الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع: في أَثَرِ وقعة بئر معونة على النبي صلى الله عليه وسلم والمسلمين
1
61-
أخرج الإمام مسلم في صحيحه من طريق يونس بن يزيد عن ابن شهاب قال: أخبرني سعيد بن المسيب وأبو سلمة بن عبد الرحمن بن عوف أنهما سمعا أبا هريرة يقول: “ كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول حين يفرغ من صلاة الفجر من القراءة ويكبر، ويرفع رأسه:(سمع الله لمن حمده، ربنا ولك الحمد) ثم يقول وهو قائم: “اللهم أنج الوليد بن الوليد2، وسلمة ابن هشام3، وعياش بن أبي ربيعة4، والمستضعفين من المؤمنين، اللهم
1 عن أنس رضي الله عنه قال: ما رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وجد على أحد ما وجد على أصحاب بئر معونة. ابن سعد في الطبقات الكبرى (2/ 54) .
2 هو: الوليد بن الوليد بن المغيرة القرشي المخزومي، أخو خالد بن الوليد، كان حضر بدراً مع المشركين فأُسر فافتداه أخواه هشام وخالد، ولما أسلم حبسه أخواله فكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو له في القنوت كما في الصحيح. الإصابة (3/ 639) .
3 سلمة بن هشام بن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم المخزومي أخو أبي جهل والحارث، يكنى أبا هشام، كان من السابقين، استشهد بِمَرْجِ الصُّفَّر في المحرم سنة أربع عشرة، وقيل استشهد بأجنادين. الإصابة (2/ 68- 69) .
4 عياش بن أبي ربيعة واسمه عمرو، يلقب بذي الرمحين، ابن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشي المخزومي ابن عم خالد، كان من السابقين، وهاجر الهجرتين، ثم خدعه أبو جهل، إلى أن رجعوه من المدينة إلى مكة فحبسوه، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدعو له في القنوت كما ثبت في الصحيح. الإصابة (3/ 47) .
اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم كسني يوسف، اللهم العن لحيان ورعلاً1، وذَكْوان2 وعُصَيَّة3 عصت الله ورسوله” 4 ثم بلغنا أنه ترك
1 رِعْل: بكسر الراء وسكون المهملة بعدها لام، هم بطن من بني سُليم، ينسبون إلى رعل بن عوف بن مالك بن امرئ القيس بن لهيعة بن سليم. فتح الباري (6/ 19) تحت حديث رقم (2801) و (7/ 279) .
2 ذكوان: بطن من بني سليم أيضاً ينسبون إلى ذكوان بن ثعلبة بن بهثة بن سليم. الفتح (7/ 279) .
3 عُصيَّة: بطن من بني سليم - مصغر -، قبيلة تنسب إلى عصية بن خفاف بن ندبة بن بهثة بن سليم. الفتح (7/ 392) .
4 صحيح مسلم (1/ 466 رقم 675) ، وأخرجه مسلم أيضاً من طرق مختلفة، وألفاظ متقاربة انظرها بعد هذا الحديث.
وأخرجه البخاري في الصحيح (الفتح 8/ 226 رقم 4559) دون ذكر لحيان ورعل وذكوان وعصية.
وأخرجه البخاري من غير طريق الزهري وفيه ذكر القبائل المذكورة، صحيح البخاري مع الفتح (7/ 385 رقم 4090) ، وأخرجه الشافعي في مسنده (1/ 86- 87) ، والحميدي رقم (939) ، وأحمد في المسند (12/ 431، رقم [7465] أرناؤوط) ، والنسائي 2/ 201، وأبو عوانة من طريق شعيب بن أبي حمزة عن الزهري به، وابن أبي شيبة في المصنف (2/ 316- 317) ، والدارمي في سننه (1/ 374) ، وابن خزيمة رقم (619) ، والطبري في تهذيب الآثار رقم (539) ، والطحاوي (1/ 242) ، وابن حبان رقم (1972) ، والبيهقي في السنن (2/ 197 و244) ، والبغوي في شرح السنة رقم (637) .
ذلك لما أنزل: {لَيْسَ لَكَ مِنَ الأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذَّبَهُمْ فَإِنَّهُمْ ظَالِمُونَ} 1.
1 الآية (128) من سورة آل عمران.
وقد أخرج البخاري من حديث أنس رضي الله عنه سبب نزول هذه الآية وأن ذلك كان في أحد عندما شج وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم حيث قال عليه الصلاة والسلام: "كيف يفلح قوم شجوا نبيهم؟ ".
فنزلت الآية: {ليسَ لكَ مِنَ الأمْرِ شيء} البخاري مع الفتح (7/ 365 رقم 4069) .
قال الحافظ: "قلت: وهذا إن كان محفوظاً احتمل أن يكون نزول الآية تراخي عن قصة أحد، لأن قصة رعل وذكوان كانت بعدها، والصواب أنها نزلت في شأن الذي دعا عليهم بسبب قصة أحد، والله أعلم. اهـ.
ثم قال: "ويؤيد ذلك ظاهر قوله تعالى في صدر الآية: {لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا} أي: يقتلهم {أَوْ يَكْبِتَهُمْ} أي يخزيهم {أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ} أي: فيسلموا {أَوْ يُعَذِّبَهُمْ} أي: إن ماتوا كفاراً". انظر: الفتح 7/ 366، تحت رقم (4070) .
وقال رحمه الله في موضع آخر (الفتح 8/ 227)، عند شرحه للحديث رقم (4560) المتعلق بقصة رعل وذكوان ونزول الآية فيهم: قال: تقدم استشكاله في غزوة أحد، وأن قصة رعل وذكوان كانت بعد أحد، ونزول:{ليسَ لكَ مِنَ الأمْرِ شيء} كان في قصة أحد، فكيف يتأخر السبب عن النزول، ثم ذكر بلاغ الزهري عند مسلم وقال عنه:"وهذا لا يصح، ثم حاول الجمع بين سبب نزول الآية في أحد ونزولها في قصة بئر معونة فقال: ويحتمل أن يقال إن قصتهم كانت عقب ذلك وتأخر نزول الآية عن سببها قليلاً ثم نزلت في جميع ذلك والله أعلم". اهـ. الفتح (8/ 227) .
وَذِكْرُ بني لحيان في هذه الرواية وهْمٌ حيث إنهم أصابوا بعث الرجيع وليس لهم علاقة بحادثة بئر معونة، قال ابن سيد الناس بعد ذكره لرواية مسلم: وهو يوهم أن بني لحيان ممن أصاب القُرَّاء يوم بئر معونة وليس كذلك، وإنما أصاب هؤلاء رعل وذكوان وعصية ومن صحبهم من سليم، وأما بنو لحيان فهم الذين أصابوا بعث الرجيع، وإنما أتى الخبر إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عنهم كلّهم في وقت واحد، فدعا على الذين أصابوا أصحابه في الموضعين دعاءً واحداً. عيون الأثر (2/ 72) .
وقال ابن حجر: "ذكر بني لحيان في هذه القصة وهم، وإنما كان بنو لحيان في قصة خبيب في غزوة الرجيع التي قبل هذه". الفتح (7/387) تحت رقم (409) .