كما في البداية لابن كثير (7/ 333).
وابن جرير في تاريخه (5/ 157).
والدولابي في الذرية الطاهرة (ص 47).
جميعهم من طريق سكين، به نحو سابقه، عدا البخاري، فإنما أشار إليه إشارة بجزء من متنه.
قال البزار: "لا نعلم أحداً يروي هذا إلا الحسن بن علي بهذا الِإسناد، وإسناده صالح، ولا نعلم حدث عن حفص إلا سكين".
وقال ابن كثير عقبه: "هذا غريب جداً، وفيه نكارة".
* الطريق الرابعة: طريق وكيع، عن إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن عمرو بن حبشي، عن الحسن، به نحو سابقه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أخرجه الِإمام أحمد في المسند (1/ 199 - 200).
* الطريق الخامسة: طريق شريك، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة، عن الحسن، به نحو سابقه.
أخرجه ابن أبي شيبة في المصنف (2/ 68 - 69 رقم12143).
* الطريق السادسة: طريق أبي الجارود، عن منصور، عن أبي رزين، عن الحسن، به نحو سابقه.
أخرجه البزار في مسنده (3/ 205 - 206 (رقم 2575).
* الطريق السابعة: طريق سلام بن أبي عمرة، عن معروف بن خربوذ، عن أبي الطفيل، عن الحسن، به بنحو لفظ الحاكم، وفيه زيادة.
أخرجه الطبراني في الأوسط -كما في مجمع البحرين المكية (ص 343).
دراسة الِإسناد:
الحديث سكت عنه الحاكم، وأعله الذهبي بقوله:"ليس بصحيح"، ولم يذكر العلة.
والحديث يرويه عن الحسن رضي الله عنه ابن أخيه علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، وتقدم في الحديث (575) أنه لم يسمع من جده علي رضي الله عنه، وخطبة الحسن هذه عند وفاة علي رضي الله عنه، فهو لم يشهد الحادثة، وإنما سمعها بواسطة، ولم يذكر الواسطة، هذا على فرض صحة الإِسناد إليه، مع أن في سند الحديث إليه الحسين بن زيد بن علي بن الحسين، وتقدم في الحديث (577) أنه ضعيف.
والراوي عن الحسين هذا هو علي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي، وهو مقبول -كما في التقريب (2/ 33رقم304) -، وانظر التهذيب (7/ 293رقم502).
والراوي عنه ابن أخيه إسماعيل بن محمد بن إسحاق بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين، لم أجد من ترجم له. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والراوي عنه شيخ الحاكم أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى بن الحسين بن جعفر بن عبيد الله بن الحسين بن زين العابدين علي بن الحسين، وهو ابن أخي طاهر العلوي النسّابة.
والحسن هذا هو الراوي لحديث: "علي خير البشر، فمن امترى فقد كفر"، وهو المتهم به، وقد ترجم له الخطيب في تاريخه (2/ 421رقم3984)، وذكر هذا الحديث في ترجمته، ثم قال:"هذا حديث منكر، لا أعلم رواه سوى العلوي بهذا الِإسناد، وليس بثابت"، وكأن الذهبي لمس تقصير الخطيب في نقده لهذا الحديث، فذكر قوله هذا، ثم قال:"قلت: إنما يقول الحافظ: ليس بثابت في مثل خبر: القلّتين، وخبر: الخال وارث، لا في مثل هذا الباطل الجَليّ، نعوذ بالله من الخذلان"، وكان الذهبي قد قال في بداية ترجمة الحسن هذا: "روى بقلّة حياء، عن الدّبري، عن عبد الرزاق بإسناد كالشمس: على خير البشر
…
"، ثم ذكر خبراً آخر، وقال: "فهذان دالّان على كذبه، وعلى رفضه -عفا الله عنه-"، ثم ختم ترجمته بقوله: "ولولا أنه متهم، لازدحم عليه المحدّثون، فإنه معمّر". اهـ. من الميزان (1/ 521 رقم 1943).
وتقدم ذكر الاختلاف على الحسين بن زيد، فقد رواه عنه علي بن الحسن بن علي بن عمر بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن الحسن بن زيد بن الحسن، عن الحسن بن علي.
وعلي بن الحسن بن علي بن عمر بن الحسين بن علي بن أبي طالب هذا لم أجد من ترجم له. وابنه أبو عبد الله الحسين ترجم له الذهبي في الميزان (1/ 544رقم 2035) ونقل عن الدارقطني قوله: "ليس بذاك"، وفي سؤالات حمزة السهمي للدارقطني (ص 203 رقم 265)، قال الدارقطني عن الحسين هذا:"ليس به بأس"، والتشابه بين العبارتين مظنّة الخطأ، فلست أدري، هل الصواب ما في الميزان، أو السؤالات؟.
هذا بالنسبة للطريق الأولى. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= * وأما الطريق الثانية، فمدارها على أبي إسحاق السبيعي، وتقدم في الحديث (496) أنه مدلس من الثالثة، واختلط بأخرة، وقد عنعن هنا، وفي الرواة عنه شريك القاضي، وهو ممن سمع منه قبل الاختلاط كما في حاشية الكواكب النيرات (ص 356 - 357)، غير أن شريكاً يخطيء كثيراً كما في ترجمته في الحديث (497)، ومع ذلك فعلة التدليس باقية.
* وأما الطريق الثالثة ففي سندها حفص بن خالد بن جابر، وأبوه، وهما مجهولان، ذكرهما البخاري في تاريخه وسكت عنهما، وبيض لهما ابن أبي حاتم، وذكرهما ابن حبان في ثقاته، ولم يرو عن حفص سوى سُكين بن عبد العزيز، ولم يرو عن جابر سوى ابنه حفص./ التاريخ الكبير (2/ 362 - 363 رقم2760)، و (3/ 143رقم 484)، والجرح والتعديل (3/ 323 - 324رقم1454)، و (3/ 172رقم 738)، وثقات ابن حبان (6/ 253و 196)، وتعجيل المنفعة (ص 68 رقم215).
* وأما الطريقة الرابعة، ففي سندها عمرو بن حُبْشي -بضم المهملة، وسكون الموحدة، ثم معجمة-، الزُبَيْدي -بضم الزاي-، الكوفي، وهو مقبول، ذكره ابن حبان في ثقاته (5/ 173)، وانظر التهذيب (8/ 16 - 17 رقم 24)، والتقريب (2/ 67رقم 557).
والراوي عنه أبو إسحاق السبيعي، وتقدم آنفاً أنه مدلس، واختلط، وقد عنعن، والراوي عنه ابن ابنه إسرائيل بن يونس، وهو ممن سمع منه بعد الاختلاط كما في حاشية الكواكب النيرات (ص 356 - 357)، لكن تقدم في الحديث (496) أنه من أتقن أصحاب أبي إسحاق الذين رووا عنه، بل قد روى الشيخان عنه من طريقه.
* الطريق الخامسة، هي طريق شريك، عن أبي إسحاق، عن عاصم بن ضمرة.
وعاصم بن ضمرة تقدم في الحديث (584) أنه: صدوق يخطيء.
وأبو إسحاق تقدم الكلام آنفاً عن اختلاطه وتدليسه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وشريك أيضاً تقدم آنفاً أنه يخطيء كثيراً.
* الطريق السادسة، في سندها أبو الجارود الأعمى الكوفي زياد بن المنذر الهمداني، وهو كذاب يضع الحديث، رافضي، كذبه ابن معين، وأبو داود، وقال ابن حبان: كان رافضياً يضع الحديث، وقال يحيى بن يحيى النيسابوري: يضع الحديث، وقال الِإمام أحمد: متروك الحديث، وضعفه جداً، وقال النسائي: متروك./ الكامل لابن عدي (3/ 1046 - 1048)، والتهذيب (3/ 386 - 387 رقم704).
* الطريق السابعة، في سندها معروف بن خَرّبُوذ -بفتح المعجمة، وتشديد الراء، وبسكونها، ثم موحّدة مضمومة، وواو ساكنة، وذال معجمة-، المكي، وهو صدوق ربما وهم -كما في التقريب (2/ 264 رقم 1266) -، وانظر الجرح والتعديل (8/ 321 رقم1481)، والتهذيب (10/ 230 - 231 رقم 421).
والراوي عنه سلام بن أبي عمرة الخراساني، أبو علي، وهو ضعيف./ الكامل لابن عدي (3/ 1155)، والتهذيب (4/ 286 رقم 492)، والتقريب (1/ 342 رقم 618).
الحكم على الحديث:
الحديث بإسناد الحاكم ضعيف جداً لما تقدم في دراسة الِإسناد.
والطريق الثانية والرابعة والخامسة مدارها على أبي إسحاق السبيعي، ولا يمكن تحسين الحديث بمجموعها؛ لاحتمال كون ذلك من اختلاط أبي إسحاق.
والطريق الثالثة ضعيفة لجهالة حفص بن خالد، وأبيه.
والسادسة موضوعة؛ لنسبة أبي الجارود إلى الكذب ووضع الحديث.
والسابعة ضعيفة، ومتنها مقارب لمتن لفظ الحاكم هنا، وفيه ركّة كما لا يخفى من سياقه، ومع ذلك فقوله:"وأنا ابن الوصي" مخالف لاعتقاد أهل السنة، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وفيه نصرة لعقيدة الشيعة الذين يقولون إن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى لعلي بالخلافة، فهذا اللفظ منكر.
وعليه فأمثل طرق هذا الحديث هي الطريق الثانية، والثالثة، بالسياق المتقدم ذكره في الطريق الثانية، وقد يرتقي الحديث بمجموع هذين الطريقين لدرجة الحسن لغيره، لولا أن قوله:"لقد فارقكم أمس رجل ما سبقه الأوّلون" ظاهره تفضيل علي رضي الله عنه على كل أحد، حتى الشيخين رضي الله عنهما، وتقدم في الحديث (496) ذكر الدليل على أفضلية الشيخين على علي رضي الله عنهم، وباعتراف على نفسه، ولذا فإن الحافظ ابن كثير رحمه الله حينما قال عن هذا الحديث:"هذا غريب جداً، وفيه نكارة" -كما تقدم ذكره-، إنما قاله عن إدراك لما يتبادر للذهن من متن هذا الحديث، والله أعلم.
614 -
حديث أم الفضل بنت الحارث:
أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: إني رأيت حلماً منكراً
…
الحديث.
قال: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: بل منقطع، ضعيف، فإن شدّاداً لم يدرك أم الفضل، ومحمد بن مصعب (ضعيف)(1).
(1) في (أ): (لم يدرك).
614 -
المستدرك (3/ 176 - 177): أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الجوهري ببغداد، ثنا أبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي، ثنا محمد بن مصعب، ثنا الأوزاعي، عن أبي عمار شدّاد بن عبد الله، عن أم الفضل بنت الحارث، أنها دخلت على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني رأيت حلماً منكراً الليلة. قال:"وما هو؟ " قالت: إنه شديد، قال:"وما هو؟ " قالت: رأيت كأن قطعة من جسدك قطعت ووضعت في حجري، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"رأيت خيراً؛ تلد فاطمة -إن شاء الله- غلاماً فيكون في حجرك"، فولدت فاطمة الحسين فكان في حجري كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فدخلت يوماً إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فوضعه في حجره، ثم حانت مني الْتفاتة فإذا عينا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم تهريقان من الدموع، قالت: فقلت: يا نبي الله، بأبي أنت وأمي، ما لك؟ قال:"أتاني جبريل عليه الصلاة والسلام، فأخبرني أن أمتي ستقتل ابني هذا"، فقلت: هذا؟!! فقال: "نعم، وأتاني بتربة من تربته حمراء".
تخريجه:
الحديث أخرجه الطبراني في الكبير (25/ 27رقم 42)، من طريق أحمد بن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= يزيد الحوطي، عن محمد بن مصعب، عن الأوزاعي، عن أبي عمار، عن أم الفضل، أنها أتت النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: يا رسول الله، إني رأيت في المنام حلماً منكراً، فقال:"وما هو؟ " قالت: أصلحك الله، إنه شديد، قال:"فما هو؟ " قالت: رأيت كأن بضعة من جسدك قطعت، ثم وضعت في حجري، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"خيراً رأيت، تلد فاطمة -إن شاء الله- غلاماً يكون في حجرك"، فولدت فاطمة حسناً، فكان في حجرها، فدخلت به على النبي صلى الله عليه وسلم، فوضعته، فبال عليه، فذهبت أتناوله، فقال:"دعي ابني، فإن ابني ليس بنجس"، ثم دعا بماء فصبّه عليه.
هكذا رواه الطبراني، على أن الغلام هو الحسن، وليس الحسين، ولم يذكر الإخبار بمقتل الحسين، وفيه هذه الزيادة، وهذا السياق موافق للرواية الأخرى عن أم الفضل رضي الله عنها.
فالحديث أخرجه ابن ماجه في سننه (2/ 1293رقم 2923) في تعبير الرؤيا، باب تعبير الرؤيا. والطبراني في الكبير (25/ 25 - 26 رقم 39).
والدولابي في الذرية الطاهرة (ص 42).
أما ابن ماجه، فمن طريق معاذ بن هشام، وأما الطبراني، والدولابي، فمن طريق معاوية بن هشام، كلاهما عن علي بن صالح، عن سماك بن حرب، عن قابوس بن المخارق، قال: قالت أم الفضل: يا رسول الله، رأيت كأن في بيتي عضواً من أعضائك، قال:"خيراً رأيت، تلد فاطمة غلاماً، فترضعيه"، فولدت حسيناً، أو حسناً، فأرضعته بلبن قُثَم، قالت: فجئت به إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فوضعته في حجره، فبال، فضربت كتفه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أوجعت ابني رحمك الله! ".
هذا سياق ابن ماجه، والطبراني، وسياق الدولابي نحوه، لكن فيه الجزم بأنه الحسن، ولم يذكر قوله: (قالت: فجئت به
…
) إلخ. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ورواه الطبراني في الكبير (3/ 9رقم 2541).
وأبو نعيم في أخبار أصبهان (1/ 46).
كلاهما من طريق يحيى الحماني، عن شريك، عن سماك بن حرب، به ولفظ الطبراني نحو، السياق السابق، وفيه الجزم بأن الغلام هو الحسن، وزاد قوله: فقلت: -يعني أم الفضل-: إدفع إلي إزارك، فأغسله، فقال:"لا، صبي عليه الماء، فإنه يصب على بول الغلام، ويغسل بول الجارية".
وأما لفظ أبي نعيم فهو نحو لفظ الدولابي.
هكذا رواه الحماني، عن شريك، فوافق رواية علي بن صالح من طريق معاوية، ومعاذ عنه.
ورواه عثمان بن سعيد المري، عن علي بن صالح، عن سماك بن حرب، عن قابوس بن المخارق عن أبيه، عن أم الفضل، به هكذا بزيادة والد قابوس في الِإسناد.
أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 5رقم 2526) و (25/ 25 رقم 38).
ومن طريقه أبو نعيم في الموضع السابق.
ولفظه نحو لفظ شريك السابق، لكن ليس فيه ذكر لاسم الغلام.
وبهذه الزيادة في الِإسناد أخرجه الطبراني أيضاً (25/ 26رقم 41) من طريق أبي مالك عبد الملك بن الحسين الأشجعي، عن سماك بن حرب، به نحو سابقه، وفيه:"فولدت حسناً".
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، فتعقبه الذهبي بقوله:"بل منقطع ضعيف، فإن شداداً لم يدرك أم الفضل، ومحمد بن مصعب ضعيف".
أما الانقطاع بين شداد، وأم الفضل، فبيانه كالتالي: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أم الفضل رضي الله عنها توفيت في خلافة عثمان رضي الله عنه كما في التهذيب (12/ 449 - 450رقم 2886).
وشدّاد بن عبد الله القرشي، أبو عمار الدمشقي هذا ثقة، وهو لم يسمع إلا ممن تأخرت وفاته من الصحابة -كما في ترجمته في التهذيب (4/ 317رقم 543) -، بل نقل العلائي في جامع التحصيل (ص 236 رقم 279) عن صالح جزرة أن شداداً لم يسمع من أبي هريرة، وعوف بن مالك، وأبو هريرة رضي الله عنه أكثر ما قيل في تاريخ وفاته سنة تسع وخمسين للهجرة، وعوف سنة ثلاث وسبعين -كما في ترجمتها من التهذيب (12/ 266)، و (8/ 168) -، ولذا فمن باب أولى أن لا يكون شداد سمع من أم الفضل التي توفيت في وقت مبكر، قبل سنة خمس وثلاثين للهجرة، والذهبي رحمه الله ممن يعتمد قوله إذا لم يعلم له مخالف، وقد نص هنا على أن شداداً لم يسمع من أم الفضل، ويؤيده ما تقدم، والله أعلم.
أما محمد بن مصعب بن صدفة القُرْقساني -بقافين، ومهملة-، فإنه صدوق، لكنه كثير الغلط -كما في التقريب (2/ 208رقم 709) -، وانظر الجرح والتعديل (8/ 102 - 103 رقم 441)، والكامل لابن عدي (6/ 2269)، والتهذيب (9/ 458 - 460 رقم740).
وقد روي الحديث من غير هذه الطريق كما تقدم، ومداره على سماك بن حرب، واختلف عليه في كون الحديث عن قابوس بن المخارق، عن أم الفضل، أو عنه، عن أبيه، عن أم الفضل.
وسِمَاك -بكسر أوله، وتخفيف الميم- ابن حرب الذهلي، البكري، أبو المغيرة الكوفي صدوق، وروايته عن عكرمة خاصة مضطربة، وقد تغير هو بأخرة، فكان ربما يُلقّن، وسماع سفيان الثوري وشعبة منه قبل الاختلاط، وحديثهم عنه صحيح كما قال يعقوب بن شيبة./ انظر الكامل لا بن عدي (3/ 1299 - 1300)، والتهذيب (4/ 232 - 234 رقم 395)، والتقريب (1/ 332 رقم519)، والكواكب النيرات (ص 237 - 241 رقم 29). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحكم علي الحديث:
الحديث ضعيف بإسناد الحاكم والطبراني، للانقطاع الذي في سنده، وضعف محمد بن مصعب من قبل حفظه.
والطريق الأخرى ضعيفة لاختلاط سماك بن حرب، واختلافه في الحديث.
والحديث بمجموع هذين الطريقين يكون حسناً لغيره، لكن بلفظ الطبراني، دون الزيادة التي عند الحاكم، وهي الِإخبار بمقتل الحسين رضي الله عنه، فهذه صحيحة لغيرها بمجموع الشواهد الآتية، من حديث عائشة، وأم سلمة، وأنس، وعلي، ومعاذ بن جبل، وأنس بن الحارث، والحسين نفسه، وابن عباس، وأبي الطفيل، وزينب بنت جحش رضي الله عنهم أجمعين-.
أما حديث عائشة رضي الله عنها، فله طريقان:
* الأولى: طريق عبد الله بن سعيد، عن أبيه، عنها رضي الله عنها، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال لها:"لقد دخل علي البيت ملك لم يدخل علي قبلها، فقال لي: إن ابنك هذا حسين مقتول، وإن شئت أريتك من تربة الأرض التي يقتل بها، قال: فأخرج تربة حمراء".
أخرجه الِإمام أحمد في المسند (6/ 294) والفضائل (2/ 770 رقم 1357)، واللفظ، من طريق وكيع، عن عبد الله، به، غير أن وكيعاً شك فقال: عن عائشة أو أم سلمة.
وأخرجه الطبراني في الكبير (3/ 113 - 114رقم2815) عن شيخه محمد بن عبد الله الحضرمي، ثنا الحسين بن حريث، ثنا الفضل بن موسى، عن عبد الله، به عن عائشة من غير شك.
وذكره الهيثمي في المجمع (9/ 187) وعزاه لأحمد فقط وقال: "رجاله رجال الصحيح".
* الثانية: يرويها ابن لهيعة عن أبي الأسود، عن عروة بن الزبير، عنها رضي الله عنها به، بنحو سابقه وفيه قصة. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 113رقم2814).
وذكره الهيثمي في المجمع (9/ 188) وعزاه للطبراني في الكبير والأوسط وقال: "وفي، إسناد الكبير ابن لهيعة، وفي إسناد الأوسط من لم أعرفه".
قلت: عبد الله بن لهيعة بن عقبة الحضرمي، أبو عبد الرحمن المصري ضعيف، ومدلس من الخامسة، فقد تركه يحيى بن سعيد القطان، وكان لا يراه شيئاً، وقال ابن مهدي: لا أحمل عنه قليلاً ولا كثيراً، وضعفه ابن معين، وابن سعد، وأبو حاتم، وأبو زرعة، وغيرهم./ الجرح والتعديل (5/ 145 - 148رقم 682)، والكامل لابن عدي (4/ 1462 - 1472)، والتهذيب (5/ 373 - 379 رقم648)، وطبقات المدلسين (ص 142 رقم 140).
وأما حديث أم سلمة رضي الله عنها فله عنها خمس طرق:
* الأولى: طريق إبراهيم بن عبد الله، عن حجاج، عن حماد، عن أبان، عن شهر بن حوشب، عنها رضي الله عنها به نحو سابقه.
أخرجه القطيعي في زياداته على الفضائل (2/ 782رقم1391).
وسنده ضعيف.
شَهْر بن حَوْشب صدوق؛ إلا أنه كثير الِإرسال والأوهام -كما في التقريب (1/ 355رقم 112) -، وانظر الكامل لابن عدي (4/ 1354 - 1358)، والتهذيب (4/ 369 - 372 رقم 625).
* الثانية: طريق عمرو بن ثابت، عن الأعمش، عن أبي وائل شقيق بن سلمة، عنها رضي الله عنها به نحو سابقه.
أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 114رقم 2817)، وذكره الهيثمي في المجمع (9/ 189)، وقال:"فيه عمرو بن ثابت البكري، وهو متروك".
* الثالثة: طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن سليمان بن بلال، عن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= كثير بن زيد، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، عنها رضي الله عنها به، نحو سابقه.
أخرجه الطبراني (3/ 115رقم 2819)، وسنده ضعيف جداً.
يحيى بن عبد الحميد الحماني تقدم في الحديث (551) أنه متهم بسرقة الحديث.
* الرابعة: طريق موسى بن صالح الجهني، عن صالح بن اربد، عنها رضي الله عنها به نحو سابقه.
أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 115 - 116رقم 2820)، وسنده ضعيف.
صالح بن أربد النخعي- رواية موسى الجهني عنه فيها انقطاع كما قال البخاري في تاريخه (4/ 273رقم 2779) بعد أن ذكر صالحاً هذا وسكت عنه.
وذكره في موضع آخر من تاريخه (4/ 288رقم 2849) باسم صالح بن لبيد النخعي، وقال:"مرسل، روى عنه موسى الجهني، إنما هو ابن أربد، رأيت بخطه قد غيّره ومحا لبيداً وكتب أربد".
وذكره ابن أبي حاتم وبيض له (4/ 394رقم 1725).
وعده ابن حبان في الثقات (4/ 373) وقال: "روى عنه موسى الجهني إن كان سمع منه". وعليه فهو مجهول.
* الخامسة: طريق موسى بن يعقوب الزمعي، عن هاشم بن هاشم بن عتبة بن أبي وقاص، عن عتبة بن عبد الله بن زمعة، عن أم سلمة، به نحو سابقه.
أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 116رقم2821).
وعتبة بن عبد الله بن زمعة لم أجد من ذكره، وأظن في الِإسناد خطأ وأن الصواب:(عن عبد الله بن زمعة)، وهو ابن وهب فيكون نسب إلى جده، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأن "عتبة" زيادة؛ لأن هاشماً يروي عنه، وهو يروي عن أم سلمة كما في ترجمتهما في التهذيب (11/ 20رقم41) و (6/ 70 - 71رقم139).
وفي سند الحديث موسى بن يعقوب بن عبد الله بن وهب الزمعي، وتقدم في الحديث (493) أنه صدوق سيىء الحفظ، فالحديث ضعيف بهذا الإِسناد لأجله.
وأما حديث أنس فيرويه عمارة بن زاذان الصيدلاني، عن ثابت، عن أنس به، نحو سابقه.
أخرجه الِإمام أحمد في المسند (3/ 242و 265).
والطبراني في الكبير (3/ 112رقم2813).
وأبو نعيم في الدلائل (2/ 709رقم 492).
وذكره الهيثمي في المجمع (9/ 187)، وقال:"رواه أحمد، وأبو يعلى، والبزار، والطبراني بأسانيد، وفيها عمارة بن زاذان وثقه جماعة وفيه ضعف، وبقية رجال أبي يعلى رجال الصحيح".
وأما حديث علي فله عنه رضي الله عنه خمس طرق:
* الأولى: طريق عبد الله بن نجي، عن أبيه، عنه رضي الله عنه، به نحو سابقه.
أخرجه الِإمام أحمد في المسند (1/ 85).
والطبراني في الكبير (3/ 111رقم 2811).
وذكره الهيثمي في المجمع (9/ 187) وعزاه لأحمد وأبي يعلى والبزار والطبراني وقال: "ورجاله ثقات، ولم ينفرد نجي بهذا". اهـ.
* الثانية: طريق سعد بن وهب الواسطي، عن جعفر بن سليمان، عن شبيل بن عزرة، عن أبي حبرة قال: صحبت علياً
…
، فذكره موقوفاً على علي بمعناه، وله حكم المرفوع لأنه إخبار عن غيب. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 117رقم 2823).
وذكره الهيثمي في المجمع (9/ 191) وقال: "فيه سعد بن وهب متأخر، ولم أعرفه، وبقية رجاله ثقات".
* الثالثة: طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن هانئ بن هانئ، عن علي موقوفاً بمعناه، وحكمه كسابقه.
أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 117رقم 2824).
وذكره الهيثمي في المجمع (9/ 190) وقال: "رجاله ثقات".
* الرابعة: طريق أبي معاوية عن الأعمش، عن سلام أبي شرحبيل، عن أبي هرثمة، به موقوفاً أيضاً على علي بمعناه، وحكمه كسابقه.
أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 117 - 118رقم 2825).
وذكره الهيثمي في المجمع (9/ 191) وقال: "رجاله ثقات".
* الخامسة: طريق عطاء بن السائب، عن ميمون بن مهران، عن شيبان بن محرم -وكان عثمانياً -
…
، فذكر الحديث موقوفاً بمعناه، وفيه قصة.
أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 118رقم 2826).
وذكره الهيثمي في المجمع (9/ 191) وقال: "وفيه عطاء بن السائب وهو ثقة، لكنه اختلط، وبقية رجاله ثقات".
وأما حديث معاذ بن جبل رضي الله عنه.
فأخرجه الطبراني في الكبير (3/ 129رقم 2861) من طريق مجاشع بن عمرو، ثنا عبد الله بن لهيعة، عن أبي قبيل، حدثني عبد الله بن عمرو بن العاص، أن معاذ بن جبل أخبره فذكره وهو جزء من حديث طويل ذكره الهيثمي في المجمع (9/ 189 - 190) وقال:"فيه مجاشع بن عمرو وهو كذاب".
وأما حديث أنس بن الحارث رضي الله عنه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= فأخرجه أبو نعيم في معرفة الصحابة (1/ ل 60 ب).
وفي الدلائل (2/ 710رقم 493).
والبغوي في معجم الصحابة -كما في البداية والنهاية لابن كثير (8/ 199) -.
جميعهم من طريق سعيد بن عبد الملك بن واقد الحراني، ثنا عطاء بن مسلم الخفاف، ثنا أشعث بن سحيم، عن أبيه، عن أنس بن الحارث قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن ابني هذا يقتل بأرض العراق، فمن أدركه منكم فلينصره، قال: فقتل أنس مع الحسين عليهما السلام.
وسعيد بن عبد الملك بن واقد الحرّاني ضعيف، قال عنه أبو حاتم: يتكلمون فيه، روى أحاديث كذب.
وضعفه الدارقطني. ووثقه ابن حبان./ الجرح والتعديل (4/ 45رقم 190)، والميزان (2/ 150 رقم 3233)، واللسان (3/ 37 رقم132).
وعطاء بن مسلم الخفاف، أبو مخلد، صدوق، لكنه يخطيء كثيراً -كما في التقريب (2/ 22رقم 198) -، وانظر الكامل لابن عدي (5/ 2004 - 2005)، والتهذيب (7/ 211 - 212 رقم 392).
وأما حديث الحسين نفسه رضي الله عنه.
فأخرجه الطبراني في الكبير (3/ 112رقم2812) من طريق يعقوب بن حميد بن كاسب، ثنا سفيان بن حمزة، عن كثير بن زيد، عن المطلب بن عبد الله بن حنطب، قال: لما أحيط بالحسين بن علي قال: ما اسم هذه الأرض؟ قيل: كربلاء. فقال: صدق النبي صلى الله عليه وسلم: "إنها أرض كرب وبلاء".
قال الهيثمي في المجمع (9/ 192): "فيه يعقوب بن حميد بن كاسب وهو ضعيف وقد وثق". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأما حديث ابن عباس، فذكره الهيثمي في المجمع (9/ 191 - 192) وعزاه للبزار وقال:"رجاله ثقات وفي بعضهم خلاف".
وأما حديث أبي الطفيل، فذكره الهيثمي في المجمع (9/ 190) وعزاه للطبراني وقال:"إسناده حسن".
وأما حديث زينب بنت جحش رضي الله عنها.
فقد أخرجه الطبراني في الكبير (24/ 54 - 55 رقم 141)، وذكره (24/ 57رقم 147) دون ذكر الشاهد منه.
وذكره الهيثمي في المجمع (9/ 188) وقال: "رواه الطبراني بإسنادين وفيهما من لم أعرفه".
قلت: فالحديث بمجموع هذه الطرق صحيح، وقد يصل لدرجة التواتر.
وذكره الألباني في سلسلته الصحيحة (2/ 484 - 486 رقم821و 822)، وصححه بمجموع هذه الطرق.
615 -
حديث ابن عباس:
أوحى الله إلى محمد صلى الله عليه وسلم: " إني قتلت بيحيى سبعين ألفاً، وإني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفاً، وسبعين ألفاً".
قال: صحيح.
قلت: على شرط مسلم (1).
(1) الحديث بكامله ليس في (ب).
615 -
المستدرك (3/ 178): حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي من أصل كتابه، ثنا محمد بن شداد السمعي، ثنا أبو نعيم.
وحدثني أبو محمد الحسن بن محمد السبيعي الحافظ، ثنا عبد الله بن محمد بن ناجية، ثنا حميد بن الربيع، ثنا أبو نعيم.
وأخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يحيى ابن أخي طاهر العقيقي العلوي في كتاب النسب، ثنا جدّي، ثنا محمد بن يزيد الآدمي، ثنا أبو نعيم.
وأخبرني أبو سعيد أحمد بن محمد بن عمرو الأحمسي من كتاب التاريخ، ثنا الحسين بن حميد بن الربيع، ثنا الحسين بن عمرو العنقزي، والقاسم بن دينار، قالا: ثنا أبو نعيم.
وأخبرنا أحمد بن كامل القاضي، حدثني يوسف بن سهل التمار، ثنا القاسم بن إسماعيل العزرمي، ثنا أبو نعيم.
وأخبرنا أحمد بن كامل القاضي، ثنا عبد الله بن إبراهيم البزار، ثنا كثير بن محمد أبو أنس الكوفي، ثنا أبو نعيم، ثنا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت، عن أبيه، عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: أوحى الله تعالى إلى محمد صلى الله عليه وآله وسلم: "إني قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفاً، وإني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفاً، وسبعين =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ألفاً". هذا لفظ حديث الشافعي، وفي حديث القاضي أبي بكر بن كامل: "إني قتلت على دم يحيى بن زكريا، وإني قاتل على دم ابن ابنتك".
تخريجه:
الحديث أخرجه الخطيب في تاريخه (1/ 142).
والشيعي أبو الحسين يحيى بن الحسين الشجري في "الأمالى الخميسية"(1/ 160).
كلاهما من طريق أبي بكر الشافعي، عن محمد بن شداد المسمعي، به مثل لفظ الحاكم.
وذكره الحافظ ابن كثير في البداية (8/ 210)، وقال:"هذا حديث غريب جداً".
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"على شرط مسلم".
والحديث في سنده حبيب بن أبي ثابت وتقدم في الحديث رقم (584) أنه ثقة، روى له الجماعة، لكنه كثير الِإرسال والتدليس، وقد عدّه ابن حجر في الطبقة الثالثة، وهم من أكثر من التدليس فلم يحتج الأئمة من أحاديثهم إلا بما صرحوا فيه بالسماع، وقد عنعن هنا.
الحكم علي الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لعنعنة حبيب بن أبي ثابت، وتدليسه.
616 -
حديث ابن عباس:
ما كنا نَشُكّ وأهل البيت متوافرون، أن الحسين يقتل بالطَّفّ (1).
قلت: فيه حجّاج بن نُصَيّر تُرك.
(1) الطَّفّ: بفتح أوله وتشديد ثانيه، موضع بالعراق، من أرض الكوفة،
وهو الذي قتل فيه الحسين بن علي رضي الله عنه. قال ابن رمح الخزاعي يذكر مقتله:
وإن قتيل الطّفّ من آل هاشم
…
أذل رقاب المسلمين فذلّت
وقد رجح البكري أنه على فرسخين من البصرة./ انظر معجم ما استعجم (3/ 891)، ومعجم البلدان (4/ 35 - 36).
616 -
المستدرك (3/ 179): حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن بالويه، ثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله، ثنا حجاج بن نصير، ثنا قرة بن خالد، ثنا عامر بن عبد الواحد، عن أبي الضحى، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: ما كنا نشك وأهل البيت متوافرون، أن الحسين بن علي يقتل بالطّفّ.
دراسة الإسناد:
الحديث سكت عنه الحاكم، وأعله الذهبي بقوله:"حجاج ترك".
وحجاج هذا هو ابن نُصَيْر -بضم النون-، الفَسَاطيطي، القيسي، أبو محمد البصري، وهو ضعيف، كان يقبل التلقين، ضعفه ابن معين، والنسائي، وابن سعد، والدارقطني، والأزدي، وابن قانع، وقال العجلي: كان معروفاً بالحديث، ولكنه أفسده أهل الحديث بالتلقين، كان يُلقّن وأدخل في حديثه ما ليس منه، فتُرك./ الكامل لابن عدي (2/ 648 - 650)، والتهذيب (2/ 208 - 209رقم 385)، والتقريب (1/ 154 رقم 165).
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف حجاج.
617 -
حديث عاصم بن (عبيد الله)(1)، عن عبيد الله بن أبي رافع، عن أبيه:
رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم أذن في أذن (الحسن)(2) حين ولد.
قال: صحيح.
قلت: عاصم ضعيف.
(1) في (أ): (عبد الله).
(2)
في (أ) و (ب)، والمستدرك، وتلخيصه:(الحسين)، وما أثبته من مصادر التخريج.
617 -
المستدرك (3/ 179): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا الحسن بن علي بن عفان، ثنا يحيى بن آدم، ثنا سفيان، عن عاصم بن عبيد الله، عن عبيد الله بن أبي رافع عن أبيه رضي الله عنه، قال: رأيت رسول الله -صلى الله عليه واله وسلم- أذّن في أذن (الحسن) حين ولدته فاطمة رضي الله عنها.
تخريجه
الحديث أخرجه عبد الرزاق في المصنف (4/ 336رقم 7986).
والِإمام أحمد في مسنده (6/ 9و391و 392).
وأبو داود (5/ 333رقم 5105) كتاب الأدب، باب في الصبي يولد فيؤذّن في أذنه.
والترمذي (5/ 107رقم 1553) في الأضاحي، باب الأذان في أذن المولود، وقال:"هذا حديث صحيح، والعمل عليه".
والطبراني في الكبير (3/ 18رقم 2578). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والبيهقي في سننه (9/ 305) في الضحايا، باب ما جاء في التأذين في أذن الصبي حين يولد. جميعهم من طريق سفيان الثوري، عن عاصم، به نحوه.
وأخرجه الطبراني في الكبير (1/ 292رقم 926) و (3/ 18 - 19 رقم 2579) من طريق حماد بن شعيب، عن عاصم بن عبيد الله، عن علي بن الحسين، عن أبي رافع، أن النبي صلى الله عليه وسلم أذّن في أذن الحسن والحسين حين ولدا، وأمر به.
قال الهيثمي في المجمع (4/ 60): "قلت: رواه أبو داود خلا الأذان في أذن الحسين، والأمر به، رواه الطبراني في الكبير، وفيه حماد بن شعيب، وهو ضعيف جداً".
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"عاصم ضعيف".
وذكر الحافظ ابن حجر هذا الحديث في التلخيص الحبير (4/ 163)، وقال:"مداره على عاصم بن عبيد الله، وهو ضعيف".
وعاصم هذا تقدم في الحديث (575) أنه ضعيف.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف عاصم.
وله شاهد من حديث الحسين بن علي رضي الله عنه يرفعه بلفظ: "من ولد له مولود فأذّن في أذنه اليمنى، وأقام في أذنه اليسرى لم تضره أمّ الصبيان".
ذكره الهيثمي في المجمع (4/ 59)، وقال:"رواه أبو يعلى، وفيه مروان بن سالم الغفاري، وهو متروك".
وأخرجه ابن عدي في الكامل (7/ 2656). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وابن السني في عمل اليوم والليلة (ص 168 رقم 623).
كلاهما من طريق شيخهما أبي يعلى، قال: حدثنا جبارة بن المغلّس، ثنا يحيى بن العلاء، عن مروان بن سالم، عن طلحة بن عبيد الله العقيلي، عنه رضي الله عنه به.
وفي سنده يحيى بن العلاء وتقدم في الحديث (566) أنه كذاب يضع الحديث.
وشيخه مروان بن سالم الغفاري، أبو عبد الله الجزري، رماه بالوضع الساجي، وأبو عروبة الحراني، وقال النسائي، والدارقطني: متروك الحديث، وقال البخاري، ومسلم، وأبو حاتم، والبغوي، وأبو نعيم: منكر الحديث./ الكامل لابن عدي (6/ 2380 - 2381)، والتهذيب (10/ 93 - 94 رقم 17).
وذكره الألباني في الضعيفة (1/ 329رقم321) وقال عنه: موضوع.
وذكر ابن القيم رحمه الله في "تحفة المودود"(ص 25) للحديث شاهداً آخر من حديث ابن عباس رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم أذّن في أذن الحسن بن علي يوم ولد، وأقام في أذنه اليسرى. وعزاه للبيهقي في شعب الِإيمان، وذكر أنه قال: في إسناده ضعف.
قلت: فإن كان ضعفه يسيراً فيكون الحديث حسناً لغيره، وإلا بقي على ضعفه.
هذا وقد قال ابن القيم في الموضع السابق: "وسر التأذين، والله أعلم: أن يكون أول ما يقرع سمع الِإنسان كلماته المتضمنة لكبرياء الرب وعظمته والشهادة التي أول ما يدخل بها في الِإسلام، فكان ذلك كالتلقين له شعار الِإسلام عند دخوله إلى الدنيا؛ كما يلقن كلمة التوحيد عند خروجه منها.
وغير مستنكر وصول أثر التأذين إلى قلبه وتأثره به؛ وإن لم يشعر به، مع ما في ذلك من فائدة أخرى وهي: هروب الشيطان من كلمات الأذان، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وهو كان يرصده حتى يولد، فيقارنه للمحنة التي قدرها الله وشاءها، فيسمع شيطانه ما يضعفه ويغيظه أول أوقات تعلقه به.
وفيه معنى آخر، وهو: أن تكون دعوته إلى الله، وإلى دينه الِإسلام، وإلى عبادته سابقة على دعوة الشيطان، كما كانت فطرة الله التي فطر الناس عليها سابقة على تغيير الشيطان لها، ونقله عنها، ولغير ذلك من الحكم". اهـ.
618 -
حديث حسين بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي:
أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر فاطمة، فقال (1):
"زني شعر الحسين، وتصدّقي بوزنه فضّة، وأعطي القابِلة (2) رجل العقيقة".
قال: صحيح.
قلت: لا.
(1) في (أ): (فقال لها).
(2)
القابِلَةُ من النساء: هي التي تتلقى الولد عند ولادته من بطن أمه./ انظر اللسان (11/ 544).
618 -
المستدرك (3/ 179 - 180): حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أنا يحيى بن محمد بن صاعد، ثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، ثنا حسين بن زيد العلوي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أمر فاطمة رضي الله عنها، فقال
…
، الحديث بلفظه.
تخريجه:
الحديث مداره على محمد بن علي بن الحسين، أبي جعفر الباقر، ورواه عنه ثلاثة، هم: ابنه جعفر بن محمد، واختلف عليه، وربيعة الرأي، وعبد الله بن أبي بكر، ويرويه عن عبد الله محمد بن إسحاق، واختلف عليه أيضاً.
* الطريقة الأولى للحديث، عن محمد بن علي: هي طريق ابنه جعفر، واختلف عليه.
فرواه الحاكم هنا. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والبيهقي في سننه (9/ 304) في الضحايا، باب ما جاء في التصدق بزنة شعره فضة، وما تعطى القابلة.
كلاهما من طريق سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، عن حسين بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي، به مرفوعاً، ولفظ البيهقي مثل لفظ الحاكم.
وأخرجه الدولابي في الذرية الطاهرة (ص 52 - 53)، فقال: أخبرني أبو عبد الله الحسين بن علي، عن أبيه علي بن الحسن، قال: حدثني حسين بن زيد بن علي، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم عقّ عن الحسن والحسين، وأمر بزنة شعورهما فضة، فتصدق به، وأعطيت القابلة رجل العقيقة.
هكذا رواه علي بن الحسن، عن حسين بن زيد، عن جعفر، عن أبيه مرسلاً. ورواه الدولابي أيضاً في الموضع السابق من طريق الحسين بن علي، عن أبيه علي بن الحسن، عن أبي ضمرة أنس بن عياض، عن جعفر بن محمد، به مرسلاً أيضاً نحو سابقة، ولم يذكر القابلة، وذكره من فعل فاطمة رضي الله عنها، ولم يصرح برفعه.
وأخرجه أبو داود في مراسيله (ل 18 أ)، باب في العقيقة، من طريق محمد بن العلاء، عن حفص -وهو ابن غياث-، عن جعفر، عن أبيه، أرسله، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال في العقيقة التي عقّتها فاطمة عن الحسن والحسين:"أن تبعثوا إلى بيت القابلة منها برجل، وكلوا، وأطعموا، ولا تكسروا منها عظماً".
وذكره البيهقي في الموضع السابق معلقاً.
وأخرجه الِإمام مالك في الموطأ (2/ 501 رقم 2) عن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، قال: وزنت فاطمة بنت رسول الله -صلى الله عليه =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وسلم- شعر حسن، وحسين، وزينب، وأم كلثوم، فتصدقت بزنة ذلك فضة.
ومن طريق مالك أخرجه أبو داود في الموضع السابق من مراسيله.
والبيهقي في الموضع السابق من سننه.
وأخرجه البيقي أيضاً من طريق سليمان بن بلال، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، أن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ذبحت عن حسن وحسين حين ولدتهما شاة، وحلقت شعورهما، ثم تصدقت بوزنه فضة.
* الطريق الثانية: طريق ربيعة بن أبي عبد الرحمن، عن محمد بن علي بن الحسن، أنه قال: وزنت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم شعر حسن وحسين، فتصدقت بزنته فضة.
أخرجه مالك في الموضع السابق برقم (3) عن شيخه ربيعة.
* الطريق الثالثة: طريق محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن محمد بن علي، واختلف على ابن إسحاق.
فأخرجه الترمذي في سننه (5/ 111 رقم 1556) في الأضاحي، باب منه، من طريق عبد الأعلى بن عبد الأعلى السّامي، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن محمد بن علي بن الحسين، عن علي بن أبي طالب، قال: عن رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحسن بشاة، وقال:"يا فاطمة احلقي رأسه، وتصدقي بزنة شعره فضة"، فَوَزَنَتْهُ، فكان وزنه درهماً، أو بعض درهم.
قال الترمذي: "هذا حديث حسن غريب، وإسناده ليس بمتّصل؛ أبو جعفر محمد بن علي لم يدرك علي بن أبي طالب".
وأخرجه الحاكم في المستدرك (4/ 237)، من طريق يعلى بن عبيد، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن أبي بكر، عن محمد بن علي بن الحسين، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عن أبيه، عن جده، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، به نحو رواية الترمذي، إلا أنه سمى الولود:(حسيناً)، وسكت الحاكم، والذهبي عن هذا الحديث.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وردّ الذهبي تصحيحه بقوله:"لا".
والحديث يرويه سعيد بن عبد الرحمن المخزومي، عن حسين بن زيد، عن جعفر بن محمد، عن أبيه، عن جده، عن علي رضي الله عنه.
وهذا الإِسناد له علل ثلاث:
1 -
الإِرسال؛ فإن قوله: "عن جده" إما أن يكون المقصود به جد جعفر، أو جد أبيه.
فإن كان جد جعفر، فهو علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، المعروف بـ: زين العابدين، وروايته عن جده علي رضي الله عنه مرسلة كما في المراسيل لابن أبي حاتم (ص 139 رقم 251)، وجامع التحصيل (ص 294 رقم 539)، والتهذيب (7/ 304).
وإن كان المقصود جد محمد والد جعفر، فهو الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنهما، ورواية محمد بن علي والد جعفر عن جده الحسين مرسلة كما في جامع التحصيل (ص 327 رقم 700)، والتهذيب (9/ 350).
2 -
العلة الثانية: حسين بن زيد بن علي تقدم في الحديث (577) أنه ضعيف.
3 -
العلة الثالثة: الاختلاف في الحديث على حسين بن زيد، وجعفر بن محمد، وأبيه محمد بن علي بن الحسن، والصواب خلاف ما في رواية الحاكم هنا؛ فإن رواية الإِمام مالك، وحفص بن غياث، وأبي ضمرة أنس بن عياض، ثلاثتهم عن جعفر بن محمد، عن أبيه محمد بن علي، مرسلاً، وهي =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= موافقة لرواية مالك عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن المعروف بربيعة الرأي، وكذا رواه الدولابي من طريق علي بن الحسن، عن حسين بن زيد، عن جعفر، فترجح هذه الرواية لاتفاق أكثر الرواة عليها، ولأن من رواتها من هم من كبار الأئمة كالِإمام مالك رحمه الله.
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الِإسناد للعلل المتقدم ذكرها، وصوابه أنه من رواية محمد بن علي بن الحسين، مرسلاً، فيكون ضعيفاً لِإرساله، والله أعلم.