المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[باب السلم والقرض والمقاصة] - مختصر خليل - ومعه شفاء الغليل في حل مقفل خليل - جـ ٢

[ابن غازي - خليل بن إسحاق الجندي]

فهرس الكتاب

- ‌[باب البيوع]

- ‌[باب الصرف]

- ‌[باب المطعومات]

- ‌[باب البيوع المنهي عنها]

- ‌[باب بيوع الآجال]

- ‌[فصل]

- ‌[باب الردّ بالعيب]

- ‌[باب المرابحة والمداخلة والثمار، والعرية والجائحة والمنازعة]

- ‌[ما يتناوله البيع]

- ‌[اختلاف المتبايعين]

- ‌[باب السلم والقرض والمقاصّة]

- ‌[فصل]

- ‌[أحكام المقاصة]

- ‌[باب الرهن]

- ‌[باب التفليس]

- ‌[باب الحجر]

- ‌[باب الصلح]

- ‌[باب الحوالة]

- ‌[باب الضمان]

- ‌[باب الشركة]

- ‌[باب المزارعة]

- ‌[باب الوكالة]

- ‌[باب الإقرار]

- ‌[باب الاستلحاق]

- ‌[باب الإيداع]

- ‌[باب العارية]

- ‌[باب الغصب]

- ‌[باب الاستحقاق]

- ‌[باب الشفعة]

- ‌[باب القسمة]

- ‌[باب القِرَاضِ]

- ‌[باب المساقاة]

- ‌[باب الإجارة]

- ‌[فصل كراء الدوابّ والرباع]

- ‌[فصل]

- ‌[باب الجعل]

- ‌[باب إحياء الموات]

- ‌[باب الوقف]

- ‌[باب الهبة]

- ‌[باب اللُقَطة]

- ‌[باب الأقضية]

- ‌[أحكام القضاء]

- ‌[باب الشهادة]

- ‌[باب الدماء]

- ‌[فصل الدية]

- ‌[باب الباغية]

- ‌[باب الردة]

- ‌[باب الزنا]

- ‌[باب القذف]

- ‌[باب السرقة]

- ‌[باب الحرابة]

- ‌[باب الخمر والحد والضمان]

- ‌[باب العتق]

- ‌[باب التدبير]

- ‌[باب الكتابة]

- ‌[باب أم الولد والولاء]

- ‌[أحكام الولاء]

- ‌[باب الوصية]

- ‌[باب الفرائض]

الفصل: ‌[باب السلم والقرض والمقاصة]

[باب السلم والقرض والمقاصّة]

شَرْطُ السَّلَمِ قَبْضُ رَأْسِ الْمَالِ كُلِّهِ، أَوْ تَأْخِيرُهُ ثَلاثاً ولَوْ بِشَرْطٍ، وفِي فَسَادِهِ بِالزِّيَادَةِ، إِنْ لَمْ تَكْثُرْ جِدَّاً تَرَدُّدٌ.

قوله: (وَفِي فَسَادِهِ بِالزِّيَادَةِ، إِنْ لَمْ تَكْثُرْ جِدَّاً تَرَدُّدٌ) لَمْ يحتج إلى تقييده بالعين اكتفاءً بقوله بعد: (وتَأْخِيرُ حَيَوَانٍ

إلى آخره)، والخلاف فِي المسألة للمتقدمين، وكأنه فهم عن المتأخرين تَرَدُّدا فِي النقل عنهم، فعبّر عنه بالتَرَدُّدٌ.

وجَازَ بِخِيَارٍ لِمَا يُؤَخَّرُ، إِنْ لَمْ يُنْقَدْ، وبِمَنْفَعَةِ مُعَيَّنٍ، وبِجُزَافٍ، وتَأْخِيرُ حَيَوَانٍ بِلا شَرْطٍ.

قوله: (وتَأْخِيرُ حَيَوَانٍ بِلا شَرْطٍ) ليس فِي الأمهات فِيهِ كراهة، وكذا اختصره ابن يونس، وظاهر " التهذيب " دخول الخلاف فِيهِ (1).

وهَلِ الطَّعَامِ والْعَرْضِ كَذَلِكَ، إِنْ كِيلَ وأُحْضِرَ، أَوْ كَالْعَيْنِ؟ تَأْوِيلانِ.

قوله: (وَهَلِ الطَّعَامِ والْعَرْضِ كَذَلِكَ، إِنْ كِيلَ وأُحْضِرَ، أَوْ كَالْعَيْنِ؟ تَأْوِيلانِ) اعلم أنّه كره فِي " المدونة " تأخير الثوب والطعام بغير شرط (2)، فمن الشيوخ من رأى هذه الكراهة مقيدة بما إِذَا لَمْ يكل الطعام ولم يحضر الثوب، فأما إِذَا كَيّل الطعام وحضر (3) الثوب فقد انتقل ضمانهما إلى المسلم إليه، وصار كالحيوان، فلا معنى للكراهة، وعَلَى هذا التأويل نبّه بقوله:(وهل الطعام والعرض كذلك إن كيل وأحضر؟) ومن الشيوخ من حمل هذه الكراهة عَلَى إطلاقها وقال: إن الطعام والثوب لما كَانَ يغاب عَلَيْهِما [79 / ب] أشبها الدنانير والدراهم، فأشبهت (4) صورة التأخير فيهما الدين بالدين، بِخِلاف ما لو كَانَ رأس

(1) قال في تهذيب المدونة: (وإذا كان رأس مال السلم عرضاً أو طعاماً أو حيواناً بعينه، فتأخر قبضه الأيام الكثيرة أو الشهر، أو إلى أجل، فإن كان ذلك بشرط فسد البيع، وإن لم يكن بشرط وكان ذلك هرباً من أحدهما فالبيع نافذ، مع كراهية مالك لهما في ذلك التأخير البعيد بغير شرط، وإن قبضه بعد يوم أو يومين فلا بأس به) انظر تهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 38.

(2)

/ 38.انظر النص السابق ..

(3)

في (ن 3): (وأحضر).

(4)

في (ن 1): (فأشبه).

ص: 699

مال السلم ما لا يغاب عَلَيْهِ كالعبد، فإنه لا يتصور فِيهِ شبه الدين بالدين.

وعَلَى هذا التأويل نبّه بقوله: (أو كالعين) إِلا أن تشبيهه بالعين يقتضي التحريم، وإنما ذكر ابن يونس وابن محرز وغيرهما الكراهة كما هو لفظ " المدونة ". نعم قال ابن عبد السلام عندما قرر ما قدمناه: رأى بعضهم أن الكراهة إِذَا كَانَ رأس مال السلم طعاماً أشد منها إِذَا كَانَ ثوباً؛ لأن الطعام مع كونه يغاب عَلَيْهِ هو أَيْضاً لا يعرف بعينه، والثوب يعرف بعينه فيقوى شبه الدين بالدين فِي الطعام ما لا يقوى فِي الثياب، فلم يقنع بهذا فِي " التوضيح " حَتَّى زاد ما نصّه: " ينبغي أن تحمل كراهة الإمام فِي الطعام عَلَى التحريم؛ لأنه إِذَا لَمْ [يكل لم](1) يكن بينه وبين العين فرق، وينبغي إِذَا حضر الثوب أن يجوز؛ لأنه بحضوره يتعين ولا يكون ديناً بدين (2).

ورُدَّ زَائِفٌ.

قوله: (ورُدَّ زَائِفٌ) مصدر مضاف للمفعول معطوف عَلَى فاعل (جَازَ).

وعُجِّلَ، وإِلا فَسَدَ مَا يُقَابِلُهُ لا الْجَمِيعُ عَلَى الأَحْسَنِ.

قوله: (لا الْجَمِيعُ عَلَى الأَحْسَنِ) كأنه أشار بالأحسن لاختيار ابن محرز، وقد (3) قبله ابن عرفة ولَمْ يذكره فِي " التوضيح ".

والتَّصْدِيقُ فِيهِ كَطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ، ثُمَّ لَكَ أَوْ عَلَيْكَ الزَّائِدُ الْمَعْرُوفُ والنَّقْصُ، وإِلا فَلا رُجُوعَ لَكَ، إِلا بِتَصْدِيقٍ أَوْ بَيِّنَةٍ لَمْ تُفَارِقْ.

قوله: (والتَّصْدِيقُ فِيهِ كَطَعَامٍ مِنْ بَيْعٍ) قرانه بطعام من بيع. يدل أن مراده التصديق فِي كيل الطعام المسلم فِيهِ، وأما التصديق فِي رأس المال فلا يجوز، وقد تقدمت له النظائر التي لا يجوز فِيهَا التصديق وأن هذا منها.

(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).

(2)

انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 5/ 630.

(3)

في (ن 3): (وقيل).

ص: 700

وحَلَفَ لَقَدْ أَوْفَى مَا سَمَّى، أَوْ لَقَدْ بَاعَهُ عَلَى مَا كُتِبَ بِهِ إِلَيْهِ، إِنْ أَعْلَمَ مُشْتَرِيهِ، وإِلا حَلَفْتَ ورَجَعْتَ.

قوله: (وَإِلا حَلَفْتَ ورَجَعْتَ) ينطبق عَلَى مفهوم قوله: (وحَلَفَ لَقَدْ أَوْفَى مَا سَمَّى) وعَلَى مفهوم قوله: (إِنْ أَعْلَمَ مُشْتَرِيهِ).

وإِنْ أَسْلَمَتْ عَرْضاً فَهَلَكَ بِيَدِكَ فَهُوَ مِنْهُ إِنْ أَهْمَلَ، أَوْ أَوْدَعَ، أَوْ عَلَى الانْتِفَاعِ.

قوله: (أَوْ عَلَى الانْتِفَاعِ) هذا كقول اللخمي: وإن أمكنه من الرقاب وهي لمنافع (1) استثناها (2) منه صدق.

ومِنْكَ إِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ ووُضِعَ لِلتَّوَثُّقِ.

قوله: (وَمِنْكَ إِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ ووُضِعَ لِلتَّوَثُّقِ) أي بإشهاد أو رهن أو كفيل، وأما حبسه فِي عوضه فلا، وقد قال اللخمي: لَمْ يكن له حبسه لما كَانَ الثمن إلى أجل بِخِلاف البيع عَلَى النقد.

ونُقِضَ السَّلَمُ وحَلَفَت، وإِلا خُيِّرَ الآخَرُ، وإِنْ أَسْلَمْتَ حَيَوَاناً أَوْ عَقَاراً فَالسَّلَمُ ثَابِتٌ، ويُتَّبَعُ الْجَانِي، وأَنْ لا يَكُونَا طَعَامَيْنِ ولا نَقْدَيْنِ، ولا شَيْئاً فِي أَكْثَرَ أَوْ أَجْوَدَ كَالْعَكْسِ، إِلا أَنْ تَخْتَلِفَ الْمَنْفَعَةُ كَفَارِهِ الْحُمُرِ فِي الأَعْرَابِيَّةِ، وسَابِقِ الْخَيْلِ.

قوله: (وَنُقِضَ السَّلَمُ وحَلَفَت) كذا فِي بعض النسخ حلفت بـ: تاء الخطاب، وهو أولى لبيانه.

لا هِمْلاجٍ، إِلا كَبِرْذَوْنٍ [53 / ب]، وجَمَلٍ كَثِيرِ الْحَمْلِ.

قوله: (لا هِمْلاجٍ) فِي " الصحاح ": " الهملاج من البرازين واحد الهماليج، ومشيها الهملجة، فارسيٌ معرّب ". وفِي " الخلاصة ": " الهملجة والهملاج حسن سير الدابّة فِي سرعة (3)، ودابّة هملاج الذكر والأنثى فِيهِ سواء ". وفِي " مختصر العين " نحوه.

(1) في (ن 1)، و (ن 3):(المنافع).

(2)

في (ن 3): (استثناؤه).

(3)

في (ن 1): (صرعة).

ص: 701

وصُحِّحَ، وبِسَبْقِهِ.

قوله: (وَصُحِّحَ، وبِسَبْقِهِ) أي: وصحح اعتبار سبقه أَيْضاً. قال ابن عبد السلام: " والمعتبر فِي الإبل عندهم الحمل خاصّة وليس السبق عندهم فِيهَا بمعتبر، وفِيهِ نظر، فإن العرب كانوا يقاتلون عَلَيْهَا ويريدون بعضها للركوب دون الحمل، وهو موجود إلى الآن والناس كإبل مائة لا تجد فِيهَا راحلة واحدة فما كَانَ منها يصلح للركوب فينبغي أن يسلم فِيمَا يصلح للحمل، وكذلك العكس ". انتهى.

ونكت فِي " التوضيح " عَلَى قوله: المعتبر عندهم فِي الإبل الحمل خاصة فقال: " فسّر التونسي النجابة بالجري فقال: النجيب منها صنف وهو ما بان بالجري، والحميل (1) صنف والدنئ صنف، وينبغي اعتبار كل من الحمل والسبق والسير "، وهو الذي قاله اللخمي ". انتهى (2).

وحاصل ما عند اللخمي: أن الإبل صنفان: صنف يراد للحمل، وصنف [يراد](3) للركوب لا للحمل، وكل منهما جيد، وحاشٍ، فيسلم ما يراد للحمل [فِيمَا يراد للركوب وعكسه اتحد العدد أو اختلف، وما يراد للحمل](4) أو للركوب لا يسلم بعضه فِي بعض إِلا أن يكثر عدد الردي، فتحصل المباينة (5)، فيجوز سلم صنف جيّد فِي كامل ردي.

وقال المازري: الإبل لا تراد للجري والسبق، بل للحمولة، فيعتبر التفاضل فِيهَا من هذه الناحية، وتبعه ابن بشير (6). قال ابن عرفة: وهو خلاف متقدم نقل اللخمي، ثُمَّ ذكر اضطراب نقل الباجي فِيهِ، وناقش كلام ابن عبد السلام المتقدم، وقال: أوّله فِي السبق وآخره فِي السير (7).

(1) في (ن 2)، و (ن 3):(والحميل).

(2)

انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 5/ 635.

(3)

ما بين المعكوفتين زيادة من: (ن 2)، و (ن 3).

(4)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).

(5)

في الأصل، و (ن 1)، و (ن 3):(المبايعة).

(6)

في (ن 2): (ابن شاس).

(7)

في (ن 3): (اليسير).

ص: 702

وبِقُوَّةِ الْبَقَرِ ولَوْ أُنْثَى وكَثْرَةِ لَبَنِ الشَّاةِ.

قوله: (وبِقُوَّةِ الْبَقَرِ) معطوف فِي المعنى عَلَى قوله (كفَارِهِ الحُمُر)، كأنه قال: إِلا أن تختلف المنفعة كفاره الحمر أو تختلف المنفعة بقوة البقر، ولا يجوز أن يعطف عَلَى قوله:(بِسَبْقِهِ) الذي هو معمول لـ (صُحِّحَ)؛ لأن هذا هو أصل المذهب لا يحتاج لمن يصححه.

وظَاهِرُهَا عُمُومُ الضَّأْنِ. وصُحِّحَ خِلافُهُ، وكَصَغِيرَيْنِ فِي كَبِيرٍ وعَكْسِهِ، أَوْ صَغِيرٍ فِي كَبِيرٍ وعَكْسِهِ، إِنْ لَمْ يُؤَدِّ إِلَى الْمُزَابَنَةِ، وتُؤُوِّلَتْ عَلَى خِلافِهِ كَالآدَمِيِّ وكَالْغَنَمِ وجِذْعٍ طَوِيلٍ غَلِيظٍ فِي غَيْرِهِ، وكَسَيْفٍ قَاطِعٍ فِي سَيْفَيْنِ دُونِهِ، وكَالْجِنْسَيْنِ، ولَوْ تَقَارَبَتِ الْمَنْفَعَةُ كَرَقِيقِ الْقُطْنِ والْكَتَّانِ، لا جَمَلٍ فِي جَمَلَيْنِ مِثْلِهِ عُجِّلَ أَحَدُهُمَا.

قوله: (وَظَاهِرُهَا عُمُومُ الضَّأْنِ (1)) أشار به لقول أبي بكر بن يونس: [80 / أ] وظاهر " المدونة " أن الضأن (2) والمعز سواء ما عرف من ذلك بغزر اللبن والكرم جَازَ أن يسلم فِي غيره.

وَكَطَيْرٍ عُلِّمَ، لا بِالْبَيْضِ والذُّكُورَةِ والأُنُوثَةِ ولَوْ آدَمِيَّاً، وغَزْلٍ وطَبْخٍ إِنْ لَمْ يَبْلُغِ النِّهَايَةَ، وحِسَابٍ، أَوْ كِتَابَةٍ. وَالشَّيْءُ فِي مِثْلِهِ قَرْضٌ.

قوله: (وَكَطَيْرٍ عُلِّمَ) لما ذكر فِي " التوضيح " قول ابن الحاجب: " وبِخِلاف طير الأكل [باتفاق (3). قال: يعني أن طير الأكل] (4) لا يجوز سلم صغيرها فِي كبيرها ولا كبيرها فِي صغيرها باتفاق فِي الصنف الواحد، وأخرج بطير الأكل طير التعليم فإنه يختلف بسببه ". انتهى (5). والذي عند ابن عبد السلام: أنّه أخرج بطير الأكل طير البيض، ولم يذكر طير التعليم هو ولا ابن عرفة.

(1) في (ن 2): (الضمان).

(2)

في (ن 2)، و (ن 3):(الضمان).

(3)

انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:371.

(4)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).

(5)

انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 5/ 639.

ص: 703

وأَنْ يُؤَجَّلَ بِمَعْلُومٍ زَائِدٍ عَلَى نِصْفِ شَهْرٍ كَالنَّيْرُوزِ، والْحَصَادِ والدَّرَاسِ وقُدُومِ الْحَاجِّ. واعْتُبِرَ مِيقَاتُ مُعْظَمِهِ، إِلا أَنْ يُقْبَضَ بِبَلَدٍ كَيَوْمَيْنِ، إِنْ خَرَجَ حِيَنِئذٍ بِبِرٍّ، أَوْ بِغَيْرِ رِيحٍ. والأَشْهُرُ بِالأَهِلَّةِ، وتُمِّمَ الْمُنْكَسِرُ مِنَ الرَّابِعِ، وإِلَى رَبِيعٍ حَلَّ بِأَوَّلِهِ وفَسَدَ فِيهِ عَلَى الْمَقُولِ فِيهِ (1) فِي الْيَوْمِ، وأَنْ يُضْبَطَ بِعَادَتِهِ (2) مِنْ كَيْلٍ، أَوْ وَزْنٍ، أَوْ عَدَدٍ كَالرُّمَّانِ، وقِيسَ بِخَيْطٍ، أَوِ الْبَيْضِ، أَوْ بِحِمْلٍ أَوْ جُرْزَةٍ فِي كَقَصِيلٍ، لا بِفَدَّانٍ. أَوْ بِتَحَرٍّ وهَلْ بِقَدْرِ كَذَا؟ أَوْ يَأْتِي بِهِ ويَقُولُ كَنَحْوِهِ؟ تَأْوِيلانِ.

قوله: (زَائِدٍ عَلَى نِصْفِ شَهْرٍ) لعلّه أراد نصف الشهر الناقص، وإِلا فالوجه أن يقول: أقلّه نصف شهر ليوافق النصّ.

وفَسَدَ بِمَجْهُولٍ وإِنْ نَسَبَهُ أُلْغِيَ، وجَازَ بِذِرَاعِ رَجُلٍ مُعَيَّنٍ كَوَيْبَةٍ وحَفْنَةٍ.

قوله: (كَوَيْبَةٍ وحَفْنَة). أي: كويبة مع حفنة. عياض: " والويبة عشرون مدّاً ". انتهى، فهي خمسة آصع، والحفنة ملء يدٍ واحدة، كذا فِي كتاب الحج الثالث من " المدونة " (3). وقال الجوهري: " الحفنة ملء الكفين من طعام.

وفِي الْوَيْبَاتِ والْحَفَنَاتِ قَوْلانِ.

قوله: (وفِي الْوَيْبَاتِ والْحَفَنَاتِ قَوْلانِ) أي: مع الحفنات.

وأَنْ تُبَيَّنَ صِفَتُهُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ فِي السَّلَمِ عَادَةً.

[قوله: (وأَنْ تُبَيَّنَ صِفَتُهُ الَّتِي تَخْتَلِفُ بِهَا الْقِيمَةُ فِي السَّلَمِ عَادَةً)](4) كذا لابن الحاجب، فقال فِي " التوضيح " تبعاً لابن عبد السلام: ظاهره أن الصفة إِذَا كانت لا تختلف القيمة بسببها أنّه لا يجب بيانها فِي السلم (5). وعبارة غيره أقرب؛ لأنهم يقولون: يبين فِي السلم جميع الأوصاف التي تختلف الأغراض بسببها، واختلاف الأغراض لا يلزم منه اختلاف القيمة؛ لجواز أن يكون ما تعلّق به الغرض صفة يسيرة عند التجار، أو أن

(1) في المطبوعة: (لا).

(2)

في الأصل (نفادته).

(3)

انظر: المدونة، لابن القاسم: 2/ 431 ونصها: (قال مالك: والحفنة يد واحدة).

(4)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).

(5)

انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 5/ 669.

ص: 704

تكون الصفة المعينة وإن وجدت لكن فقدت صفة أخرى يكون فقدها مساوياً لوجود الصفة المذكورة قال: وإنما قال فِي السلم؛ لأن السلم يغتفر فِيهِ من الإضراب عن بعض الأوصاف ما لا يغتفر مثله فِي بيع النقد، ولا ينعكس؛ لأن السلم مستثنى من بيع الغرر، بل ربما كَانَ التعرض للصفات الخاصة فِي السلم مبطلاً [له](1) لقوة الغرر.

كَالنَّوْعِ، والْجَوْدَةِ، والرَّدَاءَةِ، وبَيْنَهُمَا.

قوله: (كَالنَّوْعِ، والْجَوْدَةِ، والرَّدَاءَةِ، وبَيْنَهُمَا) ظرفٌ ساكن الياء كما عند الشارح لا فعل مفتوح الياء مشددها كما فِي بعض النسخ، فهو كقول المتيطي لما ذكر السلم فِي الطعام قال:" بعض الموثقين: وأما الصفة مع ذكر الجنس فلابد منها، ويكفي فِي ذلك أن يقال: جيّد أو متوسط أو رديء ". انتهى ونحوه فِي " النوادر " وغيرها. انتهى.

واللَّوْنِ فِي الْحَيَوَانِ والثَّوْبِ، والْعَسَلِ، ومَرْعَاهُ.

قوله: (والْعَسَلِ، ومَرْعَاهُ) لا أذكر من ذكر المرعى فِي العسل، والمصنف مطّلع (2)، ولم يذكره ابن عرفة مع كثرة اطلاعه؛ إِلا أنّه قال: حاصل أقوالهم وصف كلّ نوع تختلف أصنافه بما يعين الصنف المسلم فِيهِ دون غيره ". انتهى.

وأما اللون فقال المتيطي: وتصف العسل بالبياض والخثرة والصفاء أو بالحمرة والملوسة، والصفاقة، وكذا ذكر اللون فِي التين والعنب والزبيب، وفِي " النوادر ": وتصف (3) السمن ببقري أو غنمي، وجيد أو وسط أو رديء، وإِلا لَمْ يجز، وتصف كذلك (4) العسل مع ذكر خاثر أو رقيق وإِلا فسخ.

(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 2)، و (ن 3).

(2)

في (ن 3): (معطل).

(3)

في (ن 2): (ويصف).

(4)

في الأصل، (ن 1):(بذلك).

ص: 705

وفِي التَّمْرِ، والْحُوتِ، والنَّاحِيَةَ، والْقَدْرَ [وفِي الْبُرِّ](1) وجِدَّتُه، ومِلأَهُ، إِنِ اخْتَلَفَ الثَّمَنُ بِهِمَا.

قوله: (وفِي التَّمْرِ، والْحُوتِ، والنَّاحِيَةَ، والْقَدْرَ) كأنه يعني بالناحية بلد التمر والحوت، وبالقدر قدرهما فِي الصغر والكبر، فأما الحوت فهذا فِيهِ بين؛ لأنه قال فِي " المدونة ": والسلم فِي الحيتان الطرية جائز إِذَا سمى جنساً من الحوت وشرط ضرباً معلوماً صفته وطوله وناحيته (2). عَلَى أن عياضا ذكر تأويلين فِي الناحية هل هي القدر أو الجهة إِذَا اختلفت الجهات فكان حوت بعضها أفضل من بعض.

وأما التمر فكأنه عوّل فِيهِ عَلَى بعض ما حكى فِي توضيحه عن المازري إذ قال: زاد بعض العلّماء فِي التمر البلد واللون وكبر الثمرة وصغرها وكونه جديداً أو قديماً (3).

وسَمْرَاءَ، ومَحْمُولَةً بِبَلَدٍ هُمَا بِهِ، ولَوْ بِالْحَمْلِ، بِخِلافِ مِصْرَ فَالْمَحْمُولَةُ، والشَّامُ فَالسَّمْرَاءُ.

قوله: (وسَمْرَاءَ، ومَحْمُولَةً بِبَلَدٍ هُمَا بِهِ، ولَوْ بِالْحَمْلِ) هذا اختصار ما فِي " التوضيح "(4)، وهو جارٍ عَلَى طريقة ابن بشير إذ قال ما نصّه:" إن كَانَ البلد مما ينبتان فِيهِ فلابد من ذكر أحد الصنفين، فإن لَمْ يذكر [ذلك] (5) فسد السلم، وإن كَانَ مما يجلبان إليه، فابن حبيب لا يرى أن يفسد السلم بترك ذكر أحد الصنفين. ورأى (6) الباجي أن مقتضى الروايات خلاف قوله: ولا ينبغي أن يختلف فِي مثل هذا، وإنما كل منهما تكلّم عَلَى شهادته، فإن اختلفت الأثمان أو الأغراض (7) باختلاف الصنفين فلابد من ذكر أحدهما، وإن لَمْ تختلف بذلك فلا معنى لذكره ". انتهى.

(1) ما بين المعكوفتين ساقط من نسخة المؤلف على ما يأتي في مسألة تالية، أو يكون اختصرها.

(2)

النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 19، 20، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 9/ 15.

(3)

انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 5/ 669.

(4)

انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 5/ 670.

(5)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 2)، و (ن 3).

(6)

في (ن 1): (ورد).

(7)

في (ن 2): (والأغراض).

ص: 706

وهو عكس نقل ابن يونس عن ابن حبيب، فإنه لما ذكر قوله فِي " المدونة ": وإن أسلم فِي الحجاز حيث تجتمع السمراء والمحمولة (1) ولَمْ يسم جنساً فالسلم فاسد حَتَّى [80 / ب] يسمي سمراء من محمولة، ويصف جودتهما فيجوز (2). قال ما نصّه:" قال ابن حبيب: وهذا فِي مثل بلدٍ تحمل إليه، فأما بلد تنبت فِيهِ السمراء والبيضاء فيجزيه، وإن لَمْ يذكر ذلك وذكر جيداً نقياً وسطا أو مغلوثاً وسطاً، وقول ابن حبيب: هذا لا وجه له، وسواء بلد ينبت فِيهِ الصنفان أو يحملان إليه؛ لابد فِي ذلك من ذكر الجنس إِذَا كانا مختلفين ". انتهى.

وعلى طريقة ابن يونس اقتصر أبو الحسن الصغير وابن عرفة، كما اقتصر المصنف عَلَى طريقة ابن بشير، ولم أر من نبه عَلَى اختلاف الطريقتين. وبالله تعالى التوفيق.

[وَنَقِيٍّ، أَوْ غَلِثٍ](3). وفِي الْحَيَوَانِ وسِنُّهُ، والذُّكُورَةَ، والسِّمَنَ، وضِدَّيْهِمَا.

قوله: (وَنَقِيٍّ، أَوْ غَلِثٍ) كذا فِي بعض النسخ بكسر القاف وتشديد الياء وعطف غلث عَلَيْهِ، وينبغي أن يكون بكسر اللام، وهو إشارة لقول المتيطي:" قال بعض الموثقين: وحسن أن يذكر مع ذكر الجيد أو المتوسط أو الرديء نقي أو متوسط فِي النقاء أو مغلوث، فإن سقط ذكر الصفة من العقد فسد السلم، وإن سقط ذكر النقاء منه لَمْ يفسد، وقاله أَيْضاً محمد بن أبي زمنين " انتهى.

وفِي " النوادر " عن ابن حبيب ما يشهد لنقل المتيطي فِي هذه، ولنقل ابن يونس فِي التي فوقها.

وفِي اللَّحْمِ، وخَصِيَّاً، ورَاعِياً، أَوْ مَعْلُوفاً، لا مِنْ كَجَنْبٍ.

قوله: (وفِي اللَّحْمِ، وخَصِيَّاً) كذا هو فِي نسخٍ كثيرة بنصب خصياً وما عطف عَلَيْهِ، وذلك يدل عَلَى أن قوله:(وَالْقَدْرَ (4) وجِدَّتُه، ومِلأَهُ) وما بعده من المعاطيف منصوبة عطفاً عَلَى قوله:(صفته) ويلزم من ذلك أن يقرأ قوله (وأن يبين صفته) مبنياً للفاعل لا للنائب.

(1) في (ن 1)، و (ن 2)، و (ن 3):(والحمولة).

(2)

انظر تهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 17.

(3)

في الأصل: (ونقي الغلث).

(4)

زاد في نسخة المختصر والمطبوعة: (وفِي الْبُرِّ).

ص: 707

وفِي الرَّقِيقِ، والْقَدَّ، والْبِكَارَةَ، واللَّوْنَ.

قوله: (وَفِي الرَّقِيقِ، والْقَدَّ، والْبِكَارَةَ) كذا فِي أكثر النسخ بإسقاط اللون لتقدمه فِي الحيوان الذي هو أعم من الرقيق.

قَالَ وكَالدَّعْجِ، وتَكَلْثُمِ الْوَجْهِ.

قوله: (قَالَ وكَالدَّعْجِ، وتَكَلْثُمِ الْوَجْهِ) الجوهري: " الدعج شدة سواد العين مع سعتها، والكلثوم الكثير (1) لحم الخدين والوجه.

وفِي الثَّوْبِ وَالرِّقَّةِ، والصَّفَاقَةَ، وضِدَّيْهِمَا.

قوله: (وفِي الثَّوْبِ والرِّقَّةِ، والصَّفَاقَةَ، وضِدَّيْهِمَا) ليس هذا من تمام المحكي عن المازري بل هذه [مسألة](2) ثاني سلوم (3)" المدونة " قال فِيهَا: ومن أسلم فِي ثوبٍ حرير واشترط طوله وعرضه ولم يشترط وزنه جَازَ إِذَا وصفه ووصف صفاقته وخفته وإنما السلم فِي الثياب بصفة وذراع معلوم (4) طوله وعرضه وصفاقته وخفته ونحوه (5). قال أبو الحسن الصغير: أي رقته وغلظه. قال ابن يونس: أنكر سحنون قوله فِي ثوب الحرير أبو الحسن الصغير، ورأى أن الصفة لا تحصره (6)، وأنّه لابد من الوزن؛ لتفاوت ذلك.

ابن عرفة: لَمْ يذكر ابن يونس موجب إنكاره، فلعلّه عدم شرط وزنه، والصواب قول ابن القاسم، بل شرط وزنه مع صفة ما شرط من صفاقة أو خفة متنافٍ.

وفِي الزَّيْتِ والْمُعْصَرَ مِنْهُ، وبِمَا يُعْصَرُ، وحُمِلَ فِي الْجَيِّدِ والرَّدِيءِ عَلَى الْغَالِبِ، وإِلا فَالْوَسَطُ، وكَوْنُهُ دَيْناً ووُجُودُهُ عِنْدَ حُلُولِهِ، وإِنِ انْقَطَعَ قَبْلَهُ.

قوله: (والمعصر منه) كذا فِي النسخ عَلَى صيغة اسم مفعول الرباعي، ووجه الكلام

(1) في (ن 2): (كثير).

(2)

في (ن 3): (المسألة).

(3)

جمع (سلم).

(4)

في (ن 2): (معلوماً).

(5)

انظر: المدونة، لابن القاسم: 9/ 68.

(6)

في (ن 2)، و (ن 3):(يحصره).

ص: 708

المعتصر بزيادة التاء خماسية (1) أو المعصور ثلاثياً من قوله تعالى: {وَفِيهِ يَعْصِرُونَ} [يوسف: 49] عَلَى القول بأنه بمعنى يستغلون (2)، وقيل بمعنى: ينجون، حكاهما الجوهري.

لا نَسْلِ حَيَوَانٍ عُيِّنَ وقَلَّ أَوْ حَائِطٍ.

قوله: (لا نَسْلِ حَيَوَانٍ عُيِّنَ وقَلَّ) كأنه معطوف عَلَى محذوف دلّ عَلَيْهِ السياق أي: فيجوز محقق الوجود عند حلوله لا نسل حيوان معين، وتبع فِي قيد القلة ابن شاس إذ قال: لو كانت الإشارة إلى نعم كثيرة لا يتعذر الشراء منها لمن أراد، وإنما أشير إليها لمعنى انفردت به لجاز السلم فِي نسلها إِذَا وصف (3).

قال ابن عرفة: ظاهره أنّه هو المذهب، وظاهر " المدونة " منعه مُطْلَقاً من هنا (4)، ومن الزكاة الثاني إِذَا منع السلم إلى الساعي. ويتخرج جوازه من قول بعض الشيوخ: يجوز السلم فِي تمر قرية صغيرة لمن لا ملك له فِيهَا إِذَا كَانَ الغالب بيع بعض أهلها قدر ذلك.

وشُرِطَ، إِنْ سُمِّيَ سَلَماً لا بَيْعاً إِزْهَاؤُهُ، وَسَعَةُ الْحَائِطِ وكَيْفِيَّةُ قَبْضِهِ، لِمَالِكِهِ، وشُرُوعُهُ وإِنْ لِنِصْفِ شَهْرٍ، وأَخْذُهُ بُسْراً، أَوْ رُطْباً [لا تَمْراً](5). فَإِنْ شَرَطَ تَتَمُّرَ الرُّطَبِ مَضَى بِقَبْضِهِ، وهَلِ الْمُزْهِي كَذَلِكَ، وعَلَيْهِ الأَكْثَرُ، أَوْ كَالْبَيْعِ الْفَاسِدِ؟ [54 / أ] تَأْوِيلانِ. فَإِنِ انْقَطَعَ رَجَعَ بِحِصَّةِ مَا بَقِيَ، وهَلْ عَلَى الْقِيمَةِ وعَلَيْهِ الأَكْثَرُ؟ أَوِ الْمَكِيلَةِ؟ تَأْوِيلانِ. وَهَلِ الْقَرْيَةُ الصَّغِيرَةُ كَذَلِكَ؟ أَوْ إِلا فِي وجُوبِ تَعْجِيلِ النَّقْدِ فِيهَا؟ أَوْ تُخَالِفُهُ فِيهِ، وفِي السَّلَمِ فِيمَنْ لا مِلْكَ لَهُ تَأْوِيلاتٌ. وإِنِ انْقَطَعَ مَالَهُ إِبَّانٌ، ولَوْ مِنْ قَرْيَةٍ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي فِي الْفَسْخِ والإِبْقَاءِ.

قوله: (وَشُرِطَ، إِنْ سُمِّيَ سَلَماً لا بَيْعاً إِزْهَاؤُهُ

إلى آخره) هو كقوله فِي " توضيحه ": " قال بعض القرويين: وهذه الشروط إنما تلزم إن سموه سلما، وأما إن سموه بيعاً فلا يلزم،

(1) في (ن 2)، و (ن 3):(خماسياً).

(2)

في (ن 2): (يشتغلون).

(3)

انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 2/ 752.

(4)

انظر: المدونة، لابن القاسم: 9/ 7.

(5)

ما بين المعكوفتين زيادة من: المطبوعة.

ص: 709

ويكون عَلَى الفور إذ بعقد البيع يجب قبض المبيع ". انتهى (1). واشتراط الإزهاء فِي البيع عَلَى التبقية أحرى.

وإِنْ قَبَضَ الْبَعْضَ وجَبَ التَّأْخِيرُ، إِلا أَنْ يَرْضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ، ولَوْ كَانَ رَأْسُ الْمَالِ مُقَوَّماً.

[فِيمَا يَجُوزُ فِيهِ السَّلَمُ ويَفْسَدُ بِهِ](2) ويَجُوزُ فِيمَا طُبِخَ، واللُّؤْلُؤِ، والْعَنْبَرِ، والْجَوْهَرِ، والزُّجَاجِ، والْجِصِّ والزِّرْنِيخِ، وأَحْمَالِ الْحَطَبِ، والأَدَمِ، والصُّوفِ بِالْوَزْنِ، لا بِالْجِزَرِ، والسُّيُوفِ، و [تَوْرٍ وشِرَاءِ](3) تَوْرٍ [جَازَ](4) لِيُكَمِّلَ، والشِّرَاءُ مِنْ دَائِمِ الْعَمَلِ كَالْخَبَّازِ، وهُوَ بَيْعٌ وإِنْ لَمْ يَدُمْ فَهُوَ سَلَمٌ كَاسْتِصْنَاعِ سَيْفٍ أَوْ سَرْجٍ.

قوله: (إِلا أَنْ يَرْضَيَا بِالْمُحَاسَبَةِ) كذا هو الصواب بتثنية الفاعل.

وفَسَدَ بِتَعْيِينِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ أَوِ الْعَامِلِ.

قوله: (وفَسَدَ بِتَعْيِينِ الْمَعْمُولِ مِنْهُ أَوِ الْعَامِلِ) كذا فِي النسخ [81 / أ] الصحيحة كعبارة ابن الحاجب (5)، وإِذَا تأملت هذه العبارة وجدتها مع شدة اختصارها موفية نصاً ومفهوماً بقول (6) ابن رشد فِي " المقدمات ": " السلم فِي الصنائع عَلَى أربعة أقسام:

إما أن لا يعين الصانع والمعمول منه، وإما أن يعينهما، وإما أن لا يعين الصانع ويعين المعمول منه وعكسه.

فأما الأول فهو سلم لا يجوز إِلا بضرب الأجل ووصف العمل وتعجيل رأس المال.

وأما الثاني: وهو أن يشترط عمله ويعين ما يعمل منه فليس بسلم، وإنما هو من باب البيع والإجارة فِي الشيء المبيع، فإن كَانَ يعرف وجه خروج ذلك الشيء من العمل أو تمكن إعادته للعمل فيجوز عَلَى أن يشرع فِي العمل أو عَلَى أن يؤخر الشروع فِيهِ بشرط ما

(1) انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 5/ 657، وفيه بدل (قبض)(عقد).

(2)

ما بين المعكوفتين زيادة من: المطبوعة.

(3)

ما بين المعكوفتين ساقط من المطبوعة.

(4)

ما بين المعكوفتين ساقط من المطبوعة.

(5)

انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:371.

(6)

في (ن 1): (نقل).

ص: 710

بينه وبين ثلاثة أيام ونحوها، فإن كَانَ عَلَى أن يشرع فِي العمل جَازَ بشرط تعجيل (1) النقد وتأخيره، وإن كَانَ عَلَى أن يتأخر الشروع فِي العمل إلى ثلاثة أيام ونحوها لَمْ يجز تعجيل النقد بشرط حَتَّى يشرع فِي العمل.

وأما الوجه الثالث: وهو أن لا يشترط عمله بعينه ويعين المعمول منه فهو أَيْضاً من باب البيع والإجارة فِي المبيع (2) إِلا أنّه يجوز عَلَى تعجيل العمل وتأخيره إلى نحو ثلاثة أيام بتعجيل النقد وتأخيره.

وأما الوجه الرابع: وهو أن يشترط عمله دون أن يعين المعمول منه فلا يجوز عَلَى حال؛ لأنه يجتذبه أصلان متناقضان أحدهما لزوم النقد، لكون ما يعمل منه مضموناً، والثاني امتناعه لاشتراط عمل العامل بعينه (3).

وإِنِ اشْتَرَى الْمَعْمُولَ مِنْهُ واسْتَأْجَرَهُ جَازَ، إِنْ شَرَعَ عَيَّنَ عَامِلَهُ أَمْ لا.

قوله: (وإِنِ اشْتَرَى الْمَعْمُولَ مِنْهُ واسْتَأْجَرَهُ جَازَ) كذا قال ابن الحاجب بإثر المسألة المفروغ منها، فقال فِي " التوضيح ": فارقت هذه المسألة التي قبلها بأن التي قبلها لَمْ يدخل فِيهَا المبيع فِي ملك البائع أولاً، وهذه دخل فِي ملكه ثُمَّ أجّره عَلَى عمله. انتهى (4). وأصله لابن عبد السلام.

لا فِيمَا لا يُمْكِنُ وَصْفُهُ كَتُرَابِ الْمَعْدِنِ والأَرْضِ، والدُّورِ، والْجِزَافِ، ومَا لا يُوجَدُ، وحَدِيدٍ وإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهُ السُّيُوفُ فِي سُيُوفٍ وبِالْعَكْسِ، ولا كَتَّانٍ غَلِيظٍ فِي رَقِيقِهِ، إِنْ لَمْ يُغْزَلا، وثَوْبٍ لِيُكَمَّلَ.

قوله: (والأَرْضِ، والدُّورِ

وما بعدهما) معطوفات عَلَى (ما) من قوله: (لا فِيمَا لا يمكن وصفه لا عَلَى تراب المعدن).

(1) في (ن 1)، و (ن 3):(بتعجيل).

(2)

في (ن 2)، و (ن 3):(البيع).

(3)

انظر: المقدمات الممهدات، لابن رشد: 1/ 356، 357، وله بدل (عمل العامل)، (عمل المستعمل).

(4)

انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 5/ 650.

ص: 711

ومَصْنُوعٍ قُدِّمَ لا يَعُودُ هَيِّنَ الصَّنْعَةِ كَالْغَزْلِ، بِخِلافِ النَّسْجِ إِلا ثِيَابَ الْخَزِّ. وإِنْ قُدِّمَ أَصْلُهُ اعْتُبِرَ الأَجَلُ، وإِنْ عَادَ اعْتُبِرَ فِيهِمَا، والْمَصْنُوعَانِ يَعُودَانِ يُنْظَرُ لِلْمَنْفَعَةِ. وجَازَ قَبْلَ زَمَانِهِ قُبُولُ صِفَتِهِ فَقَطْ كَقَبْلَ مَحَلِّهِ فِي الْعَرْضِ مُطْلَقاً. وفِي الطَّعَامِ إِنْ حَلَّ إِنْ لَمْ يَدْفَعْ كِرَاءً، أَوْ لَزِمَ بَعْدَهُمَا كَقَاضٍ إِنْ غَابَ.

قوله: (هَيِّنَ الصَّنْعَةِ) من أوصاف مصنوع.

وجَازَ أَجْوَدُ وأَرْدَأُ، لا أَقَلُّ، إِلا عَنْ مِثْلِهِ، ويُبْرِئُ مِمَّا زَادَ، ولا دَقِيقٌ عَنْ قَمْحٍ، وعَكْسُهُ، وبِغَيْرِ جِنْسِهِ، إِنْ جَازَ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ. وبَيْعُهُ بِالْمُسْلَمِ فِيهِ مُنَاجَزَةً، وأَنْ يُسْلَمَ فِيهِ رَأْسُ الْمَالِ، لا طَعَامٍ، ولَحْمٍ بِحَيَوَانٍ، وذَهَبٍ، ورَأْسُ الْمَالِ وَرِقٌ، وعَكْسُهُ.

قوله: (وَجَازَ أَجْوَدُ وأَرْدَأُ) هذا خلاف تفصيل ابن شاس إذ قال: وإن أتى بالجنس وهو أجود وجب قبوله، وإن كَانَ أردى جَازَ قبوله ولم يجب. وتبعه ابن الحاجب (1). قال ابن عبد السلام: وهو قول غير واحد من المتأخرين، واستبعده هو وابن هارون، إذ لا يلزم الإنسان قبول المنة، وتبعهما فِي " التوضيح " فقال:" والمذهب خلافه؛ لأن الجودة هبة، ولا يجب قبولها، واستدل بقوله فِي الصرف من " المدونة ": ومن أقرضته دراهم يزيدية فقضاك محمدية أو قضاك دنانير عتقاء عن هاشمية، أو قضاك سمراء عن محمولة أو شعير لَمْ تجبر عَلَى أخذها حلّ الأجل أو لَمْ يحلّ.

[قال ابن القاسم: وإن قبلتها جَازَ فِي العين من بيع أو قرض (2) قبل الأجل أو بعده، ولا يجوز فِي الطعام حَتَّى يحلّ](3) الأجل كَانَ من قرض أو من بيع؛ لأن الطعام يرجى تغير أسواقه، وليس العين كذلك. ولابن القاسم قول فِي إجازته (4) من قرض قبل الأجل إن لَمْ يكن فِي ذلك وأبى ولا عادة.

(1) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 2/ 757، وقال ابن الحاجب:(وأداؤه بجنسه بعد أجله بأردى أو بنوع آخر يجوز، وبأجود يجب) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:373.

(2)

في (ن 1): (عرض).

والنص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 117، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 8/ 426.

(3)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).

(4)

في (ن 3): (إجازه).

ص: 712

سحنون: وهو أحسن إن شاء الله تعالى. قال فِي " التوضيح ": والمحمدية والعتق والسمراء أفضل. انتهى (1).

وكأنه أحال المسألة عن وجهها، وأما ابن عرفة فقال فِيمَا ذكر ابن هارون وابن عبد السلام عن ظاهر المذهب: نظر، بل ظاهر قوله فِي " المدونة ": من اشترى جارية على جنس [فوجد](2) أجود منه لزمه (3)، كنقل ابن شاس؛ لأن مسألة " المدونة " عامة فِي البيع والسلم، والأَظْهَر إن دفعه [المسلم](4) إليه عَلَى وجه التفضل لَمْ يلزم قبوله، وإن دفعه لدفعه عن نفسه مشقة تعويضه بمثل ما شرطه لزمه قبوله.

وجَازَ بَعْدَ أَجَلِهِ الزِّيَادَةُ لِيَزِيدَهُ طُولاً كَقَبْلَهُ، إِنْ عَجَّلَ دَرَاهِمَهُ، وغَزْلٍ يَنْسِجُهُ.

قوله: (إِنْ عَجَّلَ دَرَاهِمَهُ) هذا تنكيت على قول بعض شراح ابن الحاجب أن الضمير فِي قوله: (إن عجلها (5) يعود عَلَى الزيادة لا عَلَى ثمنها، [وقد ردّ](6) ذلك عَلَيْهِ فِي " التوضيح "(7)، وسمعت أن قائل ذلك هو برهان الدين السفاقسي صاحب " إعراب القرآن العزيز ".

لا أَعْرَضَ أَوْ أَصْفَقَ وَلا يَلْزَمُ دَفْعُهُ بِغَيْرِ مَحَلِّهِ ولَوْ خَفَّ حَمْلُهُ.

قوله: (لا أَعْرَضَ أَوْ أَصْفَقَ) هذا خلاف ما لابن شاس وابن الحاجب (8) أن [الأعرض

(1) انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 5/ 676.

(2)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).

(3)

انظر: المدونة، لابن القاسم: 10/ 309.

(4)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 2)، و (ن 3).

(5)

نص ابن الحاجب بتمامه: (وإن زاده قبل الأجل دراهم على ثوب أطول أو أعرض جاز إن عجلها) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص 373.

(6)

في (ن 2): (ورد).

(7)

انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 5/ 677.

(8)

قال ابن شاس: (وإن زاده بعد الأجل دراهم على أن أعطاه أزيد في الثوب طولاً أو عرضاً، جاز) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 2/ 757. وانظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: 373 (فإن زاده بعد الأجل دراهم على ثوب أطول أو أعرض جاز أن عجلها).

ص: 713

كالأطول (1). قال فِي " التوضيح ": وفِيهِ نظر وإنما جوّز فِي " المدونة " الأطول، ومقتضى كلام اللخمي أن] (2) الأعراض (3) متفق عَلَى منعه؛ لأنه قال إِذَا زاده دراهم ليأخذ إِذَا حلّ الأجل [81 / ب] أصفق أوراق أو أعرض لَمْ يجز، وهو فسخ دين فِي دين، ويجوز ذلك إِذَا حلّ الأجل وكان العرض الثاني حاضراً أو قاما ليقضيه قبل الافتراق، وإن زاده قبل الأجل ليأخذ أطول وهو عَلَى الصفة فِي الجودة جَازَ عند ابن القاسم وقال سحنون: هو فسخ دين فِي دين، والأول أصوب وهو مقتضى كلام ابن يونس. انتهى (4).

وأما ابن عرفة فأغفل كلام اللخمي وقال: قال الباجي: إن زاده عَلَى أن يزيده [في الصفاقة والطول ففي " المَوَّازِيَّة " لا يجوز؛ لأنه نقله لصفةٍ أخرى (5).

ابن زرقون: ولا يجوز عَلَى أن يزيده] (6) فِي العرض. ابن عرفة: إن أراد مع الزيادة فِي الصفاقة فصواب، وإن أراد دونها ففِيهِ نظر، وظاهر قوله فِي " المدونة " كما لو دفعت إليه غزلاً ينسجه ستاً فِي ثلاثة ثُمَّ زدته دراهم وغزلاً عَلَى أن يزيدك فِي طول أو عرض جَازَ (7) أنّه فِي هذه جائز أَيْضاً، والحق إن كَانَ الثوب للتفصيل فزيادة العرض كالطول وإِلا لَمْ يجز؛ لأنه يصير العرض صفة فِيهِ.

(1) في الأصل: (ن 1)، و (ن 4):(الأعراض كالأطوال).

(2)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).

(3)

في (ن 2)، و (ن 3):(الأعرض).

(4)

انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 5/ 679.

(5)

انظر: المنتقى شرح الموطأ، للباجي: 6/ 382.

(6)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).

(7)

انظر: المدونة، لابن القاسم: 9/ 67.

ص: 714