المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

إلا من شذ منهم على عدم الجواز..) (1) . وهذا اعتراف - مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة - جـ ١

[ناصر القفاري]

فهرس الكتاب

- ‌هذا الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول: أهل السنة والجماعة

- ‌الفصل الأول: التعريف بأهل السنة والجماعة

- ‌(أ) التعريف بالسنّة:

- ‌ سبب تسمية أهل السنّة بالجماعة

- ‌(ج) نشأة اسم أهل السنة والجماعة:

- ‌الفصل الثاني: مصادر أهل السنة في تلقي العقيدة

- ‌الفصل الثالث: مجمل لأهم عقائد أهل السنة التي خالفتها الشيعة

- ‌1- حفظ الله سبحانه لكتابه العظيم:

- ‌4- اعتقاد أهل السنّة في أهل البيت:

- ‌5- لا عصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثاني: الشيعة

- ‌الفصل الأول:‌‌ تعريف الشيعةونشأتهم وفرقهم

- ‌ تعريف الشيعة

- ‌التعريف المختار للشيعة:

- ‌الرأي المختار:

- ‌فرق الشيعة

- ‌الإسماعيلية

- ‌الزيدية

- ‌فرق الزيدية

- ‌الرافضة

- ‌الفصل الثاني: اعتقادهم في مصادر التلقي أو في أصول الأحكام المتفق عليها بين المسلمين

- ‌1- اعتقادهم في كتاب الله:

- ‌(أ) قولهم بتحريفه

- ‌1- كتب الشيعة التي روت أَخبار التحريف:

- ‌2- النصوص الواردة في كتبهم:

- ‌3- معتقدهم في هذه الروايات:

- ‌4- بداية هذا (الافتراء عند الشيعة) :

- ‌(ب) انحرافهم في تأويل القرآن:

- ‌ تأويلهم للآيات الواردة في الكفار والمنافقين

- ‌(ج) دعواهم تنزل كتب إلهية على الأئمة

- ‌1- مصحف فاطمة:

- ‌2- لوح فاطمة:

- ‌3- دعواهم نزول اثني عشر صحيفة من السماء تتضمن صفات الأئمة:

- ‌أولاً: أقوال "أئمتهم الإثني عشر" هي عندهم كأقوال الله ورسوله

- ‌ثانياً: إيداع الشريعة عند الأئمة المعصومين - بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثاً: ردهم لمرويات الصحابة:

- ‌رابعاً: تلقيهم السنّة عن «حكايات الرقاع» وما يسمونه بالتوقيعات الصادرة عن الإمام:

- ‌عمدة الروافض في "أحاديثهم

- ‌1- «بحار الأنوار الجامعة لدر أخبار الأئمة الأطهار» :

- ‌2- «وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة» :

- ‌3- «مستدرك الوسائل» :

- ‌أسانيد الشيعة في كتبهم:

- ‌الفصل الثالث: عقائدهم الأخرى التي انفصلوا بها عن أهل السنة

- ‌1 - الإمامة

- ‌(أ) معنى الإمامة عند الشيعة:

- ‌(ب) فضائل الأئمة وصفاتهم:

- ‌2 - عصمة الإمام

- ‌3- التقية

- ‌4- الرجعة

- ‌5- البداء:

- ‌6- الغَيْبة:

- ‌7- معتقدهم في الصحابة:

- ‌النتيجة للباب الأول والثاني

الفصل: إلا من شذ منهم على عدم الجواز..) (1) . وهذا اعتراف

إلا من شذ منهم على عدم الجواز..) (1) .

وهذا اعتراف من المجلسي بأن إجماع الشيعة على عصمة أئمتهم بإطلاق؛ يصادم رواياتهم. وهذا دليل على أنهم يجمعون على ضلاله، وعلى غير دليل حتى من كتبهم

‌3- التقية

(2) :

يعرف المفيد التقية عندهم بقوله: (التقية كتمان الحق وستر الاعتقاد فيه ومكاتمة المخالفين وترك مظاهرتهم بما يعقب ضرراً في الدين أو الدنيا)(3) .

وعرفها أحد علمائهم المعاصرين بقوله: (التقية.. أن تقول أو تفعل غير ما تعتقد لتدفع الضرر عن نفسك أو مالك أو لتحتفظ بكرامتك)(4) .

وهذا التعريف للتقية لا ينطبق على حالات التقية عندهم، وسنرى أنهم يقولون بالتقية في غير مجال الضرورة والحاجة الشرعية.

إن التقية التي هي في الإسلام رخصة عند الضرورة العارضة (5)

(1)«البحار» : (25/351) .

(2)

اتَّقَيْتُ الشيء وتَقَيْتُه أتَّقيه تُقى وتَقيَّة وتقاء ككساء حَذرْتُه. انظر: «القاموس المحيط» : مادة وقى.

(3)

المفيد: «شرح عقائد الصدوق» : ص 261 (ملحق بكتاب أوائل المقالات) .

(4)

محمد جواد مغنية: «الشيعة في الميزان» : ص 48.

(5)

يدل على ذلك قوله سبحانه: (من كفر بالله من بعد إيمانه إلا من أكره وقلبه مطمئن بالإيمان.. الآية ( [النحل: 106]، وقوله سبحانه: (لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين ومن يفعل ذلك فليس من الله في شيء إلا أن تتقوا منهم تقاة ويحذركم الله نفسه والله رؤوف بالعباد ( [آل عمران: 28] .

ص: 330

وليست من أصول الدين المتبعة - هي عند الشيعة من أُسس عقائدها وركائز إيمانها.. بل غالوا في قيمتها حتى قالوا - في حديث لهم عن أبي عبد الله - أن تسعة أعشار الدين في التقية، ولا دين لمن لا تقية له (1) .

فهذا النص يسنده الشيعة إلى أبي عبد الله جعفر الصادق المولود سنة 80 والمتوفى سنة 184، أي الذي عاش في فترة عز الإسلام والمسلمين، فأي حاجة إلى التقية في ذلك الزمن إلا إذا كان الدين المتقي به غير الإسلام؟ (2) .

ومن العجيب أن تجعل الشيعة التقية تسعة أعشار الدين فماذا بقي لأركان الدين من قيمة بعد ذلك؟.

بل إنهم يجعلون تارك التقية لا دين له وهذا نهاية في الغلو. فعن أبي عبد الله "ع" قال: (اتقوا الله في دينكم فاحجبوه بالتقية، فإنه لا إيمان لمن لا تقية له..)(3) .

وكذلك يروي الكليني عن أبي جعفر المولود بالمدينة سنة 57 والمتوفى سنة 114 - أي في العصر الذهبي للإسلام وفي خير القرون وأفضل البقاع - أنه يقول: (التقية من ديني ودين آبائي، ولا إيمان لمن لا تقية له)(4) .

(1)«الكافي» : (2/217) .

(2)

يرى بعض السلف أنه لا تقية بعد أن أعز الله الإسلام، قال معاذ بن جبل ومجاهد: كانت التقية في جدّة الإسلام قبل قوة المسلمين، أما اليوم فقد أعز الله المسلمين أن يتقوا من عدوهم. انظر:«تفسير القرطبي» : (4/57)، وانظر:«فتح القدير» : (1/331) فكيف ممن يرى وجوبها في عز الإسلام؟.

(3)

«الكافي» : (2/218) .

(4)

المصدر السابق: (2/219) .

ص: 331

ويقول: (خالطوهم بالبرانية وخالفوهم بالجوانية إذا كانت الإمرة صبيانية)(1) .

ويهتم الكليني (ت 329 أو 328) بأمر التقية ويعقد لها باباً خاصاً بعنوان: (باب التقية) ، ويضعه ضمن كتاب الإيمان والكفر. وهذا دليل علي أن الكليني يرى أن ترك التقية كفر كما أن فعلها إيمان، وقد ذكر الكليني في باب التقية 23 حديثاً لهم (2) .

ثم أردف باب التقية بباب آخر يدخل في معنى التقية وهو (باب الكتمان) ، وذكر فيه 16 حديثاً (3) تأمر الشيعة بكتمان دينهم، ومن هذه الأحاديث: قول أبي عبد الله - كما يفترون - لسليمان بن خالد: (يا سليمان إنكم على دين من كتمه أعزه الله ومن أذاعه أذله الله)(4) .

وقال أبو جعفر: (لا تبثوا سرنا ولا تذيعوا أمرنا..)(5) .

وقال أبو عبد الله: (يا معلي - راوي الخبر - اكتم أمرنا ولا تذعه، فإنه من كتم أمرنا ولم يذعه أعزه الله به في الدنيا وجعله نوراً بين عينيه في الآخرة يقوده إلى الجنة، يا معلي من أذاع أمرنا ولم يكتمه أذله الله به في الدنيا ونزع النور من بين عينيه في الآخرة وجعله ظلمة تقوده إلى النار، يا معلي إن التقية من ديني ودين آبائي

(1) المصدر السابق: (2/220) ، و"البرانية" هي "العلانية"، والجوانية هي السر والباطن. «هامش الكافي» :(2/220- 221) .

(2)

«الكافي» : (2/217- 221) .

(3)

المصدر السابق: (2/221- 226) .

(4)

المصدر السابق: (2/222) .

(5)

المصدر السابق: (2/222) .

ص: 332

ولا دين لمن لا تقية، يا معلي إن المذيع لأمرنا كالجاحد له) (1) .

وفي حديث لهم يقول: (.. وكتمانه لسرنا جهاد في سبيل الله)(2) .

ثم يعقد الكليني بعد باب الكتمان بأبواب كثيرة (3) باباً في موضوع التقية أيضاً بعنوان: "باب الإذاعة"، ويذكره ضمن كتاب الكفر والإيمان أيضاً ويضمنه 12 حديثاً (4) تحذر من إذاعة أمرهم وتأمر بكتمانه والتقية فيه، منها قول: أبي عبد الله: (من أذاع علينا حديثنا سلبه الله الإيمان)(5) .

وقال: (مذيع السر شاك، وقائله عند غير أهله كافر)(6) .

قال شارح «الكافي» في تفسير النص الأخير: (كأن المعنى مذيع السر عند من لا يعتمد عليه من الشيعة شاك.. ويمكن حمله على الأسرار التي لا تقبلها عقول عامة الخلق)(7) .

وهذا يدل على أن هناك كتماناً وتقية من علماء الشيعة لعامتهم.

وقد ذكرت كتب الشيعة مشروعية التقية والكتمان لكثير من أخبارهم وعقائدهم حتى وإن كان السامع من شيعهم، لعدم تحمل عقول كثير من الناس وقلوبهم لها فيدعوهم هذا لكره المذهب

(1)«الكافي» : (2/224) .

(2)

«الكافي» : (2/226) .

(3)

عددها 61 باباً.

(4)

«الكافي» : (2/369- 372) .

(5)

«الكافي» : (2/370) .

(6)

«الكافي» : (2/371- 372) .

(7)

«هامش الكافي» : (2/372) .

ص: 333

والنفور منه، وهذا من باب التقية عندهم وإن اختلف الدافع له والغرض منه، وأنه قد يستعمل حتى مع نبي قومهم.

ففي «الكافي» : (باب فيما جاء أن حديثهم صعب مستصعب) وذكر فيه خمس روايات لهم (1) .

وفي «البحار» للمجلسي جاء هذا الباب بعنوان: (باب أن حديثهم عليهم السلام صعب مستصعب وأن كلامهم ذو وجوه كثيرة، وفضيلة التدبر في أخبارهم عليهم السلام والتسليم لهم والنهي عن رد أخبارهم) وفيه (116) حديثاً (2) .

ومن هذه الروايات التي يذكرونها في هذا الباب: (إن حديثنا تشمئز منه القلوب، فمن عرف فزيدوهم ومن أنكر فذروهم)(3) .

وعن سفيان السمط قال: قلت لأبي عبد الله عليه السلام: (جعلت فداك إن رجلاً يأتينا من قبلكم يعرف بالكذب فيحدث بالحديث فنستبشعه، فقال أبو عبد الله: يقول لك إني قلت لليل أنه نهار أو للنهار أنه ليل، قال: لا، قال: فإن قال لك هذا إني قلته فلا تكذب به فإنك إنما تكذبني)(4) .

وهذا يدل على أن من الشيعة من يستبشع رواياتهم ولكن يلزمون بالإيمان الأعمى بها.

(1)«الكافي» : (1/401- 402) .

(2)

«البحار» : (2/182- 212) .

(3)

«البحار» : (2/192) .

(4)

«البحار» : (2/211- 212) .

ص: 334

وعن جابر الجعفي قال: قال أبو جعفر "ع": قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إن حديث آل محمد صعب مستصعب لا يؤمن به إلا ملك مقرب أو نبي مرسل أو عبد امتحن الله قلبه للإيمان..)(1) .

هذه صورة لعقيدة التقية في أهم كتب الشيعة (2) .

ولا شك أن أسرارهم قد انكشفت حتى عقيدة التقية قد انكشف أمرها، والسبب هم الشيعة أنفسهم، ولهذا جاءت بعض نصوصهم تصف الشيعة بـ "النزق وقلة الكتمان"(3) .

ولكن الأثر العملي للتقية لا يزال يؤدي دوره الخطير في جوانب عديدة منها:

أولاً: أن عقيدة التقية استغلها دعاة التفرقة بين الأمة، والزنادقة المتسترون بالتشيع استغلوها لإبقاء الخلاف بين المسلمين. وذلك برد الأحاديث الصحيحة في معناها التي وردت عن الأئمة ووافقت ما عند الأمة وروتها كتب الشيعة نفسها ردها، بحجة أنها تقية لموافقتها لما عند أهل السنّة، فإذا جاء حديث يثني على الصحابة قالوا: إن هذا تقية، وإقرار أئمتهم بالخلافة القائمة في عصرهم يقولون: إنه تقية، وصلح الحسن هو عندهم تقية وهكذا، فضلاً عن الفروع الفقهية إذْ يردون الأحاديث التي توافق ما عليه أهل السنّة وتخالف شذوذهم ـ يردونها بحجة التقية لأنها وافقت إجماع المسلمين.

(1)«الكافي» : (1/401) .

(2)

وقد خصها بعض شيوخهم بتأليف مستقل، وفي «الذريعة إلى تصانيف الشيعة» ذكر 16 كتاباً لهم باسم التقية. «الذريعة» :(4/403- 405) .

(3)

«الكافي» : (1/222) .

ص: 335

ومن الأمثلة لتأثير التقية العملي عندهم أنهم قالوا عن تزويج علي رضي الله عنه ابنته أم كلثوم من عمر بن الخطاب (- تلك التي هي من أقوى الدلائل على كمال الحب والولاء بين الصحب والآل - قالوا: إن هذا من باب التقية، فقد عقد عالمهم الحر العاملي في "وسائل الشيعة" باباً في هذا بعنوان: (باب جواز مناكحة الناصب عند الضرورة والتقية) ومما جاء فيه:

عن أبي عبد الله (في تزويج أم كلثوم فقال: (إن ذلك فرج غصبناه)(1) .

كما أورد في هذا الباب تزويج رسول الله صلى الله عليه وسلم ابنتيه لعثمان (وعده من باب التقية. قال أبو جعفر: (إن رسول الله صلى الله عليه وآله زوج منافقين: أبا العاص بن الربيع، وسكت عن الآخر (2)) (3) . أي لم يصرح الإمام باسم عثمان تقية وخوفاً.

هذا مجرد مثال والأمثلة كثيرة سيأتي بعض منها أيضاً في فصل (هل من طريق للتقريب؟) .

وهكذا جعلوا عقيدة التقية منفذاً للغلو والغلاة ووسيلة وضعها أعداء الأمة للنأي بالشيعة عن جماعة المسلمين.

ثانياً: إنهم جعلوا عقيدة التقية هي المخرج من الاختلاف

(1) الحر العاملي: «وسائل الشيعة» : (7/433) عن «فروع الكافي» : (2/10) .

(2)

أي سكت عن ذكر اسم الآخر، وهو عثمان (من باب التقية واكتفى بالإشارة إليه.

(3)

الحر العاملي: «وسائل الشيعة» : (7/434- 435)، وانظر:«السرائر» : ص 475.

ص: 336

والتناقض في أخبارهم وأحاديثهم، فإن ظاهرة التناقض في أحاديثهم كانت من أقوى الدلائل على أنها من عند غير الله (1) ، ولهذا كان ذلك الاختلاف الكثير في أخبارهم من أسباب ترك بعض الشيعة للتشيع كما اعترف بذلك الطوسي (2) .

ثالثاً: أنهم قالوا بعصمة الأئمة وأنهم لا ينسون ولا يسهون ولا يخطئون مع أن الناس حفظوا عنهم ما يخالف ذلك وينافي عصمتهم، فقالوا بالتقية للمحافظة على دعوى عصمة الأئمة، تلك العصمة التي بسقوطها تسقط قيمة أقوالهم وبالتالي يسقط مذهب الشيعة، ولهذا قال سليمان بن جرير:(إن أئمة الرافضة وضعوا لشيعتهم مقالتين لا يظهرون معهما من أئمتهم على كذب أبداً وهما: القول بالبداء وإجازة التقية)(3) .

رابعاً: جعلت التقية وسيلة للكذب على الأئمة، فيردون - مثلاً - كلام الإمام الباقر أو جعفر الصادق الذي سمعه مجموعة من الناس بحجة أنه قد حضره بعض السنّة فاتقى في كلامه، ويقبلون ما ينقله الكذبة أمثال جابر الجعفي بحجة أنه لم يحضر مجلسه أحد يتقيه، فما ينقله غلاة الروافض والزنادقة عن أئمة أهل البيت مقبول عندهم، وما ينقله العدول من المسلمين مردود بدعوى التقية.

(1) كما يدل على ذلك قوله تعالى: (ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً ( [النساء: 82] .

(2)

الطوسي: «التهذيب» : (1/3) .

(3)

سعد القمي: «المقالات والفرق» : ص 78، النوبختي:«فرقة الشيعة» : ص 55، الشهرستاني:«الملل والنحل» : (1/160)، الرازي:«محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين» : ص 249.

ص: 337

فمثلاً الإمام زيد بن علي وهو من أهل البيت يروي عن علي رضي الله عنه - كما تذكره كتب الشيعة نفسها - أنه غسل رجليه في الوضوء، ولكن عالم الشيعة الطوسي يرد هذه الرواية ويزعم أنها من باب التقية. استمع إلى نص الرواية: عن زيد بن علي عن آبائه عن علي رضي الله عنه قال: (جلست أتوضأ فأقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم حين ابتدأت الوضوء فقال لي: تمضمض واستنشق واستن (1)، ثم غسلت ثلاثاً فقال: قد يجزيك من ذلك المرتان، فغسلت ذراعي ومسحت برأسي مرتين، فقال: قد يجزيك من ذلك المرة، وغسلت قدمي، فقال لي: يا علي خلل بين الأصابع لا تخلل بالنار) (2) .

قال الطوسي: (فهذا خبر موافق للعامة - يعني أهل السنّة لأن مذهبهم غسل الرجلين - وقد ورد مورد التقية، لأن المعلوم الذي لا يتخالج منه الشك من مذاهب أئمتنا عليهم السلام القول بالمسح على الرجلين - ثم قال: إن رواة هذا الخبر كلهم عامة ورجال الزيدية وما يختصون بروايته لا يعمل به)(3) .

هكذا ترد النصوص التي تتفق مع مذهب أهل السنّة تحت ستار التقية حتى وإن كان الراوي من أئمة أهل البيت.

خامساً: انبثق من خلال عقيدة التقية: مبدأ أن ما خالف العامة - أي أهل السنّة - هو الحق، حتى إنهم جعلوا من معالم التعرف على الحق - في نظرهم - عند اختلاف رواياتهم معرفة ما عليه أهل السنّة

(1) الاستنان: استعمال السواك.

(2)

«الاستبصار» : (1/65- 66) باب وجوب المسح على الرجلين.

(3)

المصدر السابق.

ص: 338