الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب البيوع المنهي عنها]
وفَسَدَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، إِلا بِدَلِيلٍ كَحَيَوَانٍ بِلَحْمِ جِنْسِهِ، إِنْ لَمْ يُطْبَخْ، أَوْ بِمَا لا تَطُولُ حَيَاتُهُ، أَوْ لا مَنْفَعَةَ فِيهِ، إِلا اللَّحْمَ، أَوْ قَلَّتْ فَلا يَجُوزُ إِنْ بِطَعَامٍ لأَجَلٍ كَخَصِيِّ ضَأْنٍ، وكَبَيْعِ الْغَرَرِ كَبَيْعِهَا بِقِيمَتِهَا، أَوْ عَلَى حُكْمِهِ، أَوْ حُكْمِ غَيْرِهِ، أَوْ رِضَاهُ وتَوْلِيَتِكَ سِلْعَةً لَمْ تَذْكُرْهَا، أَوْ ثَمَنَهَا بِإِلْزَامٍ، وكَمُلامَسَةِ الثَّوْبِ أَوْ مُنَابَذَتِهِ، فَيَلْزَمُ، وبَيْعِ الْحَصَاةِ.
قوله: (بِإِلْزَامٍ) ينبغي أن يكون منطبقاً على قوله: (كَبَيْعِهَا بِقِيمَتِهَا) وما عطف عليه.
وهَلْ هُوَ بَيْعُ مُنْتَهَاهَا.
قوله: (وهَلْ هُوَ بَيْعُ مُنْتَهَاهَا؟) أي: بيع منتهى الحصاة من الأرض.
أَوْ يَلْزَمُ بِوُقُوعِهَا أَوْ عَلَى مَا تَقَعُ عَلَيْهِ بِلا قَصْدٍ.
قوله: (أَوْ يَلْزَمُ بِوُقُوعِهَا أَوْ عَلَى مَا تَقَعُ عَلَيْهِ بِلا قَصْدٍ) نفي القصد يرجع لهذين التأويلين معاً.
أَوْ بِعَدَدِ مَا تَقَعُ عَلَيْهِ؟ تَفْسِيرَاتٌ، وكَبَيْعِ مَا فِي بُطُونِ الإِبِلِ أَوْ ظُهُورِهَا، أَوْ إِلَى أَنْ يُنْتَجَ النِّتَاجُ - وهِيَ الْمَضَامِينُ والْمَلاقِيحُ - وحَبَلُ الْحَبَلَةِ، وكَبَيْعِهِ بِالنَّفَقَةِ عَلَيْهِ حَيَاتَهُ، ورَجَعَ بِقِيمَةِ مَا أَنْفَقَ، أَوْ بِمِثْلِهِ، إِنْ عُلِمَ. [48 / ب] وَلَوْ سَرَفاً عَلَى الأَرْجَحِ ورُدَّ، إِلا أَنْ يَفُوتَ.
قوله: (أَوْ بِعَدَدِ مَا تَقَعُ عَلَيْهِ) عبّر عن هذا فِي " المعلم " بأن يقول: ارم بالحصاة، فما خرج كان لي بعدده دراهم أو دنانير، وكذا نقله فِي " الإكمال " وفِي " إكمال الإكمال " وعبارة اللَّخْمِيّ، وقيل: كان الرجل يضرب بالحصاة فما خرج كان له من الدنانير والدراهم (1) مثله قال: وهذا التأويل أبينها (2)؛ لأنه مجهول.
(1) في (ن 2)، و (ن 3):(أو الدراهم).
(2)
في (ن 2): (أبينهما)، وفي (ن 3):(بينهما).
وكَعَسِيبِ الْفَحْلِ يُسْتَأْجَرُ عَلَى عُقُوقِ الأُنْثَى. وجَازَ زَمَانٌ أَوْ مَرَّاتٌ، فَإِنْ أَعَقَّتِ انْفَسَخَتْ، وكَبَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ [يَبِيعُهَا](1) بِالإِلْزَامِ بِعَشْرَةٍ نَقْداً، أَوْ أَكْثَرَ لأَجُلٍ أَوْ سِلْعَتَيْنِ مُخْتَلِفَتَيْنِ [بِثَمَنٍ وَاحِدٍ](2) إِلا لِجَوْدَةٍ ورَدَاءَةٍ، وإِنِ اخْتَلَفَتْ قِيمَتُهُمَا.
قوله: (عَلَى عُقُوقِ الأُنْثَى) المعروف فِي اللغة: إعقاق. بصيغة الرباعي وكذا أعقت (3).
لا طَعَامٍ وإِنْ مَعَ غَيْرِهِ كَنَخْلَةٍ مُثْمِرَةٍ مِنْ نَخَلاتٍ، إِلا الْبَائِعَ يَسْتَثْنِي خَمْساً مِنْ جِنَانِهِ، وكَبَيْعِ حَامِلٍ بِشَرْطِ الْحَمْلِ، واغْتُفِرَ غَرَرٌ يَسِيرٌ لِلْحَاجَةِ لَمْ يُقْصَدْ وكَمُزَابَنَة مَجْهُولٍ بِمَعْلُومٍ أَوْ مَجْهُولٍ مِنْ جِنْسِهِ.
قوله: (لا طعام (4)) أشار به لقوله آخر كتاب: الخيار من " المدونة ": وأما الطعام فلا يجوز أن يشتري منه على أن يختار (5) من صبر (6) مصبرة أو من نخيل أو شجر مثمر عدداً يسمّيه اتفق الجنس أو اختلف أو كذا وكذا عذقاً من هذه النخلة [69 / ب] يختارها المبتاع ويدخله التفاضل فِي بيع الطعام من صنفٍ وَاحد مع بيعه قبل قبضه إن كان على الكيل؛ لأنه يدع هذه وقد ملك اختيارها ويأخذ هذه وبينهما فضل فِي الكيل، ولا يجوز فيه التفاضل؛ وكَذَلِكَ إن اشترى منه عشرة آصع محموله بدينار أو تسعة سمراء على الإلزام لَمْ
(1) ما بين المعكوفتين زيادة من: المطبوعة.
(2)
ما بين المعكوفتين ساقط من المطبوعة.
(3)
قلت: تعقب الشراح بعضهم بعضاً في هذا الموطن، فقال بعضهم هي بفتح أولها، وقال بعضهم بضمها وقد جاء في لسان العرب:(العَقُوق من البهائم: الحامل، وقيل: هي من الحافر خاصةً، والجمع عُقُقٌ وعِقاق، وقد أَعَقَّتْ وهي مُعِقّ وعَقُوق، فمُعِقّ على القياس، وعَقوق على غير القياس، ولا يقال مُعِقّ إِلا في لغة رديئة. . . وكل انشقاق فهو انْعِقاقٌ. . . وقال أَبو حاتم في الأَضداد: زعم بعض شيوخنا أَن الفرس الحامل يقال لها عَقوق، ويقال أَيضاً للحائل عَقوق. . . وفي الحديث: " من أَطْرَقَ مسلماً فعَقَّتْ له فرسُه كان لَهُ كأَجر كذا "؛ عَقَّتْ أَي حَمَلت. والإِعْقاقُ بعد الإِقْصاصِ، فالإِقْصاصُ في الخيل والحمر أَوَّل الحَمْلِ، ثم الإِعْقاقُ بعد) انظر: لسان العرب: 10/ 259،، والحديث (أورده أبو بكر الشيباني في الأحاد والمثاني من حديث أبي كبشة الأنماري، برقم (1282). 2/ 478. وانظر: حاشية الدسوقي: 3/ 58، ومواهب الجليل، للحطاب: 4/ 364، وشرح الخرشي: 5/ 387،، وانظر: تفصيل العدوي في شرحه على الخرشي: 5/ 387.
(4)
في (ن 1): (إطعام).
(5)
في (ن 2): (خيار).
(6)
في (ن 2)، و (ن 3):(صبره).
يجز، ويدخله ما ذكرنا وبيعه قبل قبضه، وكَذَلِكَ هذا القمح عشرة بدينار وهذا التمر عشرة بدينار إلزاماً، ويدخله بيعه قبل قبضه وهو من بيعتين فِي بيعة (1).
وفي " التقييد ": هنا تنبيهان جيدان:
أحدهما: أن تعليله بالتفاضل يدل على أنه إنما تكلّم على الربوي خاصة، وأما غيره فإن اشتراه جزافاً وَجده مكانه جاز إذا تبين الفضل، وإن كان على العدد جاز إذا كان على غير الإلزام، وإن كان على الإلزام لَمْ يجز؛ لأنه يدخله بيع الطعام قبل قبضه، فعلى هذا من أراد الخروج من الخلاف فِي شراء الخضرة فليتخيّر ما يأخذ وحينئذ يبتاعه إذ يدخله بيع الطعام قبل قبضه؛ لأنه مما يعد على القول أن بيع الطعام قبل قبضه يدخل فيما لا يدخر، وأما المزابنة (2) فمنتفية ليسارة القبضة، وإنما يدخل ذلك فِي الأحمال فتأمله.
الثاني: أن المفهوم من قوله: فِي عشرة محمولة وتسعة سمراء لَمْ يجز؛ أنهما لو تساويا فِي الكيل لجاز، وعلى ذلك حملها فضل. وقال: إن فيه لمغمزاً؛ لأن الطعام بالطعام لا يجوز فيه خيار ساعة. وقبله عبد الحقّ فِي " التهذيب " قال: وليس يدخله بيع الطعام قبل قبضه؛ لأنه لو أسلم فِي محموله جاز أن يأخذ سمراء مثل الكيل بعد الأجل وهو بدل.
وقال ابن حبيب: إن ذلك لا يجوز. قال الباجي: وعلته بيع الطعام قبل قبضه؛ لأن هذا بيع ليس باقتضاء، فيلزم على التعليل بالتأخير إذا اختلفت الأجناس أو كان مما يجوز فيه التفاضل أن يمنع لعدم المناجزة. قال أبو عمران: إِلا أن يكون فِي فور واحد فيجوز. انتهى.
قلت: إنما يصحّ هذا فِي الجنس الواحد مما يجوز فيه التفاضل فأما إذا اختلفت الأجناس فلا يجوز بحال كالثياب، ثم قال فِي " التقييد ": ونحوه قول أبي اسحاق: لو
(1) النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 198، 199، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 10/ 199 وما بعدها.
(2)
المزابنة: (المُزابنة: بيع الرُّطَب على رؤوس النخل بالتمر كيلَا وكذلك كل ثمر بيع على شجره بثمر كيلَا، وإِنما نهى عنه لأَن الثمر بالثمر لا يجوز إِلا مثلاً بمثل، فهذا مجهول لا يعلم أَيهما أَكثر؛ ولأَنه بيع مُجازفة من غير كيل ولا وزن، ولأَن البَيِّعَيْن إِذا وقفا فيه على الغَبْن أَراد المغبون أَن يفسخ البيع وأَراد الغابن أَن يُمْضيه فَتزابَنا فتدافعا واختصما) انظر: لسان العرب، لابن منظور: 13/ 195.
كان مدان من حنطة يأخذ أحدهما قد وَجب عليه ولا فضل فِي صفة أحدهما على الآخر - لكان خفيفاً إذا لَمْ يتراخ (1) فِي ذلك؛ لأنه إذا تراخى يصير خياراً فِي بيع [بعض](2) أحد الطعامين بصاحبه فلا يجوز ذلك، كما لا يجوز الخيار فِي الصرف ولا فِي المراطلة. انتهى.
وقال ابن عرفة: قال ابن الكاتب (3): معنى رواية ابن حبيب إن تأخر الاختيار عن وَقت العقد. قال ابن عرفة: إن روعي مانع التأخير وَجب كون معناها إن عقدا على عدم تنجيز الاختيار، وبحث فِي قول فضل، وزاد عن التونسي: إن كان الاختيار فِي آحاد طعام يجوز فيه التفاضل كالقثاء لَمْ يدخله إِلا الغرر إن اختلفت كالثياب أو التراخي فِي بيع طعام بآخر لا بيع طعام قبل قبضه، وذكره المازري غير معزو. انتهى.
وفِي رسم شكّ من سماع ابن القاسم من جامع البيوع: وسئل مالك عن التين يباع كيلاً أو وزناً وهو أخضر، فيريد أن يبدله من صاحبه بغيره قبل أن يقبضه؟ قال: لا خير فيه. قلت: فالبطيخ يباع كَذَلِكَ أترى أن يبدله بغيره؟ قال هو مثله لا خير (4) فيه.
قال ابن رشد: المعنى فِي هذه المسألة أنه أراد أن يبدله بأكثر من صنفه أو من غير صنفه [أو بمثله من غير صنفه](5) فذلك (6) لا يجوز؛ لأنه بيع الطعام قبل أن يستوفى، ولو أبدله من صنفه بمثله قبل أن يقبضه لجاز؛ لأنه بدل المثل، ولو قبضه لجاز بدله بغير صنفه أكثر أو أقل ولا يجوز بصنفه إِلا مثلا [بمثل](7).
فأما البطيخ فيجوز إذا قبضه أن يبدله بصنفه وبغير صنفه متفاضلاً باتفاق؛ لأنه مما لا يدخر أصلا، وكذا سائر الفواكه التي لا تدخر إِلا نادراً على المشهور فِي المذهب، وكَذَلِكَ
(1) في الأصل: (يتارخ).
(2)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1)، و (ن 3).
(3)
في الأصل، و (ن 4):(كنانة).
(4)
في (ن 1): (جبر).
(5)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).
(6)
في (ن 1)، و (ن 2)، و (ن 3):(فكذلك).
(7)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 2)، و (ن 3).
لو قبض بعض ما اشترى منه من التين، ثم أراد أن يأخذ بالبقية (1) غير التين أو صنفاً آخر من التين أو أقل أو أكثر لَمْ يجز، ولو أراد أن ينتقل من صنفٍ إلى صنف آخر قبل أن ينبرم البيع بينهما وهما فِي حال التراوض لجاز (2)، وبعده فِي رسم حلف من السماع نفسه: وسئل مالك عمن اشتري بدينار قمحاً، فاكتال نصفه، ثم سأله أن يعطيه بالنصف الباقي زيتاً أو عدساً؟ فقال: لا خير فيه.
قال ابن القاسم: لأنه بيع الطعام قبل أن يستوفي. قال فِي قول مالك: وإن كان شعيراً وأخذ مثل كيله فلا بأس به (3).
قال أبو العباس القباب: القمح والشعير عنده (4) صنف واحد، فهو كمن وَجب له قمح طيب فسمح فأخذ (5) منه ردياً (6)؛ فلهذا أجازه. انتهى.
وتقدّم [70 / أ] قول عبد الحقّ، وقد ضبط ابن عرفة هذا الفصل فقال: وشراؤه الطعام على الاختيار لزوما لا يجوز فِي غير متماثلين مُطْلَقاً ولا فيهما ربويين جزافاً ولا كيلا إن اختلف قدره، ثم استشهد بنصّ " المدونة " السابق ثم قال: وشاهدت فتوى شيوخ شيوخنا أن شراء العنب من البائع الذي بعض عنبه أسود وبعضه أبيض: إنما يجوز إن عين المشتري الأخذ من أحدهما، وكذا شراء التين من البائع المختلف تينه، محتجاً بما تقدّم من نصّ " المدونة " وغيرها.
وأفتيت بجواز ذلك؛ لأن المنع المذكور إنما هو فيما بيع على الإلزام حسبما مرّ، وبياعات أهل زماننا فِي الأسواق إنما هي بالمعاطاة؛ فهي منحلّة قبل قبض المبيع، ولا يعقدونها بالإيجاب والقبول اللفظي بحال، ويؤيد ما قلته سماع القرينين، يعني فِي رسم
(1) في (ن 2)، و (ن 3):(البقية).
(2)
انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 7/ 281.
(3)
انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 7/ 276.
(4)
في (ن 1): (عندي).
(5)
في (ن 3): (يأخذ).
(6)
في (ن 1)، و (ن 2)، و (ن 3):(ديناً).
البيوع، من جامع البيوع، سئل مالك، فقيل له: جئت إلى صاحب فاكهة فأعطيته درهماً، وقلت له: أعطني رطباً، فلما دفعت إليه الدرهم بدا لي فقلت له: أعطني نصفه بطيخاً ونصفه تيناً؟ قال: أرجو أن يكون هذا خفيفاً، ولا بأس به.
قال ابن رشد: إنما أجاز هذا لأن عقد البيع لَمْ يتمّ بينهما، وإنما كانا فِي حال التراوض إذ لَمْ يقطعا السعر بعد، فلو أراد أن يأخذ درهمه لكان ذلك له، ولو كان البيع قد انعقد بينهما لَمْ يجز ذلك على ما مضى فِي رسمي شكّ وحلف، من سماع ابن القاسم (1).
وجَازَ إِنْ كَثُرَ أَحَدُهُمَا فِي غَيْرِ رِبَوِيٍّ، ونُحَاسٌ بِتَوْرٍ، لا فُلُوسٌ وكَكَالِئٍ بِمِثْلِهِ فَسْخُ مَا فِي الذِّمَّةِ بِمُؤَخَّرٍ، ولَوْ مُعَيَّناً يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ كَغَائِبٍ، أَوْ مُوَاضَعَةٍ [وَمُتَأَخِّرٍ جِدَادُهُ](2)، أَوْ مَنَافِعَ عَيْنٍ، وبَيْعُهُ بِدَيْنٍ وتَأْخِيرُ رَأْسِ مَالِ السَّلَمِ ومُنِعَ بَيْعُ دَيْنِ مَيِّتٍ، أَوْ غَائِبٍ ولَوْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ، وحَاضِرٍ إِلا أَنْ يُقِرَّ، وكَبَيْعِ الْعُرْبَانِ أَنْ يُعْطِيَهُ شَيْئاً عَلَى أَنَّهُ إِنْ كَرِهَ الْبَيْعَ لَمْ يَعُدْ إِلَيْهِ، وكَتَفْرِيقِ أُمٍّ فَقَطْ مِنْ وَلَدِهَا، وإِنْ بِقِسْمَةٍ، أَوْ بَيْعِ أَحَدِهِمَا لِعَبْدِ سَيِّدِ الآخَرِ مَا لَمْ يُثْغِرْ مُعْتَاداً.
قوله: (أو منافع عَيْنٍ) معطوف على (مُعَيَّناً).
وصُدِّقَتِ الْمَسْبِيَّةُ ولا تَوَارُثَ.
قوله: (ولا تَوَارُثَ) أي من الجانبين، فهو كقوله فِي " المدونة ": ولا يتوارثان بذلك (3).
مَا لَمْ تَرْضَ، وفُسِخَ مَا لَمْ يَجْمَعَاهُمَا فِي مِلْكٍ، وهَلْ بِغَيْرِ عِوَضٍ كَذَلِكَ، أَوْ يُكْتَفَى بِحَوْزٍ كَالْعِتْقِ؟ تَأْوِيلانِ. وجَازَ بَيْعُ نِصْفِهِمَا وبَيْعُ أَحَدِهِمَا لِلْعِتْقِ، والْوَلَدُ مَعَ كِتَابَةِ أُمِّهِ، ولِمُعَاهَدٍ التَّفْرِقَةُ.
قوله: (مَا لَمْ تَرْضَ) هذا الذي اقتصر عليه هو اختيار اللَّخْمِيّ؛ فإنه قال: القول أنه حقّ للأم أحسن، ولو كان ذلك لحقّ الولد فِي الحضانة لَمْ يفرق بين الصغير وبين كلٍ من للصبي متعلق به فِي الحضانة كالجدة والخالة والعمة، وتسليمهم ذلك دليل على أن النهي
(1) انظر: البيان والتحصيل، لابن رشد: 7/ 232، 233.
(2)
ما بين المعكوفتين ساقط من المطبوعة.
(3)
انظر: المدونة، لابن القاسم: 10/ 279.
إنما يختصّ بالأمّ من [الموجودة](1)، ثم قال: وعلى القول أنه حقّ للأم [لئلا توله](2) يصحّ رضاها، وبه أخذ إذا علم صحة رضاها، وأنها غير مكرهة ولا خائفة ولا مخدعة. انتهى.
مع أنهم أخذوا من قوله فِي كتاب: التجارة لأرض الحرب من " المدونة " إلا أن يستغني الولد عنها إن ذلك من حقّ الولد، مع أن المصنف فِي " توضيحه " لَمْ يعرّج على اختيار اللَّخْمِيّ أصلا بل اقتصر على أن قال: واختلف: هل النهي لحقّ الولد؟ وعليه ما فِي " الموازية ": إذا رضيت الأم بالتفرقة فليس ذلك لها أو هو حقّ للأم، وعليه ما فِي المختصر: إذا رضيت الأم بالتفرقة فلا بأس، واختار المازري، وابن يونس، وغيرهما الأول (3).
وكُرِهَ الاشْتِرَاءُ مِنْهُ، وكَبَيْعٍ وشَرْطٍ يُنَاقِضُ الْمَقْصُودَ كَأَنْ لا يَبِيعَ إِلا تَنْجِيزَ (4) الْعِتْقِ.
قوله: (إِلا تَنْجِيزَ الْعِتْقِ) كذا الصواب بنصب تنجيز، وتجريده من باء الجر، وهو كقول ابن الحاجب: مثل أن لا يبيع ولا يهب غير تنجيز العتق للسنة (5).
ولَمْ يُجْبَرْ إِنْ أَبْهَمَ كَالْمُخَيَّرِ بِخِلافِ الاشْتِرَاءِ عَلَى إِيْجَابِ الْعِتْقِ كَأَنَّهَا حُرَّةٌ بِالشِّرَاءِ، أَوْ يُخِلُّ بِالثَّمَنِ كَبَيْعٍ وسَلَفٍ.
قوله: (ولَمْ [يجبر] (6) إن أبهم كالمخير) زاد فِي كتاب: البيوع الفاسدة (7): وكان للبائع ترك العتق وتمام البيع، أو يرّد [البيع](8)، فإن ردّ بعد أن فات فعليه القيمة (9). فقف على بسطها فِي:" التقييد ".
(1) في (ن 2)، و (ن 3):(الواحدة)، وفي (ن 4)(الموجدة).
(2)
في (ن 3): (الثلاث وله).
(3)
انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 7/ 339.
(4)
في أصل المختصر، والمطبوعة:(بتنجيز).
(5)
انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: 349، واختيار المؤلف هنا لم تحوجه إلى تطويل الخرشي في ثبوت الباء، ثم قال:(ولَا شَكَّ أَنَّ تَجْرِيدَ الْبَاءِ أَحْسَنُ)، انظر: شرح الخرشي: 5/ 403.
(6)
في (ن 2)، الأصل، (ن 3):(يجز).
(7)
أي: من المدونة.
(8)
في (ن 2)، و (ن 3):(العتق).
(9)
النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 158.
وصَحَّ إِنْ حُذِفَ أَوْ حُذِفَ شَرْطُ كالتَّدْبِيرِ (1).
قوله: (أَوْ حُذِفَ شَرْطُ كالتَّدْبِير) كذا فِي بعض النسخ بإدخال الكاف (2) على التدبير، وهو مطابق لقوله فِي " التوضيح " إذا قلنا بفساد البيع وفسخه لأجل اشتراط التدبير ونحوه، فأسقط البائع (3) شرطه فقال ابن القاسم: يمضي. وقال أشهب: لا يمضي (4).
كَشَرْطِ رَهْنٍ، وحَمِيلٍ، وأَجَلٍ ولَوْ غَابَ. وَتُؤُوِّلَتْ بِخِلافِه، وفِيهِ إِنْ فَاتَ أَكْثَرُ الثَّمَنِ والْقِيمَةِ إِنْ أَسْلَفَ الْمُشْتَرِي، وإِلا فَالْعَكْسُ، وكَالنَّجْشِ يَزِيدُ لِيَغُرَّ، وإِنْ عَلِمَ فَلِلْمُشْتَرِي رَدُّهُ، وإِنْ فَاتَ فَالْقِيمَةُ.
قوله: (وكَالنَّجْشِ يَزِيدُ لِيَغُرَّ) هذا نحو تفسير المازري وغيره، وهو خلاف قول مالك فِي " الموطأ ": والنجش أن تعطيه فِي سلعة أكثر من ثمنها، وليس فِي نفسك اشتراؤها ليقتدي بك غيرك (5). قال ابن عرفة: وقول المازري وغيره: الناجش هو الذي يزيد فِي سلعة ليقتدي به غيره أعمّ من قول مالك؛ لدخول إعطائه مثل ثمنها أو أقل فِي قول المازري، وخروجه من قول مالك.
وقال ابن العربي فِي " العارضة ": والذي عندي إن بلّغها الناجش قيمتها ورفع الغبن عن صاحبها فهو مأجور، ولا خيار لمبتاعها. قال ابن عرفة: وكان بالكتبيين من تونس رجل مشهور بالصّلاح عارف بالكتب، يستفتح للدلالين ما يبنون عليه فِي الدلالة، ولا غرض له فِي الشراء، وهذا جائز على ظاهر تفسير مالك واختيار ابن العربي لا على ظاهر تفسير المازري، ثم حصل فيمن لَمْ يزد على القيمة المنع؛ لظاهر قول الأكثر، والجواز لدليل قول مالك: والاستحباب لابن العربي. انتهى. واستبعد ابن عبد السلام قول ابن العربي.
(1) في أصل المختصر والمطبوعة: (التدبير).
(2)
في (ن 1): (كاف).
(3)
في الأصل: (المانع).
(4)
انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 7/ 333.
(5)
انظر: الموطأ، للإمام مالك برقم (1367) كتاب البيوع، باب ما ينهى عنه من المساومة والمبايعة.
وجَازَ سُؤَالُ الْبَعْضِ لِيَكُفَّ عَنِ الزِّيَادَةِ لا الْجَمِيعِ، وكَبَيْعِ حَاضِرٍ لِعَمُودِيٍّ ولَوْ بِإِرْسَالِهِ لَهُ، وهَلْ لِقَرَوِيٍّ؟ قَوْلانِ. وفُسِخَ وأُدِّبَ وجَازَ الشِّرَاءُ لَهُ، وكَتَلَقِّي السِّلَعِ أَوْ صَاحِبِهَا كَأَخْذِهَا فِي الْبَلَدِ بِصِفَةٍ ولا يُفْسَخُ. وجَازَ لِمَنْ عَلَى كَسِتَّةِ أَمْيَالٍ أَخْذُ مُحْتَاجٍ إِلَيْهِ، وإِنَّمَا يَنْتَقِلُ ضَمَانُ الْفَاسِدِ بِالْقَبْضِ، وَرُدَّ ولا غَلَّةَ.
قوله: (وجَازَ سُؤَالُ [70 / ب] الْبَعْضِ لِيَكُفَّ عَنِ الزِّيَادَةِ) هذا عكس النجش.
فَإِنْ فَاتَ مَضَى الْمُخْتَلَفُ فِيهِ [بِالثَّمَنِ](1)، وإِلا ضَمِنَ قِيمَتُهُ حِينَئِذٍ، ومِثْلَ الْمِثْلِيِّ بِتَغَيُّرِ سُوقِ غَيْرِ مِثْلِيٍّ وعَقَارٍ.
قوله: (فَإِنْ فَاتَ مَضَى الْمُخْتَلَفُ فِيهِ) أشار به لقوله أول [كتاب](2) البيوع الفاسدة: قال مالك: يرد الحرام البين فات أو لَمْ يفت، وما كان مما كرهه الناس رُدّ إِلا أن يفوت فيترك (3). كذا اختصره أبو سعيد وهو فِي الأمهات من رواية ابن وهب (4)، ومعنى يردّ فات أو لَمْ يفت: أنه [ترد](5) عينه إن لَمْ يفت وقيمته إن فات، كذا فسره ابن يونس، وزاد قال ابن المواز عن ابن القاسم: مثال ما كرهه الناس أن يسلم فِي حائط بعينه وقد أزهى، ويشترط أخذه تمراً فيفوت بالقبض.
وبِطُولِ زَمَنِ حَيَوَانٍ، وفِيهَا شَهْرٌ وشَهْرَانِ [49 / أ]، واخْتَارَ أَنَّهُ خِلافٌ، وقَالَ: بَلْ فِي شِهَادَةٍ، وبِنَقْلِ عَرْضٍ ومِثْلِيٍّ لِبَلَدٍ بِكُلْفَةٍ، وبِالْوَطْءِ، وبِتَغَيُّرِ ذَاتِ غَيْرِ مِثْلِيٍّ، وخُرُوجٍ عَنْ يَدٍ، وتَعَلُّقِ حَقٍّ كَرَهْنِهِ، وإِجَارَتِهِ، وأَرْضٍ بِبِئْرٍ، وعَيْنٍ، وغَرْسٍ، وبِنَاءُ عَظِيمَيِ الْمَؤُونَةِ.
قوله: (وبِطُولِ زَمَنِ حَيَوَانٍ، وفِيهَا شَهْرٌ وشَهْرَانِ، واخْتَارَ أَنَّهُ خِلافٌ، وقَالَ: بَلْ فِي شِهَادَةٍ) نحوه فِي " التوضيح "، والذي لِلَّخْميّ فِي أول البيوع الفاسدة: اختلف فِي الطول فِي الحيوان فقال فِي كتاب التدليس فيمن اشترى عبداً شراءً فاسداً، فكاتبه ثم عجز بعد
(1) ما بين المعكوفتين زيادة من المطبوعة.
(2)
ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 2)، و (ن 3).
(3)
النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 3/ 154.
(4)
انظر: المدونة، لابن القاسم: 9/ 148
(5)
في الأصل، و (ن 2)، و (ن 3):(ترك).
شهر: أنه طول، وقد فات (1)، وقال فِي السلم الثالث، فِي الشهرين والثلاثة: ليس بفوت فِي العبيد والدواب، إِلا أن يعلم أنه تغير، وهو أحسن، إِلا أن يكون المبيع صغيراً، فإن المدة اليسيرة يتغير فيها وينتقل (2).
وقال المازري: اختلف فِي مجرد طول الزمان يمرّ على الحيوان ولَمْ يتغيّر فِي ذاته ولا سوقه، هل هو فوت؟ فذكر ما فِي الكتابين من " المدونة " ثم قال: اعتقد بعض أشياخي أنه اختلاف قول على الإطلاق، وليس كَذَلِكَ؛ إنما هو اختلاف فِي شهادة بعادة؛ لأنه أشار فِي " المدونة " إلى المقدار من الزمان الذي لا يمضي إِلا وقد تغيّر الحيوان، فتغيره فِي ذاته أو سوقه معتبر، وإنما الخلاف فِي قدر الزمان الذي يستدل به على التغير، فقال (3) ابن عرفة: فِي ردّه (4) على اللَّخْمِيّ تعسّف واضح؛ لأن حاصل كلامه أن الخلاف إنما هو فِي قدر الزمان الذي هو مظنة لتغيّره لا فِي التغير، وهذا هو نفس مقتضى (5) كلام اللَّخْمِيّ لمن تأمله وأنصف. انتهى.
وأما ابن عبد السلام فكأنه قبل اعتراض المازري، فقال فِي قول ابن الحاجب: وفِي طول الزمان فِي الحيوان قَوْلانِ (6). يعني: أن فِي مجرد طول الزمان فِي الحيوان من غير ضميمة تغير فِي بدن ولا سوق (7) قولين، وأنكر بعضهم وُجود الخلاف فِي ذلك، وتأوّل ما وَقع فِي " المدونة " على أنه خلاف فِي شهادة: هل الطول المحدود بالحد الذي ذكره يستلزم التغير فِي البدن لا خلاف فِي مجرد الطول؟ وذلك أنه ذكر فِي كتاب: العيوب (8): أن مرور شهر على الحيوان يكون فوتاً، وذكر فِي كتاب السلم أن الشهر والشهرين لا يكون
(1) انظر: تهذيب المدونة، البراذعي: 3/ 286.
(2)
انظر: تهذيب المدونة، البراذعي: 3/ 63.
(3)
في (ن 1): (قال).
(4)
أي: في رد المازري.
(5)
في (ن 1): (ما اقتضى).
(6)
انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:363.
(7)
في (ن 2)، و (ن 3):(الأسواق).
(8)
في (ن 3): (البيوع).
فوتاً. انتهى. فتأمل كلام هؤلاء الأئمة مع كلام المصنف هنا، وفِي " التوضيح " وَنصّه شارحاً لقول ابن الحاجب: وفِي طول الزمان فِي الحيوان قَوْلانِ. أي: وفِي مجرد الطول (1) فقط قَوْلانِ، فالقول بأنه مفيت مذهب " المدونة "، والقول الآخر ذكره ابن شاس (2)، وعلى المشهور فذكر فيها فِي العيوب أن مرور شهر (3) فوت.
وذكر فِي السلم أن الشهر والشهرين ليس بفوت، وحمله اللَّخْمِيّ على الخلاف، ورأى المازري أنه ليس بِخِلافِ وإنما هو اختلاف فِي شهادة (4).
وفَاتَتْ بِهِمَا جِهَةٌ هِيَ الرُّبُعُ فَقَطْ، لا أَقَلُّ. ولَهُ الْقِيمَةُ قَائِماً عَلَى الْمَقُولِ والْمُصَحَّحِ، وفِي بَيْعِهِ قَبْلَ قَبْضِهِ مُطْلَقاً تَأْوِيلانِ، لا إِنْ قَصَدَ بِالْبَيْعِ الإِفَاتَةَ.
قوله: (وفَاتَتْ بِهِمَا جِهَةٌ هِيَ الرُّبُعُ فَقَطْ) أي: وفاتت بالغرس والبناء جهة فقط هي الربع، يريد أو الثلث، والمسألة مبسوطة فِي نوازل أصبغ من كتاب " جامع البيوع "، ومن قول ابن رشد فيها: إذا كان الغرس بناحية منها وجلّها (5) لا غرس فيه، وجب أن يفوت منها ما غرس، ويفسخ البيع فِي سائرها إذ لا ضرر على البائع فِي ذلك إذا كان المغروس من الأرض يسيراً مما لو استحقّ من يد المشتري فِي البيع الصحيح لزمه الباقي ولم يكن له أن يردّه، ووجه العمل فِي ذلك أن ينظر إلى الناحية التي فوتها بالغرس ما هي من جميع الأرض، فإن كانت الثلث [أو الربع](6) فسخ البيع فِي الباقي بثلثي الثمن أو بثلاثة أرباعه، فسقط عن المبتاع إن كان لَمْ يدفعه وردّ إليه إن كان قد دفعه وصح البيع فِي الناحية الفائتة
(1) في (ن 2): (طول الزمان).
(2)
انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 1/ 680 قال: (مجرد طول زمان يمر على الحيوان ولم يتغير في ذاته ولا سوقه، فاختلف فيه هل يكون فوتاً أم لا؟ وو رأى الإمام أبو عبد الله أن المعتبر تغير البدن أو السوق. وإنما اعتبر طول الزمن لأنه لا يخلو عنه في العادة وصار الاختلاف في حد الزمن الدال بالعادة على ذلك).
(3)
في (ن 3): (الشهر).
(4)
انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 5/ 529.
(5)
في (ن 1): (وجهلا).
(6)
في (ن 2)، و (ن 3):(والربع).