الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وإِنْ زِيدَ غَيْرُ عَيْنٍ أوَ (1) بِيعَ بِنَقْدٍ لَمْ يُقْبَضْ. جَازَ، إِنْ عُجِّلَ الْمَزِيدُ، وصَحَّ أَوَّلُ مِنْ بُيُوعِ الأَجَلِ فَقَطْ، إِلا أَنْ يَفُوتَ الثَّانِي فَيُفْسَخَانِ، وهَلْ مُطْلَقاً [49 / ب]، أَوْ إِنْ كَانَتِ (2) الْقِيمَةُ أَقَلُّ؟ خِلافٌ.
قوله: (وَإِنْ زِيدَ غَيْرُ عَيْنٍ أوَ بِيعَ بِنَقْدٍ لَمْ يُقْبَضْ. جَازَ، إِنْ عُجِّلَ الْمَزِيدُ) هكذا ينبغي أن يكون (أوَ بِيعَ) معطوفاً بأو لا بالواو، فهما مسألتان أعطاهما جواباً واحداً، والمزيد فِي الثانية منهما عين أو غيره ما لَمْ يختلف العينان كذهب وفضة أو كمحمدية ويزيدية فعلى ما تقدّم، وفهم من قوله:(لَمْ يُقْبَضْ) أنه لو قبض لجاز عجل المزيد أم لا، وهو قول أبي محمد ابن أبي زيد.
[فصل]
(3)
جَازَ لِمَطْلُوبٍ مِنْهُ سِلْعَةٌ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِيَبِيعَهَا بِمَالٍ.
قوله: (جَازَ لِمَطْلُوبٍ مِنْهُ سِلْعَةٌ أَنْ يَشْتَرِيَهَا لِيَبِيعَهَا بِمَالٍ) وفِي بعض النسخ بنماء: أي بزيادة، وهو حسن فإن هذا وإن كان جائزاً أحد وجوه العينة التي مدارها على طلب النماء فِي العين، وقد قال ابن عرفة: بيع أهل العينة: هو البيع المُتَحَيَّل به على دفع عين فِي أكثر منها.
ولَوْ بِمُؤَجَّلٍ بَعْضُهُ، وكُرِهَ خُذْ بِمِائَةٍ مَا بِثَمَانِينَ، أَوِ اشْتَرِهَا ويُومِئُ لِتَرْبِيحِهِ ولَمْ يُفْسَخْ، بِخِلافِ. اشْتَرِهَا [لِي](4) بِعَشَرَةٍ نَقْداً وآخُذُهَا بِاثْنَيْ عَشَرَ لأَجَلٍ. وَلَزِمَتِ الآمِرَ، إِنْ قَالَ لِي. وفِي الْفَسْخِ إِنْ لَمْ يَقُلْ لِي إِلا أَنْ تَفُوتَ فَالْقِيمَةُ أَوْ إِمْضَائِهَا ولُزُومِهِ الاثْنَا عَشَرَ قَوْلانِ. وبِخِلافِ اشْتَرِهَا لِي بِعَشَرَةٍ نَقْداً وآخُذُهَا بَاثْنَيْ عَشَرَ نَقْداً، إِنْ نَقَدَ الْمَأْمُورُ بِشَرْطٍ، ولَهُ الأَقَلُّ مِنْ جُعْلِهِ أَوِ الدِّرْهَمَيْنِ فِيهِمَا والأَظْهَرُ والأَصَحُّ لا جُعْلَ لَهُ، وجَازَ بِغَيْرِهِ كَنَقْدِ الآمِرِ، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي، فَفِي الْجَوَازِ والْكَرَاهَةِ قَوْلانِ، وبِخِلافِ اشْتَرِهَا لِي بِاثْنَيْ عَشَرَ لأَجَلٍ وأَشْتَرِيهَا بِعَشَرَةٍ نَقْداً، فَيَلْزَمُ الْمُسَمَّى، ولا تُعَجَّلُ الْعَشَرَةُ.
قوله: (وَلَوْ بِمُؤَجَّلٍ بَعْضُهُ) ظاهره أن هذا مفرع على مسألة المطلوب منه سلعة كما قد
(1) في أصل المختصر والمطبوعة: (و).
(2)
في أصل المختصر: (كان).
(3)
ما بين المعكوفتين زيادة من: (ن 4)، وهو في بيع العينة.
(4)
ما بين المعكوفتين ساقط من المطبوعة.
يوهمه لفظ عياض إذ قال فِي كتاب: الصرف من " تنبيهاته ": الوجه الرابع المختلف فيه: ما اشترى ليباع ثمن بعضه معجّل وبعضه مؤجّل، فظاهر مسائل الكتاب والأمهات جوازه، وفِي " العتبية " كراهته لأهل العينة ". انتهى. فقد يسبق للوهم أن قوله:(بثمن) متعلّق بقوله: (ليباع) وليس ذلك بمراد إذ لَمْ يفرضوها هكذا بل زاد عياض بعده متصلاً به ما نصّه:
" قال [72 / أ] ابن حبيب: إذا اشترى طعاماً أو غيره على أن ينقد بعض ثمنه ويؤخر بعضه إلى أجل فإن كان اشتراه ليبيعه كله لحاجته لثمنه فلا خير فيه، وكأنه إذا باعه بعشرةٍ نقداً وعشرةٍ إلى أجل قال له: خذه فبع منه ما تريد أن تنقدني، وما بقي فهو لك ببقية الثمن إلى الأجل، وإنما يعمل هذا أهل العينة وهو قول مالك، فروجع فيها غير مرة فقال: أنا قلته. قاله ربيعة وغيره قبلي " قال محمد بن لبابة: وغيره يعني ابن هرمز. وذكر ابن عبدوس نحوه من رواية ابن وهب وابن نافع عن مالك، ونزّل ابن لبابة ما جاء فِي ذلك من الجواز والمنع على التفريق بين أهل العينة وغيرهم، فجوز (1) فِي غير أهل العينة ومنع فِي حقّهم ". انتهى.
وقال: فِي رسم يسلف من سماع ابن القاسم من كتاب: " السلم والآجال ": سئل مالك عن رجلٍ من أهل العينة باع من رجلٍ طعاماً بثمن إلى أجل على أن ينتقد (2) من ثمنه ديناراً؟ فكره ذلك. قال: وقال مالك: لست أول من كرهه، فقد كرهه ربيعة وغيره.
قال ابن رشد: هذه بيعة واحدة صحيحة فِي ظاهرها، إذ يجوز للرجل أن يبيع سلعته بدينار نقداً ودينار إلى أجل فلا يتهم بالفساد فيها إِلا من علم ذلك من سيرته وهم أهل العينة، والذي يخشى فِي ذلك أن يكون الذي تراوضا عليه وقصدا إليه أن يبيع منه الطعام على أن يبيع منه بدينار فيدفعه إليه، ويكون الباقي له بكذا وكذا ديناراً إلى أجل؛ وذلك غرر؛ إذ لا يدري ما يبقى له من الطعام إذا باع منه بدينار، وقد قال بعض أهل العلّم: إنه لو دفع إليه الدينار من ماله لَمْ يكن بذلك بأس.
(1) في (ن 1): (فيجوز).
(2)
في الأصل، و (ن 4):(ينقد).
وفِي سماع سحنون " أن ذلك لا يجوز وإن دفع إليه الدينار من عنده؛ لأنه يخلفه من الطعام يريد أن التهمة لا ترتفع عنه بذلك؛ لأنه إن كان البيع وقع على أن ينقده الدينار من الطعام فلا يصلحه أن يدفعه من عنده، كما أنه إذا وقع على الصحة لا يفسده أن ينقد الدينار من الطعام "(1). انتهى.
وإذا تأملت هذه النقول علمت أن كلام عياض المذكور فيه تقديم وتأخير، وأن تقديره ما اشترى بثمن بعضه مؤجل وبعضه معجّل ليباع، فقوله:(بثمن) متعلّق (باشترى) لا (بيباع)(2)، فهي إذاً مسألة أخرى غير مفرعة على مسألة المطلوب منه سلعة، وقد نقل فِي " التوضيح " كلام عياض (3)، ولم يزد ما بعده مما فيه البيان لما قررنا، والظن بالمصنف أنه لا يفهمها على غير ما فرضها عليه الأئمة فهذا عجب فتدبره.
فإن قلت: لعلّ المصنف إنما فرعها على مسألة المطلوب منه سلعة تنبيهاً على أن المختار عنده من الخلاف هو الجواز، وإن تركبت المسألة من الوصفين فتكون غير المركبة أحرى بالجواز.
قلت: هذا أبعد ما يكون من التأويل، ولكن ربما يقربه الظن الجميل، وتبقى العهدة فِي التزام جواز المركبة عليه، والله سبحانه أعلم بما جنح إليه، وقد نقلها ابن شاس على ما فرضها عليه الأئمة، فذكر أن من صور العينة أن يشتري من أحد أهل العينة سلعة بعشرة نقداً وعشرة إلى أجل فيمنع منه خاصة، ويقدر كأنه اشتراها [ليبيع منها بعشرة يدفعها نقداً ويبقى له باقي السلعة](4) لينتفع بثمنها معجلاً، ثم يدفع عنه عشرة مؤجلة، والغالب أن السلعة لا تساوي العشرين، فيؤول إلى ذهب فِي أكثر منها (5).
(1) انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 7/ 102.
(2)
في (ن 1)(يباع)، وفي (ن 2)، و (ن 4):(بيباع).
(3)
انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 5/ 401.
(4)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 3).
(5)
انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 1/ 689.
وإِنْ عُجِّلَتْ أُخِذَتْ، ولَهُ جُعْلُ مِثْلِهِ، وإِنْ لَمْ يَقُلْ لِي فَهَلْ لا يُرَدُّ الْبَيْعُ إِذَا فَاتَ فَلَيْسَ عَلَى الآمِرِ إِلا الْعَشَرَةُ؟ أَوْ يُفْسَخُ الثَّانِي مُطْلَقاً إِلا أَنْ يَفُوتَ فَالْقِيمَةُ؟ قَوْلانِ.
قوله: (أَوْ يُفْسَخُ الثَّانِي مُطْلَقاً إِلا أَنْ يَفُوتَ فَالْقِيمَةُ؟ قَوْلانِ) أي ويفسخ الثاني فات أو لَمْ يفت، إِلا أنه إذا فات رجع إلى القيمة يوم القبض.
[باب [بيع](1) الخيار]
إِنَّمَا الْخِيَارُ بِشَرْطٍ.
قوله: (إِنَّمَا الْخِيَارُ بِشَرْطٍ) أي لا بمجلس، وهي إحدى المسائل التي حلف عبد الحميد الصائغ بالمشي إلى مكة ألَّا يفتي فيها بقول مالك، والثانية: التدمية البيضاء. والثالثة: جنسية القمح والشعير. وقال ابن رشد: إنما تكلّم مالك على شعير بلده.
كَشَهْرٍ فِي دَارٍ، ولا تَسْكُنُ، وكَجُمُعَةٍ فِي رَقِيقٍ، واسْتَخْدَمَهُ.
قوله: (وَلا تَسْكُنُ) قال ابن محرز: قالوا وأما الدور فإنما له أن يدخلها بنفسه لاختبار أحوالها ومبيتها، فأما أن ينتقل إليها بأهله ومتاعه فإنه لا يمكن من ذلك، ومتى فعله أدى كراءه للبائع؛ لأن الغلة للبائع فِي أيام الخيار قبَل المشتري أو ردٌ، ولو أن المشتري شرط أن يسكنها بأهله مدة الخيار على أن لا يؤدي فيها كراءً لكان البيع فاسداً؛ لأنه من بيع العربان (2).
وكَثَلاثٍ فِي دَابَّةٍ، وكَيَوْمٍ لرُكُوبِهَا، ولا بَأْسَ بِشَرْطِ الْبَرِيدِ. أَشْهَبُ. والْبَرِيدَيْنِ.
قوله: [72 / ب](وَكَثَلاثٍ فِي دَابَّةٍ، وكَيَوْمٍ فِي رُكُوبِهَا) يعني أن أمد الخيار فيها ثلاثة كالثوب، فإذا شرط ركوبها للاختبار فيوم، فليست بمنزلة الدار التي لا تسكن
(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1)، و (ن 2)، (ن 4).
(2)
قال في لسان العرب: بيع العُرْبانِ: هو أَن يَشْتَري السِّلْعةَ، ويَدْفَعَ إِلى صاحبها شيئاً على أَنه إِن أَمْضَى البيعَ حُسِبَ من الثمن، وإِن لم يُمْضِ البيعَ كان لصاحِبِ السِّلْعةِ، ولم يَرْتَجِعْه المشتري، وقال في جامع الأمهات: بيع العربان وهو أن يعطي شيئاً على أنه إن كره البيع أو الإجارة لم يعد إليه. انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص 349. ولسان العرب، لابن منظور: 1/ 592.
والثوب الذي لا يلبس مُطْلَقاً، ولا بمنزلة الرقيق الذي يستخدم مُطْلَقاً بل لها حالة بين حالتين بقدر الحاجة، إلى الاختبار. وبنحو هذا فسّر ابن يونس قوله فِي " المدونة: والدابّة تركب اليوم وشبهه " (1) فقال: قال ابن حبيب: يجوز الخيار فِي الدابّة اليوم واليومين والثلاثة كالثوب، وإنما ذكر مالك اليوم فِي شرط ركوبها، وأما على غير ذلك فلا فرق بينها وبين الثوب. ونحوه فِي " النكت ".
وأما أبو عمران فعاب هذا على من قاله، وألزم عليه أن يكون فِي " المدونة " لَمْ يجب عما سئل عنه من أمد الخيار فِي الدابّة، وإنما أجاب عن الركوب. قال أبو الحسن الصغير: ولا يعني فِي " المدونة " ركوب النهار كلّه بل الركوب اليسير. انتهى، وهو راجع إلى قول الباجي: يحتمل أن يريد (2) ركوب اليوم فِي المدينة على حسب ما يركب الناس فِي تصرفاتهم والبريد والبريدين لمن خرج من المدينة يختبر سيرها (3).
وفِي كَوْنِهِ خِلافاً تَرَدُّدٌ، وكَثَلاثَةٍ فِي ثَوْبٍ وصَحَّ بَعْدَ بَتٍّ.
قوله: (وَفِي كَوْنِهِ خِلافاً تَرَدُّدٌ) لعلّ اللائق باصطلاحه تَأْوِيلانِ (4).
وهَلْ إِنْ نَقَدَ؟ تَأْوِيلانِ.
قوله: (وهَلْ إِنْ نَقَدَ؟ تَأْوِيلانِ):
أحدهما: أن الخيار إنما يصحّ بعد البتّ إذا نقد المشتري الثمن، فإن لَمْ ينقد لَمْ يجز؛ لأنه بيع دين بسلعة فيها خيار.
(1) النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 173، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 10/ 170.
(2)
في (ن 1): (يكون).
(3)
انظر: المنتقى، للباجي: 6/ 432.
(4)
يريد المؤلف أن المسألة لم يتردد فيها المتأخرون من المالكية؛ كما توحي عبارة المصنف، حيث للمتقدمين منهم نصوص فيها، وترددهم لا يكون إلا مع عدم نصهم، فخالف المصنف مصطلحه الذي نبّه عليه في أول مختصره بقوله:
(وبالتردد لتردد المتأخرين في النقل، أو لعدم نص المتقدمين). وقد أورد الخرشي قول ابن القاسم وأشهب في المسألة، ثم قال:(والْأَحْسَنُ لَوْ قَالَ تَأْوِيلَانِ) قريباً من عبارة المؤلف هنا، وقد أجاب العدوي عن المصنف بأنه يشير لاختلاف أبي عمران وعياض، وهما من المتأخرين، فاستقامت عبارته مع مصطلحه. انظر: شرح الخرشي: 5/ 456، 457.
والثاني: أنه يجوز نقد أو لَمْ ينقد؛ لأن المقصود بالخيار تطييب نفس من جعل له الخيار منهما.
وضَمِنَهُ حِينَئِذٍ الْمُشْتَرِي، وفَسَدَ بِشَرْطِ مُشَاوَرَةِ بَعِيدٍ، أَوْ مُدَّةٍ زَائِدَةٍ، أَوْ مَجْهُولَةٍ أَوْ غَيْبَةٍ عَلَى مَا لا يُعْرَفُ بِعَيْنِهِ، أَوْ لُبْسِ ثَوْبٍ ورَدَّ أُجْرَتَهُ.
قوله: (أَوْ مَجْهُولَةٍ) كجعل الخيار إلى أن تمطر السماء قاله فِي " التوضيح "(1) وأما إن لَمْ يؤجلاه فقال فِي " المدونة ": ومن ابتاع شيئاً بالخيار ولم يضرب له أجلاً جاز البيع، وجعل له من الأمد ما ينبغي فِي مثل تلك السلعة (2).
ويَلْزَمُ بِانْقِضَائِهِ.
قوله: (ويَلْزَمُ بِانْقِضَائِهِ) أي: ويلزم (3) الشيء المبيع من هو بيده منهما بانقضاء أمد الخيار، وكأنه لوّح لكونه فِي اليد بقوله:(ورُدَّ فِي كالغد) قال فِي " المدونة ": ومن اشترى سلعة أو ثوباً على أنه بالخيار يومين أو ثلاثة، فلم يختر حتى مضت أيام الخيار، ثم أراد الردّ والسلعة فِي يده أو أراد أخذها وهي بيد البائع، فإن كان بعيداً من أيام الخيار، فليس له ردّها من يده ولا أخذها من يد البائع، وتلزم من هي بيده من بائع أو مبتاع، ولا خيار للآخر فيها، وإن كان بعد غروب الشمس من آخر أيام الخيار أو كالغد أو قرب ذلك فذلك له (4).
(1) قد طالعت ذلك في مظانه في التوضيح فلم أقف عليه، إنما له:(ولا يجوز في شيء من السلع أن تكون مدة الخيار فيه مجهولة؛ فإن عقدا على ذلك؛ كقولهما: إلى قدوم زيد؛ ولا أمارة عندهم على قدومه، أو إلى أن يولد لفلان ولد؛ ولا حمل عنده، أو إلى أن ينفق سوق السلعة؛ ولا سلعة، أو يغلب على الظن عرفا أنها تنفق فيه، إلى غير ذلك مما يرجع إلى الجهل بالمدة؛ فالبيع فاسد. لكن إن وقع العقد على أنه بالخيار ولم يعين مدة معلومة ولا مجهولة؛ فالعقد صحيح ويحمل على خيار مثل السلعة كما تقدم؛ ولو زاد في مدة الخيار على ما هو أمد خيارها فسد البيع) انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 5/ 409.
(2)
النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 197
(3)
في (ن 1): (وو يلزم رد).
(4)
النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 194، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 10/ 198.
ورُدَّ فِي كَالْغَدِ، وبِشَرْطِ نَقْدٍ كَغَائِبٍ، وعُهْدَةِ ثَلاثٍ، ومُوَاضَعَةٍ، وأَرْضٍ لَمْ يُؤْمَنْ رِيُّهَا، وجُعْلٍ.
قوله: (كَغَائِبٍ) تفصيله قبل فِي الغائب، حيث قصد ذكره بالذات يعيّن أنه أراد هنا فِي التنظير ما بعد غير العقار.
وإِجَارَةٍ لِحِرْزِ (1) زَرْعٍ.
قوله: (وَإِجَارَةٍ لِحِرْز زَرْعٍ) حرز الزرع حفظه وحراسته، وكذا عدّ أبو اسحاق الغرناطي فِي " وثائقه " الإجارة على حراسة الزرع من هذه النظائر، وكذا نقل الشعبي عن ابن الهندي: أن من استأجر أجيراً يحرس له زرعاً لا يجوز أن ينقده الإجارة بشرط؛ لأن الزرع ربما تلف فتنفسخ فيه الإجارة، إذ لا يمكن فيه الخلف، فهو إن سلم كان إجارة وإن لَمْ يسلم كان سلفاً (2).
تنبيهات:
الأول: فِي بعض النسخ لجزّ زرع - بالجيم والزاي المشددة - بمعنى الحصاد، وهو صحيح المعنى؛ لأن العلّة التي فِي الحراسة موجودة فِي الحصاد، وقد التبس ذلك على كثير من النساخ فكتبوه بالباء مكان اللام وبضم الجيم وإسكان الزاي وهمزة بعدها، وهو تصحيف فظيع.
الثاني: هذه العلّة التي ذكروها هنا جارية فِي كلّ ما لا يقضي فيه بالخلف (3) كالصبيين والفرسين وما ألحق بذلك، فيلزم أن لا يجوز النقد بشرط فِي شيءٍ منها والله تعالى أعلم.
الثالث: قد اتضح لك أن الحكم الذي ذكره المصنف هنا مفرّع على عدم القضاء بالخلف (4) مع أنه لَمْ يذكره فِي باب الإجارة مع ما لا يقضي فيه بالخلف إذ قال: (وفسخت
(1) في أصل المختصر: (بجزء)، وقد نبه المؤلف على فساده.
(2)
في (ن 2): (جعلاً).
(3)
في (ن 2)، و (ن 3):(بالحلف).
(4)
في (ن 2)، و (ن 3):(بالحلف).
بتلف ما يستوفي منه لا به إِلا صبي (1) تعليم (2) ورضيع، وفرس نزو وروض، وسن لقلع، [74 / أ] فسكنت كعفو القصاص)، والعذر له أنه يغتفر فِي الكلام الجارف للنظائر ذكر غير المشهور عنده، وقد فعل هذا فِي أماكن (3).
وأَجِيرٍ تَأَخَّرَ شَهْراً.
قوله: (وَأَجِيرٍ تَأَخَّرَ شَهْراً) أي إذا تأخرت المنفعة المشتراة من الأجير المعين العاقل أو غيره شهراً ونحوه - لَمْ يجز النقد فيها بشرط كان الثمن المنقود عيناً أو عرضاً أو منافع من جنس تلك المنفعة أو من غير جنسها، فلو تأخرت إلى عشرة أيام أو ونحوها جاز؛ ففي سماع أشهب: لا بأس أن يقول الرجل العامل لمثله أعنّي خمسة أيام، [73 / أ] وأعينك خمسة فِي حصاد الزرع ودرسه وحمله.
قال ابن رشد: لأنه من الرفق ومنعه ضرر بالناس؛ لأن الكثير منهم لا يقدر على الاستئجار وإن قدر ربما استغرقته الإجارة فكان ذلك ضرورة تبيح ذلك، وإنما يجوز ذلك فيما قلّ وقرب من الأيام، وإن اختلفت الأعمال؛ ففي رسم البيع، من سماع أصبغ عن أشهب: لا بأس أن يأخذ الرجل عبد الرجل نجاراً يعمل له اليوم على أن يعطيه عبده الخياط يخيط له غداً وإن قال له: احرث لي فِي الصيف وأحرث لك فِي الشتاء فلا خير فيه. والمرأة تقول للمرأة: انسجي ليّ اليوم وأنسج لك غداً لا بأس به، وكَذَلِكَ انسجي ليّ اليوم وأغزل لك غداً إذا وصفتا الغزل (4).
ابن عرفة: وعلى هذا تجري مسألة دُولَة النساء الواقعة عندنا فِي عصرنا، فِي اجتماعهن فِي الغزل لبعضهن حتى يستوفين، فإن قربت مدة استيفائهن الغزل لجميعهن كالعشرة الأيام ونحوها، وعينت المبتدأ لها ومن يليها إلى آخرهن ووُصف الغزل: جازت، وإِلا فسدت.
(1) في (ن 2): (بصبي).
(2)
في (ن 4)(تعلم).
(3)
نقل عبارة المؤلف هنا العدوي في حاشيته على الخرشي، ونسبها للشبرخيتي من شراح المختصر.
(4)
انظر البيان والتحصيل، لابن رشد: 8/ 448.
تنبيه:
هذه النظائر فِي " الوثائق الغرناطية "، وزاد فيها الجنات والأرحاء [وو الأرض](1) المبيعة على التكسير، وهو بيع الأرض مزارعة، وزاد بعضهم بيع الحائط على عدد النخل.
ومُنِعَ وإِنْ بِلا شَرْطٍ فِي مُوَاضَعَةٍ وغَائِبٍ، وكِرَاءٌ ضُمِّنَ، وسَلَمٍ بِخِيَارٍ، واسْتَبَدَّ بَائِعٌ، أَوْ مُشْتَرٍ عَلَى مَشُورَةِ غَيْرِهِ، لا خِيَارِهِ ورِضَاهُ، وتُؤُوِّلَتْ أَيْضاً عَلَى نَفْيِهِ فِي مُشْتَرٍ، وعَلَى نَفْيِهِ فِي الْخِيَارِ فَقَطْ، وعَلَى أَنَّهُ كَالْوَكِيلِ فِيهِمَا، ورَضِيَ مُشْتَرٍ كَاتَبَ، أَوْ زَوَّجَ ولَوْ عَبْداً.
قوله: (وَمُنِعَ وإِنْ بِلا شَرْطٍ فِي مُوَاضَعَةٍ وغَائِبٍ، وكِرَاءٌ ضُمِّنَ، وسَلَمٍ بِخِيَارٍ) ذكر الأربعة غير واحد، وزاد أبو الحسن الصغير خامساً (2) وهو: العهدة، وكنت نظمت الخمسة وضابطها وحكمها وعلتها فِي بيتين من عروض الكامل فقلت:
النقدُ فِيمَا لا يَنْجُزُ قَبْضُهُ
…
بَعْدَ الخِيَارِ رِباً بِإِطْلَاقٍ يُرَى
فَسخٌ لِدَيْنٍ فِيهِ وهُوَ بِعُهْدَةٍ
…
سلم مواضعة وعَيْب والكرا
وقولنا: فسخ لدين. بدل من: ربا. والضمير فِي " فيه " يعود على الدين أي: فسخ لدين فِي دين، وإن شئت جعلته عطف بيان وهو أنسب؛ إذ حقيقة القصد به منكشفة، ولا يمنع من ذلك تنكيره، فقد يكونان منكرين كما يكونان معرفين، فإن جعلت ربا خبراً ففسخ مرفوع، وإن جعلته مفعولاً ثانياً ليرى فانصب فسخاً، ولو أضمرت له مبتدأً لارتفع (3) على التقديرين ولَمْ يخصص الكراء فِي النظم بالمضمون.
على أن المصنف قد خصصه به اتباعاً لِلَّخْميّ؛ لكن قال أبو الطاهر بن بشير: لا يجوز فِي السلم ولا فِي الكراء المضمون؛ لأنه فسخ دين فِي دين، وهو بيّن على القول بأن الخيار على الحلّ حتى ينعقد، وأما إن قلنا إنه على (4) العقد حتى ينحلّ فقد يقوى جواز هذا لكنهم
(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1)، و (ن 2)، و (ن 3).
(2)
في (ن 1): (خامسها).
(3)
في (ن 1): (لا ارتفع).
(4)
في (ن 1): (عن).
لَمْ يقولوه، ويمكن أن يكون احتياطاً، ولو كان هذا معيناً أو غائباً أو ما يتواضع من الجواري فإنه يجري على القولين فِي جواز أخذ هذه الأشياء من دين ". انتهى.
وقصدنا المعظم منه هذا الإجراء (1)، ولما (2) ذكره ابن عرفة قال: ومذهب " المدونة " منع أخذ هذه الأشياء عن الدين. وقال أبو الحسن الصغير: الكراء المضمون والمعين سواء يعني على مذهب ابن القاسم فِي " المدونة "، وقد ظهر لك أن المصنف لو لَمْ يقيّد الكراء بكونه مضموناً لكان أولى؛ ليجري على المشهور، ويوافق قوله فيما تقدّم أو منافع عين.
أَوْ قَصَدَ تَلَذُّذاً، أَوْ رَهَنَ، أَوْ آجَرَ، أَوْ أَسْلَمَ لِلصَّنْعَةِ، أَوْ تَسَوَّقَ، أَوْ جَنَى إِنْ تَعَمَّدَ، أَوْ نَظَرَ الْفَرْجَ، أَوْ عَرَّبَ دَابَّةً، [أَوْ هَلبَهَا](3) أَوْ وَدَّجَهَا، لا إِنْ جَرَّدَ جَارِيَةً وهُوَ رَدٌّ مِنَ الْبَائِعِ، إِلا الإِجَارَةَ.
قوله: (أَوْ قَصَدَ تَلَذُّذاً) اتبع فِي هذه العبارة ابن الحاجب، وقد قبل فِي توضيحه قول ابن عبد السلام: فِي لفظة [قصد](4) تجوّز؛ فإن: القصد بمجرده دون الفعل لا يدل على الاختيار أو يدل عليه؛ ولكنه لا يعلم حتى يرتفع النزاع بسببه إِلا أن يريد أن القاصد أقرّ على نفسه بذلك، ولعلّ هذا مراده؛ لأن فِي " المدونة ": وإذا كان الخيار للمبتاع في الجارية فجردها فِي أيام الخيار ونظر إليها فليس ذلك رضاً، وقد تجرد للتقليب إِلا أن يقرّ أنه فعل ذلك متلذذاً فهذا رضاً.
قال: ونظر المبتاع إلى فرج الأمة رضاً؛ لأن الفرج لا يجرد فِي الشراء ولا ينظر إليه إِلا النساء ومن يحلّ له الفرج " (5) انتهى. وقد صرّح المصنف بهذين الفرعين بعد. انتهى (6).
(1) في (ن 1): (الإجزاء).
(2)
في (ن 3): (مما).
(3)
ما بين المعكوفتين ساقط من المطبوعة.
(4)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 4).
(5)
النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 182، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 10/ 180.
(6)
انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 5/ 422.
ولا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ اخْتَارَ أَوْ رَدَّ بَعْدَهُ، إِلا بِبَيِّنَةٍ.
قوله: (وَلا يُقْبَلُ مِنْهُ أَنَّهُ اخْتَارَ أَوْ رَدَّ بَعْدَهُ، إِلا بِبَيِّنَةٍ) نحو هذه العبارة لابن الحاجب (1)، وناقشه ابن عبد السلام بأنه (2) قابل بين الاختيار والردّ؛ مع أنّ الردّ أحد نوعي الاختيار، ثم أجاب بما قد علمت، وأضرب فِي " التوضيح " عن هذه المناقشة، فالعبارة عنده مرضية؛ فمن ثمّ [73 / ب] انتحلها ها هنا، ويمكن على بعد أن يكون قوله:(اخْتَارَ) شاملاً لاختيار الإمضاء والردّ، ويكون قوله:(أَوْ رَدَّ) تنبيهاً على فرعٍ آخر، وذلك إذا قبض المشتري السلعة على خيارٍ فِي شرائها ثم قال بعد أيام الخيار: لَمْ أرضها وقد رددتها إلى ربّها، وأنكر ربّها أن يكون ردّها إليه؛ وعلى هذا ففاعل (رَدَّ) قاصر على المشتري، وفاعل (اخْتَارَ) متناول لهما؛ هذا إن ساعده النقل.
ولا يَبِعْ [مُشْتَرٍ](3)، فَإِنْ فَعَلَ، فَهَلْ يُصَدَّقُ أَنَّهُ اخْتَارَ بِيَمِينٍ، أَوْ لِرَبِّهَا نَقْضُهُ؟ قَوْلانِ. وانْتَقَلَ لِسَيِّدِ مُكَاتِبٍ عَجَزَ.
قوله: (وَلا يَبِعْ مُشْتَرٍ) نهي فيجزم الفعل، أو نفي فيرفع، وعلى كلٍ منهما فهو مناسب لقوله فِي " المدونة ": ولا ينبغي أن يبيع حتى يختار (4).
ولِغَرِيمٍ أَحَاطَ دَيْنُهُ ولا كَلامَ لِوَارِثٍ، إِلا أَنْ يَأْخُذَ [50 / أ] بِمَالِهِ.
قوله: (وَلِغَرِيمٍ أَحَاطَ دَيْنُهُ ولا كَلامَ لِوَارِثٍ، إِلا أَنْ يَأْخُذَ بِمَالِهِ) أي: ولا كلام لوارث مع الغرماء إِلا أن يأخذ الشيء الذي فيه الخيار بماله الخاصّ به. قال فِي " المدونة ": قال ابن القاسم: وإن أحاط الدين بمال الميت فاختار غرماؤه أخذاً أو رداً، وذلك أوفر لتركته، وأرجى لقضاء دينه فذلك لهم دون ورثته، فإن ردّوا لَمْ يكن للورثة الأخذ إِلا أن يؤدوا (5) الثمن من أموالهم دون مال الميت (6).
(1) عبارة ابن الحاجب: (ولا يقبل أنه رد واختار لفظاً إلا ببينة) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص 357.
(2)
في (ن 1): (لأنه).
(3)
ما بين المعكوفتين ساقط من أصل المختصر.
(4)
انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 183.
(5)
في (ن 3): (يردوا).
(6)
النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 179، وله بدل قول المؤلف:(وأرجى لقضاء)، (وأرد لقضاء) والسياق لا يستقيم به، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 10/ 177.
ابن يونس: حكي عن أبي محمد أن الغرماء إذا اختاروا الأخذ إنما يجوز ذلك لهم إذا كان ما طلع من فضل فللميت يقضون به دينه، وإن كان نقصان فعلى الغرماء بِخِلافِ المفلس يؤدي عنه الثمن هذا ما كان من فضل أو نقص فللمفلس أو عليه، والفرق بينهما أن الثمن لازم للمفلس والذي ابتاع بخيار لَمْ يلزمه ثمن إِلا شيء بمشيئة الغرماء فلم يجب أن يدخلوا على الورثة ضرراً.
ولِوَارِثٍ، والْقِيَاسُ رَدُّ الْجَمِيعِ إِنْ رَدَّ بَعْضَهُمْ، والاسْتِحْسَانُ أَخْذُ الْمُجِيزِ الْجَمِيعَ، وهَلْ وَرَثَةُ الْبَائِعِ كَذَلِكَ؟ تَأْوِيلانِ، وإِنْ جُنَّ نَظَرَ السُّلْطَانُ وَ [انْتَظَرَ](1) الْمُغْمَى، وإِنْ طَالَ فُسِخَ، والْمِلْكُ لِلْبَائِعِ، ومَا يُوهَبُ لِلْعَبْدِ، إِلا أَنْ يَسْتَثْنِيَ مَالَهُ، والْغَلَّةُ وأَرْشُ مَا جَنَى أَجْنَبِيٌّ لَهُ، بِخِلافِ الْوَلَدِ، والضَّمَانُ مِنْهُ، وحَلَفَ مُشْتَرٍ إِلا أَنْ يَظْهَرَ كَذِبُهُ، أَوْ يُغَابَ عَلَيْهِ، إِلا بِبَيِّنَةٍ، وضَمِنَ الْمُشْتَرِي إِنْ خُيِّرَ الْبَائِعُ الأَكْثَرَ، إِلا أَنْ يَحْلِفَ، فَالثَّمَنُ كَخِيَارِهِ، وكَغَيْبَةِ بَائِعٍ، والْخِيَارُ لِغَيْرِهِ. وإِنْ جَنَى بَائِعٌ والْخِيَارُ لَهُ عَمْداً فَرَدٌّ، وخَطَأً، فَلِلْمُشْتَرِي خِيَارُ الْعَيْبِ، وإِنْ تَلِفَتِ انْفَسَخَ فِيهِمَا، وإِنْ خُيِّرَ غَيْرُهُ وتَعَمَّدَ فَلِلْمُشْتَرِي الرَّدُّ أَوْ أَخْذُ الْجِنَايَةِ، وإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ الأَكْثَرَ، وإِنْ أَخْطَأَ، فَلَهُ أَخْذُهُ نَاقِصاً أَوْ رَدُّهُ، وإِنْ تَلَفَتِ انْفَسَخَ، وإِنْ جَنَى مُشْتَرٍ والْخِيَارُ لَهُ ولَمْ يُتْلِفْهَا عَمْداً فَهُوَ رِضاً، وخَطَأً فَلَهُ رَدُّهُ ومَا نَقَصَ، وإِنْ أَتْلَفَهَا ضَمِنَ الثَّمَنَ، وإِنْ خُيِّرَ غَيْرُهُ وجَنَى عَمْداً أَوْ خَطَأً فَلَهُ أَخْذُ الْجِنَايَةِ أَوِ الثَّمَنِ، فَإِنْ تَلِفَتْ ضَمِنَ الأَكْثَرَ، وإِنِ اشْتَرَى أَحَدَ ثَوْبَيْنِ وقَبَضَهُمَا لِيَخْتَارَ فَادَّعَى ضَيَاعَهُمَا ضَمِنَ وَاحِداً بِالثَّمَنِ فَقَطْ. ولَوْ سَأَلَ فِي إِقْبَاضِهِمَا، أَوِ [ادَّعَى](2) ضَيَاعَ وَاحِدٍ ضَمِنَ نِصْفَهُ، ولَهُ اخْتِيَارُ الْبَاقِي.
قوله: (وَلِوَارِثٍ) هو معطوف على قوله: (ولِسَيِّدِ مُكَاتِبٍ) وهذا الوارث لَمْ يحط الدين بمال موروثه بِخِلافِ الذي قبله، ومن العجب أن الظاهر من كلام الشارح أنه يصل هذا بما قبله وأنه يقرؤه:(ولا كلام لوارثٍ إِلا أن يأخذ ماله)، ولوارث بإسقاط الباء، ويعتقد أن ما من قوله:(ماله) موصولة، و (له) صلتها (ولوارث) معطوف على (له) وهذا ركيك ويلزم عليه مع ركاكته ثلاث محذورات:
(1) في المطبوعة: (نظر).
(2)
ما بين المعكوفتين ساقط من المطبوعة.
أوّلها: فوات الكلام على اجتماع الورثة والغرماء المحيط دينهم، مع شهرة المسألة فِي " المدونة " وَغيرها.
وثانيها: فوات الكلام الصريح على الوارث المنفرد.
وثالثها: التكرار والتهافت مع ما ذكر بعد من النظر والاستحسان. والله سبحانه أعلم.
كَسَائِلٍ دِينَاراً فَيُعْطَى ثَلاثَةً لِيَخْتَارَ، فَزَعَمَ تَلَفَ اثْنَيْنِ، فَيَكُونُ شَرِيكاً. وإِنْ كَانَ لِيَخْتَارَهُمَا، فَكِلاهُمَا مَبِيعٌ، ولَزِمَاهُ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، وهُمَا فِي يَدِهِ، وفِي اللُّزُومِ لأَحَدِهِمَا يَلْزَمُهُ النِّصْفُ مِنْ كُلٍّ. وفِي الاخْتِيَارِ لا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ.
قوله: (كَسَائِلٍ دِينَاراً فَيُعْطَى ثَلاثَةً لِيَخْتَارَ، فَزَعَمَ تَلَفَ اثْنَيْنِ، فَيَكُونُ شَرِيكاً). كذا فِي " المدونة " وو نصّه على اختصار أبي سعيد: " وكَذَلِكَ الذي يسأل رجلاً ديناراً فيعطيه ثلاثة دنانير ليختار أحدها، فيزعم أنه تلف منها ديناران، فإنه يكون شريكاً "(1). ومعنى قوله: (يكون شريكاً) أن له فِي كلّ دينار ثلاثة ويحلف على ما ذكر من الضياع فِي الثلثين إن كان متهماً. نقله فِي " جامع الطرر " عن " المقرب " وجعلها أبو اسحاق وابن محرز على ثلاثة أوجه:
الأول: إذا قبضها على أن له أخذها غير معين إما قضاءً أو سلفاً فيجب أن يكون شريكاً فيها.
الثاني: أن يقبضها ليريها أو يزنها، فإن وجد فيها طيباً وازناً أخذه وإِلا ردّها كلها، فهذه عنده على الأمانة فلا يضمن منها شيئاً.
الثالث: أن يقبضها لتكون رهناً عنده حتى يقتضي حقّه معها أو من غيرها، فهذه يكون ضامناً لجميعها إِلا أن يثبت هلاكها. انتهى. وقبله عياض. وبالله تعالى التوفيق.
(1) انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 188.