المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌1- حفظ الله سبحانه لكتابه العظيم: - مسألة التقريب بين أهل السنة والشيعة - جـ ١

[ناصر القفاري]

فهرس الكتاب

- ‌هذا الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌الباب الأول: أهل السنة والجماعة

- ‌الفصل الأول: التعريف بأهل السنة والجماعة

- ‌(أ) التعريف بالسنّة:

- ‌ سبب تسمية أهل السنّة بالجماعة

- ‌(ج) نشأة اسم أهل السنة والجماعة:

- ‌الفصل الثاني: مصادر أهل السنة في تلقي العقيدة

- ‌الفصل الثالث: مجمل لأهم عقائد أهل السنة التي خالفتها الشيعة

- ‌1- حفظ الله سبحانه لكتابه العظيم:

- ‌4- اعتقاد أهل السنّة في أهل البيت:

- ‌5- لا عصمة لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌الباب الثاني: الشيعة

- ‌الفصل الأول:‌‌ تعريف الشيعةونشأتهم وفرقهم

- ‌ تعريف الشيعة

- ‌التعريف المختار للشيعة:

- ‌الرأي المختار:

- ‌فرق الشيعة

- ‌الإسماعيلية

- ‌الزيدية

- ‌فرق الزيدية

- ‌الرافضة

- ‌الفصل الثاني: اعتقادهم في مصادر التلقي أو في أصول الأحكام المتفق عليها بين المسلمين

- ‌1- اعتقادهم في كتاب الله:

- ‌(أ) قولهم بتحريفه

- ‌1- كتب الشيعة التي روت أَخبار التحريف:

- ‌2- النصوص الواردة في كتبهم:

- ‌3- معتقدهم في هذه الروايات:

- ‌4- بداية هذا (الافتراء عند الشيعة) :

- ‌(ب) انحرافهم في تأويل القرآن:

- ‌ تأويلهم للآيات الواردة في الكفار والمنافقين

- ‌(ج) دعواهم تنزل كتب إلهية على الأئمة

- ‌1- مصحف فاطمة:

- ‌2- لوح فاطمة:

- ‌3- دعواهم نزول اثني عشر صحيفة من السماء تتضمن صفات الأئمة:

- ‌أولاً: أقوال "أئمتهم الإثني عشر" هي عندهم كأقوال الله ورسوله

- ‌ثانياً: إيداع الشريعة عند الأئمة المعصومين - بعد وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌ثالثاً: ردهم لمرويات الصحابة:

- ‌رابعاً: تلقيهم السنّة عن «حكايات الرقاع» وما يسمونه بالتوقيعات الصادرة عن الإمام:

- ‌عمدة الروافض في "أحاديثهم

- ‌1- «بحار الأنوار الجامعة لدر أخبار الأئمة الأطهار» :

- ‌2- «وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة» :

- ‌3- «مستدرك الوسائل» :

- ‌أسانيد الشيعة في كتبهم:

- ‌الفصل الثالث: عقائدهم الأخرى التي انفصلوا بها عن أهل السنة

- ‌1 - الإمامة

- ‌(أ) معنى الإمامة عند الشيعة:

- ‌(ب) فضائل الأئمة وصفاتهم:

- ‌2 - عصمة الإمام

- ‌3- التقية

- ‌4- الرجعة

- ‌5- البداء:

- ‌6- الغَيْبة:

- ‌7- معتقدهم في الصحابة:

- ‌النتيجة للباب الأول والثاني

الفصل: ‌1- حفظ الله سبحانه لكتابه العظيم:

‌الفصل الثالث: مجمل لأهم عقائد أهل السنة التي خالفتها الشيعة

نكتفي في هذا الفصل بذكر أهم العقائد لأهل السنّة التي خالفتها الشيعة - كما ذكرت ذلك كتب السنّة -.

أما الحديث عن اعتقاد أهل السنّة بكل جوانبه فهذا - في نظري - لا داعي له هنا والحديث المستقصى للاعتقاد ولو على سبيل الإجمال يخرج بنا عن المنهج الطبعي للبحث، وهناك كتب تخصصت في هذا الشأن، ولهذا سنتناول بالحديث المسائل التالية:

‌1- حفظ الله سبحانه لكتابه العظيم:

أجمع أهل السنّة والمسلمون جميعاً على صيانة كتاب الله (من التحريف والزيادة والنقص، فهو محفوظ بحفظ الله له، قال تعالى: (إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون ((1) .

ولا يوجد في كتب أهل السنّة المعتمدة رواية واحدة صحيحة تخالف هذا.

(1) الحجر: آية 9.

ص: 85

وقد ذكر مفسرو أهل السنّة عند قوله سبحانه: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ) أن القرآن محفوظ من أي تغيير أو تبديل أو تحريف (1) .

وصرح كبار علمائهم أن من اعتقد أن القرآن غير محفوظ فقد خرج من دين الإسلام.

وهذه العقيدة عند أهل السنّة من الشهرة والتواتر بحيث أنها لا تحتاج إلى من يقيم أدلة عليها، بل هذه العقيدة من المتواترات عند المسلمين.

يقول القاضي عياض (2) رحمه الله: (وقد أجمع المسلمون أن القرآن المتلو في جميع أقطار الأرض المكتوب في المصحف بأيدي المسلمين مما جمعه الدفتان من أول (الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ) - إلى آخر - (قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ) أنه كلام الله ووحيه المنزل على نبيه محمد (، وأن جميع ما فيه حق وأن من نقص منه حرفاً قاصداً لذلك أو بدله بحرف آخر مكانه أو زاد فيه حرفاً مما لم يشتمل عليه المصحف الذي وقع الإجماع

(1) انظر القرطبي: «جامع أحكام القرآن» : (10/65)، النسفي:«مدارك التنزيل» : (2/179)، «تفسير الخازن» :(4/47)، «تفسير ابن كثير» :(2/592)، البيضاوي:«أنوار التنزيل» : (1/538)، الألوسي:«روح المعاني» : (14/16)، صديق خان:«فتح البيان» : (5/168 - 169)، الشنقيطي:«أضواء البيان» : (3/120) .

(2)

عياض بن موسى بن عمرون اليحصبي السبتي أبو الفضل، عالم المغرب وإمام أهل الحديث في وقته، من مصنفاته:«الشفاء» ، «مشارق الأنوار» ، «الإلماع» وغيرها. توفي بمراكش سنة 544هـ وكان مولده عام 476هـ، انظر في ترجمته: الضبي: «بغية الملتمس» : ص 437، النباهي:«تاريخ قضاة الأندلس» : ص 101.

ص: 86

عليه وأجمع على أنه ليس من القرآن عامداً لكل هذا؛ أنه كافر

) (1) .

وينقل القاضي عياض عن أبي عثمان الحداد أنه قال: (جميع من ينتحل التوحيد متفقون على أن الجحد لحرف من التنزيل كفر)(2) .

وقال ابن قدامة (3) : (ولا خلاف بين المسلمين في أن من جحد من القرآن سورة أو آية أو كلمة أو حرفاً متفقاً عليه أنه كافر)(4) .

ويقول البغدادي: (وأكفروا - أي أهل السنّة - من زعم من الرافضة أن لا حجة اليوم في القرآن لدعواه أن الصحابة غيروا بعض القرآن وحرفوا بعضه)(5) .

ويقول القاضي أبو يعلى (6) : (والقرآن ما غُيّر ولا بُدِّل ولا نقص منه ولا زيد فيه، خلافاً للرافضة القائلين أن القرآن قد غير وبدل وخولف بين نظمه وترتيبه - ثم قال - إن القرآن جمع بمحضر من

(1) و (2)«الشفاء» : (2/304 - 305) .

(3)

عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة المقدسي ثم الدمشقي أبو محمد موفق الدين، من كبار أئمة السنّة وفقهاء الأمة، له تصانيف منها:«المغني» ، و «فضائل الصحابة» ، و «القدر» وغيرها. توفي بدمشق سنة 620هـ، وكان مولده في جماعيل (من قرى نابلس بفلسطين) سنة 541. انظر:«مختصر طبقات الحنابلة» : ص 45- 47، وانظر:«الأعلام» : (4/191 - 192) .

(4)

ابن قدامة: «لمعة الاعتقاد» : ص 20.

(5)

«الفرق بين الفرق» : ص 327.

(6)

محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن الفراء أبو يعلى، عالم عصره في الأصول والفروع، من تصانيفه:«الأحكام السلطانية» . ولد عام 380 هـ وتوفي عام 458هـ. «طبقات الحنابلة» : (2/193 - 230)، «الأعلام» :(6/331) .

ص: 87

الصحابة رضي الله عنهم (وأجمعوا عليه ولم ينكر منكِر ولا رد أحد من الصحابة ذلك ولا طعن فيه، ولو كان مغيراً مبدلاً لوجب أن ينقل عن أحد من الصحابة أنه طعن فيه، لأن مثل هذا لا يجوز أن ينكتم في مستقر العادة.. ولأنه لو كان مغيراً ومبدلاً لوجب على علي رضي الله عنه أن يبينه ويصلحه ويبين للناس بياناً عاماً أنه أصلح ما كان مغيراً، فلما لم يفعل ذلك ـ بل كان يقرأه ويستعمله ـ دل على أنه غير مبدل ولا مغير)(1) .

ويقول ابن حزم: (القول بأن بين اللوحين تبديلاً كُفر صريح وتكذيب لرسول الله صلى الله عليه وسلم)(2) .

وقال الفخر الرازي عند قوله سبحانه: (إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ)، وإنا نحفظ ذلك الذكر من التحريف والزيادة والنقصان - إلى أن قال: إن أحداً لو حاول تغيير حرف أو نقطة لقال له أهل الدنيا هذا كذب وتغيير لكلام الله، حتى أن الشيخ المهيب لو اتفق له لحن أو هفوة في حرف من كتاب الله تعالى لقال له الصبيان: أخطأت أيها الشيخ وصوابه كذا وكذا.. واعلم أنه لم يتفق لشيء من الكتب مثل هذا الحفظ، فإنه لا كتاب إلا وقد دخله التصحيف والتحريف والتغيير إما في الكثير منه أو في القليل، وبقاء هذا الكتاب مصوناً من جميع جهات التحريف، مع أن دواعي الملاحدة واليهود والنصارى متوفرة على إبطاله وإفساده من أعظم المعجزات) (3) .

(1)«المعتمد في أصول الدين» : ص 258.

(2)

«الفصل في الملل والنحل» : (5/22) .

(3)

«مفاتيح الغيب» : (19/160 - 161) .

ص: 88

ويقول ابن حزم - في الجواب عن احتجاج النصارى بدعوى الروافض تحريف القرآن -: (وأما قولهم في دعوى الروافض تبديل القراءات فإن الروافض ليسوا من المسلمين..)(1) .

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (وكذلك - أي في الحكم بتكفيره - من زعم منهم أن القرآن نقص منه آيات وكتمت، أو زعم أن له تأويلات باطنة تسقط الأعمال المشروعة ونحو ذلك، وهؤلاء يسمون القرامطة والباطنية ومنهم التناسخية، وهؤلاء لا خلاف في كفرهم)(2) .

وبعد: فالشواهد في هذا المجال لا تحصى كثرة وهي موجودة في مواضعها في كتب التفسير وعلوم القرآن والحديث والعقيدة والأصول وغيرها.

ولم نكن لنعرض لهذه المسألة إلا بالإشارة العابرة إلى إجماع الأمة عليها، لأنها من القضايا المتواترة ومما علم من الدين بالضرورة، ومن يخالف فيها فإنما يخالف رب العزة جل شأنه في قوله:(إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون)(3) .

وإنما عرضت لها لأنني رأيت من بعض الروافض المعاصرين من يحاول أن يرمي أهل السنّة بهذه الفرية ويدعي أن في كتب السنّة ما يدل على "التحريف"، في حين أنه يزعم أن مذهبه بريء منها.. وكأنه بهذا يحاول أن يثبت من طريق السنّة فكرة في نفسه يخفيها ويتظاهر بإنكارها.

(1)«الفصل» : (2/80) .

(2)

«الصارم المسلول» : ص 586.

(3)

الحجر: آية 9.

ص: 89

ولم يجد وسيلة يتذرع بها لإثبات هذه «الفرية» إلا محاولة خداع القارئ بذكر بعض ما ورد في كتب السنّة من أحاديث الناسخ والمنسوخ واختلاف القراءات.

وهذا لا مستمسك لهم به، ومسألة النسخ والقراءات مما وقع في عهد النبي صلى الله عليه وسلم وثبت عنه، والروافض أنفسهم يقرون بهذا؛ قال الطبرسي (1) في «مجمع البيان» :(ومنها ما يرتفع اللفظ ويثبت الحكم كآية الرجم)(2) .

والقارئ المسلم يعجب لهذا المسلك من بعض الروافض (3) فهم يزعمون أنهم ينكرون التحريف ويحاولون تبرئة مذهبهم من هذه "الدعوى"، ولكن أسلوبهم وطريقتهم في الدفاع توحي بأنهم يحاولون إثبات التحريف - سواء قصدوا ذلك أو لم يقصدوه - ذلك أنهم وهم يحاولون تبرئة مذهبهم من هذا القول؛ في الوقت نفسه يضللون القارئ بشبه وافتراءات يزعمون أنها أدلة من طريق السنّة توحي بالتحريف، وأنها تشاكل ما جاء في كتبهم، وهذا مسلك غريب وهو شاهد على عدم نقاوة أصحاب هذا الأسلوب من لوثة ذلك الاعتقاد.

(1) الفضل بن الحسن بن الفضل الطبرسي أبو علي، من علماء الإمامية، هو عندهم ثقة فاضل ديّن عين يلقبونه بـ "أمين الدين"، من مؤلفاته:«مجمع البيان في تفسير القرآن» ، توفي عام 548هـ. انظر:«أمل الآمل» : (2/216)، «الأعلام» :(5/352-353) .

(2)

«مجمع البيان» : (1/180) .

(3)

وممن سلك هذا المسلك: عبد الحسين الرشتي في كتابه «كشف الاشتباه» ، وقال في آخر ما ادعى نقله من طريق السنّة:(فعلى شهادة هذين العظيمين ـ أعني ابن مسعود وأبا الدرداء ـ يستحق هذا القرآن الذي بأيدينا الطبخ أو الحرق لاشتماله الزيادة والنقيصة..)«كشف الاشتباه» : ص 58. ومنهم الخنيزي في كتابه «الدعوة الإسلامية» ، ومحسن أمين في كتابه «الشيعة بين الحقائق والأوهام» ، وعبد الحسين شرف الدين الموسوي في كتابه «أجوبة مسائل جار الله» والأميني النجفي في كتابه «الغدير» وغيرهم.

ص: 90

2-

ومن أصول أهل السنّة:

أن الرسول صلى الله عليه وسلم قد بين الدين كله وأعلن ذلك بين المسلمين ولم يُسِر لأحد بشيء من الشريعة ويستكتمه إياه، قال تعالى:(لتبيننه للناس ولا تكتمونه..)(1) وقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنْزَلْنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُولَئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللَّهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللَّاعِنُونَ، إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا وَأَصْلَحُوا وَبَيَّنُوا

) (2) وقال: (وَمَا أَنْزَلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ إِلَّا لِتُبَيِّنَ لَهُمُ الَّذِي اخْتَلَفُوا فِيهِ

) (3) .

وقد أكمل الله سبحانه للأمة الدّين قال تعالى: (

الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا

) (4) ويقول سبحانه: (

وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ

) (5) .

ولم يخص النبي صلى الله عليه وسلم أحداً من الصحابة بعلم من الشريعة من دون الآخرين، قال تعالى: (

وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الذِّكْرَ لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ

) (6) .

(1) آل عمران: آية 187.

(2)

البقرة: الآيتان 159، 160.

(3)

النحل: آية 64.

(4)

المائدة: آية 3.

(5)

النحل: آية 89.

(6)

النحل: آية 44.

ص: 91

فالآية تدل على أن البيان للناس وليس لفرد أو طائفة منهم ولو كانوا أهل بيته رضي الله عنهم.

وقد جاء في البخاري عن أبي جحيفة (قال: «قلت لعلي: هل عندكم كتاب؟ قال: لا، إلا كتاب الله أو فهم أعطيه رجل مسلم أو ما في هذه الصحيفة، قال: قلت: وما في هذه الصحيفة؟ قال: العقل، وفكاك الأسير، ولا يقتل مسلم بكافر» (1) .

وتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد ترك أمته على البيضاء كما جاء عنه (: «تركتكم على مثل البيضاء ليلها كنهارها لا يزيغ عنها بعدي إلا هالك» (2) .

قال أبو الدرداء: «صدق الله ورسوله فقد تركنا على مثل البيضاء» (3) .

(1)«صحيح البخاري» كتاب العلم، باب كتابة العلم:(1/ 36)، وورد الحديث بلفظ آخر عن أبي جحيفة: قال: سألت عليّاً (: هل عندكم شيء مما ليس في القرآن؟ وقال ابن عيينة مرة: ما ليس عند الناس؟ فقال: «والذي فلق الحبة وبرأ النسمة ما عندنا إلا ما في القرآن، ألا فهماً يعطى رجل في كتابه وما في الصحيفة، قلت وما في الصحيفة؟ قال: العقل وفكاك الأسير وأن لا يقتل مسلم بكافر» «صحيح البخاري» كتاب الديات، باب لا يقتل المسلم بالكافر: (8/47) .

(2)

هذا جزء من حديث رواه ابن ماجه في «سننه» ، المقدمة، باب اتباع سنة الخلفاء الراشدين:(1/16)، وأحمد في «مسنده» :(4/126)، والحاكم في «مستدركه» :(1/96) ، وابن أبي عاصم في كتاب «السنة» ، باب ذكر قول النبي صلى الله عليه وسلم «تركتكم على مثل البيضاء

» : (1/26) . وروي عدة روايات في هذا المعنى صحح الألباني معظمها..

(3)

رواه ابن أبي عاصم في كتاب «السنة» : (1/26) .

ص: 92

قال أبو ذر رضي الله عنه: «لقد تركنا محمد صلى الله عليه وسلم وما يحرك طائر جناحيه في السماء إلا أذكرنا منه علماً» (1) .

وقال عمر رضي الله عنه: «قام فينا النبي صلى الله عليه وسلم مقاماً فأخبرنا عن بدء الخلق حتى دخل أهل الجنة منازلهم وأهل النار منازلهم، حفظ ذلك من حفظه ونسيه من نسيه» (2) .

يقول ابن حزم: (قد بلغ الرسول صلى الله عليه وسلم الدين كله وبيّن جميعه كما أمره الله تعالى)(3)، ويقول:(والدين قد تم فلا يزاد فيه ولا ينقص منه ولا يبدل)(4) ويقول: (ولا سر في الدين عند أحد)(5) ، وذكر أدلة ذلك من كتاب الله - وقد مضى ذكر بعضها -.

ويقول الشافعي: (فليست تنزل بأحد من أهل دين الله نازلة إلا وفي كتاب الله الدليل على سبيل الهدي فيها)(6) .

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: (فإن هذا الأصل - أي بيان الرسول صلى الله عليه وسلم للدين وأصوله وفروعه باطنه وظاهره علمه وعمله - هو أصل أصول العلم والإيمان، وكل من كان أعظم اعتصاماً بهذا الأصل كان أولى بالحق علماً وعملاً)(7) .

(1) روى هذا الأثر الإمام أحمد في «مسنده» : (5/153) .

(2)

«صحيح البخاري» ، كتاب بدء الخلق، باب ما جاء في قوله تعالى:(وهو الذي يبدء الخلق ثم يعيده وهو أهون عليه (: (4/73) .

(3)

«المحلى» : (1/26) .

(4)

المصدر السابق: (1/26) .

(5)

المصدر السابق: (1/15) .

(6)

«الرسالة» : ص 20.

(7)

«معارج الوصول إلى معرفة أن أصول الدين وفروعه قد بينها الرسول صلى الله عليه وسلم» : ص 2. وانظر «موافقة صحيح المنقول لصريح المعقول» : (1/13) .

ص: 93

وخالف في هذا الأصل العظيم والخطير "الرافضة" فيما ذهبوا إليه من القول (بإيداع الشريعة أو خزن العلم عند الأئمة) كما سيأتي شرح هذه النظرية عندهم، تلك التي غدت من أهم أسس مذهبهم وضروراته.

3-

ومن أصول أهل السنّة:

محبة أصحاب (1) رسول الله صلى الله عليه وسلم والترضي عنهم واعتقاد عدالتهم وترك الخوض فيما شجر بينهم.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية:

(ومن أصول أهل السنة والجماعة: سلامة قلوبهم وألسنتهم لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم كما وصفهم الله به في قوله تعالى: (وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ يَقُولُونَ رَبَّنَا اغْفِرْ لَنَا وَلِإِخْوَانِنَا الَّذِينَ سَبَقُونَا بِالْإِيمَانِ وَلَا تَجْعَلْ فِي قُلُوبِنَا غِلًّا لِلَّذِينَ آمَنُوا رَبَّنَا إِنَّكَ رَءُوفٌ رَحِيمٌ)(2) .

وطاعة النبي صلى الله عليه وسلم في قوله: «لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» (3) .

(1) قال ابن حجر في «الإصابة» في تعريف الصحابي: (أصح ما وقفت عليه من ذلك أن الصحابي: من لقي النبي صلى الله عليه وسلم مؤمناً به ومات على الإسلام.. - ثم قال - وهذا التعريف مبني على الأصل المختار عند المحققين كالبخاري وشيخه أحمد بن حنبل وغيرهما)«الإصابة» : (1/ص 6-7) .

(2)

الحشر: آية 10.

(3)

رواه البخاري في فضائل النبي صلى الله عليه وسلم باب قول النبي صلى الله عليه وسلم: «لو كنت متخذاً خليلاً» بدون لفظة: «والذي نفسي بيده» : (4/195) ، ومسلم في كتاب الفضائل، باب تحريم سب الصحابة (:(7/188) ، ورواه أبو داود في «السنة» باب النهي عن سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رقم (4658) ، والترمذي في «المناقب» باب فيمن سب أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم رقم (3860) .

ص: 94

ويقبلون ما جاء في الكتاب والسنّة من فضائلهم ومراتبهم..

ويشهدون بالجنة لمن شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة كالعشرة وكثابت بن قيس بن شماس وغيرهم من الصحابة.

ويقرون بما تواتر به النقل عن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه وعن غيره من أن خير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ويثلثون بعثمان ويربعون بعلي رضي الله عنه (1) .

ويؤمنون بأن الخليفة بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي) (2) .

وقال الإمام أحمد: (ومن انتقص أحداً من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم أو أبغضه.. أو ذكر مساوئه كان مبتدعاً حتى يترحم عليهم جميعاً ويكون قلبه لهم سليماً)(3) .

(1) كان بعض أهل السنّة قد اختلفوا في عثمان وعلي رضي الله عنهما بعد اتفاقهم على تقديم أبي بكر وعمر - أيهما أفضل؟ فقدم قوم عثمان وسكتوا أو ربعوا بعلي وقدم قوم علياً، وقوم توقفوا، لكن استقر أمر أهل السنّة على تقديم عثمان، وإن كانت المسألة - مسألة عثمان وعلي - ليست من الأصول التي يضلل المخالف فيها، لكن المسألة التي يضلل المخالف فيها هي (مسألة الخلافة)، ابن تيمية:«الفتاوى» : (3/153)، «فتح الباري» :(7/34) .

(2)

«الفتاوى» : (3/153) .

(3)

«كاشف الغمة في اعتقاد أهل السنّة» (مختصر السنة للإمام اللالكائي) باب سياق ما روي من المأثور عن السلف من جمل اعتقاد أهل السنّة والتمسك بها والوصية بحفظها قرناً بعد قرن: ص 22 (مخطوط) .

ص: 95

وقال أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري: (لقيت أكثر من ألف رجل من أهل العلم من أهل الحجاز، ومكة، والمدينة، والبصرة، والكوفة، وواسط، وبغداد، والشام ومصر، لقيتهم كَرَّات.. وكلهم متوافرون في ست وأربعين سنة، فما رأيت أحداً منهم يختلف في هذه الأشياء:"ومنها" ما رأيت فيهم أحداً يتناول أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم وكانوا ينهون عن البدع ويحبون ما عليه النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه

) (1) .

وقال أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم (2) : سألت أبي وأبا زرعة عن مذهب أهل السنّة في أصول الدين وما أدركا عليه العلماء في جميع الأمصار حجازاً وعراقاً وشاماً ويمناً فكان مذهبهم.. (وذكره في مسائل منها) : (وخير هذه الأمة بعد نبيها أبو بكر ثم عمر ثم عثمان ثم علي، وهم الخلفاء الراشدون المهديون ثم العشرة (هكذا والمراد بقية العشرة) الذين شهد لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة، والترحم على جميع أصحاب محمد والكف عما شجر بينهم..) (3) .

وقال أبو عبد الله محمد بن أبي زمنين (4) : (ومن قول أهل السنّة أن يعتقد المرء المحبة لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1) المصدر السابق: ص 22 - 23.

(2)

عبد الرحمن بن أبي حاتم محمد بن إدريس الرازي، الحافظ الثبت ابن الحافظ الثبت.. له الكتب النافعة ككتاب «الجرح والتعديل» و «التفسير الكبير» و «كتاب العلل» ، توفي سنة 327هـ، «لسان الميزان» :(3/332 - 333) .

(3)

«كاشف الغمة» : ص 23.

(4)

محمد بن عبد الله بن أبي زمنين أبو عبد الله الاليبري، فقيه مقدم.. له مصنفات متداولة مثل «كتاب الشروط على مذهب مالك» وغيره. توفي سنة 399هـ وكانت ولادته سنة 324هـ. «بغية الملتمس» : ص 86، «معجم المؤلفين» :(10/229) .

ص: 96

وأن ينشر محاسنهم وفضائلهم ويمسك عن الخوض فيما دار بينهم) (1) .

ونصوص أئمة السنّة في هذا الباب كثيرة (2) .

وقد ذهب أهل السنّة لهذا المذهب استجابة لأمر الله ورسوله، فقد شهدت نصوص الكتاب على عدالتهم والرضاء عن جملتهم وتواترت السنّة على الثناء على مجموعهم، كما شهدت لكثير من آحادهم - على وجه التخصيص - بالعدالة والفضل.

قال تعالى: (والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار والذين اتبعوهم بإحسان رضي الله عنهم ورضوا عنه وأعدَّ لهم جنات تجري تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً ذلك الفوز العظيم ((3) .

وقال سبحانه: (لَقَدْ تَابَ اللَّهُ عَلَى النَّبِيِّ وَالْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ الَّذِينَ اتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ الْعُسْرَةِ مِنْ بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَحِيمٌ ((4) .

وقال عز وجل: (مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَالَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَمَاءُ بَيْنَهُمْ تَرَاهُمْ رُكَّعًا سُجَّدًا يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَرِضْوَانًا سِيمَاهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذَلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَمَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ فَآزَرَهُ فَاسْتَغْلَظَ فَاسْتَوَى عَلَى سُوقِهِ يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ

(1)«المصدر السابق» : ص 31 (مخطوط) .

(2)

انظر أيضاً في بيان معتقد أهل السنة في الصحابة: «شرح الطحاوية» : ص 528، «عقيدة السلف» لأبي عثمان إسماعيل الصابوني: ص 283، ضمن مجموع، «المعتقد» لأبي يعلى: ص 260، 261، «لمعة الاعتقاد» لابن قدامة: ص 29، «المواقف للايجي» : ص 413، «غاية المرام» للآمدي: ص 390

إلخ.

(3)

التوبة: آية 100.

(4)

التوبة: آية 117.

ص: 97

لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ مِنْهُمْ مَغْفِرَةً وَأَجْرًا عَظِيمًا) (1) .

وقال جل شأنه: (لَقَدْ رَضِيَ اللَّهُ عَنِ الْمُؤْمِنِينَ إِذْ يُبَايِعُونَكَ تَحْتَ الشَّجَرَةِ فَعَلِمَ مَا فِي قُلُوبِهِمْ فَأَنْزَلَ السَّكِينَةَ عَلَيْهِمْ وَأَثَابَهُمْ فَتْحًا قَرِيبًا)(2) .

ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية: (والذين بايعوا تحت الشجرة بالحديبية عند جبل التنعيم (3) كانوا أكثر من ألف وأربعمائة، بايعوه لما صده المشركون عن العمرة.. وقد أخبر سبحانه أنه رضي عنهم وأنه علم ما في قلوبهم، وأنه أثابهم فتحاً قريباً) (4) .

وقال تعالى: (

لَا يَسْتَوِي مِنْكُمْ مَنْ أَنْفَقَ مِنْ قَبْلِ الْفَتْحِ وَقَاتَلَ أُولَئِكَ أَعْظَمُ دَرَجَةً مِنَ الَّذِينَ أَنْفَقُوا مِنْ بَعْدُ وَقَاتَلُوا وَكُلًّا وَعَدَ اللَّهُ الْحُسْنَى) (5) وقد حكم الله سبحانه لمن وعد بالحسنى بقوله: (إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُولَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ، لَا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ، لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنْتُمْ تُوعَدُونَ ((6) إلى غير ذلك من الآيات.

(1) الفتح: آية 29.

(2)

الفتح: آية 18.

(3)

"التنعيم": (على ثلاثة أميال أو أربعة من مكة المشرفة)، سمي به لأن على يمينه جبل نعيم كزبير وعلى يساره جبل ناعم والوادي اسمه نعمان بالفتح. «تاج العروس» مادة:"نعم"، وانظر:«معجم البلدان» لفظ «التنعيم» .

(4)

«منهاج السنة» : (2/15 - 16) تحقيق د. رشاد سالم.

(5)

الحديد: آية 10.

(6)

الأنبياء: الآيات 101، 102، 103.

ص: 98

قال ابن حزم: (فجاء النص أن من صحب النبي صلى الله عليه وسلم فقد وعده الله تعالى الحسنى) وقد قال الله تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لَا يُخْلِفُ الْمِيعَادَ) ، وصح بالنص كل من سبقت له من الله تعالى الحسنى فإنه مبعد عن النار لا يسمع حسيسها وهو فيما اشتهى خالد لا يحزنه الفزع الأكبر.. وليس المنافقون ولا سائر الكفار من أصحابه ((1) .

وأما الأحاديث من طريق السنّة فهي كثيرة (2) ومن ذلك:

عن عمران بن حصين رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «خير الناس قرني ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم» قال عمران: فلا أدري أذكر بعد قرنه قرنين أو ثلاثة (3) .

وقال (: «النجوم أمنة (4) السماء فإذا ذهبت النجوم أتى السماء ما توعد، وأنا أمنة لأصحابي فإذا ذهبت أتى أصحابي ما يوعدون، وأصحابي أمنة لأمتي فإذا ذهب أصحابي أتى أمتي ما يوعدون» (5) .

وقد مضى قوله (: «لا تسبوا أصحابي فلو

(1)«المحلى» : (1/42) .

(2)

للتوسع في الموضوع راجع «جامع الأصول» جـ 8 الباب الرابع في فضائل الصحابة ومناقبهم، وفيه خمسة فصول: ص 547 وما بعدها.

(3)

رواه البخاري: (3/151) في كتاب الشهادات باب لا يشهد على شهادة جور إذا شهد، ومسلم:(7/184) ، في فضائل الصحابة، باب فضل الصحابة ثم الذين يلونهم ثم الذين يلونهم.

(4)

الأمنة جمع أمين وهو الحافظ. انظر: «جامع الأصول» : (8/555) .

(5)

رواه مسلم في فضائل الصحابة باب بيان أن بقاء النبي صلى الله عليه وسلم أمان لأصحابه وبقاء أصحابه أمان للأمة: (7/183) .

ص: 99

أن أحدكم أنفق مثل أُحد ذهباً ما بلغ مد أحدهم ولا نصيفه» .

وعن أبي هريرة (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان على حراء، هو وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي وطلحة والزبير فتحركت الصخرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «اهدأ، فما عليك إلا نبي أو صديق أو شهيد» (1) وقال (: «لا يدخل النار - إن شاء الله - من أصحاب الشجرة أحد الذين بايعوا تحتها..» (2) .

والأحاديث في هذا الباب كثيرة في عموم الصحابة وفي كثير من آحادهم ولا مجال للاسترسال في هذا، وشاهدنا هنا أن كتب السنّة مليئة بالثناء على الصحب وبيان فضلهم عن سيد الخلق (. وأئمة السنّة ترسموا سنّة رسول الله صلى الله عليه وسلم في هذا وانعقد إجماعهم على محبتهم والترضي عنهم واعتقاد عدالتهم (3) .

ونقول - مع الخطيب البغدادي (4) رحمه الله على أنه لو لم يرد من الله عز وجل فيهم شيء مما ذكرناه، لأوجبت الحال التي كانوا

(1) رواه مسلم في فضائل الصحابة باب من فضائل طلحة والزبير: (7/128) .

(2)

رواه مسلم في فضائل الصحابة باب من فضائل أصحاب الشجرة أهل بيعة الرضوان (: (7/169) .

(3)

وقد نقل أئمة السنة الإجماع - ممن يعتد به - على عدالة الصحابة كابن عبد البر «الاستيعاب» : (1/19) وابن الصلاح. انظر مقدمة ابن الصلاح: ص 147، والنووي انظر:«تدريب الراوي شرح تقريب النواوي» : ص 214.

وليس المراد بعدالتهم ثبوت العصمة لهم واستحالة المعصية منهم، وإنما المراد قبول رواياتهم من غير تكلف في بحث أسباب العدالة وطلب التزكية.. «فتح المغيث» :(3/106) .

(4)

أحمد بن علي بن ثابت بن أحمد.. المعروف بالخطيب البغدادي (أبو بكر) توفي =

ص: 100