الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب الشركة]
الشَّرِكَةُ إِذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ لَهُمَا مَعَ أَنْفُسِهِمَا.
قوله: (الشَّرِكَةُ إِذْنٌ فِي التَّصَرُّفِ لَهُمَا مَعَ أَنْفُسِهِمَا) بهذا عرّفها ابن الحاجب (1) قال ابن عرفة: وقد قبلوه ويبطل طرده بقول من ملك شيئاً لغيره: أذنت لك فِي التصرف فِيهِ معي، وقول الآخر له مثل ذلك، وليس بشركة؛ لأنه لو هلك ملك أحدهما لَمْ يضمنه الآخر، وهو لازم الشركة ونفي اللازم ينفي الملزوم ويبطل عكسه بخروج شركة الجبر كالورثة وشركة المبتايعين شيئاً بينهم، وقد ذكرهما (2) إذ لا إذن فِي التصرف لهما؛ ولذا اختلف فِي كون تصرف أحدهما كغاصب أم لا.
ثم استدل بما فِي سماع ابن القاسم فِي ضرب أحد السيّدين العبد بغير إذن شريكه (3) ونظائر ذلك، ثُمَّ قال: وحكمها الجواز كجزئيهما (4) البيع والوكالة، وعروض وجوبها بعيد (5) بِخِلاف عروض موجب حرمتها وكراهتها.
وإِنَّمَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ والتَّوَكُّلِ.
قوله: (وإِنَّمَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ والتَّوَكُّلِ) أصل هذا " للوجيز " وتبعه ابن شاس وابن الحاجب (6) وقبله شراحه، فزاد ابن عرفة: أهلية البيع؛ لأن كلّ واحدٍ منهما
(1) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:393.
(2)
في (ن 1): (ذكر لهما).
(3)
انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 12/ 8، 9، ونص المسألة، في كتاب الشركة، من كتاب الرطب باليابس:(قال مالك في عبدٍ بين رجلين أراد أحدهما أن يضربه: إن ذلك ليس له إلا أن يأذن له شريكه فإن فعل ضمن ما أصابه في ذلك أن يكون ضربه ضرباً لا يعنت أحد في مثله أو في ذلك أدبه، فإن كان هذا لم يضمن، قال سحنون أراه ضامناً ضربه ضرباً يعنت في مثله أو لا يعنت لو لم يضربه إلا ضربة واحدة لكان ضامناً له لأنه ليس هو له دون شريكه، وهو بمنزلة الرجل يعدو على عبد الرجل فيضربه ضرباً لا يعنت في مثله فيموت منه أنه ضامن).
(4)
في (ن 2)، (ن 4):(كجزئيها).
(5)
في (ن 1): (وجوبهما بقيد).
(6)
قال ابن شاس: (ولا يشترط فيهما إلا أهلّية التوْكيل والتوكل) وقال ابن الحاجب: (العاقدان كالوكيل والموكل) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص 393.
بائع من صاحبه نصف ماله، ولا تستلزمها أهليّة الوكالة؛ لجواز توكيل الأعمى اتفاقاً وتوكله (1) مع [الخلاف في](2) صحة كونه بائعاً انتهى. فليتأمل.
ولَزِمَتْ بِمَا يَدُلُّ عُرْفاً كَاشْتَرَكْنَا بِذَهَبَيْنِ أَوْ وَرِقَيْنِ إِنِ اتَّفَقَ صَرْفُهُمَا، وبِهِمَا مِنْهُمَا [59 / أ]، وبِعَيْنٍ وبِعَرْضٍ، وبِعَرْضَيْنِ مُطْلَقاً.
قوله: (ولَزِمَتْ بِمَا يَدُلُّ عُرْفاً) يأتي الكلام إن شاء الله تعالى عَلَى لزومها عند قوله: (وله التبرع والسلف والهبة بعد العقد).
وكُلٌّ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ أُحْضِرَ، لا فَاتَ، إِنْ صَحَّتْ، إِنْ خَلَطَا ولَوْ حُكْماً وإِلا فَالتَّالِفُ مِنْ رَبِّهِ، ومَا ابْتِيعَ بِغَيْرِهِ فَبَيْنَهُمَا.
قوله: (وكُلٌّ بِالْقِيمَةِ يَوْمَ أُحْضِرَ، لا فَاتَ، إِنْ صَحَّتْ) توهم هذه العبارة أن المعتبر فِي الفاسدة القيمة يوم الفوت، وعبارة ابن الحاجب أبين منها إذ قال: فلو وقعت فاسدة فرأس ماله ما بيع به عرضه (3). وقال الصقليان عبد الحقّ وابن يونس: فإن لَمْ يعرفا ما بيعت به سلعتاهما فلكلّ واحدٍ قيمة عرضه يوم البيع، وحمله عَلَى هذا بعيد.
وعَلَى الْمُتْلِفِ نِصْفُ الثَّمَنِ، وهَلْ إِلا أَنْ يَعْلَمَ بِالتَّلَفِ فَلَهُ وعَلَيْهِ؟ أَوْ مُطْلَقاً إِلا أَنْ يَدَّعِيَ الأَخْذَ لَهُ؟ تَرَدُّدٌ. وَلَوْ غَابَ [نَقْدُ](4) أَحَدِهِمَا إِنْ لَمْ يَبِعْدُ ولَمْ يُتَّجَرْ لِحُضُورِهِ لا بِذَهَبٍ وبِوَرِقٍ، وبِطَعَامَيْنِ، ولَوِ اتَّفَقَا، ثُمَّ إِنْ أَطْلَقَا التَّصَرُّفَ وإِنْ بِنَوْعٍ، فَمُفَاوَضَةٌ.
ولا يُفْسِدُهَا انْفِرَادُ أَحَدِهِمَا بِشَيْءٍ، ولَهُ أَنْ يَتَبَرَّعَ إِنِ اسْتَأْلَفَ بِهِ أَوْ خَفَّ، كَإِعَارَةِ آلَةٍ، ودَفْعِ كِسْرَةٍ، ويُبْضِعَ، ويُقَارِضَ ويُودِعَ لِعُذْرٍ، وإِلا ضَمِنَ، ويُشَارِكَ فِي مُعَيَّنٍ، ويُقِيلَ، ويُوَلِّيَ، ويَقْبَلَ الْمَعِيبَ وإِنْ أَبَى الآخَرُ، ويُقِرُّ بِدَيْنٍ لِمَنْ لا يُتَّهَمُ عَلَيْهِ، ويَبِيعَ بِالدَّيْنِ، لا الشِّرَاءُ بِهِ، كَكِتَابَةٍ. وعِتْقٍ عَلَى مَالٍ، وإِذْنٌ لِعَبْدٍ فِي تِجَارَةٍ ومُفَاوَضَةٍ. وَاسْتَبَدَّ آخِذُ قِرَاضٍ، ومُسْتَعِيرُ دَابَّةٍ بِلا إِذْنٍ، وإِنْ لِلشَّرِكَةِ، ومُتَّجِرٌ بِوَدِيعَةٍ بِالرِّبْحِ والْخُسْرِ، إِلا أَنْ يَعْلَمَ شَرِيكُهُ بِتَعَدِّيهِ فِي الْوَدِيعَةِ.
قوله: (وعَلَى الْمُتْلِفِ نِصْفُ الثَّمَنِ) كأنه أطلق المتلف عَلَى الذي تلف ماله سواءً كَانَ بسببه أو بغير سببه.
(1) في (ن 2): (توكيله).
(2)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).
(3)
انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:393.
(4)
ما بين المعكوفتين زيادة من: المطبوعة.
وكُلٌّ وَكِيلٌ، فَيُرَدُّ عَلَى حَاضِرٍ لَمْ يَتَوَلَّ، كَالْغَائِبِ إِنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ، وإِلا انْتُظِرَ، والرِّبْحُ والْخُسْرُ بِقَدْرِ الْمَالَيْنِ، وتَفْسُدُ بِشَرْطِ التَّفَاوُتِ.
قوله: (وكُلٌّ وَكِيلٌ، فَيُرَدُّ عَلَى حَاضِرٍ لَمْ يَتَوَلَّ (1) كَالْغَائِبِ إِنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ، وإِلا انْتُظِرَ) أصل ما أشار إليه قوله فِي أواخر كتاب: الشركة من " المدونة ": ومن ابتاع عبداً من أحدهما فظهر عَلَى عيبٍ فله ردّه بالعيب عَلَى بائعه إن كَانَ حاضراً، وإن كَانَ غائباً غيبةً قريبةً كاليوم ونحوه فلينتظر لعلّ له حجة، وإن كانت غيبته بعيدة، فأقام المشتري بينة أنّه ابتاع بيع الإسلام وعهدته؛ نظر فِي العيب، فإن كَانَ قديماً لا يحدث مثله ردّ [العبد عَلَى الشريك الآخر، وإن كَانَ يحدث مثله فعلى المبتاع البينة أن العيب كَانَ عند البائع، وإِلا حلف الشريك بالله ما أعلم أن هذا](2) العيب كَانَ عندنا وبرئ، وإن نكل حلف المبتاع عَلَى البت أنّه ما حدث عنده ثُمَّ رده عَلَيْهِ (3).
فمعنى كلامه فبسبب أنّ كلّ واحدٍ وكيل للآخر يردّ واحد العيب عَلَى حاضر لَمْ يتول البيع لتعذر وجود الغائب الذي تولاّه حالة كون هذا الردّ كالردّ عَلَى كلّ غائب فِي افتقار المشتري الرادّ إلى إثبات أنّه ابتاع بيع الإسلام، وعهدته، ثُمَّ نبّه عَلَى أنّ الرد عَلَى الحاضر الذي لَمْ يتول إنما هو إن بعدت غيبة شريكه الغائب، وإلا انتظر، فالشرط راجع للمشبه لا للمشبه به، وبهذا التشبيه يكون كلامه مطابقاً لما فِي " المدونة " متضمناً لنصوص نصها، فلله درّه ما ألطف إشارته.
فإن قلت: وأين تقدم له الغائب الذي أحال عَلَيْهِ؟
قلت: فِي قوله فِي خيار النقيضة: (ثُمَّ قضى إن أثبت عهدة مؤرخة وصحة الشراء).
فإن قلت: [90 / أ] عود الضمير فِي قوله: (غيبته) عَلَى الغائب المشبه به يغير فِي وجه هذه التمشية؟
(1) في (ن 3): (يتوكل).
(2)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).
(3)
النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 570، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 12/ 81.
قلت: إن سلمنا عوده عَلَيْهِ ولم نرده للغائب من الشريكين المفهوم من السياق فقصاراه أنّه من باب: عندي درهم ونصفه، وقد قيل بنحو هذا فِي قوله تعالى:{اللَّهُ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ وَيَقْدِرُ لَهُ} [العنكبوت:62] وفِي قوله سبحانه: {وَمَا يُعَمَّرُ مِنْ مُعَمَّرٍ وَلَا يُنْقَصُ مِنْ عُمُرِهِ} [فاطر:11]. والله تعالى أعلم.
ولِكُلٍّ أَجْرُ عَمَلِهِ لِلآخَرِ.
قوله: (ولِكُلٍّ أَجْرُ عَمَلِهِ لِلآخَرِ) كأنه أطلق أجر العمل عَلَى حقيقته ومجازه، فحقيقته الأجرة التابعة للعمل، ومجازه الربح التابع للمال، وسهل له هذا قرينة قوله:(ولكل)؛ لدلالته عَلَى الجانبين.
ولَهُ التَّبَرُّعُ، والسَّلَفُ، والْهِبَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ، والْقَوْلُ لِمُدَّعِي التَّلَفِ والْخُسْرِ، ولآخِذٍ لائِقٍ لَهُ.
قوله: (ولَهُ التَّبَرُّعُ، والسَّلَفُ، والْهِبَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ) مثله لابن الحاجب (1)، وفسّره ابن عبد السلام بأن اختلاف نسبة الربح والعمل مع رأس المال إنما يفسد الشركة إن كَانَ شرطاً فِي عقدها، ولو تبرع به أحدهما بعده جَازَ. قال: وهو بيّن فِي شركة الأموال؛ لأن المذهب لزومها بالعقد دون الشروع، واختلف فِي شركة الحرث: هل هي كشركة الأموال؟ وهو قول سحنون، أو لا تلزم إِلا بالعمل وهو قول ابن القاسم، ففي هذه يصعب التبرع بعد العقد وقبل الشروع، وإن كَانَ ظاهر نصوصهم أن ذلك لا يقدح فِي صحتها.
قال ابن عرفة: قول ابن عبد السلام: إن المذهب لزوم الشركة بالعقد دون الشروع وهو مقتضى (2) قول ابن الحاجب: يجوز التبرع (3) بعد العقد. خلاف قول ابن رشد فِي سماع ابن القاسم أنها من العقود الجائزة، وهو مقتضى (4) مفهوم السماع أنّه إن شرط ذلك
(1) عبارة ابن الحاجب: (وأما لو تبرع أحدهما بعد العقد فجائز من غير شرط وكذلك لو أسلفه أو وهبه) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:394.
(2)
في (ن 1): (ما اقتضى).
(3)
في الأصل، و (ن 2)، و (ن 3): الشروع).
(4)
في (ن 1): (ما اقتضى).
بعد العقد لا يجوز، ونحوه قوله فِي " المقدمات ": هي من العقود الجائزة لكلّ منهما أن ينفصل عن شريكه متى شاء (1). ولهذه العلّة لَمْ تجز إِلا عَلَى التكافؤ (2) والاعتدال؛ لأنه إن فضل أحدهما صاحبه فِيمَا يخرجه فإنما سمح بذلك رجاء بقائه معه عَلَى الشركة فصار غرراً.
وجاز فِي المزارعة كون قيمة ما يخرجه أحدهما أكثر مما يخرجه الآخر عَلَى قول سحنون؛ لأن المزارعة تلزم بالعقد، وقاله ابن الماجشون وابن كنانة وابن القاسم فِي كتاب ابن سحنون، ولا يجوز ذلك فِيهَا عَلَى قول من يرى أنها لا تلزم بالعقد، وهو معنى قول ابن القاسم فِي " المدونة " ونص سماع أصبغ. انتهى.
وذكر فِي " التوضيح " أول الباب ما فِي " المقدمات " وَقال نحوه للخمي، ونسب لابن يونس وعياض و " مفيد الحكام "(3) أنها تلزم بالعقد، وتأوله باعتبار الضمان أي: إِذَا هلك شيء بعد العقد يكون (4) ضمانه منهما وإن لَمْ يخلطا قال: فإن قيل يلزم منه مخالفة قوله فِي " المدونة ": وإن بقيت كلّ صرة بيد صاحبها حَتَّى ابتاع بها أمة عَلَى الشركة فالأمة بينهما والصرة من ربها (5).
فالجواب: قد قيّد اللخمي ذلك بما إِذَا كانت الصرة فِيهَا حق توفِيهِ من وزن أو انتقاد، وقال:" أما لو وزنت وانتقدت وبقيت (6) عند صاحبها عَلَى وجه الشركة فضاعت لكانت مصيبتها منهما؛ لأن الخلط عنده ليس بشرطٍ في الصحة "، هذا نصّ اللخمي، وهو يدل لما قلناه، وأَيْضاً فلجعله الأمة بينهما. انتهى ما فِي " التوضيح "(7) فليتأمل.
(1) انظر: المقدمات الممهدات، لابن رشد: 2/ 211.
(2)
في (ن 3): (التكلف).
(3)
قال محقق التوضيح: (الصواب: " معين الحكام ") قال: ولا يوجد ما ذكر في مفيد الحكام، وكذلك في نسختين من مخطوط التوضيح. قلت: ومعين الحكام هو لإبراهيم بن الحسين بن عبد الرفيع، توفي سنة (734). انظر: انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 8/ 653، وانظر: هداية العارفين.
(4)
في الأصل، و (ن 2):(بكونه).
(5)
انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 561، ونصّها:(وإن بقيت كل صرة بيد ربها حتى ابتاع بها أحدهما أمة على الشركة، وتلفت الصرة الأخرى، والمالان متفقان، فالأمة بينهما والصرة من ربها).
(6)
في (ن 1): (وتبينت).
(7)
انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 8/ 652، وما بعدها.
ولِمُدَّعِي النِّصْفِ.
قوله: (وَلِمُدَّعِي النِّصْفِ) لعلّه أشار بها لقول ابن يونس: وإذا أشرك من ماله ممن يلزمه أن يشركه ثُمَّ اختلفا فقال: أشركتك بالربع، وقال: الآخر بالنصف، وقالا: نطقنا به، أو قالا: أضمرناه بغير نطق، فالقول قول من ادعى منهما النصف وإن لَمْ يدعه أحدهما رد إليه؛ لأنه أصل شركتهما فِي القضاء، وإن كانوا ثلاثة فعلى عددهم ما كانوا، ثُمَّ قال: وأما إن أشرك رجلاً فِي سلعة اشتراها ممن لا يلزمه أن يشركه، ثُمَّ اختلفا هكذا فإن كَانَ ذلك فِيمَا نويا ولم ينطقا به كانت بينهما نصفين أَيْضاً، وإن كانوا أكثر فعلى عددهم.
وقال (1) قبل ذلك: ولو أقرّ أن فلاناً الغائب شريكه، ثُمَّ زعم بعد ذلك أنّه شريكه عَلَى الربع، وإنما هو شريكه فِي مائة دينار فإنه شريكه عَلَى النصف ". انتهى ما قصدنا نقله من كلام ابن يونس مما يمكن أن يكون المصنف قصد الإشارة إليه، فإن قلت: فهو عَلَى [هذا](2) تكرار مع قوله آخر فصل الخيار: (وإِنْ أَشْرَكَهُ حُمِلَ إنْ أُطْلِقَ عَلَى النِّصْفِ).
قلت: تكراره مع ما طال وتنوسي أهون من تكراره مع ما يليه (3).
وحُمِلَ عَلَيْهِ فِي تَنَازُعِهِمَا، والاشْتِرَاكِ فِيمَا بِأَيْدِيهِمَا. إِلا لِبَيِّنَةٍ عَلَى كَإِرْثِهِ، وإِنْ قَالَتْ لا نَعْلَمُ تَقَدُّمَهُ لَهَا إِنْ شُهِدَ بِالْمُفَاوَضَةِ، ولَوْ لَمْ يُشْهَدْ بِالإِقْرَارِ بِهَا عَلَى الأَصَحِّ.
قوله: (وحُمِلَ عَلَيْهِ فِي تَنَازُعِهِمَا) تبع فِي هذا ابن الحاجب إذ قال: وإِذَا تنازعا فِي قدر المالين حمل عَلَى النصف (4). وهذا قول أشهب فِي " المَوَّازِيَّة " لكن بشرط أن يحلفا معاً، وقال ابن القاسم فِي " المَوَّازِيَّة " أَيْضاً: إِذَا قال أحدهما لك الثلث ولي الثلثان وقال الآخر المال بيننا نصفين وليس المال بيد أحدهما: فلمدعي الثلثين النصف، ولمدعي النصف الثلث، ويقسم السدس بينهما نصفين.
(1) في (ن 1): (وقد).
(2)
ما بين المعكوفتين زيادة من: (ن 1)، و (ن 3).
(3)
في (ن 3): (يليها).
(4)
انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:394.
قال ابن عرفة: فما قاله ابن الحاجب خلاف قول أشهب؛ لإسقاطه اليمين، وخلاف قول ابن القاسم، ونقل خلاف نصوص المذهب عن المذهب لا يجوز. انتهى. قال ابن عبد السلام قول أشهب: بعد أيمانهما. ظاهره أنّه [90 / ب] يحلف كلّ واحد منهما وحلف من ادعى أن الثلثين له ثُمَّ يأخذ النصف لا تحتمله الأصول، وتبعه فِي " التوضيح "(1)، وانفصل عنه ابن عرفة بما حصله: أن أشهب لَمْ يبن عَلَى رعي دعواهما، وإِلا لزم أن يقول كما قال ابن القاسم؛ وإنما بنى عَلَى رعي تساويهما فِي الحوز والقضاء فالحوز يستقل (2) الحكم به دون يمين الحائز، فوجبت بيمين كلّ منهما؛ لأن الحكم له إنما هو لحوزه؛ ولهذا قال ابن يونس ما نصّه: " وحجّة أشهب أنهم تساووا فِي الحيازة واليمين، وإنما تفاضلوا فِي الدعوى، وذلك لا يوجب زيادة فِي الحيازة.
ولِمُقِيمِ بَيِّنَةٍ بِأَخْذِ مِائَةٍ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ، إِنْ أَشْهَدَ بِهَا عِنْدَ الأَخْذِ، أَوْ قَصُرَتِ الْمُدَّةِ.
قوله: (ولِمُقِيمِ بَيِّنَةٍ بِأَخْذِ مِائَةٍ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ، إِنْ أَشْهَدَ بِهَا عِنْدَ الأَخْذِ، أَوْ قَصُرَتِ الْمُدَّةِ) أشهد هنا رباعي أي: أشهد بها البينة قاصداً للتوثق كمسألة المودع، وقد تنازل لهذا فِي " توضيحه "(3) تابعاً لابن عبد السلام.
كَدَفْعِ صَدَاقٍ عَنْهُ فِي أنّه مِنَ الْمُفَاوَضَةِ إِلا أَنْ يَطُولَ كَسَنَةٍ، إِلا بِبَيِّنَةٍ بِكَإِرْثٍ، وإِنْ قَالَتْ: لا نَعْلَمُ، وإِنْ أَقَرَّ وَاحِدٌ بَعْدَ تَفَرُّقٍ أَوْ مَوْتٍ فَهُوَ شَاهِدٌ فِي غَيْرِ نَصِيبِهِ، وأُلْغِيَتْ نَفَقَتُهُمَا وكُسْوَتُهُمَا، وإِنْ بِبَلَدَيْنِ مُخْتَلِفَيِ السِّعْرِ كَعِيَالِهِمَا، إِنْ تَقَارَبَا، وإِلا حَسَبَا كَانْفِرَادِ أَحَدِهِمَا بِهِ.
قوله: (كَدَفْعِ صَدَاقٍ عَنْهُ فِي أنّه مِنَ الْمُفَاوَضَةِ إِلا أَنْ يَطُولَ كَسَنَةٍ، إِلا بِبَيِّنَةٍ
(1) انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 8/ 682.
(2)
في (ن 2): (لا يستقل).
(3)
قال في التوضيح: (كلامه في المدونة مقيّد بما إذا لم يشهد، وأما إذا أشهد على نفسه بأخذ المائة فلا يبرأ إلا بالإشهاد أنه ردها طال ذلك أو قصر، والظاهر أن مراد محمد بقوله: أشهد. أن تكون البينة قصد بها التوثق كما قالوا في البينة التي لا تقبل دعوى المودع الرد معها، وهو أن يأتي بشهود يشهدهم على دفع الوديعة للمودع، وأما لو دفع بحضرة قوم ولم يقصد التوثق بشهادتهم فلا، ولأنه الذي يفهم من قول محمد، وأما إن كان إقراره من غير قصد إشهاد فكما ذكر ابن القاسم) انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 8/ 677.
بِكَإِرْثٍ، وإِنْ قَالَتْ: لا نَعْلَمُ) نصّ هذا الفرع عَلَى ما وقفت عَلَيْهِ فِي كتاب الشركة من أصل " النوادر " عن ابن سحنون: " كتب شجرة (1) إلى سحنون، فِي رجلٍ دفع عن أخيه وهو شريكه مفاوضة صداق (2) امرأته، ولم يذكر أنّه من ماله ولا من مال أخيه حَتَّى مات الدافع، فقام فِي ذلك ورثته وقالوا: هو من مال ولينا؟ فكتب إليه: " إن دفع وهما متفاوضان، ثُمَّ أقام سنين كثيرة فِي مفاوضهما لا يطلب أخاه بشيء (3) من ذلك فهذا ضعيف وإن كَانَ بحضرة ذلك فذلك بينهما شطرين، ويحاسب به إِلا أن يكون للباقي حجة ". (4) انتهى.
فمعنى كلام المصنف: أن القول لمن ادعى فِي المسألة أن الصداق المدفوع من المفاوضة إِلا فِي وجهين:
أحدهما: أشار إليه بقوله: (إِلا أن يطول كسنة)؛ وكأنه اعتمد فِي التحديد بالسنة عَلَى مفهوم قول سحنون: وإن كَانَ بحضرة ذلك فذلك بينهما، ورأى أن ما عارض هذا المفهوم من قوله: فِي مقابله سنين كثيرة غير مقصود.
وثانيهما: أشار إليه بقوله: (وإِلا ببينة بكارثة وإن قالت: لا نعلم) وهكذا [هو](5) فِي عدة نسخ بالواو العاطفة قبل إِلا، وهو كالتفسير لقول سحنون: إِلا أن يكون للباقي حجة، فإن الباقي من الأخوين إِذَا قامت له بينة أن الصداق المدفوع كَانَ من إرث آخر مثلاً، كَانَ ذلك له حجة، وإن قالت: البينة: لا نعلم تقدم هذا الإرث عَلَى المفاوضة ولا تأخر (6) عنها، فهذا أمثل ما انقدح لنا فِي تشقيق كلامه. والله سبحانه أعلم.
(1) اسم رجل.
(2)
في النوادر: (ضمان).
(3)
في الأصل: (شيء).
(4)
انظر: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 7/ 330.
(5)
ما بين المعكوفتين زيادة من: (ن 1)، و (ن 2).
(6)
في (ن 1)، و (ن 2):(تأخره).
وإِنِ اشْتَرَى جَارِيَةً لِنَفْسِهِ، فَلِلآخَرِ رَدُّهَا، إِلا لِلْوَطْءِ بِإِذْنِهِ (1)، وإِنْ وَطِئَ جَارِيَةً لِلشِّرْكَةِ بِإِذْنِهِ، أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وحَمَلَتْ قُوِّمَتْ، وإِلا فَلِلآخَرِ إِبْقَاؤُهَا، أَوْ مُقَاوَاتُهَا، وإِنِ اشْتَرَطَا نَفْيَ الاسْتِبْدَادِ فَعِنَانٌ.
قوله: (وَإِنِ اشْتَرَى جَارِيَةً لِنَفْسِهِ، فَلِلآخَرِ رَدُّهَا، إِلا لِلْوَطْءِ بِإِذْنِهِ وإِنْ وَطِئَ جَارِيَةً لِلشِّرْكَةِ بِإِذْنِهِ، أَوْ بِغَيْرِ إِذْنِهِ وحَمَلَتْ قُوِّمَتْ، وإِلا فَلِلآخَرِ إِبْقَاؤُهَا، أَوْ تقويمها).
درج هنا عَلَى ما بسط فِي " توضيحه " أن لشراء الجارية ثلاثة أوجه:
الأول: أن يشتريها لنفسه للوطء أو للخدمة ولم يطأها، ولشريكه ردّها فِي الشركة أو إجازتها له، وإليه أشار بقوله:(وإن اشترى جارية لنفسه فللآخر ردّها)
الثاني: أن يشتريها للوطء بإذن شريكه، فلا شكّ أن شريكه أسلفه نصف ثمنها فله نماؤها وعَلَيْهِ تواها، وإليه أشار بقوله:(إِلا للوطء بإذنه).
الثالث: أن يكون إنما اشتراها للشركة ثُمَّ وثب عَلَيْهَا فوطأها، وهذا الثالث فِي نفسه عَلَى ثلاثة أضرب:
أحدها: أن يكون وثوبه عَلَيْهَا بإذن شريكه فهذه محللة فيتعين تقويمها سواءً حملت أو لَمْ تحمل، وإليه أشار بقوله:(وإن وطئ جارية للشركة بإذنه) أي: قومت وليس ذلك مقيداً بحملها كما ظنّ بعضهم.
وثانيها: أن يكون ذلك بغير إذن شريكه؛ ولكنها حملت منه، فيجب تقويمها، وإليه أشار بقوله:(أو بغير إذنه وحملت قومت).
وثالثها: أن يكون بغير إذنه ولم تحمل فقال عياض فِي كتاب: " أمهات الأولاد ": معروف مذهب مالك فِي " المدونة " فِي هذا الكتاب وغيره: تخيير غير الواطئ فِي التقويم والتماسك ". انتهى، وهو كقوله فِي " الرسالة ": فإن لَمْ تحمل فالشريك بالخيار بين أن يتماسك أو تقوم (2) عَلَيْهِ (3). وإليه أشار بقوله: (وإِلا فللآخر إبقاؤها أو تقويمها) والتقويم:
(1) في أصل المختصر: (أو بإذنه). وانظر: إشارة المؤلف لها بعدُ، والخرشي من بعده في شرحه: 6/ 354.
(2)
في (ن 2): (يقوم).
(3)
انظر: رسالة القيرواني، ط دار الفكر، بيروت، ص:128.
تفعيل من القيمة، وكذا هو فِي هذا القول، وأما المقاواة التي هي المزايدة وهي مفاعلة من القوة ففي قولٍ آخر غير هذا (1).
تنبيه:
وقع فِي بعض النسخ: إِلا بالوطء أو بإذنه بجرّ اللفظين بالباء وعطف أحدهما عَلَى الآخر بأو بدل قوله: (إِلا للوطء بإذنه)، وهو أتمّ فائدة حسبما يظهر بالتأمل إِلا أن الآخر هو الجاري مع لفظ " التوضيح ".
وجَازَ لِذِي طَيْرٍ وذِي طَيْرَةٍ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى الشِّرْكَةِ فِي الْفِرَاخِ، واشْتَرِ لِي ولَكَ، فَوَكَالَةٌ. وجَازَ وانْقُدْ عَنِّي. إِنْ لَمْ يَقُلْ وأَبِيعُهَا لَكَ، ولَيْسَ لَهُ حَبْسُهَا، إِلا أَنْ يَقُولَ واحْبِسْهَا، فَكَالرَّهْنِ، وإِنْ أَسْلَفَ غَيْرَ الْمُشْتَرِي جَازَ، إِلا لِكَبَصِيرَةِ الْمُشْتَرِي، وأُجْبِرَ عَلَيْهَا، إِنِ اشْتَرَى [59 / ب] شَيْئاً بِسُوقِهِ، لا لِكَسَفَرٍ أَوْ قِنْيَةٍ، وغَيْرُهُ حَاضِرٌ لَمْ يَتَكَلَّمْ مِنْ تُجَّارِهِ، وهَلْ وفِي الزُّقَاقِ لا كَبَيْتِهِ؟ قَوْلانِ.
قوله: (وجَازَ لِذِي طَيْرٍ وذِي طَيْرَةٍ أَنْ يَتَّفِقَا عَلَى الشِّرْكَةِ فِي الْفِرَاخِ) كذا فِي " النوادر " من " العُتْبِيَّة " والموازية عن ابن القاسم عن مالك: إِذَا جاء الرجل بحمام ذكر وآخر بأنثى عَلَى أنّ ما أفرخا بينهما، فلا بأس به، وأرجو أن يكون خفيفاً والفراخ بينهما؛ لأنهما يتعاونان فِي الحضانة (2). وقبله ابن يونس، ولم يذكر غيره، ونصّها فِي سماع سحنون من شركة " العُتْبِيَّة " قال سحنون: " وأخبرنا ابن القاسم عن مالك فِي الرجل يأتي بحمامة أنثى، ويأتي الآخر [91 / أ] بذكر عَلَى أن تكون الفراخ بينهما: أنّ الفراخ بينهما لأنهما يتعاونان جميعاً عَلَى الحضانة. إِلا أن ظاهر كلام ابن رشد: أن هذا بعد الوقوع والفوات؛ لأنه قال: هذا عَلَى قياس قوله فِي أنّ الزرع فِي المزارعة الفاسدة يكون لصاحب العمل والأرض، يريد ويرجع صاحب الحمامة الأنثى عَلَى صاحب الحمامة الذكر بمثل بيض حمامته، ويأتي عَلَى قياس القول: بأن الزرع فِي المزارعة الفاسدة لصاحب البذر أن الفراخ
(1) انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 8/ 658، وما بعدها.
(2)
انظر: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 7/ 345.
تكون لصاحب الحمامة الأنثى؛ لأن (1) البيض له ولصاحب الحمامة الذكر قيمة ما أعان به من الحضانة " (2) انتهى.
تكميل:
زاد فِي السماع المذكور: " وإن جاء رجل ببيضٍ إلى رجل فقال له: اجعله تحت دجاجتك، فما كَانَ من فراخ فبيني وبينك، فالفراخ فِي هذا (3) لصاحب الدجاجة، وعَلَيْهِ لصاحب البيض مثله، وهو كمن جاء بقمح إلى رجل فقال له: ازرعه فِي أرضك بيننا، فإنما له مثله، والزرع لربّ الأرض "(4).
وجَازَتْ بِالْعَمَلِ، إِنِ اتَّحَدَ، أَوْ تَلازَمَ، وتَسَاوَيَا فِيهِ، أَوْ تَقَارَبَا، وحَصَلَ التَّعَاوُنُ، وإِنْ بِمَكَانَيْنِ، وفِي جَوَازِ إِخْرَاجِ كُلٍّ آلَةً واسْتِئْجَارِهِ مِنَ الآخَرِ، أَوْ لا بُدَّ مِنْ مِلْكٍ أَوْ كِرَاءٍ؟ تَأْوِيلانِ كَطَبِيبَيْنِ اشْتَرَكَا فِي الدَّوَاءِ، وصَائِدَيْنِ فِي الْبَازَيْنِ. وَهَلْ وإِنِ افْتَرَقَا؟ رُوِيَتْ عَلَيْهِمَا، وحَافِرَيْنِ بِكَرِكَازٍ، ومَعْدِنٍ، ولَمْ يَسْتَحِقَّ وَارِثُهُ بَقِيَّتَهُ، وأَقْطَعَهُ الإِمَامُ، وقُيِّدَ بِمَا لَمْ يَبْدُ ولَزِمَهُ مَا يَقْبَلُهُ صَاحِبُهُ وضَمَانُهُ وإِنْ تَفَاصَلا.
قوله: (وَجَازَتْ بِالْعَمَلِ، إِنِ اتَّحَدَ، أَوْ تَلازَمَ) قال ابن عبد السلام: " قال أبو عبد الله الذكي: لو كَانَ المعلمان (5) أحدهما قاريء والآخر حاسب، واشتركا عَلَى أن يقسما (6) عَلَى قدر عمليهما؛ لجرى ذلك مجرى جمع الرجلين سلعتيهما فِي البيع، وعَلَى هذا تجوز الشركة بين مختلفي الصنعة إِذَا كانت الصنعتان متلازمتين " انتهى. وقبله فِي " التوضيح "، وذكر عَلَى إثره (7) كلام اللخمي فِي الحائكين وطالبي اللؤلؤ (8).
(1) في الأصل: (لا إن).
(2)
انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 12/ 38.
(3)
في الأصل: (فيها).
(4)
انظر: السابق.
(5)
في (ن 3): (الغلمان).
(6)
في (ن 3): (يقتسما).
(7)
في (ن 3): (إثر).
(8)
قال في التوضيح: (ونص اللخمي على الجواز فيما إذا تشاركا وأحدهما يحيك والآخر يخدم، ويتولى ما سوى النسج إذا تقاربت قيمة ذلك، قال: " وليس ذلك كالصنعتين المختلفتين؛ لأنهما هنا إما أن يعملا جميعاً أو يعطلا جميعاً، ولم يكن هذا غرراً. =
= وعلى مثل هذا أُجيزت الشركة في طلب اللؤلؤ، أحدهما يطلب الغوص والآخر يقذف أو يمسك عليه إذا كانت الأجرة سواء) انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 8/ 689.
وأما ابن عرفة فقال: وقول أبي عبد الله الذكي فِي مسائله: لو اشترك قاريء وحاسب عَلَى أن يقتسما عَلَى قدر عملهما يجري ذلك عَلَى جمع الرجلين سلعتيهما فِي البيع، يردُّ بقوة الغرر (1) فِي الشركة؛ لجهل (2) قدر عمل كلّ واحد منهما وقدر عوضه، والمجهول فِي السلعتين قدر العوض فقط، ولا يتخرج عَلَى قول اللخمي: لو اشترك حائكان بأموالهما، أحدهما يتولى النسج والآخر لا يحسنه، ويتولى الخدمة والبيع والشراء، وقيمة عملهما سواء، جَازَ؛ لأن معمولهما لا يتمّ إِلا بعملهما معاً كالشريكين فِي استخراج اللؤلؤ، أحدهما يغوص، والآخر يقذف أو يمسك عَلَيْهِ.
وأُلْغِيَ مَرَضُ كَيَوْمَيْنِ وغَيْبَتُهُمَا، لا إِنْ كَثُرَ، وفَسَدَتْ بِاشْتِرَاطِهِ كَكَثِيرِ الآلَةِ، وهَلْ يُلْغَى الْيَوْمَانِ كَالصَّحِيحَةِ تَرَدُّدٌ، وبِاشْتِرَاكِهِمَا بِالذِّمَمِ أَنْ يَشْتَرِيَا بِلا مَالٍ.
قوله: (وَأُلْغِيَ مَرَضُ كَيَوْمَيْنِ وغَيْبَتُهُمَا) الضمير المثنى لليومين، وهو من الإضافة المقدرة بفي كقوله تعالى:{بَلْ مَكْرُ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ} [سبأ: 33] عَلَى رأي ابن مالك.
وهُوَ بَيْنَهُمَا، وكَبَيْعِ وَجِيهٍ مَالَ خَامِلٍ بِجُزْءٍ مُنْ رِبْحِهِ، وكَذِي رَحًى وذِي بَيْتٍ، وذِي دَابَّةٍ لِيَعْمَلُوا، إِنْ لَمْ يَتَسَاوَ الْكِرَاءُ.
قوله: (وهُوَ بَيْنَهُمَا) أي: ما اشترياه أو أحدهما فِي شركة الذمم (3) فهو بينهما، وهذا هو المشهور، وقال سحنون: من اشترى شيئاً فهو له.
وتَسَاوَوْا فِي الْغَلَّةِ، وتَرَادُّوا الأَكْرِيَةَ، وإِنِ اشْتُرِطَ عَمَلُ رَبِّ الدَّابَّةِ فَالْغَلَّةُ لَهُ، وعَلَيْهِ كِرَاؤُهُمَا.
قوله: (وتَسَاوَوْا فِي الْغَلَّةِ) قابل لأن يكون بياناً لفرض المسألة كما قبله، أو تقريراً
(1) في (ن 3): (الغدر).
(2)
في (ن 2)، و (ن 3):(بجهل).
(3)
في (ن 1): (الدهم).
لحكمها بعد الوقوع كما بعده؛ فكأنه من النوع المسمى عند البيانيين بالتوجيه (1) كقول الشاعر فِي خياطٍ أعور:
خَاطَ لِي عَمْرٌو قَبَاءً
…
لَيْتَ عَيْنَيْهِ سَوَاءُ
فَسَلِ الْنَاسَ جَمِيعَاً
…
أمَدِيحَاً أمْ هِجَاءُ
وحمْلُه عَلَى تقرير الحكم أولى، وأما فرض المسألة فمفهوم من قوة الكلام كما فِي قوله قبل:(وهو بينهما).
وقُضِيَ عَلَى شَرِيكٍ فِيمَا لا يَنْقَسِمُ أَنْ يُعَمِّرَ أَوْ يَبِيعَ كَذِي سُفُلٍ، إِنْ وَهَى وعَلَيْهِ التَّعْلِيقُ والسَّقْفُ، وكَنْسُ مِرْحَاضٍ لا سُلَّمٌ، وبِعَدَمِ زِيَادَةِ الْعُلُوِّ، إِلا الْخَفِيفَ وبِالسَّقْفِ لِلأَسْفَلِ، وبِالدَّابَّةِ لِلرَّاكِبِ، لا مُتَعَلِّقٍ بِلِجَامٍ، وإِنْ أَقَامَ أَحَدُهُمْ رَحًى إِنْ أَبَيَا، فَالْغَلَّةُ لَهُمْ ويَسْتَوْفِي مِنْهَا مَا أَنْفَقَ، وبِالإِذْنِ فِي دُخُولِ جَارِهِ لإِصْلاحِ جِدَارِهِ ونَحْوِهِ.
قوله: (وقُضِيَ عَلَى شَرِيكٍ فِيمَا لا يَنْقَسِمُ أَنْ يُعَمِّرَ أَوْ يَبِيعَ) ظاهره بيع جميع نصيبه كما فهم ابن عبد السلام من ظاهر إطلاقاتهم لا بقدر ما يعمر كما قال ابن الحاجب (2) وقبله ابن هارون، وقد جلب ابن عرفة ما فِيهَا من الأسمعة، فعليك به.
وبِقِسْمَتِهِ، إِنْ طُلِبَتْ لا بِطُولِهِ عَرْضاً، وبِإِعَادَةِ السَّاتِرِ لِغَيْرِهِ، إِنْ هَدَمَهُ ضَرَراً، لا لإِصْلاحٍ أَوْ هَدْمٍ وبِهَدْمِ بِنَاءٍ بِطَرِيقٍ، ولَوْ لَمْ يَضُرَّ وبِجُلُوسِ بَاعَتِهِ بِأَفْنِيَةِ الدُّورِ لِلْبَيْعِ إِنْ خَفَّ.
قوله: (وبِقِسْمَتِهِ، إِنْ طُلِبَتْ لا بِطُولِهِ عَرْضاً) أي: ويقضي بقسمة الجدار إن طلبت، ولا يقضي بقسمة طوله عرضاً، فإذا كَانَ الجدار مثلاً جارياً من المشرق إلى المغرب عَلَى صورة سور له شرافات وممشى لَمْ يقض عَلَيْهِما بقسمته عَلَى أن يأخذ أحدهما [جهة الشرفات، والآخر جهة الممشى، ولكن عَلَى أن يأخذ أحدهما](3) الجهة الشرقية بشرافاتها
(1) زاد في الأصل، و (ن 2)، و (ن 4):(كما فِي قوله).
(2)
عبارة ابن الحاجب: (والمشترك مما لا ينقسم يلزمه أن يعمر أو يبيع، وإلا باع الحاكم بقدر ما يعمر) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:395.
(3)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).
وممشاها، والآخر الجهة الغربية بشرفاتها وممشاها، فلفظ (عرضاً) عَلَى هذا متعلّق بالمضاف المحذوف، ويجوز أن يتعلّق بلفظ (قسمة) الظاهر.
ولذلك يقع فِي بعض النسخ: وبقسمته إن طلبت عرضاً لا بطوله، وهو فِي المعنى راجع للأول، وعَلَى كلّ تقدير فهو يحوم عَلَى إثبات الصفة التي قال بها اللخمي وابن الهندي، وحكاها ابن العطار عن ابن القاسم، وعَلَى نفي الصفة التي تأولها أبو إبراهيم الفاسي عَلَى " المدونة "، وحكاها ابن العطار عن عيسى بن دينار، ويتمّ هذا بالوقوف عَلَى نصوصهم.
وذلك أنّه قال فِي كتاب القسم من " المدونة ": ويقسم الجدار إن لَمْ يكن فِيهِ ضرر (1)، فقال أبو الحسن الصغير: يعني بالقرعة، وإما بالتراضي، فيجوز وإن كَانَ فِيهِ ضرر، ويأتي الاعتراض الذي فِي قسم الساحة بعد قسم البيوت؛ لأنه قد يقع لأحدهما الجهة التي تلي الآخر إِلا أن يقتسماه عَلَى أنّ من صار ذلك له يكون للآخر عَلَيْهِ الحمل.
وقال اللخمي: صفة القسم فِيهِ إِذَا كَانَ جارياً من [المشرق إلى المغرب](2) أن يأخذ أحدهما طائفة مما يلي المشرق والآخر طائفة مما يلي المغرب، وليست القسمة أن يأخذ أحدهما مما يلي القبلة والآخر مما يلي الجوف؛ لأن ذلك ليس بقسمة؛ لأن كل ما يضعه عَلَيْهِ أحدهما من خشب فثقله ومضرته عَلَى جميع الحائط، وليس يختصّ [91 / ب] الثقل والضرر بما يليه، إِلا أن يريد أن يقسما الأعلى، مثل أن تكون أرضه شبرين فيبني كل واحد عَلَى أعلاه شبراً مما يليه لنفسه، ويكون ذلك قسمة للأعلى، وجملة الحائط عَلَى الشركة الأولى أو يكونا أرادا قسمته بعد انهدامه فيقتسمان أرضه ويأخذ كلّ واحد نصفه مما يليه.
ابن عرفة: فصفة قسمه عند اللخمي أن يقسم طولاً لا عرضاً، وقال أبو إبراهيم: ظاهر " المدونة " قسمه عرضاً؛ لقوله: وكان ينقسم. قال: وأما طولاً فينقسم وإن قلّ،
(1) انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 215.
(2)
في (ن 3): (الشرق إلى الغرب).
وقال ابن فتّوح فِي باب: الإرفاق: قال أحمد بن سعيد - وهو ابن الهندي -: سنّة قسم (1) الحائط أن يقسم بخيطٍ من أعلاه إلى أسفله فيقع جميع الشطر لواحد [وجميع الشطر لواحد](2) إِلا أن يتفقا عَلَى قسمة عرضه عَلَى طوله. وقال محمد بن أحمد - وابن العطار -: قال عيسى بن دينار: يقسم بينهما عرضاً، يأخذ كل واحد منهما نصفه مما يليه، فإن كَانَ عرض الجدار شبرين أخذ هذا شبراً مما يلي داره، وهذا شبراً مما يلي داره، ولا تصلح (3) القرعة فِي مثل هذه القسمة.
قال [ابن العطار](4) وابن فتّوح فِي باب: الإرفاق، والمتيطي فِي باب القسم " عن ابن القاسم:" يُمدّ الحبل بينهما فِيهِ طولاً لا ارتفاعاً من أوله إلى آخره، ويُرشم (5) موقف (6) نصف الحبل ويقرع بينهما، ويكون لكلّ واحد منهما الجانب الذي تقع قرعته عَلَيْهِ. زاد ابن فتّوح: إلى ناحية بعينها، ولا تصحّ قسمة القرعة فِيهِ إِلا هكذا ". انتهى، وإِذَا طوى الحبل المذكور حقق نصفه.
وإِذَا عرفت أن الطول والعرض يعقلان نسبة وإضافة أمكنك الجمع بين عبارة المصنف وابن عرفة وغيرهما، وظهر لك أنّ قول اللخمي وابن الهندي راجعٌ لما حكاه ابن العطار عن ابن القاسم، وهو الذي أثبت المصنف، وأن تأويل أبي إبراهيم عَلَى " المدونة " راجع لما حكاه ابن العطار عن عيسى، وهو الذي نفاه المصنف.
(1) في (ن 1)، و (ن 3):(قسمة).
(2)
ما بين المعكوفتين زيادة من: (ن 2)، و (ن 3).
(3)
في (ن 1): (تصح).
(4)
ما بين المعكوفتين زيادة من: (ن 2)، و (ن 3).
(5)
الرَّسْمُ والرَّشْمُ: الأَثَرُ، رَشْمُ كل شيء علامته، ورَسَمَ على كذا ورَشَم أَي: كتب. انظر: لسان العرب: 12/ 242.
(6)
في (ن 3): (موضع).
تكميل:
قال فِي " المدونة ": " وإن كَانَ لكلّ واحد عَلَيْهِ جذوع لَمْ يقسم وتقاوياه (1). قال اللخمي: وليس هذا بالبين؛ لأن الحمل الذي عَلَيْهِ لا يمنع القسم كما لا تمنع (2) قسمة العلّو والسفل، وحمل العلّو عَلَى السفل، وأرى أن يقسم طائفتين، عَلَى أنّ من صارت له طائفة كانت له وللآخر عَلَيْهِ الحمل، وقد أجاز ابن القاسم المقاواة، وإنما تصح المقاواة عَلَى أنّ من صار إليه الحائط كَانَ ملك (3) له، وللآخر عَلَيْهِ الحمل، فإذا جازت المقاواة عَلَى هذه الصفة كانت القسمة أولى ". فقال ابن عرفة: ظاهر قول ابن القاسم أنهما يتقاويانه كما لا ينقسم من العروض والحيوان أنّه لا حمل فِيهِ عَلَى من صار له (4).
ولِلسَّابِقِ كَمَسْجِدٍ، وبِسَدِّ كُوَّةٍ فُتِحَتْ أُرِيدَ سَدٌّ خَلْفَهَا، وبِمَنْعِ دُخَّانِ كَحَمَّامٍ، ورَائِحَةِ كَدِبَاغٍ وأَنْدَرٍ قَبْلَ بَيْتٍ، ومُضِرٍّ بِجِدَارٍ.
قوله: (ولِلسَّابِقِ كَمَسْجِدٍ) فِي كتاب السلام (5) من صحيح مسلم عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه: أنّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " إِذَا قام أحدكم من مجلس (6) ثُمَّ رجع إليه فهو أحقّ
(1) النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 215، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 14/ 514، ولفظ المدونة، لابن القاسم: والتهذيب: (تقاوماه) لا (تقاوياه)، قلت وقد جاء في النهاية في غريب الحديث:(وفي حديث ابن سِيرين لم يكن يرى بأساً بالشُّرَكاء يَتَقاوَوْن المَتاعَ بينهم، فيمن يَزيد التَّقَاوِي بين الشُّركاء أن يَشْتَروا سِلْعَةً رَخِيصة، ثم يَتزايدُوا بينهم حتى يَبْلغوا غاية ثمنها، يقال بَيني وبين فُلان ثَوْبٌ فتَقاوَيْناه أي أعطيتُه به ثمنا فأخذْتُه وأعْطاني به ثمناً فأخَذَه، واقْتَويْت منه الغَلام الذي كان بينَنا أي: اشتريتُ حِصَّته، وإذا كانت السِّلْعة بين رَجُلين فقوّماها بثمن فهُما في المُقاواةِ سواء فإذا اشتراها أحدُهما فهو المقْتَوِي دون صاحبه، ولا يكون الاقْتِواء في السِّلْعة إلاّ بين الشركاء، قيل أصلُه من القُوّة لأنه بلوغ بالسِّلْعة أقوى ثمنها): 4/ 128، فعلى هذا فعبارة المؤلف هي الجارية على وفق المراد، وقد جاء في تهذيب المدونة قبل النص المستدل به:(فاصطلحا، إما تقاوياه أو بِيعاه).
(2)
في (ن 3): (يمنع).
(3)
في (ن 2)، و (ن 3):(ملكه).
(4)
قال في مواهب الجليل فيما للمؤلف هنا: (مَا ذَكَرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ فِي شَرْحِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ كَافٍ فِي بَيَانِهَا) انظر: مواهب الجليل: 5/ 150.
(5)
في (ن 2): (السلم).
(6)
في (ن 1)، و (ن 2)، و (ن 3):(مجلسه).
به " (1) قال عياض فِي " الإكمال ": إِذَا كَانَ أولى به بعد القيام فأحرى قبله، ثُمَّ إن رجع عن بُعد فليس بأحقّ، وإن رجع عن قربٍ فقيل هو أحقّ به وجوباً؛ لأنه اختصّ به وملك الانتفاع به فكان أحقّ به حَتَّى يفرغ من غرضه.
وحمله مالك عَلَى الندب؛ وعَلَى هذا فهو عامّ فِي كلّ مجلس، وحمله محمد بن مسلمة عَلَى مجلس العلم قال: هو أولى به إذا قام لحاجة، وإن قام تاركاً فليس بأولى، وقد اختلف فيمن اتسم بموضع من المسجد لتدريسٍ أو فتيا أو إقراء؟ فقال مالك: هو أحقّ به إِذَا عُرف به. وقال الجمهور هو أحقّ به استحساناً لا وجوباً، ولعلّه مراد مالك، وكذلك اختلف فيمن قعد من الباعة بموضعٍ من أقبية الطرقات غير المتملّكة، ثُمَّ قام ونيته الرجوع من غد؟ فقيل: هو أحقّ به حَتَّى يتمّ غرضه حكاه الماوردي عن مالك قطعاً للنزاع، وقيل: هو وغيره فِيهِ سواء، فمن سبق كَانَ أولى به، وأما إن لَمْ يقم فهو أحقّ به ما دام فِيهِ ". انتهى.
وهو الذي اختصر المصنف حيث قضى للسابق للأفنية بها، ثُمَّ شبّه به السابق للمسجد، وكَانَ شيخنا الفقيه الحافظ أبو عبد الله القوري يحكي عن " العوفية ": أن من وضع بمحلٍ من المسجد شيئاً [يحجره به حَتَّى يأتي](2) إليه يتخرج عَلَى مسألة: [هل يعرف ملك](3) التحجير إحياء (4).
(1) انظر: صحيح مسلم برقم (2179)، كتاب السلام، باب إذا قام من مجلسه ثم عاد فهو أحق به.
(2)
في (ن 1): (بحجره حتى يعود).
(3)
في (ن 1): (لا يعرف مالك).
(4)
هذه العبارة تحتمل أن تكون: (هل ملك التحجير إحياء) وهي ما عبّر به الحطاب عن كلام المؤلف هنا في مواهب الجليل: 5/ 159، وهي أقرب لكلام المؤلف وأكثر تعلقاً به حيث قال:(يتخرج على مسألة. .) ففرضها مسألة يعني تناول الفقهاء لها بالبحث والاستدلال، فكلمة (يعرف) في العبارة مقحمة على هذا، وتحتمل أن تكون (لا يعرف مالك التحجير إحياء) وهذه عبارة ابن الحاجب في جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: 445، وفي المدونة عن ابن القاسم:(ما سمعت من مالك في التحجير شيئاً) انظر: المدونة، لابن القاسم: 15/ 195.
واصْطَبْلٍ.
قوله: (واصْطَبْلٍ) هو من جملة المعاطيف عَلَى دخان، وكأنه أشار به لقول صاحب المفيد تبعاً (1) لابن فتوح: يُمنع من إحداث اصطبل عند بيت جاره؛ لما فِيهِ من الضرر ببول الدوابّ وزبلها ببيت جاره، وحركتها فِي الليل والنهار المانعة من النوم، فتأمله مع ما يأتي فِي الأصوات.
أَوْ حَانُوتٍ قُبَالَةَ بَابٍ، وبِقَطْعِ مَا أَضَرَّ مِنْ شَجَرَةٍ بِجِدَارٍ، إِنْ تَجَدَّدَتْ، وإِلا فقَوْلانِ، لا مَانِعِ ضَوْءٍ، وشَمْسٍ، ورِيحٍ، إِلا لأَنْدَرٍ.
قوله: (أَوْ حَانُوتٍ قُبَالَةَ بَابٍ) كذا هو فِي كثيرٍ من النسخ معطوفاً بأو لا بالواو، وذلك يقتضي أن قوله:(قبالة باب) يرجع للاصطبل والحانوت (2) عَلَى التعاقب؛ لكن لم أقف عَلَى نصّ فِي إحداث اصطبل فِي مقابلة (3) الباب بل عَلَى نصّ (4) المفيد المذكور فوقه، وفِي بعض النسخ: وحانوت بالواو عطفاً عَلَى دخان، وعَلَى كلّ حال فكلامه هنا [92 / أ] محمول عَلَى السكة غير النافذة لقوله فِي مقابله:(وباب بسكة نافذة) عَلَى أنّ ما هنا مستغنى عنه بمفهوم قوله آخراً: (إِلا باباً إن نكب؛ لأنه فِي غير النافذة) وما ذكر من التفصيل هو الذي فِي آخر كتاب القسم من " المدونة "(5).
وقال ابن رشد فِي سماع زونان من كتاب: " السلطان ": يتحصّل فِي فتح الباب وتحويله فِي الزقاق غير النافذ ثلاثة أقوال:
(1) في (ن 1): (تابعاً).
(2)
في (ن 1)، و (ن 3):(أو الحانوت).
(3)
في (ن 2): (قبالة).
(4)
زاد في (ن 1): (في إحداث اصطبل فِي مقابلة الباب بل عَلَى نص).
(5)
قال في تهذيب المدونة: (وليس لك أن تفتح في سكة غير نافذة، باباً يقابل باب جارك أو يقاربه، ولا تحوّل باباً لك هنالك إذا منعك؛ لأنه يقول: الموضع الذي تريد أن تفتح فيه بابك، لي فيه مرفق أفتح فيه بابي، وأنا في سترة، ولا أدعك أن تفتح قبالة بابي أو قربه، فتتخذ علي فيه المجالس وشبه هذا، فإذا كان هذا ضرراً فلا يجوز أن تحدث على جارك ما يضر به.
وأما في السكة النافذة، فلك أن تفتح ما شئت، وتحوّل بابك حيث شئت منها) انظر: تهذيب المدونة، البراذعي: 4/ 225.
أحدها: أنّه لا يجوز إِلا بإذن أهل الزقاق. قاله ابن زرب، وبه جرى العمل بقرطبة.
والثاني: أنّ ذلك جائز فِيمَا لَمْ يقابل باب جاره ولا قرب منه فقطع مرفقاً قاله ابن القاسم فِي " المدونة " وابن وهب هنا.
والثالث: أنّ له تحويل بابه عَلَى هذه الصفة إِذَا سدّ الباب الأول، وليس له أن يفتح باباً لَمْ يكن قبل بحال قاله أشهب (1). انتهى.
ابن عرفة: ولم يحك المتيطي إِلا منع إحداثه وتحويل القديم بقرب باب جاره بحيث يضرّه ذلك، ثُمَّ قال ولو حوّله عن [بعد من] (2) باب جاره لَمْ يكن عَلَيْهِ لهم قيام؛ لأنه لَمْ يزدهم شيئاً عَلَى ما كَانَ عَلَيْهِ ثُمَّ قال ابن رشد: " ويتحصّل فِي فتح الرجل باباً أو حانوتاً فِي مقابلة جاره فِي السكّة النافذة ثلاثة أقوال:
الأول: أنّ ذلك له جملةً من غير تفصيل، وهو قول ابن القاسم فِي " المدونة " وأشهب فِي " العُتْبِيَّة "(3).
والثاني: ليس له ذلك جملةً " إِلا أن ينكب، وهو قول سحنون.
والثالث: له ذلك إِذَا كانت السكّة واسعة، وهو قول ابن وهب فِي " العتبية "(4)،
(1) انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 9/ 404، 405. وزونان هو: عبد الملك بن الحسن من الطبقة الأولى ممن لم ير مالكا من أهل الأندلس، سمع من ابن القاسم وأشهب وابن وهب وغيرهم، وكان الأغلب عليه الفقه، ولم يكن من أهل الحديث، توفي سنة 232 هـ. انظر: الديباج المذهب، لابن فرحون، ص:157.
(2)
ما بين المعكوفتين زيادة من: (ن 1).
(3)
نص العتبية عن أشهب: (له أن يفتح ما شاء من حوانيت، ويفعل ما أراد إن كانت سكة نافذة). انظر: البيان والتحصيل: 9/ 404.
(4)
نصّ العتبية عن ابن وهب: (عن الرجل تكون داره لاصقة بسكة نافذة أو غير نافذة، فأراد أن يحوّل باب داره من موضعه ذلك إلى موضع من داره هو أرفق به فمنعه جاره الذي يلي داره .... فقال: إن كانت السكة غير نافذة، وكان فتحه الباب قبالة باب صاحبه حتى يكون الداخل والخارج وما يكون بقاعة الدار وخلف الباب بعينه، أو كان الفتح قريباً من بابه وكان مضرًّا به ضرراً بيِّناً يعرف ويستبان منع من ذلك، ولم يكن له فتحه ولا تحويله عن حاله إلى مثل هذا؛ وإن كان طريقاً سالكاً وسكة واسعة حتى يكون هو وغيره من المارَّة في فتح داره وإن فتح والمرور بها والنظر سواء، ولا يكون مضرًّا به في غير ذلك لم يمنع من ذلك وخلي بينه وبينه) انظر: البيان والتحصيل لابن رشد: 9/ 403.
والواسعة سبعة أذرع (1) انتهى، وعَلَيْهِ اقتصر ابن عات.
وفِي " أجوبة " ابن رشد: أنّه سئل: عن رجلين متجاورين بينهما زقاق نافذ، فأحدث أحدهما فِي داره باباً وحانوتين يقابل باب [دار](2) جاره، ولا يخرج أحد من داره ولا يدخل إِلا عَلَى نظرٍ من الذين يجلسون فِي الحانوتين المذكورين لعمل صناعتهم، وذلك ضرر بين يثبته صاحب الدار، وكشفة عياله بينة؟
فجاوب: إِذَا كَانَ الأمر عَلَى ما وصفت فيؤمر أن ينكب [ببابه وحانوتيه](3) عن مقابلة باب جاره، فإن لَمْ يقدر عَلَى ذلك ولا وجد إليه سبيلاً ترك ولم يحكم عَلَيْهِ بغلقها ". انتهى بنصّه وقبله ابن عرفة.
وعُلُوِّ بِنَاءٍ.
قوله: (وعُلُوِّ بِنَاءٍ) مجرور عطفاً عَلَى مانع، أشار به لقوله آخر كتاب القسم من " المدونة ": ومن رفع بنيانه فجاوز به بنيان جاره ليشرف عَلَيْهِ لَمْ يمنع من رفع بنيانه، ومنع من الضرر، ثُمَّ ذكر الرفع المانع (4). واللام فِي قوله:" ليشرف " لام الصيرورة، قال معناه أبو الحسن الصغير.
وصَوْتِ كَكَمْدٍ، وبَابٍ لِسِكَّةٍ نَافِذَةٍ.
قوله: (وصَوْتِ كَكَمْدٍ) مجرور بالعطف عَلَى المنفي فِي قوله: (لا مانع ضوء) قال فِي كتاب: " كراء الدور " من " المدونة ": ومن اكترى داراً فله أن يدخل فِيهَا ما شاء من الدوابّ والأمتعة، وينصب فِيهَا الحدادين والقصارين والأرحاء ما لَمْ يكن ضرراً عَلَى الدار، أو تكون داراً لا ينصب ذلك فِي مثلها؛ لارتفاعها، ويمنع مما يتعارف الناس منعه (5). وقال ابن فتّوح: ويمنع من أحدث اصطبلاً عند بيت جاره لما فِيهِ من الضرر ببول الدوابّ وزبولها لبيت جاره، وحركتها فِي الليل والنهار والمانعة من النوم.
(1) انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 9/ 405.
(2)
ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل، و (ن 4).
(3)
في (ن 3): (بابه أو حانوتيه).
(4)
انظر: المدونة، لابن القاسم: 14/ 529.
(5)
النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 478، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 11/ 517.
وكذلك المطاحن وكير الحداد قال ابن عات: قال ابن عبد الغفور وعَلَى ما فِي " المدونة ": يكون لصاحب الدار أن ينصب فِي داره ما شاء من الصناعات (1) ما لَمْ يضر بحيطان جاره، وأما أن يمنع من وقع [ضرب](2) أو دوّي رحا أو كمد لصوته (3) فلا، وكذلك ما أشبه ذلك، وقال المشاور بمثله كله، وقال: لأن الصوت لا يخرق الأسماع ولا يضر بالأجسام، فإن أضرّ [الضرب](4) بالجدارات منع، وذلك بِخِلاف أن يحدث فِي داره أو حانوته دباغاً، أو يفتح بقرب جاره مرحاضاً ولا يغطيه أو ما تؤذيه رائحته؛ لأن الرائحة المنتنة تحرق الخياشيم، وتصل [إلى](5) المَعِي (6) وتؤذي الإنسان؛ ولذلك قال عليه السلام " من أكل من هذه الشجرة فلا يقرب مسجدنا، يؤذينا بريح الثوم "(7). فكلّ رائحة تؤذي يمنع منها لهذا قال: وبه العمل وفِي " المجالس " وقضى شيوخ الفتيا بطليطلة بمنع الكمادين إِذَا استضرّ بهم الجيران وقلقوا من ذلك؛ لاجتماع وقع ضربهم، والأول أولى إن شاء الله تعالى. انتهى نصّ " الاستغناء "، وفي ضرر الأصوات، طرق استوفاها ابن عرفة فِي إحياء الموات.
والمفهوم من كلام المصنف فِي الرحا وشبهها المنع إن أضرّت بالجدارات لقوله: (ومضر بجدار) لا بالأسماع لقوله: (وصوت ككمد)، وحينئذ يكون قوله:(واصطبل) كالمستغنى عنه؛ لأنه باعتبار رائحته داخل فِي قوله: (ورائحة كدباغ)، وباعتبار مضرة الجدارات داخل فِي قوله:(ومضر بجدار) وباعتبار مجرد الصوت ملغي لقوله: (وصوت ككمد)، وأما باعتبار مقابلة الباب فلم أر من ذكره كما تقدم وهو ضعيف. والله تعالى أعلم.
(1) في (ن 1)، و (ن 3):(الصناعة).
(2)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).
(3)
في ن 2: (لصوت).
(4)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).
(5)
ما بين المعكوفتين ساقط من ن 2.
(6)
في (ن 1): (المعلى).
(7)
أخرجه مسلم في صحيحه برقم (563) كتاب المساجد، باب نهي من أكل ثوما أو بصلا أو كراثا أو نحوهما.
ورَوْشَنٍ وسَابَاطٍ لِمَنْ لَهُ الْجَانِبَانِ، بِسِكَّةٍ نَفَذَتْ، وإِلا، فَكَالملْكِ لِجَمِيعِهِمْ، إِلا بَاباً إِنْ نُكِّبَ.
قوله: (ورَوْشَنٍ (1) وسَابَاطٍ لِمَنْ لَهُ الْجَانِبَانِ، بِسِكَّةٍ نَفَذَتْ، وإِلا، فَكَالملْكِ لِجَمِيعِهِمْ) أصل التفصيل [92 / ب] فِي هذا بين النافذة وغيرها لأبي عمر فِي " كافِيهِ " قال: لا يحدث فِي غير النافذة عسكراً وهو الذي يدعى التابوت والجناح (2) والأسقفة، فإن أذن بعضهم فِي ذلك وأبى بعضهم؛ فإن كَانَ الذين أذنوا آخر الزقاق وممرهم إلى منازلهم عَلَى الموضع المحدث فإذنهم جائز (3). ونقله المتيطي عنه، وعَلَيْهِ اقتصر ابن الحاجب وقبله ابن عبد السلام وابن هارون والمصنف.
وأما ابن عرفة فقال: " لا أعرفه لأقدم من أبي عمر ابن عبد البر، وظاهر سماع أصبغ عن ابن القاسم فِي الأقضية خلافه، ولم يقيده ابن رشد بالطريق النافذة فتأمله ". انتهى. ولم أجدها فِي سماع أصبغ؛ ولكن بعده فِي نوازل سحنون قال فيمن له داران بينهما طريق: له أن يبني عَلَى جداريهما غرفة أو مجلساً فوق الطريق، وإنما يمنع من الإضرار بتضييق الطريق. ابن رشد: هذا إن رفع بناءه رفعاً يجاوز رأس المارّ راكباً (4)، ونحوه فِي " الزاهي " وكذا الأجنحة.
تنبيه:
في قوله: (فَكَالملْكِ لِجَمِيعِهِمْ) ولم يقل ملك، إشارة إلى أنها ليست بملكٍ تامّ لهم، وإِلا كَانَ لهم أن يحجروها عَلَى الناس بغلق، قاله ابن عبد السلام فِي عبارة ابن الحاجب (5) وهي نحو هذه، وزاد ظاهر كلام بعض الشيوخ: أن ليس لهم ذلك، وبه حكم بعض
(1) الرَّوْشَنُ: الرَّفُّ، والرَّوْشَنُ: الكُوَّة.) انظر: لسان العرب، لابن منظور: 13/ 181.
(2)
في (ن 3): (الحنوح).
(3)
انظر: الكافي، لابن عبد البر، ص489.
(4)
انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 9/ 298، 299.
(5)
عبارة ابن الحاجب: (والطريق المنسدة الأسفل كالملك لأصحاب دورها فبالإذن) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص 396.
قضاة بلدنا، وهدّ (1) ذلك عَلَى من فعله، وقبله فِي " التوضيح "(2)، وهو دليل عَلَى إرادته هنا.
وصُعُودِ نَخْلَةٍ.
قوله: (وصُعُودِ نَخْلَةٍ) بالجرّ عطفاً عَلَى لا مانع
وأَنْذَرَ بِطُلُوعِهِ، ونُدِبَ إِعَارَةُ جِدَارِهِ لِغَرْزِ خَشَبَةٍ، وإِرْفَاقٌ بِمَاءٍ، وفَتْحُ بَابٍ ولَهُ أَنْ يَرْجِعَ، وفِيهَا إِنْ دَفَعَ مَا أَنْفَقَ أَوْ قِيمَتَهُ. وَفِي مُوَافَقَتِهِ ومُخَالَفَتِهِ تَرَدُّدٌ.
قوله: (وأَنْذَرَ بِطُلُوعِهِ) فِي " أجوبة " ابن رشد: أنّ عياضا سأله عن صومعةٍ أحدثت فِي مسجد فشكى منها بعض الجيران أن (3) الكشف عَلَيْهِ، هل له فِي ذلك مقال؟، وقد أباح أئمتنا لمن فِي داره شجرة الصعود فِيهَا لجمع ثمرتها مع الإنذار بطلوعه وأوقات الطلوع للأذان معلومة، وفِي مدّة قصيرة، وإنما يتولاها فِي الغالب أهل صلاح ومن لا يقصد مضرةً إن شاء الله تعالى.
فأجاب: " ليست الصومعة فِي المسجد كالشجرة فِي دار الرجل؛ لأن الطلوع لجني الثمرة نادر، والصعود فِي الصومعة للأذان يتكرر مراراً فِي كلّ يوم، والرواية فِي سماع أشهب عن مالك بالمنع من الصعود فِيهَا: والرقي عَلَيْهَا منصوصة عَلَى علمك والمعنى فِيهَا صحيح، فِبهَا أقول: وإن كَانَ يطلع منها عَلَى الدور من بعض نواحيها دون بعض، فيمنع من الوصول منها إلى الجهة التي يطلع منها بحاجز يبنى (4) وبين تلك الجهة وغيرها من الجهات "(5). انتهى.
والرواية عن سحنون فِي سماع أشهب من كتاب الصلاة يمنع الصعود فِيهَا، قال ابن رشد: هناك هذا صحيح عَلَى أصل مذهب مالك فِي أنّ الإطلاع من الضرر البيّن الذي
(1) في (ن 1): (هذا).
(2)
انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 8/ 711، 712.
(3)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1)، و (ن 2).
(4)
في (ن 1): (بيتاً).
(5)
انظر: فتاوى ابن رشد: 2/ 1096.
يجب القضاء بقطعه، وكذلك يجب عنده عَلَى مذهب من يرى من أصحاب مالك أن من أحدث فِي ملكه اطلاعاً عَلَى جاره لا يقضى عَلَيْهِ بسدّه. ويقال لجاره استر عَلَى نفسك فِي ملكك، والفرق بين الموضعين عَلَى مذهبهم أنّ المنار ليس بملك للمؤذن؛ وإنما يصعد فِيهِ ابتغاء الخير والثواب، والاطلاع عَلَى حرم الناس محظور ولا يحلّ الدخول فِي نافلة من الخير بمعصية، وسواءً كانت الدور عَلَى القرب أو البعد إِلا البعد الكثير الذي لا تستبين معه الأشخاص ولا الهيئات ولا الذكور من الإناث، فلا يعتبر الاطلاع معه.
وقد كَانَ بعض الشيوخ يستدلّ عَلَى هذا بقول عائشة - رضي الله تعالى عنها - " إن كَانَ رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلّي (1) الصبح فينصرف النساء متلفعات بمروطهن (2) ما يعرفن من الغلس "(3). والله تعالى المستعان.
(1) في (ن 1): (يصلي).
(2)
في (ن 1): (بطروطهن).
(3)
انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 1/ 411، 412.
والحديث أخرجه البخاري في صحيحه برقم (553) كتاب مواقيت الصلاة، باب وقت الفجر، ومسلم برقم (645) كتاب المساجد، باب استحباب التبكير بالصبح في أول وقتها وهو التغليس وبيان قدر القراءة فيها.