الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب الزنا]
الزِّنَا وَطْءُ مُسْلِمٍ مُكَلَّفٍ، فَرْجَ آدَمِيٍّ، لا مِلْكَ لَهُ فِيهِ، بِاتِّفَاقٍ، تَعَمُّداً، وإِنْ لِوَاطاً، أَوْ إِتْيَانَ أَجْنَبِيَّةٍ بِدُبُرٍ.
قوله: (وَإِنْ لِوَاطاً) هُوَ كقول ابن الحاجب، فيتناول اللواط (1). قال ابن عبد السلام: أما تناول التعريف (2) له فظاهر؛ ولكن العلماء اختلفوا فِي هذا الفعل الخاصّ، هل يوجب الحدّ أم لا؟ والمذهب: أنّه يقتل من غير تفصيل، وعَلَى هذا فالمطلوب إخراجه كَانَ من هذا التعريف (لا إدخاله)(3) تحت الزنا، الذي حده إما الجلد وإما الرجم.
أَوْ مَيِّتَةٍ غَيْرِ زَوْجٍ، أَوْ صَغِيرَةٍ يُمْكِنُ وَطْؤُهَا، أَوْ مُسْتَأْجَرَةٍ لِلْوَطْءِ، أَوْ غَيْرِهِ، أَوْ مَمْلُوكَةٍ تَعْتِقُ.
قوله: (أَوْ مَيِّتَةٍ غَيْرِ زَوْجٍ) أي: غير زوجة وهُوَ مخفوض نعتاً لزوجة، يريد: ولا أمة.
أَوْ يَعْلَمُ حُرِّيَّتَهَا، أَوْ مُحَرَّمَةٍ بِصِهْرٍ مُؤَبَّدٍ أَوْ خَامِسَةٍ، أَوْ مَرْهُونَةٍ، أَوْ ذَاتِ مَغْنَمٍ، أَوْ حَرْبِيَّةٍ، أَوْ مَبْتُوتَةٍ وإِنْ بِعِدَّةٍ، وهَلْ إِنْ أَبَتَّ فِي مَرَّةٍ؟ تَأْوِيلانِ. أَوْ مُطَلَّقَةٍ قَبْلَ الْبِنَاءِ.
قوله: (أَوْ يَعْلَمُ حُرِّيَّتَهَا) أشار بِهِ لقوله فِي " المدونة ": ومن اشترى حرة وهو يعلم بها فأقرّ أنّه وطأها حدّ (4).
أَوْ مُعْتَقَةٍ بِلا عَقْدٍ كَأَنْ يَطَأَهَا مَمْلُوكُهَا أَوْ مَجْنُونٌ، بِخِلافِ الصَّبِيِّ، إِلا أَنْ يَجْهَلَ الْعَيْنَ أَوِ الْحُكْمَ، إِنْ جَهِلَ مِثْلُهُ، إِلا الْوَاضِحَ، لا مُسَاحَقَةٌ، وأُدِّبَ اجْتِهَاداً، كَبَهِيمَةٍ وهِيَ كَغَيْرِهَا فِي الذَّبْحِ والأَكْلِ.
قوله: (بِلا عَقْدٍ) لا شكّ فِي رجوعه للطلاق والعتق، وهُوَ كقول ابن الحاجب: ثُمَّ
(1) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: 514، ونصّه:(وهو أن يطأ فرج آدمي لا ملك له فيه باتفاق متعمداً فيتناول اللواط).
(2)
في (ن 1): (التفريع).
(3)
في (ن 1)، و (2):(لإدخاله).
(4)
قال في المدونة، لابن القاسم:(قال مالك من اشترى حرة وهو يعلم أنها حرة فوطئها أقيم عليه الحد إذا أقر بوطئها): 16/ 243، وانظر تهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 409.
وطأها بغير تزويج. (1) إِلا أنّه قاله فِي المطلقة دون المعتقة ولا فرق (2).
ومَنْ حَرُمَ لِعَارِضٍ. كَحَائِضٍ، أَوْ مُشْتَرِكَةٍ أَوْ مُعْتَدَّةٍ أَوْ مَمْلُوكَةٍ لا تَعْتِقُ أَوْ بِنْتٍ عَلَى أُمٍّ، لَمْ يَدْخُلْ بِهَا، أَوْ عَلَى أُخْتِهَا، وهَلْ إِلا أُخْتَ النَّسَبِ لِتَحْرِيمِهَا بِالْكِتَابِ؟ تَأْوِيلانِ. وكَأَمَةٍ مُحَلَّلَةٍ، وقُوِّمَتْ وإِنْ أَبَيَا.
قوله: (أَوْ مُعْتَدَّةٍ (3)) يعني مملوكته المعتدة يريد أَو المتزوجة [كما](4) قال ابن الحاجب: أَو عدة أَو تزويج (5).
أَوْ مُكْرَهَةٍ.
قوله: (أَوْ مُكْرَهَةٍ) إنما تشبه ما قبلها فِي درء الحد ولا تؤدب [وكذا](6) المبيعة فِي الغلاء.
أَوْ مَبِيعَةٍ بِغَلاءٍ عَلَى الأَظْهَرِ.
قوله: (أَوْ مَبِيعَةٍ بِغَلاءٍ عَلَى الأَظْهَرِ) كذا فِي بعض النسخ، والذي فِي رسم جاع (7) من سماع عيسى من كتاب القذف: سألت ابن القاسم عَن من جاع (8) فباع امرأته من رجلٍ، وأقرّت له بذلك فوطأها مشتريها؟ قال: وجدت فِي مسائل بعض أصحابنا عَن مالك - وهُوَ رأيي - أنهما يعذران وتكون طلقةً بائنة، ويرجع عَلَيْهِ المشتري بالثمن. قلت: فلو لَمْ يكن بها جوع؟ قال: [فحريٌ](9) إذن أن تحدّ وينكل زوجها، ولكن درء الحدّ أحبّ إليّ؛ كقول مالك فيمن سرق لجوع لا يقطع. ابن رشد: لا شبهة أقوى من الجوع، وكونها طلقةٌ بائنة هو ظاهر قول مالك فِي سماع يحيي من كتاب العتق، وقيل هِيَ البتة، ووجه
(1) انظر جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:515.
(2)
لفظ ابن الحاجب: (أو طلقها قبل البناء واحدة ثم وطئها بغير تزويج أو أعتق أمة ثم وطئها فإنه لا يحد).
(3)
في (ن 3): (معتقة).
(4)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).
(5)
انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:515.
(6)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).
(7)
في (ن 3): (جماع).
(8)
في (ن 3): (جامع).
(9)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 4).
الشبهة أن (1) لَمْ يكن بها جوع أن المشتري يملكها بشراء (2) ملك الأمة، فيكون فِي وطئه إياها كالمكره لها، وإِن كانت طائعة، إذ لَو امتنعت لقدر عَلَى إكراهها (3).
ابن عرفة: كون أصل فعلها فِي البيع الطوع ينفي كونها مكرهة، ثُمَّ قال ابن رشد: وعَلَى قول ابن الماجشون فيمن زوّج ابنته رجلاً فحبسها، وأرسل إليه أمته فوطأها، فإنها تحدّ إِلا أن تدعي أنها ظنّت أنها زوجت منه، تحد هذه إِن طاعت لزوجها ببيعها فوطأها المشتري، إِلا أن تدعي أنّه أكرهها عَلَى الوطء، وهو قول ابن وهب فِي سماع زونان من طلاق السنة. انتهى. ولَمْ ير مالك فِي أول رسمٍ من طلاق السنة عَلَى من زوّج امرأته طلاقاً إِلا أن ينويه. قال (4) ابن رشد هناك عَن محمد: وتزويجه إياها كبيعه لها سواء.
كَإِنِ ادَّعَى شِرَاءَ أَمَةٍ. ونَكَلَ الْبَائِعُ، وحَلَفَ الْوَاطِئُ، والْمُخْتَارُ أَنَّ الْمُكْرَهَ كَذَلِكَ، والأَكْثَرُ عَلَى خِلافِهِ، وثَبَتَ بِإِقْرَارٍ مَرَّةً، إِلا أَنْ يَرْجِعَ مُطْلَقاً، أَوْ يَهْرُبَ، وإِنْ فِي الْحَدِّ، وبِالْبَيِّنَةِ، فَلا يَسْقُطُ بِشَهَادَةِ أَرْبَعِ نِسْوَةٍ بِبَكَارَتِهَا، وبِحَمْلٍ فِي غَيْرِ مُتَزَوِّجَةٍ، وذَاتِ سَيِّدٍ [80 / ب] مُقِرٍّ بِهِ، ولَمْ يُقْبَلْ دَعْوَاهَا الْغَصْبَ بِلا قَرِينَةٍ، يُرْجَمُ الْمُكَلَّفُ الْحُرُّ الْمُسْلِمُ.
[قوله: (كَإِنِ ادَّعَى شِرَاءَ أَمَةٍ. ونَكَلَ الْبَائِعُ، وحَلَفَ الْوَاطِئُ) هذا مقتضى ما فِي أوّل قذف المدونة (5).
إِنْ أَصَابَ بَعْدَهُنَّ بِنِكَاحٍ لازِمٍ. صَحَّ بِحِجَارَةٍ، مُعْتَدِلَةٍ، ولَمْ يَعْرِفْ بُدَاءَةَ الْبَيِّنَةِ، ثُمَّ الإِمَامُ كَلائِطٍ مُطْلَقاً، وإِنْ عَبْدَيْنِ أَوْ كَافِرَيْنِ. وجُلِدَ الْحُرُّ الْبِكْرُ مِائَةً، وتَشَطَّرَ لِلرِّقِّ وإِنْ قَلَّ.
قوله: (إِنْ أَصَابَ بَعْدَهُنَّ) مراده: إصابة التزويج التي يقع بها الإحصان لا إصابة الزنى
(1) لو) ما بين المعكوفتين زيادة من: (ن 1)، و (ن 2).
(2)
في (ن 1)، و (ن 2)، (ن 3):(بشرائه).
(3)
انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 16/ 324، 325.
(4)
في (ن 3): (قاله).
(5)
قال في تهذيب المدونة، للبراذعي:(ومن أقر أنه وطئ أمة رجل، أو قامت عليه بينة بذلك وادعى أنه ابتاعها منه وأنكر ذلك ربها، فإن لم يأت بالبينة على الشراء، حَدَدْته وحَدَدْت الأمة. . . . فإن نكل حلف الواطيء، وقُضي له بها، ودرأ عنه الحد) انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 466.
التي توجب الحدّ، ويريد إصابةً صحيحةً كما قال فِي الإحلال:(حَتَّى يُولِجَ بَالِغٌ قَدْرَ الْحَشَفَةِ بِلا مَنْعٍ (1)).
وَتَحَصَّنَ كُلٌّ دُونَ صَاحِبِهِ (2).
وقوله: (وَتَحَصَّنَ كُلٌّ دُونَ صَاحِبِهِ)[137 / أ] زاد فِي بعض النسخ: بالعتق والوطء بعده وإسقاطه أولى؛ ليتناول (3) الكلام كلّ تحصين يمكن فِي أَحَدهمَا من الجهتين كالعتق أَو من أَحَدهمَا كالإسلام.
وَغُرِّبَ الذَّكَرُ الْحُرُّ فَقَطْ عَاماً، وأَجْرُهُ عَلَيْهِ. وإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ. فَمِنْ بَيْتِ الْمَالِ كَفَدَكٍ، وخَيْبَرَ مِنَ الْمَدِينَةِ، فَيُسْجَنُ سَنَةً.
قوله: (فَيُسْجَنُ سَنَةً) أي: من حين سجنه كما قال ابن الحاجب (4) فذكر العام قبله فِي التغريب (5) ضائع.
تنبيه:
ظاهر المذهب - والله تعالى أعلم - أن السجن فرع التغريب فلا سجن عَلَى عبدٍ ولا [على](6) امرأة لما لَمْ يكن عَلَيْهِمَا تغريب، وقول اللخمي: إِن تعذر التغريب فِي المرأة؛ لعدم الولي أو الرفقة المأمونة لَمْ يسقط السجن خلاف أَو إلزام، وقد حكم فِي هذه الأيام بمدينة فاس - كلأها الله تعالى - بـ: سجن المرأة الزانية ببلدها بعد الجلد. فتأمله.
وَإِنْ عَادَ، أُخْرِجَ ثَانِيَةً، وتُؤَخَّرُ الْمُتَزَوِّجَةُ لِحَيْضَةٍ، وبِالْجَلْدِ اعْتِدَالُ الْهَوَاءِ، وأَقَامَهُ الْحَاكِمُ والسَّيِّدُ إِنْ لَمْ تَتَزَوَّجْ بِغَيْرِ مِلْكِهِ بِغَيْرِ عِلْمِهِ وإِنْ أَنْكَرَتِ الْوَطْءَ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً، وخَالَفَهَا الرَّجُلُ. فَالْحَدُّ.
(1) في (ن 1): (مانع).
(2)
زاد في أصل المختصر، والمطبوعة:(بِالْعِتْقِ والْوَطْءِ بَعْدَهُ).
(3)
في (ن 3): (لمتناول).
(4)
قال ابن الحاجب: (ويسجن فيه سنة من حين سجنه) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:517.
(5)
في الأصل، (ن 1)، و (ن 2):(التعريف).
(6)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1)، و (ن 3).
قوله: ([وإِنْ عَادَ] (1)، أُخْرِجَ ثَانِيَةً) وهذه عبارة ابن شاس (2)، وله عزاها ابن عرفة ولم يزد، وأما ابن عبد السلام فطرق فِي معناها الاحتمال، واستظهر أنّه عاد بعد النفي إِلَى بلده هارباً قبل تمام السنة؛ ولذا اقتصر عَلَى الإخراج وفي قوله:(أُخْرِجَ) ولَمْ يقل أُعيد. زيادة فائدة؛ لأن لفظة (أعيد) أخصّ من لفظة (أُخْرِجَ)؛ لأنها تدل عَلَى الإعادة إِلَى المكان الذي سجن فيه أولا، وقد لا يرى الإمام خصوصية ذلك المكان لما يتبين له من عدم حصانته، فيرى أن يتمم عَلَيْهِ السنة فِي بلدٍ أحصن (3) من الأول وتبعه فِي " التوضيح ".
وَعَنْهُ فِي الرَّجُلِ يَسْقُطُ مَا لَمْ يُقِرَّ بِهِ، أَوْ يُولَدُ لَهُ وأُوِّلا عَلَى الْخِلافِ، أَوْ لِخِلافِ الزَّوْجِ فِي الأُولَى فَقَطْ أَوْ لأنّه يَسْكُتُ، أَوْ لأَنَّ الثَّانِيَةَ لَمْ تَبْلُغْ عِشْرِينَ تَأْوِيلاتٌ، وإِنْ قَالَتْ زَنَيْتُ مَعَهُ، فَادَّعَى الْوَطْءَ والزَّوْجِيَّةَ، أَوْ وُجِدَا فِي بَيْتٍ وأَقَرَّا بِهِ وادَّعَيَا النِّكَاحَ أَوِ ادَّعَاهُ فَصَدَّقَتْهُ أَوْ وَلِيُّهَا وقَالا لَمْ نُشْهِدْ حَدَّاً.
قوله: (تَأْوِيلاتٌ) يغني عنه (أُوِّلا).
(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).
(2)
انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 3/ 1145.
(3)
في (ن 1)، و (ن 3):(أخص).