الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث العاشر: في ما لقيه النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد
45-
أخرج عبد الرزاق عن معمر عن الزهري وعن عثمان الجزري عن مقسم أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على عتبة بن أبي وقاص يوم أحد حين كسر رباعيته ودمى وجهه فقال: "اللهم لا يحل عليه الحول حتى يموت كافراً" 1 فما حال عليه الحول حتى مات كافراً إلى النار.
46-
وأخرج2 عن معمر عن الزهري في قوله تعالى: {وَعَصَيْتُم
1 تفسير عبد الرزاق 1/ 131 - 132، والمصنف 5/ 290 - 291، ومن طريق عبد الرزاق أخرجها البيهقي في الدلائل 3/ 265، وذكرها الذهبي في تاريخ الإسلام قسم المغازي 192، وهي رواية مرسلة، وانظر: ابن هشام 2/ 79، فقد ذكر ابن إسحاق بإسناد متعدد منهم الزهري، إصابة النبي صلى الله عليه وسلم رباعيته، وشج وجهه الشريف، وقد أخرج هذه الرواية من طريق ابن إسحاق. الطبري في تفسيره 7/ 308 رقم (8065) وهي مرسلة أيضاً.
ولكن يشهد لها ما أخرجه البخاري في صحيحه (مع الفتح 7/ 372 رقم 4075) بلفظ: (
…
وكُسِرتْ رباعيته يومئذٍ، وجرح وجهه، وكسرت البيضة على رأسه) دون ذكر الدعاء.
وأخرجه مسلم (بشرح النوي 12/ 148 - 149) بلفظ: (
…
جُرح وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم وكسرت رباعيته، وهشمت البيضة على رأسه
…
) دون ذكر الدعاء. وانظر: طبقات ابن سعد 2/ 42.
2 تفسير عبد الرزاق 1/ 135 - 136، والمصنف 5/ 363 - 366 رقم (9735) .
مِّن بَعْدِ مَا أَرَاكُم مَّا تُحِبُّونَ} 1 أن النبي صلى الله عليه وسلم قال يوم أحد حين غزا أبو سفيان وكفار قريش: "إني رأيت كأني لبست درعاً حصينة، فأولتها المدينة فاجلسوا في صمعكم2، وقاتلوا من ورائه"، وكانت المدينة قد شبكت البنيان فهي كالحصن، فقال رجل ممن لم يشهد بدراً: يا رسول الله اخرج بنا إليهم فلنقاتلهم، وقال عبد الله بن أبي بن سلول: نعم ما رأيت يا رسول الله، إنا والله ما نزل بنا عدو قط فخرجنا إليه إلا أصاب فينا، ولا ثبتنا في المدينة وقاتلنا من ورائها إلا هزمنا عدونا، فكلمه ناس من المسلمين فقالوا: يا رسول الله اخرج بنا إليهم فدعا بلأمته فلبسها، ثم قال: (ما أظن الصرعى إلا ستكثر منكم ومنهم، إني أرى في النوم بقراً منحورة فأقول: بقر والله خير، فقال رجل: يا رسول الله بأبي وأمي فاجلس بنا، قال:"إنه لا ينبغي لنبي إذا لبس لأمته أن يضعها حتى يلقى البأس".
فانطلقت به الأدلاء بين يديه حتى إذا كان بالواسط من الجَبَّنَةِ انخذل عبد الله بن أبيّ بن سلول بثلث الجيش أو قريب من ثلث الجيش، وانطلق النبي صلى الله عليه وسلم حتى لقيهم بأحد وفاجؤوهم، فعهد النبي صلى الله عليه وسلم إلى أصحابه إن هزموهم ألا يدخلوا لهم حجراً ولا يتبعوهم، فلما التقوا هزموهم وعصوا
1 سورة آل عمران آية (152) .
2 الأصمع: المترقي أشرف المواضع، القاموس 953، صمع: فكأنه أراد اجلسوا في أحسن الأماكن ليكمن للعدو فيها.
النبي وتنازعوا الغنائم، ثم صرفهم الله ليبتليهم كما قال: وأقبل المشركون، وعلى خيلهم خالد بن الوليد بن المغيرة، فقتل من المسلمين سبعون رجلاً، وأصابتهم جراح شديدة، وكسرت رباعية النبي صلى الله عليه وسلم ووثئ1 بعض وجهه حتى صاح الشيطان بأعلى صوته: قتل محمد، قال كعب بن مالك: فكنت أول من عرف النبي صلى الله عليه وسلم، عرفت عينيه من تحت المغفر فناديت بصوتي الأعلى: هذا رسول الله، فأشار إليّ أن اسكت، ثم كفَّ الله المشركين والنبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه وقوف، فنادى أبو سفيان بعدما مُثِّلَ بِبعض أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وجدعوا، ومنهم من بقر بطنه، فقال أبو سفيان: إنكم ستجدون في قتلاكم بعض المثل، وإن ذلك لم يكن عن ذوي رأينا ولا ساداتنا، ثم قال أبو سفيان: أُعل هبل، فقال عمر بن الخطاب: الله أعلى وأجل، فقال أبو سفيان: أَنعمت فعال عنها2، قتلى بقتلى بدر، فقال عمر: لا يستوي القتل؛ قتلانا في الجنة وقتلاكم في النار، قال أبو سفيان: لقد خبنا إذن، ثم انصرفوا راجعين، وندب النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه في طلبهم بعدما أصابهم القرح، فطلبوهم حتى بلغوا قريباً من حمراء الأسد ثم رجع النبي صلى الله عليه وسلم.
47-
وروى عبد الرزاق عن معمر عن الزهري قال: ضرب وجه
1 الوثء: والوثاءة: وصم يصيب اللحم لا يبلغ، أو توجع في العظم بلا كسر، أو هو الفك. القاموس 69 (وثا) .
2 في المصنف: (أنعمت عيناً) .
النبي صلى الله عليه وسلم يومئذ بالسيف سبعين ضربة وقاه الله شرها كلها1.
1 ذكره الحافظ ابن حجر في الفتح 7/ 372، ثم قال: وهذا مرسل قوي، ويحتمل أن يكون أراد بالسبعين حقيقتها أو المبالغة في الكثرة.
وقد ورد هذا النص في المصنف هكذا: (ولقد أخبرنا عبد الرزاق أن وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب يومئذ بالسيف سبعين ضربة، وقاه الله شرها) . المصنف 5/ 367 تحت رقم (9736) .