الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المبحث الرابع عشر: في وقع هزيمة بدر على المشركين
25-
أخرج البخاري في صحيحه1 من طريق الزهري، عن عروة ابن الزبير: (أن أسامة بن زيد رضي الله عنهما أخبره أن رسول الله صلى الله عليه وسلم ركب على حمار عليه قطيفة2 فدكية3 وأسامة وراءه يعود سعد بن عبادة4 في بني الحارث بن الخزرج قبل وقعة بدر، فسارا، حتى مرا
1 صحيح البخاري مع الفتح 8/ 230 رقم (4566) و10/ 591 رقم (6207) ، وأخرجه مسلم برقم (1798) في الجهاد والسير، باب في دعاء النبي صلى الله عليه وسلم وصبره على أذى المنافقين. وعبد الرزاق في المصنف رقم (9784) ، ومن طريقه أحمد في المسند 36/101، رقم [21767] الأرناؤوط، وابن إسحاق في السيرة (ابن هشام 2/ 236- 238) ، وعمر بن شبة في تاريخ المدينة 1/ 356- 357، وابن حبان في صحيحه 14/ 543 رقم (6581) والطبراني في الكبير مختصراً 1/ 162 رقم (385) .
2 أي كساء غليظ. فتح الباري 8/ 231.
3 فَدَك: بفتح الفاء والدال، قرية من شرقي خيبر، وتعرف اليوم بالحائط، وتبعد عن المدينة بمرحلتين. انظر: فتح الباري 8/ 231، ومعجم المعالم الجغرافية 235. وتقدر المرحلة بأربعين كيلاً في هذا العصر.
4 سعد بن عبادة بن دليم بن حارثة بن حرام الأنصاري الخزرجي سيد الخزرج، يكنى أبا ثابت، وأبا قيس. كان أحد النقباء ليلة العقبة، اختلف في شهوده بدراً، فأثبته البخاري، وقال ابن سعد: كان يكتب بالعربية، ويحسن العوم والرمي، فكان يقال له الكامل، وكان مشهوراً بالجود، هو وأبوه وجده وولده. الإصابة 2/ 30.
بمجلسٍ فيه عبد الله بن أُبي بن سلول1، وذلك قبل أن يسلم عبد الله بن أُبي، فإذا في المجلس أخلاط من المسلمين والمشركين عبدة الأوثان واليهود، وفي المسلمين عبد الله بن رواحة2، فلما غشيت المجلس عجاجة الدابة3، خمَّر4 ابن أُبّيٍّ أنفه بردائه وقال: لا تغبروا علينا. فسلَّم رسول الله صلى الله عليه وسلم عليهم ثم وقف، فنزل فدعاهم إلى الله، وقرأ عليهم القرآن. فقال له عبد الله بن أبي بن سلول: أيها المرء، لا أحسن مما تقول إن كان حقاً، فلا تؤذنا به في مجالسنا، فمن جاءك فاقصص عليه.
قال عبد الله بن رواحة: بلى يا رسول الله، فاغشنا في مجالسنا، فإنا نحب ذلك. فاستب المسلمون والمشركون واليهود حتى كادوا يتثاورون5، فلم يزل رسول الله صلى الله عليه وسلم يخفضهم حتى سكتوا، ثم ركب رسول الله صلى الله عليه وسلم دابته، فسار حتى دخل على سعد بن عبادة، فقال رسول
1 عبد الله بن أبي بن سلول، يكنى أبا الحباب، كان رأس المنافقين، وممن تولى كبر الإفك في عائشة، الاستيعاب 3/ 71 رقم (1608) .
2 عبد الله بن رواحة بن ثعلبة بن امرئ القيس الأنصاري، الخزرجي، الشاعر المشهور، يكنى أبا محمد، من السابقين الأولين من الأنصار، وكان أحد النقباء ليلة العقبة، وشهد بدراً وما بعدها إلى أن استشهد بمؤتة. الإصابة 2/ 306.
3 عَجَاجة: بفتح المهملة وجيمين الأولى خفيفة. أي غبارها. الفتح 8/ 232.
4 خمَّر: أي غطى. الفتح 8/ 232.
5 يتثاورون: بمثلثة، أي يتواثبون، أي قاربوا أن يثب بعضهم على بعض فيقتتلوا، يقال: ثار القوم إذا قاموا بسرعة، الفتح 8/ 232.
الله صلى الله عليه وسلم: أي سعد، ألم تسمع ما قال أبو الحباب؟! يريد عبد الله بن أبي، قال: كذا وكذا.
فقال سعد بن عبادة: أي رسول الله، بأبي أنت، اعف عنه واصفح، فوالذي أنزل عليك الكتاب، لقد جاء الله بالحق الذي أنزل عليك، ولقد اصطلح أهل هذه البحرة1 على أن يتوجوه2 ويعصبوه3 بالعصابة، فلما رد الله ذلك بالحق الذي أعطاك شَرِقَ4 بذلك، فذلك فعل به ما رأيت، فعفا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه يعفون عن المشركين وأهل الكتاب كما أمرهم الله، ويصبرون على الأذى، قال الله تعالى:{وَلَتَسْمَعُنَّ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ} 5 الآية. وقال: {وَدَّ كَثِيرٌ مِّنْ
1 قال الحافظ ابن حجر: "هذا اللفظ يطلق على القرية، وعلى البلد، والمراد هنا المدينة النبوية". الفتح 8/ 232.
2 أي: يرئسوه عليهم ويسودوه. الفتح 8/ 232.
3 يعصبوه: سمي الرئيس مُعصباً لما يعصب برأسه من الأمور، أو لأنهم يعصبونه رؤوسهم بعصابة لا تنبغي لغيرهم يمتازون بها. الفتح 8/ 232.
4 "شَرِقَ" بفتح المعجمة وكسر الراء، أي غَصَّ به، وهو كناية عن الحسد، يقال: غصّ بالطعام وشجِيَ بالعظم وشَرِق بالماء إذا اعترض شيءٌ من ذلك في الحلق، فمنعه الإساغة. الفتح 8/ 232.
5 آل عمران آية (186) .
أَهْلِ الْكِتَابِ} 1، فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتأول في العفو عنهم ما أمره الله به، حتى أُذِن له فيهم، فلما غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً فقتل الله بها من قتل من صناديد الكفار وسادة قريش، فقفل رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه منصورين غانمين معهم أسارى من صناديد الكفار وسادة قريش قال ابن أُبيّ بن سلول ومن معه من المشركين عبدة الأوثان: هذا أمرٌ قد توجه، فبايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام، فأَسلَموا) .
1 البقرة آية (109) .