الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
1- مصحف فاطمة:
تدعي كتب الشيعة نزول مصحف بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم يسمونه مصحف فاطمة:
روى الكليني في «الكافي» - بسند صحيح كما يقول علماؤهم (1) - عن أبي بصير قال: دخلت على أبي عبد الله (جعفر الصادق) ثم ذكر حديثاً طويلاً في ذكر العلم الذي أودعه الرسول صلى الله عليه وسلم عند أئمة الشيعة - فيما يزعمون - وفيه قول أبي عبد الله - كما يروون -: (وإن عندنا لمصحف فاطمة عليها السلام قال "أبو بصير": قلت: وما مصحف فاطمة عليها السلام؟ قال: مصحف فيه مثل قرآنكم هذا ثلاث مرات (2) ، ما فيه من قرآنكم حرف واحد) (3) .
وهذا النص يفيد - عندهم - أن مصحف فاطمة: الذي أوحاه الله - بزعمهم - إليها هو مثل القرآن الذي أنزله الله على عبده ورسوله ثلاث مرات، وهذا الزعم غاية في التحلل من العقل والجرأة على الكذب.
(1) انظر: «الشافي شرح أصول الكافي» : (3/197) .
(2)
أخذ بعض من كتب عن الشيعة من هذه الرواية أن الشيعة يعتقدون أن ثلاثة أرباع القرآن قد حذف وأُسقط من الصحف. انظر: القصيمي: «الصراع» : (1/110)، وإحسان إلهي ظهير:«الشيعة والسنة» : ص 81، وقد رد على ذلك بعض الشيعة بأن (نصهم) يدل على كون مصحف فاطمة غير القرآن. الخنيزي:«الدعوة الإسلامية» : (1/47)، وأقول: إن الناظر في رواياتهم يلمس منها أنها تتحدث عن مصحف لفاطمة نزل عليها من عند الله غير القرآن، وإن كان هناك حشد من الأساطير في كتبهم تزعم بأن القرآن ناقص لكن هذا النص ليس منها.
(3)
الكليني: «الكافي» ، كتاب الحجة، باب فيه ذكر الصحيفة والجفر والجامعة ومصحف فاطمة:(1/238) .
وما الحاجة لنزول مصحف على فاطمة والله جل شأنه يقول: (.. ونزلنا عليك الكتاب تبياناً لكل شيء وهدى ورحمة وبشرى للمسلمين ((1) ، (إن هذا القرآن يهدي للتي هي أقوم ((2) .
وأين هو اليوم هذا المصحف المزعوم؟! ولكن يبدو أن مهندسي بناء التشيع وضعوا أمثال هذه الروايات خوفاً من أن يفقد المذهب أتباعه لعدم وجود ما يشهد له من كتاب الله.
وتمضي أساطيرهم تتحدث عن هذا المصحف فيروي الكليني بسنده عن حماد بن عثمان قال: سمعت أبا عبد الله "ع" يقول: (يظهر الزنادقة في سنة ثمان وعشرين ومائة وذلك إني نظرت في مصحف فاطمة عليها السلام، قال: قلت: وما مصحف فاطمة؟ قال: إن الله تعالى لما قبض نبيه صلى الله عليه وآله دخل على فاطمة عليها السلام من وفاته من الحزن ما لا يعلمه إلا الله (فأرسل الله إليها ملكاً يسلّي غمها ويحدثها، فشكت ذلك (3) إلى أمير المؤمنين (فقال: إذا أحسست بذلك وسمعت الصوت قولي لي، فأعلمته بذلك فجعل أمير المؤمنين (يكتب كلما سمع حتى أثبت من ذلك مصحفاً قال: ثم قال: أما إنه ليس فيه شيء من الحلال والحرام ولكن فيه علم ما يكون)(4) .
وفي حديث آخر من أحاديثهم قال أبو عبد الله - كما يروي
(1) النحل: آية 89.
(2)
الإسراء: آية 9.
(3)
قال المعلق على «الكافي» في تعليل هذا: (لعدم حفظها وقيل: لرعبها عليها السلام من الملك حال وحدتها به) . انظر: حاشية «أصول الكافي» لعلي الغفاري: (1/240) .
(4)
«أصول الكافي» ، كتاب الحجة، باب فيه ذكر الصحيفة إلخ:(1/240) .
الكليني - عن مصحف فاطمة: (ما أزعم أن فيه قرآناً وفيه ما يحتاج الناس إلينا ولا نحتاج إلى أحد، حتى فيه الجلدة ونصف الجلدة وربع الجلدة وأرش الخدش)(1) .
ويلاحظ القارئ لهذا النص والذي قبله أن الأول منهما يجعل موضوع المصحف مقصوراً على علم الغيب فقط - علم ما يكون - بينما النص الآخر يجعل من موضوعه علم الحدود والديات ففي حتى أرش الخدش.
والمغزى من هذين النصين واضح، فإعطاء "الأئمة" علم ما يكون هو إضفاء لصفة الألوهية عليهم بمنحهم ما هو من خصائص الإله وهو "علم الغيب"، وجعل مصحف فاطمة يحوي علم الحدود والديات هو "اتهام" مبطن بقصور التشريع الإسلامي!
وفي كتاب «دلائل الإمامة» وهو من كتبهم المعتمدة عندهم (2) ترد رواية تصف هذا المصحف المزعوم بأن فيه: (خبر ما كان وما يكون إلى يوم القيامة، وفيه خبر سماء سماء، وعدد ما في السموات من الملائكة وغير ذلك، وعدد كل من خلق الله مرسلاً وغير مرسل، وأسماءهم، وأسماء من أُرسل إليهم، وأسماء من كذب ومن أجاب، وأسماء جميع من خلق الله من المؤمنين والكافرين
(1)«الكافي» : الكليني، كتاب الحجة، باب فيه ذكر الصحيفة إلخ:(1/240) .
(2)
قال عالمهم المجلسي عن الكتاب: «دلائل الإمامة» من الكتب المعتبرة المشهورة. أخذ منه جملة من تأخر عنه كالسيد ابن طاوس وغيره.. ومؤلفه من ثقات رواتنا الإمامية محمد بن جرير بن رستم الطبري وليس هو ابن جرير صاحب «التاريخ» المخالف) . المجلسي: «البحار» : (1/39- 40) . وقالت مقدمة الكتاب: (وهذا الكتاب لم يزل مصدراً من مصادر الشيعة في الإمامة والحديث تركن إليه وتعتمد عليه في أجيالها المتعاقبة منذ تأليفه إلى وقتنا الحاضر) من مقدمة الكتاب ص 5.
وصفة كل من كذب، وصفة القرون الأولى وقصصهم، ومن ولي من الطواغيت ومدة ملكهم وعددهم وأسماء الأئمة وصفتهم وما يملك كل واحد.. فيه أسماء جميع ما خلق الله وآجالهم، وصفة أهل الجنة وعدد من يدخلها، وعدد من يدخل النار، وأسماء هؤلاء وهؤلاء، وفيه علم القرآن كما أُنزل، وعلم التوراة كما أُنزلت، وعلم الإنجيل كما أُنزل، وعلم الزبور، وعدد كل شجرة ومدرة في جميع البلاد) (1) .
هذه المواضيع كلها في ورقتين من أوله (2) يقول الراوي: (إن إمامهم قال: وما وصفت لك بعد ما في الورقة الثالثة ولا تكلمت بحرف منه)(3) .
وما ندري بأي حجم يكون هذا الورق؟! كما لا ندري لماذا لم يستفد أئمتهم من هذه العلوم في سبيل استرداد الإمامة التي حرموها - كما تزعم الشيعة -.
ولماذا لا يخرج منتظرهم من سردابه وكيف يخاف القتل؟ - كما يعللون سر اختفائه - فيظل مختفياً وكل هذه العلوم عنده!!
وتصف رواية «دلائل الإمامة» صفة نزول هذا المصحف على خلاف ما جاء في الرواية السالفة عن «الكافي» من أن عليّاً كتب ما سمعه من الملك حتى أثبت بذلك مصحفاً، وتقول رواية «الدلائل» : (أنه نزل جملة واحدة من السماء بواسطة ثلاثة من الملائكة وهم جبرائيل وإسرافيل وميكائيل.. فهبطوا به وهي قائمة تصلي، فما زالوا قياماً حتى قعدت، ولما فرغت من صلاتها سلموا
(1) و (2) و (3) محمد بن جرير بن رستم الطبري: «دلائل الإمامة» : (ص 27- 28) .