الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث السابع: في قتل النبي صلى الله عليه وسلم أبيّ بن خلف يوم أحد
40-
قال ابن سعد: أخبرنا قتيبة بن سعيد البلخي1، أخبرنا ليث ابن سعد، عن عبد الرحمن بن خالد2، عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب: أنّ أُبَيَّ بن خلف الجمحي أسر يوم بدر، فلما افتدى من رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لرسول الله صلى الله عليه وسلم: إن عندي فرساً أعلفها كل يوم فَرَق ذرة لعلي أقتلك عليها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:(بل أنا أقتلك عليها إن شاء الله) ، فلما كان يوم أحد أقبل أبيّ بن خلف يركض فرسه تلك حتى دنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم، فاعترض رجال من المسلمين له ليقتلوه، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: استأخروا استأخروا، فقام رسول الله بحربة في يده فرمى بها أبيّ بن خلف فكسرت الحربة ضلعاً من أضلاعه، فرجع إلى أصحابه ثقيلاً، فاحتملوه حتى ولّوا به وطفقوا يقولون له: لا بأس بك، فقال لهم أُبيّ: ألم يقل لي: بل أنا أقتلك إن شاء الله؟ فانطلق به أصحابه فمات ببعض الطريق فدفنوه، قال سعيد بن المسيب: وفيه أنزل الله تبارك وتعالى:
1 هو: قتيبة بن سعيد بن جميل، بفتح الجيم، ابن طريف الثقفي، أبو رجاء البغلاني، بفتح الموحدة وسكون المعجمة وبغلان من قرى بلخ، يقال: اسمه يحيى، وقتيبة لقب، وقيل: علي، ثقة ثبت، من العاشرة، مات سنة أربعين عن تسعين سنة، ع. التقريب 454.
2 هو: عبد الرحمن بن خالد بن مسافر الفهمي، أمير مصر، صدوق من السابعة، توفي سنة سبع وعشرين، خ م ق ت س. التقريب 339.
{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى} 1 الآية2.
41-
وأخرج الحاكم من طريق موسى بن عقبة عن ابن شهاب عن سعيد بن المسيب عن أبيه3 قال: أقبل أبيّ بن خلف يوم أحد إلى النبي صلى الله عليه وسلم يريده، فاعترض رجال من المؤمنين فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم فخلوا سبيله فاستقبله مصعب بن عمير أخو بني عبد الدار، ورأى رسول الله صلى الله عليه وسلم ترقوة أُبيّ من فرجة بين سابغة4 الدرع والبيضة5، فطعنه بحربته فسقط أبيّ عن فرسه ولم يخرج من طعنته دم، فكسر ضلعاً من أضلاعه، فأتاه أصحابه وهو يخور خوار الثور فقالوا له: ما أعجزك إنما هو خدش، فذكر لهم قول رسول الله صلى الله عليه وسلم:(بل أنا أقتل أُبياًّ) 6، ثم قال: والذي نفسي بيده
1 سورة الأنفال آية (17) .
2 الطبقات الكبرى لابن سعد 2/ 46، وهو مرسل حسن إلى سعيد بن المسيب، وقد وصله الحاكم كما في الرواية الآتية.
3 هو المسيب بن حزن بن أبي وهب بن عمرو بن عائذ بن عمران بن مخزوم القرشي المخومي والد سعيد، له ولأبيه صحبة، شهد بيعة الرضوان كما ثبت في الصحيحين. الإصابة 3/ 420.
4 في مصنف عبد الرزاق 5/ 357 رقم (9731) تسبغة، والتسبغة: شيءٌ من حلق الدروع والزرد يعلق بالخوذة دائراً معها ليستر الرقبة وجيب الدرع. النهاية 2/ 337.
5 البيضة: الخوذة. النهاية 1/ 172.
6 كما في مصنف عبد الرزاق 5/ 355 - 357 رقم (9731) ، وكتاب السير للفزاري 203 بسند مرسل.
لو كان هذا الذي بي بأهل ذي المجاز لماتوا أجمعون، فمات أُبَيٌّ إلى النار فسحقاً لأصحاب السعير قبل أن يقدم مكة، فأنزل الله:{وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللهَ رَمَى} 1.
1 سورة الأنفال آية (17) . والحديث أخرجه الحاكم في المستدرك 2/ 327، وقال:"هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه"، ووافقه الذهبي، وأخرجه الواقدي في المغازي 1/ 250، وعبد الرزاق في تفسيره 1/ 256 من طريق الزهري مرسلاً وبألفاظ مقاربة، وأخرجه الطبري في تفسيره 9/ 136 - 137 مرسلاً عن الزهري. وقد ورد أن هذه الآية نزلت في رمي النبي صلى الله عليه وسلم المشركين يوم بدر، انظر: تفسير الطبري 13/ 445، تحقيق: أحمد شاكر، و13/ 442ـ443، و13/ 444، والطبراني في الكبير 3/ 203 رقم (3127، 3128) .
وقيل: إنها نزلت في رمي النبي صلى الله عليه وسلم المشركين عندما اجتمعوا في الحجر بمكة وتعاقدوا على قتل النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذ صلى الله عليه وسلم قبضة من التراب فرماهم بها فما من إنسان أصيب بشيء منها إلا قتل يوم بدر. انظر: مسند أحمد 4/ 269، شاكر.
ويظهر والله أعلم أن الآية تناولت بعمومها جميع هذه الحوادث، خاصة وأنه قد ثبت عند الحاكم في المستدرك كما مر أن الآية نزلت في رمي النبي صلى الله عليه وسلم أبيّ بن خلف، قال ابن كثير بعد ذكره للحديث الذي أخرجه الحاكم من طريق الزهري عن ابن المسيب عن أبيه: وهذا القول عن هذين الإمامين غريب أيضاً جداً، ولعلهما أرادا أن الآية بعمومها تناولته لا أنها نزلت فيه خاصة كما تقدم. انظر: تفسير ابن كثير 2/ 296.