المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌مسند عقبة بن عامر الجهنى رضي الله عنه - مسند أبي يعلى - ت السناري - جـ ٣

[أبو يعلى الموصلي]

فهرس الكتاب

- ‌مسند جندب بن عبد الله البجلى رضي الله عنه

- ‌مسند ثابت بن الضحاك رضي الله عنه

- ‌مسند حمزة الأسلمى رضي الله عنه

- ‌مسند يزيد بن ركانة رضي الله عنه

- ‌مسند الجارود رضي الله عنه

- ‌مسند عبد الله بن الحارث بن جزء الزبيدي رضي الله عنه

- ‌مسند هبيب بن مغفل رضي الله عنه

- ‌مسند أبى شهم رضي الله عنه

- ‌مسند رافع بن مكيث رضي الله عنه

- ‌مسند رباح بن ربيع رضي الله عنه

- ‌مسند عفيف الكندى رضي الله عنه

- ‌مسند قتادة بن النعمان رضي الله عنه

- ‌مسند معن بن يزيد رضي الله عنه

- ‌مسند أحمر رضي الله عنه

- ‌مسند هشام بن عامر

- ‌مسند أبى جمعة رضي الله عنه

- ‌مسند عبد الله بن سرجس رضي الله عنه

- ‌مسند عمرو بن مرة رضي الله عنه

- ‌مسند مخول رضي الله عنه

- ‌مسند عم أبى حرة الرقاشي رضي الله عنه

- ‌مسند الحارث الأشعري رضي الله عنه

- ‌مسند أبى هبيرة الأنصارى رضي الله عنه

- ‌مسند سعد مولى أبى بكر رضي الله عنه

- ‌مسند عبيد مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم

- ‌مسند أبى مالك الأشعرى رضي الله عنه

- ‌مسند العباس بن مرادس السلمى رضي الله عنه

- ‌مسند الحكم بن ميناء رضي الله عنه

- ‌مسند عمير بن سعد رضي الله عنه

- ‌مسند الحارث بن وقيش رضي الله عنه

- ‌مسند حابس بن ربيعة رضي الله عنه

- ‌مسند الفلتان بن عاصم رضي الله عنه

- ‌مسند معن بن نضلة رضي الله عنه

- ‌مسند وابصة بن معبد رضي الله عنه

- ‌مسند سفينة: [رجاء]رضي الله عنه

- ‌مسند رجل رضي الله عنه

- ‌مسند رجل عن أبيه رضي الله عنه

- ‌مسند فروة بن نوفل الأشجعى رضي الله عنه

- ‌مسند رسول قيصر

- ‌مسند عروة بن مسعود رضي الله عنه

- ‌مسند عبد الله بن الشخير رضي الله عنه

- ‌مسند أبى الجعد رضي الله عنه

- ‌مسند رجل

- ‌مسند عمار بن ياسر رضي الله عنه

- ‌مسند البراء بن عازب رضي الله عنه

- ‌مسند عقبة بن عامر الجهنى رضي الله عنه

- ‌مسند جابر بن عبد الله - رضى الله عنه

الفصل: ‌مسند عقبة بن عامر الجهنى رضي الله عنه

‌مسند عقبة بن عامر الجهنى رضي الله عنه

- (*)

1734 -

حدّثنا أبو بكر بن أبى شيبة، حدّثنا أبو أسامة، حدّثنا سفيان، عن معاوية بن صالح، عن عبد الرحمن بن جبير بن نفيرٍ، عن أبيه، عن عقبة بن عامرٍ، أنه سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن المعوذتين، قال عقبة: فَأمَّنَا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهما في صلاة الفجر، ثم دعانى فذكرت حديثه فيهما.

(*) هو: الصحابى الجليل، والأمير المقدام، الفاضل الكامل الشريف الأصل والمحتد. كان من نبلاء الصحابة وخيارهم، وكان ممن باشر فتوح الشام في عهد عمر، رضى الله عنه، وله أخبار ومناقب، رضى الله عنه.

1734 -

صحيح: أخرجه النسائي [952]، وابن خزيمة [536]، وابن حبان [1818]، والحاكم [1/ 366]، وابن أبى شيبة [30210]، والبيهقى في "سننه"[3855]، والدقاق في "مجلسه"[رقم 287]، وابن بشران في "الأمالى"[رقم 286]، وابن الأعرابى في "معجمه"[رقم 795]، وأبو زرعة الدمشقى في "تاريخه"[ص 64]، وغيرهم، من طريق الثورى عن معاوية بن صالح عن عبد الرحمن بن جبير عن أبيه عن عقبة بن عامر به

وعند بعضهم بنحوه، وزاد ابن أبى شيبة: (

قال: نعم إن شئت سورتان مباركتان طيبتان

).

قلتُ: هذا إسناد قوى مستقيم. قال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، وقد تفرد به أبو أسامة عن الثورى، وأبو أسامة ثقة معتمد".

قلتُ: أولًا: الحديث على شرط مسلم وحده.

وثانيًا: إن أبا أسامة لم ينفرد به عن الثورى، بل تابعه زيد بن أبى الزرقاء عند ابن حبان وابن خزيمة. لكن الإسناد معلول، قال ابن خزيمة: "أصحابنا يقولون: الثورى أخطأ في هذا الحديث، وأنا أقول: غير مستنكر لسفيان أن يروى هذا عن معاوية وعن غيرهم

".

قلتُ: وبيان هذا: أن سفيان قد خولف في الإسناد الماضى، خالفه عبد الرحمن بن مهدى وزيد بن الحباب وابن وهب وعبد الله بن صالح وغيرهم، كلهم رووه عن معاوية بن صالح فقالوا: عن العلاء بن الحارث عن القاسم بن معاوية عن عقبة بن عامر به نحوه بلفظ أتم.

هكذا أخرجه الحاكم [1/ 366]، وأبو داود [1462]، والنسائى [5436]، وأحمد [4/ 149]، وجماعة، فرأى بعض أصحاب ابن خزيمة: أن هذا الوجه هو المحفوظ، =

ص: 231

1735 -

حدّثنا زهير بن حربٍ، حدّثنا جريرٌ، عن محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبى حبيبٍ، عن مرثد بن عبد الله، عن عقبة بن عامرٍ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "اقْرَأْ بِهَاتَيْنِ الآيَتَيْنِ مِنْ آخِرِ سُورَةِ الْبَقَرَةِ، إِنى أُعطِيتُهُمَا مِنْ تَحْتِ الْعَرْشِ".

= وأن الثورى قد أخطأ في الرواية الأولى، وبهذا جزم أحمد بن صالح، فقال عن طريق الثورى: (ليس هذا من حديث معاوية عن عبد الرحمن بن جبير، إنما روى هذا معاوية بن صالح عن العلاء بن الحارث عن القاسم عن عقبة، هكذا نقله عنه أبو زرعة الشامى في "تاريخه"[ص 64]، ورأيت أبا زرعة الرازى قد جزم بذلك كما في "علل ابن أبى حاتم"[رقم 1667]، وذهب آخرون: إلى أن الحديث محفوظ عن معاوية بن صالح من الوجهين معًا، وهذا ما أشار إليه ابن خزيمة واختاره كما مضى، وبه جزم أبو زرعة الدمشقى في "تاريخه" وقال: "وهاتان الروايتان عندى صحيحتان، لهما جميعًا أصل بالشام عن جبير بن نفير عن عقبة، وعن القاسم بن عقبة

" وهذا هو الذي صححه أبو حاضم الرازى كما في "العلل" [رقم 1667]، وأقام البرهان عليه أحسن ما يكون، كل ذلك بعد أن جزم بتخطئة الثورى في الوجه الأول.

قلتُ: والصواب ما قاله هؤلاء. وأزيد عليهم بكون الثورى لم ينفرد به على الوجه الأول؛ بل تابعه بحير بن سعد الشامى عند الطبراني في "الكبير"[17/ 931]، من طريقين عن أبى أسامة عن بحير بن سعد به ..

وقد توبع عليه عبد الرحمن بن جبير بن نفير أيضًا. وما أشبه الحديث بما قاله أبو زرعة الدمشقى كما مضى آنفًا. وفى الباب طرق أخرى عن عقبة بألفاظ مختلفة.

1735 -

حسن: أخرجه أحمد [4/ 147]، والطبرانى في "الكبير"[17/ رقم 780]، وأبو جعفر بن أبى شببة في "العرش"[رقم 63]، وابن نصر المروزى في "مختصر قيام الليل"[رقم 177]، والرويانى في "مسنده"[رقم 169]، وغيرهم، من طريق محمد بن إسحاق بن يسار عن يزيد بن أبى حبيب بن مرثد بن عبد الله اليزنى عن عقبة بن عامر به ....

قلتُ: قال الذهبى في "العلو "[ص 108/ رقم 275]: "إسناده صالح".

قلتُ: صلاح إسناده متوقف على تصريح ابن إسحاق بالسماع، والرجل لم يفعل، لكنه توبع عليه: تابعه ابن لهيعة عليه بنحوه عند أحمد [4/ 158]، والطبرانى في "الكبير"[17/ رقم 779]، والفريابى في "فضائل القرآن"[رقم 47]، وأبو عبيد في "الفضائل"[رقم 348]، وغيرهم. =

ص: 232

1736 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا الوليد بن مسلمٍ، حدّثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابرٍ، عن القاسم بن عبد الرحمن، عن عقبة بن عامرٍ، قال: بينا أنا أقود برسول الله صلى الله عليه وسلم في نقبٍ من تلك النقاب، قال:"يَا عُقْبُ، أَلا تَرْكَبُ؟ " فأجللت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أركب مركبه، ثم قال:"يَا عُقب، أَلا تَرْكَبُ؟ " فأشفقت أن تكون معصيةً، فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم وركبت هنيهةً، ثمْ ركب، ثم قال:"يَا عُقْبُ، أَلا أُعَلِّمُكَ سُورَتَيْنِ مِنْ خَيْرِ السُّورَتَيْنِ قَرَأَ بِهِمَا النَّاسُ؟ " قلت: بلى يا رسول الله، قال: فأقرأنى: {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ (1)} [الفلق]، و {قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ النَّاسِ (1)} [الناس]، ثم أقيمت الصلاة، فتقدم رسول الله، فقرأ بهما ثم مر بى، قال:"كَيْفَ رَأَيْتَ يَا عُقْبُ؟ اقْرَأْ بِهِمَا كُلَّمَا نِمْتَ وَقُمْتَ".

= وللحديث شاهد عن أبى ذر مرفوعًا نحوه عند أحمد [5/ 151]، وغيره. واختلف في سنده على ألوان، والحديث حسن عندى.

1736 -

جيد: أخرجه النسائي [5437]، وأحمد [4/ 144]، وابن خزيمة [534]، وابن سمعون في "أماليه"[رقم 233/ دار البشائر]، وابن شبة في "تاريخ المدينة"[3/ 1012]، والطبرانى في "مسند الشاميين"[1/ رقم 596]، وابن عساكر في "تاريخه"[36/ 49]، والنسائى أيضًا في "الكبرى"[7844]، والطحاوى في "المشكل"[رقم 104، 105]، وجماعة، من طرق عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر عن القاسم أبى عبد الرحمن عن عقبة بن عامر به .. مطولًا مثل سياق المؤلف، وعند بعضهم مختصرًا بشطره الأخير.

قلتُ: وهذا إسناد جيد. والقاسم مختلف فيه، لكنه متماسك؛ وإنما وقعت بعض المناكير في حديثه من قبل بعض الضعفاء عنه أمثال على بن يزيد الألهانى وغيره، أما ما رواه عنه الثقات فهو مستقيم لا بأس به.

والحديث أخرجه أيضًا: الرويانى في "مسنده"[رقم 272]، وابن الضريس في "الفضائل"[برقم 279]، نحو شطره الأخير.

وللحديث طرق أخرى عن القاسم لكن دون هذا السياق جميعًا، وكذا له طرق أخرى عن عقبة بنحوه لكن ليس فيها:(اقرأ بهما كلما نمتَ وقمتَ .. ) وهو بتلك الزيادة جيد صالح كما مضى.

ص: 233

1737 -

حدّثنا زهيرٌ، حدّثنا معن بن عيسى، حدّثنا معاوية بن صالحٍ، عن بحير بن سعد، عن خالد بن معدان، عن كثير بن مرة، عن عقبة بن عامرٍ، قالَ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"المُسِرُّ بِالْقُرْآنِ كَالمسِرِّ بِالصَّدَقَةِ، وَالجاهِرُ بِالْقُرْآنِ كَالجاهِرِ بِالصَّدَقة".

1738 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا عبد الله بن يزيد، حدّثنا موسى بن أيوب القارى، قال: حدثنى عمى إياس بن عامرٍ، عن عقبة بن عامرٍ، قال: لما نزلت: {فَسَبِّحْ بِاسْمِ رَبِّكَ الْعَظِيمِ (96)} [الواقعة: 96]، قال لنا رسول الله صلى الله عليه وسلم:"اجْعَلُوهَا فِي رُكوعكُمْ" فلما نزلت: {سَبِّحِ اسْمَ رَبِّكَ الْأَعْلَى (1)} [الأعلى: 1]، قال:"اجْعَلُوهَا فِي سُجُودِكمْ".

1737 - صحيح: أخر جه البخارى في "خلق أفعال العباد"[رقم 400]، وأبو داود [1333] ، والترمذى [2919]، والنسائى [2561]، وأحمد [4/ 151]، وابن حبان [734]، والحاكم [1/ 741]، والطبرانى في "الكبير"[17/ 923]، وفى "الأوسط"[3/ رقم 3235]، والبيهقى في "سننه"[4488]، وفى "الشعب"[2/ 2131]، وابن عرفة في "جزئه"[84]، ومن طريقه ابن عساكر في "المعجم"[رقم 486]، وابن العديم في "بغية الطلب"[1/ 229]، وابن نصر في "مختصر قيام الليل"[رقم 141]، وابن بشران في "الجزء الثاني من فوائده"[رقم 56/ ضمن مجموع أجزاء حديثية]، وجماعة، من طريقين عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن كثير بن مرة عن عقبة بن عامر به

قلتُ: وهذا إسناد سليم متين. وقد توبع عليه خالد بن معدان: تابعه يزيد بن أبى حبيب عند الرويانى في "مسنده"[266]. لكن يرويه عن يزيد: أبو عبد الرحمن بن لهيعة؟! وحسبك به، والحديث حسنه الحافظ في "نتائج الأفكار"[2/ 17]، وقال المعلق عليه بالهامش:"رواه الحافظ الذهبى في "معجم الشيوخ" وقال: قوى الإسناد متصل

".

وقد وجدتُ للحديث متابعات عن كثير بن مرة وعن خالد بن معدان أيضًا. وله شواهد عن بعض الصحابة.

1738 -

حسن: أخرجه أبو داود [869]، وابن ماجه [887]، وأحمد [4/ 155]، والدارمى [1305]، وابن خزيمة [600]، والحاكم [1/ 347]، والطبرانى في "الكبير"[17/ 891]، والبيهقى في "سننه"[2388]، وفى "المعرفة"[850]، والطحاوى في "شرح المعانى" =

ص: 234

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= [1/ 235]، وابن عبد البر في "التمهيد"[16/ 119]، والمزى في "التهذيب"[3/ 405]، وابن المنذرى في "الأوسط"[رقم 1361]، والآجرى في "الشريعة"[رقم 673]، والرويانى في "مسنده"[رقم 263]، والفسوى في "المعرفة"[2/ 502]، وجماعة، من طرق عن موسى بن أيوب الغافقى عن عمه إياس بن عامر عن عقبة بن عامر به

وقد زاد أبو داود فيه زيادة يأتى الكلام عنها في نهاية الحكم عليه.

قلتُ: هذا إسناد كنتُ أضعِّفه قديمًا، ومضيتُ على ذلك برهة من الزمان، حتى ظهر لى أنه حسن صالح لا بأس به، بل ربما يكون أعلى من ذلك، والذين ضعفوه إنما أعلوه بعلتين، نذكرهما ونجيب عليهما باختصار، فنقول:

أما الأولى: فإنهم قالوا: في سنده إياس بن عامر وهو شيخ مستور، لم يرو عنه سوى ابن أخيه موسى بن أيوب وحده، ولم يوثقه سوى ابن حبان والعجلى وهما متساهلان، وقال الذهبى عنه مرة:"ليس بالقوى" ومرة قال: "إياس ليس بالمعروف" وعلق الإمام في "الإرواء"[2/ 41]، على مقولة الذهبى الثانية فقال: "قلتُ: وهو الذي يقتضيه علم المصطلح، أنه غير معروف

".

والثانية: أن موسى بن أيوب الغافقى وإن وثقه أبو داود وابن معين وغيرهما، إلا أن ابن معين قال عنه في رواية:"ينكر عليه ما روى عنه مما رفعه .. "

وهذا خلاصة ما أعلوا به هذا الإسناد الماضى. والرد عليهم من وجهين:

أما الأول: فإياس بن عامر ليس مستورًا كما قلتم، بل الرجل إن لم يكن ثقة فلا ينزل عن رتبة الصدوق أصلًا، فقد وثقه ابن حبان والعجلى وصحَّح له الحاكم وابن خزيمة وابن حبان أيضًا.

واعتمد الحافظ ذلك في "التقريب" فقال: "صدوق" فإن لم يعجبكم هذا كله، فخذوا توثيقه صريحًا للغاية: قال ابن حبان في "صحيحه"[5/ 225/ عقب رقم 1898]: "إياس بن عامر من ثقات المصريين" وهذا توثيق عزيز مقبول منه على التحقيق، فإن قيل: قد عرف الخاصة والعامة تساهل ابن حبان العجيب.

قلتُ: ليس ذلك على الإطلاق، بل لتوثيقه مراتب ودرجات، فليس ذكره لراوٍ ما في "ثقاته" يضارع قوله عن الراوى "ثقة" أو "مستقيم الحديث" ونحو ذلك.

فالثانى: يوحى بكونه قد وقف على مروياته، وسبر أحاديثه حتى ظهر له من كل هذا أنه (ثقة)، بخلاف ذكره المجرد له في "الثقات"، لأنه في الغالب يكون على قاعدته التى ذكرها في مقدمة =

ص: 235

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= "الثقات"[1/ 13]، قائلًا: "العدل من لم يُعرف منه الجرح، ضد التعديل، فمن لم يُعلم بجرح فهو عدل إذا لم يبين ضده .. ، إذا لم يكلف الناس من الناس معرفة ما غاب عنهم

".

ولذلك كان ابن حبان في مواضع يذكر الراوى قائلًا: "لستُ أعرفه ولا أدرى من أبوه" راجع "تمام المنة"[ص 22، 23، 24]، وقد ذكر نحو هذا عن ابن حبان: المحدث أبو إسحاق الحوينى في كتابه "النافلة"[رقم 122]، ثم قال في نهاية كلامه - وهو بمعنى ما سبق:"فحاصل البحث: أن مجرد ذكر ابن حبان للرواى في "الثقات" لا يساوى أنه قال فيه: "ثقة" نصًا، وهذا التفريق لم أر أحدًا نبَّه عليه

).

قلتُ: وهو كما قال الشيخ - سدَّده الله - لكن قوله: "وهذا التفريق لم أر أحدًا

" فيه نظر، بل نبَّه على معنى هذا التفريق العلامة المعلمى اليمانى في "التنكيل" [2/ 125]، في ترجمة (ابن حبان)، فكأنَّ المحدث الحوينى قرأه منه، ثم نسى وقال ما قال، وإلا فلا أعلم أحدًا سبق العلامة المعلمى اليمانى إلى معنى هذا التفريق، وقد زدنا ذلك التفريق وضوحًا في كتابنا "المحارب الكفيل بتقويم أسنة التنكيل".

فإن لم يقتنع المخاصم بتوثيق ابن حبان الصريح لإياس بن عامر، نقول له: لا عليك، فدعك منه كما تحب، وخذ توثيقًا آخرًا لإياس بن عامر من حافظ ثقة مأمون إلى الشدة هو أقرب منه إلى التساهل، أعنى أبا يوسف يعقوب بن سفيان الفسوى الفارسى الدم، فقد ذكر "إياس بن عامر" في جملة ثقات التابعين من أهل مصر في كتابه "المعرفة والتاريخ"[9/ 502]، فقال: "ومنهم إياس بن عامر الغافقى

" ثم أخرج له هذا الحديث. ويكفى هذا ولا مزيد.

أما قول الذهبى "إياس ليس بالمعروف" فمردود بكون ابن حبان عرفه ووثقه نصًا، ومثله الفسوى كما مضى. وأما قوله الآخر:"ليس بالقوى" فمردود عليه، وليس للمتأخر أن يضعِّف من الأوائل ما ليس له فيه سلف، كما ليس له أن يوثق ما لم يسبقه أحد إلى توثيقه، ما لم يقم بالبرهان على ذلك التوثيق أو التضعيف، وأين الآخر من (إياس بن عامر)؟! ومن غمزه فضلًا عن أن يضعفه؟!

ولو صح أن للذهبى سلفًا في تليينه هذا المصرى الثقة، فهو معارض بتوثيق مَنْ وثَّقه، فلا بد آنذاك من الجمع بين أقوالهم بما يقتضيه قانون الجرح والتعديل. وأرى أن الحافظ قد صنع ذلك بقوله عن إياس:"صدوق" وهذا مع التنزُّل كافٍ في قبول حديث الرجل، وتأمل!. =

ص: 236

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وأما العلة الثانية: فنقول: موسى بن أيوب الغافقى: قد وثقه أبو داود وابن معين في رواية عنه، وابن حبان والعجلى أيضًا، بل ووثقه عبد الله بن يزيد المقرئ كما حكاه عنه الفسوى في "المعرفة"[2/ 457]، وقال الذهبى في "الكاشف":"ثقة فقيه" وهذا كله يرفع شأن موسى في الحفظ والضبط. لكن أخرج العقيلى في "الضعفاء"[4/ 154]، قال: "حدثنا محمد بن عثمان قال: سمعت يحيى سئل عن موسى بن أيوب الغافقى فقال: ينكر عليه ما روى عن عمه - يعنى إياس بن عامر - مما رفعه

" والرد عليه من وجوه:

الأول: أن المعلق على "تهذيب الكمال"[29/ 33]، قد طعن في تلك الرواية من أصلها، فقال:"محمد بن عثمان متهم، ولا يحتج بهذا القول إذا لم يتابعه عليه أحد".

قلتُ: محمد بن عثمان هو أبو جعفر بن أبى شيبة حافظ مشهور، تكلموا فيه. حتى روى تكذيبه عن بعضهم، والتحقيق بشأنه: أنه حافظ صدوق لا بأس به. وتلك الطعون فيه مبهمة إن صح أكثرها، وقد وثقه جماعة. وتمام الذبِّ عنه تجده في "التنكيل"[2/ 153، 154]، وفى حاشيتنا عليه:"المحارب الكفيل"، وإنما ذكرته هنا لأنصفه.

والثانى: أن تلك المقولة الماضية عن يحيى بن معين جاء نحوها عن ابن المدينى من رواية محمد بن عثمان أيضًا، فيبدو لى أن (على) قد تصحف عند العقيلى إلى (يحيى) أو لعله وهْم من الناسخ أو غيره، فقد قال محمد بن عثمان بن أبى شيبة في "سؤالاته لابن المدينى" [ص 160]: "وسألتُ عليّا عن موسى بن أيوب الغافقى فقال: كان ثقة، وأنا أنكر من أحاديثه أحاديث رواها عن عمه فكان يرفعها

".

قلتُ: أما توثيقه لموسى فتلك فائدة أخرى تحسب مع أخواتها في رصيد موسى بن أيوب، فهو ثقة عند ابن المدينى، لكنه كان ينكر عليه بعضًا من أحاديثه كان موسى يهم في رفعها، وماذا في هذا من الجرح؟!

غاية ما في الأمر أن موسى ثقة ربما أخطأ، وحديثه عن عمه مقبول أبدًا ما لم يظهر لنا بالبرهان والقرائن خطؤه فيه. وعبارة ابن المدينى الماضية تكاد أن تكون نفسها تلك العبارة التى نقلها العقيلى في "الضعفاء" من طريق محمد بن عثمان ونسبها ليحيى بن معين، وقد تصرف الحافظ فيها عندما نقلها في "التهذيب"[10/ 336]، فقال:"وذكره العقيلى في "الضعفاء"، ونقل عن يحيى بن معين أنه قال فيه: "منكر الحديث" وهذا تصرف سيئ كان الحافظ ينقمه على الذهبى في مواضع من "اللسان". =

ص: 237

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وفرق كبير بين (منكر الحديث) وبين ما نقله العقيلى عن ابن معين - إن صح عنه - وغلبة الظن أنه ابن المدينى، والخطأ فيه من الناسخ في "الضعفاء" لمن تأمل.

ولو صحَّ ذلك عن ابن معين. فلعله يريد به مطلق التفرد كما كان يطلقه شيخه يحيى القطان وصاحبه أحمد أحيانًا: لكن نقل الحافظ في "تهذيبه" عن الساجى أنه قال تلك المقولة أيضًا في (موسى بن أيوب) فلا بأس من اعتبارها.

فنقول: الجمع بين كلام النقاد هنا يقتضى أن يكون موسى ليس بالثقة الثبت، ولا بالشيخ الضعيف بل هو بين صدوق وسط، صالح لا بأس به. ونحو ذلك أما أن نهجره بمرة بقول الساجى فيه، ونترك توثيق أبى داود وابن معين وابن المدينى وعبد الله بن يزيد المقرئ وابن حبان والعجلى والذهبى وهؤلاء، فليس هذا تصرف من شمَّ قوانين هذا العلم ولا مرة في حياته، والمقام يحتاج الإطالة، ويكفى ما ذكرناه. وقد بسطنا الكلام على هذا الحديث في "غرس الأشجار"، واللَّه المستعان.

• تنبيه: روى أبو داود هذا الحديث كما مضى [رقم 869]، ثم روى عقبه من طريق الليث بن سعد عن أيوب بن موسى أو موسى بن أيوب، عن رجل من قومه، عن عقبة بن عامر بمعناه، وزاد:(قال: فكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا ركع قال: سبحان ربى العظيم وجمده ثلاثًا، وإذا سجد قال: سبحان ربى الأعلى وبحمده ثلاثًا .. ) وهكذا أخرجه البيهقى من طريق أبى داود [2388]، ومثله عند الطبراني في "الكبير"[17/ رقم 890] من طريق آخر عن الليث، به

نحوه بتلك الزيادة. لكنه لم يذكر شك الليث في اسم شيخه، قال أبو داود عقب روايته:"وهذه الزيادة نخاف أن لا تكون محفوظة".

قلتُ: إن كان الليث حفظه؛ فالإسناد حسن كما مضى شرحه. وقوله: (عن رجل من قومه) ليس بعلَّة؛ لأن ذلك الرجل هو (إياس بن عامر) كما بينته الروايات الأخرى عن موسى بن أيوب عن إياس بن عامر

ولعل ارتياب أبى داود في تلك الزيادة، مردُّه إلى أن الليث لم يضبط سنده كما مضى؛ فخشى أبو داود أن لا يكون قد ضبط متنه أيضًا، فدخل له حديث في حديث؛ لأن ابن المبارك وعبد الله بن يزيد المقرئ ويحيى بن يعلى وابن وهب وابن لهيعة وغيرهم قد رووا هذا الحديث عن موسى بن أيوب بإسناده به .. فلم يذكروا فيه تلك الزيادة، فأشبه أن لا تكون محفوظة من رواية موسى، وقد وردت تلك الزيادة في أحاديث أخر لا تسلم أسانيدها من مقال، لكن أصلها =

ص: 238

1739 -

حدّثنا زهيرٌ، حدّثنا عبد الله بن يزيد، حدّثنا حيوة، أخبرنى بكر بن عمرٍو، أن شعيب بن زرعة حدثه، قال: حدثنى عقبة بن عامرٍ، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول لأصحابه:"لا تُخِيفوا أَنْفسَكمْ" أو قال: "الأَنْفُسَ"، قيل: يا رسول الله، وبم نخيف أنفسنا؟ قال:"بِالدَّيْنِ".

1740 -

حدّثنا زهيرٌ، حدّثنا عبد الله بن يزيد، حدّثنا قباث بن رزينٍ المصرى، قال:

= ثابت في "الصحيحين" من حديث عائشة بلفظ: "كان النبي صلى الله عليه وسلم يقول في ركوعه وسجوده.: سبحانك اللَّهم ربنا وبحمدك " والزيادة المذكورة عند ابن المنذر أيضًا في "الأوسط"[1424].

1739 -

قوى: أخرجه أحمد [4/ 146، 154]، والبيهقى في "سننه"[10747]، وشيخه في "المستدرك"[2/ 31]، والطحاوى في "المشكل"[رقم 3638]، وأبو محمد الفاكهى في "حديثه"[رقم 225]، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر"[ص 321/ طبعة دار الفكر]، والبخارى في "تاريخه"[6/ 435]، وعباس الترقفى في "حديثه"[ق 48/ 1]، والطبراني في "الكبير"[ق 59/ 1 - المنتقى منه]، والضياء المقدسى في "المنتقى من حديث أبى نعيم الأزهرى"[283/ 1]، كما في "الصحيحة"[5/ 546]، وغيرهم، من طريقين عن بكر بن عمرو المعافرى عن شعيب بن زرعة عن عقبة بن عامر به

قلتُ: وهذا إسناد حسن إن شاء الله. وشعيب روى عنه جماعة من الثقات، ووثقه ابن حبان، فمثله صدوق لا بأس به

ثم رأيتُ يعقوب الفسوى قد ذكره من جملة "ثقات التابعين من أهل مصر" في كتابه "المعرفة"[2/ 509]، ثم أخرج له هذا الحديث.

1740 -

صحيح: أخرجه أحمد [4/ 146، 150، 153]، والدارمى [3349]، والنسائى في "الكبرى"[8034، 8035، 8049]، وابن مفلح اللخمى في "مشيخة ابن أبى الصقر"[رقم 29]، وابن عساكر في "تاريخه"[41/ 475]، والرويانى في "مسنده"[رقم 208]، وأبو عبيد في "الفضائل"[رقم 28]، وابن نصر في "مختصر قيام الليل"[رقم 157]، و (بن حبان [119]، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر" [ص 318]، والطبرانى في "الكبير" [17/ 800]، ومن طريقه المزى في "التهذيب" [23/ 475]، وجماعة، من طريقين (موسى بن على، وقباث بن رزين) عن علي بن رباح عن عقبة بن عامر به .. وهو عند بعضهم بنحوه

=

ص: 239

سمعت عليّ بن رباحٍ اللخمى، قال: سمعت عقبة بن عامرٍ الجهنى يقول: كنا جلوسًا في المسجد نقرأ القرآن، فدخل علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"تَعَلَّمُوا كتَابَ اللَّهِ وَأَفْشُوهُ"، قال قباث: حسبته قال: "وَتَغَنُّوا بِهِ، فَوَالَذِى نَفْسِى بِيَدِه لَهُوَ أَشَدُّ تَفَلُّتًا مِنَ الْعِشَارِ مِنَ الْعُقُلِ".

1741 -

حدّثنا محمد بن عبد الله بن نمير، حدّثنا بكر بن يونس بن بكيرٍ، عن موسى

= قلتُ: وإسناده صحيح مستقيم مصرى شريف، وله شواهد عن جماعة من الصحابة: يأتى منها حديث ابن مسعود [برقم 5136]، وغيره.

1741 -

ضعيف: أخرجه الترمذى [2040]، وابن ماجه [3444]، والحاكم [1/ 501]، والبيهقى في "سننه"[19367]، وفى "الآداب"[رقم 702]، والطبراني في "الكبير [17/ رقم 807]، وابن أبى الدنيا في المرض والكفارات [رقم 200]، والمزى في "التهذيب" [2/ 224]، وابن عدى في "الكامل" [2/ 31]، ومن طريقه ابن الجوزى في "العلل المتناهية" [2/ 866]، والرويانى في "مسنده" [رقم 203]، وابن أبى حاتم في "العلل" [رقم 2216]، وغيرهم، من طرق عن بكر بن يونس بن بكير عن موسى بن على بن رباح عن أبيه عن عقبة بن عامر به

وليس عند الترمذى والحاكم والطبراني وغيرهم: (وشراب).

قلتُ: هذا إسناد منكر غريب، آفته بكر بن يونس هذا، وعنه يقول البخارى وأبو حاتم:"منكر الحديث" زاد أبو حاتم: "ضعيف الحديث" وقال ابن عدي: "عامة ما يرويه مما لا يتابع عليه .. " وأورد له هذا الحديث في عداد ما ينكر عليه، وقال أبو زرعة الرازى كما في سؤالات البرذعى [2/ 684]:"واهى الحديث، حدَّث عن موسى بن عليّ بحديثين منكرين لم أجد لهما أصلًا من حديث موسى".

قلتُ: وأظن أن هذا الحديث أحدهما، ويؤيده أن صاحبه أبا حاتم الرازى قد سأله ولده عن هذا الحديث كما في "العلل"[رقم 2216]، فقال له:"هذا حديث باطل، وبكر هذا منكر الحديث" أما قول البوصيرى في "الزوائد": "إسناده حسن؛ لأن بكر بن يونس بن بكير مختلف عليه" فهذا تساهل محض يقع فيه البوصيرى كثيرًا، وليت حال بكر بن يونس مما يقتضى أن يكون حديثه حسنًا أصلًا، نعم هو حسن، ولكن على مذهب الأقدمين في إطلاقه - غالبًا - على الأفراد والمناكير.

ص: 240

ابن على، عن أبيه، عن عقبة بن عامرٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تُكْرِهُوا مَرْضَاكُمْ عَلَى الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ، فَإِن اللَّهَ يُطْعِمُهُمْ وَيَسْقِيهِمْ".

= ولم يعجب الإمام الألبانى قول أبى حاتم عن هذا الحديث "هذا حديث باطل" فتعقبه بالصحيحة [2/ 364]، قائلًا:"كذا قال: "باطل" ولا يخلو من مبالغة، فإن بكرًا لم يجمع على ضعفه فضلًا عن تركه، فقد قال العجلى فيه: "لا بأس به" وذكره ابن حبان في "الثقات"، وإن كان الجمهور على تضعيفه، فالحق أن حديثه ضعيف

".

قلتُ: الصواب أن بكرًا هذا منكر الحديث كما قاله البخارى وأبو حاتم، وهى من عبارات الجرح الشديد إذا لم يوجد ما يعارضها.

وقد مضى قول أبى زرعة عنه "واهى الحديث .. " وتوثيق ابن حبان له كعدمه، لكونه لا يعرفه ولا خبر حديثه، وإنما ذكره في "ثقاته".

كما ذكر إبراهيم بن بكر الشيبانى وإبراهيم بن سليمان، وإبراهيم بن هشام بن يحيى، وأحمد بن عبد الرحمن المعروف بجحدر، وأحمد بن معاوية الباهلى، وجماعة كثيرة من الهلكى ذكرناهم في آخر كتابنا "إرضاء الناقم".

أما العجلى فهو مع كونه لم يوثقه نصًا، وإنما قال:"لا بأس به .. " فيكفينا قول الإمام في نفسه في "الصحيحة"[7/ 633]، عن منهج العجلى في توثيق الرجال: "فالعجلى معروف بالتساهل في التوثيق كابن حبان تمامًا، فتوثيقه مردود إذا خالف أقوال الأئمة الموثوق بنقدهم وجرحهم

".

ثم هنا نكتة هامة لا ينتبه لها الكثيرون، وهى أن الحكم على الحديث بالبطلان أو النكارة أو الوضع، لا يلزم منه أن يكون راويه وضاعًا أو كذابًا، بل قد يروى الثقة الثبت الحديث الموضوع، فضلًا عن الصدوق، فضلًا عن الضعيف، فليس للحكم بكون الحديث (موضوعًا) أو (باطلًا) أو (لا أصل له) أو (منكر) قانون مطرد يسرى على فئة دون أخرى، بل إذا تبين للناقد كون الإسناد أو المتن خطأ من قبل راويه: حكم عليه بما ينقدح في صدره من فوره، دون نظرٍ منه إلى حال راويه من الثقة أو الضعف، وشرح ذلك له مكان آخر.

وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة، وكلها تالفة الأسانيد ليس فيها خير، ومَنْ حسنه بشواهده، فما أصاب.

ص: 241

1742 -

حدّثنا هارون بن معروف، حدّثنا عبد الله بن وهبٍ، أخبرنى عمرو بن الحارث، عن أبى عليّ، عن عقبة بن عامر، أنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:"سَتُفْتَحُ عَلَيْكُمْ أَرَضُونَ، وَيَكْفِيكُمُ الله، فَلا يَعْجِزَنَّ أَحَدُكمْ أَنْ يَلْهُوَ بِأَسْهُمِهِ".

1743 -

حدّثنا هارون، حدّثنا عبد الله بن وهب، أخبرنى عمرو بن الحارث، عن أبى عليّ ثمامة بن شفيّ، أنه سمع عقبة بن عامرٍ، يقول "سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على المنبر، يقول: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ وَ} [الأنفال: 65]، "أَلا إِنَّ القُوَّةَ الرَّمْىُ، أَلا إِنَّ الْقُوَّةَ الرمْىُ، أَلا إِنَّ الْقُوَّةَ الرَّمْىُ".

1744 -

حدّثنا أبو يحيى كامل بن طلحة، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا كعب بن علقمة،

1742 - صحيح: أخرجه مسلم [1918]، وأحمد [4/ 157]، وابن حبان [4697]، وسعيد بن منصور [رقم 2449]، وأبو عوانة [6056]، والرويانى في "مسنده"[رقم 150]، وغيرهم، من طريقين عن عمرو بن الحارث عن ثمامة بن شفى أبى على عن عقبة بن عامر به

وهذا إسناد مصرى لا غبار عليه. وللحديث طريق آخر عند الطبراني في "فضائل الرمى وتعليمه"[رقم 28]، وظاهر إسناده الصحة، لكنه معلول بما عند الترمذى [3083].

1743 -

صحيح: أخرجه مسلم [1917]، وأبو داود [2514]، وابن ماجه [2813]، وابن حبان [4709]، وسعيد بن منصور [رقم 2448]، والبيهقى في "سننه"[19511]، وفى "الشعب"[4/ رقم 4299]، وأبو عوانة [رقم 6055]، والرويانى في "مسنده"[رقم 149]، وغيرهم من طرق عن ابن وهب عن عمرو بن الحارث عن ثمامة عن عقبة بن عامر به ....

قلتُ: وإسناده مثل الذي قبله. وقد توبع عليه عمرو بن الحارث: تابعه ابن لهيعة من رواية ابن وهب عنه أيضًا عند أبى يعقوب القراب في "فضل الرمى"[رقم 9، 10]، وللحديث طريق أخرى عن عقبة به ....

1744 -

صحيح: لكن بلفظ (كفارة النذر كفارة اليمين): أخرجه أحمد [4/ 146، 148]، و [4/ 156]، والطبراني في "الكبير"[17/ رقم 746]، وابن الجوزى في "التحقيق"[2/ 381]، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر"[ص 315]، وغيرهم، من طرف عن ابن لهيعة =

ص: 242

عن عبد الرحمن بن شماسة المهرى، عن أبى الخير، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "النَّذْرُ يَمِينٌ، وَكَفَّارَتُهُ كَفَّارَةُ يَمِينٍ".

= عن كعب بن علقمة عن عبد الرحمن بن شماسة عن أبى الخير عن عقبة بن عامر به .. وفى رواية: (كفارة النذر كفارة اليمين).

قلتُ: رجاله كلهم ثقات سوى ابن لهيعة الإمام العالم، وكعب بن علقمة روى عنه جماعة واحتج به مسلم. ووجدت ابن حبان ذكره في "مشاهير علماء الأمصار"[ص 189]، ثم قال:"من ثقات أهل مصر". وهذا توثيق مقبول منه. وقد اضطرب ابن لهيعة في سنده ومتنه.

1 -

أما متنه: فإنه رواه مرة فقال: (النذر اليمين، وكفارته كفارة يمين) وتارة يقول: (كفارة النذر كفارة اليمين) واللفظ الثاني هو المحفوظ؛ لكونه قد توبع عليه كما يأتى.

2 -

وأما سنده: فقد مضى أنه رواه عن كعب بن علقمة فقال: (عن عبد الرحمن بن شماسة عن أبى الخير عن عقبة به

) ثم عاد ورواه عن كعب فقال: (عن عبد الرحمن بن شماسة عن عقبة بن عامر به

) وأسقط منه (أبا الخير، واسمه مرثد بن عبد الله).

هكذا أخرجه الطبراني [17/ رقم 866]، والرويانى في "مسنده"[رقم 253]، لكن لم ينفرد ابن لهيعة على هذا الوجه الثاني، بل تابعه يحيى بن أيوب من رواية ابن المبارك عنه عند الطبراني في "الكبير"[17/ رقم 865]، بإسناد صحيح إلى ابن المبارك عن يحيى بن أيوب به

قلت: قد رواه جماعة عن يحيى بن أيوب على الوجه الأول، فقالوا: (عن يحيى عن كعب بن علقمة عن عبد الرحمن بن شماسة عن أبى الخير عن عقبة به

).

هكذا أخرجه أبو داود [3324]، وأبو عوانة [رقم 4738]، والرويانى في "مسنده"[رقم 199]، ثم وجدت أحمد قد أخرجه [4/ 147]، من طريق ابن المبارك عن يحيى بن أيوب على هذا الوجه أيضًا. فالذى يظهر لى: أنه ربما كان الحديث عند كعب بن علقمة على الوجهين جميعَا. وعبد الرحمن بن شماسة ثبت سماعه من عقبة بن عامر أيضًا. فلعله سمع عنه بواسطة أبى الخير، ثم قابل عقبة فحدثه به

ويؤيده: أن ابن وهب قد رواه عن عمرو بن الحارث عن كعب بن عقبة به على الوجهين أيضًا، تارة بإثبات (أبى الخير) في سنده، وتارة بإسقاطه، فالرواية الأولى بإثباته: عند مسلم [1645]، والطبرانى في "الكبير"[17/ رقم 747]، والبيهقى في "سننه"[10/ 67]، والطحاوى في "شرح المعانى"[3/ 130]، وفى "المشكل"[5/ 176]، وأبى عوانة [4739]، وابن عساكر في "المعجم"[رقم 158]. =

ص: 243

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= والرواية الأخرى (ليس فيها أبو الخير) عند النسائي [3832]، والبيهقي أيضًا في "سننه"[10/ 67]، وفى "المعرفة"[رقم 6003]، والطحاوي في "المشكل"[5/ 176].

ثم جاء محمد بن يزيد مولى المغيرة بن شعبة ورواه عن كعب بن علقمة، وخالف فيه الجميع، وأتى بلون آخر من الاختلاف في سنده، فرواه عن كعب فقال: عن أبى الخير عن عقبة بن عامر به

ولم يذكر فيه (ابن شماسة).

وهكذا أخرجه أبو داود [3323]، والترمذى [1528]، وأحمد [4/ 144]، والطبراني في "الكبير"[17/ 749]، والمزى في "التهذيب"[27/ 19]، والطحاوى في "المشكل"[5/ 176]، والروياني في "مسنده"[رقم 182]، وغيرهم.

قال حسين الأسد في تعليقه بعد أن ذكر هذا الوجه: "هذا إسناد متصل، كعب سمع عبد الرحمن بن شماسة، وسمع أبا الخير أيضًا، وأداه من الطريقين".

قلتُ: إنما نقول تلك العبارة إذا كان الراوى له على الوجهين: ثقة ضابطًا، أو صدوقًا لم ينفرد به، بل توبع على الوجه الذي رواه. أما إذا كان الراوى مثل (محمد بن زيد مولى المغيرة) فلا يقبل منه مخالفة الثقات أصلًا، ومولى المغيرة مع كونه قد روى عنه جماعة، إلا أن أحدًا لم يوثقه فيما أعلم، بل رماه النقاد بالجهالة، راجع ترجمته من "التهذيب"[9/ 524].

وهو راوى حديث الصور المنكر عن إسماعيل بن رافع، فمثله لا يُقبل منه تفرده فضلًا عن مخالفته، إذا عرفت هذا: فاعلم: أن هؤلاء جميًعا - سوى ابن لهيعة في رواية - قد رووا هذا الحديث عن كعب بن علقمة على تلك الوجوه الماضية كلها بلفظ (كفارة النذر كفارة اليمين) وزاد مولى المغيرة عند الترمذي وغيره: (كفارة النذر إذا لم يسمّ كفارة اليمين)، فقوله (إذا لم يسم) زيادة منكرة لا التفات إليها.

وخالفهم جميعًا ابن لهيعة، فرواه تارة مثل لفظ الجماعة، ثم شذ في رواية ورواه بلفظ (النذر اليمين، وكفارته كفارة يمين) فقوله: (النذر اليمين) وهى رواية بالمعنى أساء فيها ابن لهيعة، والمحفوظ هو لفظ الجماعة الماضى. وللحديث طرق أخرى عن عقبة بن عامر به

وله شواهد عن جماعة من الصحابة.

• فائدة: قد توبع كعب بن عقبة على الوجه الأول: تابعه عبد الله بن بشر الكوفى عند الطبراني في "الكبير"[17/ رقم 748]، من طريق الحسين بن إسحاق التسترى عن داود بن رشيد عن عمر بن سيلمان عن عبد الله بن بشر به

=

ص: 244

1745 -

حدّثنا أحمد بن إبراهيم الدورقى، حدّثنا أبو عبد الرحمن، حدّثنا ابن لهيعة، عن مشرح بن هاعان العافرى، عن عقبة بن عامرٍ الجهنى، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"لَوْ أَنَّ الْقُرْآنَ جُعِلَ فِي إِهَابٍ، ثُمَّ أُلْقِىَ فِي النَّارٍ مَا احْتَرَقَتْ"، قال أبو عبد الرحمن: ففسره: أن من جمع القرآن ثم دخل النار، فهو شرّ من خنزيرٍ.

= قلتُ: وهذا إسناد رجاله ثقات. وشيخ الطبراني ترجمه الذهبى في "سير النبلاء"[14/ 57]، وقال:"وكان من الحفاط الرحالة".

1745 -

ضعيف: أخرجه أحمد [4/ 151، 154]، والدارمى [3310]، والبيهقي في "الشعب"[2/ رقم 2699]، وتمام في "فوائده"[رقم 964]، وأبو الشيخ في "الطبقات"[3/ 594]، والفريابى في "فضائل القرآن"[رقم 1]، وعنه ابن عدى في "الكامل"[6/ 469]، والبغوى في "شرح السنة"[2/ 331]، وابن شاهين في "فضائل الأعمال"[رقم 197]، والرويانى في "مسنده"[رقم 215]، وأبو الحسن بن المقير في "جزء من حديثه وفوائده"[رقم 74/ ضمن مجموعة أجزاء حديثية]، والطحاوى في "المشكل"[2/ 222]، وأبو نعيم في أخبار أصبهان [ص 347]، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر"[ص 316]، والشجرى في "الأمالى"[ص 69]، وأبو عبيد في "الفضائل"[رقم 12]، وغيرهم، من طرق عن ابن لهيعة عن مشرح بن هاعان عن عقبة بن عامر به ....

قلتُ: هذا إسناد ضعيف غريب، وفيه علتان:

الأولى: مشرح بن هاعان وثقه ابن معين، ومشاه ابن عدى، لكن نقل ابن عدى في "الكامل"[6/ 469]، عن عثمان الدارمى أنه قال:(دراج ومشرح ليسا بكل ذاك، وهما صدوقان). أما ابن حبان فقد تضارب فيه قوله، فتارة ذكره في "الثقات" لكنه قال:"يخطئ ويخالف"، ثم أورده في "المجروحين"[3/ 38]، وقال: "يروى عن عقبة بن عامر أحاديث مناكير لا يتابع عليها

والصواب في أمره: ترك ما انفرد به من الرويات، والاعتبار بما وافق الثقات".

والثانية: ابن لهيعة قد سارت الركبان بسوء حفظه، مع تغيره واختلاطه وتلقينه، والراكض خلف حديثه القديم، لتقويته أو تحسينه، إنما يتعب نَفْسه، ويضيع نَفَسَه، ويرهق جواده بغير جدوى إلا بالندم، وشرح أحواله يحتاج إلى كراريس، وقد غربلنا أقوال النقاد عنه في رسالتنا "فيض السماء". =

ص: 245

1746 -

حدّثنا أحمد، حدّثنا أبو عبد الرحمن، حدّثنا ابن لهيعة، قال: حدثنى أبو قبيلٍ حُيَيُّ بن هانئٍ المعافرى، قال: سمعت عقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "هَلاكُ أُمَّتِى فِي الْكِتَابِ وَاللَّبَنِ"، قالوا: وما الكتاب واللبن؟ قال: "يَتَعَلَّمُونَ

= وقد اضطرب في إسناده كعادته، فعاد ورواه بالإسناد الماضى، لكنه لم يرفعه، بل رواه عن عقبة به موقوفًا عليه، فأخرج أحمد في "العلل"[3/ 268/ رواية عبد الله]، وعنه العقيلى في "الضعفاء"[2/ 295]، عن ابن وهب أنه قال عن هذا الحديث:"ما رفعه لنا قط ابن لهيعة في أول عمره".

قلت: لقد رواه عنه عبد الله بن يزيد المقرئ مرفوعًا به

عند المؤلف وجماعة كثيرة. وبعضهم يجزم بكون سماع المقرئ منه إنما كان قديمًا، وكذا رواه عنه قتيبة بن سعيد مرفوعًا أيضًا

وبعضهم يقول عن رواية قتيبة ما يقولونه عن رواية المقرئ عن ابن لهيعة، وهذا ابن وهب - وهو من المتقدمين عندهم في ابن لهيعة - يقول:"ما رفعه لنا قط ابن لهيعة في أول عمره".

فنفهم من هذا: أن بعض هؤلاء القدماء قد روى عن ابن لهعية أيضًا في آخر حياته، أو أن ابن لهيعة كان يضطرب فيه لسوء حفظه اللازم له أبدًا، فتارة كان يرفعه للمقرئ وقتيبة وجماعة.

وتارة يوقفه لابن وهب.

وهذا يدل على أن الرجل حديثه كله متوقف فيه: الجديد منه أو القديم. نعم، القديم مأمون فيه ألا يكون مما تلقنه على أيدى جماعة من سفهاء المصريين، فرواية قدماء أصحابه عنه وإن كانت ضعيفة أيضًا، إلا أننا لا نتوقف في كونها من صحيح حديث ابن لهيعة، الذي حدَّث به من أصوله الموثوق بها. أما رواية غير القدماء عنه، ففيها كل البأس، وشرح ذلك في "فيض السماء".

والحاصل: أن حديث عقبة ضعيف على أحسن أحواله، وله شواهد عن جماعة من الصحابة، وكلها منكرة الأسانيد لا يثبت منها شئ قط، وقد تكلمنا عليها في حاشيتنا "آمال المستغيث على صفحات تأويل مختلف الحديث" وقد طبع المختصر منها.

• تنبيه: أبو عبد الرحمن المذكور في ذيل الحديث: هو عبد الله بن يزيد المقرئ. فانتبه يا رعاك الله!

17 -

قوى: أخرجه أحمد [4/ 146]، و [4/ 155]، والطبراني في "الكبير"[17/ رقم 816]، وابن عبد البر في "جامع بيان فضل العلم"[2/ رقم 2359/ طبعة مكتبة التوعية]، =

ص: 246

الْقُرآنَ فَيَتَأَوَّلُونَهُ عَلَى غَيْرِ تَأْوِيلِهِ، وَيُحِبُّونَ اللَّبَنَ فَيَدَعُونَ الجمَاعَاتِ وَالجُمَعَ وَيَبْدُون".

= والرويانى في "مسنده"[رقم 239]، والفسوى في "المعرفة"[2/ 507]، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر"[ص 321]، وغيرهم، من طرق عن ابن لهيعة، عن أبى قبيل المعافرى عن عقبة به .. وعند بعضهم بنحوه

وفى لفظ في أوله: (إنما أخاف على أمتى .. ) هذا لفظ أحمد، ولفظ الطبراني: (إن أشد ما أخاف - أو أخوف ما أخاف - على أمتى

).

قلتُ: ومن هذا الطريق أخرجه الهروى في "ذم الكلام"[2/ رقم 199]، وسنده صحيح في المتابعات.

وقد توبع عليه ابن لهيعة:

1 -

تابعه معاوية بن سعيد المصرى عليه بنحوه دون جملة الكتاب وتفسيرها

أخرجه نعيم ابن حماد في "الفتن"[رقم 695]، و [رقم 725]، من طريق بقية بن الوليد عن معاوية بن يحيى الشامى عن معاوية بن سعيد به

قلتُ: وهذه متابعة مغموزة، نعيم بن حماد إمام في السنة، ضعيف في الرواية، وبقية آية من آيات الله في شر التدليس، وقد عنعنه، وشيخه معاوية مختلف فيه، وليس بالصدفى.

2 -

وتابعه دراج أبو السمح لكن بلفظ (إنى أخاف على أمتى اثنتين القرآن واللبن، أما اللبن: فيبتغون الريف، ويتبعون الشهوات، ويتركون الصلوات، وأما القرآن: فيجادلون به المؤمنين).

قلتُ: وهو منكر بهذا اللفظ، أخرجه أحمد [4/ 155]، واللفظ له، والطبراني في "الكبير"[17/ رقم 818]، وابن عبد البر في "جامع بيان فضل العلم"[2/ رقم 2362]، من طريقين عن زيد بن الحباب عن أبى السمح به ....

قلتُ: ووقع عند ابن عبد البر: (عن زيد بن الحباب عن معاوية بن صالح قال: حدثنى أبو السمح

) فإن كان سنده محفوظًا إلى ابن الحباب؛ فهو من المزيد إن شاء الله.

وأبو السمح هو دراج بن سمعان، مختلف فيه. والتحقيق: أنه ضعيف كثير المناكير، كما مضى بعض ذلك في مواضع من (مسند أبى سعيد). وقد تفرد عن أبى قبيل بهذا اللفظ الماضى، وبه أعله الإمام في "الضعيفة"[4/ 260]. =

ص: 247

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

=3 - ومالك بن خير الزيادي عليه بنحوه. وعنده تفسير أهل اللبن بكونهم: (قوم يتبعون الشهوات، ويضيعون الصلوات .. ) أخرجه الحاكم [2/ 406]، والطبراني في "الكبير"[17/ رقم 817]، والبيهقي في "الشعب"[3/ رقم 2964]، والروياني في "مسنده"[رقم 240]، من طرق عن عبد الله بن وهب عن مالك بن خير الزيادي به ..

قلتُ: وهذا إسناد حسن صالح. وهو أنظف طرق هذا الحديث مطلقًا. ومالك شيخ صدوق، روى عنه جماعة من الثقات الكبار، ولا يُعرف له رواية منكرة، ولم يغمزه أحد بشئ إلا أن ابن القطان قال:"وهو ممن لم تثبت عدالته" ورد عليه الذهبى ذلك في "الميزان"[3/ 426]، وقال في مقدمة ترجمته:"محله الصدق" وذكره ابن حبان في "الثقات" كما في "تعجيل المنفعة"[1/ 385].

4 -

وتابعهم الليث بن سعد من رواية أبى صالح عنه عليه بنحوه

عند الطبراني في "الكبير"[17/ رقم 815]، وابن عبد البر في "جامع بيان فضل العلم"[2/ رقم 2361]، والفسوى في "المعرفة"[2/ 507]، ومن طريقه البيهقى في "الشعب"[3/ رقم 3009]، وهو في "مجلس من فوائد الليث بن سعد"[رقم 37/ طبعة عالم الكتب].

قلتُ: كلهم رووه عن أبى قبيل المعافرى عن عقبة بن عامر به

كما مضى. وأبو قبيل هو حُيى ابن هانئ المعافرى شيخ مصرى قوى الحديث. وقد توبع عليه: تابعه أبو الخير اليزنى عند أحمد [4/ 155]، وفى "العلل"[3/ 452/ رواية عبد الله]، والبيهقي في "الشعب"[3/ عقب رقم 3009]، لكن من رواية ابن لهيعة عنه.

وابن لهيعة حاله مكشوف كما مضى، لكن لا بأس به في المتابعات.

• تنبيهان مهمان:

الأول: مضى أن الهروى قد أخرج هذا الحديث في "ذم الكلام"[2/ رقم 99]، فوقع سنده هكذا: (

حدثنا عبد الله بن يزيد - هو المقرئ - حدثنا ابن لهيعة بن عقبة الحضرمى، حدثنى أبو قبيل

إلخ).

وهذا إسناد ليس فيه لبس ولا غيوم، لكن يبدو أن حرف (ابن) بين لهيعة وعقبة قد تحرف إلى (عن) في نسخة الإمام الألبانى من كتاب "ذم الكلام"، فصار الإسناد عنده هكذا: (عن ابن لهيعة عن عقبة الحضرمى عن أبى قبيل

) فظن الإمام أن تلك زيادة في الإسناد، فنبه عليها=

ص: 248

1747 -

حدّثنا أبو عبد الله الدورقى، حدّثنا أبو عبد الرحمن، حدّثنا ابن لهيعة، قال: حدثنى أبو قبيلٍ المعافرى، عن أبى عشانة المعافرى، عن عقبة بن عامرٍ الجهنى، عن

= في "الصحيحة"[6/ 647]، فقال بعد أن خرجه بالإسناد الأول على الجادة: "

إلا أن الهروى زاد في الإسناد بين ابن لهيعة وأبى قبيل: (عقبة الحضرمى)، وهى زيادة شاذة؛ لتصريح الجماعة في روايتهم بسماع ابن لهيعة لهذا الحديث من أبى قبيل، ولو صحت، لم تضر؛ لأن عقبة هذا - وهو ابن مسلم التجيبى ثقة بلا خلاف".

قلتُ: وهذا كله وهْم مضاعف، مبنى على تصحيف لطيف وقع في إسناد الهروى من نسخة الإمام، وعقبة بن مسلم ليس له في الحديث ناقة ولا بعير، ولا فتيل ولا قطمير، فضلًا عن كونه لا تُعرف له رواية عن أبى قبيل.

والتنبيه الثاني: أن (أحمد) شيخ أبى يعلى في هذا الحديث: هو أحمد بن إبراهيم الدورقى الثقة الحافظ المشهور، وبهذا جزم حسين الأسد في تعليقه، لكن تعقبه المعلِّق على "جامع بيان العلم وفضله" لابن عبد البر [2/ 1200]، قائلًا: "ملحوظة: أخرج أبو يعلى هذا الحديث من طريق أحمد، عن أبى عبد الرحمن عن ابن لهيعة به

فظن المحقق - يعنى حسين الأسد - أنه أحمد الدورقى، وليس كذلك، وإنما هو ابن حنبل، وقد أخرجه في "مسنده"[4/ 155] من هذا الوجه

".

قلتُ: وهذه غفلة من هذا المتكلم، وأبو يعلى وإن أدرك أحمد بن حنبل وسمع من أقرانه وبعض مشايخه، إلا أنى لم أر أحدًا ممن ترجم لأبى يعلى قد ذكر ابن حنبل في (شيوخه)، بل ولا أعلم حديثًا واحدًا قد رواه عنه، وقد فتشتُ في "مسنده" الذي أعمل فيه، وكذا في "فوائده" وفى "المفاريد" حتى في "معجم شيوخه" فلم أجد شيئًا من ذلك، ولو وُجِدَ، فهو عزيز الراوية عنه جدًّا، وسواءٌ روى عنه أو لم يرو، فشيخه في هذا الحديث هو أحمد بن إبراهيم الدورقى بلا كلام. والمؤلف مكثر عنه في كتبه وتواليفه. وهو وإن لم ينسبه في هذا الحديث حيث قال:"حدثنا أحمد .. " فقد نسبه في الحديث الماضى قبله [رقم 1745]، فقال:"حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقى" وهذا مع وضوحه، إلا أن البعض مغرم بالانتقاد المنقلب إليه.

1747 -

صحيح: أخرجه أحمد [4/ 157، 159]، والطبراني في "الكبير"[17/ رقم 842]، وابن المبارك في "الزهد"[رقم 410]، ومن طريقه الخطيب في "تاريخه"[2/ 229]، =

ص: 249

النبي صلى الله عليه وسلم قال: "مَنْ خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَى المسْجِدِ كُتِبَتْ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا عَشْرَ حَسَنَاتٍ، وَالْقَاعِدُ فِي المسْجِدِ يَنْتَظِرُ الصَّلاةَ كَالْقَانِتِ، وَيُكْتَبُ مِنَ المُصَلِّينَ حَتَى يَرْجِعَ إِلَى بَيْتِهِ".

1748 -

حدّثنا كامل بن طلحة، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا يزيد بن أبى حبيبٍ، عن أبى الخير، عن عقبة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صلى على قتلى أحد بعد ثمان سنين كالمودع للأحياء والأموات، فقال: "إِنَّ بَيْنَ أَيْدِيكُمْ فَرَطَاتٍ أَنَا عَلَيْكُم شَهِدٌ، وَإِنَّ مَوْعِدَكُمُ

= والبغوى في "شرح السنة"[1/ 359]، والرويانى في "مسنده"[رقم 238]، وغيرهم، من طريق ابن لهيعة عن أبى قبيل عن أبى عشانة عن عقبة بن عامر به ....

قلت: وسنده صحيح في المتابعات، رجاله ثقات سوى ابن لهيعة، وقد اضطرب فيه، فعاد ورواه عند أحمد [4/ 159]، فقال: (عن شيخ من معافر قال: سمعت عقبة بن عامر بن عامر الجهنى يقول

) فذكره بنحوه لكن زاد: ( .. فإذا صلى في المسجد ثم قعد فيه كان كالصائم القانت

) فقوله: (كالصائم) لفظة غير محفوظة في هذا الحديث.

وقد تابعه عمرو بن الحارث المصرى على نحو اللفظ الأول: عند ابن خزيمة [1492]، وابن حبان [2045]، والحاكم [1/ 331]، والطبراني في "الكبير"[17/ رقم 831]، وفى "الأوسط"[1/ رقم 185]، والبيهقي في "سننه"[4754]، وفى "الشعب"[3/ رقم 2892]، والرويانى في "مسنده"[رقم 231]، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر"[ص 317]، فالإسناد صحيح.

1748 -

صحيح: أخرجه البخارى [1279، 3401، 6062]، ومسلم [2296]، وأحمد [4/ 149]، وابن حبان [3198]، و [3199، 3224]، والطبراني في "الكبير"[17/ رقم 770]، والبيهقي في "سننه"[6600]، وفى "الدلائل"[رقم 1199]، وابن عبد البر في "التمهيد"[2/ 302]، وحماد بن إسحاق في "تركة النبي صلى الله عليه وسلم"[رقم 13]، والرويانى في "مسنده"[رقم 179]، وغيرهم من طرق عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير اليزنى، عن عقبة بن عامر به .. نحو سياق المؤلف.

قلتُ: هو عند أبى داود [3223، 3224]، والنسائى [1954]، بجملة الصلاة على أهل أحد، وزاد النسائي: (ثم انصرف إلى المنبر فقال: إنى فرط لكم، وأنا شهيد عليكم

).

ص: 250

الحَوْضُ، وَإِنِّى أَنْظُرُ إلَيْهِ فِي مَكَانِى هَذَا، وَإِنَّ عَرْضَهُ كَمَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَالجحْفَةِ، وَإِنِّى أُتِيتُ بِمَفَاتِيحِ خَزَائِنِ الأَرْضِ وَأَنَا فِي مَقَامِى هَذَا، وَإِنِّى لَسْتُ أَخَافُ عَلَيْكمْ أَنْ تُشْرِكُوا، وَلَكِنِّى أَخَافُ عَلَيْكُمُ الدُّنْيَا أَنْ تَنَافَسُوهَا"، قال عقبة: فكان آخر نظرةٍ نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم.

1749 -

حدّثنا كامل، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا أبو عشانة، قال: سمعت عقبة بن

1749 - ضعيف: أخرجه أحمد [4/ 151]، والطبراني في "الكبير"[17 / رقم 853]، والحارث [رقم 199/ زوائده]، والقضاعي في "الشهاب"[1/ رقم 576]، وتمام في "فوائده"[2/ رقم 1300]، وابن أبى عاصم في "السنة"[1/ رقم 571]، وابن عدى في "الكامل"[4/ 147]، وابن الجوزى في "ذم الهوى"[1/ رقم 136/ بتخريجى]، والخرائطى في "اعتلال القلوب"[رقم 526]، والبيهقي في "الأسماء والصفات"[رقم 941]، وابن شاهين في "فضائل الأعمال"[رقم 231]، والرويانى في "مسنده"[رقم 226]، وابن الأعرابى في "معجمه"[رقم 866]، وغيرهم، من طرق عن ابن لهيعة عن أبى عشانة عن عقبة بن عامر به

قلتُ: ومداره على ابن لهيعة. قال ابن عدى: "وهذا الحديث لا أعلم يرويه غير ابن لهيعة. .".

قلتُ: وهو آفته، وبه أعله الحافظ في "فتاويه" كما نقله عنه السخاوى في "المقاصد"[ص 68].

وقد اضطرب فيه ابن لهيعة كما ذكرناه في تخريجنا لـ"ذم الهوى" لابن الجوزى [1/ رقم 136]، وأزيد هنا: أن أبا حاتم الرازى قد أعله بالوقف كما في "العلل"[رقم 1843].

وقد جوده الإمام في "الصحيحة"[6/ 824]، على عادته في تصحيح ابن لهيعة إذا روى عنه أحد العبادلة أو قتيبة بن سعيد، وهذا فهْم مغلوط لكلام متقدمى النقاد في رواية المتقدمين عن ابن لهيعة كما شرحناه في "فيض السماء" وسبقنا إليه الباحث الناقد: طارق عوض الله في رسالته الجيدة "النقد البنَّاء" فلتراجع.

نعم: للحديث شاهد عن أبى هريرة مرفوعًا مثله

أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان"[ص 218]، من طريق عليّ بن محمد الطنافسى عن وكيع عن الثورى عن الأعمش عن أبى صالح عن أبى هريرة به ....

قلتُ: وهذا إسناد كوفى عجيب جدًّا، نظْم سنده كسلاسل الذهب، لكن الطريق إلى الطنافسى أغرب من عنقاء مُغْرب، وفيه انقطاع أيضًا، فاغسل يديك منه.

ص: 251

عامر، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:"عَجِبَ رَبُّنَا مِنَ الشَّابِّ الَّذِي لَيْسَتْ لَهُ صَبْوَةٌ".

1750 -

حدّثنا عبد الأعلى بن حماد، حدّثنا عبد العزيز بن محمدٍ، عن صالح بن محمد بن زائدة، عن عمر بن. عبد العزيز، عن عقبة بن عامرٍ، يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "رَحِمَ اللَّهُ حَارِسَ الحرَسِ".

1750 - ضعيف: أخرجه ابن ماجه [2769]، والدارمى [2401]، والبيهقي في "سننه"[18228]، والعقيلى في "الضعفاء"[4/ 394]، وابن عساكر في "تاريخه"[49/ 371]، والباغندى في "مسند عمر بن عبد العزيز"[رقم 1، 2] وغيرهم، من طرق عن صالح بن محمد بن زائدة عن عمر بن عبد العزيز عن عقبة بن عامر به

قلتُ: هذا إسناد ضعيف معلول، وفيه علتان:

الأولى: الانقطاع بين عمرو وعقبة، فقد جزم الدارمى والعقيلى والمزى وغيرهم أن عمر لم يلق عقبة بن عامر، وكذا قاله الذهبى في "سير النبلاء"[5/ 114].

فإن قيل: قد وقع عند الباغندى في "مسند عمر"[رقم 2]، تصريح عمر من عقبة بالسماع!.

قلتُ: هذا من أوهام صالح بن محمد بن زائدة، وهو العلة الثانية.

والثانية: صالح بن محمد شيخ زاهد متأله صاحب ليل وعبادة، لكن لم تكن الرواية من شأنه، فلما استخار الله وحدَّث، وقعت صنوف الآفات في حديثه، وقد وصف حاله ابن حبان وصفًا دقيقًا فقال في "المجروحين" [1/ 367]: "كان ممن يقلب الأخبار والأسانيد ولا يعلم، ويسند المراسيل ولا يفهم، فلما كثر ذلك من حديثه وفحش، استحق الترك،

" ثم أسند تضعييفه إلى ابن معين، وأسند إلى البخارى قوله عنه: "لا شئ" وأسند إلى سليمان بن حرب قوله: "تركنا حديث صالح منذ حين".

قلتُ: وقال البخارى في "تاريخه": "منكر الحديث" وضعفه سائر النقاد، وشذ أحمد فمشاه، كما مشَّى عامر بن صالح، وسعيد بن محمد الوارق، وأحمد بن مجاهد الكابلى وغيرهم.

وقد اضطرب صالح في إسناده أيضًا، فعاد ورواه عن عمر بن عبد العزيز فقال: عن أبيه عن عقبة بن عامر به

، فزاد فيه (عن أبيه) وجوَّده.

هكذا أخرجه الحاكم [2/ 95]، والعقيلى في "الضعفاء"[4/ 394]، وابن عساكر في =

ص: 252

1751 -

حدّثنا هارون، حدّثنا عبد الله بن وهب، أخبر عمرو، أن هشام بن أبى رقية حدثه، قال: سمعت مسلمة بن مخلدٍ، وهو قائمٌ على المنبر يخطب وهو يقول: يا أيها الناس، أما لكم في العصب والكتان ما يغنيكم عن الحرير؟ وهذا رجلٌ فيكم يخبر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قم يا عقبة، فقام عقبة بن عامرٍ وأنا أسمع، فقال: إنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".

وأشهد أنى سمعته يقول: "مَنْ لَبِسَ الحرِيرَ فِي الدُّنْيَا، حُرِمَهُ أَنْ يَلْبَسَهُ فِي الآخِرَةِ".

= "تاريخه"[36/ 15]، والباغندى في "مسند عمر بن عبد العزيز"[رقم 64]، والخطيب في "موضح الأوهام"[2/ 179].

ثم أعرض عن هذا، ورواه على لون ثالث فقال: عن عمر بن عبد العزيز عن قيس بن الحارث به مرفوعًا

هكذا أخرجه البيهقى في "سننه"[18227]، وابن عساكر في "تاريخه"[49/ 371]، والبغوى في (الصحابة) كما في "الإصابة"[5/ 460]، وقيس بن الحارث هذا تابعى كما جزم به الحافظ في "الإصابة" فالإسناد مرسل.

وقد رجَّح الحافظ من تلك الألوان الماضية: الوجه الأول، وقال:"وهو المحفوظ" كما في "الإصابة"[5/ 460]، والأولى عندى: هو إرجاع هذا الاضطراب إلى سوء حفظ صالح بن محمد، فهو به أشبه.

1751 -

صحيح: أخرجه أحمد [4/ 156]، وابن حبان [5436]، والطبراني في "الكبير"[17/ رقم 904]، والبيهقي في "سننه"[5908]، وابن عبد البر في "التمهيد"[14/ 245]، و [24/ 338]، والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 251]، والفسوى في "المعرفة"[2/ 505 - 506]، والطبراني أيضًا في "طرق حديث (من كذب عليَّ متعمدًا) [رقم 145]، والطحاوى أيضًا في "المشكل" [12/ 110]، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر" [ص 321]، وغيرهم من طرق عن هشام بن أبى رقية عن عقبة بن عامر به ..

قلتُ: وهذا إسناد قوى صالح. وهشام روى عنه جماعة من ثقات المصريين، ووثقه ابن حبان أيضًا، وذكره الفسوى في جملة (ثقات التابعين من أهل مصر) في كتابه "المعرفة"[2/ 505]، وللمرفوع شواهد صحيحة عن جماعة من الصحابة.

ص: 253

1752 -

حدّثنا أحمد بن عيسى التسترى، حدّثنا عبد الله بن وهبٍ، عن عمرو بن مالكٍ، عن عبيد الله بن أبى جعفرٍ، عن جعفر بن عبد الله بن الحكم، قال: سمعت عقبة بن عامر يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ صُرِعَ عَنْ دَابَّتِهِ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمَاتَ، فَهُوَ شَهِيدٌ".

1753 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا يحيى بن سعيدٍ القطان، عن يحيى، قال: حدثنى عبد الله بن زحر، أن أبا سعيدٍ أخبره، أن عبد الله بن مالكٍ أخبره، أن عقبة بن عامرٍ

1752 - صحيح: أَخرجه الطبراني في "الكبير"[17/ رقم 892]، وابن أبى عاصم في "الجهاد"[2/ رقم 237]، من طريقين عن عبيد الله بن أبى جعفر عن جعفر بن عبد الله بن الحكم عن عقبة بن عامر به

قلتُ: وهذا إسناد صحيح ما به شئ، وقد حسنه الحافظ في "الفتح"[6/ 18]، وقد أغرب الهيثمى جدًّا، فقال في "المجمع" [5/ 513]: دارواه أبو يعلى وفيه من لم أعرفه".

وجعفر بن عبد الله بن عبد الحكم من الطبقة الوسطى من التابعين. ولم أر من غمز سماعه من عقبة بن عامر، اللَّهم إلا قول العلائى في "جامع التحصيل" [ص 155]:"روى عن عقبة بن عامر، رضى الله عنه، فقيل: إنه مرسل" ولم يذكر القائل، فلا يلتفت إليه، وقد ذكر المزى في "التهذيب"[5/ 65]، روايته عن عقبة بن عامر ولم يغمزها بشئ.

على أنه لم ينفرد به: بل تابعه ثمامة بن شفى عند الرويانى في "مسنده"[رقم 2346]، إن صح الطريق إليه، وللحديث شاهد بنحوه عن أبى مالك الأشعرى به مرفوعًا.

1753 -

صحيح: أخرجه أبو داود [3292]، والترمذى [1544]، والنسائى [3815]، وابن ماجه [2134]، وأحمد [4/ 145، 149، 151]، والدارمى [2334]، والطبراني في "الكبير"[17/ رقم 893، 894]، وعبد الرزاق [15871]، وابن أبى شيبة [12412]، والبيهقي في "سننه"[19908]، والطحاوى في "شرح المعانى"[3/ 135]، وفى "مشكل الآثار"[5/ 173]، والمزى في "تهذيبه"[4/ 559]، وابن عبد البر في "الاستذكار"[5/ 177]، والبغوى في "شرح السنة"[5/ 157]، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"[رقم 441]، وجماعة، من طرق عن يحيى بن سعيد الأنصارى عن عبيد الله بن زحر عن أبى سعيد الرعينى عن عبد الله بن مالك المصرى عن عقبة بن عامر به

=

ص: 254

أخبره، أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم، عن أخته نذرت أن تمشى حافية غير مختمرةً، فأمرها أن تختمر، وتركب، وتصوم ثلاثة أيامٍ.

= قلتُ: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كله ثقات سوى عبيد الله بن زحر؛ فهو ضعيف صاحب مناكير. وهذا هو التحقيق بشأنه. وأبو سعيد الرعينى هو جعثل بن هاعان، شيخ صدوق، ووثقه ابن حبان.

وعبد الله بن مالك هو أبو تميم المصرى اليحصبى، ذكره الفسوى في جملة (ثقات التابعين من أهل مصر) في كتابه "المعرفة"[2/ 505]، ثم أخرج له هذا الحديث.

وقد فرق البخارى وجماعة بينه وبين أبى تميم الجيشانى التابعى الكبير المشهور. ولم ينفرد به عبيد الله بن زحر، بل تابعه بكر بن سوادة عن أبى سعيد الرعينى عن عبد الله بن مالك عن عقبة به نحوه .. وفيه: التركب ولتلبس ولتصم).

أخرجه الطبراني في "الكبير"[17/ رقم 896]، لكن الإسناد إليه مغموز.

وقد توبع عليه عبد الله بن مالك: تابعه أبو عبد الرحمن الحبلى عليه نحو سياق المؤلف عند الطحاوى في "شرح المعانى"[3/ 130]، وفى "المشكل"[5/ 173]، من طريق ابن وهب عن حيى بن عبد الله [وتصحف عنده إلى (يحيى بن عبد الله)] المعافرى عن أبى عبد الرحمن الحبلى عن عقبة به

قلتُ: وإسناده ضعيف. وحُيَيُّ بن عبد الله مختلف فيه، والظاهر أنه ليس بحجة إذا انفرد، قال أحمد:"أحاديثه مناكير" وقال البخارى: "فيه نظر" وضعفه النسائي، ومشاه جماعة.

والحديث عند الرويانى في "مسنده"[رقم 254]، من هذا الطريق بنحوه، لكن ليس فيه جملة الأمر بالصيام.

وللحديث طرق أخرى، وأصله في البخارى [1767]، ومسلم [1644]، مختصرًا بلفظ: (لتمش ولتركب

) وفد وقعت في بعض طرقه زيادات تكلمنا عليها في "غرس الأشجار" منها سياق المؤلف.

والأمر فيه بالاختمار والصوم، وهى زيادات ثابتة بطرقها إن شاء الله. وقد وقع لحسين الأسد في تخريجه لهذا الحديث أوهام فاحشة، نبَّه على بعضها: الإمام الألبانى في "الصحيحة"[6/ 1037]. فاللَّه المستعان.

ص: 255

1754 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا وكيع بن الجراح، حدثنى عبد الحميد بن جعفرٍ الأنصارى، عن يزيد بن أبى حبيب، عن مرثد بن عبد الله اليزنى، عن عقبة بن عامر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ أَحَقَّ الشُّروطِ أَنْ يُوفَى مَا اسْتُحِلَّ بِهِ الْفَرْجُ".

1755 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا وكيعٌ، حدّثنا موسى بن على بن رباحٍ، عن أبيه، قال: سمعت عقبة بن عامر، يقول: ثلاث ساعات كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهانا أن نصلى فيهن، وأن نقبر فيهن موتانا: حين تطلع الشمس حتى ترتفع، وحين يقوم قائم الظهيرة حتى تميل الشمس، وحين تَضَيَّفُ للغروب حتى تغرب.

1754 - صحيح: أخرجه البخارى [2572]، ومسلم [1418]، وأبو داود [2139]، والترمذى [2203]، والنسائى [3218] وابن ماجه [1954]، وأحمد [4/ 144]، والدارمى [2203]، وابن حبان [4092]، والطبراني في "الكبير"[17/ رقم 752]، وعبد الرزاق [10613]، وابن أبى شميبة [16451]، والبيهقي في "سننه"[14208]، وابن أبى عاصم في " الآحاد والمثانى"[5/ رقم 2584]، وأبو سعيد النقاش في "فوائد العرا قيين"[رقم 67]، وابن عبد البر في "التمهيد"[18/ 167]، وابن حزم في "الإحكام"[5/ 11]، وأبو عوانة [2437]، وجماعة كثيرة، من طرق عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير مرثد اليزنى، عن عقبة بن عامر به

وفى لفظ: (ما استحللتم به الفروج

).

قلتُ: وهذا إسناد مصرى شريف.

1755 -

قوى: أخرجه مسلم [821]، وأبو داود [3192]، والترمذي [1030]، والنسائى [560]، وابن ماجه [1519]، وأحمد [4/ 152]، و الدارمى [1423]، وابن حبان [1546]، والطيالسى [1001]، والطبراني في "الكبير"[17/ رقم 797]، وفى "الأوسط"[3/ رقم 3184]، وعبد الرزاق [6569]، وابن أبى شيبة [7357]، والبيهقي في "سننه"[4175]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 151]، وفى "المشكل"[9/ 223]، وابن عبد البر في "التمهيد"[4/ 27]، وأبو عوانة [891]، والبغوى في "شرح السنة"[2/ 57]، وابن المنذر في "الأوسط"[رقم 1048]، والفاكهى في "حديثه"[رقم 15]، والروياني في "مسنده"[رقم 201]، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر"[ص 318]، وجماعة، من طرق عن موسى بن على بن رباح عن أبيه عن عقبة به ....

قلت: وهذا إسناد قوى. وموسى قوى الحديث. وأبوه ثقة مشهور. =

ص: 256

1756 -

حدّثنا زهير، حدّثنا يزيد بن هارون، حدثنا محمد بن إسحاق، عن يزيد بن أبى حبيب، عن عبد الرحمن بن شماسة، عن عقبة بن عامرٍ، قإل: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول "لا يَدْخُل الجَنَّةَ صَاحِبُ مَكْسٍ"، يعنى: العشَّار.

1756 - حسن لغيره: أخرجه أبو داود [2937]، وأحمد [4/ 143، 150]، والدارمى [1666]، وابن خزيمة [2333]، والحاكم [1/ 562]، والطبراني في "الكبير"[17/ رقم 878، 879، 880]، والبيهقي في "سننه"[12954]، وابن الجارود [339]، والطحاوى في "شرح المعانى"[2/ 31]، وأبو عبيد في "الأموال"[رقم 1118]، والسيوطى في جزء في "ذم المكس"[1]، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر"[ص 251، 321]، وغيرهم من طرق عن محمد بن إسحاق عن يزيد بن أبى حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة عن عقبة بن عامر ..

قلتُ: هذا إسناد صالح لولا عنعنة ابن يسار المطلبى، وهو صدوق متماسك، لكنه مشهور بالتدليس عن الضعفاء والمجهولين وعن شرٍّ منهم، وصفه بذلك أحمد والدارقطنى وغيرهما .. كذا قاله الحافظ في "طبقات المدلسين"[ص 51/ رقم 125].

وللحديث شاهد عن أبى سعيد الخدرى مرفوعًا .. : "لا يدخل الجنة صاحب مكس، ولا مدمن خمر، ولا مؤمن بسحر، ولا قاطع رحم، ولا منان": أخرجه أبو الشيخ في "الطبقات"[2/ 324]، ومن طريقه الشجرى في "الأمالى"[ص 21]، من طريق أحمد بن محمود - وهو ابن صبيح - عن رجاء بن صهيب - وهو صدوق صالح - عن داود بن على - وهو القنطرى - عن محمد بن أنس عن الأعمش عن الطائى - وهو سعد أبو مجاهد - عن عطية - وهو العوفى - عن أبى سعيد به ..

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف، رجاله كلهم مقبولون سوى عطية العوفى، ضعيف يدلس شر التدليس إن صح عنه. ثم إن فيه علة أخرى، وهى عنعنة أبى محمد الأسدى، فهو عريق في التدليس على إمامته.

وللحديث شاهد آخر عن رويفع بن ثابت مرفوعًا بلفظ: (إن صاحب المكس في النار): أخرجه أحمد [4/ 109]، والطبراني في "الكبير"[5/ رقم 4493]، والسميوظى في جزء في ذم المكس [رقم 2]، وفى سنده ابن لهيعة، وباقى رجاله ثقات. والحديث بهذين الشاهدين أرجو أن يكون حسنًا إن شاء الله. وقد قال الحافظ السيوطى في جزء "ذم المكس"[عقب رقم 1]، بعد أن ذكر حديث عقبه:"هذا حديث صحيح" ثم ذكر بعده حديث رويفع بن ثابت ثم قال:=

ص: 257

1757 -

حدّثنا زهيرٌ، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا أبان بن يزيد، عن قتادة، عن نعيم بن همارٍ، عن عقبة بن عامرٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَتَعْجِز بْنَ آدمَ أَنْ تُصَلِّيَ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ أَكْفِكَ آخِرَ يَوْمِكَ؟! ".

1758 -

حدَّثنا زهيرٌ، حدثنا يزيد بن هارون، أخبرنا هشامٌ الدستوائي، عن يحيى بن أبى كثيرٍ، عن بعجة الجهني، عن عقبة بن عامر، قال: قسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحايا فأصابنى جذعٌ، فقلت: يا رسول الله، إنه صار لى جذعٌ، قال:"ضَحِّ بِهِ".

1759 -

حدثنا أبو خيثمة، حدثنا أبو عاصمٍ الضحاك بن مخلدٍ، عن حيوة بن

= (هذا حديث حسن

)، ولعله يقصد أنه صحيح أو حسن بشواهده؛ لأن في الباب أخبارًا أخرى في ذم صاحب المكس ومثله العشَّار. فاللَّه المستعان.

1757 -

صحيح: أخرجه أحمد [4/ 153]، و [4/ 10]، وابن عساكر في "تاريخه"[62/ 187]، من طريق أبان العطار عن قتادة عن نعيم بن همار عن عقبة بن عامر به

قلتُ: وهذا إسناد صحيح كالشمس، وقتادة قد صرح بالسماع من نعيم عند أحمد [4/ 201]، وقد توبع عليه أبان العطار: تابعه بكير بن أبى السميط عند البخارى في "تاريخه"[8/ 94]، إشارة.

ونعيم بن همار قد اختلف في اسم أبيه على ألوان، والراجح الذي عليه الأكثرون هو الماضى:(همار) وهو صحابى عندهم. وفى هذا رد على من زعم أن قتادة لم يسمع من أحد من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلا من أنس وحده، والحديث روى من (مسند نعيم بن همار)، عند أبى داود [1289]، وجماعة. لكن اختلف في سنده على وجوه كثيرة. وله شواهد.

1758 -

صحيح: أخر جه البخارى [5227]، والنسائى [4380]، والترمذى [عقب رقم 1500]، وأحمد [4/ 144]، والدارمى [1953]، وابن خزيمة [2916]، والطيالسى [1002]، والطبراني في "الكبير"[17/ رقم 945]، والبيهقي في "سننه"[رقم 18840]، وأبو عوانة [رقم 6305]، والطحاوى في "المشكل"[14/ 183]، وغيرهم من طرق عن يحيى بن أبى كثير عن بعجة بن عبد الله الجهنى عن عقبة بن عامر به .. وعند بعضهم نحوه

قلتُ: وهذا إسناد صحيح ما به بشئ. وله طريق آخر عن عقبة به

1759 -

ضعيف: أخرجه أحمد [4/ 154]، وابن حبان [6086]، والحاكم [4/ 240]، =

ص: 258

شريحٍ، عن خالد بن عبيد، عن مشرحٍ، عن عقبة بن عامرٍ الجهني، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَن تَعَلَّقَ تَمِيمَةً فَلا أَتمَّ اللَّهُ عَلَيْهِ، وَمَنْ تَعَلَّقَ وَدْعَةً فَلا وَدَعَ اللَّهُ لَهُ".

1760 -

حدّثنا أبو خيثمة: حدّثنا عبد الصمد بن عبد الوارث، حدّثنا هشامٌ، عن قتادة، عن قيسٍ الجذامى، عن عقبة بن عامرٍ، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَعْتَقَ رَقَبَةً مُؤْمِنَةً فَهِىَ فِدَاؤهُ مِنَ النارِ".

= والطبراني في "الكبير"[17/ 820]، والبيهقي في "سننه"[19389]، وابن عبد البر في "التمهيد"[17/ 162]، وابن وهب في "الجامع"[رقم 643]، ومن طريقه الرويانى في "مسنده"[رقم 216]، والدولابى في "الكنى"[رقم 1327]، والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 325]، وغيرهم، من طرق عن حيوة بن شريح، عن خالد بن عبيد عن مشرح بن هاعان، عن عقبة بن عامر به

قلتُ: قال المنذرى في "الترغيب"[4/ 156]: "رواه أحمد وأبو يعلى بإسناد جيد" كذا قال، وسبقه الحاكم فقال:"هذا حديث صحيح الإسناد .. " وهو غفلة منهما معًا، وخالد بن عَبَيْدٍ شيخ مصرى مستور، لم يوثقه سوى ابن حبان وحده، ولم يرو عنه سوى حيوة بن شريح، ولا مزيد.

وقول الهيثمى في "المجمع"[5/ 175]: "رواه أحمد وأبو يعلى والطبراني ورجالهم ثقات" فمن تساهلاته المعروفة، لكن للحديث طريق آخر عن عقبة مثله

عند الطبراني في "مسند الشاميين"[1/ رقم 234]، من طريق موسى بن جمهور عن أحمد بن عبود بن الوليد [الشامى] عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبى سعيد [المقبرى] عن عقبة به

قلتُ: وهذا إسناد تالف، والوليد ضعيف واهٍ، وترجمته في "اللسان" وابن جمهور شيخ مستور الحال، وترجمته في "تاريخ بغداد"، و"تاريخ ابن عساكر"[60/ 402]، وباقى رجاله ثقات.

وابن عبود: هو أحمد بن عبد الواحد، صدوق من رجال "التهذيب".

176 -

صحيح: أخرجه أحمد [4/ 150]، والطيالسى [1009]، والطبراني في" الكبير، [17/ رقم 920]، وغيرهم، من طرق عن هشام الدستوائى عن قتادة عن قيس الجذامى عن عقبة بن عامر به

قلتُ: هكذا رواه حجاج بن نصير وعبد الصمد بن عبد الوارث عن هشام. وتابعهما أبو داود الطيالسى في "مسنده" كما مضى. =

ص: 259

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= لكن أخرجه الحاكم [2/ 230]، والرويانى في "مسنده"[رقم 241]، كلاهما من طريق أبى داود عن هشام وعندهما: (عن قتادة عن الحسن عن قيس الجذامى عن عقبة به

) هكذا: (عن قتادة عن الحسن عن قيس

).

فالظاهر أن (عن الحسن) قد سقطت من "مسند الطيالسى" وهذا شئ قد عهدناه كثيرًا في مطبوعة المسند، والحاصل أن الطيالسى قد خالف عبد الصمد وحجاجًا في هشام، وقد توبع هشام على الوجهين جميعًا، فتابعه سعيد بن أبى عروبة على الوجه الأول: فرواه عن قتادة فقال: عن قتادة قال: ذُكِرَ أن قيسًا الجذامى حدَّث عن عقبة بن عامر .. فذكره بنحوه

، هكذا أخرجه أحمد [4/ 147].

قلتُ: وقوله (ذكر) على البناء للمجهول، فهو دليل على كون قتادة لم يسمعه من قيس، وإنما يرويه عنه بواسطة الحسن كما يأتى، ووقع عند أحمد: (أن قيسًا الجذامى حدثه عن عقبة

) هكذا: (حدثه عن عاقبة) وهى خطأ عندى.

والصواب: (حدَّث عن عقبة) وصوَّبته من "إتحاف الخيرة"[رقم 4962]، للبوصيرى. وطريق ابن أبى عروبة عند الطبراني أيضًا في "الكبير"[17/ رقم 998].

وجاء همام بن يحيى وتابع هشامًا على الوجه الثاني، فرواه عن قتادة فقال: عن الحسن عن قيس الجذامى عن عقبة به

، هكذا أخرجه الطبراني في "الكبير"[17/ رقم 919]، ووقع عنده: (عن قتادة عن الحسن بن قيس الجذامى

) وهذا تصحيف، وصوابه:(عن الحسن عن قيس).

وهذا الطريق هو المحفوظ بما فيه من الزيادة.

فلْننظر فيه: فنظرنا فوجدنا رجاله ثقات معروفين سوى الحسن، فمن يكون؟! لقد كدتُ أجزم بكونه الحسن البصرى لولا أنى وجدتُ ابن أبى حاتم قد نقل عن أبيه في ترجمة (قيس الجذامى) من الجرح [7/ 105] أن من الرواة عنه:(الحسن بن عبد الرحمن؟!) هكذا فقط، والحسن هذا ترجمه البخارى وابن حبان وابن أبى حاتم، ولم يذكروا عنه أكثر من كونه روى عن كثير بن مرة، وعنه قتادة فقط، ونسبه ابن أبى حاتم شاميّا، فكأنه شيخ مجهول الحال، وقيس الجذامى صحابى عند الأكثر.

وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة. وهو حديث صحيح ثابت من طرق بألفاظ نحوه

وفى الباب عن أبى هريرة وعمرو بن عبسة وكعب بن مرة وواثلة بن الأسقع، ومالك بن عمرو، وأبى موسى الأشعرى وجماعة غيرهم. =

ص: 260

1761 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا حبان، حدّثنا زهير، حدّثنا عبد الرحمن بن حرملة، أن رجلًا من الإسكندرية من همدان حدثه يقال له: أبو عليٍّ، قال: خرجنا في سفرٍ ومعنا عقبة بن عامر، فقلنا له: صَلِّ بنا رحمك الله، فقال: لا أفعل؛ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "مَنْ أَمَّ النَّاسَ فَأَصَابَ الْوَقْتَ وَأَتَمَّ الصَّلاةَ فَلَهُ وَلَهُمْ، وَمَنِ انْتَقَصَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَعَلَيْهِ وَلا عَلَيْهِمْ".

=• تنبيه: قال المنذري في "الترغيب"[3/ 119]، بعد أن ذكر حديث عقبة: "رواه أحمد بإسناد صحيح

" وهذا من تساهلاته كما عرفتَ.

1761 -

صحيح: أخرجه أبو داود [580]، وابن ماجه [983]، وأحمد [4/ 201]، وابن خزيمة [1513]، وابن حبان [2221]، والحاكم [1/ 328]، والطبراني في "الكبير"[17/ رقم 910]، والبيهقي في "سننه"[5114]، والبخارى في "تاريخه"[1/ 160]- وعنده معلقًا - وابن عساكر في "تاريخه"[40/ 499]، وابن المنذر في "الأوسط"[رقم 1916]، والطحاوى في "المشكل"[5/ 190]، والفسوى في "المعرفة"[2/ 501]، وغيرهم، من طرق عن عبد الرحمن بن حرملة الأسلمى عن أبى على ثمامة الهمدانى عن عقبة بن عامر به

وهو عند بعضهم بنحوه ..

قلتُ: هذا إسناد صحيح في الشواهد والمتابعات، وقد صححه البدر العينى في "العمدة"[5/ 229]، على شرط البخارى، وهو وهْم منه؛ لأن البخارى لم يحتج بعبد الرحمن بن حرملة أصلًا، وإنما هو على شرط مسلم وحده. ثم إن ابن حرملة مختلف فيه، ويظهر لى ضعفه إن شاء الله. لكنه متابع كما يأتى.

ثم جاء أبو جعفر الطحاوى وأعلَّ هذا الطريق، وقال في "المشكل" [5/ 190]: "أهل العلم بالحديث يقولون: إن الصواب في إسناد هذا الحديث أنه عن يحيى بن أيوب عن حرملة بن عمران بن أبى عليّ الهمدانى، لأن عبد الرحمن بن حرملة لا يُعرف له سماع من أبى عليّ الهمدانى، وقد دل على ما قالوه من ذلك: ما روى يحيى بن كثير بن غفير هذا الحديث عن يحيى بن أيوب عليه، كما حدثنا الربيع بن سليمان الجيزى قال: حدثنا سعيد بن كثير بن عفير قال: ثنا يحيى بن أيوب عن حرملة بن عمران عن أبى على الهمدانى قال: سمعتُ عقبة بن عامر يقول: سمعتُ رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول:

ثم ذكر مثله سواء .. ". =

ص: 261

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قلتُ: إن كان حجة من نفى سماع ابن حرملة من أبى عليّ الهمدانى، إنما هو ذاك الطريق، فالجواب عنه من وجهين: بل من ثلاثة وجوه، بل من أربعة، بل من خمسة، بل من ستة:

الأول: أن سعيد بن كثير بن عفير قد خولف في الإسناد الماضى، خالفه: عبد الله بن وهب، وسعيد بن أبى مريم، كلاهما روياه عن يحيى بن أيوب فقا لا: عن عبد الرحمن بن حرملة به

وهكذا توبع عليه يحيى بن أيوب: تابعه ابن أبى حازم وابن عياش ووهيب بن خالد وعليّ بن عاصم وغيرهم، كلهم رووه فقالوا: عن عبد الرحمن بن حرملة به

وهذا هو المحفوظ.

والثانى: أن سعيد بن كثير وإن كان ثقة عالمًا إلا أن أبا حاتم الرازى قال: "لم يكن بالثبت، كان يقرأ من كتب الناس". فالأشبه: أن (عبد الرحمن بن حرملة) قد انقنب عليه، فصار (حرملة بن عمران) ويؤيده:

الثالث: أن حرملة بن عمران من المقلين في الرواية عن أبى على الهمدانى، بل لم أقف له على رواية عنه الآن.

والرابع: أننا لو تسامحنا بقبول رواية سعيد بن كثير الماضية، لقلنا بأن ليحيى بن أيوب في هذا الحديث شيخين:(عبد الرحمن بن حرملة) و (حرملة بن عمران) ولا يلزم من تصحيح رواية سعيد بن كثير: توهيم رواية مَنْ رواه عن (عبد الرحمن بن حرملة)، لاسيما وهم الجماعة. وقولهم المقبول بلا شك.

والخامس: وهو الحجة الدامغة: أنه قد وقع تصريح عبد الرحمن بن حرملة بسماعه هذا الحديث من أبى على الهمدانى عند الفسوى، ومن طريقه البيهقى، والطبراني، وغيرهم، من طريق سعيد بن أبى مريم عن يحيى بن أيوب عن عبد الرحمن بن حرملة حدثنى أبو على الهمدانى.

والسادس: أنى لم أجد رواية - الآن - ليحيى بن أيوب عن (حرملة بن عمران)، وهما أقران. وكل هذا يؤيد أن شيخ يحيى بن أيوب في هذا الحديث هو (عبد الرحمن بن حرملة) الذي انقلب على سعيد بن كثير بن عفيرب (حرملة بن عمران).

وقد توبع عليه عبد الرحمن بن حرملة: تابعه عبد الله بن عامر الأسلمى عليه بنحوه دون جملة (إصابة الوقت). أخرجه الطبراني في "الكبير"[17/ رقم 907، 908]، من طريقين صحيحين عن عبد الله بن عامر عن أبى على الهمدانى عن عقبه به

=

ص: 262

1762 -

حدّثنا زهير، حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا أبى، عن ابن إسحاق، قال: حدثنى يزيد بن أبى حبيب، عن عبد الرحمن بن شماسة التجيبى، عن عقبة بن عامرٍ، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:"لا يَحِلُّ لامْرِئٍ مُسْلِمٍ أَنْ يَخْطُبَ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ حَتَّى يَتْرُكَ، وَلا يَبِيعَ عَلَى بَيْعِهِ حَتَى يَتْرُكَ".

1763 -

حدثنا أبو خيثمة، حدّثنا عبد الله بن يزيد، حدّثنا حيوة، حدّثنا أبو عقيل، عن ابن عمه، عن عقبة بن عامرٍ، أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك، فجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم يومًا يحدث أصحابه، فقال:"مَنْ قَامَ إذَا اسْتَقْبَلَتْهُ الشَّمْسُ فَتَوَضَّأَ فَأَحْسَنَ وُضُوءَهُ، ثُمَّ قَامَ فَصَلَّى رَكعَتَيْنِ غُفِرَ لَهُ خَطَايَاهُ، وَكانَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ".

= قلتُ: وابن عامر هو أبو عامر المقرئ المشهور، ضعفه النقاد في الرواية، على علمه ومعرفته في القراءة. لكنه يصلح في المتابعات.

وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة نحوه

يأتى منهم حديث أبى هريرة عند المؤلف [برقم 5843]، وغيره.

1762 -

صحيح: أخرجه مسلم [1414]، وأحمد [4/ 147]، والطبراني في "الكبير"[17/ رقم 873، 874، 875]، والبيهقي في "سننه"[10681]، والطحاوى في "شرح المعانى"[3/ 3]، وأبو عوانة [رقم 3358]، والروياني في "مسنده"[رقم 190، 191]، والفسوى في "المعرفة"[2/ 500]، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر"[ص 319]، وغيرهم، من طرق عن يزيد بن أبى حبيب عن عبد الرحمن بن شماسة عن عقبة بن عامر به. .. وهو عند بعضهم نحوه

وزاد مسلم وغيره في أوله: (المؤمن أخو المؤمن .. ) وعند أحمد وغيره: (المسلم أخو المسلم

).

قلتُ: وإسناده صحيح. وهو عن ابن ماجه [2246]، والدارمى [2550]، والحاكم [2/ 10]، والطبراني في "الكبير"[17/ رقم 877]، ومن طريقه المزى في "التهذيب"[10/ 174]، والرويانى [رقم 183]، وأبو الفتح الأزدى في "فوائده" ومن طريقه الحافظ في "تغليق التعليق"[2/ 70]، وغيرهم، من طريق يزيد بن أبى حبيب بإسناده به نحوه

دون جملة النهى عن أن يخطب الرحل على خطبة أخيه

فانتبه.

176 -

صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 249]، في (مسند عمر).

ص: 263

1764 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا عبد الله بن يزيد، حدّثنا حرملة بن عمران، عن أبى عشانة، عن عقبة بن عامرٍ، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ كَانَتْ لَه - أَوْ كَانَ لَه - ثَلاث بَنَاتٍ فَصَبَرَ عَلَيْهِنَّ، فَأَطْعَمَهنَّ، وَسَقَاهُنَّ، وَكَسَاهُنَّ مِنْ جِدَتِهِ، كُنَّ لَه حِجَابًا مِنَ النَّارِ".

1765 -

حدّثنا أبو خيثمة، حدّثنا عبد الله بن يزيد، حدّثنا سعيد بن أبى أيوب،

1764 - صحيح: أخرجه ابن ماجه [3669]، وأحمد [4/ 154]، البخارى في "الأدب المفرد"[رقم 76]، والطبراني في "الكبير"[17/ 826]، والبيهقي في "الشعب"[6/ 8688]، وابن أبى الدنيا في "العيال"[رقم 89]، والحسين بن حرب في "البر والصلة"[رقم 152]، وابن عدى في "الكامل"[2/ 459]، والبخارى أيضًا في "تاريخه"[8/ 440]، والفسوى في "المعرفة"[2/ 500]، وابن عبد الحكم في "فتوح مصر"[ص 317]، وغيرهم من طرق عن حرملة بن عمران عن أبى عشانة عن عقبة بن عامر به

وهو عند بعضهم بنحوه ....

قلتُ: وهذا إسناد مصرى مستقيم. وقد توبع عليه حرملة:

1 -

تابعه يزيد بن عبد الله بن الهاد - مقرونًا مع حرملة - عند الطبراني في "الكبير"[17/ 827، 830]، من طريق رشدين بن سعد عنه ....

قلُت: وهذه متابعة لا تثبت. ورشدين ليس بالقويم.

2 -

وتابعه ابن لهيعة: عند الروياني في "مسنده"[رقم 229]، والطبراني في "الكبير"[17/ 854]، من طريقين صحيحين عنه به .. ولفظ روايته:(من كن له ثلاث بنات فصبر عليهن كن له سترًا من النار).

وقد رواه عنه قتيبة بن سعيد عند الطبراني، فإسناده جيد على شرط الإمام الألبانى، وقد رواه بعضهم عن حرملة بن عمران فلم يضبط سنده، وأتى فيه بزيادة منكرة، فقال: عن حرملة بن عمران عن بعض المشيخة عن ابن عبدس المعافرى به مرفوعًا

مثل لفظ المؤلف وزاد: (

ولا زكاة عليه ولا جهاد) هكذا ذكره البخارى في "تاريخه"[8/ 440]، وسنده مجهول، والزيادة منكرة جدًّا، وابن عبدس تابعى مغمور لا يُعرف أصلًا

1765 -

صحيح: أخر جه أحمد [4/ 146]، والطبراني في "الكبير"[17/ 796]، وفى "الأوسط"[9/ 9339]، والحارث [2/ 554/ زوائده]، والطبرى في "تهذيب الآثار"[2837]، وغيرهم من طريقين عن عبد الله بن الوليد بن قيس عن أبى الخير مرثد بن عبد الله عن عقبة به. .. =

ص: 264

حدثنى عبد الله بن الوليد، عن أبى الخير، عن عقبة، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"إِنْ كَانَ فِي شَىْءٍ شِفَاءٌ فَفِى شَرْطَةِ حَجَّامٍ، أَوْ شَرْبَةٍ مِنْ عَسَلٍ، أَوْ كَيَّةِ نَارٍ تصِيبُ الدَّاءَ، وَأَنَا أَكرَهُ الْكَيَّ وَلا أُحِبُّه".

1766 -

حدّثنا إبراهيم بن الحجاج السامى، حدّثنا ابن المبارك، عن حرملة بن عمران، عن يزيد بن أبى حبيب، عن أبى الخير، عن عقبة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الرَّجُلُ فِي ظِلِّ صَدَقَتِه حَتَّى يُقْضَى بَيْنَ النَّاسِ"، أو قال:"حَتَّى يُقْتَصَّ بَيْنَ الناسِ"، وكان أبو الخير لا يأتى عليه يومٌ إلا تصدق فيه بشئٍ ولو كعكةً، ولو بصلة.

= قلتُ: وإسناده صحيح في الشواهد. وعبد الله بن الوليد وإن ذكره ابن حبان في "الثقات" على قاعدته، فقد قال عنه الدارقطنى في "سؤالات البرقانى" [ص 41/ 270]: "لا يعتبر به

".

قلتُ: وهذا إهدار له بالكلية، وقال الحافظ:"لين الحديث" لكن للحديث شواهد عن جماعة من الصحابة مثله ونحوه

وسيأتى منها حديث جابر [2100]، وهو حديث صحيح ثابت.

1766 -

صحيح: أخرجه أحمد [4/ 147]، وابن خزيمة [2431]، وابن حبان [3310]، والحاكم [1/ 576]، والطبراني في "الكبير"[17/ رقم 771]، والبيهقي في "سنده"[7540]، وفى "الشعب"[3/ رقم 3348]، والقضاعى في "الشهاب"[1/ رقم 103]، والحسين بن حرب في "البر والصلة"[رقم 339]، وابن المبارك في "الزهد"[رقم 645]، والبغوى في "شرح السنة"[3/ 173]، وغيرهم من طريقين عن حرملة بن عمران عن يزيد بن أبى حبيب عن أبى الخير اليزنى عن عقبة به ....

قلتُ: وهذا إسناد مصرى غالٍ، وقال الذهبى في "المهذب":"إسناده قوى" كما في "فيض القدير"[5/ 12]، وقال الهيثمى في "المجمع" [3/ 286]:"رواه أحمد كله، وروى أبو يعلى والطبراني في "الكبير" بعضه، ورجال أحمد ثقات" وهذا منه عجب في موضعين:

الأول: قد تعقبه حسين الأسد في تعليقه قائلًا: "نقول: رواه أبو يعلى كله ولم يقتصر على بعضه كما قال الهيثمى".

قلتُ: وهو كما قال.

والثانى: أن رجال أبى يعلى والطبراني ثقات أيضًا، بل هم أنفسهم رجال أحمد، فأيش هذا القصور وقد توبع عليه حرملة: =

ص: 265

1767 -

حدّثنا أبو همامٍ، حدّثنا محمد بن شعيب بن شابورٍ، أخبرنى أبو عمرٍو يحيى بن الحارث الذمارى، أنه سمع القاسم أبا عبد الرحمن مولى يزيد بن معاوية بن أبى

= 1 - تابعه عمرو بن الحارث ولكن بلفظ: (إن الصدقة لتطفئ على أهلها حر القبور) هكذا عند ابن عبد البر في "التمهيد"[23/ 175]، وابن عدى في "الكامل"[2/ 211]، من طريق الحكم بن يعلى عن عمرو بن الحارث به

قلتُ: وهذا متابعة لا يفرح بها أصلًا، والحكم قد حكموا عليه بالسقوط فسقط، قال أبو حاتم:"هو متروك الحديث، منكر الحديث" ونحوه قال أبو زرعة والبخارى.

2 -

وتابعه أيضًا ابن لهيعة ولحسن بن ثوبان - وقرن معهما عمرو بن الحارث أيضًا - كلاهما مثل اللفظ الماضى وزادا: (وإنما يستظل المؤمن يوم القيامة في ظل صدقته

).

هكذا أخرجه الطبراني في "الكبير"[17/ رقم 788]، من طريق يحيى بن عثمان بن صالح عن سعيد بن أبى مريم عن رشدين بن سعد عن ابن لهيعة والحسن بن ثوبان وعمرو بن الحارث ثلاثتهم به.

قلتُ: وهذه متابعة فاشلة، يحيى بن عثمان قد تكلموا فيه، ورشدين ليس من فرسان الرواية مع زهده وصلاحه، وقد كان سمى الحفظ مع تخليط شديد، وهذا الطريق بمتنه الماضى عند البيهقى في "الشعب"[3/ رقم 3347].

ولكن وقع سنده هكذا: (حدثنا يحيى حدثنى بن عثمان بن صالح حدثنا أبو صالح كاتب الليث عن لهيعة ورشدين بن سعد، عن الحسن بن ثوبان وعمرو بن الحارث عن يزيد بن أبى حبيب).

قلتُ: وفيه تخليط لا يخفى، والحديث من هذا الطريق: أعله الهيثمى في "المجمع"[3/ 286، بابن لهيعة، وسبقه المنذرى إلى هذا في "الترغيب" [2/ 10]، وتابعهما المعلق على "كبير الطبراني" وهو غفلة منهم جميعًا، وقد ردَّ عليهم الإمام ذلك في "الضعيفة"[7/ 21].

• وبالجملة: فالحديث صحيح دون ذلك اللفظ الماضى في طريق عمرو بن الحارث ومن معه: (إن الصدقة لتطفئ عن أهلها حر القبور) فتلك جملة ساقطة الإسناد.

17 -

قوى: أخرجه النسائي [2254]، والطبراني في "الكبير"[17/ رقم 927]، وفى "مسند الشامين"[2/ 896]، وابن أبى عاصم في "الجهاد"[2/ 169]، وابن عساكر في "تاريخه"[49/ 102]، وغيرهم، من طريق محمد بن شعيب عن يحيى بن الحارث الذمارى عن القاسم أبى عبد الرحمن الشامى عن عقبة به

=

ص: 266

سفيان يرفع الحديث إلى عقبة، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"مَنْ صَامَ يَوْمًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ بَاعَدَ اللَّهُ مِنْهُ جَهَنَّمَ مَسِيرَةَ مِئَةِ عَامٍ".

* * *

= قلتُ: وهذا إسناد صالح. والقاسم صدوق متماسك على كثرة غرائبه، ولم ينفرد به كما يأتى.

وقد توبع عليه يحيى بن الحارث: تابعه عروة بن يريم مثله لكنه قال: (سبعين خريفًا للمضمر المجيد) هكذا أخرجه الخطابى في "الغريب"[1/ 335]، بإسناد صحيح إلى ابن وهب قال: أخبرنى ابن لهيعة عن إسحاق بن أبى فروة عن عروة به

فقلتُ: وتلك متابعة لا تصح، أفسدها ابن لهيعة وشيخه، وقوله:(للمضمر المجيد) مضى لها شاهد من حديث أبى سعيد الخدرى [برقم 1486]، بإسنادٍ واهٍ.

وقد توبع عليه القاسم: تابعه مكحول الشامى عن عقبة به نحو لفظ المؤلف

أخرجه الطبراني في "مسند الشاميين"[4/ رقم 3493]، بإسناد صحيح إلى عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان عن أبيه عن مكحول به

قلتُ: وهذا إسناد فيه نظر، مكحول لا يُعرف له سماع من عقبة، وهو كثير الإرسال، وعبد الرحمن مختلف فيه، وقد اختلف فيه على مكحول كما تراه عند عبد الرزاق [9684]، ومن طريقه الطبراني في "مسند الشاميين"[4/ رقم 3498]، وانظر منه [رقم 3499]، و"الأوسط"[3/ رقم 3249]، وابن أبى شيبة [19375].

وفى الباب عن جماعة من الصحابة نحو سياق المؤلف: (مائة عام) وهو حديث قوى بطرقه وشواهده بهذا اللفظ. وهو ثابت من طرق أخرى ولكن بلفظ (سبعين خريفًا) أو (سبعين عامًا). وقد مضى منها: طريق أبى سعيد الخدرى عند المؤلف [برقم 1257، 1272].

ص: 267