الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب الهبة]
الْهِبَةُ تَمْلِيكٌ بِلا عِوَضٍ ولِثَوَابِ الآخِرَةِ. صَدَقَةٌ. وصَحَّتْ فِي كُلِّ مَمْلُوكٍ يُنْقَلُ، مِمَّنْ لَهُ تَبَرُّعٌ بِهَا، وإِنْ مَجْهُولاً، وكَلْباً، ودَيْناً وهُوَ إِبْرَاءٌ، إِنْ وُهِبَ لِمَنْ عَلَيْهِ، وإِلا فَكَالرَّهْنِ، ورَهْناً لَمْ يُقْبَضْ وأَيْسَرَ رَاهِنُهُ، أَوْ رَضِيَ مُرْتَهِنُهُ، وإِلا قُضِيَ عَلَيْهِ بِفَكِّهِ، إِنْ كَانَ الدَّيْنُ يُعَجَّلُ وإِلا بَقِيَ لِبَعْدِ الأَجَلِ.
قوله: (وَإِلا فَكَالرَّهْنِ) هذا كقول ابن الحاجب: وتصح هبة الدين وقبضه كقبضه فِي الرهن (1). أحاله عَلَى قوله فِي باب الرهن: وقبض الدين بالإشهاد والجمع بين الغريمين إِن كَانَ عَلَى غير المرتهن (2).
بِصِيغَةٍ، أَوْ مُفْهِمِهَا، وإِنْ بِفِعْلٍ.
قوله: (بِصِيغَةٍ، [118 / ب] أَوْ مُفْهِمِهَا) الصيغة لفظ الهبة ومَا تصرف منها ومفهمها كأعطيتك (3) وبذلتك، وبنحو هذا فسّر كلام ابن الحاجب (4) فِي " توضيحه ".
كَتَحْلِيَةِ وَلَدِهِ لا بِابْنِ مَعَ قَوْلِهِ دَارَهُ.
قوله: (كَتَحْلِيَةِ وَلَدِهِ) بالحاء المهملة أي إلباسه الحلي، وأشار بِهِ إِلَى قول أبي عمر فِي باب: الصدقة من " الكافي ": وإِذَا حلى الرجل أَو المرأة ولداً لَهُمَا صغيراً حلياً، وأشهدا لَهُ بذلك ثم مات الأب أَو الأم، فالحلي الذي عَلَى الصبي لَهُ دون سائر الورثة (5).
وَحِيزَ.
قوله: (وَحِيزَ) أي: ولو حكماً [كما قدمنا](6) فِي قوله: (إِلا لمحجوره إِذَا أشهد وصرف الغلة لَهُ ولَمْ تكن سكناه)، ويقول بعد: (إِلا لمحجورة إِلا مَا لا يعرف، ولَو ختم ودار
(1) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:454.
(2)
انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: 377، 378.
(3)
في (ن 1): (كعطيتك).
(4)
لعله يعني شرح المصنف للقول ابن الحاجب: (كقوله: أعمرتك داري وضيعتي) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص 454.
(5)
انظر: الكافي، لابن عبد البر، ص:534.
(6)
في الأصل: (في إقدامنا)، وفي (ن 1):(قدمناه).
سكناه
…
) إِلَى آخره، وقد حام ابن الحاجب حول هذا المعنى إذ قال: وشرط استقرارها لا لزومها الحوز كالصدقة إِلا فِي صدقة أب عَلَى صغير؛ وعَلَى ذلك علماء المدينة (1). وهو فِي ذلك متبع لابن شاس (2). فقال ابن عرفة: ترك هذا الاستثناء خير من ذكره لاقتضائه (3) العموم فِي كلّ عطية من عينٍ أَو مثلي أَو مسكن، وإيهام قصره عَلَى الصدقة وعَلَى الصغير دون السفيه، وعَلَى الأب دون الوصي، والقاضي ومقدمه، فيوقع الناظر فيه فِي خطأٍ فاحش؛ ولأجل هذا ونحوه طرحه كثير من متقدمي الشيوخ ومتأخريهم " انتهى.
وسبقه ابن عبد السلام لنحو هذه المناقشة وزاد أَيْضاً: فاستثناؤه يوهم أَن الحيازة تسقط فِي عطية الأب ابنه الصغير، وليس كَذَلِكَ، وإنما الذي اختص بِهِ الأب ومن تنزل منزلته فِي حقّ الصغير والسفيه أنّه يكون حائزاً لما وُهب لَهُمَا فيقال فِي الإشهاد رفع يد الملك ووضع يد الحوز وغير الأب، ومن فِي معناه لا يكون حائزاً هكذا، نعم ألحقوا الأب بالأجنبي فِي هبة دار سكناه فشرطوا معاينة الشهود للدار خالية من شواغل الأب، وزاد فِي " التوضيح ": مَعَ دار سكناه ثوب لباسه، وقال تبعا لأبي الحسن الصغير: نقل أبو محمد صالح الاتفاق عَلَى أنّه إِذَا أشهد عَلَى هبته لمحجوره ولم يزد عَلَى قوله اشهدوا أني وهبت له كذا، فإنها حيازة " انتهى.
ومرّ بنا فِي بعض المجالس أَن ابن راشد القفصي وهب بعض تصانيفه لولده، وكتب عَلَى ظهر التصنيف الموهوب: ولا أقول كما يقول جهلة الموثقين: رفع يد الملك ووضع يد الحوز.
وَإِنْ بِلا إِذْنٍ، وأُجْبِرَ عَلَيْهِ.
قوله: (وَإِنْ بِلا إِذْنٍ) هو كقول ابن عرفة: والمذهب لغو التحويز فِي الحوز، ففي كتاب الهبة من " المدونة ": ومن وهب لرجلٍ هبة لغير ثواب فقبضها الموهوب بغير أمر الواهب جَازَ قبضه، إذ يقضى عَلَى الواهب بذلك إِذَا منعه إياها (4).
(1) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص: 454، 455.
(2)
انظر: عقد الجواهر الثمينة، لابن شاس: 3/ 978.
(3)
في (ن 1): (لاقتضاء).
(4)
انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 357.
ابن عبد السلام: يشترط إذن الواهب عَلَى القول الشاذ بعدم لزوم الهبة بالعقد، ولا شكّ أَن هذا مفهوم تعليل " المدونة "، وأما قوله: ولا يبعد تخريجه عَلَى المشهور من افتقاره فِي الرهن. فيردّ بقوة بقاء ملك الراهن.
وَبَطَلَتْ إِنْ تَأَخَّرَ لِدَيْنٍ مُحِيطٍ، أَوْ وَهَبَ لِثَانٍ. وحَازَ أَوْ أَعْتَقَ الْوَاهِبُ أَوِ اسْتَوْلَدَ.
قوله: (وَبَطَلَتْ إِنْ تَأَخَّرَ لِدَيْنٍ مُحِيطٍ) إنما لَمْ يقل: إِن تأخر لفلس تعويلاً منه عَلَى مَا قبل فِي " توضيحه " من تحرير ابن عبد السلام إذ قال فِي قول ابن الحاجب: ويشترط حصوله فِي صحة جسمه وعقله وقيام وجهه (1). ظاهر كلامهم فِي غير هذا الموضع أَن قيام الوجه هو السلامة من التفليس بالحكم، ومن قيام الغرماء بدين إِن أحاط دينهم بمال الغريم، ولَو لَمْ يحكم القاضي بفلسه، وأما هذا الموضع فإحاطة الدين بماله مانعة من الحيازة، فقيام الوجه إذن هنا هو السلامة من الدين المحيط.
وقال ابن عرفة: إحاطة الدين بماله قبل العطية يبطلها اتفاقاً، وفِي كون إحاطته بعدها قبل حوزها كَذَلِكَ، وصحة حوزها حينئذ نقلا الباجي عن الأخوين وأصبغ قائلاً: بناءً عَلَى اعتبار يوم الحوز أَو العقد.
وَلا قِيمَةَ.
قوله: (وَلا قِيمَةَ) يرجع للمسائل الثلاث (2).
واسْتَصْحَبَ هَدِيَّةً، أَوْ أَرْسَلَهَا ثُمَّ مَاتَ، أَوِ الْمُعَيَّنَةُ لَهُ، إِنْ لَمْ يُشْهِدْ كَأَنْ دَفَعْتَ لِمَنْ يَتَصَدَّقُ عَنْكَ بِمَالٍ ولَمْ تُشْهِدْ.
قوله: (وِ اسْتَصْحَبَ هَدِيَّةً، أَوْ أَرْسَلَهَا ثُمَّ مَاتَ، أَوِ الْمُعَيَّنَةُ لَهُ، إِنْ لَمْ يُشْهِدْ) أي: وبطلت الهبة التي صحبها الواهب فِي طريقه ليوصلها للموهوب، أَو أرسلها مَعَ غيره ثم مات هذا الواهب الذي هو مستصحب، أَو مرسل أَو مات الذي عينت لَهُ الهبة استصحاباً، أَو إرسالاً إِن لَمْ يشهد الواهب فِي الصور الأربع، ومفهوم الشَرْط أنّه إِن أشهد فيهن لَمْ تبطل
(1) انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:455.
(2)
أي قوله قبلها: (أَوْ وَهَبَ لِثَانٍ وحَازَ أَوْ أَعْتَقَ الْوَاهِبُ أَوْ اسْتَوْلَدَ).
الهبة، فهذه أربع صور أخرى ثم مفهوم الصفة فِي قوله:(المعينة لَهُ) أَن من لَمْ يعين لَهُ إِذَا وجهت إليه استصحاباً أَو إرسالاً فمات قبل قبضها لَمْ تبطل. فهاتان صورتان أخريان.
فمجموع مَا اشتمل عَلَيْهِ الكلام نصاً ومفهوماً عشر صور، وقد حمله الاختصار عَلَى حذف [119 / أ] مرفوع السببي فلم يتمثل قول من قال:
وأبرزنّه مُطْلَقاً حيث تلا
…
مَا ليس معناه لَهُ محصلاً
لا إِنْ بَاعَ وَاهِبٌ قَبْلَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ، وإِلا فَالثَّمَنُ لِلْمُعْطَي، رُوِيَتْ بِفَتْحِ الطَّاءِ وكَسْرِهَا أَوْ جُنَّ، أَوْ مَرِضَ، واتَّصَلا بِمَوْتِهِ، أَوْ وَهَبَ لِمُودَعٍ، ولَمْ يَقْبَلْ لِمَوْتِهِ، وصَحَّ، إِنْ قَبَضَ لِيَتَرَوَّىَ، أَوْ جَدَّ فِيهِ، أَوْ فِي تَزْكِيَةِ شَاهِدِهِ أَوْ أَعْتَقَ، أَوْ بَاعَ، أَوْ وَهَبَ إِذَا أَشْهَدَ وَأَعْلَنَ.
قوله: (لا إِنْ بَاعَ وَاهِبٌ قَبْلَ عِلْمِ الْمَوْهُوبِ) كذا هو فِي بعض النسخ بأداتي النفي والشَرْط، وبِهِ يستقيم الكلام ولا يمتنع (1) منه عطف أوجز ومَا بعده عَلَى المثبتات، والعاقل يفهم.
أَوْ لَمْ يُعْلَمْ بِهَا، إِلا بَعْدَ مَوْتِهِ، وحَوْزُ مُخْدَمٍ ومُسْتَعِيرٍ مُطْلَقاً، ومُودَعٍ، إِنْ عَلِمَ، لا غَاصِبٍ ومُرْتَهِنٍ، ومُسْتَأْجِرٍ، إِلا أَنْ يَهَبَ الإِجَارَةَ، ولا إِنْ رَجَعَتْ إِلَيْهِ بَعْدَهُ بِقُرْبٍ.
قوله: (أَوْ لَمْ يُعْلَمْ بِهَا، إِلا بَعْدَ مَوْتِهِ) أي وكذا تصحّ الهبة إِذَا لَمْ يعلم بها الموهوب فِي حياته، فلما مات علم بها ورثته فلهم القيام بها عَلَى الواهب الصحيح، وقد جوّز فِي " توضيحه " أَن يحمل عَلَى هذا قول ابن الحاجب: فلو مات قبل علمه ففي بطلانه قَوْلانِ (2). بعد أَن ذكر مَا اعترضه بِهِ بعض الشراح، وأظنه السفاقسي وعَلَى هذا فينبغي أَن نضبط (يُعلَم) بضم الياء وفتح اللام مبنياً للمجهول، وأما إِذَا لَمْ يعلم بها الموهوب إِلا بعد موت الواهب فإنها تبطل كما فِي " المدونة " وَغيرها، والقول الآخر الذي ذكر ابن الحاجب بالصحة لَمْ يوجد.
(1) في (ن 1)، و (ن 3):(يمنع).
(2)
انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:455.
بِأَنْ آجَرَهَا، أَوْ أَرْفَقَ بِهَا، بِخِلافِ سَنَةٍ، أَوْ رَجَعَ، مُخْتَفِياً أَوْ ضَيْفاً فَمَاتَ، وهبةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلآخَرِ، مَتَاعاً، وهبةُ زَوْجَةٍ دَارَ سُكْنَاهَا لِزَوْجِهَا، لا الْعَكْسُ، ولا إِنْ بَقِيَتْ عِنْدَهُ، إِلا لِمَحْجُورِهِ إِلا مَا لا يُعْرَفُ ولَوْ خَتَمَ ودَارَ سُكْنَاهُ، إِلا أَنْ يَسْكُنَ أَقَلَّهَا، ويُكْرِي لَهُ الأَكْثَرَ، وإِنْ سَكَنَ النِّصْفَ بَطَلَ فَقَطْ، والأَكْثَرَ بَطَلَ الْجَمِيعُ.
قوله: (بِأَنْ آجَرَهَا، أَوْ أَرْفَقَ بِهَا) الضمير المستكن فِي الفعلين للموهوب؛ فيجب بناء الثاني للفاعل كالأول.
وجَازَتِ الْعُمْرَى كَأَعْمَرْتُكَ، أَوْ وَارِثَكَ.
قوله: (كأعمرتك أَو وارثك) كذا ينبغي أَن يكون بواو العطف بعد أَو أي: كأعمرتك فقط أَو أعمرتك ووارثك فهما (1) مثالان.
وَرَجَعَتْ لِلْمُعْمِرِ، أَوْ وَارِثِهِ كَحُبُسٍ عَلَيْكُمَا، وهُوَ لآخِرِكُمَا [71 / ب] مِلْكاً، لا الرُّقْبَى كَذَوَيْ دَارَيْنِ، قَالا إِنْ مُتَّ قَبْلِي، فَهُمَا لِي، وإِلا فَلَكَ كَهِبَةِ نَخْلٍ واسْتِثْنَاءِ ثَمَرَتِهَا سِنِينَ، والسَّقْيُ عَلَى الْمَوْهُوبِ لَهُ، أَوْ فَرَسٍ لِمَنْ يَغْزُو سِنِينَ، ويُنْفِقُ عَلَيْهِ الْمَدْفُوعُ ولا يَبِيعُهُ لِبَعْدِ الأَجَلِ.
قوله: (وَرَجَعَتْ لِلْمُعْمِرِ، أَوْ وَارِثِهِ كَحُبُسٍ عَلَيْكُمَا، وهُوَ لآخِرِكُمَا مِلْكاً) لفظ (ملك) منصوب عَلَى الحال من ضمير الفاعل فِي (رجعت)، وأشار بالتشبيه لقوله آخر كتاب الهبات (2) من " المدونة ": ومن قال لرجلين: عبدي هذا حبس عَلَيْكَما وهو للآخر منكما جَازَ ذلك، وهو للآخر يبيعه أَو يصنع بِهِ مَا يشاء (3).
وَلِلأَبِ اعْتِصَارُهَا مِنْ وَلَدِهِ كَأُمٍّ فَقَطْ وَهَبَتْ ذَا أَبٍ، وإِنْ مَجْنُوناً، ولَوْ تَيَتَّمَ (4) عَلَى الْمُخْتَارِ، إِلا مَا أُرِيدَ بِهِ الآخِرَةُ كَصَدَقَةٍ بِلا شَرْطٍ.
قوله: (وَلَوْ تَيَتَّمَ عَلَى الْمُخْتَارِ) هكذا فِي بعض النسخ بالفعل الماضي الدالّ عَلَى حدوث اليتم بعد الهبة، وهو فِي غاية الحسن.
(1) في (ن 3): (فيهما).
(2)
في (ن 1): (الهبة).
(3)
انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 371.
(4)
في أصل المختصر: (يتيماً).
إِنْ لَمْ تَفُتْ، لا بِحِوَالَةِ سُوقٍ، بَلْ بِزَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ.
قوله: (إِنْ لَمْ تَفُتْ، لا بِحِوَالَةِ سُوقٍ، بَلْ بِزَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ) كذا فِي بعض النسخ وهو الصواب.
وَلَمْ يُنْكَحْ أَوْ يُدَايَنْ لَهَا، أَوْ يَطَأْ ثَيِّباً، أَوْ يَمْرَضْ كَوَاهِبٍ إِلا أَنْ يَهَبَ عَلَى هَذِهِ الأَحْوَالِ.
قوله: (وَلَمْ يُنْكَحْ أَوْ (1) يُدَايَنْ لَهَا) أي: لأجل الهبة، وهو راجع للنكاح والمداينة.
أَوْ يَزُولَ الْمَرَضُ عَلَى الْمُخْتَارِ، وكُرِهَ تَمَلُّكُ صَدَقَةٍ بِغَيْرِ مِيرَاثٍ، ولا يَرْكَبُهَا، أَوْ يَأْكُلُ غَلَّتَهَا، وهَلْ إِلا أَنْ يَرْضَى الابْنُ الْكَبِيرُ بِشُرْبِ اللَّبَنِ؟ تَأْوِيلانِ، ويُنْفِقُ عَلَى أَبٍ افْتَقَرَ مِنْهَا.
قوله: (أَوْ يَزُولَ الْمَرَضُ عَلَى الْمُخْتَارِ) أي مرض الأب والابن.
وَتَقْوِيمُ جَارِيَةٍ أَوْ عَبْدٍ لِلضَّرُورَةِ، ويُسْتَقْصَى، وجَازَ شَرْطُ الثَّوَابِ، ولَزِمَ بِتَعْيِينِهِ، وصُدِّقَ وَاهِبٌ فِيهِ، إِنْ لَمْ يَشْهَدْ عُرْفٌ لِضِدِّهِ.
قوله: (وَتَقْوِيمُ جَارِيَةٍ أَوْ عَبْدٍ) معطوف عَلَى اعتصارها من قوله: (وَللأب اعتصارها من ولده).
وَإِنْ لِعُرْسٍ، وهَلْ يَحْلِفُ، أَوْ إِنْ أَشْكَلَ؟ تَأْوِيلانِ، فِي غَيْرِ الْمَسْكُوكِ، إِلا لِشَرْطٍ، وهبةُ أَحَدِ الزَّوْجَيْنِ لِلآخَرِ، ولِقَادِمٍ عِنْدَ قُدُومِهِ وإِنْ فَقِيراً لِغَنِيٍّ، ولا يَأْخُذُ هِبَتَهُ، وإِنْ قَائِمَةً، ولَزِمَ وَاهِبَهَا، لا الْمَوْهُوبَ لَهُ الْقِيمَةُ، إِلا لِفَوْتٍ بِزَيْدٍ أَوْ نَقْصٍ، ولَهُ مَنْعُهَا حَتَّى يَقْبِضَهُ.
قوله: (وَإِنْ لِعُرْسٍ) أي: وإِن كانت الهدية لعرس فهي عَلَى الثواب. قاله ابن العطار والباجي، وهذا بِخِلاف مَا ذكر بعد فِي الهدية (2) للقادم من سفره.
(1) في (ن 1): (أو لم).
(2)
في (ن 1): (فالهدية).
وَأُثِيبَ مَا يُقْضَى عَنْهُ بِبَيْعٍ، وإِنْ مَعِيباً، إِلا كَحَطَبٍ، فَلا يَلْزَمُ أَخْذُهُ، ولِلْمَأْذُونِ، ولِلأَبِ فِي مَالِ وَلَدِهِ الْهِبَةُ لِلثَّوَابِ، وإِنْ قَالَ دَارِي - صَدَقَةٌ. بِيَمِينٍ مُطْلَقاً، أَوْ بِغَيْرِهَا ولَمْ يُعَيِّنْ لَمْ يُقْضَ عَلَيْهِ بِخِلافِ الْمُعَيَّنِ، وفِي مَسْجِدٍ مُعَيَّنٍ قَوْلانِ، وقُضِيَ بَيْنَ مُسْلِمٍ وذِمِّيٍّ فِيهَا بِحُكْمِنَا.
قوله: (وَأُثِيبَ مَا يُقْضَى عَنْهُ بِبَيْعٍ، وإِنْ مَعِيباً) لفظ (مَعِيباً) بفتح الميم وكسر العين ثم ياء ناشئة عن الكسرة ثم باء موحدة من باب (العيب).
وأشار بِهِ لقوله فِي كتاب: الهبات من " المدونة ": وإِن وجد الواهب عيباً بالعوض فإن كَانَ عيباً فادحاً لا يتعاوض فِي مثله كالجذام والبرص فله رده وأخذ الهبة، إِن لَمْ تفت إِلا أَن يُعوضه، وإِن لَمْ يكن فادحاً نظر إِلَى قيمته بالعيب، فإن كانت كقيمة الهبة فأكثر لَمْ يجب لَهُ غيره؛ لأن مَا زاد عَلَى القيمة تطوع غير لازم، فإن كَانَ دون قيمتها فأتمّ لَهُ القيمة بريء.
وليس للواهب ردّ العوض إِلا أَن يأبى الموهوب أَن يتمّ لَهُ قيمته؛ لأن كلّ مَا يعوضه مما يجري بين الناس فِي الأعواض يلزم الواهب قبوله، وإِن كَانَ معيباً إِذَا كَانَ فيه وفاءً بالقيمة (1). وبالله تعالى التوفيق.
(1) انظر: تهذيب المدونة، للبراذعي: 4/ 365.