الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب التدبير]
التَّدْبِيرُ تَعْلِيقُ مُكَلَّفٍ رَشِيدٍ وإِنْ زَوْجَةً فِي زَائِدِ الثُّلُثِ الْعِتْقَ بِمَوْتِهِ، لا عَلَى وَصِيَّةٍ كَإِنْ مُتُّ مِنْ مَرَضِي، أَوْ سَفَرِي هَذَا.
قوله: (التَّدْبِيرُ تَعْلِيقُ مُكَلَّفٍ) لا شكّ فِي إخراجه الصبي والمجنون، وأما قول ابن الحاجب تبعاً لابن شاس: وشرطه التمييز لا البلوغ فينفذ من المميز (1). فقال ابن عبد السلام: ظاهره أنّه ينفذ من المميز ولَو كَانَ صغيراً، وهُوَ مشكل؛ لأن غير المكلف لا يلزمه شيء من التزاماته، وإنما لزمته الوصية إِذَا مات استحساناً؛ ولما روى عَن الماضين فيها؛ ولأن له الرجوع عنها ولا رجوع له عَن التدبير إِذَا لزمه، وقد نصّ عبد الملك عَلَى أن تدبير من لَمْ يبلغ الحلم لا يجوز، وكلّ من رأيته ممن يعتمد عَلَيْهِ ينكر هذا الموضع من كلام ابن الحاجب، وكذا (2) استشكله ابن راشد القفصي، وابن هارون وتبعهم فِي " التوضيح ".
وقال ابن عرفة: هذا الاستشكال (3) واضح إِن حمل قوله: (فينفذ من المميز) على اللزوم، وإِن حمل عَلَى صحته دون لزومه فيصير كالوصية فيصحّ، وقد يؤيده قول ابن القاسم فِي ذات الزوج: لا حجة (4) لزوجها إنما هِيَ وصية. وقال الباجي فِي ترجمة وصية الصغير: قال عبد الملك: لا يجوز تدبير من لَمْ يحتلم. انتهى. وقول عبد الملك فِي " النوادر " وما فعل ابن عرفة من عزوه لنقل الباجي أخفّ مما فعل ابن راشد القفصي، من عزوه لحكاية بعض من سمعه من الفقهاء عَن الرجراجي.
أَوْ بَعْدَ مَوْتِي إِن لَمْ يُرِدْهُ ولَمْ يُعَلِّقْهُ، أَوْ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي بِيَوْمٍ بِدَبَّرْتُكَ، وأَنْتَ مُدَبَّرٌ، أَوْ حُرٌّ عَنْ دُبُرٍ مِنِّي، ونَفَذَ تَدْبِيرُ نِصْرَانِيٍّ لِمُسْلِمٍ وأُوجِرَ لَهُ.
قوله: (أَوْ بَعْدَ مَوْتِي إِن لَمْ يُرِدْهُ ولَمْ يُعَلِّقْهُ) أي وكذا يحمل (5) عَلَى الوصية. إذا قال:
(1) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 3/ 1201، وانظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:533.
(2)
في (ن 1): (وقد).
(3)
في (ن 3): (الإشكال).
(4)
في (ن 1): (حدت).
(5)
في (ن 3): (يحتمل).
أنت حر بعد موتي بهذين الشَرْطين، وهذا قول ابن القاسم. قال فِي " المدونة " فيمن قال لعبده فِي صحته: أنت حرّ بعد موتي، فإن أراد (1) بِهِ وجه الوصية صدق، وإِن أراد بِهِ التدبير صدق.
قال ابن القاسم: هِيَ وصية أبداً حتى يبين أنّه أراد التدبير ثُمَّ قال فيمن قال إِن كلمت فلاناً فأنت حرّ بعد موتي فكلمه لزمه عتقه بعد موته كما لَو حلف بالعتق ولَمْ يقل بعد موتي فحنث، فأنّه يلزمه قال وكذلك هذا يلزمه ويعتق من ثلته، [141 / أ] وصار حنثه بعتق العبد بعد الموت شبيهاً بالتدبير (2) ففرق فِي قوله: أنت حر بعد موتي بين غير المعلق، فجعله وصية وبين المعلق فجعله تدبيراً.
وَتَنَاوَلَ الْحَمْلَ [83 / أ] مَعَهَا كَوَلَدٍ لِمُدَبَّرٍ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَهُ، وصَارَتْ أُمَّ وَلَدٍ بِهِ، إِنْ عَتَقَ، وقُدِّمَ الأَبُ عَلَيْهِ فِي الضِّيقِ، ولِلسَّيِّدِ نَزْعُ مَالِهِ، إِنْ لَمْ يَمْرَضْ، ورَهْنُهُ، وكِتَابَتُهُ، لا إِخْرَاجُهُ بِغَيْرِ حُرِّيَّةٍ، وفُسِخَ بَيْعُهُ، إِنْ لَمْ يَعْتِقْ، كَالْمُكَاتِبِ وإِنْ جَنَى، فَإِنْ فَدَاهُ، وإِلا أَسْلَمَ خِدْمَتَهُ، تَقَاضَيَا، وحَاصَّهُ مَجْنِيٌّ عَلَيْهِ ثَانِياً، ورَجَعَ، إِنْ وَفَّى وإِنْ عَتَقَ بِمَوْتِ سَيِّدِهِ اتُّبِعَ بِالْبَاقِي، أَوْ بَعْضُهُ بِحِصَّتِهِ، وخُيِّرَ الْوَارِثُ فِي إِسْلامِ مَا رُقَّ، أَوْ فَكِّهِ وقُوِّمَ بِمَالِهِ، فَإِنْ لَمْ يَحْمِلِ الثُّلُثُ، إِلا بَعْضاً عَتَقَ، وقَرَّ مَالُهُ بِيَدِهِ.
قوله: (وَتَنَاوَلَ الْحَمْلَ مَعَهَا كَوَلَدٍ لِمُدَبَّرٍ مِنْ أَمَتِهِ بَعْدَهُ) أي: حملت بِهِ بعده أي: بعد التدبير؛ وبهذا فسّر ابن يونس " المدونة "(3) فقال: جعل ما فِي ظهر المدبر من ولد قبل التدبير بمنزلة ما فِي بطن المدبرة قبل التدبير، فخروج النطفة من المدبر كولادة المدبرة، وولادة المدبرة كحمل أمة المدبر.
(1) في (ن 3): (فأراد).
(2)
النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 2/ 540 ونصّ المدونة، لابن القاسم:(أرأيت إن قال لعبد: أنت حر بعد موتي إن كلمت فلاناً، فكلمه، أيكون حراً بعد موته؟ قال: نعم في ثلثه، ولم أسمع من مالك في هذا شيئاً) وانظر: المدونة، لابن القاسم: 8/ 296.
(3)
نص أبي سعيد: (وإن دبر حاملاً فولدها مدبر بمنزلتها) انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 2/ 542.
وَإِنْ كَانَ لِسَيِّدِهِ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ عَلَى حَاضِرٍ مُوسِرٍ بِيعَ بِالنَّقْدِ، وإِنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ اسْتُؤْنِيَ قَبْضُهُ، وإِلا بِيعَ فَإِنْ حَضَرَ الْغَائِبُ أَوْ أَيْسَرَ الْمُعْدِمُ بَعْدَ بَيْعِهِ، عَتَقَ مِنْهُ حَيْثُ كَانَ، وأَنْتَ حُرٌّ قَبْلَ مَوْتِي بِسَنَةٍ إِنْ كَانَ السَّيِّدُ مَلِيئاً لَمْ يُوقَفْ، وإِذَا مَاتَ نُظِرَ، فَإِنْ صَحَّ اتُّبِعَ بِالْخِدْمَةِ وعَتَقَ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وإِلا فَمِنَ الثُّلُثِ، ولَمْ يَتَّبِعْ، وإِنْ كَانَ غَيْرَ مَلِيءٍ وُقِفَ خَرَاجُ سَنَةٍ، ثُمَّ يُعْطَى السَّيِّدُ مِمَّا وُقِفَ مَا خَدَمَ نَظِيرُهُ، وبَطَلَ التَّدْبِيرُ بِقَتْلِ سَيِّدِهِ عَمْداً، وبِاسْتِغْرَاقِ الدَّيْنِ لَهُ ولِلتَّرِكَة، وبَعْضُهُ بِمُجَاوَزَةِ الثُّلُثِ، ولَهُ حُكْمُ الرِّقِّ، وإِنْ مَاتَ سَيِّدُهُ حَتَّى يُعْتَقَ فِيمَا وُجِدَ حِينَئِذٍ، وأَنْتَ حُرٌّ بَعْدَ مَوْتِي ومَوْتِ فُلانٍ عَتَقَ مِنَ الثُّلُثِ أَيْضاً، ولا رُجُوعَ، وإِنْ قَالَ بَعْدَ مَوْتِ فُلانٍ بِشَهْرٍ فَمُعْتَقٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ.
قوله: (حَيْثُ كَانَ) أي وإِن تداولته الأملاك. وبالله تعالى التوفيق.