الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب الإجارة]
صِحَّةُ الإِجَارَةِ بِعَاقِدٍ وأَجْرٍ كَالْبَيْعِ وعُجِّلَ إِنْ عُيِّنَ، أَوْ بِشَرْطٍ، أَوْ عَادَةٍ، أَوْ فِي مَضْمُونَةٍ لَمْ يَشْرَعْ إِلا كِرَاءُ حَجٍّ فَالْيَسِيرَ وإِلا فَمُيَاوَمَةً، وفَسَدَتْ إِنِ انْتَفَى عُرْفُ تَعْجِيلِ الْمُعَيَّنِ كَمَعَ جُعْلٍ لَا بَيْعٍ.
قوله: (أَوْ فِي مَضْمُونَةٍ)[111 / أ] أي فِي منافع مضمونة.
وَكَجِلْدٍ لِسَلَاّخٍ.
قوله: (وكَجِلْدٍ لِسَلَاّخٍ) كذا قَالَ ابن شاس (1)، فقال ابن عَرَفَة: الجلد جار عَلَى ما تقدّم فِي بيعه، وكذا فِي " التوضيح "، ودخل تحت الكاف اللحم (2)، وقد صرّح فِي " المدونة ": أنّه لا تجوز الإجارة عَلَى سلخ شاةٍ بشيءٍ من لحمها (3).
ونُخَالَةٍ لِطَحَّانٍ.
قوله: (ونُخَالَةٍ لِطَحَّانٍ) كذا قَالَ ابن شاس (4)، فقال ابن عبد السلام: إنما امتنعت للجهل بقدرها؛ لأنه كالجزاف غير المرئي وبيعه كذلك لا يجوز، ولَو كَانَ كيلاً بأن يقول: اطحنه ولك صاع من نخالته، فيحتمل أن يتخرّج عَلَى القولين فِي الدقيق، ويحتمل الجواز عَلَى القولين؛ لأن صفة الدقيق قد تختلف ولا تختلف صفة النخالة غالباً، والنفس أميل إِلَى المساواة بين الدقيق والنخالة؛ لأن من الطحن ما تخرج نخالته كثيرة الأجزاء، ومنه ما لا تخرج كذلك، وقبله فِي " التوضيح "، وزاد: وعَلَى هذا فلا يجوز ما يفعل عندنا بمصر فِي طحن العامّة؛ لأنهم يعطون الطحّان أجرة معلومة والنخالة وهي مجهولة.
وأما ابن عَرَفَة فلم يزد عَلَى أن قَالَ: النخالة تجري عَلَى الخلاف فِي الدقيق، وقَالَ البرزلي: ونظيره دخول المعصرة بالفيتور لا يجوز إِلا أن يكون قدراً معلوماً.
(1) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 3/ 926.
(2)
في (ن 3): (اللخمي).
(3)
انظر: المدونة، لابن القاسم: 11/ 407.
(4)
قال ابن شاس: (ولو استأجر السلاخ بالجلد، والطحان بالنخالة، والنساج بجزء من الثواب، لم يجز) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 3/ 926.
وجُزْءِ ثَوْبٍ لِنَسَّاجٍ.
قوله: (وجُزْءِ ثَوْبٍ لِنَسَّاجٍ) احترز بجزء الثوب من جزء الغزل، فإنه جائز، وبهذا فسّر فِي " توضيحه " كلام ابن الحَاجِب (1).
أَوْ رَضِيعٍ.
قوله: (أَوْ رَضِيعٍ) أشار بِهِ لقول ابن الحَاجِب: ولَو أرضعته بجزءٍ من الرضيع الرقيق بعد الفطام لَمْ يجز (2). قَالَ ابن عَرَفَة: هذه مثل مسألة " المدونة " فِي تعليم العبد بنصفه (3)، ولا أعرفها بشخصها فِي الرضاع لأهل المذهب، بل للغزالي فِي " الوجيز ". انتهى. وكأنه لَمْ يقف عَلَى قول ابن رشد فِي " مختصر المبسوطة ": سئل ابن كنانة عن الرجل يعطي فصيله لمن يغذيه بناقته، ويكون الفصيل بينهما؟ فقال: لا بأس بذلك إِذَا ابتذله ساعة يدفعه له. وقَالَ ابن القاسم: لا خير فيه.
وإِنْ مِنَ الآنَ.
قوله: (وإِنْ مِنَ الآنَ) خاص بمسألة الرضيع، وهو خلاف قول ابن الحَاجِب بعد الفطام (4)؛ لكنه اعتمد عَلَى قول أبي محمد فِي مسألة " المدونة " المذكورة، ولَو كَانَ الشرط فيه أن يقبض المعلِّم نصفه الآن عَلَى أن يعلمه سنة لَمْ يجز. قَالَ ابن عبد السلام: ولعلّ سبب ذلك أن الصبي لما كَانَ مما يتعين ولَو تعذر تعليمه بموتٍ أو غير ذلك لَمْ يلزم ربه خلفه، صار نقد الأجرة فيه كالنقد فِي الأمور المحتملة بشرط، وعَلَى هذا التقدير فسواء كانت الأجرة جزءاً منه أو غير ذلك، ويشاركه فِي هذا مسألة الرضيع.
(1) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: 434، ونصه:(ولو استأجر السلاخ بالجلد والنساج بجزء من الثوب والطحان بالنخالة لم يجز).
(2)
انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:434.
(3)
نص التهذيب: (ومن أجرته على تعليم عبدك القرآن والكتابة سنة وله نصفه، لم يجز؛ إذ لا يقدر على قبض ماله فيه قبل السنة، وقد يموت العبد فيها فيذهب عمله باطلاً) النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 3357، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 11/ 419.
(4)
قال ابن الحاجب: (ولو أرضعته بجزء من الرضيع الرقيق بعد الفطام لم يجز). انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:434.
وبِمَا سَقَطَ، أَوْ خَرَجَ فِي نَفْضِ زَيْتُونٍ، أَوْ عَصْرِهِ.
قوله: (وبِمَا سَقَطَ، أَوْ خَرَجَ فِي نَفْضِ زَيْتُونٍ، أَوْ عَصْرِهِ) هذا تلفيف، والمسألتان فِي " المدونة "(1)، قَالَ ابن يونس: ولَو قَالَ انفضه كله ولك نصفه جَازَ.
كَاحْصُدْ وادْرُسْ ولَكَ نِصْفُهُ وكِرَاءِ الأَرْضِ بِطَعَامٍ أَوْ بِمَا تُنْبِتُهُ إِلا كَخَشَبٍ وحَمْلِ طَعَامٍ لِبَلَدٍ بِنِصْفِهِ إِلا أَنْ يَكُونَ يَقْبِضُهُ الآنَ وكَإِنْ خِطْتَهُ الْيَوْمَ بِكَذَا، وإِلا فَبِكَذَا.
قوله: (كَاحْصُدْ وادْرُسْ ولَكَ نِصْفُهُ) العطف بالواو تنبيه عَلَى أن المراد الجمع بين الأمرين.
واعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي فَمَا حَصَلَ فَلَكَ نِصْفُهُ.
قوله: (واعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي فَمَا حَصَلَ فَلَكَ نِصْفُهُ) أي فما حصل من ثمنٍ أو أجرة بدلالة قوله بعد: (وَجَازَ بِنِصْفِ مَا يُحْتَطَبُ عَلَيْهَا)
وهُوَ لِلْعَامِلِ، وعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا، عَكْسُ لِتُكْرِيهَا، وكَبَيْعِهِ نِصْفاً بِأَنْ يَبِيعَ نِصْفاً، إِلا بِالْبَلَدِ، إِنْ أَجَّلا ولَمْ يَكُنِ الثَّمَرُ مِثْلِيَّاً.
وَجَازَ بِنِصْفِ مَا يُحْتَطَبُ عَلَيْهَا وصَاعِ دَقِيقٍ مِنْهُ، أَوْ مِنْ زَيْتٍ لَمْ يَخْتَلِفْ، واسْتِئْجَارُ الْمَالِكِ مِنْهُ وتَعْلِيمُهُ بِعَمَلِهِ سَنَةً مِنْ أَخْذِهِ واحْصُدْ هَذَا ولَكَ نِصْفُهُ ومَا حَصَدْتَ فَلَكَ نِصْفُهُ وإِجَارَةُ دَابَّةٍ لِكَذَا عَلَى إِنِ اسْتَغْنَى فِيهَا حَاسَبَ.
قوله: (ومَا حَصَدْتَ فَلَكَ نِصْفُهُ) أشار بِهِ لقوله فِي " المدونة ": وإِن قَالَ: فما حصدت أو لقطت فلك نصفه جَازَ، وله الترك متى شاء؛ لأنه جُعْلٌ، وكذا أو جذذت (2). زاده اللخمي بِخِلاف ما سقط من النفض وما خرج من العصر فإنه ممنوع كما قَالَ قبل هذا:
(1) قال في المدونة: (ومن قال لرجل: احصد زرعي هذا ولك نصفه، أو جذّ نخلي هذه ولك نصفها، جاز، وليس له تركه، لأنها إجارة. وكذلك لقط الزيتون، وهو كبيع نصفه، وإن قال: فما حصدت أو لقطت فلك نصفه، جاز، وله الترك متى شاء، لأن هذا جعل وغيره لا يجيز هذا
…
وإن قال له: انفض شجري، أو حركها فما نفضت أو سقط فلك نصفه، لم يجز، لأنه مجهول.
وإن قال له: اعصر زيتوني، أو جلجلاني، فما عصرت فلك نصفه، لم يجز، إذ لا يدري كيف يخرج، وإذ لا يقدر على الترك إذا شرع، وليس هكذا الجعل) انظر: تهذيب المدونة، البراذعي: 3/ 391، 392.
(2)
النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 3391، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 11/ 459.
(وبما سقط أو خرج فِي نفض زيتون أو عصره) أما خارج الزيت فلا إشكال فِي جهل صفته، وأما ساقط الزيتون فقال فِي كتاب الجعل والإجارة من الأمهات: قلت: أرأيت مالكا لِمَ كره أن يقول الرجل [للرجل](1): انفض لي زيتوني هذا، فما نفضت منه من شيءٍ فلك نصفه، قَالَ: لأنه لَو قَالَ حرّك شجري هذا فما سقط من ثمره من شيءٍ فلك نصفه فهذا لا يجوز؛ لأنه لا يدري أيسقط منها شيء إِذَا نفضها أم لا، وإنما النفض تحريك وهي إجارة فكأنه عمل بما لا يدري ما هو (2).
ابن يونس: قَالَ ابن حبيب: حمل ابن القاسم النفض محمل التحريك، وليس كذلك. أبو الحسن الصغير:[فهي](3) طرفان وواسطة التحريك فِي طرفٍ لا يجوز واللقط فِي طرفٍ يجوز والنفض واسطة جعله ابن القاسم كالتحريك وابن حبيب كاللقط، وقَالَ أبو عبد الله ابن العطار: معنى النفض هنا باليد، وأما بالقضيب فجائز كالحصاد بالمنجل، واللقط وهذا بعيد؛ لأن النفض باليد غير معتاد. انتهى.
ومنه نقل فِي " التوضيح "، وقَالَ فِي " جامع الطرر ": وجهه إسماعيل القاضي بأن الشجر تختلف بالصلابة واللين، فقد يقلّ ما يسقط منها [111 / ب] وقد يكثر فهو غرر.
واسْتِئْجَارُ مُؤَجَّرٍ، أَوْ مُسْتَثْنًى مَنْفَعَتُهُ، والنَّقْدُ فِيهِ إِنْ لَمْ يَتَغَيَّرْ غَالِباً، وعَدَمُ التَّسْمِيَةِ لِكُلِّ سَنَةٍ وكِرَاءُ أَرْضٍ لِتُتَّخَذَ مَسْجِداً مُدَّةً والنَّقْضُ لِرَبِّهِ إِنِ انْقَضَتْ وعَلَى طَرْحِ مَيْتَةٍ والْقِصَاصُ والأَدَبُ وعَبْدٍ خَمْسَةَ عَشَرَ عَاماً ويَوْمٍ، وخِيَاطَةِ ثَوْبٍ مَثَلاً وهَلْ تَفْسُدُ إِن جَمَعَهُمَا وتَسَاوَيَا، أَوْ مُطْلَقاً خِلَافٌ وبَيْعُ دَارٍ لِتُقْبَضَ بَعْدَ عَامٍ، وأَرْضٍ لِعَشْرٍ.
قوله: (واسْتِئْجَارُ مُؤَجَّرٍ، أَوْ مُسْتَثْنًى مَنْفَعَتُهُ) ما ذكر الشارح فيه من الاحتمال فِي معناه ذكر مثله ابن عبد السلام فِي لفظ ابن الحَاجِب قَالَ: والأول أقرب إِلَى لفظه، وبِهِ قطع فِي " التوضيح ".
(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).
(2)
انظر: المدونة، لابن القاسم: 11/ 460.
(3)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).
واسْتِرْضَاعٌ.
قوله: (واسْتِرْضَاعٌ) أي: وجَازَ استرضاع وإِن كَانَ فيه استيفاء عين معيبة (1) لنصّ القرآن (2)، وللضرورة، فهو مما يستثنى من قوله بعد:(بلا استيفاء عين قصداً)؛ ولذا قَالَ ابن الحَاجِب: واستئجار المرضع وإِن كَانَ اللبن عيناً للضرورة (3).
والْعُرْفُ فِي كَغَسْلِ خِرْقَةٍ ولِزَوْجِهَا فَسْخُهُ إِنْ لَمْ يَأْذَنْ كَأَهْلِ الطِّفْلِ إِذَا حَمَلَتْ ومَوْتِ إحْدَى الظِّئْرَيْنِ ومَوْتِ أَبِيهِ، ولَمْ تَقْبِضْ أُجْرَةً إِلا أَنْ يَتَطَوَّعَ بِهَا مُتَطَوِّعٌ وكَظُهُورِ مُسْتَأْجَرٍ أُوجِرَ بِأَكْلِهِ أَكُولاً ومُنِعَ زَوْجٌ رَضِيَ مِنْ وَطْءٍ، ولَوْ لَمْ يَضُرَّ وسَفَرٍ كَأَنْ تُرْضِعَ مَعَهُ ولا يَسْتَتْبِعُ حَضَانَةً كَعَكْسِهِ.
قوله: (وَالْعُرْفُ فِي كَغَسْلِ خِرْقَةٍ) أي وجَازَ اعتبار العرف، أو واعتبر العرف.
وبَيْعُهُ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ بِثَمَنِهَا سَنَةً إِنْ شَرَطَ الْخُلْفَ كَغَنَمٍ عُيِّنَتْ (4)، وإِلا فَلَهُ الْخُلْفُ عَلَى آجِرِهِ.
قوله: (وَبَيْعُهُ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يَتَّجِرَ بِثَمَنِهَا سَنَةً إِنْ شَرَطَ الْخُلْفَ كَغَنَمٍ عُيِّنَتْ) أول مسألة فِي كتاب الجعل والإجارة ونصّها: " ومن باع من رجلٍ سلعة بثمنٍ [على أن يتجر له بثمنها سنة كَانَ كمن آجره](5) عَلَى أن يتَّجِر له بهذه المائة الدينار سنة أو يرعى له غنماً بعينها سنة، فإن شرط فِي العقد (6) خلف ما هلك أو تلف منها جَازَ، وإِلا لَمْ يجز (7).
كَرَاكِبٍ، وحَافَتَيْ نَهْرِكَ لِيَبْنِيَ بَيْتاً، وطَرِيقٍ فِي دَارٍ ومَسِيلِ مَصَبِّ مِرْحَاضٍ.
قوله: (كَرَاكِبٍ) أي كما يجب خلف الراكب إِذَا تعذر ركوبه ولا ينفسخ الكراء، وسيقول (وَفُسِخَتْ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ لا بِهِ).
(1) في (ن 4): (مغيبة).
(2)
يعني قوله تعالى: {فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ} [الطلاق:6].
(3)
انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:435.
(4)
في المطبوعة: (لَمْ تُعَيَّنْ).
(5)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).
(6)
في ن 1: (فالعقد).
(7)
النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 341، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 11/ 402، 403.
لا مِيزَابٍ، إِلا لِمنزلك (1) فِي أَرْضِهِ، وكِرَاءُ رَحَى مَاءٍ بِطَعَامٍ، وغَيْرِهِ.
قوله: (لا مِيزَابٍ، إِلا لِمنزلك فِي أَرْضِهِ) أي: إِلا أن يكون الميزاب لمنزلك يجري فِي أرضه، فاللام للاستحقاق كالجل للفرس، وفِي بعض النسخ:(إِلا لميزابك فِي أرضه). أي إِلا أن تستأجر لميزابك فِي أرضه، فاللام للتعليل.
وعَلَى تَعْلِيمِ قُرْآنٍ مُشَاهَرَةً، أَوْ عَلَى الْحِذَاقِ.
قوله: (وَعَلَى تَعْلِيمِ قُرْآنٍ مُشَاهَرَةً، أَوْ عَلَى الْحِذَاقِ) لفظ " المدونة ": أو عَلَى الحذاق (2) للقرآن بكذا " (3). عياض: يحذِّقَهم القرآن أي يحفظهم ويحسن تعليمه لهم.
أبو الحسن الصغير: والحذاق التي كانت عندهم إنما هي الختمة، وأما عندنا اليوم فهي عَلَى الأجزاء إِلا أنّه معروف. انتهى. وقَالَ القابسي فِي " أحكام المعلمين والمتعلمين ": الحذقة حفظاً: حفظ كلّ القرآن ونظر قراءته فِي المصحف، ومحمل الحذقة فِي السور ما تقررت بِهِ عرفاً مثل:" لم يكن ". و " عم " و " تبارك ". و " الفتح ". و " الصافات ".
قَالَ ابن عَرَفَة: لَمْ يذكر الفاتحة وهي حذقة فِي عرفنا. ثم قَالَ القابسي: وكذا عطية العيد تثبت بالعرف، وقول سحنون: لا تلزم الحذقة إِلا فِي ختم القرآن، وغيرها تفضّل. معناه: إِن لَمْ تكن عادة بغيرها. انتهى. وقد اختصر ابن عَرَفَة فِي ديوانه الضروري من كتاب القابسي هذا، وهو كثير الفوائد، فعليك بِهِ وبسماع أشهب (4) ونوازل سحنون (5).
(1) في (ن 2)، (ن 3)، و (ن 4)، وأصل المختصر لدينا:(لميزابك).
(2)
الحِذْقُ والحَذاقةُ: المَهارة في كل عمل. حذَقَ الغلامُ القرآن مهرَ فيه. ويقال لليوم الذي يَختم فيه الصبيُّ القرآن: هذا يوم حِذاقِه. انظر: لسان العرب، لابن منظور،: 10/ 40، باختصار.
(3)
النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 355، ولفظ المدونة، لابن القاسم:(قلت: أرأيت إن استأجرت رجلاً يعلم لي ولدي القرآن بحذقهم القرآن بكذا وكذا درهماً؟ قال: لا بأس بذلك) انظر: المدونة، لابن القاسم: 11/ 418.
(4)
قال في سماع أشهب: (سُئل مالك على إجارة المعلمين، فقال: لا بأس بذلك يعلّم الخير. قيل: إنَّه يعلّم مشاهرة ويطلب ذلك، فقال: لا بأس به ما زال المعلّمون عندنا بالمدينة) انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 8/ 452.
(5)
قال في نوازل سحنون: (سُئل سحنون عن الرجل يعلم الصبيان الكتاب ولا يشارط على شيء من تعليمه فيجري له في الشهر الدرهم والدرهمين، ثم يحذقه المعلم فيطلب منه الحذقة، ويأبى الأب أن يغرم، ويقول: إنَّ حقَّك فيما قبضت. قال سحنون: إنما ينظر في هذا إلى حال البلد وسنَّتهم في ذلك فيحملون على ذلك، إلَاّ أن يكون رجلاً اشترط شيئاً فله شرطه. وأما الحذقة فليس فيها شيء معروف إلَاّ على قدر الرجل وحاله). انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 8/ 496، 497.
وأَخَذَهَا، وإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ. [68 / أ].
قوله: (وأَخَذَهَا، وإِنْ لَمْ تُشْتَرَطْ) الضمير للأجرة أي: وجَازَ أخذ أجرة التعليم وإِن لَمْ تشترط [فهو كقول ابن الحَاجِب: ولا بأس بما يأخذه المعلم عَلَى تعليم القرآن وإِن لَمْ يشترط](1)، ويحتمل أن يعود الضمير عَلَى الحذقة العرفية لدلالة الحذاق بمعنى الختام عَلَيْهَا، فيكون من النوع المسمى فِي علم البديع بالاستخدام، كقول ابن الحَاجِب: وفِي لبن الجلالة وبيضها ومن شواهده:
إِذَا نَزَلَ السَّمَاءُ بأَرْضِ قَوْمٍ
…
رَعَيْنَاهُ وإِنْ كَانُوا غِضَابَا (2)
وكأنه عَلَى هذا يشير لنحو ما قدمنا فوقه عن القابسي، ويحتمل أن يكون أشار للقول الثاني من كلام المتيطي إذ قَالَ: واختلف فِي الحذقة، فذهب بعض أهل العلم أنّه لا حذقة عَلَيْهِ للمؤدب بحكم أن لا تكون بشرط ويكون معلوماً، وقاله أبو إبراهيم إسحق بن إبراهيم، وذهب غيره إِلَى أن يحمل ذلك عَلَى سُنة البلد، فإن جرت عادتهم بذلك حكم بها، ويقضى له بها عند ابن حبيب بقدر ما يرى عَلَى حفظ القرآن ظاهراً أو نظراً، وإِن كَانَ يخطيء فِي الحرف والحرفين، وإِذَا حسن خطّه وهجاؤه، وكتب كل ما يملى عَلَيْهِ وقرأ جلّ ما رآه (3) وجب عَلَيْهِ حذقته نظراً. انتهى. ومراده بالحذقة الختمة.
وإِجَارَةُ مَاعُونٍ كَقَصْعَةٍ، وقِدْرٍ، وعَلَى حَفْرِ بِئْرٍ إِجَارَةً، وجَعَالَةً، وكُرِهَ حَلْيٌ.
قوله: (وَإِجَارَةُ مَاعُونٍ كَقَصْعَةٍ، وقِدْرٍ) كذا فِي " المدونة "(4)، وفِي نقل المصنف له بمثاليه تنكيت عَلَى ابن العطار الذي منع إجارة القصعة والقدر، شهادة منه بأنهما لا يعرفان بعد الغيبة عَلَيْهِمَا.
(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1)، وانظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:436.
(2)
البيت من بحر الوافر، وهو لمعاوية بن مالك، انظر: لسان العرب، لابن منظور: 14/ 399.
(3)
في (ن 4): (وراءه).
(4)
انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 352، ونصّها:(وتجوز إجارة متاع البيت مثل الآنية والقدور والصحاف ومتاع الجسد).
وكُرِهَ حَلْيٌ كَإِجَارِ مُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ، [أَوْ ثَوْبٍ](1) لِمِثْلِهِ أَوْ لَفْظٍ، وتَعْلِيمِ فِقْهٍ، وفَرَائِضَ كَبَيْعِ كُتُبِهِ، وقِرَاءَةٌ بِلَحْنٍ، وكِرَاءُ دُفٍّ، ومِعْزَفٍ لِعُرْسٍ.
قوله: (كَإِجَارِ مُسْتَأْجِرِ دَابَّةٍ، أَوْ ثَوْبٍ لِمِثْلِهِ) كذا فِي بعض النسخ بزيادة الثوب كما فِي " المدونة "(2). فهو صواب.
وكِرَاءُ لِعِيدِ كَافِرٍ، وبِنَاءُ مَسْجِدٍ لِلْكِرَاءِ، وسُكْنَى فَوْقَهُ.
قوله: (وكِرَاءُ لِعِيدِ كَافِرٍ) كذا فِي بعض النسخ بإدخال لام الجرّ عَلَى العيد، واحد الأعياد مضافاً لكافر، وفِي بعضها:(وكراء عبد لكافر) بإضافة كراء للعبد واحد العبيد، وإدخال لام الجرّ عَلَى الكافر، وكلاهما صحيح، وقد [112 / أ] قَالَ فِي باب الذكاة (3):(وَإِلَاّ كُرِهَ كَجِزَارَتِهِ، وبَيْعٍ، أو إِجَارَةٍ لِعَبْدِهِ).
بِمَنْفَعَةٍ.
قوله: (بِمَنْفَعَةٍ) يدلّ أنّ ما تجرّد عن المنفعة غير جائز كما قَالَ ابن يونس فيمن قَالَ: اطلع هذا الجبل ولك كذا، ولكن هذا من باب: الجعل، وقد قَالَ بعد هذا:(وفِي شرط منفعة الجاعل قَوْلانِ).
تَتَقَوَّمُ، قُدِرَ عَلَى تَسْلِيمِهَا بِلا اسْتِيفَاءُ عَيْنٍ قَصْداً، ولا حَظْرٍ، وتَعَيُّنٍ، ولَوْ مُصْحَفاً.
قوله: (تَتَقَوَّمُ، قُدِرَ عَلَى تَسْلِيمِهَا بِلا اسْتِيفَاءُ (4) عَيْنٍ قَصْداً، ولا حَظْرٍ، وتَعَيُّنٍ) أصله للغزالي. قَالَ ابن عَرَفَة: تبع ابن شاس وابن الحَاجِب (5) الغزالي، فشرطا أن تكون
(1) ما بين المعكوفتين ساقط من أصل المختصر لدينا.
(2)
النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 353، ونصها:(وإن استأجرت ثوباً تلبسه يوماً إلى الليل فلا تعطه غيرك ليلبسه؛ لاختلاف اللبس والأمانة).
(3)
في الأصل، و (ن 1):(الزكاة).
(4)
في (ن 1)، الأصل:(بالاستيفاء).
(5)
قال ابن الحاجب: (المنفعة: وهي متقومة غير متضمنة استيفاء عين قصداً مقدور على تسليمها غير حرام ولا واجبة معلومة) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:435.
متقومة غير متضمنة استيفاء عين قصداً مقدوراً عَلَى تسليمها (1) غير حرام ولا واجبة معلومة (2)، ففسروا متقومة بما لها قيمة، وهو قول الغزالي: عنينا بالمتقوم أن استئجار تفاحةً للشمّ والطعام لتزيين الحوانيت لا يصحّ، فإنه لا قيمة له، وعبّر ابن عَرَفَة بأن شرطها إمكان استيفائها دون إذهاب عين، وأن يقدر عَلَى تسليمها معلومة غير واجب تركها ولا فعلها، ولفظ تعين فِي كلام المصنف مصدر المطاوع مجرور عطفاً عَلَى المنفي أي: بلا استيفاء عين ولا حظر ولا تعين.
وهو تحرير لقولهم: ولا واجبة، إذ مقتضاه أن المنع (3) معلق عَلَى تعين العبادة لا عَلَى وجوبها، ولا يلزم من تعيّن العبادة وجوبها؛ لأن أكثر مندوبات الصلاة متعينة كصلاة الفجر والوتر، وكذا صيام يوم عاشوراء ويوم عَرَفَة، فهذه يمنع الاستئجار عَلَيْهَا وإِن لَمْ تكن واجبة لتعينها عَلَى المكلف، ومعنى تعينها: أنها لا يصحّ وقوعها من غير من خوطب بها، فلو أجيز الاستئجار عَلَيْهَا لأدى إِلَى أكل المال بالباطل. قاله ابن عبد السلام.
وأَرْضَاً غَمَرَ مَاؤُهَا، ونَدَرَ انْكِشَافُهُ.
قوله: (وأَرْضَاً غَمَرَ مَاؤُهَا، ونَدَرَ انْكِشَافُهُ) هذا قول ابن القاسم فِي " المدونة "، وفِي سياقه فِي حيّز الإغياء تعريض بابن [الحَاجِب](4) المقتصر فيه عَلَى قول غير ابن القاسم (5).
(1) في (ن 1): (تحميلها).
(2)
انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 3/ 928، وما بعدها.
(3)
في (ن 3): (المعين).
(4)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).
(5)
قال في تهذيب المدونة، ونصّها:(ومن اكتريت منه أرضه الغرقة بكذا إن انكشف عنها الماء، وإلا فلا كراء بينكما، جاز إن لم تنقد، ولا يجوز النقد إلا أن يوقن بانكشافه. قال غيره: إن خيف أن لا ينكشف لم يجز وإن لم ينقد): 3/ 498، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 11/ 542، وعبارة ابن الحاجب:(ولا يجوز استئجار أرض للزراعة وماؤها غامر وانكشافه نادر) فاقتصر ابن الحاجب على ما ورد في المدونة، من قول ابن القاسم:(قال غيره) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: 435، ولم يعين الشراح هذا الغير، قال محقق تهذيب المدونة، للبراذعي:(لم أقف على تعين الغير هنا في كتب المذهب، والمشهور قول ابن القاسم: بجواز الكراء. . . أهـ) فكلام المصنف هنا وكلام المؤلف تبعاً له هو الجاري على المشهور، قلت: والعجب من المؤلف إهماله تعيين الغير على غير معهوده في بحث نظائر المسألة وتتبع أقول العلماء فيها.
وشَجَراً لِتَجْفِيفٍ عَلَيْهَا عَلَى الأَحْسَنِ.
قوله: (وَشَجَراً لِتَجْفِيفٍ (1) عَلَيْهَا عَلَى الأَحْسَنِ) تسليم لوجود الخلاف، وقد قَالَ ابن عَرَفَة تبع ابن الحَاجِب (2) ابن شاس فِي قوله: فِي إجارة الأشجار لتجفيف الثياب قَوْلانِ (3)، وقبله شارحاه، ولا أعرف القول بالمنع، ومقتضى المذهب الجواز كإجارة مصبّ مرحاض وحائط لحمل خشب.
لا لأَخْذِ ثَمَرَتِهِ، أَوْ شَاةٍ لِلَبَنِهَا، واغْتُفِرَ مَا فِي الأَرْضِ، مَا لَمْ يَزِدْ عَلَى الثُّلُثِ بِالتَّقْوِيمِ، ولا تَعْلِيمِ غِنَاءٍ، أَوْ دُخُولِ حَائِضٍ لِمَسْجِدٍ، أَوْ دَارٍ لِتُتَّخَذَ كَنِيسَةً كَبَيْعِهَا لِذَلِكَ، وتُصُدِّقَ بِالْكِرَاءِ، وبِفَضْلَةِ الثَّمَنِ عَلَى الأَرْجَحِ.
قوله: (لا لأَخْذِ ثَمَرَتِهِ، أَوْ شَاةٍ لِلَبَنِهَا)(لأخذ) معطوف عَلَى تجفيف، وَ (شاة) بالنصب معطوف عَلَى شجراً، وأشار بهذا لقول ابن شاس، فلا يصحّ استئجار الأشجار لثمرها والشاة لنتاجها ولبنها وصوفها؛ لأنه بيع عين قبل الوجود (4). قَالَ ابن عَرَفَة وتبعه ابن الحَاجِب (5)، ولا أذكر هذا الفرع لأهل المذهب فِي الإجارات لوضوح حكمه من البياعات، وإنما ذكره الغزالي وتبعاه. انتهى.
وأما ابن عبد السلام (6) فسلّم الثمرة والنِّتَاج والصوف، وبحث فِي اللبن فقال: أما استئجارها للبن فالمذهب أنّه لا يمتنع مُطْلَقاً، وإنما ينظر فيه فإن بيع اللبن جزافاً جَازَ بشرط تعدد الشياة وكثرتها، وإِن كَانَ عَلَى الكيل لَمْ يحتج إِلَى هذا الشرط، وإجارة الشاة لأجل لبنها قصاراه أن يؤدي إِلَى بيع لبنها، فلا ينبغي أن يطلق المنع منه. فتأمله. انتهى.
(1) في (ن 1): (الثياب).
(2)
قال ابن الحاجب: (وفي إجارة الأشجار لتجفيف الثياب قولان) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:435.
(3)
انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 3/ 928.
(4)
انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 3/ 928.
(5)
قال ابن الحاجب: (ولا يصح في الأشجار لثمارها والشاة لنتاجها ولبنها وصوفها) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:435.
(6)
في (ن 3): (عرفة).
واستوفي فِي " التوضيح " شروط الجواز المعروفة، ومن جملتها أن يكون فِي الأبان، ثم حمل كلام ابن الحَاجِب عَلَى ما إِذَا لَمْ يكن فِي الأبان كما فِي الثمرة والصوف. انتهى.
وهو بيّن من تعليل ابن شاس بأنه بيع عينٍ قبل الوجود.
وَلا مُتَعَيِّنٍ كَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ، بِخِلافِ الْكِفَايَةِ.
قوله: (ولا مُتَعَيِّنٍ كَرَكْعَتَيِ الْفَجْرِ) كرر شرط التعيين تأكيداً للتحرير المذكور، ونبّه بركعتي الفجر عَلَى ما هو أحرى منها.
وعُيِّنَ مُتَعَلِّمٌ، ورَضِيعٌ، ودَارٌ، وحَانُوتٌ وبِنَاءٌ عَلَى جِدَارٍ، ومَحْمِلٌ، إِنْ لَمْ تُوصَفْ، ودَابَّةٌ لِرُكُوبٍ وإِنْ ضُمِنَتْ فَجِنْسٌ، ونَوْعٌ وذُكُورَةٌ، ولَيْسَ لِرَاعٍ رَعْيُ أُخْرَى، إِنْ لَمْ يَقْوَ، إِلا بِمُشَارِكٍ، أَوْ تَقِلَّ، ولَمْ يَشْتَرِطْ خِلافُهُ، وإِلا فَأَجْرُهُ لِمُسْتَأْجِرِهِ كَأَجِيرٍ لِخِدْمَةٍ آجَرَ نَفْسَهُ، ولَمْ يَلْزَمْهُ رَعْيُ الْوَلَدِ، إِلا لِعُرْفٍ.
قوله: (وعُيِّنَ مُتَعَلِّمٌ، ورَضِيعٌ، ودَارٌ، وحَانُوتٌ وبِنَاءٌ عَلَى جِدَارٍ، ومَحْمِلٌ، إِنْ لَمْ يُوصَفْ) كذا فِي بعض النسخ، وفِي بعضها: وإِن يوصف، فيمكن رجوعه لجميعها، عَلَى أن البناء عَلَى جدار لا يكون إِلا بوصف. قَالَ فِي " التوضيح ":(المَحْمِلٌ) بفتح الميم الأولى وكسر الأخيرة - وعلاقة السيف بالعكس (1).
وعُمِلَ بِهِ فِي الْخَيْطِ ونَقْشِ الرَّحَا، وآلَةِ بِنَاءٍ.
قوله: (وعُمِلَ بِهِ فِي الْخَيْطِ ونَقْشِ الرَّحَا، وآلَةِ بِنَاءٍ) أما الأخيران فصرّح بهما فِي " المدونة "(2)، وأما الأول فقاله ابن شاس (3) فقال ابن عَرَفَة: هو كقول " المدونة " فِي آلة البناء قَالَ: وعرفنا فِي الأجير ألاّ خيط عَلَيْهِ، وفِي الصانع الخيط عَلَيْهِ، وأما ابن عبد السلام فقال: لا يختلف فِي اعتبار العوائد والعادة عندنا بتونس أن الخيط عَلَى الخياط، إِلا أن يخاط الثوب بالحرير فيكون عَلَى مالك الثوب، وقريب منه فِي " التوضيح " فِي عرفهم بمصر.
(1) المحملُ بوزن المرجل: علاقة السيف، وهو السير الذي تقلده المتقلد. العِلاقةُ، بالكسر: عِلاقةُ السيفِ والسوط، وعِلاقةُ السوط ما في مَقْبِضه من السير. انظر: لسان العرب، لابن منظور: 10/ 265.
(2)
قال في تهذيب المدونة: (ولو آجرته على بناء دار فالأداة والماء والفؤوس والقفاف والدلاء على من تعارف الناس أنها عليه. وكذلك حيثان التراب في حفر القبر، ونقش الرحا وشبهه، فإن لم تكن لهم سنة فآلة البناء على رب الدار ونقش الرحا على ربها) انظر: تهذيب المدونة، 3/ 380، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 11/ 448، 449.
(3)
انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 3/ 933.
وإِلا فَعَلَى رَبِّهِ.
قوله: (وإِلا فَعَلَى رَبِّهِ) أي وإِن لَمْ يكن عرف فعلى أرباب الشيء المصنوع [112 / ب] من ثوبٍ ودقيق وجدار، هذا مقتضى كلامه، فالأول قاله ابن شاس وتبعه ابن الحَاجِب قائلاً عَلَى ما فِي النسخة الصحيحة: والخيط عَلَى الآجر ما لَمْ يكن عرف (1)، بمدّ الهمزة من غير ياء بعد الجيم. والثالث صرّح بِهِ فِي " المدونة " قائلا: فإن لَمْ تكن لهم سنة فآلة البناء عَلَى ربّ الدار (2).
وأما الأوسط فقال فيه متصلاً بهذا: ونقش الرحا عَلَى ربها، فلعلّ عرفهم أن ربّ الرحا هو ربّ الدقيق كالدقاقين بفاس الذين يستأجرون الطحانين. وككثير من سكان القصر الكبير ممن تكون له رحا اليد ويستأجر من يطحن له بها، وإلا فما هنا مخالف " للمدونة ". والله تعالى أعلم.
عَكْسُ إِكَافٍ، وشِبْهِهِ وفِي السَّيْرِ والْمَنَازِلِ، والْمَعَالِيقِ، والزَّامِلَةِ، ووِطَائِهِ بِمَحْمِلٍ، وبَدَلِ الطَّعَامِ الْمَحْمُولِ، وتَوْفِيرِهِ.
قوله: (عَكْسُ إِكَافٍ، وشِبْهِهِ) أي: فإن كَانَ فيه عرف عمل بِهِ، وإِلا فهو عَلَى ربّ الدابّة، فالعكس حيث لا عرف ولَو كَانَ حيث [لا](3) عرف عَلَى المكتري كما فهم الشارح لكان مساوياً لما قبله لا عكساً (4) له، فإذا تقرر هذا ظهر منه أن المصنف عدل عن طريقة ابن شاس (5) وابن الحَاجِب، وعوّل عَلَى ما أقيم من قوله فِي كتاب: الرواحل والدوابّ من " المدونة ": ولا بأس أن تكتري من رجلٍ إبلا عَلَى أن عليك رحلتها (6)، فإن ظاهره لولا الشرط لكان ذلك عَلَى ربّ الإبل، حكاه ابن عبد السلام، وإِن كَانَ قد بحث فيه.
(1) انظر: جامع الأمهات، ص: 437، وعبارة ابن شاس:(واستئجار الخياط لا يوجب عليه الخيط، بل هو على المالك إلا أن تكون العادة خلافه) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 3/ 933.
(2)
انظر: المدونة، لابن القاسم: 11/ 449، وما بعدها.
(3)
ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل.
(4)
في (ن 1): (عرفاً).
(5)
قال ابن شاس: أنه يجب على مكري الدابة تسليم ما جرت العادة بتسليمه معها من أكاف وبرذعة وحزام وسراج وسرج في الفرس، وشبه ذلك، مما هو المعتاد، إذ ما يقتضيه العرف فهو كالمشترط): 3/ 935.
(6)
النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 440، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 11/ 470، والمقصود بالرحلة هنا الحل والربط والقيام بها، كما جاء في هامش التهذيب.
وأما المصنف فارتضاه وجعله خلاف قول ابن الحَاجِب: وعَلَى مكري الدابّة [البرذعة](1) وشبهها، والإعانة فِي الركوب والنزول ورفع الأحمال وحطها بالعرف (2). إذ مفهوم قوله:[بالعرف](3) أنّه لَو لَمْ يكن عرف لكان ذلك عَلَى المكتري، وانظر هل تناول اسم الرحلة لرفع الأحمال وحطّها أبين من تناوله للآكاف وشبهه أم هما سواء.
وقد فسّر أبو الحسن الصغير الرحلة بحلّ الإبل وربطها والقيام بها، وزاد هو وابن عَرَفَة إقامة أخرى من قوله فِي رواحل " المدونة " أَيْضاً: وإِذَا اكتريت من رجلٍ إبله ثم هرب الجمّال وتركها فِي يدك فأنفقت عَلَيْهَا فلك الرجوع بذلك، وكذلك إِن اكتريت من يرحلها رجعت بكرائه (4). عَلَى أن أبا إسحاق التونسي النظار تأولها بما إِذَا كانت العادة أن ربّ الإبل هو الذي يرحلها قَالَ ابن عَرَفَة: والأَظْهَر بمقتضى القواعد أن يلزم المكري البرذعة والسرج ونحوهما لا مؤنة الحطّ والحمل؛ لما فِي سماع عيسى من ابن القاسم فيمن اكترى منزلاً فيه علو ولا سلم له، فقال لربه: اجعل لي سلماً له، فتوانى ولم ينتفع بِهِ المكتري حتى مضت السنة، أنّه يطرح عنه مناب العلو من الكراء. قَالَ ابن رشد: لأنه باع [منه](5) منافع الدار فوجب أن يسلّمها له وإسلامه العلو هو بجعل السلم له والكراء فِي هذا بِخِلاف الشراء (6). ابن عَرَفَة: فالسلم للعلو كالبرذعة والسرج ونحوهما.
(1) البَرْدَعةُ: الحِلْس الذي يُلقى تحت الرَّحْل؛ قال شمر: هي بالذال والدال. انظر: لسان العرب، لابن منظور: 8/ 8، 9، وهي في (ن 1)، و (ن 3) بالدال المهملة.
(2)
انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:437.
(3)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 4).
(4)
النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 467، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 11/ 500.
(5)
ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل، (ن 3).
(6)
انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 9/ 29.
كَنَزْعِ الطَّيْلَسَانِ قَائِلَةً، وهُوَ أَمِينٌ، فَلا ضَمَانَ ولَوْ شُرِطَ إِثْبَاتُهُ، إِنْ لَمْ يَأْتِ بِسِمَةِ الْمَيِّتِ، أَوْ عَثَرَ بِدُهْنٍ، أَوْ طَعَامٍ بِآنِيَةٍ فَانْكَسَرَتْ، ولَمْ يَتَعَدَّ. أَوِ انْقَطَعَ الْحَبْلُ. ولَمْ يَغُرَّ بِفِعْلٍ كَحَارِسٍ ولَوْ حَمَّامِيَّاً. وأَجِيرٍ لُصَانِعٍ وسِمْسَارٍ. إِنْ ظَهَرَ خَيْرُهُ عَلَى الأَزْهَرِ. ونُوتِيٍّ غَرِقَتْ سَفِينَتُهُ بِفِعْلٍ سَائِغٍ. لا إِنْ خَالَفَ مَرْعًى شُرِطَ أَوْ أَنْزَى بِلا إِذْنٍ. أَوْ غَرَّ بِفِعْلٍ. فَقِيمَتُهُ يَوْمَ التَّلَفِ. أَوْ صَانِعٍ فِي مَصْنُوعِهِ. لا غَيْرِهِ.
قوله: (كَنَزْعِ الطَّيْلَسَانِ (1) قَائِلَةً) أي: وليلاً وإنما سكت عنه؛ لأنه أحرى قَالَ ابن عَرَفَة: وقول ابن شاس: إِذَا استأجر ثوباً للبس نزعه فِي أوقات نزعه عادة كالليل والقائلة (2). صواب كقوله فِي " المدونة ": من استأجر أجيراً للخدمة استعمله عَلَى عرف الناس من خدمة الليل والنهار (3). ابن عَرَفَة: فإن اختلف العرف فِي اللبس لزم بيان وقت نزعه أو دوام لبسه.
فرع:
قال ابن عبد السلام: ومما يرجع فيه إِلَى العرف فِي هذا الباب فِي المكان كما رجع إليه هنا فِي الزمان ما قاله بعض الشيوخ: من اكترى عَلَى متاع دواب إِلَى موضع وفِي الطريق نهر لا يجاز إِلا عَلَى المركب قد عرف ذلك كالنيل وشبهه، فجواز المتاع عَلَى ربّه، والدوابّ عَلَى ربّها، وإِن كَانَ يخاض فِي المخائض، فاعترضه حملان لَمْ يعلم بِهِ، فحمل المتاع عَلَى صاحب الدابّة، وتلك جائحة نزلت بِهِ، وكذلك إِن كَانَ النهر شتوياً يحمل بالأمطار، إِلا أن يكون وقت الكراء قد علموا جريه، وعلى ذلك دخلوا، فيكون كالنهر الدائم. انتهى.
ونقله ابن عات من " الاستغناء " عن بعض شيوخ الفتوى، قَالَ ابن عَرَفَة: انظر هذا الأصل مَعَ زيادة وزن حمل الدابّة بالمطر، يعني: هل بينهما تعارض؟
(1) الطيلسان نوع من الأكسية، ولامه تفتح وتكسر. انظر: لسان العرب، لابن منظور: 6/ 125.
(2)
انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 3/ 936.
(3)
انظر: المدونة، لابن القاسم: 11/ 434.
ولَوْ مُحْتَاجاً لَهُ عمَلٌ، وإِنْ بِبَيِّنَةٍ. أَوْ بِلا أَجْرٍ. إِنْ نَصَبَ نَفْسَهُ وغَابَ عَلَيْهِمَا. فَبِقِيمَتِهِ يَوْمَ دَفْعِهِ. ولَوْ شَرَطَ نَفْيَهُ. أَوْ دَعَا لأَخْذِهِ. إِلا أَنْ تَقُومَ بَيِّنَةٌ فَتَسْقُطُ الأُجْرَةُ، إِلا أَنْ يُحْضِرَهُ لِرَبِّهِ بِشَرْطِهِ وصُدِّقَ إِنِ ادَّعَى خَوْفَ مَوْتٍ فَنَحَرَ.
قوله: (ولَوْ مُحْتَاجاً لَهُ عَمَلٌ) لفظ عمل نائب عن الفاعل، وضبطه بعضهم: عملَ (1)، بصيغة الفعل الماضي فردّه لما بعده، والأول أولى.
أَوْ سَرِقَةَ مَنْحُورِهِ، أَوْ قَلْعَ ضِرْسٍ.
قوله: (أَوْ سَرِقَةَ مَنْحُورِهِ) بكسر راء منحوره مضافاً لهاء الضمير (2)، أشار بِهِ لقوله فِي " المدونة ": ولَو قَالَ: ذبحتها ثم سرقت. صدّق (3)، وهو أولى من منحورة بتاء التأنيث، إذ لا يدلّ عَلَى تعيين ناحرها.
أَوْ صِبْغ (4) فَنُوزِعَ فِيهِ. وفُسِخَتْ بِتَلَفِ مَا يُسْتَوْفَى مِنْهُ، لا بِهِ إِلا صَبِيِّ تَعْلِيمٍ ورَضِيعٍ، وفَرَسِ نَزْوٍ، ورَوْضٍ، وسِنٍّ [68 / ب] لِقَلْعٍ فَسَكَنَتْ كَعَفْوِ الْقِصَاصِ، وبِغَصْبِ الدَّارِ، وغَصْبِ مَنْفَعَتِهَا، وأَمْرِ السُّلْطَانِ بِإِغْلاقِ الْحَوَانِيتِ، وحَمْلِ ظِئْرٍ، أَوْ مَرَضٍ لا تَقْدِرُ مَعَهُ عَلَى رِضَاعٍ ومَرَضِ عَبْدٍ وهَرَبِهِ لِكَعَدُوٍّ، إِلا أَنْ يَرْجِعَ فِي بَقِيَّتِهِ بِخِلافِ مَرَضِ دَابَّةٍ بِسَفَرٍ ثُمَّ تَصِحُّ.
قوله: (أَوْ صِبْغ) بصيغة الفعل عطفاً عَلَى (ادعى). [113 / أ]
وخُيِّرَ إِنْ تَبَيَّنَ أنّه سَارِقٌ.
قوله: (وخُيِّرَ إِنْ تَبَيَّنَ أنّه سَارِقٌ) لا يعارض قوله فِي المساقاة: وإِن ساقيته أو أكريته، فألفيته سارقاً لَمْ تفسخ (5)؛ لأن معناه أكريته دارك.
(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 4).
(2)
في الأصل، و (ن 1)، و (ن 3):(المضمر).
(3)
انظر: المدونة، لابن القاسم: 11/ 440.
(4)
في أصل المختصر والمطبوعة: (صبغا).
(5)
النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 417، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 12/ 14.
وكَرُشْدِ صَغِيرٍ عَقَدَ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى سِلَعِهِ وَلِيٌّ إِلا لِظَنِّ عَدَمِ بُلُوغِهِ، وبَقِيَ كَالشَّهْرِ كَسَفِيهٍ، ثَلاثَ سِنِينَ، وبِمَوْتِ مُسْتَحِقِّ وَقْفٍ آجَرَ، ومَاتَ قَبْلَ تَقَضِّيهَا عَلَى الأَصَحِّ، لا بِإِقْرَارِ الْمَالِكِ، أَوْ خُلْفِ رَبِّ دَابَّةٍ فِي غَيْرِ مُعَيَّنٍ. أَوْ حَجٍّ وإِنْ فَاتَ مَقْصِدُهُ أَوْ فِسْقِ مُسْتَأْجِرٍ، وآجَرَ الْحَاكِمُ، إِنْ لَمْ يَكُفَّ، أَوْ بِعِتْقِ عَبْدٍ وحُكْمُهُ عَلَى الرِّقِّ. وَأُجْرَتُهُ لِسَيِّدِهِ، إِنْ أَرَادَ أنّه حُرٌّ بَعْدَهَا.
قوله: (وكَرُشْدِ صَغِيرٍ) كذا فِي بعض النسخ بكاف التشبيه، وهو الصواب، وهو راجع للتخيير.