الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[باب الحجر]
الْمَجْنُونُ مَحْجُورٌ لِلإِفَاقَةِ. والصَّبِيُّ لِبُلُوغِهِ بِثَمَانَ عَشْرَةَ. أَوِ الْحُلُمِ أَوِ الْحَيْضِ. أَوِ الْحَمْلِ، أَوِ الإِنْبَاتِ. وَهَلْ إِلا فِي ، حَقِّ اللهِ تَعَالَى؟ تَرَدُّدٌ وصُدِّقَ إِنْ لَمْ يُرَبْ، ولِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ، ولَهُ إِنْ رَشَدَ، ولَوْ حَنِثَ بَعْدَ بُلُوغِهِ، أَوْ وَقَعَ الْمَوْقَعَ، وضَمِنَ مَا أَفْسَدَ إِنْ لَمْ يُؤَمَّنْ عَلَيْهِ، وصَحَّتْ وَصِيَّتُهُ، كَالسَّفِيهِ إِنْ لَمْ يُخَلِّطْ إِلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الأَبِ بَعْدَهُ، وفَكِّ وَصِيٍّ، ومُقَدَّمٍ إِلا كَدِرْهَمٍ [57 / أ] لِعَيْشِهِ.
قوله: (إِلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الأَبِ بَعْدَهُ) بدل اشتمال من قوله: (لبلوغه) ويسهل ذلك [إذا استوى](1) استواء الحرفين الجارّين لهما فِي الوضع لانتهاء الغاية، والرابط بين البدل والمبدل منه الضمير فِي (بعده)، وبهذا يلتحم الكلام ويتسق النظام، ويحتمل أن يكون قوله:(لبلوغه) متعلقاً بلفظ (الصبي)، فهو تحديد للصبا، ويكون قوله:(إلى حفظ) متعلّقاً بلفظ محجور، فهو تحديد للحجر، ويحتمل أن يكون قوله:(إلى حفظ) متعلقاً بلفظ (2)(ردّ) من قوله: (وللولي ردّ تصرف مميز)، والأول أنصع وأصنع، واقتصر عَلَى ذكر حفظ المال دون تنميته.
وقال فِي " توضيحه ": نقل اللخمي الاتفاق عَلَى أن من لا يحسن التجر ويحسن الإمساك لا يحجر عَلَيْهِ، لكن ذكر المازري خلافاً فِيمَا ينفك به الحجْر عن المحجور عَلَيْهِ هل بمجرد حفظه فقط؟ أو بزيادة اشتراط حسن تنميته؟.
ووجه الثاني (3) بأنه إن لَمْ يحسن ذلك كَانَ ذلك مؤدياً إلى فناء ماله.
ووجَّه الأول بأنه لما كَانَ لا يلزم القابض من أب أو وصيٍ أو مقدم أن يتجر له، إنما يلزمه صيانته فمالكه أولى. قال: وينبغي عندي أن يلتفت إلى قلة المال وكثرته، ثُمَّ ذكر فِي " التوضيح ": أن هذا فِي الرشد الذي يخرج به من الحجر لا فِي الرشد الذي لا يضرب
(1) ما بين المعكوفتين زيادة من: (ن 1).
(2)
زاد في (ن 1)(محجور فهو تحديد للحجر ويحتمل أن يكون قوله: (إلى حفظ) متعلقاً بلفظ، فلعله اختلط بما قبله.
(3)
أي: اشتراط حسن تنميته؛ فهو الثاني من تفريعه.
معه الحجر، فإنه متفق عَلَى أنّه لا يراعي فِيهِ القيد الثاني كما ذكره اللخمي. (1) والذي لابن عرفة قال عبد الوهاب: الرشد هو ضبط المال وإصلاحه.
[المازري](2): فِي كونه مجرد صونه، أو مع كونه يحسن تنميته: عبارتان.
ابن عرفة: عزاهما اللخمي للمدونة " ولمحمد.
لا طَلاقِهِ أو اسْتِلْحَاقِ نَسَبٍ ونَفْيِهِ، وعِتْقِ مُسْتَوْلَدَتِهِ، وقِصَاصٍ، ونَفْيِهِ، وإِقْرَارٍ بِعُقُوبَةٍ، وتَصَرُّفُهُ قَبْلَ الْحَجْرِ مَحْمُولٌ عَلَى الإِجَازَةِ عِنْدَ مَالِكٍ، لا ابْنِ الْقَاسِمِ، وعَلَيْهِمَا الْعَكْسُ فِي تَصَرُّفِهِ إِنْ رَشَدَ بَعْدَهُ، وزِيدَ فِي الأُنْثَى دُخُولُ زَوْجٍ، وشَهَادَةُ الْعُدُولِ عَلَى صَلاحِ حَالِهَا.
قوله: (لا طَلاقِهِ أو اسْتِلْحَاقِ نَسَبٍ ونَفْيِهِ، وعِتْقِ مُسْتَوْلَدَتِهِ، وقِصَاصٍ، ونَفْيِهِ، وإِقْرَارٍ بِعُقُوبَةٍ) هذا معطوف عَلَى لفظ (تصرف) من قوله: (وللولي ردّ تصرف مميز)، وهذا خاصّ بالبالغ إذ هو الذي يكون له ولد يستلحقه (3) وأم ولد يعتقها بِخِلاف الصبي، فهو كقول ابن الحاجب: ولا حجر عَلَى العاقل البالغ فِي الطلاق واستلحاق النسب ونفِيهِ وعتق أم ولده، والإقرار بموجب العقوبات بِخِلاف المجنون (4). زاد فِي " التوضيح " تبعاً لابن عبد السلام. وهل يجوز عفوه عما دون النفس من قصاص وجب له أو حد قذف، وإليه ذهب ابن القاسم أولاً، وإليه ذهب مطرف وابن الماجشون ولا خلاف أنّه لا يصحّ عفوه عن جراح الخطأ؛ لأنها مال، فإن أدى جرح الخطأ إلى نفسه وعفا عن ذلك عند موته كَانَ ذلك فِي ثلثه كالوصايا.
وإن وجب له قصاص فِي نفسٍ كما لو قتل أبوه أو ابنه عمداً صحّ عفوه عَلَى مذهب ابن القاسم الذي يرى أن الواجب فِي العمد قود كلّه. ابن عبد السلام: وفِيهِ نظر عَلَى مذهب مطرف وابن الماجشون المتقدم، وتَرَدُّدٌ المازري عَلَى مذهب أشهب الذي يرى أن
(1) انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 8/ 505، 506.
(2)
في (ن 3): (الباجي).
(3)
في (ن 1): (يستحله).
(4)
انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:386.
الولي بالخيار بين القتل وأخذ المال، فأجراه عَلَى أن من ملك أن يملك هل يعدّ مالكا أم لا؟ (1).
ولَوْ جَدَّدَ أَبُوهَا حَجْراً عَلَى الأَرْجَحِ، ولِلأَبِ تَرْشِيدُهَا قَبْلَ دُخُولِهَا كَالْوَصِيِّ، ولَوْ لَمْ يُعْلَمْ رُشْدُهَا. وفِي مُقَدَّمِ الْقَاضِي خِلافٌ والْوَلِيُّ الأَبُ، ولَهُ الْبَيْعُ مُطْلَقاً، وإِنْ لَمْ يَذْكُرْ سَبَبَهُ، ثُمَّ وَصِيُّهُ، وإِنْ بَعُدَ. وَهَلْ كَالأَبِ، أَوْ إِلا الرَّبْعَ فَبِبَيَانِ السَّبَبِ؟ خِلافٌ. ولَيْسَ لَهُ هِبَةٌ لِلثَّوَابِ، ثُمَّ حَاكِمٌ، وبَاعَ بِثُبُوتِ يُتْمِهِ، وإِهْمَالِهِ ومِلْكِهِ لِمَا بِيعَ. وَأنّه الأَوْلَى، وحِيَازَةُ الشُّهُودِ لَهُ، والتَّسَوُّقِ، وعَدَمِ إِلْغَاءِ زَائِدٍ، والسَّدَادِ فِي الثَّمَنِ، وفِي تَصْرِيحِهِ بِأَسْمَاءِ الشُّهُودِ قَوْلانِ، لا حَاضِنٍ كَجَدٍّ.
قوله: (ولَوْ جَدَّدَ (2) أَبُوهَا حَجْراً عَلَى الأَرْجَحِ) لَمْ أقف عَلَى هذا الترجيح لابن يونس؛ ولكن ذكر ابن رشد فِي " المقدمات ": " أن القياس أن ليس للأب عَلَيْهَا تجديد عَلَى قول من حدّ لجواز [أفعالها] (3) حدّاً؛ لأنه حملها ببلوغها إليه عَلَى الرشد، وأجاز أفعالها، فلا يصدّق الأبّ فِي إبطال هذا الحكم بما يدّعيه من سفهها إِلا أن يعلم صحة قوله "(4). انتهى.
فأنت ترى ابن رشد خصّ هذا بقول من حد لجواز أفعالها حدّاً من السنين؛ مع أنّ المصنف أضرب هنا عن القول بالتحديد بالسنين، وقد قبل ابن عرفة قياس ابن رشد، ولم يذكر شيئاً لابن يونس، وفِي هذا الترجيح نظر من وجهين أحدهما نسبته لابن يونس، والثاني تفريعه عَلَى غير القول بالتحديد. والله تعالى أعلم.
وعُمِلَ بِإِمْضَاءِ الْيَسِيرِ، وفِي حَدِّهِ تَرَدُّدٌ.
قوله: (وَفِي حَدِّهِ تَرَدُّدٌ) هذا التَرَدُّدٌ للموثقين من الأندلسيين قال ابن العطار: عشرون ديناراً دراهم، وقيل ثلاثون، وقيل: عشرة. قال بعضهم: الدينار المراد هنا هو ثمانية دراهم من دراهم دخل أربعين، ومعناه أن مائة وأربعين منها تعادل مائة، كيلا، وزِنَة الدرهم الواحد منها ست وثلاثون حبّة، وهو خمسة أسباع درهم الكيل، ودرهم الكيل
(1) انظر التوضيح، لخليل بن إسحاق: 8/ 518.
(2)
في (ن 1): (وجد).
(3)
في (ن 3): (أفعاله).
(4)
انظر: المقدمات الممهدات، لابن رشد: 2/ 56.
منها مثل وخُمْسا [85 / ب] المثل؛ فزنة العشرين ديناراً التي يبيع بها الحاضن عَلَى المشهور من دراهمنا الصغيرة الضرب أحد وسبعون ديناراً عشرية الصرف بتقريب يسير.
قلت: أما دراهمنا الصغيرة الضرب فالذي أخذناه عن شيخنا الفقيه الحافظ أبي عبد الله القوري - رحمه الله تعالى -: أن فِي درهم الكيل سبعة دراهم وخُمْس درهم من دراهم ثمانين الصغار، وفِيهِ أَيْضاً ستة دراهم وثلاثة أعشار الدرهم من دراهم سبعين الصغار، فلما اختبرنا ذلك وجدناه مبنياً عَلَى أن فِي الصغير الثمانيني سبع حبّات من الشعير، وعَلَى أنّ فِي الصغير السبعيني ثماني حبّات. [فقول الزهري فِي " قواعده " وزن صغيرنا تقريباً ثماني حبّات](1) شعيراً وسطاً يعني به السبعيني، وعَلَيْهِ بنى التقريب المتقدّم.
وأما بحساب الثمانيني فزنة العشرين المذكورة عشر أواقٍ وثُمْنَا أوقية وثلاثة أعشار ثمن الأوقية غير حبة شعير، واعلم أن الصغير الثمانيني هو الذي يطلق عَلَيْهِ أهل هذا الجيل صغيراً بالصنجة وكبيراً عدّة، وقد ذكرنا هذا كلّه فِي مسألة صبيان الأعراب من كتاب: النكاح الأول من: " تكميل التقييد وتحليل التعقيد " وبالله تعالى أستعين.
ولِلْوَلِيِّ تَرْكُ التَّشَفُّعِ والْقِصَاصِ فَيَسْقُطَانِ، ولا يَعْفُو.
قوله: (وَلِلْوَلِيِّ تَرْكُ التَّشَفُّعِ والْقِصَاصِ) هذا القصاص فِي الصبي غير البالغ إِذَا جنى عَلَيْهِ أو عَلَى وليّه فلا يعارض ما تقدّم فِي البالغ، وعبارة ابن الحاجب أبين إذ قال:" وللولي النظر فِي قصاص [الصغير] (2) أو الدية (3) ".
ومَضَى عِتْقُهُ بِعِوَضٍ.
قوله: (وَمَضَى عِتْقُهُ بِعِوَضٍ) يريد العتق الناجز بعوض من غير مال العبد. قال فِي كتاب المكاتب من " المدونة ": وللوصي أن يكاتب عبد من يليه عَلَى النظر ولا يجوز أن يعتقه عَلَى مالٍ يأخذه منه إذ لو شاء انتزعه، ولو كَانَ عَلَى عطية من أجنبي جَازَ عَلَى النظر
(1) ما بين المعكوفتين ساقط من (ن 1).
(2)
، ما بين المعكوفتين ساقط من الأصل، و (ن 4).
(3)
انظر: جامع الأمهات، لابن الحاجب، ص:386.
كبيعه، وكذلك الأبّ له أن يكاتب عبد ابنه الصغير عَلَى النظر، ويبيع له ويشتري عَلَى النظر (1). إِلا أن ظاهر " المدونة " جوازه ابتداءً بِخِلاف ما هنا، وكأنه استروح من قوله:(ولو كَانَ عَلَى عطية) أن ذلك بعد الوقوع.
كَأَبِيهِ إِنْ أَيْسَرَ، وإِنَّمَا يَحْكُمُ فِي الرُّشْدِ وضِدِّهِ، والْوَصِيَّةِ والْحُبُسِ الْمُعَقَّبِ، وأَمْرِ الْغَائِبِ، والنَّسَبِ، والْوَلاءِ، وحَدٍّ، وقِصَاصٍ، ومَالِ يَتِيمٍ - الْقُضَاةُ.
قوله: (كَأَبِيهِ إِنْ أَيْسَرَ) أي كما يمضي عتق الأب دون غيره من الأولياء إِذَا كَانَ بغير عوض بشرط أن يكون موسراً قال فِي " المدونة " إثر الكلام المتقدم: " وإن أعتق عبد ابنه الصغير جَازَ عتقه إن كَانَ للأب مال، وإِلا لَمْ يجز. قال غيره: إِلا أن يوسر قبل النظر فِي ذلك فيتم ويقوم عَلَيْهِ ". زاد فِي كتاب الشفعة: " ولا يجوز فِي الهبة وإن كَانَ موسراً "(2).
وإِنَّمَا يُبَاعُ عَقَارُهُ لِحَاجَةٍ، أَوْ غِبْطَةٍ، أَوْ لِكَوْنِهِ مُوَظَّفاً، أَوْ حِصَّةً، أَوْ قَلَّتْ غَلَّتُهُ فَيُسْتَبْدَلُ خِلافُهُ، أَوْ بَيْنَ ذِمِّيَّيْنِ، أَوْ جِيرَانٍ سُوءٍ، أَوْ لإِرَادَةِ شَرِيكِهِ بَيْعاً ولا مَالَ لَهُ، أَوْ لِخَشْيَةِ انْتِقَالِ الْعِمَارَةِ، أَوِ الْخَرَابِ ولا مَالَ لَهُ، أَوْ لَهُ والْبَيْعُ أَوْلَى، وحُجِرَ عَلَى الرَّقِيقِ إِلا بِإِذْنٍ، ولَوْ فِي نَوْعٍ فَكَوَكِيلٍ مُفَوَّضٍ، ولَهُ أَنْ يَضَعَ ويُؤَخِّرَ ويُضَيِّفَ إِنِ اسْتَأْنَفَ، ويَأْخُذُ قِرَاضاً، ويَدْفَعَهُ، ويَتَصَرَّفَ فِي كَهِبَةٍ، وأُقِيمَ مِنْهَا عَدَمُ مَنْعِهِ مِنْهَا ولِغَيْرِ مَنْ أُذِنَ لَهُ الْقَبُولُ بِلا إِذْنٍ، والْحَجْرُ عَلَيْهِ كَالْحُرِّ، وأُخِذَ مِمَّا بِيَدِهِ وإِنْ مُسْتَوْلَدَةً كَعَطِيَّتِهِ، وهَلْ إِنْ مُنِحَ لِلدَّيْنِ؟ أَوْ مُطْلَقاً؟ تَأْوِيلانِ، لا غَلَّتِهِ، ورَقَبَتِهِ.
قوله: (وَإِنَّمَا يُبَاعُ عَقَارُهُ لِحَاجَةٍ
…
إلى آخره) عدّ ابن عرفة هذه الأسباب أحد عشر، وفِيهَا بعض زيادة ونقص بالنسبة لما هنا ونظمها فِي ستة أبيات من عروض الطويل فقال:
وبَيْعُ عَقَارٍ عَنْ يَتِيمٍ لِقُوتِهِ
…
وهَدْمٍ ومَا يُبْنَى بِهِ غَيْرُ حَاصِلِ
ودَيْنٍ ولَا مَقْضِيَّ مِنْهُ سَوَاءُ قُلْ
…
وشِرْكٍ بِهِ يُرْجَى بِهِ مِلْكُ كَامِلِ
[وَدَعْوَى شَرِيكٍ لَا سَبِيلَ لِقَسْمِهِ
…
وذِي ثَمَنٍ حِلٍّ كَثِيرٍ وَطَائِلِ] (3)
(1) النص أعلاه لتهذيب المدونة، للبراذعي: 2/ 569، وانظر: المدونة، لابن القاسم: 7/ 260.
(2)
انظر: المدونة، لابن القاسم: 14/ 440.
(3)
هذا البيت في (ن 1) يأتي قبل البيت السابق.
كَذَا الْعَارِ عَنْ نَفْعٍ ومَا خِيفَ غَصْبُهُ
…
أَوْ الدَّارِ فِي دُورِ الْيَهُودِ الْأَرَاذِلِ
ومَا نَالَهُ تَوْظِيفُ أَوْ ثِقْلُ مَغْرَمٍ
…
فَخُذْهَا جَوَاباً عَنْ سُؤَالِ السَّائِلِ
ودَعْوَى الشَّرِيكِ الْبَيْعَ قَيَّدَ بَعْضُهُمْ
…
بِلَا ثَمَنٍ يُعْطَى لِدَاعٍ مُفَاصِلِ
وإِنْ لَمْ يَكُنْ غَرِيماً (1)، فَكَغَيْرِهِ.
قوله: (وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَرِيماً، فَكَغَيْرِهِ) اسم (يَكُنْ) ضمير المأذون و (غَرِيماً) خبرها، فهو بمعنى المدين، وفِي كثيرٍ من النسخ: وإن لَمْ يكن غريمٌ بالرفع عَلَى أنّه فاعل يكن التامة، فالغريم عَلَى هذا بمعنى ربّ الحقّ.
ولا يُمَكَّنُ ذِمِّيٌّ مِنْ تَجْرٍ فِي كَخَمْرٍ، إِنِ اتَّجَرَ لِسَيِّدِهِ، وإِلا فَقَوْلانِ، وعَلَى مَرِيضٍ حَكَمَ الطِّبُّ بِكَثْرَةِ الْمَوْتِ بِهِ كَسِلٍّ، وقَوْلَنْجٍ، وحُمًّى قَوِيَّةً، وحَامِلِ سِتَّةٍ، ومَحْبُوسٍ لِقَتْلٍ أَوْ لِقَطْعٍ، إِنْ خِيفَ الْمَوْتُ، وحَاضِرٍ صَفَّ الْقِتَالِ، لا كَجَرَبٍ، ومُلَجَّجٍ فِي بَحْرٍ، ولَوْ حَصَلَ الْهَوْلُ فِي غَيْرِ مُؤْنَتِهِ وتَدَاوِيهِ ومُعَاوَضَةٍ مَالِيَّةٍ، ووُقِفَ تَبَرُّعُهُ، وإِلا لِمَالٍ مَأْمُونٍ، وهُوَ الْعَقَارُ، فَإِنْ مَاتَ فَمِنَ الثُّلُثِ وإِلا مَضَى. وعَلَى الزَّوْجَةِ لِزَوْجِهَا ولَوْ عَبْداً [57 / ب] فِي تَبَرُّعٍ زَادَ عَلَى ثُلُثِهَا. وَإِنْ بِكَفَالَةٍ وفِي إِقْرَاضِهَا قَوْلانِ وهُوَ جَائِزٌ حَتَّى يُرَدَّ فَمَضَى. إِنْ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى تَأَيَّمَتْ، أَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا.
قوله: (ومَحْبُوسٍ لِقَتْلٍ) معطوف عَلَى مريض، وأما قوله:(وحامل ستة) فيحتمل أن يكون معطوفاً عَلَى مريض أَيْضاً، ويحتمل أن يعطف عَلَى كسل بحذف مضاف أي وحمل حامل.
كَعِتْقِ الْعَبْدِ. ووَفَاءِ الدَّيْنِ.
قوله: (كَعِتْقِ الْعَبْدِ. ووَفَاءِ الدَّيْنِ) أي كما يمضي تبرع العبد إِذَا لَمْ يعلم به سيّده حَتَّى عتق وكما يمضي تبرع المديان إِذَا لَمْ يعلم به الغرماء حَتَّى وفّاهم ديونهم. قال فِي كتاب: المأذون من " المقدمات ": أما العبد فِيمَا وهب أو أعتق: فإذا لَمْ يعلم السيّد ذلك أو علم فلم يقض فِيهِ بردٍّ ولا إجازة حَتَّى عتق العبد والمال بيده فإن ذلك لازم له، ولا أعلم فِي هذا
(1) في أصل المختصر، والمطبوعة:(غريم).
نص خلاف (1). وقال قبل ذلك فِي تبرع المديان بغير إذن غرمائه: إن ذلك ينفذ عَلَيْهِ إن بقي ذلك بيده إلى أن ارتفعت علة المنع بزوال الدين، وكلامه فيهما أشبع من هذا؛ ولكن هذه حاجتنا منه.
ولَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ. إِنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ، ولَيْسَ لَهَا بَعْدَ الثُّلُثِ. تَبَرُّعٌ إِلا أَنْ يَبْعُدَ.
قوله: (ولَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ. إِنْ تَبَرَّعَتْ بِزَائِدٍ) زاد ابن عرفة: ولولي الزوج منع زوجته إعطاءها [86 / أ] أكثر من ثلثها.
(1) انظر: المقدمات الممهدات، لابن رشد: 2/ 51، 52.