الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الخامس: في مروياته المرسلة ونسبة التدليس إليه
المطلب الأول: في مراسيله
…
المبحث الخامس: في مروياته المرسلة ونسبة التدليس إليه
وفيه مطلبان:
المطلب الأول: في مراسيله1.
وقد تكلم علماء الحديث عن مراسيل الزهري فوصفوها بأنها لا شيء.
قال يحيى بن سعيد القطان: "مرسل الزهري شر من مرسل غيره لأنه حافظ، وكلما قدر أن يُسمى سَمَّى، وإنما يترك من لا يحسن أن يسميه2.
وروى عنه قوله: "مرسل الزهري لا شيء"3.
وقال ابن أبي حاتم: "كان يحيى بن سعيد القطان لا يرى إرسال الزهري وقتادة، ويقول: هو بمنزلة الريح، ثم يقول: هؤلاء حفاظ كانوا إذا سمعوا الشيء عقلوه"4.
1 يُقصد بمراسيله ما رفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم أو إلى زمانه ولم يذكر الصحابي أو الصحابة الذين روى عنهم تلك الروايات.
2 تاريخ دمشق، ترجمة الزهري، 157 رقم (245) تحقيق شكر الله.
3 المصدر السابق،160 رقم (259) تحقيق شكر الله، وتدريب الراوي 124.
4 المراسيل لابن أبي حاتم، 11.
وروي عن يحيى بن معين أنه قال: "مرسل الزهري ليس بشيء"1.
لكن قيل لأحمد بن صالح المصري: "قال يحيى بن سعيد: مرسل الزهري شبه لا شيء، فغضب وقال: ما ليحيى ومعرفة علم الزهري ليس كما قال يحيى"2.
فلعل الزهري - والله أعلم - كان يحذف بعض الرواة اختصاراً، ولذلك يسميهم عندما يسأل عنهم، فقد روي عن مالك بن أنس أنه قال: كنا نجلس إلى الزهري وإلى محمد بن المُنْكَدِر، فيقول الزهري: قال ابن عمر كذا وكذا، فإذا كان بعد ذلك جلسنا إليه فقلت: الذي ذكرت عن ابن عمر من أخبرك به؟ قال: ابنه سالم3.
قال ابن عبد البر: "فهكذا مراسيل الثقات، إذا سئلوا أحالوا على الثقات"4.
وهذه الرواية تدل على أن ما ذكره القطان من قوله: "
…
وإنما يترك من لا يحسن أو يستحي أن يسميه"، ليس مسلم به في كل الأحوال، كما أن يحيى بن سعيد القطان من متشددي أئمة الجرح والتعديل في الحديث، وعلى كل حال فهذا حكم المحدثين في الحلال والحرام أما في
1 شرح علل الترمذي لابن رجب، 1/535.
2 تاريخ دمشق، ص160رقم الرواية (259) ترجمة الزهري تحقيق: شكر الله قوجاني.
3 الكفاية للخطيب، 318، وابن عبد البر في التمهيد، 1/37.
4 التمهيد، 1/37.
باب المغازي والسير فمراسيل الزهري مقبولة، وخاصة التي لا علاقة لها بالأحكام وصح مخرجها إلى الزهري.
قال البيهقي: "كل حديث أرسله واحد من التابعين أو الأتباع، فرواه عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر من حمله عنه، فهو على ضربين:
أحدهما: أن يكون الذي أرسله من كبار التابعين الذين إذا ذكروا من سمعوا منه ذكروا قوماً عدولاً يوثق بخبرهم، فهذا إذا أرسل حديثاً نظر في مرسله فإذا انضم إليه ما يؤكده من مرسل غيره، أو قول واحد من الصحابة أو إليه ذهب عوام أهل العلم، فإنا نقبل مرسله في الأحكام.
والآخر: أن يكون الذي أرسله من متأخري التابعين الذين يعرفون بالأخذ عن كل واحد، وظهر لأهل العلم بالحديث ضعف مخارج ما أرسلوه، فهذا النوع من المراسيل لا يقبل في الأحكام، ويقبل فيما لا يتعلق به حكم من الدعوات وفضائل الأعمال والمغازي، وما أشبهها"1.
1 دلائل النبوة 1/39-40.