المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌7- معتقدهم في الصحابة: - مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة - جـ ١

[ناصر القفاري]

فهرس الكتاب

- ‌هذا الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول: أهل السنة والجماعة

- ‌الفصل الأول: التعريف بأهل السنة والجماعة

- ‌(أ) التعريف بالسنّة:

- ‌ سبب تسمية أهل السنّة بالجماعة

- ‌(ج) نشأة اسم أهل السنة والجماعة:

- ‌الفصل الثاني: مصادر أهل السنة في تلقي العقيدة

- ‌الفصل الثالث: مجمل لأهم عقائد أهل السنة التي خالفتها الشيعة

- ‌1- حفظ الله سبحانه لكتابه العظيم:

- ‌4- اعتقاد أهل السنّة في أهل البيت:

- ‌5- لا عصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثاني: الشيعة

- ‌الفصل الأول:‌‌ تعريف الشيعةونشأتهم وفرقهم

- ‌ تعريف الشيعة

- ‌التعريف المختار للشيعة:

- ‌الرأي المختار:

- ‌فرق الشيعة

- ‌الإسماعيلية

- ‌الزيدية

- ‌فرق الزيدية

- ‌الرافضة

- ‌الفصل الثاني: اعتقادهم في مصادر التلقي أو في أصول الأحكام المتفق عليها بين المسلمين

- ‌1- اعتقادهم في كتاب الله:

- ‌(أ) قولهم بتحريفه

- ‌1- كتب الشيعة التي روت أَخبار التحريف:

- ‌2- النصوص الواردة في كتبهم:

- ‌3- معتقدهم في هذه الروايات:

- ‌4- بداية هذا (الافتراء عند الشيعة) :

- ‌(ب) انحرافهم في تأويل القرآن:

- ‌ تأويلهم للآيات الواردة في الكفار والمنافقين

- ‌(ج) دعواهم تنزل كتب إلهية على الأئمة

- ‌1- مصحف فاطمة:

- ‌2- لوح فاطمة:

- ‌3- دعواهم نزول اثني عشر صحيفة من السماء تتضمن صفات الأئمة:

- ‌أولاً: أقوال "أئمتهم الإثني عشر" هي عندهم كأقوال الله ورسوله

- ‌ثانياً: إيداع الشريعة عند الأئمة المعصومين - بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثاً: ردهم لمرويات الصحابة:

- ‌رابعاً: تلقيهم السنّة عن «حكايات الرقاع» وما يسمونه بالتوقيعات الصادرة عن الإمام:

- ‌عمدة الروافض في "أحاديثهم

- ‌1- «بحار الأنوار الجامعة لدر أخبار الأئمة الأطهار» :

- ‌2- «وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة» :

- ‌3- «مستدرك الوسائل» :

- ‌أسانيد الشيعة في كتبهم:

- ‌الفصل الثالث: عقائدهم الأخرى التي انفصلوا بها عن أهل السنة

- ‌1 - الإمامة

- ‌(أ) معنى الإمامة عند الشيعة:

- ‌(ب) فضائل الأئمة وصفاتهم:

- ‌2 - عصمة الإمام

- ‌3- التقية

- ‌4- الرجعة

- ‌5- البداء:

- ‌6- الغَيْبة:

- ‌7- معتقدهم في الصحابة:

- ‌النتيجة للباب الأول والثاني

الفصل: ‌7- معتقدهم في الصحابة:

وقد نقلت لنا كتب الفرق أقوالهم المختلفة، وآراءهم المضطربة في شأن الغيبة، فكل يتبع إماماً ويدعي غيبته، وكل يقول برأي ويزعم أحقيته (1) .

وقال الشهرستاني بعد أن نقل خلافهم في ذلك: (ومع اختلافكم هذا كيف يصح لكم دعوى الغيبة؟..)(2) .

ولا شك أن هذا "الأمر" لو كان من عند الله لم يكن ليظهر على هذا الاضطراب والاختلاف والحيرة..

وإذا سألتهم عن مدة الغيبة كيف تعقل؟ إذ كيف يمكن أن يحيا إنسان هذه القرون المتطاولة؟!

قالوا: أليس الخضر يعيش في الدنيا من آلاف السنين.

ومع أن القول الصحيح أن "الخضر" ليس بحي (3) ، فإن حجتهم داحضة فالخضر ليس مكلفاً كما أنه ليس مسؤولاً عن هداية أُمة أو جماعة، وإمامكم هو المسؤول عندكم عن المسلمين جميعاً - على ما تهرفون -!!!

‌7- معتقدهم في الصحابة:

في كتب الشيعة الأساسية سب وطعن ولعن وتكفير للصحابة رضوان الله عليهم إلا قليلاً منهم لا يتجاوز الثلاثة في معظم

(1) راجع: الشهرستاني: «الملل والنحل» : (1/170- 172)، وانظر: القمي: «المقالات والفرق» : ص 102 وما بعدها.

(2)

«الملل والنحل» : (1/172) .

(3)

انظر: «منهاج السنة» : (1/28) الطبعة الأميرية، ابن القيم:«المنار المنيف» : ص 67- 76، ابن كثير:«البداية والنهاية» : (1/325- 337)، ابن حجر:«فتح الباري» : (6/309- 312)، «الإصابة» :(2/286- 335) .

ص: 361

الروايات، وتتناول نصوص السب والتكفير كثيراً من آحادهم على سبيل التعيين، ويخصون الخلفاء الثلاثة بالنصيب الأوفى من ذلك.

وتتضمن صفحات كتب الشيعة المعتمدة أخبار صراعات وعداوات بين علي وفاطمة من جهة وبين سائر الصحابة من جهة أخرى، وفي مقدمة الصحب الخليفتان الراشدان.

ولو أخذنا ننقل ما وجدنا من هذا "الغثاء" لاستغرق مئات الصفحات، وكل هذه الصفحات السوداء تذكي العداوة، وتوري نيران الحقد وتزرع الفرقة، والهدف منها صرف الأمة عن شريعة نبيها بالطعن في الطريق الأول الناقل لها، وإبطال التواتر في نقل دين الإسلام.

وفيما يلي أمثلة لهذا من كتبهم المعتمدة.

هناك روايات كثيرة في كتبهم المعتمدة تقول، إن الصحابة ارتدوا إلا ثلاثة، وتزيد بعض الروايات آخرين رجعوا عن ردتهم، إلا أن المجموع لا يتجاوز السبعة في كل الروايات، وهذا الحكم بردة الصحابة رضوان الله عليهم الذين أثنى عليهم ورسوله وسجل التاريخ مآثرهم بمداد من نور ولم تشهد الدنيا إلى يومنا مجتمعاً كمجتمعهم - رضوان الله عليهم - هذا الحكم بردتهم إلا ثلاثة ورد في كثير من كتب الشيعة المعتمدة مثل:«الكافي» (1) ، و «البحار» (2) ، و «كتاب سليم بن قيس» (3) و «الاختصاص» (4) ، و «رجال الكشي» (5) ،

(1) انظر: الكليني: «الكافي» : (2/244) ، (2/224) .

(2)

انظر: المجلسي: «البحار» : (22/345، 351، 352، 440) .

(3)

انظر: كتاب: «سليم بن قيس» : ص 74- 75.

(4)

انظر: المفيد: «الاختصاص» : ص 4- 5.

(5)

«رجال الكشي» : ص 6، 7، 8، 9، 11.

ص: 362

وفي «تفسير العياشي» (1) ، و «البرهان» (2) ، و «الصافي» (3) ، و «تفسير نور الثقلين» (4) وغيرها وما في هذه الكتب إنما هو أحاديث عن معصوميهم فيما يزعمون.

أما كلام علمائهم في الطعن في ذلك الجيل القرآني الفريد فهو قد سود معظم كتبهم، ونحن لا نحاول أن نستشهد بهم كثيراً فهم يزعمون أنه لا حجة إلا في كلام معصوميهم، وغرضنا هنا التثبت في نقل مذهبهم.

روى "ثقتهم" الكليني في «الكافي» عن حمران بن أعين قال: (قلت لأبي جعفر "ع": جعلت فداك، ما أقلنا لو اجتمعنا على شاة ما أفنيناها (5) ! فقال: ألا أحدثك بأعجب من ذلك، المهاجرون والأنصار ذهبوا إلا - وأشار بيده - ثلاثة..) (6) .

وفي روايات أخرى لهم تعيين لهؤلاء الثلاثة:

فعن أبي جعفر "ع" كان الناس أهل ردة بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلا ثلاثة، فقلت: ومن الثلاثة؟ فقال: المقداد بن الأسود، وأبو ذر الغفاري وسلمان الفارسي رحمة الله وبركاته عليهم، ثم عرف الناس بعد يسير..) (7) .

(1)«تفسير العياشي» : (1/199) .

(2)

هاشم البحراني: «البرهان» : (1/319) .

(3)

محسن الكاشاني: «الصافي» : (1/305) وما بعدها.

(4)

الحويزيني: «نور الثقلين» : (1/396) وما بعدها.

(5)

يعني أنها قلة شاذة بالنسبة لأهل السنّة.

(6)

«الكافي» ، كتاب الإيمان والكفر، باب في قلة عدد المؤمنين:(2/244)، وانظر:«رجال الكشي» : ص 7، وانظر:«البحار» : (22/345) .

(7)

«الكافي» ، كتاب الروضة:(12/321- 322)(مع شرح جامع للمازندراني) .

ص: 363

وهؤلاء الذين عرفوا، عددهم أربعة ليصبح مجموع الذين نجوا من الردة - في كتب الشيعة - سبعة، ففي رجال الكشي عن أبي جعفر قال:(ارتد الناس إلا ثلاثة نفر: سلمان، وأبو ذر، والمقداد، قال: قلت: فعمار؟ قال: جاض جيضة (1) ، ثم رجع، ثم قال: إن أردت الذي لم يشك ولم يدخله شيء فالمقداد. فأما سلمان فإنه عرض في قلبه عارض أن عند أمير المؤمنين اسم الله الأعظم لو تكلم به لأخذتهم الأرض، وهو هكذا فلبب (2) ووجئت (3) عنقه حتى تركت كالسلقة، فمر به أمير المؤمنين "ع" فقال له: يا أبا عبد الله هذا من ذاك فبايِعْ، فبايَع، وأما أبو ذر فأمره أمير المؤمنين "ع" بالسكوت - ولم يكن يأخذه في الله لومة لائم ـ فأبى إلا أن يتكلم، فمر به عثمان فأمر به - كذا - ثم أناب الناس بعد فكان أول من أناب أبو ساسان الأنصاري، وأبو عمرة، وشتيرة وكانوا سبعة فلم يكن يعرف حق أمير المؤمنين "ع" إلا هؤلاء السبعة) (4) .

حتى هؤلاء الثلاثة الذين نجوا من الردة لم ينجوا من السب والقدح في كتب الشيعة؛ ففي «رجال الكشي» .. قال أمير المؤمنين - علي -: (يا أبا ذر إن سلمان لو حدثك بما يعلم لقلت: رحم الله قاتل سلمان)(5) .

وعن جعفر عن أبيه "ع" قال: ذكرت التقيّة يوماً عند علي "ع" فقال: (لو علم أبو ذر ما في قلب سلمان لقتله..)(6) .

(1) جاض عنه يجيض: جاد وعدل.

(2)

لببه: جمع ثيابه عند نحره في الخصومة ثم جره.

(3)

وجأ يجأ: ضربه باليد والسكين.

(4)

«رجال الكشي» : (ص 11- 12) .

(5)

المصدر السابق: ص 15.

(6)

المصدر السابق: ص 17.

ص: 364

وعن أبي بصير قال: سمعت أبا عبد الله "ع" يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (يا سلمان: لو عرض علمك على مقداد لكفر، يا مقداد: لو عرض علمك على سلمان لكفر)(1) .

ثم إن هذه الروايات التي تحكم بالردة على ذلك المجتمع المثالي الفريد ولا تستثني منه سوى ثلاثة أو أربعة أو سبعة على الأكثر - هذه الروايات ليس فيها لأهل البيت ذكر، فالحكم بالردة في هذه النصوص شامل للصحابة من قرابة رسول الله صلى الله عليه وسلم وزوجاته أمهات المؤمنين ومن غيرهم، فهي تتناول الصحب والآل مع أن واضعها يزعم التشيع لأهل بيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهل هذا إلا دليل على أن التشيع إنما هو ستار لتنفيذ أغراض خبيثة ضد الإسلام وأهله؟.

فعلي، والحسن، والحسين، وآل عقيل، وآل جعفر، وآل العباس وآل علي وزوجاته صلى الله عليه وسلم أُمهات المؤمنين ليس لهم ذكر في هذه الروايات، إلا أن هناك رواية عندهم تذكر عليّاً وتنسى الباقين، فعن الفضيل بن يسار عن أبي جعفر "ع" قال:(إن رسول الله صلى الله عليه وآله لما قُبض صار الناس كلهم أهل جاهلية إلا أربعة: علي والمقداد، وسلمان، وأبو ذر. فقلت: فعمار؟ فقال: إن كنت تريد الذين لم يدخلهم شيء فهؤلاء الثلاثة)(2) .

أما نصوصهم التي تتناول كبار الصحابة وخيارهم على وجه التعيين فهي كثيرة، ولخير هذه الأمة بعد نبيها - كما شهد بذلك أخوهم

(1) المصدر السابق: ص 11.

(2)

انظر: «تفسير العياشي» : (1/199)، «البرهان» :(1/319)، «الصافي» :(1/305) .

ص: 365

علي رضي الله عنه لهما النصيب الأكبر من هذه الزندقة الحاقدة، ففي «الكافي» : (ثلاثة لا ينظر الله إليهم ولا يزكيهم ولهم عذاب أليم:

من ادعى إمامة من الله ليست له، ومن جحد إماماً من الله، ومن زعم أن لهما - يعنون أبا بكر وعمر رضي الله عنهما في الإسلام نصيباً) (1) .

وفي «روضة الكافي» (أن الشيخين فارقا الدنيا ولم يتوبا ولم يتذكرا ما صنعا بأمير المؤمنين، فعليهما لعنة الله والملائكة والناس أجمعين)(2) .

وقال شيخهم نعمة الله الجزائري: (قد وردت في روايات الخاصة - يعني شيعته - أن الشيطان يغل بسبعين غلاً من حديد جهنم ويساق إلى المحشر فينظر ويرى رجلاً أمامه يقوده ملائكة العذاب وفي عنقه مائة وعشرون غلاً من أغلال جهنم، فيدنو الشيطان إليه ويقول: ما فعل الشقي حتى زاد علي في العذاب وأنا أغويت الخلق وأوردتهم موارد الهلاك؟، فيقول عمر للشيطان: ما فعلت شيئاً سوى أني غصبت خلافة علي بن أبي طالب)(3) .

وقال هذا "النقمة" معقباً على هذه الرواية: (والظاهر أنه - يعني عمر رضي الله عنه قد استقل سبب شقاوته ومزيد عذابه ولم يعلم أن كل ما وقع في الدنيا إلى يوم القيامة من الكفر والنفاق واستيلاء أهل الجور والظلم إنما هو من فعلته هذه)(4) .

(1) مضى تخريج هذا "النص" من كتبهم ص 314.

(2)

«الكافي» ، كتاب الروضة:(12/323)(ضمن كتاب شرح جامع للمازندراني) .

(3)

(4)«الأنوار النعمانية» : (1/81- 82) .

ص: 366

تلك نظرة من يزعم التشيع لعلي في عمر الذي قال فيه أخوه علي: «ما خلفت أحداً أحب إلي أن ألقى الله بمثل عمله منك..» (1) .

وقال هذا "النقمة" - في أبي بكر (-: (نقل في الأخبار - أخبار شيعته - أن الخليفة الأول قد كان مع النبي صلى الله عليه وسلم وصنمه الذي كان يعبده زمن الجاهلية معلق بخيط في عنقه ساتره بثيابه وكان يسجد - ويقصد أن سجوده لذلك الصنم - إلى أن مات النبي صلى الله عليه وسلم فأظهروا - كذا - ما كان في قلوبهم)(2) .

انظر كيف بلغ الحقد والعداء بهؤلاء الذين لبسوا ثوب التشيع لآل البيت زوراً وبهتاناً ضد رواد الإسلام، ومن أقاموا دولة الإسلام وفتحوا ديار هؤلاء المجوس ونشروا الإسلام بينهم، وأطفأوا نار المجوسية والوثنية في بلادهم، وإذا كان هذا مبلغ حقدهم ومقدار سبهم لمن رضي الله عنهم وتواتر الثناء عليهم في كتاب الله وسنّة نبيه وقد واراهم التراب من قرون، فكيف يكون مستوى حقدهم وتآمرهم على المسلمين الآخرين؟!

كما قال بعض السلف: «لا يغل قلب أحد على أحد من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا كان قلبه على المسلمين أغل» (3) .

كما تطاولوا بالسب والتكفير على كثير من خيار الصحابة غير

(1) رواه البخاري في صحيحه، كتاب فضائل الصحابة، باب مناقب عمر:(7/41)(مع شرحه فتح الباري) .

(2)

«الأنوار النعمانية» : (2/111) .

(3)

«الإبانة» لابن بطة: ص 41.

ص: 367

الشيخين أمثال ذي النورين عثمان بن عفان (1) ، وأنس بن مالك (2) والبراء بن عازب (3) ، ولم يكتف الشيعة بذلك بل طعنوا في آل النبي وأقربائه، في عم النبي العباس (4) وفي ابنه حبر الأمة وترجمان القرآن عبد الله بن عباس (5) وفي بعض زوجاته (عائشة (6) رضي الله عنها.

وظاهرة التكفير والسب عند الشيعة لا تخص جيل الصحابة - كما قدمنا - لكنهم يركزون على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم بوجه خاص باعتبار أنهم نقلة الشريعة السماوية، وإلا فهم مثلاً يكفرون جميع الناس بعد مقتل الحسين إلا ثلاثة (7) ، تقول كتب الشيعة إن الناس ارتدوا بعد الحسين إلا ثلاثة، ويطعنون في كل من أنكر إمامة "الاثني عشر" ولو كان من أهل البيت وأولاد فاطمة (8) ، هذا مع أن علياً (لم يكفر حتى من حاربه من أهل الشام وغيرهم، فقد قال - كما يرويه إمام الشيعة الشريف الرضي في نهج البلاغة - قال في كتابه إلى أهل الأمصار - يذكر فيه

(1) انظر: «رجال الكشي» : ص 59، 60، «تفسير العياشي» : جـ1 ص 148، 181، جـ2 ص 116، «البرهان» :(1/254، 476) .

(2)

«رجال الكشي» : ص 45.

(3)

المصدر السابق: ص 45.

(4)

«رجال الكشي» : ص 53، 55، 56، «تفسير العياشي» :(2/305، 337) .

(5)

«رجال الكشي» : ص 60، وفي «الكافي» :(1/247) تكفير لابن عباس (، وأنه سخيف العقل جاهل إلخ.

(6)

انظر: «رجال الكشي» : ص 57- 60، «الكافي» :(1/300)، «البحار» :(53/90) .

(7)

«أصول الكافي» : (2/380)، «رجال الكشي» : ص 133.

(8)

الكليني: «الكافي» : (1/372)، وانظر: المجلسي: «البحار» : (25/112- 114) .

ص: 368

ما جرى بينه وبين أهل صفين -: (وكان بدء أمرنا أنا التقينا والقوم من أهل الشام، والظاهر أن ربنا واحد، ودعوتنا في الإسلام واحدة، ولا نستزيدهم في الإيمان بالله، والتصديق برسوله ولا يستزيدوننا، الأمر واحد إلا ما اختلفنا فيه من دم عثمان ونحن منه براء)(1) .

وقد أنكر على من يسب معاوية ومن معه فقال - كما في نهج البلاغة أيضاً ـ:

(إني أكره لكم أن تكونوا سبابين، ولكنكم لو وصفتم أعمالهم وذكرتم حالهم كان أصوب في القول، وأبلغ في العذر، وقلتم مكان سبكم إياهم: اللهم أحقن دماءنا ودماءهم وأصلح ذات بيننا وبينهم..)(2) .

فهذا السب والتكفير لم يكن من هدي علي باعتراف الكتاب الأول عند الشيعة.

ولقد وضعت أيدينا كتب الشيعة نفسها على مؤسس هذا السب والطعن لأكرم خلق الله بعد النبيين، فقالت: إنه عبد الله بن سبأ لأنه هو (أول من أظهر الطعن على أبي بكر وعمر وعثمان والصحابة وتبرأ منهم وادعى أن علياً (أمره بذلك)(3) .

والشيعة - هي تنال من أشرف الخلق بعد الرسل والنبيين - نراها

(1)«نهج البلاغة» : ص 448.

(2)

المصدر السابق: ص 323.

(3)

القمي: «المقالات والفرق» : ص 20، وانظر: النوبختي: «فرق الشيعة» : ص 19- 20.

ص: 369

تدافع عن المرتدين كأصحاب مسيلمة (1)، والزنادقة: كالمختار (2) ، والنصير الطوسي (3) ، بل إنهم يلقبون (أبا لؤلؤة المجوسي قاتل عمر بن الخطاب رضي الله عنه بـ "أبابا شجاع الدين")(4) .

هذه كتب الشيعة تثني على أقزام التاريخ وحثالة البشر وأعداء الإسلام، وتسب وتطعن وتكفر خيار الأمة وروادها.

ولا شك أن الطعن في صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هو طعن في دين الله وشرعه، ولهذا قال شيخ الإسلام ابن تيمية:(من زعم أنهم ارتدوا بعد رسول الله عليه الصلاة والسلام إلا نفراً قليلاً لا يبلغون بضعة عشر نفساً أو أنهم فسقوا عامتهم، فهذا لا ريب أيضاً في كفره، لأنه مكذب لما نصه القرآن في غير موضع من الرضى عنهم والثناء عليهم، بل من يشك في كفر مثل هذا فإن كفره متعين، فإن مضمون هذه المقالة أن نقلة الكتاب والسنّة كفار أو فسّاق وأن هذه الآية التي هي: (كنتم خير أمة أخرجت للناس)(5) وخيرها هو القرن

(1) انظر: عبد الله العلايلي، الإمام الحسين، مقدمة الطبعة الثانية: ص3، 4، 19. وراجع «المنتقى» : ص 271- 273.

(2)

انظر: ابن إدريس: «السرائر» : ص 475، وانظر: حسين البرقي: «تاريخ الكوفة» : ص 62.

(3)

انظر: الخوانساري: «روضات الجنات» : (6/300، 301)، وانظر: الخميني: «الحكومة الإسلامية» : ص 128.

وقد قال ابن القيم رحمه الله عن هذا الطوسي - الذي تثني عليه كتب الشيعة -: نصير الشرك والكفر، الملحد وزير الملاحدة، النصير الطوسي وزير هولاكو. ثم تحدث عن آرائه الملحدة ومؤامراته ضد المسلمين.. انظر:«إغاثة اللهفان» : (2/263) .

(4)

عباس القمي: «الكنى والألقاب» : (2/55) .

(5)

من الآية 110 من سورة آل عمران.

ص: 370

الأول، كان عامتهم كفاراً أو فساقاً، ومضمونها أن هذه الأمة شر الأمم وأن سابقي هذه الأمة هم شرارها، وكفر هذا مما يعلم بالاضطرار من دين الإسلام، ولهذا تجد عامة من ظهر عليه شيء من هذه الأقوال فإنه يتبين أنه زنديق..) (1) .

وبعد:

فهذه هي أهم عقائد القوم التي خالفوا بها جماعة المسلمين، ولهم بالإضافة لذلك شذوذات في "مسائل الفقه" خالفوا بها ما تواتر من النصوص وقد درج أئمة السنّة على ذكر مثل هذه المسائل في مباحث العقيدة، ولضيق المجال حسبنا أن نشير إلى أن صاحب مختصر التحفة الاثني عشرية قد ذكر معظم هذه المسائل في مختلف أبواب الفقه (2) ، وللدكتور علي السالوس دراسة جديدة في بابها لهذه القضايا أثبت فيها شذوذهم، وناقشه بما ورد عن أهل السنّة، وبما ورد في كتب الشيعة من روايات توافق ما عند أهل السنّة، ونقض رد علماء الشيعة لرواياتهم الموافقة لأهل السنّة بدعوى التقية، وهو منهج يستحق الإشادة والتقدير (3) .

والذي جعلنا نكتفي بهذه الإشارة ولا ندرس هذه القضايا إيماننا بأن التقريب يبدأ من الأصول أولاً..

ومن العجب أن الشيعة يغالون في قيمة كل مسألة يشذون بها عن أهل السنّة، حتى في المسائل الفقهية والعملية. فمثلاً "مسألة المتعة"

(1)«الصارم المسلول» : ص 586- 587.

(2)

انظر: «مختصر التحفة الاثني عشرية» : ص 207 وما بعدها.

(3)

انظر: كتابه في هذا المسمى: «فقه الشيعة الإمامية ومواضع الخلاف بينه وبين المذاهب الأربعة» ، نشر مكتبة ابن تيمية، الكويت 1398هـ.

ص: 371

لم يكتفوا بإباحتها بل رتبوا على تركها وعيداً شديداً.

فمن رواياتهم في ذلك أن (من خرج من الدنيا ولم يتمتع جاء يوم القيامة وهو أجدع (1)) (2) .

وجعلوا لفاعلها أجراً عظيماً حتى قالوا: إن من تمتع أربع مرات كان كرسول الله صلى الله عليه وسلم في الأجر، ونسبوا هذه "القولة الشنيعة" إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. تقول روايتهم: قال النبي ?: (من تمتع مرة كان درجته كدرجة الحسين (ومن تمتع مرتين فدرجته كدرجة الحسن ومن تمتع ثلاث مرات كان درجته كدرجة علي ومن تمتع أربع مرات كانت درجته كدرجتي)(3) .

وقالوا: من لم يقل بالمتعة فليس بشيعي، فمن رواياتهم:(ليس منا من لم يؤمن بكرتنا ويستحل متعتنا)(4) .

وفسروا آيات من كتاب الله "بالمتعة"، فمن ذلك ما رووه عن الباقر "ع" أن عبد الله بن عطا المكي سأله عن قوله تعالى:(وإذ أسر النبي.. الآية ((5) فقال: (إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج بالحرة متعة فاطلع عليه بعض نسائه فاتهمته بالفاحشة!! فقال: إنه نكاح بأجل فاكتميه فاطلعت، عليه بعض نسائه)(6) .

(1) مقطوع الأنف والأذن.

(2)

فتح الله كاشاني: «منهج الصادقين» : ص 356 (فارسي) طبعة إيران.

(3)

«تفسير منهج الصادقين» لملا فتح الله كاشاني: ص 356 (فارسي) .

(4)

مضى تخريج هذا "النص" من كتبهم ص 341.

(5)

التحريم: آية 3.

(6)

الحر العاملي: «وسائل الشيعة» ، كتاب النكاح، أبواب المتعة:(7/440) . وانظر: ابن بابويه القمي: «من لا يحضره الفقيه» : (2/151) .

ص: 372

هذا مجرد مثال لمبالغتهم في تعظيم الشذوذ وإن كانت في الفقه. والمتعة إنما هي جزء من فوضى سلوكية عندهم ما أَنزل الله بها من سلطان (1) .

ومن الملاحظ أَنهم يروون روايات في تحريم المتعة ولكن مشايخهم يردونها بحجة التقية بلا دليل وبرهان. ففي كتبهم: (عن زيد بن علي عن آبائه عن علي رضي الله عنه قال: حرم رسول الله صلى الله عليه وسلم خيبر لحوم الحمر الأَهلية ونكاح المتعة)(2) .

قال شيخهم الحر العاملي: (أقول حمله الشيخ (3) وغيره على التقية - يعني في الرواية - لأَن إِباحة المتعة من ضروريات مذهب الإِمامية) (4) .

هذا مثال واحد لشذوذهم في مسائل الفروع، ونكتفي بهذا المثال وبما أَشرنا إِليه من بعض المراجع للسبب الذي ذكرناه آنفاً.

وقد لاحظت أَنه لا يوجد لهم شذوذ ومخالفة إِلا وهناك في الغالب بعض الروايات التي تنفي هذا الشذوذ والمخالفة، ولكن شيوخهم يعملون بالشذوذ ويردون ما يوافق أَهل السنّة بحجة التقية. فهل هذا عمل من يريد التقارب؟!

(1) فعندهم يباح وطء الزوجة مع الدبر. انظر: «وسائل الشيعة» : (14/103) وغيرها، وورد في أحاديثهم حديث هو من أصول الباطنيين في الإباحية وهو ما رووه عن الحسن العطار قال: سألت أَبا عبد الله "ع" عن عارية الفرج قال: لا بأس.. «وسائل الشيعة» : (7/540)، الطوسي:«التهذيب» : (2/185)، «الاستبصار» :(3/141)، «فروع الكافي» :(2/48) .

(2)

انظر: «التهذيب» : (2/184)، «الاستبصار» :(3/132)، «وسائل الشيعة» :(7/441) .

(3)

إِذا أُطلق "الشيخ" في كتب الشيعة فالمراد به "الطوسي".

(4)

«وسائل الشيعة» : (7/441) .

ص: 373