الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المجلد الأول
مقدمة
…
2-
الافتتاحية
الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن سار على نهجه واستن بسنته إلى يوم الدين، وبعد:
فإن في تاريخ كل أمة من الأمم غير الإسلامية قادة وزعماء تدرس حياتهم وسيرهم وتؤلف الكتب في إبراز معطياتهم لتكون نبراساً للأجيال المتعاقبة بعدهم، فتظل ذكرى أولئك محدودة؛ لأنه لم ينقل منها إلا جانبها المشرق الذي ظهر فيه نبوغهم، وبقيت الجوانب الأخرى في ظلام دامس، إما لأنها لا تستحق أن ترى النور لشذوذها أو انحرافها، فليست مما يشرف، وإما لضحالتها فلا تستحق الذكر1.
لكن الشخصية الوحيدة التي نقلت إلينا سيرتها بكل جزئياتها وأدق تفاصيلها هي شخصية نبينا محمد صلى الله عليه وسلم الذي أرسله الله إلى الثقلين جميعاً وختم به الرسالات قال تعالى: {قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُمْ جَمِيعاً} 2، وقال سبحانه: {مَا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِنْ رِجَالِكُمْ وَلَكِنْ
1 من معين السيرة، صالح الشامي ص 5، بتصرف.
2 الأعراف آية رقم (158) .
رَسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً} 1.
ويقول جل شأنه: {وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الإسلام دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ} 2.
من هنا كانت سيرته أعظم سيره يجب الاعتناء بها وحفظها واتخاذها قدوة ونبراساً نستضيء به في مسيرة الحياة إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها.
ولقد كانت حياة النبي صلى الله عليه وسلم مليئة بالأحداث خاصة في العهد المدني حيث فرض الله عليه الجهاد وغزا وقاتل حتى أتاه اليقين.
ولأهمية تلك الأحداث قام رجال من الصحابة نذروا أنفسهم لخدمة سيرة النبي صلى الله عليه وسلم فأولوها عناية خاصة وذلك لما اشتملت علية من مآثر وعظات وعبر، وكان على رأس هؤلاء الصحابي الجليل عبد الله بن عباس رضي الله عنهما (ت 78 هـ) ، فقد ذكر ابن سعد عنه أنه كان يخصص يوماً يجلس فيه لذكر المغازي3.
ثم جاء دور كبار التابعين وعلى رأسهم عروة بن الزبير (ت92هـ) وسعيد بن المسيب (ت94هـ) ، وأبان بن عثمان بن عفان (ت105هـ)
1 الأحزاب آية رقم (40) .
2 آل عمران آية رقم (85) .
3 الطبقات الكبرى (2/68) .
وغيرهم ممن اهتم بالسير والمغازي، يدل على ذلك تلك الروايات التي دونها كبار المحدثين عن هؤلاء. ولم ينقطع اهتمام المسلمين بدراسة السيرة والمغازي فقد جاء دور صغار التابعين وعلى رأسهم محمد بن مسلم بن شهاب الزهري الذي فاق أقرانه فاهتم بعلم السير والمغازي اهتماماً بالغاً، فقد روى الخطيب البغدادي عن محمد بن عبد الله بن مسلم الزهري قال: سمعت عمي الزهري يقول: "في علم المغازي علم الآخرة والدنيا"1.
ومما يدل على اعتناء السلف بالمغازي ما ذكره الخطيب- رحمه الله عن إسماعيل بن محمد بن سعد بن أبي وقاص قال: "كان أبي يعلمنا مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم ويعدها علينا وسراياه، ويقول: يا بني هذه مآثر آبائكم فلا تضيعوا ذكرها".
وروي أيضاً عن علي بن الحسين أنه كان يقول: "كنا نُعَلَّم مغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم كما نُعَلَّم السورة من القرآن"2.
وقال ابن كثير وهذا الفن مما ينبغي الاعتناء به والاعتبار بأمره والتهيؤ له"3، وكلامهم هذا يدل على أهمية هذا الفن العظيم.
وقد أفرد لها العلماء قديماً وحديثاً كتباً خاصةً واعتنوا بها عناية فائقة،
1 الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/195، والبداية والنهاية 3/242.
2 الجامع لأخلاق الراوي وآداب السامع 2/195، والبداية والنهاية 3/242.
3 البداية والنهاية 3/242.
مرويات الإمام الزهري في المغازي
تأليف: د. محمد بن محمد العواجي
المقدمة
1-
شكر وتقدير
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله
وبعد:
فإن نعم الله علينا كثيرة تنزى، وإن من أجل تلك النعم وأعظمها؛ نعمة الهداية إلى الإسلام فالحمد لله الذي هدانا لهذا وما كنا لنهتدي لولا أن هدانا الله. ثم إنه من باب الاعتراف بالحق لأهله لقوله عليه الصلاة والسلام:"لا يشكر الله من لا يشكر الناس"1 ولقوله صلى الله عليه وسلم: "
…
ومن صنع إليكم معروفاً فكافئوه فإن لم تجدوا ما تكافئوه فادعوا له حتى تروا أنكم قد كافأتموه"2.
فإني أتقدم بالشكر الجزيل والعرفان الجميل للقائمين على هذا الصرح الشامخ الجامعة الإسلامية المحروسة إن شاء الله؛ الذين لا يألون جهداً في تذليل كل الصعوبات التي تقف حائلاً في وجه طلاب العلم، فجزاهم الله عني خيراً وأجزل لهم المثوبة في الدارين.
كما أشكر القائمين على قسم التاريخ الإسلامي بكلية الدعوة
1 سنن أبي داود رقم (4811) وقد صححه الألباني، انظر: صحيح سنن أبي داود رقم (4026) .
2 سنن أبي داود رقم (1672) وقد صححه الألباني، انظر: صحيح سنن أبي داود رقم (1468) .
وأصول الدين ممثلاً في رئيسه، الذين تفضلوا مشكورين بقبول هذا الموضوع ابتداءً فجزاهم الله عني خيراً، كما أشكر كل من أسدى إلي معروفاً في سبيل إبراز هذا البحث على الوجه المرضي وأخص بالذكر فضيلة عميد كلية الدعوة وأصول الدين فجزى الله الجميع خيراً.
ولا يفوتني هنا أن أنوه بجهد المشرف السابق فضيلة الأستاذ الدكتور أكرم ضياء العمري عمر الله قلبه بالإيمان فقد تفضل مشكوراً بالإشراف على هذه الرسالة لمدة تقارب سنتين إلا أن رحيله إلى خارج المملكة قد حال بينه وبين إتمام الإشراف على هذه الرسالة، فقد كان لتوجيهاته القيمة أكبر الأثر في نفسي، أسأل الله أن يمد له في عمره ويجزيه عنا خيراً.
ثم أتقدم بالشكر والامتنان لفضيلة الدكتور عبد الصمد بن بكر عابد الذي تفضل مشكوراً بالإشراف على هذه الرسالة بعد رحيل المشرف السابق، فكان خير خلف لخير سلف، حباني - حفظه الله - بتوجيهات قيمة وآراء سديدة كل ذلك من أجل الوصول بهذه الرسالة إلى مستوى يقرب من الكمال، والحق أن تلك التوجيهات وتلك الآراء كان كثير منها غائباً عن ذهني مما جعلني اعتز بها كثيراً لما لمسته فيها من لهجة صادقة، وقد صاحب ذلك حسن خلق وكرم وسعة صدر، قل أن تجتمع هذه الأوصاف في علماء هذا الزمن، فجزاه الله عني خيراً الجزاء وأطال في عمره ومتعه بالصحة والعافية، كما أسأله جل وعلا أن يختم لنا وله بالحسنى.
وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيراً.
فرأيت خدمة لهذا الدين الحنيف جمع روايات الإمام الزهري في المغازي المتناثرة في بطون الكتب علَّ الله ينفع بها المسلمين، ولتكون حجة لي يوم القيامة إن شاء الله، يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم.
3-
سبب اختيار الموضوع
يلحظ المطالع لمؤلفات العلماء المسلمين في القرون الأولى في السير والمغازي سواء في كتب المحدثين الذين أدخلوها ضمن مؤلفاتهم الحديثة كأصحاب الكتب الستة وغيرهم، أم المؤرخين الذين أفردوها بمؤلفات خاصة كابن إسحاق وغيره، يلحظ تكرار وتردد اسم علم من أعلام المسلمين هو ابن شهاب الزهري في جل تلك الروايات التي تتحدث عن المغازي النبوية، ولما لهذا العالم من مكانة مرموقة بين المسلمين على مر العصور، لما يتمتع به من صدق في الحديث وقوة في الذاكرة وغزارة في العلم، ولكونه كما قال الطبري: مقدماً في العلم بمغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم1.
يضاف إلى ذلك عدم وقوفي على كتابٍ مؤلف يجمع مروياته في المغازي، كل ذلك كان دافعاً قوياً لي للكتابة عن مغازي هذا العالم الجليل.
1 المنتخب من ذيل المذيل للطبري المطبوع مع تاريخ الطبري 11/645.
4-
أهمية الموضوع
تكمن أهمية موضوع مغازي الزهري في نقاط أهمها:
1-
يعتبر ابن شهاب من صغار التابعين الذين رووا أخبار المغازي عن كبار التابعين من علماء المدينة، لأنهم أعلم الناس بمغازي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
2-
أن الزهري- رحمه الله قد حمل معظم أخبار المغازي عن أربعة من بحور العلم: سعيد بن المسيب وعروة بن الزبير وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة بن مسعود وأبي سلمة بن عبد الرحمن، وهؤلاء من كبار التابعين الذين بدورهم تلقوا أخبار المغازي عن صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بالإضافة إلى إدراكه لبعض الصحابة وأخذ بعض الروايات عنهم كأنس بن مالك رضي الله عنه وبهذا يكون سنده عالياً جداً مما يزيد رواياته قوة.
3-
أن الزهري أسند القسم الأكبر من رواياته، والسبب في ذلك أن المغازي والسيرة كانتا في الأصل جزءاً من الحديث، وكان رواتها الأولون من المحدثين، فسلك الزهري نفسه هذا المسلك واستعمل الإسناد في أكثر رواياته، ولا غرابة في ذلك فالزهري نفسه يعتبر من كبار المحدثين بالإضافة إلى اهتمامه البالغ بالإسناد في الحديث.
5-
منهجي في البحث
1-
جمعت الروايات المتعلقة بالغزوات والسرايا من طريق الإمام الزهري فقط، دون ذكر الأحداث الأخرى، كالوفود ووفاة النبي صلى الله عليه وسلم.
2-
حاولت عند جمع تلك الروايات من بطون الكتب الاستيعاب قدر الإمكان.
3-
جعلت لكل رواية رقماً خاصاً بها.
4-
رتبت المادة حسب التسلسل الزمني.
5-
ترجمت لرجال السند في كل رواية، إلا إذا كانت الرواية في الصحيحين أو في أحدهما.
6-
اعتمدت تقريب ابن حجر في الحكم على أحوال رجال السند، أما إذا كان الرواة من غير رجال التقريب فإني استعين بكتب الرجال الأخرى.
7-
أذكر حكم العلماء على كل رواية من حيث الصحة والضعف، فإذا لم أجد كلاماً للعلماء في ذلك أحاول الحكم عليها مطبقا في ذلك ما أعرفه من قواعد المحدثين.
8-
عند تخريجي للرواية أذكر المصادر مرتبة حسب الأقدمية قدر المستطاع.
9-
إذا كانت الرواية طويلة أذكر الإحالة في أولها، وان كانت قصيرة أذكرها في آخرها.
10-
قارنت روايات الزهري مع غيرها من غير طريقه، وعند تعارضها أقدم الأقوى منها سواء كانت من طريق الزهري أَم من غيره.
11-
لم أسق المرويات بأسلوبي وتعبيري، بل نقلتها كما رويت حفاظاً على لفظ الرواية.
12-
شرحت الغريب وعرفت بالأماكن والبلدان في الحاشية.
13-
اعتمدت على كتاب الإصابة لابن حجر في تراجم الصحابة غالباً.
14-
اعتمدت على كتاب النهاية لابن الأثير في شرح الغريب غالباً.
15-
اعتمدت على الكتب الحديثة في التعريف بالأماكن الجغرافية غالباً.
16-
يلحظ أنني أسوق الإسناد من أوله إلى آخره مع تراجم موجزة لرجال الإسناد والحكم عليهم على طريقة المحدثين لروايات قد تكون الفائدة العلمية من هذه الروايات ليست كبيرة بحكم أنها ليست لها علاقة بالأحكام التشريعية والعقائد وبالتالي يتساهل في مثل هذه الروايات لكنه منهج اتبعته لنفسي.
6-
خطة البحث
بعد جمع المادة العلمية لهذا البحث جعلته في مقدمة وتمهيد وثلاثة أبواب وخاتمه ثم ثبت المصادر فالفهارس العامة.
تضمنت المقدمة ما يلي:
1-
شكر وتقدير.
2-
افتتاحية البحث.
3-
سبب اختيار الموضوع.
4-
أهميته.
5-
منهج البحث.
6-
الخطة.
وكان التمهيد في مقدمات عامة بين يدي البحث وفيه فصلان:
الفصل الأول: في فضل الجهاد ومدلول كلمتي "السير والمغازي عند المؤرخين".
الفصل الثاني: في الدراسات السابقة، ونبذة عن موارد الرسالة.
الباب الأول: في "ترجمة الإمام الزهري وفيه فصلان:
الفصل الأول: في حياة الزهري ومنزلته العلمية، وفيه ثمانية مباحث.
الفصل الثاني: في أثره في المغازي، وفيه ثلاثة مباحث.
الباب الثاني: في سرايا النبي صلى الله عليه وسلم وغزواته (من أول سرية إلى نهاية
أحداث بني قريظة) وفيه ستة فصول:
الفصل الأول: في الأحداث التي سبقت غزوة بدر الكبرى وفيه مبحثان.
الفصل الثاني: في غزوة بدر الكبرى، والأحداث التي أعقبتها وفيه واحد وعشرون مبحثاً.
الفصل الثالث: غزوة أحد والأحداث التي أعقبتها وفيه ثلاثة عشر مبحثاً.
الفصل الرابع: في الأحداث التي وقعت بعد غزوة أحد حتى بداية غزوة بني المصطلق وفيه ثمانية مباحث.
الفصل الخامس: في غزوة بني المصطلق من خزاعة وهي غزوة "المريسيع". وفيه ثمانية مباحث.
الفصل السادس: في غزوة الخندق والأحداث التي أعقبتها وفيه عشرة مباحث.
وقد جعلت أحداث غزوة بني قريظة نهاية الباب الأول، لقول النبي صلى الله عليه وسلم:" الآن نغزوهم".
الباب الثالث: من غزوة الحديبية إلى نهاية غزوة تبوك والأحداث التي أعقبتها، وفيه خمسة فصول:
الفصل الأول: في غزوة الحديبية والسرايا التي أعقبتها وفيه ثمانية مباحث.
الفصل الثاني: في غزوة خيبر والسرايا التي أعقبتها، وفيه تسعة عشر مبحثاً.
الفصل الثالث: في غزوة فتح مكة والسرايا التي أعقبتها، وفيه تسعة مباحث.
الفصل الرابع: في غزوة حنين وحصار الطائف، وفيه عشرة مباحث.
الفصل الخامس: في غزوة تبوك والسرايا التي أعقبتها، وفيه ستة مباحث.
الخاتمة: وفيها أهم النتائج التي توصلت إليها.
ثبت المصادر والمراجع.
الفهارس العامة:
فهرس الآيات القرآنية.
فهرس الأحاديث النبوية.
فهرس الأعلام المترجم لهم.
فهرس الأماكن والبلدان.
فهرس الأمم والقبائل.
فهرس الأشعار.
فهرس الموضوعات.