الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد الرحمن بن عوف
689 -
حديث أم كلثوم بنت عقبة، قالت:
دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على بُسْرة وهي تمشط عائشة، فقال:"يا بسرة، من يخطب أم كلثوم؟ " فسمّت رجلاً، أو رجلين، قال:"فأين أنتم عن سيّد (المسلمين عبد الرحمن بن عوف) (1)؟ ".
قال: صحيح.
قلت: في إسناده يعقوب بن محمد الزهري، وهو ضعيف.
(1) في (أ): (المرسلين)، ولم يذكر عبد الرحمن بن عوف.
689 -
المستدرك (3/ 309): أخبرني أحمد بن علي المقريء، ثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم، ثنا يعقوب بن محمد الزهري، ثنا إبراهيم بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن عوف، حدثني أبي، عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن أمه أم كلثوم بنت عقبة، قالت: دخل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على بسرة وهي تمشط عائشة، فقال:"يا بسرة، من يخطب أم كلثوم؟ " قالت: فسمت رجلاً، أو رجلين، قال:"فأين أنتم عن سيد المسلمين عبد الرحمن بن عوف؟ ".
تخريجه:
الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق أبي أمية محمد بن إبراهيم، عن يعقوب الزهري، عن إبراهيم بن عبد العزيز بن عمر بن عبد الرحمن بن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عوف، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن حميد، عن أبيه، عن أمه، به، كذا في المستدرك المطبوع، ومثله في المخطوط، إلا أنه قال:(إبراهيم أبو عبد العزيز).
وقد أخرجه الطبراني في الأوسط (1/ 299) من طريق محمد بن منصور الجمّاز، عن يعقوب الزهري، قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز، عن أبيه
…
، الحديث بنحوه، إلا أنه قال في آخره:"فإنه سيد المرسلين، وخيارهم"، وهو تصحيف فاحش كما في نسخة (أ).
وأخرجه العقيلي في الضعفاء (3/ 14) في ترجمة عبد العزيز بن عمران بن الزهري، فقال: من حديثه ما حدثناه عبد الله بن أحمد، قال: حدثنا يعقوب بن محمد الزهري، قال: حدثنا عبد العزيز بن عمران، عن عبد الرحمن بن حميد، عن أبيه، عن أم كلثوم
…
، الحديث بنحوه.
ومن طريق العقيلي أخرجه ابن الجوزي في العلل (1/ 269رقم 434).
وأخرجه البخاري في تاريخه الصغير (1/ 90).
وابن عدي في الكامل (3/ 1119).
كلاهما من طريق سليمان بن سالم مولى عبد الرحمن بن حميد، عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن، عن أبيه، أن بسرة بنت صفوان قال لها النبي صلى الله عليه وسلم:"من يخطب أم كلثوم؟ " فقالت: فلان، وفلان، وعبد الرحمن بن عوف، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"أنكحوا عبد الرحمن، فإنه من خيار المسلمين، ومن خيارهم من كان مثله"، فأخبرت بسرة أم كلثوم، فأرسلت إلى أخيها الوليد بن عقبة: أن أنكح عبد الرحمن بن عوف الساعة. هذا لفظ ابن عدي، ولفظ البخاري نحوه، وبنحوه أخرجه ابن عساكر -كما في كنز العمال (11/ 716رقم 33496)، وحاشية سير أعلام النبلاء (1/ 84) -.
وللحديث طريقان آخران.
قال الذهبي في الموضع السابق من السّير: أبو قلابة الرقاشي: حدثنا =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عمر بن أيوب، حدثنا محمد بن معن الغفاري، حدثنا مُجَمِّع بن يعقوب، عن أبيه، عن عبد الرحمن بن عبد الله بن مجمع، أن عمر قال لأم كلثوم بنت عقبة امرأة عبد الرحمن بن عوف: أقال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: "انكحي سيد المسلمين عبد الرحمن بن عوف"؟ قالت: نعم.
هكذا ذكره الذهبي، ولم يعزه لأحد، وأظن أنها الطريق التي أخرجها ابن منده، فقد قال الحافظ ابن حجر في الِإصابة (8/ 292): "وأخرج ابن منده من طريق مجمع بن جارية، أن عمر قال
…
"، الحديث.
وقال الذهبي أيضاً: علي بن المديني: حدثني سفيان، عن ابن أبي نجيح، أن عمر سأل أم كلثوم بنحوه. اهـ. ولم يعزه لأحد أيضاً.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"في إسناده يعقوب بن محمد الزهري، وهو ضعيف".
ويعقوب هذا تقدم في الحديث (622) أنه صدوق كثير الوهم والرواية عن الضعفاء.
وقد اختلف عليه في الحديث كما سبق، فمرة روي عنه، عن إبراهيم بن عبد العزيز بن عمر، ومرة عنه، عن إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز، كلاهما قال: عن أبيه، عن عبد الرحمن بن حميد.
ومرة روي عنه، عن عبد العزيز بن عمران، عن عبد الرحمن بن حميد، فإما أن يكون الاختلاف منه، وهو الأظهر لوصفه بكثرة الوهم، وإما أن يكون ممن دونه، فيكون الأرجح روايته للحديث عن عبد العزيز بن عمران؛ لأن الراوي عنه هو عبد الله بن الإمام أحمد، وهو ثقة كما في الحديث المتقدم برقم (531)، والراوي عن عبد الله هو العقيلي في كتابه الضعفاء.
وعبد العزيز بن عمران تقدم في الحديث (654) أنه متروك.
أما الطريق الأخرى التي أخرجها البخاري، وابن عدي، كلاهما من طريق =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= سليمان بن سالم، عن عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن، عن أبيه، أن بسرة بنت صفوان قال لها النبي صلى الله عليه وسلم
…
، الحديث، فهذا ظاهره الإرسال، لكن قد يقال إن حميداً سمعه من أمه، أو من بسرة، فإنه من الرواة عنهما، ومدار الحديث من هذه الطريق على سليمان بن سالم مولى عبد الرحمن بن حميد وهناك راو آخر يقال له: سليمان بن سالم القطان، أبو داود القرشي، وقد جمع بينهما ابن عدي في الكامل (3/ 1119)، والذهبي في الميزان (2/ 208رقم 3467)، قال الذهبي:"وقد فرّق البخاري بين سليمان بن سالم أبي أيوب مولى عبد الرحمن بن حميد بن عبد الرحمن بن عوف، مدني، عن مولاه، وبين سليمان بن سالم القرشي البصري أبي داود هذا"، قال ابن حجر في اللسان (3/ 92 - 93): "وتبعه (أي البخاري) ابن أبي حاتم، وقد ذكرهما معاً ابن حبان في الثقات
…
" يعني على التفريق، ثم ذكر حديثاً استدل به على التفريق، وقال: "ما أدري كيف خفي هذا على الذهبي مع نقده؟! ".
قال البخاري عن أبي داود القرشي: أتى بخبر منكر لا يتابع عليه"، قال ابن عدي: لا أرى بمقدار ما يرويه بأساً، وإنما أنكر عليه البخاري حديثاً مقطوعاً كما ذكرته عنه".
قلت: لم يتضح لي من حال مولى عبد الرحمن بن حميد ما يكفي، وكلام ابن عدي متوجه على الجمع بينهما، والراجح التفريق كما سبق، وذكر ابن حبان له في الثقات لا يكفي، وعليه فهو مجهول الحال.
وأما الطريقان الآخران، فلم أتمكن من الوقوف على كامل سندهما.
الحكم على الحديث:
الحديث من طريق يعقوب الزهري ضعيف جداً كما يتضح من دراسة الإسناد، وهو ضعيف فقط من الطريق التي أخرجها البخاري في تاريخه، وابن عدي في كامله، لجهالة حال سليمان بن سالم، والله أعلم.
690 -
حديث علي:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعبد الرحمن بن عوف: "أمين في أهل (1) السماء، أمين في أهل (1) الأرض".
قلت: فيه أبو المعلّى فُرات بن السّائب، تركوه (2).
(1) قوله (أهل) معلق بهامش (ب) مع الِإشارة لدخوله في الصلب.
(2)
من قوله: (أمين في أهل) إلى آخر الحديث معلق بهامش (أ) مع الِإشارة لدخوله في الصلب.
690 -
المستدرك (3/ 309 - 310): أخبرنا عبد الله بن إسحاق الخراساني العدل، ثنا عبد الله بن روح المدائني، ثنا يزيد بن هارون، أنا أبو المعلى الجزري، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن عبد الرحمن بن عوف قال لأصحاب الشورى: هل لكم أن أختار لكم، وأنتقلَ منها؟ فقال علي: أنا أول من رضي؟ فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لك: "أنت أمين في أهل السماء، أمين في أهل الأرض".
تخريجه.
الحديث أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 134).
وابن أبي عاصم في السنة (2/ 616رقم 1415).
وأحمد بن منيع في مسنده -كما في المطالب العالية (4/ 76 - 77 رقم 4008) -.
وأبو نعيم في الحلية (1/ 98). وفي المعرفة (1/ ل 34 أ).
جميعهم من طريق أبي المعلى، عن ميمون بن مهران، عن ابن عمر، عن علي، به نحوه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= دراسة الِإسناد:
الحديث سكت عنه الحاكم، وأعله الذهبي بقوله:"أبو المعلى هو فرات بن السائب، تركوه".
وفرات بن السائب، أبو سليمان، وقيل: أبو المعلى الجزري هذا متروك؛ قال الِإمام أحمد: قريب بن محمد بن زياد الطحان في ميمون، يتهم بما يتهم به ذاك، وقال ابن معين: ليس بشيء، منكر الحديث، وقال البخاري: منكر الحديث، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث منكر الحديث، وقال النسائي: متروك الحديث، وقال الدارقطني: متروك، وقال الساجي: تركوه، وقال أبو أحمد الحاكم: ذاهب الحديث، وقال ابن عدي:"أحاديثه عن ميمون بن مهران مناكير". اهـ. من الكامل (6/ 2048 - 205)، والميزان:(3/ 341 رقم 6689)، واللسان (4/ 430 - 431 رقم 1314).
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف جداً بهذا الِإسناد لشدة ضعف فرات بن السائب، والله أعلم.
691 -
حديث عبد الله بن جعفر المخزومي، حدثتني أم بكر بنت المسور:
أن عبد الرحمن بن عوف (1) باع أرضاً بأربعين ألف دينار، فقسمها في بني زهرة، وفقراء المسلمين، والمهاجرين، وأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فبعث إلى عائشة بجملة، فقالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم "لا يحنوا عليكن بعدي إلا الصابرون، سقى الله ابن عوف سلسبيل الجنة".
قال: صحيح.
قلت: ليس بمتصل.
(1) من أول الحديث إلى هنا ليس في أصل (أ)، ومعلق بهامشها مع الِإشارة لدخوله في الصلب مع بقية الحديث السابق، وسبق التنبيه عليه.
691 -
المستدرك (3/ 310 - 311): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني، ثنا أبو سلمة منصور بن سلمة الخزاعي، ثنا عبد الله بن جعفر المخرمي، حدثتني أم بكر بنت المسور، أن عبد الرحمن بن عوف باع أرضاً له بأربعين ألف دينار، فقسمها في بني زهرة، وفقراء المسلمين، والمهاجرين، وأزواج النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فبعث إلى عائشة رضي الله عنها بمال من ذلك، فقالت: من بعث هذا المال؟ قلت: عبد الرحمن بن عوف. قال: وقصّ القصّة، قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "لا يحنوا عليكن من بعدي إلا الصابرون، سقى الله ابن عوف من سلسبيل الجنة".
تخريجه:
الحديث أخرجه الإمام أحمد في المسند (6/ 135). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وفي الفضائل (2/ 729و 730 رقم1249و1250).
وابن سعد في الطبقات (3/ 132 - 133).
كلاهما من طريق عبد الله بن جعفر، به نحوه، إلا أن عندهما بدلًا من قوله:"فبعث إلى عائشة" قال: "قال المسور: فأتيت عائشة بنصيبها من ذلك".
وأخرجه ابن سعد (8/ 211) من طريق الواقدي، حدثني عبد الله بن جعفر، عن أم بكر بنت المسور، عن أبيها قال: باع عبد الرحمن بن عوف
…
الحديث بنحوه.
وأخرجه أبو نعيم في الحلية (1/ 98 - 99).
وفي المعرفة (1/ ل 34 أ) من طريق الحماني بمثل إسناد الواقدي، ونحو لفظ الحاكم.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"ليس بمتصل"، وقد جاء في حاشية الفتح الرباني للسّاعاتي (22/ 277) بيان ذلك بقوله: "لعل ذلك لأن أم بكر بنت المسور لم تشاهد القصة، ويمكن الجواب بأن في الرواية ما يشعر بالاتصال، وأن أم بكر روت القصة عن أبيها المسور بن مخرمة؛ وذلك لقولها فيه: قال المسور: فأتيت عائشة بنصيبها
…
الحديث. وعليه فالحديث له حكم الموصول". اهـ.
قلت: والرواية التي أشار إليها الساعاتي هي رواية الِإمام أحمد وابن سعد للحديث التي سبقت الِإشارة إليها، وتؤيدها رواية الواقدي، والحماني لو كانا ممن يعتمد عليهما في النقل، غير أن الأول متروك، والآخر متهم بسرقة الحديث كما تقدم في الحديثين رقم (551) و (577).
والحديث من رواية أم بكر بنت المسور، وتقدم في الحديث (576) أنها مقبولة. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لجهالة حال بنت المسور، أما الِإنقطاع الذي أشار إليه الذهبي؛ فالراجح -كما تقدم- أنه ليس بقادح لمجيء الرواية من طريق الإمام أحمد وفيها ما يفيد الاتصال.
والحديث صحيح لغيره بما سيأتي في الحديث الآتي برقم (693) من شواهد، والله أعلم.
692 -
حديث إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال:
"يا ابن عوف، إنك من الأغنياء، وإنك لن تدخل الجنة إلا زحفاً، (فأقرض الله)(1) يطلق قدميك
…
" الحديث.
قال: صحيح.
قلت: فيه خالد بن يزيد بن أبي مالك الدمشقي (2) ضعّفه جماعة، وقال النسائي: ليس بثقة (3).
(1) في (أ) و (ب): (فأطلق لله)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، ومصادر التخريج الآتية.
(2)
في (أ): (خالد بن أبي يزيد
…
)، ولم تتضح لي في (ب)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه، ومصادر الترجمة الآتية.
(3)
الضعفاء للنسائي (ص 37 رقم 170).
692 -
المستدرك (3/ 311): حدثنا أبو النضر محمد بن محمد الفقيه، وأبو إسحاق إبراهيم بن إسماعيل المقريء، قالا: ثنا عثمان بن سعيد الدارمي، ثنا سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، ثنا خالد بن يزيد بن أبي مالك، عن أبيه، عن عطاء بن أبي رباح، عن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال:"يا ابن عوف، إنك من الأغنياء، ولن تدخل الجنة إلا زحفاً، فأقرض الله يطلق قدميك"، قال: فما أقرض الله؟ قال: "تتبرّأ مما أنت فيه" قال: يا رسول الله، من كلّه أجمع؟ قال:"نعم"، فخرج ابن عوف وهو يهّم بذلك، فأرسل إليه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال:"أتاني جبريل فقال: مُرْ ابن عوف فليُضف الضيف، وليطعم المسكين، وليعط السائل، وليبدأ بمن يعول، فإنه إذا فعل ذلك كان تزكية ما هو فيه". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= تخريجه:
الحديث أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 131).
والبزار في مسنده (3/ 209 - 210رقم2588).
وابن عدي في الكامل (3/ 884).
ثلاثتهم من طريق سليمان بن عبد الرحمن الدمشقي، به نحوه.
وأخرجه الفضائلي -كما في الرياض النضرة (4/ 313) -، من طريق إبراهيم، عن أبيه أيضاً بنحوه.
وللحديث طريق أخرى يرويها عبد الواحد بن محمد بن عبد الرحمن بن عوف، عن أبيه، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى أنه أدخل الجنة، فلم ير فيها أحداً إلا فقراء المؤمنين، ولم يجد فيها أحداً من الأغنياء إلا عبد الرحمن بن عوف، وقال:"رأيت عبد الرحمن دخلها حين دخلها حبواً".
أخرجه السراج في تاريخه -كما في القول المسدد (ص 32)، واللآليء (1/ 412 - 413) -، وقال السيوطي عقبه:"رجاله ثقات، فتعقبه الشيخ عبد الرحمن العلمي رحمه الله في حاشيته على "الفوائد المجموعة" للشوكاني بقوله: "بعض رواتها قدماء لم يوثقوا، إلا أن ابن حبان ذكرهم في الثقات، وقاعدته معروفة، والخبر مع ذلك مرسل".
دراسة الإسناد:
الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"خالد ضعفه جماعة، وقال النسائي: ليس بثقة" وخالد هذا هو ابن يزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك، أبو هاشم الدمشقي، وهو ضعيف./ الكامل لابن عدي (3/ 883 - 885)، والتهذيب (3/ 126رقم 232)، والتقريب (1/ 220 رقم 90).
والطريق الأخرى التي يرويها محمد بن عبد الرحمن بن عوف مرسلة كما سبق، =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ومع ذلك فمحمد هذا، وابنه عبد الواحد مجهولا الحال، ذكرهما البخاري، وسكت عنهما، وبيّض لهما ابن أبي حاتم، وذكرهما ابن حبان في ثقاته./ التاريخ الكبير (1/ 147 رقم 440) و (6/ 55رقم1689)، والجرح والتعديل (7/ 315رقم710) و (6/ 23رقم121)، وثقات ابن حبان (5/ 127و 354).
الحكم على الحديث:
الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف خالد بن يزيد الدمشقي.
والطريق الأخرى ضعيفة لِإرسالها، وجهالة حال محمد وابنه.
وقد يرتقي الحديث بهذين الطريقين، وما يأتي من شواهد إلى درجة الحسن لغيره، لولا ما في متنه من النكارة كما سيأتي.
فالحديث له شاهد من حديث عائشة يرويه عنها أنس رضي الله عنها. أخرجه الِإمام أحمد في المسند (6/ 115).
وعبد الرحمن بن حميد في مسنده -كما في القول المسدد (ص 29) -.
والطبراني في الكبير (1/ 89 - 90 رقم 264).
ثلاثتهم من طريق عمارة بن زاذان، عن ثابت البناني، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال -واللفظ لأحمد-: بينما عائشة في بيتها إذ سمعت صوتاً في المدينة، فقالت: ما هذا؟ قالوا: عير لعبد الرحمن بن عوف قدمت من الشام تحمل من كل شيء، قال: فكانت سبعمائة بعير، قال: فارتجّت المدينة من الصوت، فقالت عائشة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:"قد رأيت عبد الرحمن بن عوف يدخل الجنة حبواً"، فبلغ ذلك عبد الرحمن بن عوف، فقال: إن استطعت لأدخلنّها قائماً، فجعلها بأقثابها وأحمالها في سبيل الله عز وجل.
وأخرجه ابن الجوزي في الموضوعات (2/ 13) من طريق الِإمام أحمد، ثم =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال: "قال أحمد بن حنبل: هذا الحديث كذب منكر، قال: وعمارة يروي أحاديث مناكير.
وقال أبو حاتم الرازي: عمارة بن زاذان لا يحتج به. وقد روى الجراح بن منهال إسناداً له عن عبد الرحمن بن عوف أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يا ابن عوف، إنك من الأغنياء، وإنك لا تدخل الجنة إلا زحفاً، فأقرض ربك يطلق قدميك".
قال النسائي: هذا حديث موضوع، والجراح متروك الحديث. وقال يحيى: ليس حديث الجراح بشيء. وقال ابن المديني: لا يكتب حديثه. وقال ابن حبان: كان يكذب. وقال الدارقطني: روى عنه ابن إسحاق فقلب اسمه، فقال: منهال بن الجراح، وهو متروك.
قال المصنف: قلت: وبمثل هذا الحديث الباطل تتعلق جهلة المتزهدين، ويرون أن المال مانع من السبق إلى الخير، ويقولون: إذا كان ابن عوف يدخل الجنة زحفاً لأجل ماله، كفى ذلك في ذم المال، والحديث لا يصح، وحوشِيَ عبد الرحمن المشهود له بالجنة أن يمنعه ماله من السبق؛ لأن جمع المال مباح، وإنما المذموم كسبه من غير وجهه، ومنع الحق الواجب فيه، وعبد الرحمن منزّه عن الحالين. وقد خلّف طلحة ثلثمائة حمل من الذهب.
وخلف الزبير وغيره، ولو علموا أن ذلك مذموم لأخرجوا الكل. وكم قاصًّ يتشوَّق بمثل هذا الحديث؛ يحث على الفقر، ويذم الغنى، فيالله درُّ العلماء الذين يعرفون الصحيح، يفهمون الأصول". اهـ.
والحديث ذكره الحافظ ابن حجر في القول المسدد (ص 28 - 29) وقال: (لم ينفرد به عمارة الراوي المذكور، فقد رواه البزار من طريق أغلب بن تميم، عن ثابت البناني بلفظ:"أول من يدخل الجنة من أغنياء أمتي عبد الرحمن بن عوف، والذي نفس محمد بيده لن يدخلها إلا حبواً"، قلت: وأغلب شبيه بعمارة بن زادان في الضعف، لكن لم أر من اتهمه بالكذب.
وقد رواه عبد بن حميد في مسنده أتم سياقاً من رواية أحمد. قال عبد بن حميد في =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= مسنده: حدثنا يحيى بن إسحاق، ثنا عمارة بن زاذان، عن ثابت، عن أنس: أن عبد الرحمن بن عوف لما هاجر آخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين عثمان بن عفان، فقال له: إن لي حائطين فاختر أيهما شئت، فقال: بارك الله لك في مالك، ما لهذا أسلمت، دُلّني على السوق، قال: فدلّه، فكان يشتري السمنة والأقطة والِإهاب، فجمع، فتزوج، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال:"بارك الله لك، أولم ولو بشاة"، قال: فكثر ماله حتى قدمت له سبعمائة راحلة تحمل البر، وتحمل الدقيق والطعام، فلما دخلت المدينة سمع لأهل المدينة رجّة، فقالت عائشة: ما هذه الرجّة؟ فذكر الحديث، وفيه النكارة أيضاً إخاء عبد الرحمن لعثمان، والذي في الصحيحين أنه: سعد بن الربيع، وهو الصواب. والذي أراه عدم التوسع في الكلام عليه؛ فإنه يكفينا شهادة الِإمام أحمد بأنه: كذب، وأولى محامله أن نقول هو من الأحاديث التي أمر الِإمام أحمد أن يضرب عليها، فإما أن يكون الضرب ترك سهواً، وإما أن يكون من كتبه عن عبد الله كتب الحديث وأخلّ بالضرب، والله أعلم). اهـ.
وقال الحافظ المنذري في "الترغيب والترهيب"(4/ 89): "وقد ورد من غير ما وجه، ومن حديث جماعة من الصحابة عن النبي صلى الله عليه وسلم: أن عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه يدخل الجنة حبواً لكثرة ماله، ولا يسلم أجودها من مقال، ولا يبلغ منها شيء بانفراده درجة الحسن، ولقد كان ماله بالصّفة التي ذكر رسول الله صلى الله عليه وسلم: "نعم المال الصالح للرجل الصالح"، فأنّى ينقص درجاته في الآخرة، أو يقصر به دون غيره من أغنياء هذه الأمة؟ فإنه لم يرد هذا في حق غيره، إنما صح: "سبق فقراء هذه الأمة أغنياءهم" على الِإطلاق، والله أعلم". اهـ.
وقال الهيثمي في كشف الأستار (3/ 209): "هذا منكر، وعلّته عمارة بن زاذان، قال الِإمام أحمد: له مناكير، وقال أبو حاتم: لا يحتج بحديثه، وضعفه الدارقطني"، وقال أيضاً:"لا يصح في دخوله حبواً حديث"، وقال =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (ص 310): "لا يثبت في هذا شيء، وقد شهد عبد الرحمن بن عوف بدراً، وشهد صلى الله عليه وسلم له بالجنة، وهو أحد العشرة، فلا تَلتفت إلى أحاديث ضعيفة".
وذكره الحافظ ابن حجر في الموضع السابق جملة أحاديث عدّها شواهد للحديث، وليس فيها ما يدل على دخول عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه الجنة حبواً، وجل ما فيها تأخره عن دخول الجنة بسبب الحساب على الأموال.
والحديث من رواية أنس عن عائشة رضي الله عنها ذكره السيوطي في اللآليء، وتعقب ابن الجوزي بذكر ابن حجر للشواهد المتقدم ذكرها، ثم ذكر السيوطي رواية السراج للحديث من طريق عبد الواحد بن محمد، عن أبيه، وقال عن سند هذه الرواية:"رجاله ثقات"، وتقدم أنه ضعيف.
وذكر ابن عراق الحديث برواياته السابق ذكرها في "تنزيه الشريعة"(2/ 14 - 15)، وذكر أن بعض أشياخه قال: إن الحديث يبلغ بمجموع طرقه الحسن -يعني لغيره-، ثم قال:"وفيه نظر".
قلت: الحديث بمجموع الطرق المتقدم ذكرها يكون سنده حسناً لغيره، غير أن متنه قد أعلّه الِإمام أحمد، والنسائي، وابن الجوزي، والحافظ المنذري، والهيثمي رحمهم الله بما تقدم ذكره، والله أعلم.
693 -
حديث أبي سلمة قال:
دخلت على عائشة، فقالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول (لي)(1): "أمركن مما يهمني، ولن يصبر عليكن إلا الصابرون"
…
الحديث.
قال: على شرط البخاري ومسلم.
قلت: فيه صخر بن عبد الله بن حرملة: صدوق، ولم يخرجا له.
(1) في (أ) و (ب): (مي)، وما أثبته من المستدرك وتلخيصه.
693 -
المستدرك (3/ 312): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا محمد بن إسحاق الصغاني، ثنا عبد الله بن يوسف التنّيسي، ثنا بكر بن مضر، ثنا صخر بن عبد الله بن حرملة، عن أبي سلمة بن عبد الرحمن حدثه، قال: دخلت على عائشة رضي الله عنها، فقالت لي: كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يقول لي: "أمركن مما يهمني بعدي، ولن يصبر عليكن إلا الصابرون"، ثم قالت: فسقى الله أباك من سلسبيل الجنة، وكان عبد الرحمن بن عوف قد وصلهن بمال، فبيع بأربعين (ألفاً).
وقوله: (ألفاً) في المستدرك وتلخيصه المخطوطين، والمطبوعين:(الف).
تخريجه:
الحديث أخرجه الِإمام أحمد في الفضائل (2/ 732رقم1258).
والترمذي (10/ 251 - 252رقم 3833) في مناقب عبد الرحمن بن عوف من كتاب المناقب.
وابن حبان (ص 547 رقم 2216).
جميعهم من طريق بكر بن مضر، عن صخر بن عبد الله بن حرملة، عن أبي سلمة به نحوه. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال الترمذي: "حديث حسن صحيح غريب".
ورواه قريش بن أنس، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، أن عبد الرحمن بن عوف أوصى بحديقة لأمهات المؤمنين بيعت بأربعمائة ألف.
أخرجه الترمذي في الموضع السابق برقم (3834)، واللفظ له، ثم قال:"هذا حديث حسن غريب".
وابن أبي عاصم في السنَّة (2/ 616رقم 1414).
والحاكم قبل هذا الحديث (3/ 311 - 312)، وقال:"صحيح على شرط مسلم"، ووافقه الذهبي.
وأخرجه أبو نعيم في المعرفة (1/ ل 34 ب) من طريق أبي عوانة، عن عمر بن أبي سلمة، عن أبيه، ومن طريق علي بن ثابت، عن الوازع، عن أبي سلمة، به مختصراً.
دراسة الِإسناد:
الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله:"صخر صدوق لم يخرجا له".
وصخر هذا هو ابن عبد الله بن حرملة المُدلجي، وهو صدوق كما قال الذهبي، قال النسائي: صالح، وقال العجلي: ثقة، وذكره ابن حبان في ثقاته، وصحح الترمذي حديثه كما سبق، ولم يرو له من أصحاب الكتب الستة سوى الترمذي.
وقد اختلط أمره بشخص آخر يدعى صخر الحاجبي، ويقال له: صخر بن محمد، وصخر بن عبد الله. فمن وهم كابن الجوزي زعم أنهما واحد، وليس الأمر كذلك، فالحاجبي وضاع كذاب، ويروي عن مالك والليث وابن لهيعة، وبقي إلى حدود الثلاثين ومائتين، ويروي عنه الفضل بن عبد الله بن مخلد، وأحمد بن حفص السعدي، وعبد الله بن محمود المروزي، أما المدلجي الذي هنا فإنه يروي عن أبي سلمة بن عبد الرحمن، وعامر بن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عبد الله بن الزبير، وعمر بن عبد العزيز، ولم يذكروا أنه روى عنه سوى بكر بن مضر، وقد كان في حدود الثلاثين ومائه فهو أقدم من الحاجبي./ انظر التاريخ الكبير (4/ 312رقم 2949)، والجرح والتعديل (4/ 427 رقم 1876)، وثقات العجلي (ص 227 رقم694)، والثقات لابن حبان (6/ 473)، والميزان (2/ 308 - 309رقم3865و 3867)، واللسان (3/ 182 - 184 رقم 739)، والتهذيب (4/ 412رقم710).
أما بكر بن مضر بن محمد بن حكيم المصري؛ فإنه: ثقة ثبت روى له الشيخان./ الجرح والتعديل (2/ 392 رقم1529)، والتهذيب (1/ 487 رقم 899)، والتقريب (1/ 107رقم127).
وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف الزهري، المدني ثقة مكثر، روى له الجماعة./ الجرح والتعديل (5/ 93 - 94 رقم 429)، والتهذيب (12/ 115 - 118رقم 537)، والتقريب (2/ 430 رقم 63).
وعبد الله بن يوسف التنّيسي -بمثنَّاة، ونون ثقيلة، بعدها تحتانية، ثم مهملة-، أبو محمد الكلاعي، ثقة متقن، من أثبت الناس في الموطأ، وروى له البخاري./ الجرح والتعديل (5/ 205رقم961)، والتهذيب (6/ 86 - 88 رقم 173)، والتقريب (1/ 463رقم760).
ومحمد بن إسحاق بن جعفر الصَّغاني، أبو بكر ثقة ثبت، روى له مسلم./ الجرح والتعديل (7/ 195 - 196 رقم1099)، والتهذيب (9/ 35 - 37 رقم 47)، والتقريب (2/ 44 رقم 36).
وشيخ الحاكم أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم تقدم في الحديث (531) أنه ثقة إمام محدِّث.
الحكم على الحديث:
من خلال ما تقدم في دراسة الِإسناد يتضح أن الحديث حسن لذاته بهذا الِإسناد، لكنه ليس على شرط الشيخين على مراد الذهبي؛ لأن صخراً إنما =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= روى له الترمذي -كما يتضح من ترجمته-، وقد روي الحديث من طرق أخرى عن أبي سلمة، وبمجموعها يكون الحديث صحيحاً لغيره.
وله شاهد من حديث بنت المسور تقدم برقم (691)، وشاهد آخر من حديث أم سلمة رضي الله عنها، يرويه محمد بن إسحاق، عن محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحصين، عن عوف بن الحارث، عنها رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لأزواجه: "إن الذي يحنو عليكن بعدي لهو الصادق البارّ، اللهم اسق عبد الرحمن بن عوف من سلسبيل الجنة".
أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 132).
والِإمام أحمد في المسند (6/ 299) واللفظ له.
وابن أبي عاصم في السنَّة (2/ 615رقم 1412 و 1413) من طريقين عن ابن إسحاق، به، إلا أن لفظ أحد الطريقين قال:"إن أمركن لما يهمني، فلا يحنوا عليكن إلا الصابرون"، ثم يقول:"سقى الله أباك من سلسبيل الجنة".
وهذه الطريق جاء فيها أن الراوي عن أم سلمة هو: عوف بن مالك الأشجعي، وهذا خلاف الروايات الأخرى.
وأخرجه الحاكم في المستدرك (3/ 311) وقال: "قد صحح الحديث عن عائشة وأم سلمة"، ووافقه الذهبي.
والحديث في سنده محمد بن إسحاق بن يسار، وهو صدوق ومدلس من الرابعة كما تقدم في الحديث (575)، وقد عنعن هنا، فالحديث ضعيف لعنعنته، وهو بمجموع الطرق التي تقدم ذكرها صحيح لغيره، والله أعلم.