المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ ‌[باب الدماء] إِنْ أَتْلَفَ مُكَلَّفٌ، وإِنْ رُقَّ، غَيْرُ حَرْبِيٍّ، ولا زَائِدِ - مختصر خليل - ومعه شفاء الغليل في حل مقفل خليل - جـ ٢

[ابن غازي - خليل بن إسحاق الجندي]

فهرس الكتاب

- ‌[باب البيوع]

- ‌[باب الصرف]

- ‌[باب المطعومات]

- ‌[باب البيوع المنهي عنها]

- ‌[باب بيوع الآجال]

- ‌[فصل]

- ‌[باب الردّ بالعيب]

- ‌[باب المرابحة والمداخلة والثمار، والعرية والجائحة والمنازعة]

- ‌[ما يتناوله البيع]

- ‌[اختلاف المتبايعين]

- ‌[باب السلم والقرض والمقاصّة]

- ‌[فصل]

- ‌[أحكام المقاصة]

- ‌[باب الرهن]

- ‌[باب التفليس]

- ‌[باب الحجر]

- ‌[باب الصلح]

- ‌[باب الحوالة]

- ‌[باب الضمان]

- ‌[باب الشركة]

- ‌[باب المزارعة]

- ‌[باب الوكالة]

- ‌[باب الإقرار]

- ‌[باب الاستلحاق]

- ‌[باب الإيداع]

- ‌[باب العارية]

- ‌[باب الغصب]

- ‌[باب الاستحقاق]

- ‌[باب الشفعة]

- ‌[باب القسمة]

- ‌[باب القِرَاضِ]

- ‌[باب المساقاة]

- ‌[باب الإجارة]

- ‌[فصل كراء الدوابّ والرباع]

- ‌[فصل]

- ‌[باب الجعل]

- ‌[باب إحياء الموات]

- ‌[باب الوقف]

- ‌[باب الهبة]

- ‌[باب اللُقَطة]

- ‌[باب الأقضية]

- ‌[أحكام القضاء]

- ‌[باب الشهادة]

- ‌[باب الدماء]

- ‌[فصل الدية]

- ‌[باب الباغية]

- ‌[باب الردة]

- ‌[باب الزنا]

- ‌[باب القذف]

- ‌[باب السرقة]

- ‌[باب الحرابة]

- ‌[باب الخمر والحد والضمان]

- ‌[باب العتق]

- ‌[باب التدبير]

- ‌[باب الكتابة]

- ‌[باب أم الولد والولاء]

- ‌[أحكام الولاء]

- ‌[باب الوصية]

- ‌[باب الفرائض]

الفصل: ‌ ‌[باب الدماء] إِنْ أَتْلَفَ مُكَلَّفٌ، وإِنْ رُقَّ، غَيْرُ حَرْبِيٍّ، ولا زَائِدِ

[باب الدماء]

إِنْ أَتْلَفَ مُكَلَّفٌ، وإِنْ رُقَّ، غَيْرُ حَرْبِيٍّ، ولا زَائِدِ حُرِّيَّةٍ أَوْ إِسْلامٍ حِينَ الْقَتْلِ، إِلا لِغِيلَةٍ.

[132 / ب] قوله: (إِلا لِغِيلَةٍ) هذا كقوله فِي " المدونة ": إِلا أن يقتله غيلة (1). قال ابن عرفة: هو استثناء منقطع لأنّه بالحرابة قتل؛ لأن الغيلة حرابة؛ ولهذا قال فيها: إِن قطع يديه ورجليه غيلة حكم عَلَيْهِ بحكم المحارب (2)، وعَلَى الإنقطاع حمل فِي توضيحه كلام ابن الحاجب.

مَعْصُوماً لِلتَّلَفِ والإِصَابَةِ بِإِيمَانٍ أَوْ أَمَانٍ. كَالْقَاتِلِ مِنْ غَيْرِ الْمُسْتَحِقِّ، وأُدِّبَ كَمُرْتَدٍّ، وزَانٍ أُحْصِنَ، ويَدِ سَارِقٍ فَالْقَوْدُ مُتَعَيِّناً، وإِنْ قَالَ إِنْ قَتَلْتَنِي أَبْرَأْتُكَ، ولا دِيَةَ لِعَافٍ مُطْلِقٍ إِلا أَنْ تَظْهَرَ إِرَادَتُهَا. فَيَحْلِفُ، ويَبْقَى عَلَى حَقِّهِ إِنِ امْتَنَعَ. كَعَفْوِهِ عَنِ الْعَبْدِ، واسْتَحَقَّ وَلِيٌّ دَمَ مَنْ قَتَلَ الْقَاتِلَ، أَوْ قَطَعَ يَدَ الْقَاطِعِ. كَدِيَةِ خَطَإٍ، فَإِنْ أَرْضَاهُ وَلِيُّ الثَّانِي، فَلَهُ، وإِنْ فُقِئَتْ عَيْنُ الْقَاتِلِ، أَوْ قُطِعَتْ يَدُهُ، ولَوْ مِنَ الْوَلِيِّ بَعْدَ أَنْ أُسْلِمَ لَهُ فَلَهُ الْقَوَدُ، وقُتِلَ الأَدْنَى بِالأَعْلَى كَحُرٍّ كِتَابِيٍّ بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ، والْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ مِنْ كِتَابِيٍّ ومَجُوسِيٍّ ومُؤَمَّنٍ كَذَوِي الرِّقِّ، وذَكَرٍ، وصَحِيحٍ، وضَدِّهِمَا، وإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ عَمْداً بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَسَامَةٍ خُيِّرَ الْوَلِيُّ، فَإِنِ اسْتَحْيَاهُ فَلِسَيِّدِهِ، إِسْلامُهُ، أَوْ فِدَاؤُهُ، إِنْ قَصَدَ ضَرْباً، ولَوْ بِقَضِيبٍ كَخَنْقٍ ومَنْعِ طَعَامٍ، أَوْ مُثَقَّلٍ.

قوله: (مَعْصُوماً لِلتَّلَفِ والإِصَابَةِ) كأنّه يعني للتلف فِي النفس والإصابة فِي الجرح ففي النوادر لَو جرح مسلم مسلماً فارتد (3) المجروح ثم نُزِيَ فيه، فمات فاجتمع الناس عَلَى [أن لا قود] (4)؛ لأنّه صار إِلَى ما أحل دمه (5). أشهب: لَو قطع مسلم يد مسلم، ثم ارتد الذي

(1) انظر: المدونة، لابن القاسم: 16/ 430، ونصّها:(أرأيت إن قتل رجل ولياً لي قتل غيلة، فصالحته على الدية أيجوز هذا في قول مالك؟ قال: لا، إنما ذلك إلى السلطان، ليس لك ها هنا شيء، وترد ما أخذت منه، ويحكم عليه السلطان بحكم المحارب فيقتله السلطان يضرب عنقه أو يصلبه إن أحب حيا فيقتله مصلوبا)، ونص التهذيب:(ومن قتل وليه قتل غيلة، فصالح فيه على الدية، فذلك مردود، والحكم فيه إلى الإمام، إما أن يقتله أو يصلبه حياً ثم يقتله، على ما يرى من أشنع ذلك) انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 600.

(2)

انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 598.

(3)

في (ن 1)، و (ن 3):(فارتدى).

(4)

في (ن 1): (القود)، وفي (ن 3):(لا قود).

(5)

انظر: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 13/ 550.

ص: 1073

قطعت يده فمات مرتداً أَو قتل لثبت القصاص فِي قطع اليد عَلَى الجاني، وليس لورثته أن [يقسموا عَلَى الجاني فيقتلوه](1)؛ لأن الموت كَانَ وهو مرتد.

وَلا قَسَامَةَ إِنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ (2)، أَوْ مَاتَ مَغْمُوراً، وكَطَرْحِ غَيْرِ مُحْسِنٍ لِلْعَوْمِ. عَدَاوَةً، وإِلا فَدِيَةٌ، وكَحَفْرِ بِئْرٍ، وإِنْ بِبَيْتِهِ، ووَضْعِ مُزْلِقٍ، أَوْ رَبْطِ دَابَّةٍ بِطَرِيقٍ واتِّخَاذِ كَلْبٍ عَقُورٍ تُقُدِّمَ لِصَاحِبِهِ قَصْدَ الضَّرَرِ، وهَلَكَ الْمَقْصُودُ.

قوله: (وَلا قَسَامَةَ إِنْ أَنْفَذَ مَقْتَلَهُ، أَوْ مَاتَ مَغْمُوراً) كذا سوّى بينهما فِي " المدونة " فِي نفي القسامة فقال فِي الأول: وأما إِن شقت حشوته فتكلم وأكل وعاش يومين أَو ثلاثة فأنّه يقتل قاتله بغير قسامة، إِذَا كَانَ قد أنفذ مقاتله، وقال فِي الثاني: ومن ضرب فمات تحت الضرب أَو بقي مغموراً لَمْ يأكل ولَمْ يشرب ولَمْ يتكلم ولَمْ يفق حتى مات فلا قسامة فيه (3). كذا اختصرها أبو سعيد وهو موافق لما فِي الأمهات (4) فتأمله مَعَ قوله فِي توضيحه: ظاهر " المدونة " أن فِي المغمور القسامة. مَعَ حمله كلام ابن الحاجب عَلَى نفي القسامة عَلَى ما فِي النسخة التي رأيتها (5) من " التوضيح "(6).

وَإِلا فَالدِّيَةُ، وكَالإِكْرَاهِ، وتَقْدِيمِ مَسْمُومٍ.

قوله: (وإِلا فَالدِّيَةُ) لا يقال (7) فِي مثله استثناء (8).

(1) في (ن 3): (يقتسموا على الجاني أن يقتلوه).

(2)

في أصل المختصر والمطبوعة: (بَشَيْءٍ).

(3)

النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي:(4/ 604، والنص المسوق به تقديم وتأخير، ونص المدونة، لابن القاسم: (أرأيت إن شققت بطن رجل فتكلم وأكل وعاش يومين أو ثلاثة، ثم مات من ذلك أتكون فيه القسامة أم لا؟ قال: لم أوقف مالكا على هذا، ولكن مالكا قال: من ضربه ثم مات تحت الضرب أو بقي بعد الضرب مغموراً لم يأكل ولم يشرب ولم يتكلم ولم يفق حتى مات فهذا الذي لا قسامة فيه) انظر: المدونة، لابن القاسم: 16/ 434.

(4)

هذا النص بعينه نصّ المدونة التي عبّر هنا المؤلف هنا بالأمهات.

(5)

في (ن 1): (رأينا).

(6)

قال ابن الحاجب: (فلو لطمه أو وكزه أو رماه بحجر أو ضربه بعصاً متعمداً على وجه القتال لا اللعب فمات عاجلاً أو مغموراً لم يتكلم ففيه القود فلو مات بعد وقد تكلم يوماً أو أياماً فالقول بقسامة) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص 488.

(7)

في (ن 1): (يقبل).

(8)

في (ن 2): (استئناف).

ص: 1074

وَرَمْيِهِ عَلَيْهِ حَيَّةً وكَإِشَارَتِهِ بِسَيْفٍ فَهَرَبَ، وطَلَبَهُ، وبَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ، [وَإِنْ سَقَطَ فَبِقَسَامَةٍ](1)، وإِشَارَتُهُ فَقَطْ خَطَأٌ.

قوله: (وَرَمْيِهِ عَلَيْهِ) إشارة لما فِي النوادر عن (2) ابن حبيب عن أصبغ فيمن طرح (3) حيّة عَلَى رجل يعرف أنها قاتلة قال فِي توضيحه: ولو قيل بالقصاص فِي الحيّة ولَو لَمْ يعرف أنها قاتلة [ما بعد](4).

وقال ابن عرفة: مقتضى قوله فِي " المدونة ": إِذَا تعمده بضرب لطمة فمات قتل بِهِ (5). عدم شرط معرفة أن الحيّة قاتلة ما لَمْ يكن عَلَى وجه اللعب.

وَكَالإِمْسَاكِ لِلْقَتْلِ، ويُقْتَلُ الْجَمِيعُ بِوَاحِدٍ، والْمُتَمَالِئُونَ، وإِنْ بِسَوْطٍ سَوْطٍ [77 / أ]، والْمُتَسَبِّبُ مَعَ الْمُبَاشِرِ، كَمُكْرِهٍ ومُكْرَهٍ، وكَأَبٍ، أَوْ مُعَلِّمٍ أَمَرَ وَلَداً صَغِيراً، أَوْ سَيِّدٍ أَمَرَ عَبْداً مُطْلَقاً، فَإِنْ لَمْ يَخَفِ الْمَأْمُورُ اقْتُصَّ مِنْهُ فَقَطْ، وعَلَى شَرِيكِ الصَّبِيِّ الْقِصَاصُ، إِنْ تَمَالآ عَلَى قَتْلِهِ، لا شَرِيكِ مُخْطِئٍ، ومَجْنُونٍ، وهَلْ يُقْتَصُّ مِنْ شَرِيكِ سَبُعٍ وجَارِحِ نَفْسِهِ، وحَرْبِيٍّ ومَرَضٍ بَعْدَ الْجُرْحِ، أَوْ عَلَيْهِ نِصْفُ الدِّيَةِ؟ قَوْلانِ.

قوله: (وَكَالإِمْسَاكِ لِلْقَتْلِ) هذه عبارة ابن الحاجب (6)، فكأنّه فهم فِي توضيحه أن اللام للتعليل فقال: مفهومه أنّه لَو أمسكه لا للقتل لَمْ يقتل بِهِ، وهكذا فِي الموطأ (7) وأما ابن عبد السلام فكأنّه فهم أن اللام لانتهاء الغاية فقال: أطلق ولَمْ يعتبر زيادة قيد عَلَى الإمساك

(1) في الأصل: (وسقط بقسامة).

(2)

في (ن 3): (وعن).

(3)

في (ن 3): (صرح).

(4)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 2)، وفي (ن 3):(يعلم).

(5)

انظر: المدونة، لابن القاسم: 16/ 308، ونصها:(أرأيت ما تعمدت من حصول بلطمة أو بلكزة أو ببندقة أو بحجر أو بقضيب أو بعصا أو بغير ذلك أفيه القود إذا مات من ذلك ثم مالك أم لا قال قال مالك في هذا كله القود).

(6)

انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:489.

(7)

قال في الموطأ: (قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يُمْسِكُ الرَّجُلَ لِلرَّجُلِ فَيَضْرِبُهُ فَيَمُوتُ مَكَانَهُ: أَنَّهُ إِنْ أَمْسَكَهُ وهُوَ يَرَى أَنَّهُ يُرِيدُ قَتْلَهُ، قُتِلَا بِهِ جَمِيعاً، وإِنْ أَمْسَكَهُ وهُوَ يَرَى أَنَّهُ إِنَّمَا يُرِيدُ الضَّرْبَ، مِمَّا يَضْرِبُ بِهِ النَّاسُ، لَا يَرَى أَنَّهُ عَمَدَ لِقَتْلِهِ، فَإِنَّهُ يُقْتَلُ الْقَاتِلُ وَيُعَاقَبُ الْمُمْسِكُ أَشَدَّ الْعُقُوبَةِ، ويُسْجَنُ سَنَةً، لأَنَّهُ أَمْسَكَهُ، ولَا يَكُونُ عَلَيْهِ الْقَتْلُ) انظر: الموطأ، لمالك بن أنس: 2/ 873، كتاب الأشربة، باب القصاص في القتل.

ص: 1075

فجعله مخالفاً لما فِي الموطأ، وغيره، وتبعه ابن عرفة فقال بعد ما ذكر نص الموطأ وغيره: فإطلاق ابن الحاجب إيجاب الإمساك للقود بلا قيد - متعقب.

تكميل:

قال ابن شاس: وشرط القاضي أبو عبد الله بن هارون البصري من أصحابنا فِي وجوب القصاص عَلَى الممسك شرطاً آخر وهو: أن يعلم أنّه لولا الممسك لَمْ يقدر عَلَى ذلك (1). ومن يد ابن شاس أخذها ابن عرفة وزاد: يؤيده قوله فِي " المدونة ": إِذَا حمل رجل عَلَى ظهر آخر شيئاً فِي الحرز، فخرج بِهِ الحامل، فإن كَانَ لا يقدر عَلَى إخراجه إِلا بحمل (2) الحامل عَلَيْهِ قطعا معا، وإِن كَانَ قادراً عَلَى حمله دونه قطع الخارج فقط. انتهى (3).

والذي وجدته فِي أول الطبقة التاسعة من " مدارك " عياض: القاضي أبو الحسن عَلَى ابن هارون من شيوخ المالكية من أهل البصرة، فإن كَانَ هو فلعل له كنيتان.

وَإِنْ تَصَادَمَا، أَوْ تَجَاذَبَا مُطْلَقاً قَصْداً فَمَاتَا أَواحدهُمَا فَالْقَوَدُ، وحُمِلا عَلَيْهِ عَكْسُ السَّفِينَتَيْنِ، إِلا لِعَجْزٍ حَقِيقِيٍّ لا (4) لِكَخَوْفِ غَرَقٍ، أَوْ ظُلْمَةٍ، وإِلا فَدِيَةُ كُلٍّ عَلَى عَاقِلَةِ الآخَرِ، وفَرَسُهُ فِي مَالِ الآخَرِ كَثَمَنِ الْعَبْدِ، وإِنْ تَعَدَّدَ الْمُبَاشِرُ، فَفِي الْمُمَالأَةِ يُقْتَلُ الْجَمِيعُ، وإِلا قُدِّمَ الأَقْوَى، ولا يَسْقُطُ الْقَتْلُ عِنْدَ الْمُسَاوَاةِ بِزَوَالِهَا بِعِتْقٍ، أَوْ إِسْلامٍ ولاضَمِنَ وَقْتَ الإِصَابَةِ، والْمَوْتِ، والْجُرْحُ كَالنَّفْسِ فِي الْفِعْلِ، والْفَاعِلِ، والْمَفْعُولِ، إِلا نَاقِصاً جَرَحَ كَامِلاْ، وإِنْ تَمَيَّزَتْ جِنَايَاتٌ بِلا تَمَالُؤٍ، فَمِنْ كُلٍّ كَفِعْلِهِ.

قوله: (وَإِنْ تَصَادَمَا، أَوْ تَجَاذَبَا مُطْلَقاً قَصْداً فَمَاتَا أَواحدهُمَا فَالْقَوَدُ) أي: فالحكم (5)

(1) انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 3/ 1094.

(2)

في (ن 1): (يحمل).

(3)

النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 427، قال في المدونة:(. . .القوم يدخلون جميعا فيحملون السرقة على واحد منهم، فيخرج بها واحد منهم يحملها، وهم الذين حملوها عليه فيقطعون جميعا، بمنزلة ما لو حملوا المتاع في حرزه على دابة بعير أو حمار فخرجوا به، إلا أنهم اجتمعوا في حمله على دابة أنهم يقطعون جميعا. قال ابن القاسم: وإنما ذلك في كل ما يحتاج إلى حمله لثقله أو لكثرته فأما ما يحمله منهم واحد فلا قطع على من أعانه منهم. .) انظر: المدونة، لابن القاسم: 16/ 269.

(4)

في أصل المختصر: (إلا).

(5)

في (ن 1)، و (ن 3):(فأحكام).

ص: 1076

القود، فهو بحذف مضاف فيكون كقول ابن الحاجب: فأحكام القصاص (1). فيستفاد (2) منه أنّه إِذَا مات أَحَدهمَا تمكن القصاص، وإِذَا ماتا معا بطل حقهما معاً؛ لأن من أحكام القصاص أن موت من وجب عَلَيْهِ القصاص يبطل حق من وجب له؛ حسبما قرر ابن عبد السلام، وتبعه فِي توضيحه.

واقْتُصَّ مِنْ مُوضِحَةٍ، أَوْضَحَتْ عَظْمَ الرَّأْسِ والْجَبْهَةِ والْخَدَّيْنِ، وإِنْ كَإِبْرَةٍ، وسَابِقِهَا مِنْ دَامِيَةٍ، وحَارِصَةٍ (3) شَقَّتِ الْجِلْدَ، وسِمْحَاقٍ كَشَطَتْهُ، وبَاضِعَةٍ شَقًتِ اللَّحْمَ، ومُتَلاحِمَةٍ غَاصَتْ فِيهِ بِمُتَعَدِّدٍ، ومِلْطَأةٍ قَرُبَتْ لِلْعَظْمِ كَضَرْبَةِ السَّوْطِ، وجِرَاحِ الْجَسَدِ، وإِنْ مُنَقِّلَةً بِالْمِسَاحَةِ إِنِ اتَّحَدَ الْمَحَلُّ كَطَبِيبٍ زَادَ عَمْداً، وإِلا فَالْعَقْلُ كَيَدٍ شَلاءَ عَدِمَتِ النَّفْعَ بِصَحِيحَةٍ، وبِالْعَكْسِ، وعَيْنِ أَعْمَى، ولِسَانِ أَبْكَمَ، ومَا بَعْدَ الْمُوضِحَةِ مِنْ مُنَقِّلَةٍ أَطَارَتْ فِرَاشَ الْعَظْمِ مِنَ الدَّوَاءِ، وآمَّةٍ أَفْضَتْ لِلدِّمَاغِ، ودَامِغَةٍ خَرَقَتْ خَرِيطَتَهُ (4)،كَلَطْمَةٍ، وشُفْرِ عَيْنٍ، وحَاجِبٍ، ولَحْيِةِ، وعَمْدُهُ كَالْخَطَإِ إِلا فِي الأَدَبِ.

قوله: (بِالْمِسَاحَةِ) يتعلق باقتصّ وميمه مكسورة.

وَإِلا أَنْ يَعْظُمَ الْخَطَرُ فِي غَيْرِهَا كَعَظْمِ الصَّدْرِ، وفِيهَا أَخَافُ فِي رَضِّ الأُنْثَيَيْنِ أَنْ يَتْلَفَ، وإِنْ ذَهَبَ كَبَصَرٍ (5) بِجُرْحٍ اقْتُصَّ مِنْهُ، فَإِنْ حَصَلَ، أَوْ زَادَ، وإِلا فَدِيَةٌ مَا لَمْ يَذْهَبْ وإِنْ ذَهَبَ والْعَيْنُ قَائِمَةٌ، فَإِنِ اسْتُطِيعَ كَذَلِكَ، وإِلا فَالْعَقْلُ كَأَنْ شُلَّتْ يَدُهُ بِضَرْبَةٍ، وإِنْ قُطِعَتْ يَدُ قَاطِعٍ بِسَمَاوِيٍّ، أَوْ سَرِقَةٍ، أَوْ قِصَاصٍ لِغَيْرِهِ، فَلا شَيْءَ لِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ، وإِنْ قَطَعَ أَقْطَعُ الْكَفِّ مِنَ الْمِرْفَقِ، فَلِلْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ الْقِصَاصُ، أَوِ الدِّيَةُ كَمَقْطُوعِ الْحَشَفَةِ، وتُقْطَعُ الْيَدُ النَّاقِصَةُ إِصْبَعاً بِالْكَامِلَةِ بِلا غُرْمٍ، وخُيِّرَ إِنْ نَقَصَتْ أَكْثَرَ فِيهِ، وفِي الدِّيَةِ، وإِنْ نَقَصَتْ يَدُ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ فَالْقَوَدُ ولَوْ إِبْهَاماً لا أَكْثَرَ.

قوله: (وَإِلا أَنْ يَعْظُمَ الْخَطَرُ فِي غَيْرِهَا) كذا فِي النسخ التي رأينا، ولعله إنما قال: وكأن

(1) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:490.

(2)

في الأصل: (فيستقاد).

(3)

الحارِصَةُ: هي التي تَقْشِرُ الجلد ولا تُدْمِيهِ. والحارِصَةُ الشجة التي تشق الجلد قليلاً. انظر: لسان العرب، لابن منظور: 2/ 303، 7/ 11.

(4)

في أصل المختصر: (خريصته). .

(5)

في الأصل: (كبرص).

ص: 1077

يعظم، بكاف التشبيه فالتبست عَلَى الناسخ بإلا، وأما جعله معطوفا عَلَى قوله:(وَإِلا فالعقل) فعجمة لا تليق بالمصنف؛ لأن إِلا الثانية استثنائية، والأولى مركبة من إِن الشَرْطية ولا النافية (1).

وَلا يَجُوزُ بِكُوعٍ لِذِي مِرْفَقٍ، وإِنْ رَضِيَا، وتُؤْخَذُ الْعَيْنُ السَّلِيمَةُ بِالضَّعِيفَةِ خِلْقَةً أَوْ مِنْ كِبَرٍ، ولِجُدَرِيٍّ أَوْ لِكَرَمْيَةٍ فَالْقَوْدُ، إِنْ تَعَمَّدَ، وإِلا فَبِحِسَابِهِ وإِنْ فَقَأَ سَالِمٌ عَيْنَ أَعْوَرَ فَلَهُ الْقَوَدُ، وأَخْذُ الدِّيَةِ كَامِلَةً مِنْ مَالِهِ، وإِنْ فَقَأَ أَعْوَرُ مِنْ [77 / ب] سَالِمٍ مُمَاثِلَتَهُ فَلَهُ الْقِصَاصُ أَوْ دِيَةُ مَا تَرَكَ وغَيْرَهَا فَنِصْفُ دِيَةٍ فَقَطْ فِي مَالِهِ، وإِنْ فَقَأَ عَيْنَيِ السَّالِمِ. فَالْقَوَدُ ونِصْفُ الدِّيَةِ، وإِنْ قُلِعَتْ سِنٌّ فَنَبَتَتْ فَالْقَوَدُ، وفِي الْخَطَإِ كَدِيَةِ الْخَطَإِ، والاسْتِيفَاءُ لِلْعَاصِبِ كَالْوَلاءِ، إِلا الْجَدَّ والإِخْوَةَ فَسِيَّانِ، ويَحْلِفُ الثُّلُثُ، وهَلْ إِلا فِي الْعَمْدِ، فَكَأَخٍ؟ تَأْوِيلانِ، وانْتُظِرَ غَائِبٌ لَمْ تَبْعُدْ غَيْبَتُهُ، ومُغْمًى، ومُبَرْسَمٌ لا مُطْبَقٌ وصَغِيرٌ لَمْ يَتَوَقَّفِ الثُّبُوتُ عَلَيْهِ، ولِلنِّسَاءِ إِنْ ورِثْنَ ولَمْ يُسَاوِهِنَّ عَاصِبٌ ولِكُلٍّ الْقَتْلُ، ولا عَفْوَ إِلا بِاجْتِمَاعِهِمْ كَأَنْ حُزْنَ الْمِيرَاثَ وثَبَتَ بِقَسَامَةٍ والْوَارِثُ كَمُوَرِّثِهِ، ولِلصَّغِيرِ إِنْ عُفِيَ، نَصِيبُهُ مِنَ الدِّيَةِ، ولِوَلِيِّهِ النَّظَرُ فِي الْقَتْلِ، أَوِ الدِّيَةِ كَامِلَةً. كَقَطْعِ يَدٍ إِلا لِعُسْرٍ فَيَجُوزُ بِأَقَلَّ بِخِلافِ قَتْلِهِ فَلِعَاصِبِهِ، والأَحَبُّ أَخْذُ الْمَالِ فِي عَبْدِهِ، ويَقْتَصُّ مَنْ يَعْرِفُ بِأَجْرٍ مِنَ الْمُسْتَحِقِّ، ولِلْحَاكِمِ رَدُّ الْقَتْلِ فَقَطْ لِلْوَلِيِّ، ونَهَى عَنِ الْعَبَثِ.

قوله: (وَلا يَجُوزُ بِكُوعٍ لِذِي مِرْفَقٍ، وإِنْ رَضِيَا) نحوه لابن الحاجب (2) وهو فِي النوادر عن الواضحة عن مطرف وابن الماجشون وأصبغ، وقبله أبو محمد وغيره وزعم ابن عرفة أن فيه [133 / أ] نظراً من وجهين:

(1) قلت: رحم الله المؤلف، وقدس الله روحه، فإن بعض الشروح التي وقفنا عليها شرحت بما رآه لائقاً بالمختصر وصاحبه، شرحها الخرشي كذلك بـ (وكأن يعظم) 8/ 163، وأشار لنسخة المؤلف، وشرحها في التاج والإكليل بـ (لا أن يعظم)، وهو لائق بذات المراد. انظر: التاج والإكليل: للمواق: 6/ 247، ورأي صاحب الشرح الكبير أن الأولى سقوط الواو من:(وإلا) قال: (ولو ترك الواو لكن أولى؛ لأن إثباتها يقتضي أنه معطوف على الاستثناء قبله، وهو ليس بصحيح) انظر: الشرح الكبير، للدردير: 4/ 253، وهي ساقطة من نسخة الحطاب في " مواهب الجليل ": 6/ 247. وأما صاحب منح الجليل فنقل عن البناني قوله: (الْبُنَانِيُّ لَا وَجْهَ لِهَذَا الْعَطْفِ هُنَا، وفِي بَعْضِ النُّسَخِ (وَكَأَنْ يَعْظُمَ الْخَطَرُ) بِلَفْظِ التَّشْبِيهِ مَعَ الْعَطْفِ، وهَذِهِ النُّسْخَةُ هِيَ الصَّوَابُ) انظر: منح الجليل: 9/ 48.

(2)

قال ابن الحاجب: (ولو قطع من المرفق لم يجز من الكوع ولو رضيا) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص 495.

ص: 1078

الأول: الدليل العام وهو الإجماع عَلَى وجوب ارتكاب أخف ضرر لدفع (1) ما هو أضرّ منه من نوعه، وضرر القطع من الكوع أخف منه من المرفق ضرورة، وقد قال ابن رشد فِي أجوبته: إِذَا لزم أحد الضررين وجب [ارتكاب](2) أخفهما.

والثاني: دليل ما فِي سماع عبد الملك [بن الحسن، يعني من كتاب الديات قال أخبرني من أثق بِهِ من أصحابي (3) عن ابن وهب أَو عن أشهب](4) فيمن ذهب بعض كفه بريشة خرجت فِي كفه، فخاف منها عَلَى ما بقي من يده [فقيل له: اقطع يدك من المفصل. أنّه إِن كَانَ لا يخاف عَلَيْهِ الموت من قطعه فلا بأس.

ابن رشد: إِن لَمْ يخف إِذَا لَمْ يقطع يده من المفصل إِلا عَلَى ما بقي من يده] (5) لَمْ يجز قطعها من المفصل إِن خيف عَلَيْهِ منه الموت، وإن خشي إِن لَمْ تقطع يده من المفصل أن يترامى أمر الريشة إِلَى موته منها فله قطعها من المفصل، وإن كَانَ مخوفاً إن (6) كَانَ الخوف عَلَيْهِ من الريشة أكثر، وقد أجاز مالك فِي " المدونة " لمن أحرقت سفينته أن يطرح نفسه فِي البحر، وإن علم أن فيه هلاكه، ولا خلاف أنّه يجوز له أن يفر من أمر يخاف منه الموت إِلَى أمر يرجو فيه النجاة، وإن لَمْ يأمن (7) منه الموت (8). انتهى. وفِي النظر، نظر، والله تعالى أبصر.

وأُخِّرَ لِحَرٍّ وبَرْدٍ، كَبُرْءٍ. كَدِيَةٍ خَطَأً، ولَوْ كَجَائِفَةٍ، والْحَامِلُ. وإِنْ بِجُرْحٍ مُخِيفٍ لا بِدَعْوَاهَا، وحُبِسَتْ. كَالْحَدِّ، والْمُرْضِعُ لِوُجُودِ مُرْضِعٍ، والْمُوَالاةُ فِي الأَطْرَافِ، كَحَدَّيْنِ للهِ لَمْ يُقْدَرْ عَلَيْهِمَا، وبُدِئَ بِأَشَدَّ لَمْ يُخَفْ. لا بِدُخُولِ الْحَرَمِ.

قوله: (كَبُرْءٍ) أي: كما يؤخر قصاص ما سوى النفس حتى يبرأ ويعضده (9) قوله

(1) في (ن 1)، و (ن 3):(يدفع).

(2)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 4).

(3)

في (ن 2): (أصحابنا).

(4)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).

(5)

ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1)، و (ن 3).

(6)

في (ن 1)، و (ن 2):(وإن).

(7)

في الأصل: (يؤمن).

(8)

انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 16/ 60، 61.

(9)

في (ن 3): (يفسده).

ص: 1079

بعده: كدية الخطأ إِلا أنّه لَو عطفه عَلَيْهِ بالواو لكان أفصح، ويحتمل أن يريد كما يؤخر الجاني المريض حتى يبرأ، وهو المناسب لقوله قبله:(وَأُخِّرَ لِحَرٍّ وبَرْدٍ) وقد يمكن أن يكون أرادهما معا، وقد صرح ابن الحاجب بهما معا (1)، وهو عَلَى منواله (2) ينسج فِي الغالب.

وَسَقَطَ إِنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي والْبِنْتُ أَوْلَى مِنَ الأُخْتِ فِي عَفْوٍ، وضِدِّهِ، وإِنْ عَفَتْ بِنْتٌ مِنْ بَنَاتٍ نَظَرَ الْحَاكِمُ وفِي رِجَال ونِسَاءٍ لَمْ يَسْقُطْ إِلا بِهِمَا، أَوْ بِبَعْضِهِمَا، ومَهْمَا أَسْقَطَ الْبَعْضُ، فَلِمَنْ بَقِيَ نَصِيبُهُ مِنْ [دِيَةِ عَمْدٍ](3) كَإِرْثِهِ، ولَوْ قِسْطاً مِنْ نَفْسِهِ.

قوله: (وَسَقَطَ إِنْ عَفَا رَجُلٌ كَالْبَاقِي) المجرور نعت لرجل، أي: مساوٍ للباقي فِي درجته.

كَإِرْثِهِ، ولَوْ قِسْطاً مِنْ نَفْسِهِ.

قوله: (كَإِرْثِهِ، ولَوْ قِسْطاً (4) مِنْ نَفْسِهِ) أشار بِهِ لقوله فِي ديات " المدونة ": ومن قتل رجلاً عمداً فلم يقتل حتى مات أحد ورثة المقتول، فكان القاتل وارثه بطل القصاص؛ لأنّه ملك من دمه حصة فهو كالعفو، ولبقية أصحابه عليهم حظهم من الدية (5).

ابن يونس: قال أشهب: إِلا أن يكون ممن لَو عفى لَمْ يجز عفوه إِلا باجتماعهم، فلا يبطل القصاص. قال فِي " التقييد ": قال أبو محمد صالح: هو ظاهر الكتاب من قوله: فهو كالعفو، ومن مسألة البنين والبنات إِذَا ماتت واحدة من البنات وتركت بنين).

ولأبي محمد صالح أشار ابن عرفة: ببعض الفاسيين، فمراد المصنف بالتشبيه: أن إرث القاتل دم (6) نفسه كالعفو عنه، وهو من باب عكس التشبيه.

(1) قال ابن الحاجب: (ويؤخر للحر والبرد المفرطين) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص 497.

(2)

في (ن 1)، و (ن 3):(مناوله).

(3)

في المطبوعة: (الدية).

(4)

في (ن 1): (فلو سقط).

(5)

قال في المدونة: (. . . القاتل إذا كان هو وارث الميت الذي له القصاص فقد بطل القصاص في رأيي ووجب عليه لأصحابه حظوظهم من الدية) انظر: المدونة، لابن القاسم: 16/ 441، والنص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 610.

(6)

في (ن 3): (عدم).

ص: 1080

وَإِرْثُهُ كَالْمَالِ، وجَازَ صُلْحُهُ فِي عَمْدٍ. بِأَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ، والْخَطَإِ كَبَيْعِ الدَّيْنِ، ولا يَمْضِي عَلَى عَاقِلِةِ. كَعَكْسِهِ، فَإِنْ عَفَا فَوَصِيَّةّ.

قوله: (وَإِرْثُهُ كَالْمَالِ) أي: وارث الدم كالمال لا كالاستيفاء، فإذا مات ولي الدم تنزل [ورثته منزلته](1) من غير خصوصية العصبة منهم عن ذوي الفروض، فيرثه البنات والأمهات، ويكون لهن العفو والقصاص، كما لَو كانوا كلهم عصبة؛ لأنهم ورثوه عمن كَانَ ذلك له، هذا قول ابن القاسم، وقد صرح بذلك فِي كتاب الرجم وكتاب الديات من " المدونة ".

ففي الرجم: من قتل وله أم وعصبة فماتت الأم فورثتها مكانها إِن أحبوا أن يقتلوا قتلوا، ولا عفو للعصبة (2) دونهم، كما لَو كانت الأم باقية (3). وفِي الديات: إِن مات من ولاة الدم رجل وورثته رجال ونساء، فللنساء من القتل والعفو ما للرجال؛ لأنهم ورثوا الدم عمن له ذلك (4).

قال ابن عرفة ففهم شارح ابن الحاجب (5): أن مراد ابن القاسم بالنساء الوارثات ما يشمل الزوجة وكذا الزوج فِي الرجال، وليس الأمر كذلك بل لا مدخل للأزواج فِي الدم؛ ففي النوادر عن " الموازية ": إن ترك القتيل عمداً بالبينة أُمَّاً وبنتاً وعصبة، فماتت الأم والبنت أَو العصبة فورثته فِي منابه (6)، إِلا الزوج والزوجة، فإن اختلف ورثة هذا الميت

(1) في (ن 3): (وارثه).

(2)

في (ن 1): (العصبية).

(3)

انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 403.

(4)

انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 610، وقال في المدونة:(لورثة ولي الدم إذا مات ما كان لولي الدم فإنما ورث النساء والرجال ما كان لصاحبهم وقد كان لصاحبهم أن يقتل أو يعفو فذلك لهم رجالهم ونسائهم) انظر: المدونة، لابن القاسم: 16/ 441، وانظر: النص أيضا في النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 14/ 123.

(5)

قال ابن الحاجب: (وفي كون إرثه على نحو المال أو على نحو الاستيفاء قولان لابن القاسم وأشهب) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص 499.

(6)

في النوادر والزيادات، لابن أبي زيد:(بناته) ولا وجه له وهو تصحيف.

ص: 1081

ومن بقي من أولياء القتيل (1) فلا عفو إِلا باجتماعهم (2). وذكر ابن رشد فِي الأجوبة: أن [133 / ب] ما فِي الموازية غير معزو، وهو (3) لابن القاسم فوجب حمل لفظ " المدونة " عَلَى هذا.

وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ، وإِنْ بَعْدَ سَبَبِهَا، أَوْ بِثُلُثِهِ، أَوْ بِشَيْءٍ إِذَا عَاشَ بَعْدَهَا مَا يُمْكِنُهُ التَّغْيِيرُ فَلَمْ يُغَيِّرْ بِخِلافِ الْعَمْدِ إِلا أَنْ يُنْفِذَ مَقْتَلَهُ، ويَقْبَلَ وَارِثُهُ الدِّيَّةَ وعَلِمَ، وإِنْ عَفَا عَنْ جُرْحِهِ، أَوْ صَالَحَ فَمَاتَ فَلأَوْلِيَائِهِ الْقَسَامَةُ، والْقَتْلُ، ورَجَعَ الْجَانِي فِيمَا أُخِذَ مِنْهُ، ولِلْقَاتِلِ الاسْتِحْلافُ عَلَى الْعَفْوِ، فَإِنْ نَكَلَ حَلَفَ وَاحِدَةً وبَرِئَ، وتُلُوِّمَ لَهُ فِي بَيِّنَتِهِ الْغَائِبَةِ وقُتِلَ بِمَا قَتَلَ، ولَوْ نَاراً إِلا بِخَمْرٍ، ولِوَاطٍ، وسِحْرٍ، ومَا يَطُولُ وهَلْ والسُّمُّ، أَوْ يَجْتَهِدُ فِي قَدْرِهِ تَأْوِيلانِ، فَيُغَرَّقَ، ويُخْنَقَ، ويُحَجَّرَ.

قوله: (وَتَدْخُلُ الْوَصَايَا فِيهِ، وإِنْ بَعْدَ سَبَبِهَا، أَوْ بِثُلُثِهِ، أَوْ بِشَيْءٍ إِذَا عَاشَ بَعْدَهَا [مَا يُمْكِنُهُ التَّغْيِيرُ فَلَمْ يُغَيِّرْ) كذا فِي بعض النسخ عَلَى المبالغة المعكوسة وصوابه: وإِن قبل (4) سببها فيه تستقيم المبالغة، ويكون المجروران معطوفين عَلَى الظرف، فالكل فِي حيّز المبالغة، وفِي بعض النسخ: وتدخل الوصايا فيه بعد سببها أَو بثلثه أَو بشيء قبلها إِذَا عاش بعدها] (5)

إِلَى آخره كلفظ ابن الحاجب (6) وأصلها فِي كتاب الديات من " المدونة " قال فيه: وإِذَا عفا المقتول خطأً عن ديته جَازَ ذلك فِي ثلثه، فإن لَمْ يكن له مال وأوصى مَعَ ذلك بوصايا فلتحاصّ (7) العاقلة وأهل الوصايا فِي ثلث ديته، ولَو أوصى بثلثٍ لرجل بعد الضرب دخلت الوصية فِي ديته؛ لأنّه قد علم أن قتل الخطأ مال، وكذلك لَو أوصى بثلثه قبل أن يضرب وعاش بعد الضرب ومعه من عقله ما يعرف بِهِ ما هو فيه فلم يغير الوصية (8).

(1) في الأصل، (ن 1)، و (ن 2):(القتل).

(2)

انظر: النوادر والزيادات، لابن أبي زيد: 14/ 125.

(3)

في (ن 2): (هو).

(4)

في (ن 1): (قتل).

(5)

ما بين المعكوفتين مكرر في (ن 3).

(6)

قال ابن الحاجب: (ويدخل في ثلثها (أي: الوصية) من أوصى له بعد سببها أو بثلثه قبلها أو بشيء إذا عاش بعدها ما يمكنه التغيير فلم يغير بخلاف العمد فإنه لا مدخل للوصية فيه) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص 498.

(7)

في الأصل، و (ن 2)، و (ن 4):(فلتتحاصص) والمثبت عن باقي النسخ، وهو لفظ التهذيب ولفظ ابن الحاجب أيضاً.

(8)

انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 609.

ص: 1082

وَضُرِبَ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ كَذِي عَصَوَيْنِ، ومُكِّنَ مُسْتَحِقٌّ مِنَ السَّيْفِ مُطْلَقاً، وانْدَرَجَ طَرَفٌ إِنْ تَعَمَّدَهُ، وإِنْ لِغَيْرِهِ لَمْ يَقْصِدْ مُثْلَةً كَالأَصَابِعِ فِي الْيَدِ، ودِيَةُ الْخَطَإِ عَلَى الْبَادِي مُخَمَّسَةٌ بِنْتُ مَخَاضٍ، وبِنْتُ لَبُون ووَلَدُ لَبُونٍ، وحِقَّةٌ وجَذَعَةٌ [78 / أ]، ورُبِّعَتْ فِي عَمْدٍ بِحَذْفِ ابْنِ اللَّبُونِ، وثُلِّثَتْ فِي الأَبِ ولَوْ مَجُوسِيَّاً فِي عَمْدٍ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ كَجَرْحِهِ بِثَلاثِينَ حِقَّةً، وثَلاثِينَ جَذَعَةً وأَرْبَعِينَ خَلِفَةً بِلا حَدِّ سِنٍّ، وعَلَى الشَّامِيِّ، والْمَصْرِيِّ، والْمَغْرِبِيِّ، أَلْفُ دِينَارٍ، وعَلَى الْعِرَاقِيِّ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ دِرْهَمٍ، إِلا فِي الْمُثَلَّثَةِ، فَيُزَادُ نِسْبَةُ مَا بَيْنَ الدِّيَتَيْنِ، والْكِتَابِيُّ، والْمُعَاهِدُ نِصْفُهُ والْمَجُوسِيُّ والْمُرْتَدُّ ثُلُثُ خُمُسٍ، وأُنْثَى كُلٍّ نُصْفُهُ، وفِي الرَّقِيقِ قِيمَتُهُ، وإِنْ زَادَتْ عَلَى دِيَةِ الْحُرِّ.

قوله: (وَضُرِبَ بِالْعَصَا لِلْمَوْتِ كَذِي عَصَوَيْنِ) لام (للموت) لانتهاء الغاية، وكاف (كَذِي) للتمثيل لا للتنظير وفي بعض النسخ: لذي بلام التعدية أَو لام التبيين. قال فِي " المدونة ": فإن ضربه عصوين فمات منهما، فإن القاتل يضرب بالعصا أبداً حتى يموت كذا اختصره أبو سعيد عَلَى الصواب فِي اللغة. في الأمهات: عصاتين، وعَلَيْهِ اختصر ابن يونس (1). وبالله تعالى التوفيق.

(1) انظر: المدونة، لابن القاسم: 16/ 226، وانظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 597، وذكرها في التهذيب:(عصاوين) ولا وجه له، والصواب ما للمؤلف هنا، وما في نسخته من التهذيب.

ص: 1083