المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[فصل الدية] وَفِي الْجَنِينِ، وإِنْ عَلَقَةً عُشْرُ أُمِّهِ، ولَوْ أَمَةً نَقْداً، - مختصر خليل - ومعه شفاء الغليل في حل مقفل خليل - جـ ٢

[ابن غازي - خليل بن إسحاق الجندي]

فهرس الكتاب

- ‌[باب البيوع]

- ‌[باب الصرف]

- ‌[باب المطعومات]

- ‌[باب البيوع المنهي عنها]

- ‌[باب بيوع الآجال]

- ‌[فصل]

- ‌[باب الردّ بالعيب]

- ‌[باب المرابحة والمداخلة والثمار، والعرية والجائحة والمنازعة]

- ‌[ما يتناوله البيع]

- ‌[اختلاف المتبايعين]

- ‌[باب السلم والقرض والمقاصّة]

- ‌[فصل]

- ‌[أحكام المقاصة]

- ‌[باب الرهن]

- ‌[باب التفليس]

- ‌[باب الحجر]

- ‌[باب الصلح]

- ‌[باب الحوالة]

- ‌[باب الضمان]

- ‌[باب الشركة]

- ‌[باب المزارعة]

- ‌[باب الوكالة]

- ‌[باب الإقرار]

- ‌[باب الاستلحاق]

- ‌[باب الإيداع]

- ‌[باب العارية]

- ‌[باب الغصب]

- ‌[باب الاستحقاق]

- ‌[باب الشفعة]

- ‌[باب القسمة]

- ‌[باب القِرَاضِ]

- ‌[باب المساقاة]

- ‌[باب الإجارة]

- ‌[فصل كراء الدوابّ والرباع]

- ‌[فصل]

- ‌[باب الجعل]

- ‌[باب إحياء الموات]

- ‌[باب الوقف]

- ‌[باب الهبة]

- ‌[باب اللُقَطة]

- ‌[باب الأقضية]

- ‌[أحكام القضاء]

- ‌[باب الشهادة]

- ‌[باب الدماء]

- ‌[فصل الدية]

- ‌[باب الباغية]

- ‌[باب الردة]

- ‌[باب الزنا]

- ‌[باب القذف]

- ‌[باب السرقة]

- ‌[باب الحرابة]

- ‌[باب الخمر والحد والضمان]

- ‌[باب العتق]

- ‌[باب التدبير]

- ‌[باب الكتابة]

- ‌[باب أم الولد والولاء]

- ‌[أحكام الولاء]

- ‌[باب الوصية]

- ‌[باب الفرائض]

الفصل: ‌ ‌[فصل الدية] وَفِي الْجَنِينِ، وإِنْ عَلَقَةً عُشْرُ أُمِّهِ، ولَوْ أَمَةً نَقْداً،

[فصل الدية]

وَفِي الْجَنِينِ، وإِنْ عَلَقَةً عُشْرُ أُمِّهِ، ولَوْ أَمَةً نَقْداً، أَوْ غُرَّةٌ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٌ تُسَاوِيهِ، والأَمَةُ مِنْ سَيِّدِهَا، والنَّصْرَانِيَّةُ مِنَ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ كَالْحُرَّةِ إِنْ زَايَلَهَا كُلُّهُ حَيَّةً، إِلا أَنْ يَحْيَا فَالدِّيَةُ إِنْ أَقْسَمُوا، ولَوْ مَاتَ عَاجِلاً.

قوله: (وَفِي الْجَنِينِ، وإِنْ عَلَقَةً عُشْرُ أُمِّهِ، ولَوْ أَمَةً نَقْداً، أَوْ غُرَّةٌ عَبْدٍ أَوْ وَلِيدَةٌ تُسَاوِيهِ) ظاهرة كابن الحاجب تخيير الجاني، وهو موافق لقول اللخمي: الذي يقتضيه قول مالك وابن القاسم وأشهب أن الجاني مخير فِي غرم (1) الغرة أَو عشر (2) دية الأم من كسبه، إِن كَانَ من أهل الذهب فخمسون ديناراً، وإِن كَانَ من أهل الورق فستمائة درهم، وإِن كَانَ من أهل الإبل فخمس فرائض عَلَى اختلاف فِي هذا، عَلَى أنّه سلّم فِي توضيحه أن قول اللخمي خلاف ظاهر " المدونة " وقال ابن عرفة بعد ذكر كلام اللخمي: إنما عزا الباجي التخيير لعيسى، وقد علمت أن قول المصنف:(وَلَو أمة) خاصّ بأول وجهي التخيير، وأشار بِهِ لقول ابن وهب: الواجب فِي جنين الأمة ما نقصها، وقد ذكر ابن الحاجب القولين (3).

وَلَوْ تَعَمَّدَهُ بِضَرْبِ، ظَهْرٍ أَوْ بَطْنٍ أَوْ رَأْسٍ فَفِي الْقِصَاصَ خِلافٌ، وتَعَدَّدَ الْوَاجِبُ بِتَعَدُّدِهِ ووُرِّثَ عَلَى الْفَرَائِضِ.

قوله: (وَلَوْ تَعَمَّدَهُ بِضَرْبِ، ظَهْرٍ أَوْ بَطْنٍ أَوْ رَأْسٍ فَفِي الْقِصَاصَ خِلافٌ) اعتمد فِي إلحاق الرأس بالظهر والبطن عَلَى ما ذكر عبد الحق عن أبي موسى بن مناس، وقد ردّه ابن عرفة برواية أبي محمد عن ابن القاسم فِي المجموعة أنّه قال: أما لَو ضرب رأسها أَو يدها أَو رجلها ففيه الدية، عَلَى أنّه ذكر فِي توضيحه قولي (4) أبي موسى وأبي محمد ولَمْ يعز الثاني لابن القاسم، وفيه ما ترى.

(1) في (ن 2): (غرة).

(2)

في (ن 1): (وعشر).

(3)

قال ابن الحاجب: (وأما الجنين فغرة عبد أو أمة وفي الجراح كلها الحكومة إلا أربعة) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص 501.

(4)

في (ن 1): (قول).

ص: 1084

وَفِي الْجِرَاحِ حُكُومَةٌ بِنِسْبَةِ نُقْصَانِ الْجِنَايَةِ، إِذَا بَرِئَ مِنْ قِيمَتِهِ عَبْداً فَرْضاً مِنَ الدِّيَةِ. كَجَنِينِ الْبَهِيمَةِ. إِلا الْجَائِفَةَ والآمَّةَ فَثُلُثٌ، والْمُوضِحَةَ فَنِصْفُ عُشْرٍ، والْمُنَقِّلَةَ والْهَاشِمَةَ. فَعُشْرٌ ونِصْفُهُ، وإِنْ بِشَيْنٍ فِيهِنَّ، إِنْ كُنَّ بِرَأْسٍ أَوْ لَحْيٍ أَعْلَى.

قوله: (وَفِي الْجِرَاحِ حُكُومَةٌ بِنِسْبَةِ نُقْصَانِ الْجِنَايَةِ، إِذَا بَرِئَ مِنْ قِيمَتِهِ عَبْداً فَرْضاً مِنَ الدِّيَةِ) العامل في (من قيمته)(نقصان)، وفي (من الدية)(نسبة)، ومعنى (فرضاً) تقديراً لا حقيقة.

وَالْقِيمَةُ لِلْعَبْدِ كَالدِّيَةِ، وإِلا فَلا تَقْدِيرَ، وتَعَدَّدَ الْوَاجِبُ بِجَائِفَةٍ نَفَذَتْ. كَتَعَدُّدِ الْمُوضِحَةِ، والْمُنَقِّلَةِ.

قوله: (وَالْقِيمَةُ لِلْعَبْدِ كَالدِّيَةِ) أشار بِهِ لقوله فِي " المدونة ": فِي مأمومة العبد وجائفته في كل واحدة ثلث قيمته، وفِي منقلته عشر قيمته، ونصف عشر قيمته، وفِي موضحته نصف عشر قيمته، وفيما سوى ذلك من جراحه ما نقصه (1).

وَالآمَّةِ إِنْ لَمْ تَتَّصِلْ وإِلا فَلا وإِنْ بِفَوْرٍ فِي ضَرَبَاتٍ، والدِّيَةُ فِي الْعَقْلِ، أَوِ السَّمْعِ، أَوِ الْبَصَرِ، [أَوِ الشَّمِّ](2) أَوِ النُّطْقِ أَوِ الصَّوْتِ، أَوِ الذَّوْقِ أَوْ قُوَّةِ الْجِمَاعِ، أَوْ نَسْلِهِ، أَوْ تَجْذِيمِهِ أَوْ تَبْرِيصِهِ، أَوْ تَسْوِيدِهِ، أَوْ قِيَامِهِ وجُلُوسِهِ، أَوِ الأُذُنَيْنِ، أَوِ الشَّوَى أَوِ الْعَيْنَيْنِ، أَوْ عَيْنِ الأَعْوَرِ لِلسُّنَّةِ، بِخِلافِ كُلِّ زَوْجٍ، فَإِنَّ فِي أَحَدِهِمَا نِصْفَهُ، وفِي الْيَدَيْنِ وفِي الرِّجْلَيْنِ، ومَارِنِ الأَنْفِ، والْحَشَفَةِ، وفِي بَعْضِهِمَا بِحِسَابِهَا مِنْهُمَا لا مِنْ أَصْلِهِ، وفِي الأُنْثَيَيْنِ مُطْلَقاً، وفِي ذَكَرِ الْعَنِينِ قَوْلانِ، وفِي شُفْرَيِ الْمَرْأَةِ، إِنْ بَدَا الْعَظْمُ، وفِي ثَدْيَيْهَا، أَوْ حَلَمَتَيْهِمَا إِنْ بَطَلَ اللَّبَنُ، واسْتُؤْنِيَ بِالصَّغِيرَةِ.

قوله: (وَإِلا فَلا (3) وإِنْ بِفَوْرٍ فِي ضَرَبَاتٍ) وجه الكلام وإن (بضربات فِي فور) كقول ابن شاس: وإِن كَانَ ذلك من ضربات (4) إِلا أنّه فِي فور واحد.

(1) النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 572، ونص المدونة، لابن القاسم:(في مأمومته وجائفته في كل واحدة ثلث ثمنه، وفي منقلته عشر ثمنه ونصف عشر ثمنه، وفي موضحته نصف عشر ثمنه، وفيما بعد هذه الأربع خصال مما يصاب به العبد ما نقص من ثمنه) انظر: المدونة، لابن القاسم: 16/ 397.

(2)

ما بين المعكوفتين ساقط من المطبوعة.

(3)

في (ن 3): (فلا أي).

(4)

انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 3/ 1121.

ص: 1085

وسِنِّ الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يُثْغِرْ لِلإِيَاسِ كَالْقَوَدِ، وإِلا انْتُظِرَ سَنَةً، وسَقَطَا، وإِنْ عَادَتْ، ووُرِثَا، إِنْ مَاتَ، وفِي عَوْدِ السِّنِّ أَصْغَرَ بِحِسَابِهَا.

قوله: (وَسِنِّ الصَّغِيرِ الَّذِي لَمْ يُثْغِرْ لِلإِيَاسِ كَالْقَوَدِ، وإِلا انْتُظِرَ سَنَةً) هذا كقول ابن الحاجب: وسن الصبي لَمْ يثغر يوقف عقلها إِلَى الإياس كالقود، وإِلا انتظر بها سنة (1). وقد تَرَدد ابن راشد القفصي فِي معنى قوله:(وإِلا انتظر بها سنة) وقال: لم أقف) عَلَيْهِ لغيره. وقال ابن عبد السلام: معناه أنّه إِذَا جاوز السن الذي تنبت فيه ولم تنقص سنة انتظرت بقية السنة، ووجبت الدية فِي الخطأ والقصاص فِي العمد وقبله فِي " التوضيح "، وقال ابن عرفة: لا نصّ فيها عَلَى أمد الوقف، ونقل الشيخ أبو محمد رواية المجموعة إِن [أيس من [134 / أ] نباتها] (2) أخذ الصبي العقل يقتضى أنّه زمن معتاد نباتها، والأَظْهَر أنّه الأكثر من معتاده أَو سنة (3).

تكميل:

ذكر فِي النوادر عن " الموازية " عن أشهب: إِن كَانَ الصبي حين قلعت سنه أثغر ونبتت أسنانه عجل له العقل فِي الخطأ والقود فِي العمد (4). وقال ابن عرفة: انظر هذا مَعَ قاعدة المذهب فِي وجوب الاستيناء، ونقل ابن رشد الإجماع عَلَيْهِ، فيجب حمله عَلَى أنّه قلع دون جرح.

وَجُرِّبَ الْعَقْلُ بِالْخَلَوَاتِ.

قوله: (وَجُرِّبَ الْعَقْلُ بِالْخَلَوَاتِ) أشار بِهِ إلى قول الغزالي فِي وجيزه: وإذا شككنا فِي زوال العقل، راقبناه فِي الخلوات، ثم لم (5) نخلفه؛ لئلا يتجانن فِي الجواب، كذا رأيته فِي نسختين منه بتفكيك يتجانن، والصواب: يتجانّ بالإدغام، ولَمْ يذكره ابن شاس ولا ابن الحاجب ولا ابن عرفة ولا المصنف فِي " التوضيح ".

(1) جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:502.

(2)

في (ن 1): (ليس مراساتها).

(3)

انظر: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 13/ 440.

(4)

انظر: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 13/ 441.

(5)

في (ن 1)، و (ن 2):(لا).

ص: 1086

وَالسَّمْعُ بِأَنْ يُصَاحَ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ، مَعَ سَدِّ الصَّحِيحَةِ، ونُسِبَ لِسَمْعِهِ الآخَرِ، وإِلا فَسَمْعٌ وَسَطٌ، ولَهُ نِسْبَتُهُ، إِنْ حَلَفَ، ولَمْ يَخْتِلَفْ قَوْلُهُ، وإِلا فَهَدَرٌ، والْبَصَرُ بِإِغْلاقِ الصَّحِيحَةِ كَذَلِكَ.

قوله: (وَالسَّمْعُ بِأَنْ يُصَاحَ مِنْ أَمَاكِنَ مُخْتَلِفَةٍ، مَعَ سَدِّ الصَّحِيحَةِ، ونُسِبَ لِسَمْعِهِ الآخَرِ، وإِلا فَسَمْعٌ وَسَطٌ، ولَهُ نِسْبَتُهُ، إِنْ حَلَفَ، ولَمْ يَخْتِلَفْ قَوْلُهُ، وإِلا فَهَدَرٌ، والْبَصَرُ بِإِغْلاقِ الصَّحِيحَةِ كَذَلِكَ) قال فِي " المدونة ": وإِذَا أصيبت العين فنقص بصرها أغلقت الصحيحة، ثم جعل له بيضة (1) أَو شيء فِي مكان يختبر (2) بِهِ منتهى بصر السقيمة، فإذا رآها حولت له إِلَى موضع آخر فإن تساوت الأماكن أَو تقاربت قيست (3) الصحيحة ثم أعطى بقدر ما انتقصت المصابة من الصحيحة، والسمع مثله يختبر بالأمكنة أَيْضاً حتى يعرف صدقه من كذبه.

وإِن ادعى المضروب أن جميع سمعه وبصره ذهب صُدّق مَعَ يمينه، والظالم أحقّ بالحمل عَلَيْهِ، ويختبر إِن قدر عَلَى ذلك بما وصفنا (4).

ابن يونس: قال أشهب: ولَو ادعى أنّه نقص بصر عينه (5) جميعاً أَو أذنيه فأنّه يقاس بالبيضة فِي البصر، والصوت فِي السمع كما وصفنا، فإذا اتفق قوله، أَو تقارب قيس له ببصر رجل وسط مثله، كما تقدم.

قال فِي كتاب محمد فِي الذي ادعى ذهاب جميع سمعه أو بصره: يختبر بالإشارة فِي البصر والصوت فِي السمع، ويغتفل مرة بعد مرة، وفسّر أبو الحسن الصغير ما في " المدونة " بأنّه يختبر من الجهات الأربع فِي السمع والبصر.

وَالشَّمُّ بِرَائِحَةٍ حَادَّةٍ، والنُّطْقُ بِالْكَلامِ اجْتِهَاداً.

قوله: (وَالشَّمُّ بِرَائِحَةٍ حَادَّةٍ) كذا قال أبو حامد فِي " وجيزه " يمتحن الشم بالروائح

(1) في (ن 1): (بيضاً).

(2)

في (ن 1): (يجبر)، وفي (ن 3):(تختبر).

(3)

في (ن 1)، و (ن 2):(فيبست).

(4)

انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 583.

(5)

في (ن 1)، و (ن 3):(عينيه).

ص: 1087

الحادة، وعند النقصان يحلف لعسر الامتحان، ولَمْ يذكره ابن شاس ولا ابن الحاجب ولا ابن عرفة، ولا المصنف فِي " التوضيح ".

وَالذَّوْقُ بِالْمُقِرِّ (1)، وصُدِّقَ مُدَّعٍ ذِهَابَ الْجَمِيعِ بِيَمِينٍ والضَّعِيفُ مِنْ عَيْنٍ، ورِجْلٍ، ونَحْوِهِمَا خِلْقَةً كَغَيْرِهِ، وكَذَا الْمَجْنِيُّ عَلَيْهَا إِنْ لَمْ يَأْخُذْ عَقْلاً [78 / ب]، وفِي لِسَانِ النَّاطِقِ، وإِنْ لَمْ يَمْنَعِ النُّطْقَ مَا قَطَعَهُ، فَحُكُومَةٌ كَلِسَانِ الأَخْرَسِ، والْيَدِ الشَّلاءِ، والسَّاعِدِ، وأَلْيَتَيِ الْمَرْأَةِ، وسِنٍّ مُضْطَرِبَةٍ جِدَّاً، وعَسِيبِ ذَكَرٍ بَعْدَ الْحَشَفَةِ، وحَاجِبٍ، أَوْ هُدْبٍ.

قوله: (وَالذَّوْقُ بِالْمُقِرِّ) كذا قال أبو حامد (2)، ويجرب الذوق بالأشياء المرة المقرة، وتبعه ابن شاس وابن الحاجب (3)، قال الجوهري: مقِر الشيء بالكسر يقر مقراً أي صار مراً فهو شيء مقر، والمقر أَيْضاً الصبر وبكلام الجوهري فسّر فِي " التوضيح " لفظ ابن الحاجب قال: وفِي بعض النسخ المنفّر (4): أي الذي لا يمكن الصبر عَلَيْهِ.

وَظُفْرٍ، وفِيهِ الْقِصَاصُ.

قوله: (وظُفْرٍ، وفِيهِ الْقِصَاصُ) أي: فِي عمده بِخِلاف ما قبله من حاجب وهدب، وقد قال قبل هذا:(كَلَطْمَةٍ وشُفْرِ عَيْنِ حَاجِبٍ ولِحْيَةٍ وعَمْدُهُ كَالْخَطَأِ إلَاّ فِي الأَدَبِ).

(1) في الأصل: (المنفر)، وفي هامشه (بالمنقر).

(2)

في (ن 3): (محمد).

(3)

لفظ ابن شاس: (ويجرب بالأشياء المرة المنقرة)، والكلمة أشكلت على المحقق فأثبتها هكذا، ولعل الصواب:(المنفرة) بدل: (المنقرة) التي لم أقف لها على معنى، أو يكون الصواب ما في نسخة أخرى مما أشار له المحقق:(الممقرة) ويكون صوابها (المقرة) كما قرأها المؤلف هنا، ولفظ ابن الحاجب كما وقفت عليه:(وفي الذوق الدية ويجرّب بالمرّ المنفر)، لفظ (المنفر) كذا هو في نسختين من مطبوعة المختصر، انظر: جامع الأمهات، ط، اليمامة، ص 504، وط، المكتبة العلمية، ص: 328، وفي نسختنا للمختصر لفظ (المقر) فهي موافقة لنسخة المصنف الشيخ خليل من " جامع الأمهات " التي شرحها في التوضيح، وقد أشار في هامش النسخة إلى أن المنفر خطأ، قلت: وخطأها يعني به أنه ليس من لفظ المصنف، لا أنها خطأ في ذاتها. انظر: مخطوط جامع الأمهات، بمركز نجيبويه، لوحة رقم (454).

(4)

في (ن 1): (المقر).

ص: 1088

وَأفْضَا (1)، ولا يَنْدَرِجُ تَحْتَ مَهْرٍ، بِخِلافِ الْبَكَارَةِ، إِلا بِأُصْبُعِهِ، وفِي كُلِّ أُصْبُعٍ عُشْرٌ، والأُنْمُلَةِ ثُلُثُهُ، إِلا فِي الإِبْهَامِ، فَنِصْفُهُ.

قوله: (وأفْضَا) كذا هي عبارة ابن الجلاب (2) وابن الحاجب (3) وغير واحد [أفضا](4) عَلَى وزن [أعطا، ووقع فِي " المدونة " أفضاها عَلَى وزن](5) أقامها، (6) فيقتضي ذلك أن يكون المصدر أفاضه كأقامه، وبالأول قطع الجوهري لأنّه ذكره فِي مادة فضا المنقوص لا فِي مادة فاض الأجوف، ولَمْ يتناول له عياض فِي النكاح ولا فِي الرجم.

وَفِي الأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ الْقَوِيَّةِ عُشْرٌ، إِنِ انْفَرَدَتْ وفِي كُلِّ سِنٍّ خَمْسٌ، وإِنْ سَوْدَاءَ بِقَلْعٍ، أَوِ اسْوِدَادٍ، أَوْ بِهِمَا، أَوْ بِحُمْرَةٍ أَوْ بِصُفْرَةٍ، إِنْ كَانَا عُرْفاً كَالسَّوَادِ، وبِاضْطِرَابِهَا جِدَّاً، وإِنْ ثَبَتَتْ لِكَبِيرٍ قَبْلَ أَخْذِ عَقْلِهَا أَخَذَهُ كَالْجِرَاحَاتِ الأَرْبَعَةِ، ورُدَّ فِي عَوْدِ الْبَصَرِ وقُوَّةِ الْجِمَاعِ، ومَنْفَعَةِ اللَّبَنِ، وفِي الأُذُنِ إِنْ ثَبَتَ تَأْوِيلانِ، وتَعَدَّدَتِ الدِّيَةُ بِتَعَدُّدِهَا، إِلا الْمَنْفَعَةَ بِمَحَلِّهَا، وسَاوَتِ الْمَرْأَةُ الرَّجُلَ لِثُلُثِ دِيَتِهِ، فَتَرْجِعُ لِدِيَتِهَا، وضُمَّ مُتَّحِدُ الْفِعْلِ.

قوله: (وَفِي الأُصْبُعِ الزَّائِدَةِ الْقَوِيَّةِ عُشْرٌ، إِنِ انْفَرَدَتْ) الذي لابن القاسم فِي سماع يحيي: أن السادسة إِن كانت قوية ففيها عشر، ولَو قطعت عمداً إذ لا قصاص فيها وفي اليد كلها ستون وإِن كانت ضعيفة ففيها (7) حكومة، وإِن انفردت (8) ومَعَ اليد لا يزاد لها

(1) في أصل المختصر والمطبوعة: (وإفضاء).

(2)

لم أقف على هذه العبارة عند ابن الجلاب في كتاب الجراح والديات، وقد يعني المؤلف ما في كتاب البيوع، في باب الردّ بالعيب من قوله: (والذي يرد به من العيوب

والرتق، والإفضاء، والزعر) إلا أنها ممدودة لا مقصورة كما أشار المؤلف، والإفضاء كما عرّفه ابن عرفة: إزَالَةُ الْحَاجِزِ بَيْنَ مَخْرَجِ الْبَوْلِ ومَحَلِّ الْجِمَاعِ. انظر: التاج والإكليل، للمواق: 6/ 263.

(3)

عبارة ابن الحاجب: (وفي الإفضاء قولان) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص 504.

(4)

في (ن 1): (أفضاء واحدا فضاء).

(5)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).

(6)

انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: ولفظها: (من دخل بزوجته البكر، فأفضاها ومثلها يوطأ، فماتت من جماعه. . .) وقوله فيها أيضا: (وإن وطئ أمته فأفضاها. . .) 4/ 418، ونص المدونة، لابن القاسم:(قُلْتُ: أَرَأَيْتَ الرَّجُلَ يَأْتِي امْرَأَتَهُ فَيَفُضُّهَا فَتَمُوتُ مَاذَا عَلَيْهِ؟ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَدْخُلُ بِامْرَأَتِهِ الْبِكْرِ فَيَفْتَضُّهَا ومِثْلُهَا يُوطَأُ فَتَمُوتُ مِنْ جِمَاعِهِ. وقوله (أَرَأَيْتَ إنْ كَانَ زَنَى بِهَا فَأَفْضَاهَا أَوْ اغْتَصَبَهَا فَأَفْضَاهَا) انظر: المدونة، لابن القاسم: 16/ 253، 254.

(7)

في (ن 1): (وفيها).

(8)

في (ن 1): (إن انفرد).

ص: 1089

شيء. (1) واستظهره اللخمي، فلو قال المصنف: وفِي الإصبع الزائدة إِن قويت عشر مُطْلَقاً، وإِلا فحكومة إِن أفردت لوفّى بذلك ويكون معنى مُطْلَقاً عمداً أَو خطأ أفردت أم لا.

تكميل:

قال ابن رشد فِي السماع المذكور: وهو فِي كتاب الجنايات [134 / ب] فإن لَمْ تنقص الحكومة من قيمته شيئا أَو لعلها تزيد فيه لَمْ يكن فيه شيء إِلا الأدب (2) فِي العمد، ولا يدخل فيه من الاختلاف ما فِي العبد يخصى فتزيد قيمته لمخالفتها (3) فِي المعنى كما فِي رسم القبلة فِي سماع ابن القاسم (4).

أَوْ فِي حُكْمِهِ، أَوِ الْمَحَلِّ فِي الأَصَابِعِ لا الأَسْنَانِ، والْمَوَاضِحِ، والْمَنَاقِلِ، والْعَمْدِ والْخَطَإِ، وإِنْ عَفَتْ، ونُجِّمَتْ دِيَةُ الْحُرِّ فِي الْخَطَإِ، بِلا اعْتِرَافٍ عَلَى الْعَاقِلَةِ والْجَانِي، إِنْ بَلَغَ ثُلُثَ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوِ الْجَانِي، ومَا لَمْ يَبْلُغْ فَحَالٌّ عَلَيْهِ كَعَمْدٍ، ودِيَةٍ غُلِّظَتْ، وَسَاقِطٍ لِعَدَمِهِ إِلا مَا لا يُقْتَصُّ مِنْهُ مِنَ الْجُرْحِ لإِتْلافِهِ، فعَلَيْهَا، وهِيَ الْعَصَبَةُ، وبُدِئَ بِالدِّيوَانِ، إِنْ أُعْطُوا ثُمَّ بِهَا الأَقْرَبُ ثُمَّ الْمَوَالِي الأَعْلَوْنَ، ثُمَّ الأَسْفَلُونَ، ثُمَّ بَيْتُ الْمَالِ إِنْ كَانَ الْجَانِي مُسْلِماً، وإِلا [فَالذِّمِّيُّ](5) ذُو دِينِهِ، وضُمَّ كَكُورِ مِصْرَ والصُّلْحِيُّ أَهْلُ صُلْحِهِ، وضُرِبَ عَلَى كُلِّ مَا لا يَضُرُّ، وعُقِلَ عَنْ صَبِيٍّ، ومَجْنُونٍ، وامْرَأَةٍ، وفَقِيرٍ، وغَارِمٍ ولا يَعْقِلُونَ، والْمُعْتَبَرُ وَقْتُ الضَّرْبِ لا إِنْ قَدِمَ غَائِبٌ، ولا يَسْقُطُ لِعُسْرِهِ أَوْ مَوْتِهِ، ولا دُخُولَ، لِبَدَوِيٍّ مَعَ حَضَرِيٍّ، ولا شَامِيٍّ مَعَ مَصْرِيٍّ مُطْلَقاً والْكَامِلَةُ فِي ثَلاثٍ تَحِلُّ وآخِرُهَا يَوْمُ الْحُكْمِ والثُّلُثُ والثُّلُثَانِ بِالنِّسْبَةِ.

قوله: (أَوْ فِي حُكْمِهِ) أي فِي حكم المتخذ كضربات فِي فور واحد. كذا قال ابن عبد السلام.

(1) انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 16/ 160، 161.

(2)

في البيان والتحصيل، لابن رشد:(الأعب) وهو بيّن التصحيف.

(3)

في (ن 3): (لمخالفته).

(4)

انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 16/ 162، من رسم المكاتب.

(5)

في أصل المختصر: (فَالأَقْرَبُ لِذِمِّيٍّ).

ص: 1090

وَنُجِّمَ فِي النِّصْفِ والثَّلاثَةِ الأَرْبَاعِ بِالتَّثْلِيثِ ثُمَّ لِلزَّائِدِ سَنَةٌ وحُكْمُ مَا وَجَبَ عَلَى عَوَاقِلَ بِجِنَايَةٍ وَاحِدَةٍ كَحُكْمِ الْوَاحِدَةِ كَتَعَدُّدِ الْجِنَايَاتِ عَلَيْهَا، وهَلْ حَدُّهَا سَبْعُمِائَةٍ أَوِ الزَّائِدُ عَلَى أَلْفٍ؟ قَوْلانِ وعَلَى الْقَاتِلِ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ.

قوله: (وَنُجِّمَ فِي النِّصْفِ والثَّلاثَةِ الأَرْبَاعِ بِالتَّثْلِيثِ ثُمَّ لِلزَّائِدِ سَنَةٌ) تبع فِي هذا قول ابن الحاجب والمشهور التنجيم (1) بالأثلاث وللزائد سنة، فالنصف والربع فِي ثلاثة (2). أي فالثلاثة الأرباع فِي ثلاث سنين، فأما ابن راشد القفصي فزعم أن هذا الذي شهره هو قول أشهب، وأما المصنف فِي " توضيحه " فذكر أنّه لَمْ يره منقولاً، فضلاً عن أن يكون مشهوراً، قال: ولعله أخذه مما فِي " المدونة " أن الثلاثة الأرباع فِي ثلاث سنين (3)، وأما ابن عبد السلام فصحح النسخ التي فيها: وللزائد نسبته. قال: ويقع فِي بعض النسخ: وللزائد سنة، وليس بجيّد؛ لأنّه عَلَى هذا التقدير يصير هو القول بأن فِي غير الكاملة ثلاث سنين، والفرض أن التفريع (4) عَلَى القول الذي يقابله، وهو اعتبار النسبة، وناقشه فِي " التوضيح ": بأن الذي يقول فِي غير الكاملة: بثلاث سنين يراها فِي ثلاث [سنين](5) عَلَى السواء، وأما عَلَى هذا فالثلثان فِي سنتين وللزائد سنة، ثم قوله إثر هذا: فالنصف والربع فِي ثلاث سنين بغير (6) النسخة التي فيها سنة، وأما ابن عرفة فأعرض عن لفظ ابن الحاجب صفحاً.

وَإِنْ صَبِيَّاً، أَوْ مَجْنُوناً أَوْ شَرِيكاً.

قوله: (وَإِنْ صَبِيَّاً، أَوْ مَجْنُوناً أَوْ شَرِيكاً) مراده بالشريك المشترك فِي القتل مَعَ غيره، وأما الصبي والمجنون فقال ابن عبد السلام: جعلوا (7) الكفارة من خطاب الوضع لمّا كانت

(1) في (ن 1): (التخيير).

(2)

انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:506.

(3)

نصّ المدونة بتمامه: (وثلثا الدية في سنتين، وأما نصفها، فقال فيه مالك مرة: تؤخذ في سنتين، وقال أيضاً: يجتهد فيه الإمام إن رأى أن يجعله في سنتين، أو في سنة ونصف فعل. قال ابن القاسم: في سنتين أحبّ إليّ؛ لما جاء أن الدية تقطع في ثلاث سنين أو في أربع قال: وثلاثة أرباعها في ثلاث سنين) انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 560.

(4)

في (ن 1)، و (ن 2):(التعريج).

(5)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 2).

(6)

في (ن 3)، (ن 4):(يعين).

(7)

في (ن 1): (جعل).

ص: 1091

عوضاً عن النفس، فأشبهت أعواض المتلفات، فإن كَانَ هناك دليل شرعي من إجماع أَو غيره يوجب التسليم له فحسن وإِلا فمقتضى النظر (1) سقوطها عن الصبي والمجنون وردها إِلَى خطاب التكليف، وقد جعل الشرع عوضا عن الرقبة الصيام الذي هو من خطاب التكليف.

وقال ابن عرفة: قول ابن شاس: تجب فِي مال الصبي والمجنون (2). واضح كالزكاة، ولم أجده لغيره من أهل المذهب نصاً، بل فِي " وجيز " الغزالي.

إِذَا قَتَلَ مِثْلَهُ مَعْصُوماً خَطَأً عِتْقُ رَقَبَةٍ، ولِعَجْزِهَا شَهْرَانِ كَالظِّهَارِ.

قوله: (عِتْقُ رَقَبَةٍ) مبتدأ خبره عَلَى القاتل.

لا صَائِل، و [لا](3) قَاتِلِ نَفْسِهِ كَدِيَتِهِ.

قوله: (لا صَائِل، ولا قَاتِلِ نَفْسِهِ كَدِيَتِهِ) كذا لابن شاس وابن الحاجب (4) قال ابن عرفة فِي الصائل هذا مقتضى المذهب؛ [لأنه](5) غير خطأ ولم أجده نصاً إِلا للغزالي فِي " وجيزه " قال فيه: وفِي وجوبها عَلَى قاتل نفسه وجهان (6).

ابن عرفة: قوله تعالى: {فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ} [النساء:92] يخرج قاتل نفسه لامتناع تصور هذا الجزء من الكفارة فيه وإذا بطل الجزء بطل الكل.

(1) في (ن 1): (الروايات).

(2)

انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 3/ 1129.

(3)

ما بين المعكوفتين ساقط من أصل المختصر، والمطبوعة.

(4)

انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 3/ 1129، وقال ابن الحاجب:(ولا كفارة على قاتل صائل ولا قاتل نفسه) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:507.

(5)

في (ن 1): (أنه).

(6)

في (ن 1): (وجها).

ص: 1092

وَنُدِبَتْ فِي جَنِينٍ، ورَقِيقٍ، وعَمْدٍ، و [ذمي](1)، وعَلَيْهِ مُطْلَقاً جَلْدُ مِائَةٍ، ثُمَّ حَبْسُ سَنَةٍ، وإِنْ بِقَتْلِ مَجُوسِيٍّ، أَوْ عَبْدِهِ، أَوْ نُكُولِ الْمُدَّعِي عَلَى ذِي اللَّوْثِ وحَلِفِهِ، والْقَسَامَةُ سَبَبُهَا قَتْلُ الْحُرِّ الْمُسْلِمِ فِي مَحَلِّ [79 / أ] اللَّوْثِ (2) كَأَنْ يَقُولَ بَالِغٌ، حُرٌّ، مُسْلِمٌ قَتَلَنِي فُلانٌ، ولَوْ خَطَأً أَوْ مَسْخُوطاً عَلَى وَرِعٍ.

قوله: (وَنُدِبَتْ فِي جَنِينٍ، ورَقِيقٍ وعَمْدٍ وذمي) كذا فِي بعض النسخ بزيادة [ذمي](3) وإسقاط العبد، لاندراجه فِي الرقيق وهو الصواب.

أَوْ وَلَدٌ عَلَى وَالِدِهِ أنّه ذَبَحَهُ، أَوْ زَوْجَةٌ عَلَى زَوْجِهَا.

قوله: (أَوْ وَلَدٌ عَلَى وَالِدِهِ أنّه ذَبَحَهُ) كأنّه قصد الوجه المشكل لينخرط فِي سلك الإغياء؛ لأنّه إِذَا قبلت القسامة الموجبة [للقود من الأب فأحرى الموجبة](4) للدية المغلظة فتأمله.

إِنْ كَانَ جُرْحٌ، أَوْ أَطْلَقَ وبَيَّنُوا، لا خَالَفُوا، ولا يُقْبَلُ رُجُوعُهُمْ، ولا إِنْ قَالَ بَعْضٌ عَمْداً، وبَعْضٌ لا نَعْلَمُ، أَوْ نَكَلُوا، بِخِلافِ ذِي الْخَطَإِ، فَلَهُ الْحَلِفُ، وأَخْذُ نَصِيبِهِ، وإِنِ اخْتَلَفُوا فِيهِمَا واسْتَوَوْا حَلَفَ كُلٌّ، ولِلْجَمِيعِ دِيَةُ خَطَإٍ، وبَطَلَ حَقُّ ذِي الْعَمْدِ بِنُكُولِ غَيْرِهِمْ وكَشَاهِدَيْنِ بِجُرْحٍ، أَوْ ضَرْبٍ مُطْلَقاً.

قوله: (إِنْ كَانَ جُرْحٌ) حقّه أن يقدم عَلَى الإغياء؛ لأن قوله: (أَوْ أَطْلَقَ) معطوف عَلَى ما بعد أو.

أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ عَمْداً أَوْ خَطَأً.

قوله: (أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ عَمْداً أَوْ خَطَأً) أي: وكشاهدين بإقرار المقتول أن فلاناً جرحه، وأما لَو قال: قتله لكان هو المثال الأول.

(1) في أصل المختصر والمطبوعة: (عبد).

(2)

اللَّوْث: بفتح اللام وإسكان، هو أن يشهد شاهدٌ واحد على إقرار المقتول قبل أن يموت أنَّ فُلانا قَتَلَني، أو يشهد شاهدان على عداوةٍ بينهما أو تهديدٍ منه له أو نحو ذلك. انظر: النهاية في غريب الحديث: 4/ 275. وعند الفقهاء: هو قرينة تقوى جانب المدعي، وتغلّب على الظن صدقة، مأخوذ من اللوث، وهو القوة. انظر: تحرير ألفاظ التنبيه، للنووي:339.

(3)

في (ن 1): (الذمي).

(4)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).

ص: 1093

ثُمَّ يَتَأَخَّرُ الْمَوْتُ يُقْسِمُ لَمِنْ ضَرْبِهِ مَاتَ.

قوله: (يُقْسِمُ لَمِنْ ضَرْبِهِ مَاتَ) هذا مَعَ ثبوت الجرح بالشاهدين مُتَّجِه (1)، وأما الثابت بالشاهد الواحد فقال ابن عبد السلام: إِذَا مكناهم من القسامة فهل يكتفى بخمسين يمينا لقد ضربه ومات من ضربه، أَو يحلفون يميناً واحدة: لقد ضربه، ثم يحلفون خمسين يميناً: لِمَنْ ضَرْبِه مات؟، فِي ذلك نظر، وهل يجري عَلَى الحقوق المالية فِي الاستحقاق [بشاهد واحد: هل يجمع فِي يمينه بين فصل تصحيح شهادة الشاهد الشّهَادَة وفصل الاستحقاق] (2) أَو يحلف لكل واحدٍ من الفصلين يميناً مستقلّة (3)؟ فِي ذلك نظر.

وقال ابن عرفة: ظاهر كلام ابن رشد ونصّه: أنهم يحلفون عَلَى الجرح والموت منه فِي كل يمين من الخمسين، يعني: حيث قال فِي رسم المكاتب من سماع يحيى من كتاب الديات، فعلى القول بالقسامة مَعَ الشاهد الواحد [في الجرح](4) يحلفون لقد جرحه ولقد مات من جرحه، ولا يحلفون مَعَ الشاهدين عَلَى الجرح إلا لقد مات من ذلك الجرح، وأما مَعَ الشاهد عَلَى القتل فيحلفون لقد قتله خاصة فتفترق الوجوه الثلاثة [135 / أ] فِي صفة الأيمان (5).

وأما الحقوق المالية ففي ترجمة " جامع الدعاوى " من ابن سهل: من قام له شاهدٌ واحدٌ باستحقاق شيءٍ حلف مَعَ شاهده أن [حقّه لحقّ](6)، وحلف ما باع ولا وهب ولا خرج من يده بوجه، فجعل عَلَيْهِ يمينين. قاله ابن حبيب عن مطرف وأصبغ.

وفي رسم الرهون من كتاب الرهون مثله، والذي جرى بِهِ العمل [مع الدعاوى](7)

(1) في (ن 1): (محتجة).

(2)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).

(3)

في (ن 2): (مستقبلة).

(4)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 2).

(5)

انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 16/ 17.

(6)

في (ن 3): (حققه لحوز).

(7)

في (ن 1): (جميع الدعاوى)، وفي (ن 3):(جمع الدعاوى).

ص: 1094

فِي اليمين الواحدة، وكَانَ شيخنا ابن عتاب يقول من وجبت عَلَيْهِ يمين فِي دعوى، ورُدَّت عَلَيْهِ يمين فلابد له من يمينين، وحكاه عن [شيخه أبي المطرف](1) وغيره، وخالفه فيه أبو عمر بن القطان.

وكِشَاهِدٍ (2) بِذَلِكَ مُطْلَقاً، إِنْ ثَبَتَ الْمَوْتُ.

قوله: (وكِشَاهِدٍ بِذَلِكَ مُطْلَقاً، إِنْ ثَبَتَ الْمَوْتُ) وإذا كَانَ الكلام هكذا مصدّراً بواو العطف وكاف التشبيه كَانَ أبين فِي الدلالة أنّه شروع فِي المثال الثالث، قال ابن الحاجب: وفِي العدل بالضرب أَو بالجرح أَو بمعاينة القتل دون ثبوت القتل قَوْلانِ.

قال ابن عبد السلام: والأَصَحّ أنّه لابد من ثبوت الموت، وظاهر كلامه يشعر أنّه لَو شهد عدلان بالجرح (3) أَو بالضرب، ولَمْ تقم البينة عَلَى صحة موت المجروح أَو المضروب لاتفق عَلَى صحة القسامة، ولا فرق بين ذلك فِي ظاهر كلام الشيوخ؛ لأنّه إذا لَمْ تثبت وفاة المجروح فتمكين الأولياء من القسامة يومئذ مستلزم لقتل الجاني، وتزويج امرأة المقتول، وقسم ماله بشاهد أَو شاهدين عَلَى الجرح وذلك باطل؛ إذ يحتمل بقاء المجروح حياً.

أَوْ بِإِقْرَارِ الْمَقْتُولِ عَمْداً كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدٍ مُطْلَقاً.

قوله: (كَإِقْرَارِهِ مَعَ شَاهِدٍ مُطْلَقاً) أشار به لقوله في " المدونة ": ولو قال المقتول دمي عند فلان وشهد شاهد أنّه قتله لم يجتزأ بذلك [ولا بد من القسامة (4). فلا يؤخذ مما تقدم، ولكن من قوله بعد: (ووجبت](5) إن تعدد اللوث) فاعلمه.

(1) في (ن 1): (شيخنا).

(2)

في أصل المختصر، والمطبوعة:(أو بشاهد).

(3)

في (ن 1): (بالجراح).

(4)

النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 593، وانظر: المدونة، ونصها:(أرأيت إن قال المقتول: دمي ثم فلان، وشهد شاهد على أنه قتله أيجتزىء ولاة الدم بهذا في قول مالك؟ قال: لا، ولكن فيه القسامة عندي): 16/ 425.

(5)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).

ص: 1095

أَوْ إِقْرَارِ الْقَاتِلِ فِي الْعَمْدِ (1) فَقَطْ بِشَاهِدٍ، وإِنِ اخْتَلَفَ شَاهِدَاهُ بَطَلَ، وكَالْعَدْلِ فَقَطْ فِي مُعَايَنَةِ الْقَتْلِ، أَوْ رَآهُ يَتَشَحَّطُ فِي دَمِهِ، والْمُتَّهَمُ قُرْبَهُ وعَلَيْهِ آثَارُهُ، ووَجَبَتْ، وإِنْ تَعَدَّدَ اللَّوْثُ، ولَيْسَ مِنْهُ وجُودُهُ بِقَرْيَةِ قَوْمٍ، أَوْ دَارِهِمْ، ولَوْ شَهِدَ اثْنَانِ أنّه قَتَلَ ودَخَلَ فِي جَمَاعَةٍ اسْتُحْلِفَ كُلٌّ خَمْسِينَ، والدِّيَةُ عَلَيْهِمْ أَوْ عَلَى مَنْ نَكَلَ بِلا قَسَامَةٍ، وإِنِ انْفَصَلَتْ بُغَاةٌ عَنْ قَتْلَى، ولَمْ يُعْلَمِ الْقَاتِلُ، فَهَلْ لا قَسَامَةَ ولا قَوَدَ مُطْلَقاً؟ أَوْ إِنْ تَجَرَّدَ عَنْ تَدْمِيَةٍ وشَاهِدٍ؟ أَوْ عَنِ الشَّاهِدِ فَقَطْ؟ تَأْوِيلاتٌ. وإِنْ تَأَوَّلُوا فَهَدَرٌ كَزَاحِفَةٍ عَلَى دَافِعَةٍ، وهِيَ خَمْسُونَ يَمِيناً مُتَوَالِيَةً بِتَّاً، وإِنْ أَعْمَى، أَوْ غَائِباً يَحْلِفُهَا فِي الْخَطَإِ مَنْ يَرِثُ، وإِنْ وَاحِداً، أَوِ امْرَأَةً، وجبرَتِ الْيَمِينُ عَلَى أَكْثَرِ كَسْرِهَا، وإِلا فَعَلَى الْجَمِيعِ، ولا يَأْخُذُ أَحَدٌ إِلا بَعْدَهَا، ثُمَّ حَلَفَ مَنْ حَضَرَ حِصَّتَهُ.

قوله: (أَوْ إِقْرَارِ الْقَاتِلِ (2) فِي الْعَمْدِ فَقَطْ بِشَاهِدٍ) كذا فِي بعض النسخ فِي العمد وهُوَ الصواب، وأما النسخ التي فيها فِي الخطأ، فخطأ صراح (3) وهذا التفصيل الذي اقتصر عَلَيْهِ هنا [هو](4) الأَظْهَر عند ابن رشد فقد (5) بين المسألة فِي رسم المكاتب من سماع يحيي، ثُمَّ حصّل فيها ثلاثة أَقْوَال:

أحدها: إيجاب القسامة مَعَ الشاهد الواحد عَلَى إقرار القاتل بالقتل عمداً أَو خطأ.

والثاني: أنّه لا قسامة فِي ذلك لا فِي العمد ولا فِي الخطأ.

والثالث: الفرق بين العمد والخطأ. وإِلَى هذا ذهب سحنون وعَلَيْهِ أصلح ما فِي " المدونة " وهُوَ الأَظْهَر إذ قد قيل: إِن إقرار القاتل بالقتل خطأً ليس بلوث يوجب القسامة

(1) في المطبوعة: (الخطأ).

(2)

في (ن 4): (المقتول).

(3)

لم يسلم للمؤلف هنا بعض شراح المختصر، فقد قال الخرشي:(فَالْبَاءُ فِي (بِشَاهِدٍ) بِمَعْنَى مَعَ وأَمَّا إنْ لَمْ يَحْصُلْ غَيْرُ إقْرَارِ الْقَاتِلِ فَقَطْ فَلَيْسَ بِلَوْثٍ مُطْلَقاً بَلْ فِيهِ تَفْصِيلٌ، وهُوَ أَنَّهُ تَارَةً يَبْطُلُ وتَارَةً يَكُونُ لَوْثاً كَمَا مَرَّ عَنْ الشَّيْخِ شَرَفِ الدِّينِ وهَذَا التَّفْصِيلُ فِي مَفْهُومِ قَوْلِهِ بِشَاهِدٍ عَلَى مَا حَمَلْنَاهُ عَلَيْهِ ونَحْوُهُ لِلشَّيْخِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ولَا يَحْتَاجُ لِتَصْوِيبِ ابْنِ غَازِيٍّ) وقال العدوي في تصويب كلام شيخه الخرشي:(والْحَاصِلُ أَنَّ ابْنَ غَازِيٍّ فَهِمَ أَنَّ قَوْلَهُ (بِشَاهِدٍ) الْبَاءُ فِيهِ سَبَبِيَّةٌ، والرَّدُّ عَلَيْهِ بِجَعْلِهَا بِمَعْنَى مَعَ). انظر: شرح الخرشي، وحاشية العدوي عليه: 8/ 233، 234.

(4)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 2).

(5)

في (ن 2)، (ن 3):(وقد).

ص: 1096

فكيف [إذا](1) لَمْ يثبت قوله، وإنما شهد بِهِ شاهد واحد. انتهى (2). وما عزا الشارح للذخيرة عَن ابن زرب وهم؛ إنما فيها عنه نظائر أربع توجب القسامة منها: اعتراف القاتل غير المتهم [بالقتل](3) بالخطأ، يريد إِذَا ثبت الاعتراف بعد لين كقوله فِي ديات " المدونة ": ومن أقر بقتل خطأ فإن اتهم أنّه أراد إغناء ولد المقتول كالأخ والصديق لَمْ يصدق (4). وبِهِ يظهر لك أن ما فِي " الشامل " ليس بصحيح.

وَإِنْ نَكَلُوا، أَوْ بَعْضٌ حَلَفَتِ الْعَاقِلَةُ فَمَنْ نَكَلَ فَحِصَّتُهُ عَلَى الأَظْهَرِ، ولا يَحْلِفُ فِي الْعَمْدِ أَقَلُّ مِنْ رَجُلَيْنِ عَصَبَةً، وإِلا فَمَوَالٍ، ولِلْوَلِيِّ الاسْتِعَانَةُ بِعَاصِبِهِ، ولِلْوَلِيِّ فَقَطْ حَلِفُ الأَكْثَرِ، إِنْ لَمْ تَزِدْ عَلَى نِصْفِهَا، ووُزِّعَتْ، واجْتُزِئَ بِاثْنَيْنِ طَاعَا مِنْ أَكْثَرَ، ونُكُولُ الْمُعِينِ غَيْرُ مُعْتَبَرٍ، بِخِلافِ غَيْرِهِ، ولَوْ بَعَدُوا فَتُرَدُّ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِمْ، فَيَحْلِفُ كُلٌّ خَمْسِينَ، ومَنْ نَكَلَ حُبِسَ، حَتَّى يَحْلِفَ.

قوله: (وَإِنْ نَكَلُوا، أَوْ بَعْضٌ حَلَفَتِ الْعَاقِلَةُ فَمَنْ نَكَلَ فَحِصَّتُهُ عَلَى الأَظْهَرِ) فى " المقدمات " و " البيان " إِن نكلوا عَن الأيمان أَو بعضهم ففيه خمسة أَقْوَال:

أحدها: رد الأيمان عَلَى العاقلة يحلفون كلهم، ولَو كانوا عشرة آلاف، والقاتل كأحدهم فمن حلف فلا غرم عَلَيْهِ، ومن نكل غرم ما يجب عَلَيْهِ وهُواحد قولي ابن القاسم وهُوَ أصحها، وعَلَيْهِ اقتصر هنا (5).

(1) في (ن 1)، و (ن 2):(إذ).

(2)

انظر البيان والتحصيل، لابن رشد: 16/ 18، والنص مستغلق في البيان والتحصيل، ولا يؤدي ما فصّله المؤلف، خاصة وأن عبارة المؤلف تشي بأنه نقل نص البيان بلفظه.

(3)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1)، و (ن 3).

(4)

انظر تهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 579، ونص المدونة، لابن القاسم:(سألت مالكا عن الرجل يقر بالقتل خطأ فقال لي مالك: أرى أن ينظر في ذلك، فإن كان الذي أقر له ممن يتهم أن يكون إنما أراد غنى ولده مثل الأخ والصديق لم أر أن يقبل قوله، وإن كان الذي أقر بقتله من الأباعد ممن لا يتهم فيه رأيت أن يقبل قوله): 16/ 406.

(5)

انظر تفصيل الأقوال الخمسة في البيان والتحصيل، لابن رشد، في سماع عيسى من ابن القاسم، المسألة الخامسة: 15/ 482، وما بعدها، وانظرها في المقدمات الممهدات، لابن رشد: 2/ 396، وحاصلها: الْأَوَّلُ: رَدُّ الْأَيْمَانِ عَلَى الْعَاقِلَةِ يَحْلِفُونَ كُلُّهُمْ. . فَمَنْ حَلَفَ فَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ، ومَنْ نَكَلَ غَرِمَ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ. .، وهُوَ أَصَحُّهَا.

الثَّانِي: يَحْلِفُ مِنْ الْعَاقِلَةِ خَمْسُونَ رَجُلاً يَمِيناً يَمِيناً، فَإِنْ حَلَفُوا بَرِئَتْ الْعَاقِلَةُ مِنْ الدِّيَةِ كُلِّهَا، وإِنْ حَلَفَ بَعْضُهُمْ بَرِئَ ولَزِمَ بَقِيَّةَ الْعَاقِلَةِ كُلِّهَا حَتَّى يُتِمُّوا خَمْسِينَ يَمِيناً. =

= الثَّالِثُ: أَنَّهُمْ إنْ نَكَلُوا فَلَا حَقَّ لَهُمْ، أَوْ نَكَلَ بَعْضُهُمْ فَلَا حَقَّ لَهُ ولَا يَمِينَ عَلَى الْعَاقِلَةِ. .

والرَّابِعُ: أَنَّ الْيَمِينَ تَرْجِعُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ وَحْدَهُ، فَإِنْ حَلَفَ بَرِئَ، وإِنْ نَكَلَ فَلَا يَلْزَمُ الْعَاقِلَةَ شَيْءٌ بِنُكُولِهِ.

والْخَامِسُ: رَدُّ الْأَيْمَانِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، فَإِنْ حَلَفَتْ بَرِئَتْ، وإِنْ نَكَلَتْ غَرِمَتْ نِصْفَ الدِّيَةِ.

ص: 1097

ولا اسْتِعَانَةَ، وإِنْ أَكْذَبَ بَعْضٌ نَفْسَهُ بَطَلَ، بِخِلافِ عَفْوِهِ، فَلِلْبَاقِي نَصِيبُهُ مِنَ الدِّيَةِ، ولا يُنْتَظَرُ صَغِيرٌ، بِخِلافِ الْمُغْمَى عَلَيْهِ، والْمُبَرْسَمِ إِلا أَنْ لا يُوجَدَ غَيْرُهُ فَيَحْلِفَ الْكَبِيرُ حِصَّتَهُ.

قوله: (وَلا اسْتِعَانَةَ) إنما عزاه فِي " المقدمات " لمطرف (1)، فقال ابن عرفة ذكره ابن حارث رواية لمطرف وأبو محمد قولا له ورواية؛ وإنما اقتصر عَلَيْهِ المصنف هنا؛ لأن ابن عبد السلام عزاه للمدونة واستظهره، وإِلا فقول ابن القاسم فِي المجموعة: أن الأيمان ترد عليهم ويحلف معهم المتهم هُوَ الذي حمل أبو الحسن الصغير " المدونة " عَلَيْهِ، وهُوَ ظاهر " الرسالة " وعَلَيْهِ درج ابن الحاجب وهذا كله فِي " التوضيح ".

وَالصَّغِيرُ مَعَهُ، ووَجَبَ بِهَا الدِّيَةُ فِي الْخَطَإِ، والْقَوَدُ فِي الْعَمْدِ مِنْ وَاحِدٍ تَعَيَّنَ لَهَا، ومَنْ أَقَامَ شَاهِداً عَلَى جُرْحٍ، أَوْ قَتْلِ كَافِرٍ، أَوْ عَبْدٍ، أَوْ جَنِينٍ حَلَفَ وَاحِدَةً، وأَخَذَ الدِّيَةَ، وإِنْ نَكَلَ بَرِئَ الْجَارِحُ، إِنْ حَلَفَ، وإِلا حُبِسَ، فَلَوْ قَالَتْ دَمِي وجَنِينِي عِنْدَ فُلانٍ، فَفِيهَا الْقَسَامَةُ، ولا شَيْءَ فِي الْجَنِينِ، ولَوِ اسْتَهَلَّ.

قوله: (وَالصَّغِيرُ مَعَهُ) ما وجدته إِلا لابن الحاجب (2)، وقبله ابن عبد السلام، وعلله المصنف بأنّه أرهب، وأضرب عنه ابن راشد القفصي وابن عرفة. والله تعالى أعلم.

(1) انظر: المقدمات الممهدات، لابن رشد: 2/ 392، ونصه:(أن المدعي يحلف وحده، ولا يكون له أن يستعين بأحد من ولاته في الأيمان كما يكون ذلك لولاة المقتول، وهذا قول مطرّف في الواضحة).

(2)

عبارة ابن الحاجب: (ولا ينتظر الصغير إلا أن لا يوجد حالف فيحلف نصفها والصغير معه).

ص: 1098