المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌حمزة، أسد الله - مختصر تلخيص الذهبي لمستدرك الحاكم - جـ ٤

[ابن الملقن]

فهرس الكتاب

- ‌مناقب الحسن والحسين رضي الله عنهما

- ‌مناقب أفراد الصحابة رضي الله عنهم

- ‌إياس بن معاذ، أخو سعد، توفي بمكة قبل الهجرة

- ‌خديجة رضي الله عنها

- ‌أسعد بن زرارة، من بني مالك بن النجار

- ‌عمير بن أبي وقَّاص، أخو سعد، قتل يوم بدر

- ‌سعد بن خيثمة الأنصاري، أحد النقباء

- ‌عثمان بن مظعون، أبو السائب الجمحي

- ‌حمزة، أسد الله

- ‌سعد بن الربيع الخزرجي، أحد النقباء البدريين

- ‌عبد الله بن عمرو بن حرام الأنصاري، النقيب، أبو جابر

- ‌حنظلة بن عبد الله غسيل الملائكة

- ‌ سعد بن معاذ، أبو عمرو

- ‌جعفر بن أبي طالب، استشهد بمؤتة

- ‌زيد بن حارثة مولى النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌سالم، مولى أبي حذيفة

- ‌ثعلبة بن عَنَمة الأنصاري

- ‌ذكر مناقب رافع بن مالك الزرقي رضي الله عنه

- ‌ضرار بن الأزور الأسدي الشاعر

- ‌هشام بن العاص بن وائل السهمي

- ‌عكرمة بن أبي جهل

- ‌أبو قحافة عثمان بن عامر

- ‌خالد بن سعيد بن العاص

- ‌سعد بن عبادة النقيب سيِّد الخزرج

- ‌أبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب

- ‌محمد بن عياض الزهري

- ‌عتبة بن مسعود

- ‌عتبة بن غزوان

- ‌أبو عبيدة بن الجراح

- ‌معاذ بن جبل، أبو عبد الرحمن، بدريّ إمام

- ‌بلال بن رباح

- ‌عياض بن غَنْم الفهري

- ‌خالد بن الوليد رضي الله عنه

- ‌أبَيّ بن كعب رضي الله عنه

- ‌عبد الرحمن بن عوف

- ‌عبد الله بن مسعود الهذلي

- ‌العباس بن عبد المطلب، عم النبي صلى الله عليه وآله وسلم

- ‌عبد الله بن زيد بن عبد ربّه الأنصاري

- ‌أبو الدرداء عويمر بن زيد الأنصاري

- ‌أبو ذر الغفاري رضي الله عنه

- ‌أبو عَبْس بن جبر الخزرجي

- ‌عبادة بن الصامت

- ‌عامر بن ربيعة

- ‌الزبير بن العوام

- ‌طلحة بن عبيد الله التَّيْمي

- ‌حُذَيْفة

- ‌عمّار بن ياسر

- ‌صهيب

الفصل: ‌حمزة، أسد الله

‌حمزة، أسد الله

627 -

حديث حارثة بن مضرب، عن علي:

قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ناد حمزة

" الحديث.

قال: صحيح على شرط البخاري (ومسلم)(1).

قلت: لم يخرجا لحارثة، وقد وهَّاه ابن المديني (2).

(1) ما بين المعكوفين ليس في (أ) و (ب)، وفي المستدرك:(صحيح على شرط الشيخين، ولم يخرجاه)، وفي التلخيص:(خ م) يعني: (على شرط البخاري ومسلم).

(2)

في الضعفاء والمتروكين لابن الجوزي (1/ 185رقم 734) قال: "قال ابن المديني: متروك الحديث"، وسيأتي بيان خطأ نسبة هذا القول لابن المديني.

627 -

المستدرك (3/ 194): أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار، ثنا أحمد بن مهران، ثنا عبيد الله بن موسى، ثنا إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة بن مضرِّب، عن علي رضي الله عنه قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "ناد حمزة"، فكان أقربهم إلى المشركين من صاحب الجمل الأحمر، فقال لي حمزة: هو عتبة بن ربيعة، وهو ينهى عن القتال، وهو يقول: يا قوم إني أرى قوماً لا تصلون إليهم وفيكم خير، يا قوم =

ص: 1735

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= اعصبوها اليوم بي، وقولوا: جبُن عتبة بن ربيعة، ولقد علمتم أني لست بأجبنكم، فسمع بذلك أبو جهل، فقال: أنت تقول هذا؟! لو غيرك قال؛ قد ملئت رعباً، فقال: إياي تعني يا مصفَّر اسْته؟ قال: فبرز عتبة، وأخوه شيبة، وابنه الوليد، فقالوا: من يبارز؟ فخرج فتية من الأنصار، فقال عتبة: لا نريد هؤلاء، ولكن من يبارزنا من أعمام بني عبد المطلب؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"قم يا حمزة، قم يا عبيدة، قم يا علي"، فبرز حمزة لعتبة، وعبيدة لشيبة، وعلي للوليد، فقتل حمزة عتبة، وقتل علي الوليد، وقتل عبيدة شيبة، وضرب شيبة رجل عبيدة، فقطعها، فاستنقذه حمزة، وعلي، حتى توفي بالصفراء.

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 12).

وابن أبي شيبة في المصنف (14/ 362 - 364 رقم 18526).

والإمام أحمد في المسند (1/ 117).

والبزار في مسنده (2/ 311 - 312رقم1761).

وأبو داود في سُننه (3/ 119 - 120 رقم 2665) في الجهاد، باب في المبارزة.

والبيهقي في سُننه (9/ 131) في السير، باب المبارزة.

جميعهم من طريق إسرائيل، عن أبي إسحاق، عن حارثة، عن علي به، ولفظ ابن أبي شيبة، والِإمام أحمد، والبزار نحوه، وفيه زيادة، ولفظ ابن سعد، وأبي داود، والبيهقي مختصر، وابن سعد أكثر اختصاراً.

قال ابن كثير في البداية (3/ 277 - 278): "هذا سياق حسن

، وقد تفرد بطوله الِإمام أحمد".

وعزاه الهيثمي في المجمع (6/ 75 - 76) للِإمام أحمد، والبزار، وقال:"رجال أحمد رجال الصحيح، غير حارثة بن مضرّب، وهو ثقة". =

ص: 1736

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقال الشيخ أحمد شاكر في حاشيته على المسند (2/ 192): "إسناده صحيح".

وقال الشيخ الألباني في حاشيته على فقه السيرة للغزالي (ص 242): "إسناده صحيح".

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم على شرط الشيخين، وتعقبه الذهبي بقوله:"لم يخرجا لحارثة، وقد وهَّاه ابن المديني".

وحارثة هذا هو ابن مُضَرَّب -بتشديد الراء المكسورة، قبلها معجمة-، العبدي الكوفي روى له البخاري في الأدب المفرد والأربعة، أما الشيخان في صحيحهما فلم يخرجا له، وهو ثقة؛ قال عنه أحمد: حسن الحديث. ووثقه ابن معين وابن حبان والدارمي. أما النقل عن ابن المديني أنه قال عنه: متروك؛ فقد خطَّأ ابن حجر هذا النقل حيث قال عنه في التقريب (1/ 145 رقم 84): "ثقة، من الثانية، غلط من نقل عن ابن المديني أنه ترك"، وقال في التهذيب (2/ 166 - 167 رقم 292):"ونقل ابن الجوزي في الضعفاء تبعاً للأزدي أن علي بن المديني قال: متروك، وينبغي أن يحرر هذا".

والذهبي رحمه الله تبع ابن الجوزي في نقله حيث قال في الميزان (1/ 446رقم 1662): "وقال ابن المديني: متروك، كذا نقل ابن الجوزي". اهـ. وانظر الجرح والتعديل (3/ 255 رقم 1137).

أما الراوي عن حارثة فهو أبو إسحاق السبيعي، ويروي عنه هنا ابن ابنه إسرائيل بن يونس، وتقدم في الحديث (496) أنه ثقة من أتقن أصحاب أبي إسحاق، بل روى الشيخان عنه من طريقه، وعن إسرائيل رواه عبيد الله بن موسى العبسي، وتقدم في الحديث (528) أنه ثقة.

والراوي عن عبيد الله هو أحمد بن مهران الأصبهاني، وتقدم في الحديث (528) أيضاً أنه مجهول الحال، لكنه لم ينفرد به، فقد تابعه أبو بكر بن أبي شيبة في مصنفه، فرواه عن شيخه عبيد الله هذا، ورواه الِإمام أحمد =

ص: 1737

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن شيخه حجاج، والبزار من طريق عثمان بن عمر، كلاهما عن إسرائيل، به.

وحجاج بن محمد المصَّيصي الأعور، أبو محمد الترمذي، ثقة ثبت روى له الجماعة، لكنه اختلط في آخر عمره لما قدم بغداد قبل موته -كما في التقريب (1/ 154رقم 161) -، وانظر الجرح والتعديل (3/ 166 رقم708)، والتهذيب (2/ 205 - 206رقم371).

وعثمان بن عمر بن فارس العبدي تقدم في الحديث (592) أنه ثقة.

أما شيخ الحاكم فهو الِإمام المحدِّث القدوة أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد الصفار الأصبهاني الزاهد، محدث عصره بخراسان، وكان مجاب الدعوة كما قال الحاكم. / انظر الأنساب للسمعاني (8/ 315 - 316)، والمنتظم لابن الجوزي (6/ 368رقم605)، وسير أعلام النبلاء (15/ 437 - 438 رقم 248).

الحكم علي الحديث:

الحديث بإسناد الحاكم فيه أحمد بن مهران وهو مجهول الحال، ولكنه لم ينفرد به كما سبق، فهو صحيح من طريق ابن أبي شيبة وغيره، لكنه ليس على شرط أحد من الشيخين على مراد الذهبي، لأنهما لم يخرجا لحارثة في صحيحيهما، وتقدم ذكر من صحح الحديث من العلماء، منهم ابن كثير، والهيثمي، وأحمد شاكر، والألباني.

وله شاهد أخرجه ابن سعد في الطبقات (2/ 23) عن شيخه خلف بن الوليد الأزدي، أخبرنا يحيى بن زكريا بن أبي زائدة، حدثني إسماعيل بن أبي خالد، عن البهي، فذكر قصة المبارزة بنحوه.

وله شاهد آخر أخرجه البزار في مسنده (2/ 313رقم 1762) من حديث ابن عباس بنحو سياق الحاكم.

قال الهيثمي في المجمع (6/ 76): "رواه البزار، ورجاله ثقات". =

ص: 1738

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأصل القصة في الصحيحين باختصار.

فعن قيس بن عباد قال: سمعت أبا ذر يقسم قسماً إن:

{هَذَانِ خَصْمَانِ اخْتَصَمُوا فِي رَبِّهِمْ (19)} [الحج: 19].

إنها نزلت في الذين برزوا يوم بدر: حمزة، وعلي، وعُبيدة بن الحارث، وعُتبة وشيبة ابنا ربيعة، والوليد بن عتبة.

أخرجه البخاري (8/ 443رقم 4743) في التفسير، باب (هذان خصمان اختصموا في ربهم).

ومسلم (4/ 2323رقم 34) واللفظ له، في التفسير، باب (هذان خصمان اختصموا في ربهم).

وبنحو الرواية السابقة أخرجه أيضاً البخاري في الموضع السابق رقم (4744) عن علي رضي الله عنه.

وعليه فالحديث صحيح كما تقدم، ويزداد قوة بهذه الشواهد، والله أعلم.

ص: 1739

628 -

وساق (1) الحاكم إسلام حمزة من سيرة ابن إسحاق بإسناد معضل (2).

(1) في (ب): (ساق).

(2)

هذا من تصرف ابن الملقن، حيث أخَّر الحديث في هذا الموضع، وساقه هكذا، والحديث في التلخيص والمستدرك (3/ 192 - 193) قبل الحديث السابق، وعبارة التلخيص هكذا:(وساق (يعني الحاكم) إسلامه (يعني حمزة) من السيرة لابن إسحاق، قال: حدثني رجل من أسلم

، فذكره معضلاً).

وفي التلخيص المطبوع: (فذكره مفصلاً)، وما أثبته من المخطوط.

628 -

المستدرك (3/ 192 - 193): حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب، ثنا أحمد بن عبد الجبار، ثنا يونس بن بكير، عن ابن إسحاق، قال: فحدثني رجل من أسلم وكان واعية أن أبا جهل اعترض لرسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عند الصفا فآذاه وشتمه وقال فيه ما يكره من العيب لدينه والتضعيف له فلم يكلمه رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ومولاة لعبد الله بن جدعان التيمي في مسكن لها فوق الصفا تسمع ذلك، ثم انصرف عنه فعمد إلى نادي قريش عند الكعبة فجلس معهم، ولم يلبث حمزة بن عبد المطلب أن أقبل متوشِّحاً قوسه، راجعاً من قنص له وكان إذا فعل ذلك لم يمر على نادي قريش إلا وقف، وسلم، وتحدَّث معهم، وكان أعزَّ قريش وأشدَّها شكيمة وكان يومئذ مشركاً على دين قومه، فجاءته المولاة وقد قام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ليرجع إلى بيته فقالت له: يا أبا عمارة، لو رأيت ما لقى ابن أخيك محمد من أبي الحكم آنفاً وجده ها هنا فآذاه وشتمه وبلغ ما يكره ثم انصرف عنه فعمد إلى نادي قريش عند الكعبة فجلس معهم ولم يتكلم محمد فاحتمل حمزة الغضب لما أراد الله من كرامته، فخرج سريعاً لا يقف على أحد كما كان يصنع يريد الطواف بالبيت معتمداً لأبي جهل أن يقع به فلما دخل المسجد نظر إليه جالساً في القوم، فأقبل نحوه حتى إذا قام على رأسه رفع القوس، فضربه على رأسه ضربة =

ص: 1740

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= مملوءة، قامت رجال من قريش من بني مخزوم إلى حمزة لينصروا أبا جهل، فقالوا ما نراك يا حمزة إلا صبأت، فقال حمزة: وما يمنعني وقد استبان لي ذلك منه؟ أنا أشهد أنه رسول الله، وأن الذي يقول حق، فوالله لا أنزع، فامنعوني إن كنتم صادقين. فقال أبو جهل: دعوا أبا عمارة لقد سببت ابن أخيه سباً قبيحاً، ومر حمزة على إسلامه وتابع يخفف رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فلما أسلم حمزة علمت قريش أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد عز وامتنع، وأن حمزة سيمنعه فكفوا عن بعض ما كانوا يتناولونه وينالون منه، فقال في ذلك سعد حين ضرب أبا جهل فذكر رجزاً غير مستقر، أوله:

ذق أبا جهل بما غشيت

..........................

قال ثم رجع حمزة إلى بيته، فأتاه الشيطان فقال: أنت سيد قريش اتبعت هذا الصابيء وتركت دين آبائك، لَلْمَوْت خير لك مما صنعت، فأقبل على حمزة شبه فقال ما صنعت اللهم إن كان رشداً فاجعل تصديقه في قلبي وإلا فاجعل لي مما وقعت فيه مخرجاً فبات بليلة لم يبت بمثلها من وسوسة الشيطان حتى أصبح فغدا على رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال ابن أخي إني وقعت في أمر لا أعرف الخرج منه وإقامة مثلي على ما لا أدري ما هو أرشد هو أم غي شديد فحدثني حديثاً فقد اشتهيت يا ابن أخي أن تحدثني فأقبل رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فذكره ووعظه وخوفه وبشره فألقى الله في نفسه الِإيمان كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم فقال: أشهد إنك لصادق شهادة المصدق والعارف فأظهر يا ابن أخي دينك فوالله ما أحب أن لي ما ألمعت الشمس وإني على ديني الأول، قال فكان حمزة ممن أعز الله به الدين.

تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم من طريق ابن إسحاق.

وابن إسحاق أخرجه في مغازيه (ص 171 - 172) بنحو سياق الحاكم.

ومن طريقه أبو نعيم في المعرفة (1/ ل 148 أ). =

ص: 1741

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه الطبراني في الكبير (3/ 153 - 154 رقم 2926) من طريق ابن إسحاق عن يعقوب بن عتبة بن المغيرة بن الأخنس بن شريق حليف بني زهرة، فذكره بنحوه، إلا أن سياق الحاكم أتم.

وذكره الهيثمي في المجمع (9/ 267) وقال: "رواه الطبراني مرسلاً ورجاله ثقات".

دراسة الإسناد:

الحديث سكت عنه الحاكم، وتقدم أن الذهبي أعله بالإعضال.

والحديث يرويه ابن إسحاق هنا عن رجل من أسلم لم يذكر اسمه، فهو مبهم، وابن إسحاق من تبع الأتباع، ويحتمل أن يكون الرجل المبهم من التابعين وسمعه من صحابي، ويحتمل غير ذلك.

والرجل المبهم هنا ليس هو يعقوب بن عتبة الذي صرح به ابن إسحاق في رواية الطبراني، لأن يعقوب زهري، والمبهم أسلمي، وفرق بين زهرة، وأسلم كما في الأنساب للسمعاني (1/ 238) و (6/ 350)، ومع ذلك فيعقوب من أتباع التابعين، فروايته هذه معضلة أيضاً، وهو ثقة./ انظر الجرح والتعديل (9/ 211 - 212 رقم883)، وثقات ابن حبان (7/ 639)، والتهذيب (11/ 392رقم755)، والتقريب (2/ 376 رقم 385).

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف جداً بهذا الِإسناد لِإعضاله، وإبهام شيخ ابن إسحاق.

والطريق الأخرى التي رواها الطبراني ضعيفة لانقطاعها.

وللحديث شاهد مرسل من حديث محمد بن كعب القرظي.

أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 9) من طريق الواقدي، عن عبيد الله بن عبد الرحمن بن موهب. =

ص: 1742

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه الطبراني في الكبير (3/ 152 - 153 رقم 2925) من طريق أسامة بن زيد الليثي.

كلاهما عن محمد بن كعب القرظي، به مرسلاً، وسياق الطبراني نحوه، وسياق ابن سعد مختصر.

وذكره الهيثمي في المجمع (9/ 267) وقال: "رواه الطبراني مرسلاً رجاله رجال الصحيح".

ومحمد بن كعب تابعي كما في ترجمته في التهذيب (9/ 420رقم 689).

وعليه فالحديث بهذه الطريق، والأخرى التي يرويها يعقوب بن عتبة يكون حسناً لغيره، والله أعلم.

ص: 1743

629 -

حديث جابر مرفوعاً (1): "سيّد الشّهداء حمزة".

قال: صحيح.

قلت: فيه حفيد الصفّار، لا يُدرى من هو؟.

(1) قوله: (مرفوعاً) ليس في (ب).

629 -

المستدرك (3/ 195): حدثني أبو علي الحافظ، أنا أحمد بن محمد بن عمر بن بسطام المروزي، ثنا أحمد بن سيار، ومحمد بن الليث، قالا: ثنا رافع بن أشرس المروزي، ثنا حفيد الصفار، عن إبراهيم الصائغ، عن عطاء، عن جابر رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:"سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب، ورجل قام إلى إمام جائر، فأمره، ونهاه، فقتله".

تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق حفيد الصفار، عن إبراهيم الصائغ، عن عطاء، بن جابر، به.

وتابع حفيداً عليه حكيم بن زيد، ويرويه عنه عمار بن نصر، إلا أنه اختلف على عمار. فرواه الخطيب في تاريخه (6/ 377) من طريق أبي العباس إسحاق بن يعقوب العطار، عن عمار بن نصر، عن حكيم بن زيد، عن إبراهيم الصائغ، عن عطاء، عن جابر بن عبد الله، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أفضل الشهداء

" الحديث بمثله.

ورواه الطبراني في الأوسط (1/ 501 - 502 رقم 922) من طريق شيخه أحمد بن يحيى الحلواني، عن عمار بن نصر، عن حكيم بن زيد، عن إبراهيم الصائغ، عن عكرمة، عن جابر، به مثل لفظ الخطيب، إلا أنه لم يذكر قوله: "ورجل قام

" الحديث. =

ص: 1744

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال الهيثمي في المجمع (9/ 268): "فيه حكيم بن زيد، قال الأزدي: فيه نظر، وبقية رجاله وثّقوا".

والحديث أخرجه الحاكم (2/ 119 - 120) من طريق أبي حماد الحنفي، عن ابن عقيل، قال: سمعت جابراً

، فذكر حديثاً في مقتل حمزة رضي الله عنه، وفيه أنه صلى الله عليه وسلم قال:"سيد الشهداء عند الله يوم القيامة حمزة".

وصحح الحاكم الحديث، فتعقبه الذهبي بقوله:"أبو حماد هو المفضل بن صدقة، قال النسائي: متروك".

ثم أعاد الحاكم الحديث من هذه الطريق (3/ 199)، وصححه، ووافقه الذهبي، مع أنه من طريق أبي حماد نفسه.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، فتعقبه الذهبي بقوله:"الصفار لا يدري من هو؟ ".

والصفار هذا هو حفيد الواقع في الِإسناد، ولم أجد له ترجمة.

والراوي عنه رافع بن أشرس المروزي ذكره ابن أبي حاتم في الجرح والتعديل (3/ 482 رقم2176)، وبيض له، فهو مجهول الحال.

لكن جاء الحديث من طريق آخر كما سبق.

فإن الطبراني والخطيب أخرجاه من طريق عمار بن نصر عن حكيم بن زيد، عن إبراهيم الصائغ.

وحكيم بن زيد تقدم قول الهيثمي عنه: "قال الأزدي: فيه نظر"، وكذا نقل الذهبي عن الأزدي في الميزان (1/ 586رقم 2220)، ولم يذكر كلام أبي حاتم عن حكيم هذا، فإنه قال عنه:"صالح، هو شيخ" -كما في الجرح والتعديل (3/ 204 رقم 889) -. =

ص: 1745

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وعمار بن نصر السعدي، أبو ياسر المروزي صدوق كما قال أبو حاتم، ووثقه ابن معين، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال صالح بن محمد: كتبت عنه، لا بأس به عندي./ الجرح والتعديل (6/ 394رقم 2197)، والتهذيب (7/ 407 رقم 662)، والتقريب (2/ 48 رقم 452).

والخطيب أخرجه عن شيخه محمد بن الحسين القطان، أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق، حدثنا أبو العباس إسحاق بن يعقوب العطار، حدثنا عمار بن نصر، فذكره.

وشيخ الخطيب محمد بن الحسين القطان ثقة كما في تاريخ بغداد (2/ 249 رقم 718).

وشيخه عثمان بن أحمد الدقّاق ثقة ثبت كما في تاريخ بغداد (11/ 302رقم 6092).

وشيخه أبو العباس إسحاق بن يعقوب العطار ثقة في كما تاريخ بغداد (6/ 376 رقم3409).

وتقدم أنه اختلف على عمار بن نصر، فرواية الخطيب للحديث عنه من طريق إسحاق بن يعقوب العطار، بنحو سياق الحاكم، ورواية الطبراني من طريق أحمد بن يحيى الحلواني، عنه، به، وفيه قال:(عكرمة) بدل: (عطاء).

والراجح رواية الخطيب، بدليل أن مدار الحديث على إبراهيم الصائغ، ورواية الحاكم للحديث عنه من طريق حفيد الصفار، وفيها:(عطاء عن جابر)، فهي مرجح قوي لرواية الخطيب على رواية الطبراني، ويفصل النزاع في ذلك، أن الخطيب روى الحديث أيضاً من طريق أحمد بن شجاع، عن حكيم بن زيد الأشعري، عن إبراهيم الصائغ، به، فوافق رواية حفيد الصفار، ورواية عمار بن نصر من طريق إسحاق العطار عنه.

ورواية الخطيب هذه ذكرها الشيخ الألباني في السلسلة الصحيحة (1/ 105) =

ص: 1746

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= في تخريج الحديث رقم (374)، وعزاها للخطيب في تاريخه (11/ 302)، ولم أجدها في هذا الموضع، فلعل الِإحالة حصل فيها تصحيف، والله أعلم.

أما بقية رجال الِإسناد، فبيان حالهم كالتالي:

عطاء هو ابن أبي رباح أسلم القرشي، مولاهم، أبو محمد المكي، وهو ثقة فقيه، فاضل، لكنه كثير الِإرسال، وروى له الجماعة./ الجرح والتعديل (6/ 330 - 331رقم1839)، والتهذيب (7/ 199 - 203رقم 384)، والتقريب (2/ 22 رقم 190).

وإبراهيم بن ميمون الصائغ المروزي صدوق./ الجرح والتعديل (2/ 134 - 135 رقم 425)، والتهذيب (1/ 172 - 173 رقم 314)، والتقريب (1/ 44 رقم 291).

أما الطريق الأخرى أخرجها الحاكم، فتقدم أن الذهبي أعلها بقوله:"أبو حماد هو المفضل بن صدقة، قال النسائي: متروك".

والمفضل بن صدقة، أبو حماد الحنفي، الكوفي هذا ضعيف، قال النسائي: متروك، وقال ابن معين: ليس بشيء، وقال أبو حاتم: ليس بشيء، يكتب حديثه، وقال البغوي: كوفي صالح الحديث، وقال ابن عدي: ما أرى بحديثه بأساً، وكان أحمد بن محمد بن سعيد يثني عليه ثناءً تاماً، وقال الأهوازي: كان عطاء بن مسلم يوثقه. اهـ. من الكامل لابن عدي (6/ 2404)، واللسان (6/ 80 - 81 رقم 291).

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بإسناد الحاكم لجهالة حفيد الصفار، وجهالة حال رافع بن أشرس، لكنه حسن لغيره بمتابعة حكيم بن زيد لحفيد، ويزداد قوة بالطريق الأخرى التي رواها الحاكم من طريق أبي حماد الحنفي، وهي وإن كانت ضعيفة لضعف أبي حماد هذا، لكن لا بأس بمثلها في الشواهد والمتابعات.

وللحديث شاهد من حديث ابن عباس، وعلي بن أبي طالب رضي الله عنهما. =

ص: 1747

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أما حديث ابن عباس رضي الله عنهما، فأخرجه الطبراني في الأوسط -كما في مجمع البحرين المكّيّة (ص 345) - من طريق أبي الدرداء عبد العزيز بن منيب المروزي، عن سعيد بن ربيعة، عن الحسن بن راشد، عن أبي حنيفة، عن عكرمة، عن ابن عباس، به مثل لفظ الحاكم.

قال الهيثمي في مجمع الزوائد (9/ 268): "فيه ضعف".

وأما حديث علي رضي الله عنه، فأخرجه الحاكم (3/ 192).

والطبراني في الكبير (3/ 165رقم 2957).

وأبو بكر الشافعي في الغيلانيّات (ص 397 رقم 249).

ثلاثتهم من طريق علي بن الحزوّر، عن الأصبغ بن نباتة، عن علي رضي الله عنه، رفعه، ولفظ الحاكم، وأبي بكر الشافعي:"أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب"، وعندهما زيادة غير موضع الشاهد، ولفظ الطبراني:"سيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب".

أخرج الحاكم هذا الحديث، وسكت عنه، ولم يورده الذهبي في تلخيصه.

وقال الهيثمي في الموضع السابق من المجمع: " فيه علي بن الحزوّر، وهو متروك".

قلت: تقدم في الحديث (565) إنه متروك وشديد التشيع، وشيخه الأصبغ بن نباتة تقدم، في الحديث (552) أنه متروك، ورمي بالوضع.

وعليه فالحديث موضوع بهذا الإسناد، ولا يصلح للاستشهاد، وأما حديث ابن عباس فيزداد الحديث به قوة، والله أعلم.

ص: 1748

630 -

حديث ابن عباس:

قتل حمزة جُنُباً، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"غسّلته الملائكة".

قال: صحيح.

قلت: فيه معلى بن عبد الرحمن، هالك.

630 - المستدرك (3/ 195): أخبرنا أحمد بن عثمان بن يحيى المقري ببغداد، ثنا إبراهيم بن عبد الرحيم بن دنوقا، ثنا معلى بن عبد الرحمن الواسطي، ثنا عبد الحميد بن جعفر، ثنا محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قتل حمزة بن عبد المطلب عم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم جُنُباً، فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم:"غسلته الملائكة".

تخريجه:

الحديث أخرجه الحاكم هنا من طريق معلى، عن عبد الحميد بن جعفر، عن محمد بن كعب القرظي، عن ابن عباس.

وله طريق أخرى يرويها الحكم بن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس.

وله عن الحكم طريقان:

* الأولى: طريق حجاج بن أرطأة، عن الحكم.

أخرجه بحشل في تاريخ واسط (ص 153) من طريق عبد الرحمن بن حكيم.

والطبراني في الكبير (11/ 391رقم 12094) من طريق شريك.

كلاهما عن حجاج، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خرج، حنظلة بن الراهب، وحمزة بن عبد المطلب يوم أحد =

ص: 1749

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وهما جُنُبان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فرأيت الملائكة تغسلهما".

هذا لفظ بحشل، ولفظ الطبراني نحوه.

قال الهيثمي في المجمع (3/ 23): "إسناده حسن".

* الطريق الثانية: طريق أبي شيبة عن الحكم.

أخرجه الطبراني في الموضع السابق برقم (12108).

والبيهقي في سننه (4/ 15) في الجنائز، باب الجنب يستشهد في المعركة.

كلاهما من طريق أبي شيبة، عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس قال: أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم حنظلة بن الراهب، وحمزة تغسلهما الملائكة.

هذا لفظ الطبراني، ولفظ البيهقي نحوه.

قال البيهقي عقبه: "أبو شيبة ضعيف".

دراسه الإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"معلى هالك".

ومعلى هذا هو ابن عبد الرحمن الواسطي، وتقدم في الحديث (569) أنه متهم بالوضع، ورمي بالرفض.

وأما الطريق الأخرى، فمدارها على الحكم بن عتيبة، عن مقسم.

ومقسم تقدم في الحديث (534) أنه صدوق.

والحكم بن عتيبة تقدم في الحديث (534) أيضاً أنه ثقة ثبت فقيه.

وللحديث عن الحكم طريقان، إحداها في سندها أبو شيبة إبراهيم بن عثمان العبسي، وهو متروك الحديث -كما في التقريب (1/ 39رقم =

ص: 1750

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=241) -، وانظر الكامل (1/ 239 - 241)، والتهذيب (1/ 144 - 145 رقم 257).

والطريق الأخرى يرويها عن الحكم: الحجاج بن أرطأة بن ثور بن هبيرة النخعي، وهو صدوق، لكنه كثير الخطأ. ومدلس من الطبقة الرابعة، وقد عنعن في روايته لهذا الحديث./ انظر الكامل لابن عدي (2/ 641 - 646)، والتهذيب (2/ 196 - 198 رقم 365)، والتقريب (1/ 152 رقم 145).

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف جداً بإسناد الحاكم؛ لاتهام معلى بوضع الحديث.

والطريق الأخرى التي رواها الحاكم ضعيفة جداً من طريق أبي شيبة عنه؛ لشدة ضعف أبي شيبة، وضعيفة فقط من طريق حجاج، لضعفه من قبل حفظه، وتدليسه.

وله شاهد مرسل من حديث الحسن البصري رحمه الله، أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 16) من طريق شيخه محمد بن عبد الله الأنصاري، قال: حدثني أشعث، قال: سئل الحسن: أيغسّل الشهداء؟ قال: نعم؛ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لقد رأيت الملائكة تغسّل حمزة".

قال الشيخ الألباني في أحكام الجنائز (ص 56): "سنده صحيح"، رجاله كلهم ثقات"، يعني أنه صحيح إلى مرسله الحسن البصري، وهو كذلك.

فشيخ ابن سعد محمد بن عبد الله بن المثنى الأنصاري تقدم في الحديث (498) أنه ثقة فقيه فاضل مشهور.

وشيخ محمد هو أشعث غير منسوب، ومن شيوخه اثنان كلاهما أشعث، وكلاهما يروي عن الحسن البصري.

أحدهما أشعث بن عبد الملك الحمراني أبو هانئ، وتقدم في الحديث (498) =

ص: 1751

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أيضاً أنه ثقة فيه. والآخر أشعث بن عبد الله بن جابر الحُدّاني، أبو عبد الله الأعمى، البصري، وهو صدوق./ الجرح والتعديل (2/ 273 - 274 رقم 984)، والتهذيب (1/ 355 رقم 648)، والتقريب (1/ 79 - 80 رقم 603).

وعليه فأقل أحوال هذا المرسل أن سنده حسن إلى مرسله، فيكون الحديث من الطريق الضعيفة السابقة، مع هذا المرسل حسناً لغيره، والله أعلم.

ص: 1752

631 -

حديث أسامة:

(تبعت)(1) رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بيت (2) حمزة

الحديث.

قال: صحيح.

قلت: (أين الصحة)(3) وحرام بن عثمان فيه؟

(1) في (أ) و (ب): (بعث).

(2)

في المستدرك وتلخيصه المطبوعين: (بنت)، وهي في المخطوطين كما هنا.

(3)

في (أ): (أنّى له الصحة؟).

631 -

المستدرك (3/ 195 - 196): أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السماك، ثنا عبد الملك بن محمد الرقاشي، ثنا أحمد بن عبد الرحمن اللهبي، ثنا عبد العزيز بن محمد، عن حرام بن عثمان، عن عبد الرحمن، عن أبي سلمة، عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يريد بيت حمزة، فتبعته، حتى وقف على الباب، فقال:"السلام عليكم، أثَمّ أبو عمارة؟ " قال: فقالت: لا والله، بأبي أنت وأمي؛ خرج عامداً نحوك فأظنه أخطأك في بعض أزقّة بني النجار؛ أفلا تدخل بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟ قال:"فهل عندك شيء؟ " قالت: نعم، فدخل، فقربت إليه حيساً، فقالت: كل بأبي أنت وأمي يا رسول الله؟ هنيئاً لك ومريئاً؛ فقد جئتَ وأنا أريد أن آتيك وأهنئك وأمرئك؛ أخبرني أبو عمارة أنك أعطيت نهراً في الجنة يدعى الكوثر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "وآنيته أكثر من عدد نجوم السماء، وأحب وارده علي قومك".

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن جرير في التفسير (30/ 325).

وأبو نعيم في المعرفة (1/ ل 149 أ). =

ص: 1753

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= كلاهما من طريق سعيد بن أبي مريم، عن محمد بن جعفر بن أبي كثير، عن حرام بن عثمان، عن عبد الرحمن الأعرج، عن أسامة بن زيد، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى حمزة بن عبد المطلب يوماً فلم يجده، فسأل امرأته عنه، وكانت من بني النجار، فقالت: خرج بأبي أنت آنفاً عامداً نحوك، فأظنه أخطأك في بعض أزقة بني النجار، أولا تدخل يا رسول الله؟ فدخل، فقدمت إليه حيساً، فأكل منه، فقالت: يا رسول الله هنيئاً لك ومريئاً، لقد جئتَ وإني لأريد أن آتيك، فأهنئك، وأمرّيك؛ أخبرني أبو عمارة أنك أعطيت نهراً في الجنة يُدعى: الكوثر، فقال:"أجل، وعرصته -يعني أرضه- ياقوت ومرجان وزبرجد ولؤلؤ. زاد أبو نعيم: قالت (يعني امرأة حمزة): أحببت أن تصف لي حوضك بصفة أسمعها منك، فقال: "هو ما بين أيلة وصنعاء، فيه أباريق مثل عدد النجوم، وأحب واردها علي قومك يا بنت فهد" -يعني الأنصار-. اهـ.

وذكره الحافظ ابن كثير، في تفسيره (4/ 558) وقال:"حرام بن عثمان ضعيف، ولكن هذا سياق حسن، وقد صح أصل هذا، بل قد تواتر من طرق تفيد القطع عن كثير من أئمة الحديث".

وأخرجه أبو بكر الشافعي في الغيلانيّات (ص 399 رقم 251) من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن عبد العزيز بن محمد، عن حرام بن عثمان، عن عبد الرحمن الأعرج، عن المسور بن مخرمة، عن أسامة بن زيد، عن امرأة حمزة بن عبد المطلب، عن حمزة بن عبد المطلب، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"أعطيت نهراً في الجنة: الكوثر، أرضه الياقوت، والمرجان، ولؤلؤ، وزبرجد"، ووصف حوضاً.

قال الراوي عن الحماني، وهو كعب أبو عبد الله الزارع: حدثناه الحماني مرة أخرى، فقال: عن امرأة حمزة، عن النبي صلى الله عليه وسلم.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"أين الصحة وحرام فيه؟ ". =

ص: 1754

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وحرام هذا هو ابن عثمان الأنصاري المدني، وهو متروك، قال مالك ويحيى بن معين: ليس بثقة، وقال أحمد: ترك الناس حديثه، وقال ابن حبان: كان غالياً في التشيع يقلب الأسانيد، ويرفع المراسيل، وقال الشافعي وابن معين والجوزجاني: الرواية عن حرامٍ حرامٌ. اهـ. من الكامل لابن عدي (2/ 850 - 853)، والميزان (1/ 468 رقم 1766).

ومع ما تقدم عن حال حرام، ففي سند الحديث اختلاف عليه، وعلى بعض الرواة عنه كما يتضح من التخريج.

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف جداً بهذا الِإسناد؛ لشدة ضعف حرام، والاختلاف الذي في سند الحديث. وأصل الحديث -كما قال ابن كثير- صحيح، لكن بدون ذكر قصة دخوله صلى الله عليه وسلم على امرأة حمزة.

فقد أخرج البخاري (8/ 731رقم 4964) في تفسير سورة الكوثر من كتاب التفسير.

ومسلم (1/ 300 رقم 53) في الصلاة، باب حجة من قال: البسملة آية من أول كل سورة.

كلاهما من حديث أنس واللفظ لمسلم، قال أنس: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم بين أظهرنا، إذ أغفى إغفاءةُ، ثم رفع رأسه متبسماً، فقلنا: ما أضحكك يا رسول الله؟ قال: "أنزلت علي آنفاً سورة"، فقرأ:

{بسم الله الرحمن الرحيم} {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ (1) فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ (2) إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ (3)} [الكوثر: 1 - 3].

ثم قال: "أتدرون ما الكوثر؟ " فقلنا: الله ورسوله أعلم، قال:"فإنه نهر وعدنيه ربي عز وجل، عليه خير كثير، هو حوض ترد عليه أمتي يوم القيامة، آنيته عدد النجوم، فيخْتَلج العبد منهم، فأقول: رب إنه من أمتي. فيقول: ما تدري ما أحدثت بعدك".

ص: 1755

632 -

حديث جابر قال:

ولد لرجل منا غلام (1)، فقالوا: ما نُسَمّيه يا رسول الله؟ قال: "سموه بأحب الأسماء إليّ: حمزة".

قال: صحيح.

قلت: فيه يعقوب بن كاسب، وهو ضعيف، وصوابه مرسل (2).

(1) في (ب)(غلاماً).

(2)

قوله: (ضعيف، وصوابه مرسل) لم تتضح في (ب) بسبب امتداد الكتابة في الهامش.

وقوله: (صوابه مرسل) ليس في التلخيص المطبوع، ولا في المخطوط لدي.

632 -

المستدرك (3/ 196): حدثنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ، أنا عبد الله بن صالح البخاري، ثنا يعقوب بن حميد بن كاسب، ثنا سفيان بن عيينة، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: ولد لرجل منا غلام، قالوا: ما نسميه؟ فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم: "سمّوه بأحب الأسماء إلي: حمزة بن عبد المطلب".

تخريجه:

الحديث مداره على عمرو بن دينار، وله عنه طريقان:

* الأولى: طريق سفيان بن عيينة، واختلف عليه.

فرواه يعقوب بن حميد بن كاسب، عنه، عن عمرو بن دينار، عن جابر بن عبد الله، وهي طريق الحاكم هذه.

وأخرجه أبو نعيم في المعرفة (1/ ل 149 أ).

ورواه يوسف بن سلمان المازني، عنه، عن عمرو بن دينار، سمع رجلاً بالمدينة يقول: جاء جدي بأبي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، =

ص: 1756

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فقال: هذا ولدي، فما أسمّيه؟ قال:"سمه بأحب الناس إليّ: حمزة بن عبد المطلب".

أخرجه الحاكم عقب هذا الحديث، ثم قال:"قد قصّر هذا الراوي المجهول برواية الحديث عن ابن عيينة، والقول فيه قول يعقوب بن حميد، وقد كان أبو أحمد الحافظ يناظرني: أن البخاري قد روى عنه في الجامع الصحيح، وكنت آبي عليه".

* الطريق الثانية: طريق شعبة.

أخرج الحديث من طريقه أبو نعيم في الموضع السابق.

والخطيب في تاريخه (2/ 73 - 74).

كلاهما من طريق عبد العزيز بن الخطاب، عن قيس بن الربيع، عن شعبة، عن عمرو بن دينار، عن رجل من الأنصار، عن أبيه، فذكره بنحو سابقه.

قال الخطيب عقبه: "هذا غريب من حديث شعبة، تفرد بروايته عبد العزيز بن الخطاب، عن قيس بن الربيع، عنه".

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"يعقوب ضعيف"، وفي نسخة ابن الملقن زيادة قوله:"وصوابه مرسل".

ويعقوب هذا هو ابن حميد بن كاسب المدني، نزيل مكة، وقد ينسب إلى جده، وهو صدوق، إلا أنه ربما وهم، قال البخاري: لم يزل خيراً، هو في الأصل صدوق، ووثقه مسلمة، وقال الحاكم: لم يتكلم فيه أحد بحجة، وقال القاسم بن عبد الله بن مهدي: قلت لأبي مصعب الزهري حين أردت فراقه: بمن توصيني بمكة، وعمن أكتب بها؟ قال: عليك بشيخنا أبي يوسف يعقوب بن حميد بن كاسب، وقال ابن عدي: "لا بأس به وبرواياته، وهو كثير الحديث، كثير الغرائب، وكتبت مسنده عن القاسم بن مهدي، لأنه لزمه بوصية أبي مصعب إياه أن يكتب عنه بمكة، فكتب عنه =

ص: 1757

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= المسند، وفيه من الغرائب، والنسخ، والأحاديث العزيزة، وشيوخ من أهل المدينة يروي عنهم ابن كاسب، ولا يروي غيره عنهم، ومسند ابن كاسب صنّفه على الأبواب، وإذا نظرت إلى مسنده علمت أنه جمّاع للحديث، صاحب حديث".

وقد وثقه ابن معين في رواية، وفي رواية قال: ليس بشيء، وفي أخرى: ليس بثقة. وقال ابن أبي خيثمة: قلت لمصعب الزبيري: إن ابن معين يقول في ابن كاسب: إن حديثه لا يجوز؛ لأنه محدود، فقال: بئس ما قال، إنما حسده الطالبيون في التحامل، وابن كاسب ثقة مأمون، صاحب حديث.

وقال ابن أبي حاتم: قلت لأبي زرعة: ثقة؟ فحرك رأسه، قلت: كان صدوقاً في الحديث؟ قال: لهذا شروط، وقال أيضاً: قلبي لا يسكن على ابن كاسب، وقال أبو حاتم: ضعيف الحديث، وقال النسائي: ليس بشيء، وفي موضع آخر: ليس بثقة، وقال صالح جزرة: تكلم فيه بعض الناس، وقال عباس العنبري: يوصّل الحديث، وقال زكريا بن يحيى الحلواني: رأيت أبا داود السجستاني صاحب أحمد بن حنبل قد ظاهر بحديث ابن كاسب، وجعله وقايات على ظهور ركبته، فسألته عنه، فقال: رأينا في مسنده أحاديث أنكرناها، فطالبناه بالأصول، فدافعها، ثم أخرجها بعد، فوجدنا الأحاديث في الأصول مغيّرة بخط طري، كانت مراسيل فأسندها، وزاد فيها. اهـ. من الجرح والتعديل (9/ 206رقم861)، وتاريخ ابن معين (2/ 681رقم 772)، والضعفاء للعقيلي (4/ 446 - 448)، والكامل لابن عدي (7/ 2608 - 2609)، والتهذيب (11/ 383 - 385 رقم745)، والتقريب (2/ 375رقم 375).

قلت: وقول عباس العنبري: "يوصّل الحديث"، والحكاية السابقة عن أبي داود جرحان مفسّران، وهما علة هذا الحديث، فإن يعقوب وصل الحديث بجابر بن عبد الله، ولم يتابعه عليه أحد، بل خالفه من هو أوثق منه، وهو يوسف بن سلمان الباهلي، ويقال: المازني، أبو عمر البصري، =

ص: 1758

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وقول الحاكم عنه آنفاً: "مجهول" لا يضره؛ فإنه إن جهله الحاكم، فقد عرفه غيره، وهو صدوق، قال أبو حاتم: شيخ، وقال النسائي: مشهور لا بأس به، وذكره ابن حبان في الثقات، وقال مسلمة: بصري ثقة. اهـ. من الجرح والتعديل (9/ 223 - 224 رقم 936)، والتهذيب (11/ 415رقم 808)، والتقريب (2/ 381رقم 436).

ومما يؤيد رواية يوسف: رواية قيس للحديث عن شعبة.

وقيس هذا هو ابن الربيع الأسدي، أبو محمد الكوفي، وهو صدوق، إلا أنه تغيّر لما كبر، وأدخل عليه ابنه ما ليس من حديثه، فحدث به./ انظر الجرح والتعديل (7/ 96 - 98 رقم 553)، والتهذيب (8/ 391 - 395 رقم 696)، والتقريب (2/ 128رقم 139).

ورواية قيس هذه متابعة فقط، ولا اعتماد عليها فيما ذكر.

وحيث إن الصواب رواية يوسف بن سلمان، فشيخ عمرو بن دينار مبهم، لم يصرح باسمه.

أما ما جاء في نسخة ابن الملقن من قوله عن الحديث: "صوابه مرسل"، فلعله لما يظهر من قول الراوي:"جاء جدي بأبي"، والراوي لم يشهد الحادثة قطعاً، لكن قد يقال: إن الرجل سمع الحديث من أبيه كما في رواية قيس، وعلى كل حال فالحديث لا يثبت كما سيأتي.

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف من طريق يعقوب، لضعفه من قبل حفظه ومخالفته لمن هو أوثق منه كما سبق.

وهو من الطريق الأخرى ضعيف أيضاً لِإبهام شيخ عمرو بن دينار، والله أعلم.

ص: 1759

633 -

حديث ابن عباس مرفوعاً:

"دخلت الجنة، فإذا جعفر يطير مع الملائكة، وإذا حمزة متكيء على سرير".

قال: صحيح.

قلت: فيه سلمة بن وهرام ضعفوه (1).

(1) في التلخيص: (سلمة ضعفه أبو داود).

633 -

المستدرك (3/ 196): أخبرني أحمد بن كامل القاضي، ثنا الهيثم بن خلف الدوري، ثنا محمد بن المثنى، حدثني عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، ثنا ربيعة بن كلثوم، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: "دخلت الجنة البارحة، فنظرت، فإذا جعفر يطير مع الملائكة، وإذا حمزة متكيء على سرير".

تخريجه:

الحديث أعاده الحاكم (3/ 209)، فقال: حدثنا أبو محمد المزني، ثنا هيثم بن خلف الدوري، ثنا محمد بن المثنى، حدثني عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، ثنا زمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام، عن عكرمة، عن ابن عباس رضي الله عنهما

، الحديث بمثله سواء.

هكذا رواه الحاكم في الموضع الآخر، بذكر:(زمعة بن صالح)، بدلًا من:(ربيعة بن كلثوم)، وهو الصواب كما سيأتي في دراسة الِإسناد).

والحديث أخرجه أبو بكر الشافعي في الغيلانيات (ص 396 رقم 248).

والطبراني في الكبير (2/ 106رقم 1466) و (3/ 160 رقم 2944).

وابن عدي في الكامل (3/ 1085) و (ل 415 أ).

جميعهم من طريق عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، عن زمعة بن صالح، =

ص: 1760

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عن سلمة بن وهرام، عن عكرهة، عن ابن عباس، به مثله، إلا أن الطبراني ذكر شطره الأول في الموضع الأول، والثاني في الثاني.

إيضاح: إنما حصل العزو في الموضع الآخر من الكامل إلى المخطوط، لأن ابن عدي أخرج الحديث في ترجمة سلمة بن وهرام، وقد سقطت من المطبوع مع جملة تراجم أخرى.

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"سلمة ضعفه أبو داود".

وسلمة هذا هو ابن وهرام اليماني، وهو صدوق، ورواية زمعة بن صالح عنه ضعيفة، فقد وثقه أبو زرعة وابن معين، وذكره ابن حبان في ثقاته، وقال:"يعتبر حديثه من غير رواية زمعة بن صالح عنه"، وقال ابن عدي:"أرجو أنه لا بأس برواية الأحاديث التي يرويها عنه غير زمعة"، وقال الِإمام أحمد، "روى عنه زمعة أحاديث مناكير، أخشى أن يكون حديثه حديثاً ضعيفاً"، وقال أبو داود: ضعيف

اهـ. من الجرح والتعديل (4/ 175رقم 762)، والضعفاء للعقيلي (2/ 146 - 147)، والكامل (ل 415 أ)، والتهذيب (4/ 161رقم 276)، والتقريب (1/ 319رقم 388).

قلت: الِإمام أحمد إنما أعل رواية سلمة من طريق زمعة بن صالح عنه، وعليها يحمل تضعيف أبي داود له، وزمعة بن صالح تقدم في الحديث (609) أنه ضعيف، وهذا الحديث من روايته عن سلمة.

أما ما وقع عند الحاكم هنا من جعل ربيعة بن كلثوم مكان زمعة بن صالح، فهو خطأ، لأن مدار الحديث على عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، وجميع الرواة الذين رووا الحديث عنه قالوا:(زمعة بن صالح، عن سلمة بن وهرام) كما هو عند أبي بكر الشافعي، والطبراني، وابن عدي، بل إن رواية الحاكم للحديث هنا من طريق الهيثم بن خلف الدوري، عن محمد بن المثنى، عن عبيد الله بن عبد المجيد، ومن هذه الطريق أخرجه في الموضع الآخر على الصواب، فالظاهر أن الخطأ من شيخه في هذه الرواية =

ص: 1761

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وهو أحمد بن كامل القاضي، فإن الدارقطني ليّنة كما تقدم في الحديث (526).

وربيعة بن كلثوم هذا لم يذكر المزي أنه روى عن سلمة بن وهرام، ولا عنه عبيد الله بن عبد المجيد الحنفي، كما في تهذيب الكمال (1/ 409 - 410)، و (2/ 883).

الحكم على الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الإِسناد، لأن الراجح أنه من رواية زمعة بن صالح عن سلمة بن وهرام، وزمعة ضعيف، أما سلمة فصدوق ولا يُعَلّ الحديث لأجله، والله أعلم.

ص: 1762

634 -

حديث أبي هريرة:

أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر إلى حمزة وقد مُثّل به

الحديث.

قلت: فيه صالح المُرِّي وهو واه.

634 - المستدرك (3/ 197): حدثنا أبو بكر بن إسحاق، ثنا محمد بن أحمد بن النضر، ثنا خالد بن خداش، ثنا صالح المرّي، عن سليمان التيمي، عن أبي عثمان النهدي، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم نظر يوم أحد إلى حمزة وقد قتل ومثل به، فرأى منظراً لم ير منظراً قطّ أوجع لقلبه منه، ولا أوجل، فقال:"رحمة الله عليك، قد كنت وصولًا للرحم، فعولاً للخيرات، ولولا حزن من بعدك عليك لسرّني أن أدعك حتى تجيء من أفواه شتىً، ثم حلف وهو واقف مكانه "والله لأمثلّن بسبعين منهم مكانك"، فنزل القرآن وهو واقف في مكانه لم يبرح:

{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126)} [النحل: 126]

- (آية 126 من سورة النحل) -.

حتى ختم السورة، وكفّر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم عن يمينه، وأمسك عما أراد.

تخريجه:

الحديث أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 13 - 14).

والبزار في مسنده (2/ 326 - 327 رقم1795).

والطبراني في الكبير (3/ 156 - 157رقم 2936).

وأبو بكر الشافعي في الغيلانيّات (ص309 - 310و311و312و395 رقم 163 و 164 و 165 و 247).

وابن عدي في الكامل (4/ 1381). =

ص: 1763

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والمخلّص في فوائده (ل 203 ب).

والواحدي في أسباب النزول (ص 291).

والبيهقي في الدلائل (3/ 288).

جميعهم من طريق صالح بن بشير المرّي، به نحوه، إلا أن لفظ ابن عدي والواحدي مختصر.

قال الهيثمي في المجمع (6/ 119): "فيه صالح بن بشير المري، وهو ضعيف".

وقال ابن كثير في التفسير (2/ 592): "هذا إسناد فيه ضعف، لأن صالحاً هو ابن بشير المري، ضعيف عند الأئمة، وقال البخاري: هو منكر الحديث".

دراسة الِإسناد:

الحديث سكت عنه الحاكم، وأعله الذهبي بقوله:"صالح واه".

وصالح هذا هو ابن بشير بن وادع المُرّي -بضم الميم وتشديد الراء- أبو بشر البصري، القاضي الزاهد، وهو ضعيف -كما في التقريب (1/ 358رقم 4) -، وانظر الكامل (4/ 1378 - 1381)، والتهذيب (4/ 382 - 383 رقم641).

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف صالح المري.

وله شاهد من حديث محمد بن جعفر بن الزبير مرسلاً، ولفظه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال حين رأى ما رأى: "لولا أن تحزن صفية، ويكون سنّة من بعدي، لتركته حتى يكون في بطون السباع، وحواصل الطير، ولئن أظهرني الله على قريش في موطن من المواطن لأمثلن بثلاثين رجلاً منهم" فلما رأى السلمون حزن رسول الله صلى الله عليه وسلم =

ص: 1764

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وغيظه على من فعل بعمّه ما فعل قالوا: والله لئن أظفرنا الله بهم يوماً من الدهر لنمثلن بهم مُثلة لم يمثلها أحد من العرب.

أخرجه ابن إسحاق كما في سيرة ابن هشام (3/ 101)، فقال: حدثني محمد بن جعفر بن الزبير،

، فذكره.

ومحمد بن جعفر بن الزبير بن العوام هذا تابعي ثقة، روى له الجماعة./ التهذيب (9/ 93رقم 124، والتقريب (2/ 150 رقم103).

وله شاهد من حديث ابن عباس.

أخرجه ابن إسحاق في الموضع السابق أيضاً (ص 102)، فقال: حدثني من لا أتهم عن ابن عباس أن الله عز وجل أنزل في ذلك (أي الحادثة السابقة) من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم وقول أصحابه: (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به. ولئن صبرتم لهو خير للصابرين. واصبر وما صبرك إلا بالله ولا تحزن عليهم ولا تك في ضيق مما يمكرون). فعفا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصبر، ونهى عن المثلة.

وهذا إسناد ضعيف في حكم المنقطع لإبهام شيخ ابن إسحاق.

وأخرج هذه الرواية ابن إسحاق في الموضع السابق أيضاً من طريق شيخه بريدة بن سفيان بن فروة الأسلمي، عن محمد بن كعب القرظي به مرسلاً.

وهذا لا يصلح للاستشهاد، سنده ضعيف جداً، بريدة بن سفيان تقدم في الحديث (563) أنه متروك.

وله شاهد آخر أخرجه ابن إسحاق أيضاً -كما في تفسير ابن كثير (2/ 592) - عن بعض أصحابه عن عطاء بن يسار، وذكر فيه هم النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه بالمثلة، ونزول الآيات آنفة الذكر في ذلك.

ثم قال ابن كثير عقبه: "وهذا مرسل، وفيه رجل مبهم لم يسمّ". اهـ.

قلت: مثله لا يصلح للاستشهاد، لأنه لم يصح إلى مرسله. =

ص: 1765

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأصل الحديث أخرجه الترمذي (8/ 559 - 560رقم5136) في تفسير سورة النحل من كتاب التفسير.

وعبد الله بن أحمد في زوائد المسند (5/ 135).

والطبراني في الكبير (3/ 157رقم 2937).

وابن حبان في صحيحه (ص 411 رقم 1695) في المغازي، باب في غزوة أحد.

والحاكم في المستدرك (2/ 358 - 359).

جميعهم من حديث أبي بن كعب ولفظه بسياق الترمذي: لما كان يوم أحد أصيب من الأنصار أربعة وستون رجلاً، ومن المهاجرين ستة منهم: حمزة، فمثّلوا بهم، فقالت الأنصار: لئن أصبنا منهم يوماً مثل هذا لنُربين عليهم.

قال: فلما كان يوم فتح مكة، فأنزل الله تعالى:{وَإِنْ عَاقَبْتُمْ فَعَاقِبُوا بِمِثْلِ مَا عُوقِبْتُمْ بِهِ وَلَئِنْ صَبَرْتُمْ لَهُوَ خَيْرٌ لِلصَّابِرِينَ (126)} [النحل: 126]. فقال رجل: لا قريش بعد اليوم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "كفوا عن القوم إلا أربعة".

قال الترمذي: عقبه: "هذا حديث حسن غريب من حديث أبي بن كعب".

وقال الحاكم: هذا حديث صحيح الِإسناد، ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي، وأقرهما الشيخ الألباني في السلسلة الضعيفة (2/ 28 - 29).

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "رحمة الله عليك قد كنت وصولًا للرحم، فعولًا للخيرات" فلم أجد ما يشهد له، ومثله ليس بكثير في حق حمزة رضي الله عنه.

وأما قوله صلى الله عليه وسلم: "ولولا حزن من بعدك عليك لسرّني أن أدعك حتى تجيء من أفواه شتى". =

ص: 1766

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= فله شاهد من حديث أنس رضي الله عنه.

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم مر على حمزة بعد أحد وقد مُثّل به فقال: "لولا أن تجد صفية في نفسها، لتركته حتى تأكله العافية حتى يحشر من بطونها"

الحديث.

وهو حديث حسن كما سيأتي في الحديث بعد هذا برقم (635).

وبالجملة فالحديث صحيح لغيره بمجموع هذه الشواهد عدا اللفظ المستثنى، والله أعلم.

ص: 1767

635 -

حديث ابن عباس:

لما قتل حمزة، أقبلت صفيّة تطلبه، لا تدري ما صنع

الخ.

قلت: فيه يزيد بن أبي زياد، وليس بمعتمد (1).

(1) في التلخيص نقل عن الحاكم قوله: (سمعه أبو بكر بن عياش من يزيد)، فتعقبه بقوله:(ليسا بمعتمدين)، وهذا الذي نقله الذهبي عن الحاكم ليس في المستدرك المطبوع، ولا في المخطوط لدي.

635 -

المستدرك (3/ 197 - 198): حدثني محمد بن صالح بن هانئ، ثنا يحيى بن محمد بن يحيى الشهيد، ثنا أحمد بن يونس، ثنا أبو بكر بن عياش، ثنا يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: لما قتل حمزة، أقبلت صفية تطلبه، لا تدري ما صنع، فلقيت علياً والزبير، فقال علي للزبير: اذكر لأمك، وقال الزبير لعلي: لا، أذكر أنت لعمتك. قالت: ما فعل حمزة؟ فأرياها أنهما لا يدريان، فجاءت النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فقال:"إني أخاف على عقلها"، فوضع يده على صدرها، ودعا، فاسترجعت، وبكت، ثم جاء، فقام عليه، وقد مُثّل به، فقال:"لولا جزع النساء، لتركته حتى يحشر من حواصل الطير، وبطون السباع"، ثم أمر بالقتلى، فجعل يصلي عليهم، فيضع تسعة، وحمزة رضي الله عنهم فيكبر عليهم سبع تكبيرات، ثم يرفعون، ويترك حمزة، ثم يؤتوا بتسعة، فيكبر عليهم سبع تكبيرات، ثم يرفعون، ويترك حمزة، ثم يؤتوا بتسعة، فيكبر عليهم سبع تكبيرات، حتى فرغ منهم.

تخريجه:

الحديث له عن ابن عباس رضي الله عنهما طريقان:

* الأولى: طريق مقسم، عنه.

وله عن مقسم ثلاث طرق:

1 -

طريق يزيد بن أبي زياد، وهي طريق الحاكم هذه. =

ص: 1768

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 14).

وابن أبي شيبة في المصنف (14/ 404 - 405رقم18633).

وابن ماجه في سننه (1/ 485رقم 1513) في الجنائز، باب ما جاء في الصلاة على الشهداء ودفنهم.

والبزار في مسنده (2/ 327 رقم 1796).

والطبراني في الكبير (3/ 155 - 156رقم 2934 و 2935).

والطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 503).

والبيهقي في سننه (4/ 12) في الجنائز، باب من زعم أن النبي صلى الله عليه وسلم -صلى على شهداء أحد.

وفي الدلائل (3/ 287).

جميعهم من طريق أبي بكر بن عياش، عن يزيد بن أبي زياد، عن مقسم، عن ابن عباس، به نحوه، عدا لفظ ابن ماجه، والطحاوي، وأحد لفظي الطبراني، فمختصر.

قال البيهقي عقبه: "لا أحفظه إلا من حديث أبي بكر بن عياش، عن يزيد بن أبي زياد، وكانا غير حافظين".

وقال الهيثمي في المجمع (6/ 118): "في إسناده يزيد بن أبي زياد، وهو ضعيف".

وأشار الحافظ ابن حجر إلى الحديث في التلخيص (2/ 124)، وقال:"يزيد فيه ضعف يسير".

2 -

طريق الحكم بن عتيبة، عن مقسم.

أخرجه مسلم في مقدمة صحيحه (1/ 23 - 24) من طريق أبي داود الطيالسي، قال: قال لي شعبة: إيتِ جرير بن حازم، فقل له: لا يحل لك =

ص: 1769

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أن تروي عن الحسن بن عمارة، فإنه يكذب. قال أبو داود: قلت لشعبة: وكيف ذاك؟ فقال: حدثنا عن الحكم بأشياء لم أجد لها أصلاً. قال: قلت له: بأي شيء؟ قال: قلت للحكم: أصلى النبي صلى الله عليه وسلم على قتلى أحد؟ فقال: لم يصل عليهم، فقال الحسن بن عمارة: عن الحكم، عن مقسم، عن ابن عباس: إن النبي صلى الله عليه وسلم -صلى عليهم، ودفنهم.

وأخرجه ابن جرير في تاريخه (2/ 529) من طريق محمد بن إسحاق، حدثني الحسن بن عمارة، عن الحكم بن عتيبة، عن مقسم، عن ابن عباس، قال: إن الله عز وجل أنزل في، ذلك من قول رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقول أصحابه:(وان عاقبتم، فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به، ولئن صبرتم لهو خير للصابرين) إلى آخر السورة، فعفا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وصبر، ونهى عن المثلة. اهـ.

قلت: وقوله: (أنزل في ذلك

الخ) عطف على حديث محمد بن جعفر بن الزبير الذي سبق ذكره في شواهد الحديث السابق، بنحو القصة المذكورة في هذا الحديث، مع الخلاف في بعض اللفظ.

وقد رواه ابن إسحاق عن الحكم من غير واسطة، وصرح بالتحديث.

أخرجه الطبراني في الكبير (11/ 62 - 63 رقم 11051) من طريق أحمد بن أيوب بن راشد، ثنا عبد الأعلى، عن محمد بن إسحاق، حدثني محمد بن كعب القرظي والحكم بن عتيبة، عن مقسم، ومجاهد، عن ابن عباس قال: لما وقف رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة فنظر إلى ما به قال: "لولا أن تحزن النساء ما غيبته ولتركته حتى يكون في بطون السباع وحواصل الطيور حتى يبعثه الله مما هنالك". قال: وأحزنه ما رأى به فقال: "لئن ظفرت بقريش لأمثلن بثلاثين رجلاً منهم" فأنزل الله عز وجل في ذلك: (وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به) إلى قوله: {يمكرون} ثم أمر به فهيء إلى القبلة، ثم كبر عليه تسعاً، ثم جمع عليه =

ص: 1770

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الشهداء كلما أتي بشهيد وضع إلى حمزة فصلى عليه وعلى الشهداء معه، حتى صلى عليه وعلى الشهداء اثنتين وسبعين صلاة، ثم قام على أصحابه حتى واراهم. ولما نزل القرآن عفا رسول الله صلى الله عليه وسلم وتجاوز وترك المثل.

وذكره الهيثمي في المجمع (6/ 120) وقال: "فيه أحمد بن أيوب بن راشد وهو ضعيف".

وقد رواه ابن إسحاق في المغازي -كما في سيرة ابن هشام (2/ 102) -، فقال: حدثني من لا أتّهم، عن مقسم مولى عبد الله بن الحارث، عن ابن عباس قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمزة، فسُجّي ببردة، ثم صلى عليه، فكبّر سبع تكبيرات، ثم أتى بالقتلى، فيوضعون إلى حمزة، فصلى عليهم، وعليه معهم، حتى صلى عليه اثنتين وسبعين صلاة.

وشيخ ابن إسحاق المبهم هنا يحتمل أن يكون محمد بن كعب، أو الحكم بن عتيبة.

وأخرجه الواحدي في أسباب النزول (ص 291).

والبيهقي في الدلائل (3/ 288).

كلاهما من طريق يحيى بن عبد الحميد الحماني، عن قيس، عن ابن أبي ليلى، عن الحكم، به مختصراً.

3 -

طريق محمد بن كعب القرظي، وهي التي أخرجها الطبراني آنفاً مقرونة بطريق الحكم، من طريق أحمد بن أيوب بن راشد.

* الطريق الثانية: طريق مجاهد، عن ابن عباس.

ويرويها عن مجاهد: محمد بن كعب القرظي، والحكم بن عتيبة، وهي التي أخرجها الطبراني آنفاً من طريق أحمد بن أيوب بن راشد.

وأخرجه المخلّص في فوائده (ل 203 أ). =

ص: 1771

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والواحدي في أسباب النزول (ص 289 - 290).

كلاهما من طريق إسماعيل بن عياش، عن عبد الملك بن أبي غَنيّة، عن الحكم، عن مجاهد، عن ابن عباس، به نحوه، وليس فيه ذكر لصفية، وفيه زيادة بنحو سياق الحديث السابق برقم (534).

دراسة الِإسناد:

الحديث سكت عنه الحاكم، وأعله الذهبي بقوله عن أبي بكر بن عياش، ويزيد بن أبي زياد:"ليسا بمعتمدين".

أما يزيد بن أبي زياد الهاشمي، مولاهم، فهو ضعيف؛ كبر فتغيّر، فصار يتلقّن، وكان شيعياً -كما في التقريب (2/ 365رقم254) -، وانظر الكامل لابن عدي (7/ 2729 - 2730)، والتهذيب (11/ 329 - 331 رقم 630).

وأما أبو بكر بن عياش بن سالم الأسدي الكوفي، فإنه ثقة عابد، إلا أنه لما كبر ساء حفظه، وأما كتابه فصحيح./ ثقات العجلي (ص 492 رقم 1913)، وثقات ابن حبان (7/ 668 - 670)، والتهذيب (12/ 34 - 37 رقم151)، والتقريب (2/ 399رقم 65).

أقول: ولم أجد ما يدل على أن أبا بكر بن عياش روى هذا الحديث من كتابه.

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف يزيد بن أبي زياد، وأبي بكر بن عياش في غير كتابه.

وهو حسن لغيره بالمتابعات التي مضى ذكرها، إلا التي من طريق يحيى الحماني، فضعيفة جداً لاتهامه بسرقة الحديث كما مضى في الحديث (551).

وسبق في الحديث قبله ما يشهد لبعضه، وله شاهد من حديث عبد الله بن =

ص: 1772

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= الزبير، وابن مسعود، ومرسل من حديث أبي مالك الغفاري، وعبد الله بن الحارث.

أما حديث عبد الله بن الزبير فقد أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 503) في الصلاة على الشهداء من كتاب الجنائز من طريق ابن إسحاق حدثني يحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير عن أبيه -يعني عن عبد الله بن الزبير-رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أمر يوم أحد بحمزة فسُجّي ببردة، ثم صلى عليه، فكبر تسع تكبيرات، ثم أتي بالقتلى يُصفّون ويصلي عليهم وعليه معهم.

قال الألباني في أحكام الجنائز (ص 82): "إسناده حسن، رجاله كلهم ثقات معروفون، وابن إسحاق قد صرح بالتحديث".

وأما حديث ابن مسعود رضي الله عنه فلفظه: وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم حمزة فصلى عليه. وجيء برجل من الأنصار فوضع إلى جنبه، فصلى عليه، فرفع الأنصاري وتُرك حمزة. ثم جيء بآخر فوضع إلى جنب حمزة، فصلى عليه. فرفع الأنصاري وترك حمزة، حتى صلى عليه يومئذ سبعين صلاة.

أخرجه ابن سعد (3/ 16) واللفظ له.

وأحمد في مسنده (1/ 463) بلفظ أطول من هذا.

كلاهما من طريق عفان بن مسلم، قال: أخبرنا حماد بن سلمة، قال أخبرنا عطاء بن السائب، عن الشعبي عن ابن مسعود به، فذكره.

هكذا رواه حماد بن سلمة، عن عطاء موصولًا، وخالفه أبو الأحوص، وهمام بن يحيى، فروياه عن عطاء، عن الشعبي مرسلاً ليس فيه ذكر لابن مسعود.

أخرجه أبو داود في المراسيل (ل 20 أ) من طريق هناد بن السّري، عن أبي الأحوص. =

ص: 1773

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وذكره البيهقي في الموضع السابق من سننه عن أبي داود.

ورواه ابن سعد في الطبقات (3/ 16) من طريق شيخه عمرو بن عاصم الكلابي، عن همام.

وهذا الاختلاف يظهر أنه من عطاء نفسه، حيث تقدم في الحديث (526) أنه اختلط، فالحديث ضعيف بهذا الِإسناد لأجله.

وأما مرسل أبي مالك الغفاري فلفظه: كان قتلى أحد يؤتى بتسعة وعاشرهم حمزة، فيصلي عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم يحملون، ثم يؤتى بتسعة، فيصلي عليهم وحمزة مكانه، حتى صلى عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أخرجه الطحاوي في شرح معاني الآثار (1/ 3 - 5) واللفظ له.

وأبو داود في المراسيل (ل 20 أ).

وابن سعد في الطبقات (2/ 48) و (3/ 16).

والبيهقي (4/ 12)، وقال:"هذا أصح ما في هذا الباب وهو مرسل". اهـ.

جميعهم من طريق حصين بن عبد الرحمن عن أبي مالك الغفاري، واسمه غزوان.

وأما حديث عبد الله بن الحارث فلفظه: صلى رسول الله صلى الله عليه وسلم على حمزة فكبر عليه تسعاً، ثم جيء بأخري فكبر عليها سبعاً، ثم جيء بأخرى فكبر عليها خمساً حتى فرغ من جميعهم، غير أنه وتر.

أخرجه ابن سعد في الطبقات (3/ 16) واللفظ له.

والبيهقي في الموضع السابق.

كلاهما من طريق يزيد بن أبي زياد، عن عبد الله بن الحارث، به.

قال البيهقي: "هذا أولى أن يكون محفوظاً، وهو منقطع". =

ص: 1774

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلت: هذا المرسل لا يصلح للاستشهاد به، لأنه لم يصح عن مرسله، فيزيد بن أبي زياد، تقدم آنفاً أنه ضعيف.

وبكل حال فالحديث بما عدا هذا المرسل من شواهد يكون صحيحاً لغيره.

فإن قيل: يعارضه ما رواه البخاري في صحيحه (3/ 209 رقم 1343) في الجنائز، باب الصلاة على الشهيد، عن جابر رضي الله عنه قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يجمع بين الرجلين من قتلى أحد في ثوب واحد، ثم يقول: أيهم أكثر أخذاً للقرآن؟ فإذا أشير إلى أحدهما قدّمه في اللحد، وقال:"أنا شهيد على هؤلاء يوم القيامة"، وأمر بدفنهم في دمائهم، ولم يغسّلوا، ولم يصلّ عليهم.

فقد أجاب الشوكاني في نيل الأوطار (4/ 78 - 82) عن هذا الإشكال، ومن ضمن ما قال: "أحاديث الصلاة قد شد من عضدها كونها مثبتة، والإِثبات مقدم على النفي، وهذا مرجح معتبر

" إلخ، وانظر معه تحفة الأحوذي (4/ 126 - 130).

ص: 1775

636 -

حديث حاتم بن إسماعيل، عن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة عن جده:

أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "والذي نفسي بيده إنه لمكتوب عنده في السماء السابعة: حمزة أسد الله، وأسد رسوله".

قلت: (يحيى)(1) واهٍ.

(1) في (أ) و (ب): (حاتم)، وما أثبته من التلخيص.

636 -

المستدرك (3/ 198): أخبرني إسماعيل بن الفضل، ثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي، ثنا حاتم بن إسماعيل، عن يحيى بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال: "والذي نفسي بيده، إنه لمكتوب عنده في السماء السابعة: حمزة بن عبد المطلب: أسد الله، وأسد رسوله.

تخريجه:

الحديث أخرجه الطبراني في الكبير (3/ 163رقم2951).

والمخلِّص في "الفوائد المنتقاة"(ل 201).

كلاهما من طريق حاتم بن إسماعيل، به مثله.

وأخرجه البغوي، والباوردي -كما في كنز العمال (11/ 676رقم 33271) -.

دراسة الِإسناد:

الحديث في سنده يحيى بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي لبيبة المدني، ويقال: ابن أبي كبشة، وقد ينسب إلى جده الأعلى تارة وهو أبو لبيبة، وإلى الجد الأدني تارة وهو عبد الرحمن، ويحيى هذا ضعيف، قال عنه يحيى بن معين: ليس بشيء، وذكره ابن حبان في الثقات. اهـ. من الكامل =

ص: 1776

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= لابن عدي (7/ 2689)، والميزان (4/ 393و403 رقم 9571 و 9611)، واللسان (6/ 266 و 274 و275 رقم 935 و 962 و 966).

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف يحيى بن أبي لبيبة.

وله شاهد من قول حمزة نفسه رضي الله عنه في حديث جابر المتقدم في تخريج الحديث رقم (629) الذي أخرجه الحاكم (2/ 119 - 120) و (3/ 199) ولفظه: فقد رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد حمزة حين فاء الناس من القتال، قال: فقال رجل: رأيته عند تلك الشجرة وهو يقول: أنا أسد الله وأسد رسوله

الحديث.

وفي سنده المفضل بن صدقة أبو حماد الحنفي، وتقدم هناك أنه ضعيف.

وله شاهد آخر من حديث عمير بن إسحاق قال: كان حمزة بن عبد المطلب يقاتل بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بسيفين ويقول: أنا أسد الله وأسد رسوله.

وأخرجه الطبراني في الكبير (3/ 163 - 164 رقم 2952).

وذكره الهيثمي في المجمع (9/ 268) وقال: "رجاله إلى قائله رجال الصحيح".

قلت: وقائله عمير بن إسحاق، أبو محمد مولى بني هاشم وهو تابعي قال عنه ابن حجر: مقبول -كما في التقريب (2/ 86رقم754) -، وانظر التهذيب (8/ 143رقم 255)، فحديثه مرسل.

وعليه فالحديث حسن لغيره بمجموع هذه الطرق، والله أعلم.

ص: 1777

637 -

حديث علي- كرم الله وجهه- مرفوعاً:

"أعطي كل نبي سبعة رفقاء، وأعطيت بضعة عشر"، فقيل لعلي: من هم؟ فقال: أنا، وحمزة، وابناي

، وذكرهم.

قال: صحيح.

قلت: بل فيه كثير النَّوَّاء، وهو واه، وإبراهيم بن بشَّار، وهو صاحب عجائب عن ابن عيينة.

637 - المستدرك (3/ 199): أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي، ثنا إبراهيم بن عبد الله المصري، ثنا إبراهيم بن بشار الرمادي، ثنا سفيان بن عيينة، ثنا كثير النواء، عن المسيب بن نجبة، عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال:"كل نبي أعطي سبعة رفقاء، وأعطيت بضعة عشر"، فقيل لعلي: من هم؟ فقال: أنا، وحمزة، وابناي

، ثم ذكرهم. اهـ. لفظ الحاكم، وسيأتي ذكر بقيتهم في التخريج.

تخريجه:

الحديث مداره على كثير النواء، وله عنه سبع طرق.

* الأولى: طريق سفيان بن عيينة، واختلف عليه.

فرواه إبراهيم بن بشار الرمادي، عنه، عن كثير، عن المسيب بن نجبة، عن علي رضي الله عنه، مرفوعاً.

وهذه طريق الحاكم التي أخرجها عن شيخه أحمد بن جعفر القطيعي.

والقطيعي رواه في زوائده على الفضائل لأحمد (2/ 636 - 637 رقم 1082)، ولفظه:"أعطي على نبي سبعة رفقاء، وأعطيت أنا أربعة عشر"، قيل لعلي: من هم؟ قال: أنا، وابناي الحسن والحسين، وحمزة، وجعفر، وعقيل، وأبو بكر، وعمر، وعثمان، والمقداد، وسلمان، وعمار، وطلحة، والزبير رضي الله عنهم. =

ص: 1778

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأخرجه الطبراني في الكبير (6/ 264 - 265 رقم6048) من طريق الرمادي، بمثل لفظ القطيعي، إلا أنه لم يذكر عقيلاً وعماراً.

ورواه محمد بن أبي عمر العدني، عن ابن عيينة، عن كثير النواء، عن أبي إدريس، عن المسيب بن نجبة، عن علي، به.

أخرجه الترمذي في سننه (10/ 291رقم 3877) في مناقب أهل البيت من كتاب المناقب، فقال: حدثنا ابن أبي عمر

، فذكره مرفوعاً نحو لفظ القطيعي، إلا أنه ذكر مصعب بن عمير، وبلالاً، وحذيفة، وعبد الله بن مسعود مكان عقيل، وعثمان، وطلحة، والزبير.

وأخرجه الطبراني في الموضع السابق برقم (6047) من طريق الحسين بن إسحاق التستري، عن ابن أبي عمر به، ولم يذكر حذيفة والمقداد بن الأسود.

قال الطبراني عقبه: "لم يتم عدد الأربعة عشر في هذا الحديث".

وقال الترمذي عقبه: "هذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وقد روي هذا الحديث عن علي موقوفاً.

وتابع ابن أبي عمر على هذه الرواية كثير بن يحيى، عن ابن عيينة.

أخرجه الطبراني مقروناً بالرواية السابقة عنده.

ورواه عبد الرزاق، والأشجعي، والمأمون، ثلاثتهم عن سفيان، عن سالم بن أبي حفصة، عن عبد الله بن ملَيْل، عن علي.

أما طريق عبد الرزاق فأخرجها الإِمام أحمد في المسند (1/ 142).

وفي الفضائل (1/ 228رقم 275).

وأما طريق الأشجعي فأخرجها الطحاوي في مشكل الآثار (4/ 18).

كلاهما عن سفيان، عن سالم، عن عبد الله بن مليل، قال: سمعت علياً يقول: أعطي كل نبي سبعة نجباء من أمته، وأعطي النبي -صلى الله =

ص: 1779

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عليه وسلم- أربعة عشر نجيباً من أمته، منهم أبو بكر وعمر رضي الله عنهما.

هكذا رواه عبد الرزاق، والأشجعي، موقوفاً على علي رضي الله عنه، وهذا لفظ الِإمام أحمد، وأما لفظ الطحاوي فنحوه، إلا أن عنده:(تسعة) بدل: (سبعة).

وأما طريق المأمون فأخرجها ابن الجوزي في العلل (1/ 280 - 281 رقم 453)، من طريق الحسن بن عبيد الله الأبزاري، عن إبراهيم بن سعيد، عن المأمون، عن سفيان، عن سالم، عن عبد الله بن مليل، عن علي، به مرفوعاً نحو لفظ الترمذي، إلا أنه ذكر فاطمة، وأبا ذر مكان حذيفة، ومصعب بن عمير.

ورواه الفريابي، ومعاوية بن هشام، كلاهما عن سفيان، عن سالم بن أبي حفصة، قال: بلغني عن عبد الله بن مليل هذا الحديث، فأتيته، فسألت عنه، فوجدتهم في جنازته، فحدثني رجل عنه، قال: سمعت علي بن أبي طالب يقول: أعطي كل نبي سبعة نجباء، وأعطي النبي صلى الله عليه وسلم أربعة عشر نجيباً، منهم أبو بكر وعمر.

أخرجه الطحاوي في الموضع السابق من طريق الفريابي.

والِإمام أحمد في المسند (1/ 149).

وفي الفضائل (1/ 228رقم 276) من طريق معاوية بن هشام.

كلاهما عن سفيان، به وهذا لفظ الطحاوي، ولفظ الامام أحمد نحوه، وزاد: وابن مسعود، وعمار بن ياسر.

* الطريق الثانية: طريق سعد أبي غيلان الشيباني، عن كثير النواء، عن يحيى بن أم الطويل، عن عبد الله بن مليل، عن علي مرفوعاً نحو لفظ الترمذي، إلا أنه ذكر أبا ذر مكان مصعب بن عمير.

أخرجه الطحاوي في الموضع السابق (ص 18 - 19)، واللفظ له. =

ص: 1780

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والبخاري في تاريخه الكبير (4/ 63) مختصراً.

* الطريق الثالثة: طريق فطر بن خليفة، عن كثير، عن عبد الله بن مليل، عن علي، مرفوعاً نحو لفظ الترمذي، إلا أنه ذكر أبا ذر مكان مصعب.

أخرجه الِإمام أحمد في المسند (1/ 148).

وفي الفضائل (1/ 228رقم 277).

ومن طريقه ابن الجوزي في العلل (1/ 281رقم 454).

وأخرجه البزار (3/ 220 - 221 رقم2610).

وابن أبي عاصم في السنة (2/ 617رقم 1421).

والطحاوي في الموضع السابق (ص 18).

والطبراني في الكبير (6/ 265رقم6049).

ومن طريقه أبو نعيم في الحلية (1/ 128).

جميعهم من طريق أبي نعيم الفضل بن دكين، عن فطر به، إلا أن أبي عاصم لم يذكر سوى أبي بكر وعمر وحمزة وعلي رضي الله عنهم.

وتابع أبا نعيم عليه خالد بن عبد الرحمن الخراساني، عن فطر، به مثله.

أخرجه الطحاوي في الموضع السابق.

* الطريق الرابعة: طريق إسماعيل بن زكريا، عن كثير، عن ابن مليل، عن علي، مرفوعاً:"ليس من نبي كان قبلي إلا قد أعطي سبعة نقباء، وزراء، نجباء، وإني قد أعطيت أربعة عشر وزيراً، نقيباً، نجيباً، سبعة من قريش، وسبعة من المهاجرين".

أخرجه الِإمام أحمد في المسند (1/ 88).

ومن طريقه ابن الجوزي في العلل (1/ 282رقم 456). =

ص: 1781

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= * الطريق الخامسة: طريق منصور بن أبي الأسود، عن كثير، عن ابن مليل، عن علي، مرفوعاً نحو لفظ فطر بن خليفة في الطريق الثالثة.

أخرجه ابن عدي في الكامل (6/ 2087).

* الطريق السادسة: طريق علي بن هاشم بن البريد، عن ابن مليل، عن علي موقوفاً نحو لفظ سابقه.

أخرجه عبد الله بن أحمد في زوائده على الفضائل (1/ 227رقم 274).

وابن الجوزي في الموضع السابق برقم (455).

* الطريق السابعة: طريق علي بن عابس، عن كثير، به موقوفاً نحو سابقه.

أخرجه عبد الله بن أحمد في الموضع السابق (1/ 136 - 137رقم109).

دراسة الِإسناد:

الحديث صححه الحاكم، وتعقبه الذهبي بقوله:"بل كثير واه، وابن بشار صاحب عجائب عن ابن عيينة".

أما كثير فهو إبن إسماعيل، أو ابن نافع، النَّوَّاء -بالتشديد-، أبو إسماعيل التيمي، الكوفي، وهو ضعيف./ الكامل لابن عدي (6/ 2086 - 2087)، والتهذيب (8/ 411رقم 735)، والتقريب (2/ 131رقم 3).

وأما إبراهيم بن بشار الرمادي، فتقدم في الحديث (571) أنه ثقة ربما وهم.

ولم ينفرد إبراهيم بالحديث عن ابن عيينة كما يتضح من التخريج.

والحديث قد اختلف فيه على سفيان، وعلى كثير النواء كما سبق.

وقد تعرض لهذا الاختلاف الطحاوي، والدارقطني.

أما الطحاوي فإنه ذهب إلى ترجيح رواية فطر بن خليفة، عن كثير، عن =

ص: 1782

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= عبد الله بن مليل، عن علي، مرفوعاً، فقال عن رواية سفيان للحديث عن سالم بن أبي حفصة، على الاختلاف المتقدم:"ففي هذا الحديث عن سالم بن أبي حفصة أنه أخذه عن رجل لم يسمه، عن عبد الله بن مليل (في الأصل: منين)، ويحتمل أن يكون ذلك الرجل الذي أخذه عنه هو كثير النواء، فإن كان كذلك، فقد عاد حديث سالم بعد هذا إلى مثل حديث فطر في الِإسناد سواء".

وذكر الطحاوي الحديث من الطريق الثانية، طريق سعد أبي غيلان، عن كثير، عن يحيى، عن ابن مليل، عن علي مرفوعاً، وقال: "ففي هذا الحديث إدخال يحيى بن أم طويل بين كثير النواء، وبين عبد الله بن مليل (في الأصل: منين)، ويحيى بن أم طويل هذا غير معروف.

فذكر بعض الناس أن هذا الحديث قد فسد إسناده بذلك، ولم يكن ذلك عندنا كما ذكر؛ لأن فطر بن خليفة عند أهل العلم بالحديث حجة، وسعد أبو غيلان ليس بمعروف، ولا يصلح أن يُعارَض فطرُ في روايته بمثله، وإذا كان كذلك سقط ما روى سعد هذا، هذا الحديث به، وثبت ما رواه فطر". اهـ.

وأما الدارقطني رحمه الله، فإنه سئل في العلل (3/ 262 - 264 رقم 395) عن هذا الحديث، فقال: "هو حديث يرويه سالم بن أبي حفصة، وكثير النَّواء، عن عبد الله بن مليل، واختلف عن كثير.

فرواه فطر بن خليفة، وقيس بن الربيع، وأبو عبد الرحمن المسعودي -واسمه عبد الله بن عبد الملك بن أبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود-، وابن عيينة، وجعفر الأحمر، وحمزة الزيات، ونصير بن أبي الأشعث، عن كثير النَّواء، عن عبد الله بن مليل.

وخالفهم أبو غيلان سعد بن طالب، فرواه عن كثير النواء، عن يحيى بن أم الطويل الثمالي، عن عبد الله بن مليل، عن علي، ورفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم. =

ص: 1783

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وتابعه على رفعه فطر بن خليفة، عن كثير النواء.

ورواه ابن عيينة، عن كثير النواء، عن أبي إدريس، عن المسيب بن نجبة، عن علي.

والمحفوظ حديث عبد الله بن مليل". اهـ.

قلت: وعبد الله بن مليل هذا مجهول، ذكره البخاري في تاريخه (5/ 192رقم 608)، وسكت عنه، وبيَّض له ابن أبي حاتم (5/ 168رقم 774)، وذكره ابن حبان في ثقاته (5/ 43)، وإنما روى عنه كثير النواء فقط، وأما سالم بن أبي حفصة، فقال: بلغني عن ابن مليل، وأما الأعمش، فقال البخاري في الموضع السابق:"لا يعرف، سمع منه الأعمش، أم لا؟ ".

الحكم علي الحديث:

الحديث ضعيف بهذا الِإسناد لضعف كثير، وجهالة عبد الله بن مليل، أما إبراهيم الرمادي فحديثه حسن، فلا يعل الحديث به، ومع ذلك فلم ينفرد به كما تقدم.

وأما الاضطراب، فتقدم ترجيح الطحاوي والدارقطني لرواية فطر ومن وافقه، والله أعلم.

ص: 1784