المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ومَا فَاتَ، فَالثَّمَنُ كَمَا لَو دَبَّرَ، أَوْ كَبِرَ صَغِيرٌ. قوله: (ومَا - مختصر خليل - ومعه شفاء الغليل في حل مقفل خليل - جـ ٢

[ابن غازي - خليل بن إسحاق الجندي]

فهرس الكتاب

- ‌[باب البيوع]

- ‌[باب الصرف]

- ‌[باب المطعومات]

- ‌[باب البيوع المنهي عنها]

- ‌[باب بيوع الآجال]

- ‌[فصل]

- ‌[باب الردّ بالعيب]

- ‌[باب المرابحة والمداخلة والثمار، والعرية والجائحة والمنازعة]

- ‌[ما يتناوله البيع]

- ‌[اختلاف المتبايعين]

- ‌[باب السلم والقرض والمقاصّة]

- ‌[فصل]

- ‌[أحكام المقاصة]

- ‌[باب الرهن]

- ‌[باب التفليس]

- ‌[باب الحجر]

- ‌[باب الصلح]

- ‌[باب الحوالة]

- ‌[باب الضمان]

- ‌[باب الشركة]

- ‌[باب المزارعة]

- ‌[باب الوكالة]

- ‌[باب الإقرار]

- ‌[باب الاستلحاق]

- ‌[باب الإيداع]

- ‌[باب العارية]

- ‌[باب الغصب]

- ‌[باب الاستحقاق]

- ‌[باب الشفعة]

- ‌[باب القسمة]

- ‌[باب القِرَاضِ]

- ‌[باب المساقاة]

- ‌[باب الإجارة]

- ‌[فصل كراء الدوابّ والرباع]

- ‌[فصل]

- ‌[باب الجعل]

- ‌[باب إحياء الموات]

- ‌[باب الوقف]

- ‌[باب الهبة]

- ‌[باب اللُقَطة]

- ‌[باب الأقضية]

- ‌[أحكام القضاء]

- ‌[باب الشهادة]

- ‌[باب الدماء]

- ‌[فصل الدية]

- ‌[باب الباغية]

- ‌[باب الردة]

- ‌[باب الزنا]

- ‌[باب القذف]

- ‌[باب السرقة]

- ‌[باب الحرابة]

- ‌[باب الخمر والحد والضمان]

- ‌[باب العتق]

- ‌[باب التدبير]

- ‌[باب الكتابة]

- ‌[باب أم الولد والولاء]

- ‌[أحكام الولاء]

- ‌[باب الوصية]

- ‌[باب الفرائض]

الفصل: ومَا فَاتَ، فَالثَّمَنُ كَمَا لَو دَبَّرَ، أَوْ كَبِرَ صَغِيرٌ. قوله: (ومَا

ومَا فَاتَ، فَالثَّمَنُ كَمَا لَو دَبَّرَ، أَوْ كَبِرَ صَغِيرٌ.

قوله: (ومَا فَاتَ، فَالثَّمَنُ) هذا مقابل قوله: (ولَمْ يفت) أي: وما فات رجع [103 / أ] المستحق بثمنه عَلَى من باعه.

[باب الشفعة]

الشُّفْعَةُ أَخْذُ شَرِيكٍ ولَوْ ذِمِّيَّاً بَاعَ الْمُسْلِمَ لِذِمِّيٍّ كَذِمِّيَّيْنِ تَحَاكَمُوا إِلَيْنَا، أُوْ مُحَبِّساً لِيُحَبِّسَ كَسُلْطَانٍ لا مُحَبَّسٍ عَلَيْهِ، ولَوْ لِيُحَبِّسَ وجَارٍ ولَوْ مَلَكَ تَطَرُّقاً.

قوله: (ولَوْ ذِمِّيَّاً بَاعَ الْمُسْلِمَ لِذِمِّيٍّ) كذا هو فيما رأينا من النسخ، والأليق إدخال واو الحال عَلَى جملة باع أي: ولَو كَانَ الشريك الشفيع ذمياً، والحالة أن شريكه المسلم باع لذمي، وبهذا يظهر لك أنّه إنما خصّ البيع لذمي بالذكر؛ لأنه محل الخلاف الذي أشار إليه بلو، وأما البيع لمسلم فمسلم.

ونَاظِرِ وَقْفٍ، وكِرَاءٍ، وفِي نَاظِرِ الْمِيرَاثِ. قَوْلانِ مِمَّنْ تَجَدَّدَ مِلْكُهُ اللازِمُ اخْتِيَاراً بِمُعَاوَضَةٍ.

قوله: (ونَاظِرِ وَقْفٍ) بهذا قطع فِي التوضيح [أن ليس لناظر وقف المسجد أن يأخذ بالشفعة (1)، وزاد فِي " الشامل "](2): عَلَى الأَصَحّ ولا أدري من أين نقله، [وليس] (3) يدخل ذلك فِي قول ابن رشد فِي رسم كتب من سماع ابن القاسم من كتاب: الشفعة: لَو أراد رجل أجنبي أن يأخذ بالشفعة للحبس كَانَ ذلك له عَلَى قياس ما تقدم فِي المحبس والمحبس عليهم إِذَا أرادوا الأخذ بالشفعة لإلحاقها بالحبس (4)، وقد قبل هذا الإلزام أبو الحسن الصغير وابن عَرَفَة.

ولَوْ مُوصًى بِبَيْعِهِ [64 / ب] لِلْمَسَاكِينِ عَلَى الأَصَحِّ والْمُخْتَارِ.

قوله: (وَلَوْ مُوصًى بِبَيْعِهِ لِلْمَسَاكِينِ عَلَى الأَصَحِّ والْمُخْتَارِ) اللخمي عن سحنون: إِذَا

(1) انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 9/ 317.

(2)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).

(3)

في (ن 1): (وانظر: هل).

(4)

انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 12/ 60.

ص: 873

أوصى ببيع نصيبه ليصرف ثمنه فِي المساكين فلا شفعة للورثة فيه. قَالَ: لأنه كَانَ الميت باعه، والقياس أن يستشفع؛ لأن الميت أخّر البيع لبعد الموت، ولوقت لَمْ يقع البيع فيه إِلا بعد ثبوت الشركة، وذكر الباجي قول سحنون ثم قَالَ: والأَظْهَر عندي فِي هذه المسألة: ثبوت الشفعة؛ لأن الموصى لهم وإِن كانوا غير معينين فهم أشراك بائعون بعد ملك الورثة بقية الدار، وقد بلغني ذلك عن محمد ابن الهندي.

لا مُوصًى لَهُ بِبَيْعِ جُزْءٍ.

قوله: (لا مُوصًى لَهُ بِبَيْعِ جُزْءٍ) أشار بِهِ لقول اللخمي: وإذا أوصى الميت أن يباع نصيب من داره من رجلٍ بعينه، والثلث يحمله لَمْ يكن للورثة فيه شفعة؛ لأن قصد الميت أن يملكه إياه، فالشفعة ردٌّ لوصيته، ثم قَالَ: ولَو أوصى أن يباع من رجلٍ بعينه والشريك أجنبي كانت فيه الشفعة.

عَقَاراً، ولَوْ مُنَاقَلاً بِهِ، إِنِ انْقَسَمَ، وفِيهَا الإِطْلاقُ، وعُمِلَ بِهِ بِمِثْلِ الثَّمَنِ ولَوْ دَيْناً، أَوْ قِيمَتِهِ بِرَهْنِهِ وضَامِنِهِ، وأُجْرَةِ دَلَاّلٍ، وعَقْدِ شِرَاءٍ وفِي الْمَكْسِ تَرَدُّدٌ، أَوْ قِيمَةِ الشِّقْصِ فِي كَخُلْعٍ، وصُلْحِ عَمْدٍ.

قوله: (عَقَاراً) منصوب عَلَى أنّه مفعول بأخذ شريك، وهو بيان لجنس المأخوذ بالشفعة، ومن لفظ الشريك يعلم أنّه أخذ جزء لا كلّ، فلا يحتاج لما فِي بعض النسخ من وصل لفظ جزء الذي قبله بِهِ منصوباً وجره بإضافته إليه.

وجَزَافِ نَقْدٍ، وبِمَا يَخُصُّهُ إِنْ صَاحَبَ غَيْرَهُ، ولَزِمَ الْمُشْتَرِيَ الْبَاقِي، وإِلَى أَجَلِهِ إِنْ أَيْسَرَ أَوْ ضَمِنَهُ مَلِيءٌ، وإِلا عُجِّلَ الثَّمَنُ، إِلا أَنْ يَتَسَاوَيَا عُدْماً عَلَى الْمُخْتَارِ، ولا يَجُوزُ إِحَالَةُ الْبَائِعِ بِهِ، كَأَنْ أَخَذَ مِنْ أَجْنَبِيٍّ مَالاً لِيَأْخُذَ ويَرْبَحَ، ثُمَّ لا أَخْذَ لَهُ، أَوْ بَاعَ قَبْلَ أَخْذِهِ.

قوله: (وَجَزَافِ نَقْدٍ) كذا فِي " الوجيز " و " الجواهر "(1)، وعَلَيْهِ درج ابن الحَاجِب حيث قَالَ: فإن لَمْ يتقوم كالمهر والخلع وصلح العمد ودراهم جزافاً فقيمة الشِقْص يوم

(1) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 3/ 484.

ص: 874

العقد، وقيل فِي المهر صداق المثل، وقيل: يبطل فِي الدراهم (1). ابن عبد السلام: فِي صحة فرض دراهم جزافاً عَلَى المذهب نظر؛ لأن الدنانير والدراهم لا يجوز بيعها جزافاً، وإنما تبع ابن الحَاجِب فيه من تبع الشافعية.

ابن عَرَفَة: ظاهر قوله: فِي صحة فرضها عَلَى المذهب نظر. أن كلّ المذهب عَلَى المنع، وقد قَالَ ابن حارث وغيره: أجاز ابن عبد الحكم فِي الدراهم السكيّة الجزاف، وتقدم ما فيها من الخلاف. انتهى.

ولَمْ يتتبع بقية كلام ابن عبد السلام؛ لأنه أورد بعد هذا أن يقال: يحمل كلامه عَلَى ما إِذَا كَانَ التعامل بالوزن حيث يجوز الجزاف عَلَى قول، وانفصل بأن ذلك لا يصحّ؛ لأنه لَو كَانَ كذلك لرجع لقيمة الجزاف كما لَو وقع بصبرة طعام فقال فِي " التوضيح ": " يمكن أن يقال: لا يلزم ما ذكره؛ لأن الطعام إِذَا قوّم بالعين يقوّم بما هو الأصل فِي التقويم بِخِلاف الدراهم؛ لأنك إما أن تقومها بعرضٍ أو عين موافق أو مخالف، ففي العرض يلزم منه مخالفة الأصل؛ إذ الأصل [عدم](2) تقويم العين بالعرض، وفِي [العين](3) الموافق أو المخالف يلزم البدل أو الصرف المستأخر.

ولهذا قيل فِي العين: إِن الشفعة تبطل، وهذا وإن كَانَ ممكناً من جهة القيمة، إِلا أن اللخمي نقل خلافه فقال: وإِن كَانَ الثمن جزافاً فقال محمد: إِن اشترى بحليٍ جزافاً فإن الشفيع يشفع بقيمته فإن كَانَ ذهباً قوّم بالفضة أو فضة قوم بالذهب، يريد: والقيمة فِي ذلك يوم الشراء لا يوم الأخذ بالشفعة، وكذلك كل ما اشترى بِهِ جزافاً فالقيمة يوم الشراء " (4) انتهى نصّ " التوضيح " بلفظه. وليس ببين، وما نقله من نصّ اللخمي يحيل إمكانه. والله سبحانه أعلم.

(1) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:419.

(2)

ما بين المعكوفتين زيادة من: الأصل، و (ن 1)، و (ن 2).

(3)

ما بين المعكوفتين زيادة من: الأصل، (ن 2)، و (ن 3).

(4)

انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 9/ 337.

ص: 875

بِخِلافِ أَخْذِ مَالٍ بَعْدَهُ لِيُسْقِطَ كَشَجَرٍ وبِنَاءٍ بِأَرْضِ حُبُسٍ، أَوْ مُعِيرٍ.

قوله: (بِخِلافِ أَخْذِ مَالٍ بَعْدَهُ لِيُسْقِطَ) أي بعد عقد البيع.

وقُدِّمَ الْمُعِيرُ بِنَقْضِهِ، أَوْ ثَمَنِهِ، إِنْ مَضَى مَا يُعَارُ لَهُ، وإِلا فَقَائِماً، وكَثَمَرَةٍ، ومَقَاثِ، وبَاذِنْجَانٍ، ولَوْ مُفْرَدَةً، إِلا أَنْ تَيْبَسَ.

قوله: (وقُدِّمَ الْمُعِيرُ بِنَقْضِهِ، أَوْ ثَمَنِهِ، إِنْ مَضَى مَا يُعَارُ لَهُ، وإِلا فَقَائِماً)[103 / ب] قَالَ فِي " المدونة ": وإِذَا بنى رجلان فِي عرصة رجل بإذنه ثم باع أَحَدهمَا حصته من النقض فلرب الأرض أخذ ذلك النقض بالأقل من قيمته أو من الثمن الذي باعه بِهِ، فإن أبى فلشريكه الشفعة فيه بالضرر، والضرر أصل الشفعة (1).

عياض: لَمْ يختلف أن رب العرصة مقدم فِي الأخذ عَلَى الشفيع ليس للشفعة لكن لرفع الضرر، ولما جلب فِي " التوضيح " نص " المدونة " هذا نقل قول أبي الحسن الصغير: ظاهرها أنّه يكون عَلَى المعير قيمة النقض مقلوعاً، سواءً مضى زمن تعار تلك الأرض إِلَى مثله أم لا؛ لكن قيّدها أبو عمران بما إِذَا مضى زمن تعار فيه، وإِلا فله قيمة بنائه قائماً وقال: هكذا وقع لسحنون.

أبو الحسن الصغير: وهو مشكل؛ لأنه وإن لَمْ يمض أمد تعار إِلَى مثله فقد أسقط حقه فِي بقية المدة لما أراد الخروج فكان مثل ما إِذَا مضى أمد تعار إِلَى مثله ". انتهى نقل " التوضيح " (2)، وإليه أشار هنا، وما ذكره عن أبي الحسن الصغير قاله عند قوله فِي " المدونة " قبل النص المتقدم: ومن بنى فِي عرصة رجل بأمره، ثم أراد الخروج منها فلربّ العرصة أن يعطيه قيمة النقض أو يأمره بقلعه، فرأى المصنف أن لا فرق، وكأنه يقول هنا وقدم المعير بقيمة نقضه مقلوعاً أو ثمنه إِن مضى ما يعار له، وإِن لَمْ يمض ما يعار له فقيمته قائماً أو ثمنه. والله سبحانه أعلم.

(1) النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 128، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 14/ 403.

(2)

انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 9/ 298، 299.

ص: 876

وحُطَّ حِصَّتُهُا إِنْ أَزْهَتْ، أَوْ أُبِّرَتْ.

قوله: (وحُطَّ حِصَّتُهُا إِنْ أَزْهَتْ، أَوْ أُبِّرَتْ) أي: إِن كانت يوم البيع مزهية أو مأبورة وأخذ بالشفعة بعد يبسها فإنه لا شفعة له فِي الثمار، ويأخذ الأصل بالشفعة بحصته، ويحطّ عنه ما ينوب الثمرة؛ لأن لها حصة من الثمن، وأما إِن كانت غير مأبورة فلا يحط عنه من الثمن شيء، إذ لا حظَّ لها من الثمن.

وفِيهَا أَخْذُهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ أَوْ تُجَذَّ. وهَلْ هُوَ اخْتِلافٌ؟ تَأْوِيلانِ. وإِنِ اشْتَرَى أَصْلَهَا فَقَطْ أُخِذَتْ، وإِنْ أُبِّرَتْ ورَجَعَ بِالْمَؤُنَةِ.

قوله: (وفِيهَا أَخْذُهَا مَا لَمْ تَيْبَسْ أَوْ تُجَذَّ. وهَلْ هُوَ اخْتِلافٌ؟ تَأْوِيلانِ) الأَظْهَر أن يكون معناه فِي موضع من " المدونة " أخذها ما لَمْ تيبس، وفي موضع آخر منها ما لَمْ تجذ، وكذا هو في الأمهات (1). فقال عياض: قَالَ بعضهم فرق بينهما إِذَا اشتراها مَعَ الأصل فقال يأخذها ما لَمْ تجد، وإِذَا اشتراها بغير أصل قَالَ: الشفعة فيها ما لَمْ تيبس، وعَلَى هذا تأول مذهبه فِي الكتاب، وقَالَ آخرون هو اختلاف من قوله فِي الوجهين فمرة يقول: فِي الوجهين حتى تيبس: ومرة يقول: حتى تجد، وظاهر اختصار ابن أبي زمنين وابن أبي زيد وغيرهما التسوية بين هذه الوجوه، وأن الشفعة فيها ما لَمْ تيبس. لكن ابن أبي زمنين قَالَ: وفِي بعض الروايات فإن كَانَ بعد يبس الثمرة وجدادها، فنبه عَلَى الخلاف فِي الرواية بما ذكره لا غير. انتهى.

وأما أبو سعيد فإنه قَالَ فِي الموضع الأول ما لَمْ تيبس قبل قيام الشفيع، وقَالَ فِي الثاني: فإن قام بعد يبس الثمرة أو جدادها لَمْ يكن له فِي الثمرة شفعة (2). قَالَ أبو الحسن الصغير: هذه الرواية التي ذكرها عياض عن ابن أبي زمنين.

(1) نص تهذيب المدونة الذي وقفت عليه: (ومن ابتاع نخلاً لا تمر فيها، أو فيها تمر لم يؤبر، ثم استحق رجل نصفها واستشفع، فإن قام المستحق يوم البيع أخذ النصف بملكه والنصف بشفعته، بنصف الثمن، ورجع المبتاع على بائعه بنصف الثمن، وإن لم يقم حتى عمل فيها المبتاع، فأبرت وفيها الآن بلح أو فهيا ثمرة قد أزهت، ولم تيبس فكما ذكرنا ويأخذ الأصل بثمره)، وقال في موضع آخر:(ويكون له أخذ الثمرة بالشفعة مع الأصل ما لم تجذ أو تيبس) انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 152، و4/ 153. انظر: المدونة: 14/ 427.

(2)

انظر تهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 151، 152.

ص: 877

فإن قلت: فيما حملت عَلَيْهِ كلام المصنف تكرار مَعَ قوله أولاً: (إِلا أن تيبس)، ولعل المصنف إنما حاذى اختصار أبي سعيد فأشار لما فِي الموضع الأول بقوله:(إِلا أن تيبس) الأول ولما فِي الموضع الثاني بقوله: (وفيها أخذها ما لَمْ تيبس أو تجذ).

قلت: النسج عَلَى منوال الأمهات أصوب وأجرى مَعَ قوله: (وهل هو اختلاف؟ تَأْوِيلانِ)

وكَبِئْرٍ لَمْ تُقْسَمْ أَرْضُهَا، وإِلا فَلا، وأُوِّلَتْ أَيْضاً بِالْمُتَّحِدَةِ، لا عَرْضٍ، أَوْ كِتَابَةٍ ودَيْنٍ، وعُلْوٍ عَلَى سُفْلٍ وعَكْسِهِ.

قوله: (وكَبِئْرٍ لَمْ تُقْسَمْ أَرْضُهَا، وإِلا فَلا، وأُوِّلَتْ أَيْضاً بِالْمُتَّحِدَةِ) اختصر هنا بعض كلام ابن رشد إذ قَالَ فِي سماع يحيي: لا خلاف أعلمه فِي المذهب فِي إيجاب الشفعة فِي الماء إِذَا بيع مَعَ الأرض أو دونها ولم تقسم الأرض، واختلف فِي إيجاب الشفعة فيه إِذَا قسمت الأرض فقال فِي " المدونة ": لا شفعة فيه قَالَ فِي هذه الرواية: إِن فيه الشفعة فذهب سحنون وابن لبابة إِلَى أنّ ذلك ليس باختلاف من القول إِلا أنهما اختلفا فِي تأويل الجمع بينهما فقال سحنون: معنى مسألة " المدونة " أنها بئر واحدة فلا شفعة فيها إذ لا تنقسم، ومعنى رواية يحيي هذه أنها آبار كثيرة؛ لأنها (1) تنقسم لأن الشفعة تكون فيما ينقسم دون ما لا ينقسم. [104 / أ] وقَالَ ابن لبابة معنى مسألة " المدونة ": أنها بئر لا فناء لها ولا أرض، ومعنى رواية يحيي أن لها فناء وأرضا مشتركة يكون فيها القلد وذهب الباجي إِلَى أنّه اختلاف من القول (2) جار عَلَى الخلاف فِي الشفعة فيما لا ينقسم كالنخلة أو الشجرة [بين النفر، إذ لا تنقسم العين والبئر كما لا تنقسم النخلة والشجرة](3).

وكَانَ من أدركت من الشيوخ يقول: أنّه اختلاف من القول جارٍ عَلَى اختلاف قول مالك فيما هو متعلق بالأرض ومتشبث بها كالنقض والنخل دون الأرض، وكالكراء أو ما أشبه ذلك وهو أبين وأولى (4).

(1) في (ن 1): (لأنها لا).

(2)

في (ن 3): (القول لا).

(3)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).

(4)

انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 12/ 89.

ص: 878

فإن حملنا المتحدة فِي كلام المصنف عَلَى غير المتعددة وغير ذات الفناء ولَو بنوع تجوّز كَانَ تلويحاً بقولي من جعله وفاقاً، كما أن مفهوم (أَيْضاً) تلويح بقولي من جعله خلافاً، وفِي الإشارة ما يغني عن الكلم.

وزَرْعٍ، ولَوْ بِأَرْضِهِ، وبَقْلٍ.

قوله: (وزَرْعٍ، ولَوْ بِأَرْضِهِ) قَالَ فِي " المدونة ": ولم يكن له فِي الزرع شفعة؛ لأنه غير ولادة والثمرة ولادة (1).

وعَرْصَةٍ، ومَمَرٍّ قُسِمَ مَتْبُوعُهُ.

قوله: (وعَرْصَةٍ، ومَمَرٍّ قُسِمَ مَتْبُوعُهُ) ينبغي أن يرجع ضمير متبوعه لهما؛ ولكنه أفرده عَلَى ملاحظة ما ذكر.

وحَيَوَانٍ إِلا فِي كَحَائِطٍ وإِرْثٍ، وهبةٍ بِلا ثَوَابٍ، وإِلا فبه (2) بَعْدَهُ، وخِيَارٍ إِلا بَعْدَ مُضِيِّهِ، ووَجَبَتْ لِمُشْتَرِيهِ، إِنْ بَاعَ نِصْفَيْنِ خِيَاراً ثُمَّ بَتْلا (3) فَأَمْضَى، وبَيْعِ فَاسِدٍ، إِلا أَنْ يَفُوتَ، فَبِالْقِيمَةِ، إِلا بِبَيْعٍ صَحَّ، فَبِالثَّمَنِ فِيهِ.

قوله: (وحَيَوَانٍ إِلا فِي كَحَائِطٍ) فِي " المقدمات ": " وأما رقيق الحائط والرحا - أي حجر الرحا - فإنما الاختلاف فِي وجوب الشفعة فيهما إِذَا بيعا مَعَ الأصل، فإذا انفرد البيع فيهما عن الأصل لَمْ يكن فيهما شفعة باتفاق (4) " انتهى. وله مثله فِي سماع عيسى (5). ابن عَرَفَة: هذا خلاف قول اللخمي: اختلف فِي رحا الماء ورحا الدوابّ إِذَا بيعت بانفرادها أو مَعَ الأرض، ويختلف عَلَى هذا فِي رقيق الحائط ودوابّه إِذَا بيعت مَعَ الأصل أو بانفرادها.

ابن عَرَفَة: والرحا أشبه بالأرض من الحيوان الباجي عن " الموازية ": لَو اقتسما الحائط، ثم

(1) النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 154، ونصّ التهذيب:(ولم يكن للشفيع في الزرع شفعة؛ لأنه غير ولادة، وليس له منه شيء، والثمرة ولادة وللشفيع نصفها) وانظر: المدونة، لابن القاسم: 14/ 430.

(2)

في أصل المختصر: (ففيه).

(3)

في أصل المختصر: (بتا) والمعنى لازماً منبرماً.

(4)

انظر: المقدمات الممهدات، لابن رشد: 2/ 236.

(5)

في (ن 4) في لوحة (224): (يحيى) وأشار في الهامش إلى أن (عيسى) خطأ،، والذي وقفت عليه أن المثبت صواب وهو المنقول عن ابن رشد في البيان والتحصيل في رسم العتق من سماع عيسى: 12/ 77.

ص: 879

باع أَحَدهمَا حظّه من الرقيق والآلة فلا شفعة فيه للآخر. أبو محمد عن " الموازية ": " لو (1) بيع شيء من ذلك عَلَى حدته ففيه الشفعة ما دام الأصل لَمْ ينقسم ". انتهى. وأما الشفعة فِي نفس دابّة بيت الرحا والمعصرة فلم أر من ذكرها، فانظر ما فائدة الكاف فِي قول المصنف:(كحائط).

وتَنَازُعٍ فِي سَبْقِ مِلْكٍ، إِلا أَنْ يَنْكُلَ أَحَدُهُمَا، وسَقَطَتْ إِنْ قَاسَمَ.

قوله: (وَتَنَازُعٍ فِي سَبْقِ مِلْكٍ، إِلا أَنْ يَنْكُلَ أَحَدُهُمَا) تصورها ظاهر، ونصّ عَلَيْهَا ابن شاس، وتبعه ابن الحَاجِب (2). قَالَ ابن عَرَفَة: لا أعرفها بنصها لأحد من أهل المذهب، وإنما هو نصّ " وجيز " الغزالي، فأضافها ابن شاس للمذهب، وأصول المذهب لا تنافيها، وهي كاختلاف المتبايعين فِي كثرة الثمن وقلته.

أَوِ اشْتَرَى، أَوْ سَاوَمَ، أَوْ سَاقَى.

قوله: (أَوِ اشْتَرَى) هذا المذهب، وذكر ابن شاس وابن الحَاجِب: أن أشهب يخالف فيه (3)، وقَالَ ابن عبد السلام: لا يتصور فيه اختلاف؛ لأنه إِذَا اشترى منه فإن شفع بالصفقة الأولى فذلك يستلزم فسخ الثانية مَعَ إبطال الصفقة الأولى، ودليل الرضا بها موجود وإِن شفع بالصفقة الثانية فقد أبطلها أَيْضاً، ولا فائدة فِي الانتقال من الشراء الثاني إِلَى الشفعة بثمنه، وكذلك أنكر هذا الخلاف ابن عَرَفَة وقَالَ: العجب من شيخنا السّطي فِي عدم تعقبه ذلك عَلَى ابن شاس فِي مسائله التي تعقبها عَلَيْهِ.

أَوِ اسْتَأْجَرَ، أَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ أَوْ سَكَتَ بِهَدْمٍ أَوْ بِنَاءٍ.

قوله: (أَوِ اسْتَأْجَرَ) زاد فِي " التوضيح " ويؤخذ من إسقاطه فِي " المدونة " الشفعة

(1) في (ن 1): (لو اقتسما لو).

(2)

قال ابن شاس: (وإذا تساوى الشريكان إلى مجلس الحاكم، وزعم كل واحد أن شراء الآخر متأخر وله هو الشفعة عليه، فالقول قول كل واحد في عصمة ملكه عن الشفعة). فإن تحالفا تناكلا تساقط القولان) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 3/ 881، وقال ابن الحاجب:(وإذا تنازعا في سبق الملك تحالفا وتساقطا ومن نكل فعليه الشفعة) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:418.

(3)

انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 3/ 887، قال ابن الحاجب:(وكذلك شراؤها ومساومتها ومساقاتها واستئجارها خلافا لأشهب) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:417.

ص: 880

بالكراء أن الشفيع إِذَا قاسم المبتاع الأرض للحرث أنّه تسقط شفعته؛ لأن كل واحد أكرى نصيبه من صاحبه، وقاله ابن عبد الغفور، ولو قاسمه الغلة فقال ابن القاسم: لا تسقط، وقَالَ أشهب: تسقط كما لَو قاسمه بالخرص فيما يخرص للحاجة، وأما إِن جذت الثمرة فاقتسماها بالكيل فلا يقطع ذلك الشفعة (1).

أَوْ شَهْرَيْنِ، إِنْ حَضَرَ الْعَقْدَ، وإِلا سَنَةً كَأَنْ عَلِمَ فَغَابَ، إِلا أَنْ يَظُنَّ الأَوْبَةَ قَبْلَهَا، فَعِيقَ، وحَلَفَ إِنْ بَعُدَ وصُدِّقَ إِنْ أَنْكَرَ عِلْمَهُ لا إِنْ غَابَ أَوَّلاً، أَوْ أَسْقَطَ لِكَذِبَ فِي الثَّمَنِ، وحَلَفَ.

قوله: (أَوْ شَهْرَيْنِ، إِنْ حَضَرَ الْعَقْدَ) يريد أن من سكت شهرين ثم قام بعدهما يطلب الشفعة فإن شفعته تسقط إِن كَانَ حضر عقد الشراء وكتب شهادته فيه، وهذه طريقة ابن رشد، فإنه قَالَ فِي رسم البزّ من سماع ابن القاسم: تحصيل هذه المسألة أنّه إِن لَمْ يكتب شهادته، وقام بالقرب مثل الشهر والشهرين كانت له الشفعة دون يمين، وإن لَمْ يقم إِلا بعد السبعة أو التسعة أو السنة عَلَى ما فِي " المدونة " كانت له الشفعة بعد يمينه أنّه لَمْ يترك القيام راضياً بإسقاطه حقه، وإِن طال [104 / ب] الأمر أكثر من السنة لَمْ تكن له شفعة.

وأما إِن كتب شهادته وقام بالقرب العشرة الأيام ونحوها كانت له الشفعة بعد يمينه، وإِن لَمْ يقم إِلا بعد الشهرين لَمْ تكن له شفعة (2).

تنبيهان:

الأول: قد علمت من كلام ابن رشد هذا أن الوصف المعتبر فِي إسقاط شفعة الساكت شهرين هو كتب شهادته فِي رسم الشراء الذي هو أخص من حضور العقد، فلو قَالَ المصنف: إِن كتب شهادته فيه لكان أولى.

الثاني: قبل ابن عبد السلام تحصيل ابن رشد، وقال أبو الحسن الصغير وابن عَرَفَة: قول ابن رشد: إِن كتب شهادته ولم يقم إِلا بعد شهرين فلا شفعة له خلاف ظاهر " المدونة "؛ لأنه

(1) انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 9/ 306.

(2)

انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 12/ 58.

ص: 881

لَمْ يجعل فيها لكتب الشهادة فِي عقد الشراء تأثيراً إذ قَالَ فيها: والشفيع عَلَى شفعته حتى يترك أو يأتي من طول الزمان ما (1) يعلم أنّه تارك لشفعته، وإِذَا علم بالاشتراء فلم يطلب شفعته سنة فلا يقطع ذلك شفعته وإِن كَانَ قد كتب شهادته فِي الاشتراء، ومثله فِي

" التوضيح "(2)؛ مَعَ أنّه قطع هنا بقول ابن رشد. وللمتيطي فِي المسألة كلام ينبغي أن يوقف عَلَيْهِ.

أَوْ فِي الْمُشْتَرَى، أَوْ فِي الْمُشْتَرِي، أَوِ انْفِرَادِهِ، [عليه](3).

قوله: (أَوْ فِي الْمُشْتَرَى [أَوْ فِي الْمُشْتَرِي] (4)) يغلب عَلَى الظن أن المصنف هكذا قاله بلفظين الأول اسم مفعول والثاني اسم فاعل لعود الضمير من قوله بعده: (أو انفراده (5) عَلَيْهِ)، ولعل الناسخ من المبيضة ظن التكرار فأسقط أحد اللفظين.

أَوْ أَسْقَطَ وَصِيٌّ أَوْ أَبٌ بِلا نَظَرٍ.

قوله: (أَوْ أَسْقَطَ وَصِيٌّ أَوْ أَبٌ بِلا نَظَرٍ) قَالَ فِي " المدونة ": ولو سلم من ذكرنا من أب أو وصي أو سلطان شفعة الصبي لزمه ذلك، ولا قيام له إِن كبر (6). قَالَ فِي:" الوثائق المجموعة " وغيرها: إِلا أن يكون الأخذ نظراً وسداداً فيكون له الأخذ، قَالَ أبو الحسن الصغير: وظاهر الكتاب سواءً كَانَ الآخذ نظراً أم لا، وبِهِ قَالَ أبو عمران فِي الأب والوصي دون السلطان، وسبب الخلاف: هل الشفعة استحقاق أو بمنزلة الشراء.

(1) في (ن 2) ما لم.

(2)

انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 9/ 309، ونصه:(وانظر هذا مع قوله في المدونة: وإذا علم بالاشتراء فلم يطلب شفعته سنة فلا يقطع ذلك شفعته، وإن كان قد كتب شهادته في الاشتراء، فلم يطلب شفعته سنة شفعته سنة فلا يقطع ذالك شفعته ، وإن كان قد كتب شهادته في الاشتراء، فإن ظاهره أنه لا فرق في ذلك بين أن يكتب شهادته أم لا، خلاف ما حصله ابن رشد).

(3)

ما بين المعكوفتين ساقط من أصل المختصر، والمطبوعة.

(4)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1)، و (ن 3).

(5)

في (ن 1): (بانفراده).

(6)

النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 129، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 14/ 403.

ص: 882

وشَفَعَ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِيَتِيمٍ آخَرَ.

قوله: (وشَفَعَ لِنَفْسِهِ، أَوْ لِيَتِيمٍ آخَرَ) هكذا هو مصدَّر بالواو لا بأو، وأشار بِهِ لما فِي " النوادر " عن " الموازية "، وهو لعبد الملك فِي " المجموعة " أن الوصي إِذَا باع شِقْصا لأحد الأيتام فله الأخذ بالشفعة لبقائهم، لا يدخل فيه من بيع عَلَيْهِ، ولا حجة عَلَى الوصي بأنه بائع؛ لأنه باع عَلَى غيره. محمد: ولَو كَانَ له معهم شِقْص لدخل فِي تلك الشفعة أحب إلي، وينظر فإن كَانَ خيراً لليتيم أمضى وإِلا ردّ لتهمته أن يغتزي بالبيع رخصا لأخذه بالشفعة. قَالَ فِي " التوضيح ": وكذلك إِذَا باع نصيب نفسه وأراد أخذه ليتيمه فلابد من نظر القاضي (1).

قال ابن عبد السلام: ولابد من مراعاة موجب بيع عقار اليتيم وأن يكون الشِقْص المبيع لليتيم لا يقلّ ثمنه إِذَا بيع مفرداً عمّا لَو بيع الجميع، وأما لَو كَانَ وهو الغالب عَلَى الرباع إِذَا بيع الجميع كَانَ أوفر لنصيب اليتيم لبيع الجميع.

أَوْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ وحَلَفَ وأَقَرَّ (2) بَائِعُهُ، وهِيَ عَلَى الأَنْصِبَاءِ، وتُرِكَ لِلشَّرِيكِ حِصَّتُهُ، وطُولِبَ بِالأَخْذِ بَعْدَ اشْتِرَائِهِ لا قَبْلَهُ، ولَمْ يَلْزَمْهُ إِسْقَاطُهُ، ولَهُ نَقْضُ وَقْفٍ كَهِبَةٍ، وصَدَقَةٍ والثَّمَنُ لِمُعْطَاهُ، إِنْ عَلِمَ شَفِيعُهُ، لا إِنْ وَهَبَ دَاراً فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهَا.

قوله: (أَوْ أَنْكَرَ الْمُشْتَرِي الشِّرَاءَ وحَلَفَ وأَقَرَّ بَائِعُهُ) هذا من المسقطات فلعلّ الناقل من المبيضة وضعه فِي غير محله.

ومُلِكَ بِحُكْمٍ أَوْ دَفْعِ ثَمَنٍ، أَوْ إِشْهَادٍ.

قوله: (ومُلِكَ بِحُكْمٍ أَوْ دَفْعِ ثَمَنٍ، أَوْ إِشْهَادٍ) أصل هذا قول ابن شاس ما نصّه: " الباب الثالث فِي كيفية الأخذ والنظر فِي أطراف الأول فيما يملك بِهِ ويملك بتسليم الثمن وإِن لَمْ يرض المشتري ويقضي القاضي له بالشفعة عند الطلب وبمجرد الإشهاد عَلَى الأخذ

(1) انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 9/ 217.

(2)

في أصل المختصر والمطبوعة: (أقر به).

ص: 883

وبقوله: " أخذت وتملكت ثم يلزمه إِن كَانَ علم بمقدار الثمن، وإِن لَمْ يكن علم لَمْ يلزمه "(1) فقال ابن الحَاجِب فِي " اختصاره ": ويملك بتسليم الثمن أو بالإشهاد أو بالقضاء (2)، فقال ابن عبد السلام: يعني أن الشفعة يملكها الشفيع بأحد هذه الوجوه الثلاثة، ومراده بالإشهاد أنّه بمحضر المشتري وإِلا فلا معنى له.

ويصلح أن يفسر هذا الموضع بما نقل ابن يونس عن ابن المواز: أنّه إِذَا أخره السلطان بالثمن اليومين والثلاثة فلم يأت بِهِ إِلَى ذلك الأجل فالمشتري أحقّ بها، وقَالَ عن أشهب وهو لابن القاسم فِي " العتبية ": أنّه إِذَا طلب التأخير بعد الأخذ فأخّر ثم بدا له وأبى المشتري [105 / أ] أن يقيله فالأخذ قد لزم الشفيع، فإن لَمْ يكن له مال بيع حظه الذي استشفع فيه وحظه الأول حتى يتم للمشتري جميع حقّه ولا إقالة له إِلا برضى المشتري.

وقَالَ ابن رشد: يعني فِي سماع يحيي: " إِذَا وقّف الإمام الشفيع فلا يخلو من ثلاثة أوجه:

أحدها: أن يقول الشفيع قد أخذت، ويقول المشتري: وأنا قد سلّمت، فيؤجله الإمام فِي دفع المال للشفيع (3) فلا يأتي بِهِ، فليس لأَحَدهمَا أن يرجع عما التزمه ويحكم عَلَى الشفيع بما قدمناه عن " العتبية " قَالَ:

والوجه الثاني: أن يوقفه الإمام فيقول قد أخذت ويسكت المشتري ويؤجله فِي الثمن فلا يأتي بِهِ فهذا إِن طلب المشتري أن يباع له فِي الثمن ملك الشفيع فذلك له، وإِن أحبّ أن يأخذ شقصه كَانَ له ذلك، ولا خيار للشفيع عَلَى المشتري، وهذا الوجه فِي " المدونة ".

والثالث: أن يقول الشفيع: أنا آخذ ولا يقول قد أخذت، فيؤجله الإمام فِي الثمن، فاختلف فيه إِذَا لَمْ يأت بالثمن، فقيل: يرجع الشِقْص إِلَى المشتري إِلا أن يتفقا عَلَى إمضائه للشفيع وابتاعه بالثمن، وقيل: إِن أراد المشتري أن يلزم الشفيع الأخذ كَانَ ذلك له، ويباع

(1) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 1/ 881.

(2)

انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:417.

(3)

في (ن 2)، (ن 3)، (ن 4):(للمشتري).

ص: 884

ماله فِي الثمن، وإِن أراد الشفيع أن يردّ الشِقْص لَمْ يكن له ذلك، [وهو قول](1) ابن القاسم وأشهب، والأول أبين (2). " انتهى ما أشار ابن عبد السلام إِلَى أنّه يصلح أن يفسر بِهِ هذا المحل.

وقَالَ ابن عَرَفَة: لا أعلم هذا المعنى الذي قَالَ ابن شاس لأحدٍ من أهل المذهب، وتبع فيه " وجيز " الغزالي عَلَى عادته فِي إضافة كلام الغزالي للمذهب لظنه موافقته إياه، وهذا دون بيان لا ينبغي، وظاهر كلامهم أن المملوك بأحد هذه الوجوه هو نفس الأخذ بالشفعة لا نفس الشِقْص المشفوع فيه، وروايات المذهب واضحة بِخِلافه وأن ملك الآخذ نفسه، إنما هو بثبوت ملك الشفيع لشقص شائع من ربع واشتراء غيره شِقْصا آخر فهذا هو الموجب لاستحقاقه الأخذ؛ ولذا يكلفه القاضي إِذَا طلب منه الحكم له بالأخذ إثبات ذلك.

قال ابن فتّوح والمتيطي وغيرهما، واللفظ لابن فتّوح: " وإِذَا طلب الشفيع المبتاع بالشفعة عند السلطان لَمْ يقض له بها حتى يثبت عنده البيع والشركة أو يحضر البائع ويثبت [عينه عنده](3)، ويقرّ للشفيع بالبيع وبالشركة، ويقرّ المبتاع بالابتياع عَلَى الإشاعة، ويثبت أَيْضاً عينه عنده فيقضي عَلَيْهِ بالشفعة دون ثبوت الشركة والإشاعة، ولابد من ثبوت البيع أو إقرار البائع بِهِ فينظر السلطان حينئذٍ بينهما فِي الشفعة، ولا يحكم بإقرار المشتري والشفيع حتى يثبت عنده البيع، ومما يتم بِهِ تسجيل الحكم، ويوجب إنزال الشفيع أن يثبت عنده البيع عَلَى الإشاعة والشركة وملك البائع لما باعه من المبتاع ويثبت عنده الأعيان المذكورين.

قال ابن عَرَفَة: وأما ملك الشفيع الشِقْص المشفوع فيه فلا أعلم فيه نصاً جلياً إِلا ما تقدم من نصّ " المدونة "، كأنه يشير إِلَى قوله فيها: وإِذَا قَالَ الشفيع بعد الشراء: اشهدوا أنّي قد أخذت بشفعتي ثم رجع، فإن علم الثمن قبل الأخذ لزمه، وإِن لَمْ يعلم بِهِ فله أن يرجع (4).

(1) في (ن 3): (وهذا).

(2)

انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 12/ 85.

(3)

في (ن 3): (عقده).

(4)

انظر تهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 135.

ص: 885

قال: ونزلت عندنا هذه المسألة عام خمسين وسبعمائة فِي شفيع أخذ بشفعته فِي دارٍ يملك باقيها بشهادة عدلين دون أن يقف المشتري ويشهد عَلَيْهِ بذلك، ثم إِن الشفيع باع جميع الدار فقام المشتري فخاصم فِي الدار المذكورة لبيعها دون إشهاد الشفيع عَلَيْهِ بالأخذ، ولم يأت بشيءٍ لَو أتى بِهِ قبل البيع قدح فِي الشفعة عَلَيْهِ، فوقف القاضي فِي إمضاء البيع وفسخه، وشاور فِي ذلك شيخنا أبا عبد الله السطي فلم يذكر فِي ذلك شيئاً غير كلام ابن الحَاجِب، وما أشار إليه ابن [105 / ب] عبد السلام من كلام ابن رشد.

وكنت أنا وبعض فقهاء الوقت وهو الفقيه أبو عبد الله بن خليل السكوني شهيدي النازلة، فعاتبنا القاضي فِي الشهادة فِي البيع، وكانت شهادتي فيها [عاطفاً](1) عَلَيْهِ؛ لاعتقادي فقهه وكونه من خواصّ القاضي المذكور، فاحتججت عَلَى القاضي بنصي المدونة الأول قوله فِي كتاب الخيار:" إِذَا اختار من له الخيار من المتبايعين وصاحبه غائب، وأشهد عَلَى ذلك جَازَ عَلَى الغائب. والشفيع بمنزلة من له الخيار من المتبايعين، فهذا يدلّ عَلَى صحة أخذه فِي غيبة المشتري " الثاني: قوله فِي كتاب الشفعة: " ولا يجوز بيع الشفيع الشِقْص قبل أخذه بالشفعة، (2) فمفهوم قوله: (قبل أخذه) أنّه يجوز بعد أخذه، والعمل بمفهومات " المدونة " هو المعهود فِي طريقة ابن رشد وغيره من الشيوخ، وإِن كَانَ ابن بشير يذكر فِي ذلك خلافاً، فعمل الأشياخ الجلّة إنما هو عَلَى الأول.

وانفصل الخصمان بعد طول ومرافعة لأهل الأمر عَلَى صلحٍ وقع بينهما " انتهى. وفِي استدلاله الثاني ضعف.

وأما المصنف ففسر قول ابن الحَاجِب بأن معناه يملك الشفيع الشِقص بأحد الأمور الثلاثة (3)، وكذا قَالَ ابن راشد القفصي، ورأيت فِي " الكافي " لأبي عمر بن عبد البر ما نصّه:" والشفعة تجب بالبيع التامّ، وتستحقّ وتملّك بأداء الثمن "(4)، وقد ذكر بعد هذا فِي هذا المختصر وجوه ابن رشد الثلاثة المنقولة من سماع يحيي.

(1) في (ن 3): (عطفا).

(2)

النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 181، و4/ 145، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 14/ 418.

(3)

انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 9/ 318.

(4)

انظر الكافي في فقه أهل المدينة، لابن عبد البر، باب من له الشفعة ومن هو أولى بها، ص:439.

ص: 886

فرع:

في الحمالة من تقييد أبي عمران العبدوسي: من وجبت له شفعة فأشهد فِي خفية أنّي عَلَى شفعتي، وسكت حتى جاوز الأمد المسقط حق الحاضر ثم قام لَمْ ينفعه هذا الإشهاد، قيدتها من أحكام الدبوسي بعد ما بحثت عن هذه الأحكام فلم أجدها إِلا بسبتة.

واسْتُعْجِلَ، إِنْ قَصَدَ ارْتِيَاءً أَوْ نَظَراً لِلْمُشْتَرَى إِلا كَسَاعَةٍ. [65 / أ] وَلَزِمَ إِنْ أَخَذَ وعَرَفَ الثَّمَنَ فَبِيعَ لِلثَّمَنِ، والْمُشْتَرِيَ إِنْ سَلَّمَ، فَإِنْ سَكَتَ فَلَهُ نَقْضُهُ، وإِنْ قَالَ أَنَا آخُذُ أُجِّلَ ثَلاثاً لِلنَّقْدِ.

قوله: (وَاسْتُعْجِلَ، إِنْ قَصَدَ ارْتِيَاءً (1) أَوْ نَظَراً لِلْمُشْتَرَى إِلا [كَسَاعَةٍ](2)) المشترَى بفتح الراء، وظاهر الاستثناء أنّه راجع للارتياء والنظر للمشترى، وهو ظاهر ما فِي سماع أشهب إذ قَالَ سئل عمن باع شِقْصاً فِي حائط غائب فقال: الشفيع: حتى أذهب وانظر إِلَى شفعتي وهي ليست [معه](3) فِي القرية؟ قَالَ: ليس ذلك له. فراجعه السائل فقال: إِن كَانَ الحائط عَلَى ساعة من نهار فذلك له، وإِلا فليس له ذلك يخرج فيقيم أَيْضاً عشرة أيام ثم يجيء. قَالَ ابن رشد: هذا مثل ما فِي كتاب ابن المواز، وظاهر ما فِي " المدونة " من أن الشفيع إنما يؤخر فِي النقد لا فِي الارتياء فِي الأخذ (4). انتهى.

فأنت ترى ابن رشد ساوى بين الارتياء والنظر للمشتري بعد تسليم استثناء الساعة، فلعلّ المصنف اعتمد عَلَى ذلك، وإِن كَانَ مخالفاً لقول المتيطي المشهور من المذهب.

والذي عَلَيْهِ العمل وانعقدت بِهِ الأحكام فيمن طلب التأخير لينظر ويستشير أنّه لا يؤخر ساعةً واحدة، ويجبره السلطان عَلَى الأخذ أو الترك وقاله مالك فِي " العتبية "، ونحوه فِي كتاب ابن المواز، وظاهر ما فِي " المدونة ": أن الشفيع إنما يؤخر فِي النقد لا فِي

(1) في (ن 2): (ارتقاء). .

(2)

ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل.

(3)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).

(4)

انظر: البيان والتحصيل، من سماع أشهب، من كتاب أوله مسائل البيوع: 12/ 65، 66.

ص: 887

الارتياء فِي الأخذ (1). انتهى. فأنت ترى مخالفة المتيطي لنصّ " العتبية "(2) فِي استثناء الساعة، بل نسب لها ما ليس فيها. والله تعالى أعلم.

وإِلا سَقَطَتْ.

قوله: (وَإِلا سَقَطَتْ) أي: وإن لَمْ يأت بالثمن فِي الثلاث سقطت شفعته.

وإِنِ اتَّحَدَتِ الصَّفْقَةُ وتَعَدَّدَتِ الْحِصَصُ والْبَائِعُ لَمْ تُبَعَّضْ.

قوله: (وإِنِ اتَّحَدَتِ الصَّفْقَةُ وتَعَدَّدَتِ الْحِصَصُ والْبَائِعُ لَمْ تُبَعَّضْ (3)) أي فإذا اتحد البائع فأحرى كاتحاد الحصّة. قَالَ فِي " المدونة ": ولَو اشترى رجل ثلاثة أشقاص من دار أو من دور فِي بلد أو بلدان من رجل أو رجال، وذلك فِي صفقةٍ واحدة وشفيع ذلك كلّه واحد فليس له أن يأخذ إِلا الجميع أو يسلم، وكذلك إِن اشترى من أحدهم حصّته من نخلٍ ومن آخر حصته من قرية، ومن آخر حصته من دار فِي صفقةٍ واحدة، أو كَانَ بائع ذلك كلّه واحداً [106 / أ][أو وشفيع ذلك كله واحداً](4)، فإما أخذ الجميع أو يدع (5).

كَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي، عَلَى الأَصَحِّ.

قوله: (كَتَعَدُّدِ الْمُشْتَرِي، عَلَى الأَصَحِّ) هو قوله فِي " المدونة " بعد النصّ السابق: ولَو ابتاع ثلاثة ما ذكرنا من واحدٍ أو من ثلاثة فِي صفقةٍ والشفيع واحد فليس له أن يأخذ من أحدهم دون الآخر، وله أخذ الجميع أو يدع (6)، فهو باقتصاره عَلَى مذهب " المدونة " مستغنٍ عن أن يقول عَلَى الأَصَحّ، فلو قَالَ عوضاً من هذا كله: ولَو تعدد المشتري لكان أبين وأوجز.

(1) قال في المدونة، لابن القاسم:(أرأيت إن أراد الشفيع الأخذ بالشفعة ولم يحضره نقده أيتلوم له القاضي في قول مالك؟ قال: قال مالك: رأيت القضاة عندنا يؤخرون الأخذ بالشفعة في النقد اليوم واليومين والثلاثة، ورأيت مالكاً استحسنه وأخذ به ورآه) انظر: 14/ 412.

(2)

في (ن 3): (المداونة).

(3)

في أصل المختصر: (يتبعض).

(4)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).

(5)

النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 132، 133، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 14/ 414، 415.

(6)

النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 133، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 14/ 415.

ص: 888

وَكَأَنْ أَسْقَطَ بَعْضُهُمْ، أَوْ غَابَ أَوْ أَرَادَهُ الْمُشْتَرِي.

قوله: (أَوْ أَرَادَهُ الْمُشْتَرِي) أي أو أراد المشتري وحده (1) التبعيض فلا يجبر عَلَيْهِ الشفيع كالعكس.

وَلِمَنْ حَضَرَ حِصَّتُهُ.

قوله: (وَلِمَنْ حَضَرَ حِصَّتُهُ) أي ولمن صار محاضراً بعد الغيبة، ولَو قَالَ: ولمن قدم كَانَ أبين.

وهَلِ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي، أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَطْ.

قوله: (وَهَلِ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ، [أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي] (2) أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي فَقَطْ) هكذا فِي بعض النسخ، وبِهِ تصحّ المسألة عَلَى ما ذكر ابن رشد فِي " المقدمات " إذ قَالَ: قَالَ أشهب: إِذَا غاب الشفعاء إِلا واحداً، فأخذ جميع الشفعة، ثم جاء أحد الغُيّب كَانَ مخيراً فِي كتب عهدته إِن شاء عَلَى المشتري، وإِن شاء عَلَى الشفيع لأنه كَانَ مخيراً فِي الأخذ فهو كمشترٍ من المشتري وإِن جاء ثالث كَانَ مخيراً إِن شاء كتب عهدته عَلَى المشتري وإِن شاء عَلَى الشفيع الأول، وإِن شاء عَلَيْهِ، وعَلَى الثاني فقيل: إِن قول أشهب هذا خلاف لمذهب ابن القاسم، وأنّه لا يكتب عهدته عَلَى مذهب ابن القاسم إِلا عَلَى المشتري، وليس ذلك عندي بصحيح؛ والصواب أن قول أشهب مفسر لمذهب ابن القاسم (3).

فقول المصنف: (وَهَلِ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِ، أَوْ عَلَى الْمُشْتَرِي) هو التأويل الذي اختاره ابن رشد أن القادم مخير، فأو فيه للتخيير وقوله:(أو عَلَى المشتري فقط) هو التأويل الذي أنكره ابن رشد، ولكن بِهِ قطع عبد الحقّ فِي النكت، وعَلَى هذه الصورة ذكر التأويلين فِي " التوضيح (4).

(1) في (ن 1): (أيدا).

(2)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 2)، (ن 3)، (ن 4).

(3)

انظر: المقدمات الممهدات، لابن رشد: 2/ 228، 229.

(4)

انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 9/ 329.

ص: 889

فلعلّ بعض من نَسَخَ من المبيضة ظنّ تكرار إحدى الجملتين فأسقطها، وهذا محتملٌ؛ لأن مقتضاه أن التأويل الأول تعيين عهدة القادم عَلَى الشفيع الأول ولم أر من قاله.

كَغَيْرِهِ، ولَوْ [أَقَالَهُ](1) إِلا أَنْ يُسَلِّمَ قَبْلَهَا؟ تَأْوِيلانِ، وقُدِّمَ مُشَارِكُهُ فِي السَّهْمِ، وإِنْ كَأُخْتٍ لأَبٍ أَخَذَتْ سُدُساً.

قوله: (كَغَيْرِهِ، ولَوْ أَقَالَهُ إِلا أَنْ يُسَلِّمَ قَبْلَهَا) لا يخفى عَلَى من مارس اصطلاحه فِي هذا المختصر أن هذا التشبيه راجع للتأويل الثاني فقط، وأن قوله بعد ذلك:(تَأْوِيلانِ) راجع لأول الكلام.

ودَخَلَ عَلَى غَيْرِهِ كَذِي سَهْمٍ عَلَى وَارِثٍ، ووَارِثٌ عَلَى مُوصًى لَهُمْ، ثُمَّ الْوَارِثُ، ثُمَّ الأَجْنَبِيُّ، وأَخَذَ بِأَيِّ بَيْعٍ شَاءَ، وعُهْدَتُهُ عَلَيْهِ، ونُقِضَ مَا بَعْدَهُ، ولَهُ غُلَّتُهُ.

قوله: (ودَخَلَ عَلَى غَيْرِهِ) أي: ودخل الأخصّ عَلَى غيره من ذوي الفروض، وأما دخوله عَلَى الغاصب فمستفاد من قوله بعد:(كذي (2) سهم عَلَى وارث) أي: عَلَى عاصب.

وفِي فَسْخِ عَقْدٍ كِرَائِهِ تَرَدُّدٌ، ولا يَضْمَنُ نَقْصَهُ.

قوله: (وفِي فَسْخِ عَقْدٍ كِرَائِهِ تَرَدُّدٌ) مبناه عَلَى الشفعة هل هي كالاستحقاق قاله القرطبيون أو كالبيع قاله الطليطليون، فالقاف للقاف، والياء للياء.

فَإِنْ هَدَمَ وبَنَى فَلَهُ قِيمَتُهُ قَائِماً، ولِلشَّفِيعِ النُّقْضُ إِمَّا لِغَيْبَةِ شَفِيعِهِ فَقَاسَمَ وَكِيلُهُ، أَوْ قَاضٍ عَنْهُ، أَوْ تَرَكَ لِكَذِبٍ فِي الثَّمَنِ، أَوِ اسْتُحِقَّ نِصْفُهَا، وحُطَّ مَا حُطَّ لِعَيْبٍ، أَوْ لِهِبَةٍ، إِنْ حُطَّ عَادَةً أَوْ أَشْبَهَ الثَّمَنَ بَعْدَهُ. وإِنِ اسْتُحِقَّ الثَّمَنُ، أَوْ رُدَّ بِعَيْبٍ بَعْدَهَا رَجَعَ الْبَائِعُ بِقِيمَةِ شِقْصِهِ، ولَوْ كَانَ الثَّمَنُ مِثْلِيَّاً إِلا النَّقْدَ، فَمِثْلُهُ، ولَمْ يَنْتَقِضْ مَا بَيْنَ الشَّفِيعِ والْمُشْتَرِي. وإِنْ وَقَعَ قَبْلَهَا بَطَلَتْ. وإِنِ اخْتَلَفَا فِي الثَّمَنِ فَالْقَوْلُ لِلْمُشْتَرِي بِيَمِينٍ فِيمَا يُشْبِهُ.

قوله: (فَإِنْ هَدَمَ وبَنَى فَلَهُ قِيمَتُهُ قَائِماً، ولِلشَّفِيعِ النُّقْضُ إِمَّا لِغَيْبَةِ شَفِيعِهِ فَقَاسَمَ وَكِيلُهُ، أَوْ قَاضٍ عَنْهُ، أَوْ تَرَكَ لِكَذِبٍ فِي الثَّمَنِ، أَوِ اسْتُحِقَّ نِصْفُهَا) قد عرفت وجه السؤال الوارد هاهنا، وقد انفصل المصنف عنه هنا بخمسة أجوبة:

(1) في أصل المختصر والمطبوعة: (أقاله البائع).

(2)

في (ن 1): (كذا في)

ص: 890

أولها: أن يكون أحد الشريكين غاب ووكّل فِي مقاسمته شريكه، فباع شريكه نصيبه ثم قاسم الوَكِيل المشتري ولَمْ يأخذ بالشفعة.

وثانيها أن يكون [الشفيع](1) غائباً وله وكيل حاضر عَلَى التصرف فِي أمواله، فباع الشريك فلم ير الوَكِيل الأخذ بالشفعة، فقاسم المبتاع، وقد أشار إِلَى هذين معاً بقوله:(إما لغيبة شفيعه فقاسم وكيله).

وثالثها: أن يكون شريك البائع غائباً فيرفع المشتري إِلَى السلطان يطلب القسم، والقسم عَلَى الغائب جائز، فقسم عَلَيْهِ بعد الاستقصاء وضرب الأجل ثم لا يبطل ذلك شفعة الغائب، وإليه أشار بقوله:(أو قاض عنه).

ورابعها: أن يكون المشتري كذب فِي الثمن، فترك الشفيع الأخذ استغلاءً ثم قاسمه، وإليه أشار بقوله:(أو ترك لكذب فِي الثمن).

وخامسها: أن يكون قد اشترى الجميع فأنفق وبنى وغرس ثم استحقّ رجل نصف ذلك مشاعاً، وإليه أشار بقوله:(أو استحقّ نصفها).

فالثالث والخامس ذكرهما ابن يونس عن ابن المواز، وباقيها ذكره ابن شاس، وزاد سادساً وهو: أن يقول [106 / ب] وهبت الشِقْص بغير ثواب ولم أشتره فتسقط الشفعة عَلَى إحدى الروايتين فيقاسمه ثم يثبت الشراء (2)، فأما جوابا ابن المواز فصحيحان، [إلا أن] (3) ابن عَرَفَة قَالَ فِي قسم القاضي: يريد أنّه قسم عَلَيْهِ عَلَى أنّه شريك غائب فقط لا عَلَى أنّه وجبت له الشفعة، ولَو علم ذلك لَمْ يجز له أن يقسم عَلَيْهِ إذ لَو جَازَ قسمه لكان كقسمه هو بنفسه، إذ لا يجوز أن يفعل الحاكم عن غائب إِلا ما يجب عَلَى الغائب فعله، فلو جَازَ قسمه عَلَيْهِ مَعَ علمه بوجوب الشفعة لما كانت له شفعة، ولما تقرر لغائبٍ شفعة لقدرة المشتري عَلَى إبطالها بهذا.

(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).

(2)

انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 3/ 483.

(3)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).

ص: 891

وأما أجوبة ابن شاس فقبلها ابن الحَاجِب (1) وابن عبد السلام وابن هارون، واعترضها ابن عَرَفَة بأن الأول إِن كَانَ معناه [أنه](2) وكل فِي مقاسمته شريكه المعين لا فِي مقاسمته مطلق شريك فهذا راجع لأحد جوابي محمد؛ لأنه راجع للقسم عنه لظن القاسم صحته فبان خطؤه [وإِن كَانَ معناه أنّه وكله فِي مقاسمة مطلق شريك فلا شفعة له، فامتنع كونه تصويراً للمسألة، والثاني واضح رجوعه لأحد جوابي محمد أَيْضاً؛ لأنه راجع للقسم عنه لظن القاسم صحته فبان خطؤه](3).

والرابع والسادس باطلان فِي أنفسهما؛ لأن كذب المشتري فِي دعوي الثمن الكثير وفِي دعوى الهبة يصيره متعدياً فِي بنائه كغاصب بيده عرصة بنى بها بناءً وهو يدعي أنّه مالك، فبان أنّه غاصب، فحكمه فِي بنائه حكم الغاصب المعلوم غصبه ابتداءً

وقد استشكل فِي " التوضيح " هذين الجوابين أَيْضاً فقال: وانظر لَمْ لم يجعل حكم المشتري إِذَا كذب فِي الثمن أو ادعى صدقه ونحوها ثم تبين خلاف ذلك كالمتعدي، ولعله الأَظْهَر فلا يكون له إِلا قيمة النقض، ولعل كلامهم محمول عَلَى ما إِذَا كَانَ بإظهار أكثر من الثمن من غير المشتري ". انتهى (4).

وهذا المحمل لا يقبله لفظ ابن شاس، ويقبله لفظ المصنف هنا، وزاد أبو الحسن الصغير جوابين آخرين فقال: أو يكون قسم مَعَ رجلٍ زعم أنّه وكيل الغائب أو تكون هذه الدار بين ثلاثة أحدهم غائب، فباع أحد الحاضرين نصيبه فقسم المشتري مَعَ الحاضر يظن أن ليس له لشريك غيره.

(1) قال ابن الحاجب: (فإن هدم وبني فله قيمة ما بني يوم القيام، وللشفيع قيمة النقض، وتصورها في شفيع غائب قاسم القاضي أو الوكيل عنه، أو تارك الأمر ثم ظهر فيه كذب كالثمن، ودعوى صدقة وشبهها) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:418.

(2)

ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل.

(3)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).

(4)

انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 9/ 332.

ص: 892

كَكَبِيرٍ يَرْغَبُ فِي مُجَاوِرَتِهِ (1) وإِلا فَلِلشَّفِيعِ وإِنْ لَمْ يُشْبِهَا حَلَفَا ورُدَّ إِلَى الْوَسَطِ.

قوله: (كَكَبِيرٍ يَرْغَبُ فِي مُجَاوِرَتِهِ)(يرغب) مبني للفاعل، و (مجاورته) بكسر الواو اسم فاعل، وهو كقوله فِي المدونة: إِلا أن يكون مثل هؤلاء الملوك يرغب أحدهم فِي الدار اللاصقة بِهِ (2).

وإِنْ نَكَلَ مُشْتَرٍ، فَفِي الأَخْذِ بِمَا ادَّعَى أَوِ أَدَّى (3) قَوْلانِ، وإِنِ ابْتَاعَ أَرْضاً بِزَرْعِهَا الأَخْضَرِ فَاسْتُحِقَّ نِصْفُهَا فَقَطْ واسْتَشْفَعَ بَطَلَ الْبَيْعُ فِي نِصْفِ الزَّرْعِ لِبَقَائِهِ بِلا أَرْضٍ.

قوله: (وَإِنْ نَكَلَ مُشْتَرٍ، فَفِي الأَخْذِ بِمَا ادَّعَى أَوِ أَدَّى قَوْلانِ). ليس هذا مفرعاً عَلَى اختلاف المشتري والشفيع بل هو عَلَى اختلاف البائع والمشتري، يظهر بأدنى تأمل، وأشار بِهِ لقول ابن يونس: قَالَ ابن المواز: فإن حلف البائع أنّه باع بمائتين ونكل المبتاع لزمه الشراء بمائتين وأخذها الشفيع بمائة؛ لأنّه الثمن الذي أقرّ بِهِ المشتري، وقَالَ: إِن البائع ظلمه وأخذ ما ليس له.

وقَالَ ابن عبد الحكم وأصبغ فِي " الواضحة ": بل يأخذها بمائتين.

ابن يونس: لأن المشتري يقول إنما خلصت الشِقْص بهذه المائة الثانية، فصرت كأني ابتدأت الشراء بمائتين، لأني لَو حلفت (4) لانتقض البيع ولَمْ تكن للشفيع شفعة.

وقَالَ اللخمي: قَالَ أشهب: عند محمد يأخذ الشفيع بمائة؛ لأنه الثمن الذي أقرّ بِهِ المشتري، وقَالَ ابن الماجشون وأصبغ عند ابن حبيب يستشفع بمائتين.

(1) في المطبوعة: (مجاوره).

(2)

انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 131.

(3)

في المطبوعة، وأصل المختصر:(اشْتَرَى).

(4)

في (ن 3): (رجعت).

ص: 893

كَمُشْتَرِي قِطْعَةٍ مِنْ جِنَانٍ بِإِزَاءِ جِنَانِهِ لِيَتَوَصَّلَ لَهُ مِنْ جِنَانِ مُشْتَرِيهِ، ثُمَّ اسْتُحِقَّ جِنَانُ الْمُشْتَرِي، ورَدَّ الْبَائِعُ نِصْفَ الثَّمَنِ ولَهُ نِصْفُ الزَّرْعِ، وخُيِّرَ الشَّفِيعُ أَوَّلاً بَيْنَ أَنْ يَشْفَعَ أَوْ لا فَيُخَيَّرُ الْمُبْتَاعُ فِي رَدِّ مَا بَقِيَ.

قوله: (ثُمَّ اسْتُحِقَّ جِنَانُ الْمُشْتَرِي) هكذا هو فِي جميع النسخ التي رأينا وهو صواب، والجنان - بكسر الجيم - جمع جنة، كقصعة وقصاع. وبالله تعالى التوفيق.

ص: 894