المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌قاسم الرحال، عن أنس - مسند أبي يعلى - ت السناري - جـ ٥

[أبو يعلى الموصلي]

فهرس الكتاب

- ‌تابع مسند أنس بن مالك رضي الله عنه

- ‌ثابت البناني، عن أنس

- ‌الزهرى، عن أنس

- ‌شريك، عن أنس

- ‌محمد بن المنكدر، عن أنس

- ‌ربيعة الرأى، عن أنس

- ‌سعد بن إبراهيم، عن أنس

- ‌يحيى بن سعيد، عن أنس

- ‌أبو الزناد، عن أنس

- ‌عطاء الخراسانى، عن أنس

- ‌عطاء بن أبى ميمونة، عن أنس

- ‌أبو نضرة، عن أنس

- ‌عبد الله بن عبد الرحمن الأنصاري، عن أنس

- ‌بُرَيْد بن أبى مريم، عن أنس بن مالك

- ‌أبو سفيان، عن أنس

- ‌قاسم الرحال، عن أنس

- ‌حميد الطويل، عن أنس

- ‌عبد العزيز بن صهيب، عن أنس

- ‌المختار بن فلفل، عن أنس

- ‌الشعبى؛ عن أنس

- ‌عليّ بن زيد، عن أنس

- ‌حماد بن أبى سليمان، عن أنس

- ‌أبو إسحاق، عن أنس

- ‌المنهال بن عمرو، عن أنس

- ‌بيان، عن أنس

- ‌الأعمش، عن أنس

- ‌عاصم الأحول، عن أنس

- ‌سهل أبو الأسود، عن أنس

- ‌نافع بن مالك، عن أنس

- ‌زياد، عن أنس

- ‌الزبير بن عدى، عن أنس

- ‌ليث، عن أنس

- ‌ثابت الأعرج، عن أنس

- ‌العلاء بن زياد، عن أنس

- ‌السدى، عن أنس

- ‌حميد بن هلال، عن أنس

- ‌يحيى بن عباد، عن أنس

- ‌عمرو ابن زينب، عن أنس

- ‌خالد بن الفرز، عن أنس

- ‌قيس بن وهب، عن أنس

- ‌أبو هبيرة، عن أنس

- ‌إسماعيل السدى، عن أنس

- ‌عبد العزيز بن رفيع، عن أنس

- ‌عمرو مولى المطلب، عن أنس

- ‌بشر، عن أنس

- ‌الحارث بن زياد، عن أنس

الفصل: ‌قاسم الرحال، عن أنس

‌قاسم الرحال، عن أنس

3693 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا أبو عيينة، عن قاسم الرحال، عن أنس بن مالك، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم خربًا لبنى النجار، يقضى حاجته، فخرج إلينا مذعورًا، فقال:"لَوْلا أَنْ لا تَدَافَنُوا لَسَأَلْتُ اللَّهَ أَنْ يُسْمِعَكمْ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ حَتَّى تَسْمَعُوا".

3694 -

حَدَّثَنَا أحمد بن عيسى المصرى، حدّثنا عبد الله بن وهب، حدثنى سعيد بن عبد الرحمن بن أبى العمياء، أن سهل بن أبى أمامة، حدثه أنه دخل هو وأبوه على أنس بن مالك بالمدينة زمن عمر بن عبد العزيز وهو أميرٌ، فصلى صلاةً خفيفةً كأنها صلاة مسافر أو قريبٌ منها، فلما سلم، قال: يرحمك الله، أرأيت هذه الصلاة المكتوبة، أم شئٌ تنفلته؟ قال: إنها المكتوبة، وإنها صلاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، ما أخطأت إلا شيئا سهوت عنه، إن

3693 - صحيح: أخرجه أحمد [3/ 111]، وعنه ابنه في "السنة"[2/ رقم 1421]، والحميدى [1187]، والبيهقى في "إثبات عذاب القبر"[93]، والطبرى في "تهذيب الآثار"[334]، وابن أبى داود في البعث [14]، ومن طريقه ابن عساكر في "المعجم"[56]، وابن الأعرابى في "المعجم"[34]، وابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد"[1/ 65]، والخطيب في "موضح الأوهام"[2/ 369]، وغيرهم من طرق عن ابن عيينة عن قاسم بن يزيد الرحال عن أنس به.

قلتُ: وهذا إسناد صحيح مستقيم، وقاسم الرحال وثقه ابن معين وابن حبان، وذكره ابن خلفون في "الثقات" ونقل توثيقه عن العجلى أيضًا، راجع تعجيل المنفعة [ص 341].

وقال ابن عساكر عقب روايته: (القاسم هو ابن يزيد الرحال، من أهل البصرة ثقة روى عنه حماد بن سلمة أيضًا) وهذا يضاف إلى توثيق الجماعة له، وقال البيهقى عقب روايته: (هذا إسناد صحيح

) وفيه توثيق لقاسم الرحال أيضًا، وللحديث طرق أخرى عن أنس به نحوه

يأتى بعضها [برقم 3727]، ومضى بعضها بالمرفوع منه فقط [برقم 2996].

3694 -

ضعيف بهذا التمام: أخرجه أبو داود [4904]، من طريق أحمد بن صالح المصرى عن ابن وهب عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبى العمياء عن سهل بن أبى أمامة عن أنس به.

قال البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[4/ 84]: "هذا إسناد صحيح" وقال الهيثمى في "المجمع"[6/ 390]: "رواه أبو يعلى ورجاله رجال الصحيح غير سعيد بن عبد الرحمن بن أبى العمياء، وهو ثقة". =

ص: 414

رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يقول: "لا تُشَدِّدُوا عَلَى أَنْفُسِكُمْ فَيُشَدِّدَ اللهُ عَلَيْكُمْ، فَإِنَّ قَوْمًا شَدَّدُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ فَشُدِّدَ عَلَيْهِمْ، فَتِلْكَ بَقَايَاهُمْ فِي الصَّوَامِعِ وَالدِّيَارَاتِ: {وَرَهْبَانِيَّةً ابْتَدَعُوهَا مَا كَتَبْنَاهَا عَلَيْهِمْ} [الحديد: 27]، ثُمَّ غَدَوْا مِنَ الْغَدِ، فَقَالُوا: نَرْكَبُ فَنَنْظُرُ وَنَعْتَبِرُ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَرَكِبُوا جَمِيعًا، فَإذَا هُمْ بِدِيَارٍ قَفْرٍ، قَدْ بَادَ أَهْلُهَا وَانْقَرَضُوا وَنُفُوا، خَاوِيَةٍ عَلَى عُرُوشِهَا، فَقَالُوا: أَتَعْرِفُ هَذِهِ الدِّيَار؟ قَالَ: مَا أَعْرَفَنِى بِهَا وَبِأَهْلِهَا، هَؤُلاءِ أَهْلُ دِيَارٍ أَهْلَكَهُمُ الْبَغِىُ وَالحسَدُ، إِنَّ الحسَدَ يُطْفِئُ نُورَ الحسَنَاتِ، وَالْبَغْىُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ، وَالْعَيْنُ تَزْنِى، وَالْكَفُّ، وَالْقَدَمُ، وَالْيَدُ، وَاللِّسَانُ، وَالْفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ أَوْ يُكَذِّبُهُ".

= قلتُ: كأن الهيثمى صاحبه قد تابعا ابن حبان على توثيقه سعيد بن أبى العمياء، وهو شيخ لم يرو عنه سوى رجلين وانفرد ابن حبان بتوثيقه ومن طالع ترجمته من "ثقات ابن حبان"[6/ 354]، علم أنها كالنسخ من ترجمة (سعيد) في تاريخ البخارى [3/ 491]، وصدق بذلك قول العلامة المعلمى اليمانى بكون ابن حبان يعتمد كثيرًا على كتاب (البخارى) في تراجم رجال الصدر الأول وما بعدهم، وابن حبان يقع جل تساهله في توثيق هؤلاء الطراز من النقلة، ومذهبه في التوثيق معلوم. وما زاد في ترجمة "سعيد بن أبى العمياء" على أن قال: (يروى عن سهل بن أبى أمامة، روى عنه ابن وهب" وفى هذا إشارة إلى كونه لا يعرفه أصلًا، فانتبه.

• والحاصل: أن آفة هذا الإسناد: هو جهالة حال سعيد بن أبى العمياء، وقد خولف في إسناده أيضًا؛ خالفه عبد الرحمن بن شريح المصرى، فرواه عن سهل بن أبى أمامة عن أبيه عن جده سهل بن حنيف بالفقرة الوسطى منه فقط مرفوعًا بلفظ:(لا تشددوا على أنفسكم؛ فإنما أهلك من قبلكم بتشديدهم على أنفسهم، وستجدون بقاياهم في الصوامع والديارات) فجعله من (مسند سهل بن حنيف).

هكذا أخرجه البخارى في "تاريخه"[4/ 97]، والطبرانى في "الكبير"[6/ 5551]، وفى "الأوسط"[3/ 3578]، وابن قانع في "المعجم"[481]، والفسوى في "المعرفة"[1/ 337 - 338]، وغيرهم من طريق عبد الله بن صالح كاتب الليث عن عبد الرحمن بن شريح به.

قلتُ: وهذا إسناد صالح إن شاء الله، وليس يخفى علينا حال كاتب الليث وكلام النقاد فيه، بل الرجل عندنا ضعيف، مطلقًا دون تفصيل، اللَّهم إلا أننا نقبل من حديثه ما رواه عنه البخارى =

ص: 415

3695 -

حدّثنا حسين بن الأسود، حدّثنا ابن فضيل، عن ابن إسحاق، عن المنهال بن عمرو، عن أنس بن مالك، قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم دعوات لا يدعهن، كان يقول:"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالحزَنِ، وَالْغَمِّ وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالجبْنِ، وَغَلَبَةِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ".

= وحده دون أهل الأرض؛ لأن البخارى لم يكن يروى عن شيوخه المتكلم فيهم؛ إلا ما ثبت عنده أنه من صحيح حديثه، وهذا قد شرحناه في غير هذا المكان؛ وأظننى قد مضى لى الخوض في هذا سابقًا في موضع لا يحضرنى من "الرحمات" وراجع التنكيل [1/ 123 - 124]، ترجمة (أحمد بن عبد الله أبى عبد الرحمن العكى) وذيلنا عليه المسمى بـ (المحارب الكفيل بتقويم أسنة التنكيل) يسر الله إتمامه.

وهذا الحديث قد رواه البخارى عن كاتب الليث به

كما مضى في "تاريخه".

وقد قال الهيثمى في "المجمع"[1/ 230]: "رواه الطبراني في "الأوسط" و"الكبير"، وفيه عبد الله بن صالح كاتب الليث، وثقه جماعة وضعفه آخرون" ومن طريق كاتب الليث: أخرجه البيهقى أيضًا في "الشعب"[3/ رقم 3884]، وشيخه عبد الرحمن بن شريح ثقة مشهور، ومن فوقه ثقات أيضًا؛ ثم إن للحديث بهذا اللفظ المختصر شاهدين مرسلين:

أحدهما: عن أبى قلابة الجرمى به

والثانى: عن قتادة به

راجع الكلام عليهما في "الصحيحة"[3347 - 335/ طبعة المعارف]، للإمام. ولبعض فقرات الحديث بسياقه الطويل: طرق وشواهد.

• تنبيه مهم: قد يستشكل إيراد الهيثمى هذا الحديث في "مجمع الزوائد" وكذا البوصيرى في "إتحاف الخيرة" وثالثهم الحافظ في ""المطالب" [رقم 515] " مع كون الحديث في صلب أبى داود، والجواب عن هذا: أن الحديث قد وقع مختصرًا ببعضه في بعض نسخ (سنن أبى داود)، وقد نبه على ذلك الإمام في "الضعيفة"[7/ 467]، ومنه استفدنا الإشارة إليه هنا .. فرحم الله الإمام الألبانى وطيب ثراه.

3695 -

صحيح: أخرجه النسائي [5449]، من طريق محمد بن فضيل عن محمد بن إسحاق بن يسار عن المنهال بن عمرو عن أنس به.

قلتُ: هذا إسناد رجاله مقبولون؛ غير أن ابن إسحاق يدلس وقد عنعنه. والمنهال بن عمرو لم يذكروا له سماعًا من أنس بن مالك أصلًا، وإنما وجدت المزى قد ذكر (أنسًا) =

ص: 416

3696 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا جريرٌ، عن محمد بن إسحاق، عن العلاء بن عبد الرحمن، قال: دخلت على أنس بن مالك حين صلينا الظهر، فقالت له جاريته: الصلاة، فقلت: أية صلاة يا أبا حمزة؟ قال: العصر، قلت: إنما صلينا الظهر الآن!، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "تِلْكَ صَلاةُ الْمُنَافِقِ، يَتْرُك الصَّلاةَ حَتَّى إِذَا كَانَتْ فِي قَرْنِ الشَّيْطَانِ - أَوْ بَيْنَ قَرْنَى الشَّيْطَانِ - قَامَ فَصَلَّى، لا يَذْكُرُ اللهَ إِلا قَلِيلًا".

= في عداد شيوخه من "تهذيبه"[28/ 568]، قائلًا:(إن كان محفوظًا) يعنى إن صحت تلك الرواية ولم تكن شاذة، ثم أحال المزى على هذا الموضع عند النسائي ورمز له بـ (س) إشارة إلى أن رواية المنهال عن أنس في (سنن النسائي).

• والصواب: أن رواية المنهال تلك غير مخفوظة أصلًا؛ فقد اختلف في سندها على محمد بن إسحاق، فرواه عنه محمد بن فضيل على الوجه الماضى؛ وخالفه جرير بن عبد الحميد؛ فرواه عن ابن إسحاق فقال: عن عمرو بن أبى عمرو مولى المطلب عن أنس به

، فأسقط منه المنهال! وأبدله: بـ (عمرو)

، هكذا أخرجه النسائي [5450]، والمؤلف [برقم 3700]، وقال النسائي:(هذا الصواب، وحديث ابن فضيل خطأ) وهو كما قال، وقد توبع ابن إسحاق على هذا الوجه عن عمرو بن أبى عمرو: تابعه جماعة كثيرة، منهم:

1 -

إسماعيل بن جعفر: على نحوه في سياق أطول يأتى [برقم 3703].

2 -

وسليمان بن بلال على نحوه وزاد: (وضلع الدين) بدل: (وغلبة الدين) عند البخارى [6008]، وأحمد [3/ 240]، والبغوى في "شرح السنة"[2/ 470]، وغيرهم.

3 -

ويعقوب بن عبد الرحمن الزهرى على نحو رواية سليمان، ولكن في سياق طويل: عند البخارى [2736]، ومن طريقه البغوى في "شرح السنة"[5/ 322]، وأبو داود [1541]- وعنده دون سياقه الطويل - والبيهقى في "سننه"[12535]، وفى "الدلائل"[رقم 1573]، وسعيد بن منصور في "سننه"[2496]، وغيرهم.

4 -

وأبو مصعب المدني عبد السلام بن حفص: على نحو رواية سليمان أيضا: عند الترمذى [3484]، وقال:"هذا حديث غريب من هذا الوجه من حديث عمرو بن أبى عمرو".

قلتُ: ورواه أيضًا سعيد بن سلمة والمسعودى وسعيد بن أبى هند وعبد العزيز الماجشون وغيرهم عن عمرو مولى المطلب به نحوه، وللحديث طرق أخرى كثيرة عن أنس به نحوه.

3696 -

صحيح: أخرجه، مسلم [622]، ومالك [514]، وعنه أبو داود [413]، والترمذى =

ص: 417

3697 -

حَدَّثَنَا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم الهذلى، حدّثنا إسماعيل، عن شريك بن أبى نمر، عن أنس، قال: ما صليت وراء إمام أخف صلاةً من رسول الله صلى الله عليه وسلم.

3698 -

حَدَّثَنَا أبو معمر، حدّثنا إسماعيل، عن العلاء بن عبد الرحمن، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه.

= [160]، والنسائى [511]، وأحمد [3/ 102، 149، 185]، وابن خزيمة [333، 334]، وابن حبان [259، 261، 262، 263]، والطيالسى [2130]، وعبد الرزاق [2080]، والبيهقى في "سننه"[1927، 1928]، وفى "المعرفة"[رقم 687]، وأبو عوانة [رقم 819]، والبغوى في "شرح السنة"[1/ 281]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 192]، وجماعة من طرق عن العلاء بن عبد الرحمن عن أنس به.

قلتُ: وهذا إسناد صالح؛ والعلاء صدوق متماسك؛ وقد توبع على نحوه: تابعه حفص بن عبيد الله بن أنس عن أنس به مرفوعًا نحوه، وفيه: (قام فنقرها نقرات الديك

).

أخرجه أحمد [3/ 247]، والمؤلف [برقم 4642]، وعنه ابن حبان [260]، وغيرهم، بإسناد حسن إليه، وللحديث شواهد، يأتى منها حديث عائشة عند المؤلف [برقم 4642].

3697 -

صحيح: أخرجه البخارى [676]، ومسلم [469]، وأحمد [3/ 223، 240، 262]، وابن حبان [1886]، والبيهقى في "سننه"[5043]، وفى "المعرفة"[رقم 1585]، والبغوى في "شرح السنة"[2/ 98]، وأبو زرعة الدمشقى في "الفوائد المعللة"[رقم 112]، وغيرهم من طرق عن شريك بن عبد الله بن أبى نمر عن أنس به

وزاد البخارى وأبو عوانة وهو رواية لأحمد في آخره: (وإن كان ليسمع بكاء الصبى؛ فيخفف مخافة أن تفتن أمه) وهذه الزيادة مضت مستقلة [برقم 3626].

قلتُ: وله طرق أخرى عن أنس به

مضى بعضها [برقم 2787، 3360]، ويأتى بعضها [برقم 4219]، ومنها الآتى.

3698 -

صحيح: أخرجه إسماعيل بن جعفر في "حديثه"[رقم 384]، ومن طريقه المؤلف؛ والبيهقى في المعرفة [رقم 1585]، وغيرهم من طريق إسماعيل بن جعفر عن العلاء بن عبد الرحمن عن أنس به نحوه.

قلتُ: وهذا إسناد صالح على شرط مسلم.

ص: 418

3699 -

حَدَّثَنَا أبو معمر، حدّثنا ابن عيينة، عن حميد، عن أنس، نحوه.

3700 -

حَدَّثَنا زهير بن حرب، حدّثنا جريرٌ، عن محمد بن إسحاق، عن عمرو بن أبى عمرو، عن أنس بن مالك، قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم دعواتٌ لا يدعهن: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالحزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ".

3701 -

حَدَّثَنَا محمد بن أبى بكر، حدّثنا يحيى بن إسحاق، قال: سمعت عمرًا مولى المطلب، قال: سمعت أنسًا رضى الله عنه، قال: كان من دعاء النبي صلى الله عليه وسلم حين قفل بالجيش: "اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالحزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالجبْنِ وَالْبُخْلِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ".

3699 - صحيح: أخرجه إسماعيل بن جعفر في "حديثه"[رقم 83]، ومن طريقه ابن حبان [1759]، وأبو داود [853]، وغيرهما من طريقين عن حميد الطويل [وقرن معه ثابت البنانى عند أبى داود]، عن أنس به نحو السياق قبل الماضى

وزاد أبو داود زيادة في آخره.

قلت: وسنده قوى مستقيم؛ وقد أخرجه أحمد [3/ 100، 182، 205]، والمؤلف [برقم 3722]، وابن أبى شيبة [4674]، وأبو الشيخ في "الطبقات"[2/ 167]، والبغوي في "شرح السنة"[21/ 97]، وغيرهم من هذا الطريق نحوه

دون قوله في أوله: (ما صليت

) ولفظ البغوى: (ما رأيت أحدًا أتم صلاة من رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا أوجز) وهو رواية لأحمد، وقال البغوى عقب روايته:"هذا - حديث متفق على صحته، أخرجاه من طرق عن أنس" ولفظ أبى الشيخ: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوجز الناس صلاة في تمام" ولفظ أبى يعلى وابن أبى شيبة: "كان رسول الله من أخف الناس صلاة وأوجزه" وهو رواية لأحمد، وللحديث طرق كثيرة عن أنس به نحوه

كما مضى.

3700 -

صحيح: مضى الكلام عليه قريبًا [برقم 3695].

3701 -

صحيح: انظر الماضى قريبًا [برقم 3695]، ومحمد بن أبى بكر هو المقدمى الثقة المشهور؛ وشيخه:(يحيى بن إسحاق) لم أفطن له بعد، لم أجده في شيوخ المقدمى؛ ولا في تلاميذ عمرو مولى المطلب، وأخشى أن يكون اسمه محرفًا من (يحيى بن محمد بن قيس) فسيأتى هذا الحديث بعينه عند المؤلف [برقم 4054]، من طريق محمد بن أبى بكر المقدمى أيضًا عن يحيى =

ص: 419

3702 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبى شيبة، حدّثنا داود بن عبد الله، حدّثنا مالك بن أنس، عن عمرو مولى المطلب، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اطلعِ على أحَدُ فقال:"هَذَا جَبَلٌ يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ، اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ حَرَّمَ مَكَّةَ وَإِنِّى أُحَرِّمُ مَا بَيْن لابَتَيْهَا".

3703 -

حَدَّثَنَا يحيى بن أيوب، حدّثنا إسماعيل، أخبرنى عمرر بن أبى عمرو مولى المطلب بن عبد الله بن حنطب، أنه سمع أنس بن مالك يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبى طلحة: "الْتَمِسْ لَنَا غُلامًا مِنْ غِلْمَانِكُمْ يَخْدُمُنِى"، قال: فخرج بى أبو طلحة يردفنى وراءه، فكنت أخدم رسول الله صلى الله عليه وسلم كلما نزل فكنت أسمعه يكثر أن يقول:"اللَّهُمَّ إِنِّي أَعُوذُ بِكَ مِنَ الْهَمِّ وَالحزَنِ، وَالْعَجْزِ وَالْكَسَلِ، وَالْبُخْلِ وَالْجُبْنِ، وَضَلَعِ الدَّيْنِ، وَغَلَبَةِ الرِّجَالِ".

= ابن محمد بن قيس عن عمرو مولى المطلب عن أنس به

ويحيى بن محمد هذا ذكروا في ترجمته أنه يروى عن (عمرو بن أبى عمرو مولى المطلب) فلعله المقصود هنا إن شاء الله، ويكون اسمه قد تحرف إلى:(يحيى بن إسحاق) عند المؤلف في الطبعتين، ويحيى بن محمد بن قيس ضعفه جماعة، لكنه توبع عليه كما مضى ذلك في الحديث [رقم 3695]، فانظر ثمة.

3702 -

صحيح: أخرجه مالك [1576]، ومن طريقه البخارى [3187، 3856، 6902]، والترمذى [3922]، والبيهقى في "سننه"[9737]، والبغوى في "شرح السنة"[3/ 439]، والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 193]، وفى "المشكل"[10/ 120]، وأبو سعيد الجندى في "فضائل المدينة"[رقم 9، 62]، وابن عساكر في "تاريخه"[62/ 236]، وابن عبد البر في "التمهيد"[20/ 176]، وأبو الفضل الزهرى في حديثه [رقم 632]، وأبو الشيخ في "العظمة"[5/ 1706]، والكلاباذى في "بحر الفوائد"[رقم 12]، وابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد"[3/ 69]، وابن شبة في تاريخ المدينة [1/ 81] ، وغيرهم من طرق عن مالك بن أنس عن عمرو مولى المطلب عن أنس به

وليس عند ابن عساكر وابن شبة وأبى الشيخ شطره الثاني: (اللَّهم إن إبراهيم حرم

إلخ).

قلتُ: وقد توبع مالك عليه: تابعه عليه جماعة مطولًا ومختصرًا به مثله؛ ومنهم إسماعيل بن جعفر في الحديث الآتى.

3703 -

جيد: أخرجه البخارى [5109، 6002]، ومسلم [1365]، وأحمد [3/ 159]، =

ص: 420

فلم أزل أخدمه حتى أقبلنا من خيبر، وأقبل بصفية بنت حيى قد حازها، وكنت أراه كذا يحوى وراءه بعباءة أو بكساء ثم يردفها وراءه، حتى إذا كنا بالصهباء صنع حيسًا في نطع، ثم أرسلنى فدعوت رجالًا، فأكلوا، وكان ذلك بناءه بها.

ثم أقبل حتى إذا بدا له أحُدٌ، قال:"هَذَا جَبَل يُحِبُّنَا وَنُحِبُّهُ"، فلما أشرف على المدينة، قال:"اللَّهُمَّ إِنِّي أحَرِّمُ مَا بَيْنَ جَبَلَيْهَا مِثْلَ مَا حَرَّمَ إِبرَاهِيمُ مَكَّةَ، اللَهُمَّ بَارِكْ لَهُمْ فِي مُدِّهِمْ وَصَاعِهِمْ".

3704 -

حَدَّثَنَا أحمد بن حاتم الطويل، حدّثنا عبد العزيز، أخبرنى عمرو بن أبى عمرو، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم استصفى صفية لنفسه - أو بنفسه - حتى إذا أتى الصهباء عرّس بها، فأمرنى فدعوت من كان حوله، وأتى بسويق وتمر، فكانت تلك وليمة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحوز لها - أو يحوى لها - ثم يضع لها رجله حتى تركب.

= وغيرهم من طريق إسماعيل بن جعفر - وهذا في حديثه [رقم 348]- عن عمرو مولى المطلب عن أنس به .. وليس عند مسلم الفقرة الوسطى منه.

قلتُ: وله طرق أخرى عن عمرو مولى المطلب كما ذكرنا

وكذا له طرق أخرى عن أنس به مفرقًا.

3704 -

جيد: أخرجه الحاكم [4/ 30]، من طريق عبد العزيز بن محمد الدراوردى عن عمرو بن أبى عمرو عن أنس به

نحوه

دون قوله: (قال: ورأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يحوز لها، أو يحوى لها

إلخ).

قلتُ: وهذا إسناد جيد؛ وقد توبع عليه الدراوردى على نحوه

عن عمرو مولى المطلب: تابعه إسماعيل بن جعفر في سياق أتم كما في الماضى قبله.

وتابعه أيضًا يعقوب بن عبد الرحمن الزهرى على نحوه أيضًا في سياق أتم عند البخارى [2736، 3974]، والبيهقى في "سننه"[12535، 18082]، وفى "الدلائل"[رقم 1572]، والبغوى في "شرح السنة"[5/ 322]، وسعيد بن منصور في "سننه"[2496]، وغيرهم؛ وهو عند أبى داود [2995]، باختصار. وأخرجه مسلم وجماعة من طريق يعقوب أيضًا، ولكن ببعضه دون موضع الشاهد. فانتبه.

ص: 421

3705 -

حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبى شيبة، حدّثنا عبد الرحيم بن سليمان، عن يحيى بن الحارث، عن عمرو بن عامر الأنصارى، عن أنس بن مالك، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ثلاث: عن لحوم الأضاحى فوق ثلاث، وعن زيارة القبور، وعن هذا النبيذ في هذه الظروف، ثم قال:"أَلا إِنِّي نَهَيْتُكُمْ عَنْ ثَلاثٍ، ثُمَّ بَدَا لِي أَنَّ النَّاسَ يُبْقُونَ إِدَامَهُمْ وَيُتْحِفُونَ ضَيْفَهُمْ وَيَحْبِسُونَ لِغَائِبِهِمْ، فَكُلُوا وَأَمْسِكُوا مَا شِئْتُمْ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ - أظُنُّ شَكَّ أبُو بكْرٍ - فَزُورُوهَا وَلا تَقُولُوا: هُجْرًا - كَأنَّهُ، قَالَ -: تُرِقُّ الْقَلْبَ، وَتُدْمِعُ الْعَيْنَ، وَتُذَكِّرُ الآخِرَةَ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ فَانْتَبِذُوا فِيمَا شِئْتُمْ، مَنْ شَاءَ أَوْكَى سِقَاءَهُ عَلَى إِثْمٍ".

3705 - ضعيف بهذا التمام: أخرجه أحمد [3/ 237، 250]، والحاكم [1/ 531، 532]، وابن بشران في "الأمالى"[رقم 351]، والبزار في "مسنده" وغيرهم من طرق عن يحيى بن عبد الله بن الحارث الجابر عن عمرو بن عامر الأنصارى [وقرن معه:(عبد الوارث مولى أنس) في سنده عند أحمد في الموضع الأول] عن أنس به نحوه

وهو مختصر عند البزار؛ وهو عند الحاكم بفقرة الرخصة في زيارة القبور فقط، وزاد أحمد - في الموضع الأول - وابن بشران قبل آخره

: (ولا تشربوا مسكرًا).

قلتُ: قد سكت عليه الحاكم، ومثله الذهبى، وسنده ضعيف، آفته يحيى بن عبد الله المعروف بـ (الجابر) فإنه ضعيف عند الأكثرين، وقد مشاه بعضهم إلا أن الضعف على شمائله أظهر، بل قال ابن حبان عنه في "المجروحين" [3/ 123]:"منكر الحديث، يروى الناكير الكثيرة التى لا تشبه حديث الأئمة، حتى ربما سبق إلى القلب أنه كان يتعمد لذلك، لا يجوز الاحتجاج به بحال".

قلتُ: لكنه لم ينفرد به، بل تابعه على نحوه بهذا السياق: إبراهيم بن طهمان عند البيهقى في "سننه"[6990]، وفى "الشعب"[7/ رقم 9289]، وفى "الآداب"[رقم 280]، من طريق أبى حذيفة موسى بن مسعود النهدى عن إبراهيم بن طهمان عن عمرو بن عامر وعبد الوارث [وفى "الشعب":(وعبد الحارث) وهو تصحيف]، مولى أنس كلاهما عن أنس به

وهو في "الشعب" والآداب بالفقرة المتعلقة برخصة زيارة القبور فقط.

قلتُ: وهذه متابعة لا تثبت، وأبو حذيفة كان كثير الوهم، سيئ الحفظ كما قاله الحاكم، وقد ضعفه جماعة، ومشاه آخرون؛ إلا أنه إلى الضعف أقرب، والممارسة العملية لحديثه تقضى له =

ص: 422

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= بكثرة المخالفة للثقات؛ مع وهم كثير في الأسانيد والمتون، وقد خولف في سنده، خالفه عامر بن عبد الله بن يساف، فرواه عن ابن طهمان فقال: عن يحيى بن عباد عن أنس به مختصرًا بالفقرة المتعلقة برخصة زيارة القبور فقط، فأسقط منه (عمرو بن عامر، وعبد الوارث) وأبدلهما بـ: (يحيى بن عباد)

، هكذا أخرجه الحاكم [1/ 532]، بإسناد صحيح إلى عامر بن يساف به

، وسكت عنه الحاكم والذهبى، لكن قال الإمام في أحكام الجنائز [ص 180]:(أخرجه الحاكم [1/ 376]، بسند حسن).

قلتُ: وهذه غفلة من الإمام عن كون عامر بن يساف شيخًا منكر الحديث عن الثقات كما قاله ابن عدى في ترجمته من الكامل [5/ 85]، وضعفه ابن معين في رواية، وكذا العجلى وغيرهما، وقد مشاه بعضهم إلا أن الرجل لا يصلح إلا أن يكون ضعيفًا صاحب مناكير. راجع ترجمته من "اللسان" و"التعجيل".

ولعل الوجه الأول هو الأشبه بالصواب على ضعفه، وقد قال الهيثمى في "المجمع"[5/ 100]، بعد أن عزاه للمؤلف وأحمد والبزار باختصار: "وفيه يحيى بن عبد الله الجابر، وقد ضعفه الجمهور، وقال أحمد: لا بأس به

، وبقية رجاله ثقات" وقد علمت أن يحيى الجابر ضعيفًا على التحقيق، وهو آفة هذا الحديث، ومتابعة ابن طهمان له لم تثبت كما مضى.

ومن طريق يحيى الجابر: أخرجه ابن أبى شيبة أيضًا [11805]، ولكن مختصرًا بالإذن في زيارة القبور فقط، وقد ضعف الحافظ سنده كما نقله عنه المناوى في "فيض القدير"[5/ 56]، وقد وجدت له طريقًا آخرًا عن إبراهيم بن طهمان عن يحيى بن سعيد الكوفي، عن عمرو بن عامر وعبد الوهاب بن بخت كلاهما عن أنس به نحوه .. وسنده ظاهره السلامة إلا أنه معلول كما شرحناه في "غرس الأشجار" وله طريق آخر عن أنس به نحوه .. باختصار يسير: أخرجه البزار في "مسنده"[2/ 1211/ كشف الأستار]، من طريق الحارث بن نبهان عن حنظلة السدوسى عن أنس به.

قال البزار: "لا نعلم رواه عن حنظلة إلا الحارث" وقال الهيثمى في "المجمع"[4/ 29]: "رواه البزار وأحمد

فيه الحارث بن نبهان وهو ضعيف".

قلتُ: تسامح الهيثمي بشأن الحارث، وإلا فهو إلى الترك أقرب، راجع ترجمته من "التهذيب" وذويله. ثم سكت الهيثمى أيضًا عن حنظلة السدوسى، وهو شيخ منكر الحديث على التحقيق، وقد ضعفه الجماعة، وهو من رجال الترمذى وابن ماجه. =

ص: 423

3706 -

حَدَّثَنَا أبو همام الوليد بن شجاع، حدّثنا عبد الرحيم بن سليمان، بإسناده نحوه.

3707 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا أبى، عن ابن إسحاق، حدثنى يحيى بن الحارث الجابر، عن عبد الوارث مولى أنس، وعمرو بن عامر، عن أنس، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم زيارة القبور، وعن لحوم الأضاحى بعد ثلاث، وعن النبيذ في الدباء والحنتم والمزفت، قال: ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ثلاث: "إِنِّي كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ ثَلاثٍ ثُمَّ بَدَا لِي فِيهِمْ: نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ ثُمَّ بَدَا لِي أَنَّهُ تُرِقُّ الْقَلْبَ، وَتُدْمِعُ الْعَيْنَ وَتُذَكِّرُ الآخِرَةَ فَزُورُوهَا، وَلا تَقُولُوا هُجْرًا، وَنَهَيْتُكُمْ عَنْ لحُومِ الأضَاحِى أَنْ تَأْكُلُوهَا فَوْقَ ثَلاثِ لَيَالٍ، ثُمَّ بَدَا لِي أَنَّ النَّاسَ يُبْقُونَ أَدَمَهُمْ وَيُتْحِفُونَ ضَيْفَهُمْ وَيَحْبِسُونَ لِغَائِبِهِمْ فَأَمْسِكُوا مَا شِئْتُمْ، وَنَهَيْتُكُمْ عَنِ النَّبِيذِ فِي هَذِهِ الأَوْعِيَةِ فَاشْرَبُوا فِيمَا شِئْتُمْ، وَلا تَشْرَبُوا مُسْكِرًا، مَنْ شَاءَ أَوْكَى سِقَاءَهُ عَلَى إِثْمٍ".

3708 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن عمرو بن عامر، قال: سمعت أنسًا، يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يتوضأ عند كل صلاة، قال: قلت: فأنتم، كيف تصنعون؟ قال: كنا نصلى الصلاة بطهر واحد ما لم نحدث.

3709 -

حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا عبد الرحمن، عن سفيان، عن عمرو، قال: سمعت أنسًا يقول: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يحتجم، ولم يكن يظلم أحدًا أجره.

= وللحديث شواهد ثابتة عن جماعة من الصحابة قد استوفيناها في "غرس الأشجار" وهو ضعيف بهذا السياق جميعًا، وفيه حروف لم أجدها عند غيره، مثل قوله:(ترق القلب، وتدمع العين) وقوله: (أوكأ سقاءه على إثم) فلا أعلم لهذا شاهدًا يثبت في هذا الباب.

3706 و 3707 - ضعيف بهذا التمام: انظر قبله.

3708 -

صحيح: مضى قريبًا [برقم 3692].

3709 -

صحيح: أخرجه البخارى [2160]، ومسلم [1577]، وأحمد [3/ 177، 215، 261]، والطبرانى في "الأوسط"[3/ رقم 3337]. =

ص: 424

3710 -

حَدَّثَنَا إسحاق بن أبى إسرائيل، حدّثنا يعلى بن عبيد بن أبى أمية، حدّثنا مسعرٌ، عن عمرو بن عامر، قال: سمعت أنسًا، يقول: احتجم رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان لا يظلم أحدًا أجره.

3711 -

حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا يونس بن محمد، حدّثنا ليث بن سعد، عن يزيد بن الهاد، عن عمرو، عن أنس، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "قَالَ الله: إِذَا ابْتُلِىَ عَبْدِى بِحَبِيبَتَيْهِ، ثُمَّ صَبَرَ عَوَّضْتُه عَنْهُمَا الجَنَّةَ" يريد عينيه.

3712 -

حدّثَنَا أبو الوليد القرشى، حدّثنا الوليد، قال: وأخبرنى سالمٌ، أنه سمع محمد بن عمرو بن عثمان يحدث، عن أنس بن مالك، أن الجهنى قال: يا رسول الله،

= وأبو نعيم في "الحلب"[7/ 247]، والبيهقى في "سننه"[19296]، وابن عساكر في "المعجم"[رقم 1242]، وابن بشران في "الجزء الأول من فوائده"[رقم 24/ ضمن مجموع أجزاء حديثية]، وغيرهم من طريقين عن عمرو بن عامر عن أنس به.

قلتُ: وعمرو هذا هو الأنصارى الثقة المأمون.

3710 -

صحيح: انظر قبله.

3711 -

صحيح: أخرجه البخارى [5329]، وأحمد [3/ 144]، والبيهقى في "سننه"[6344]، وفى "الشعب"[7/ رقم 9958]، وفى "الآداب"[رقم 739]، وغير هم من طريق الليث بن سعد عن يزيد بن عبد الله بن الهاد عن عمرو بن أبى عمرو مولى المطلب عن أنس به.

قلتُ: وهذا إسناد جيد؛ رجاله كلهم ثقات سوى عمرو مولى المطلب فهو مختلف فيه، والجمهور على تمشية حاله؛ واحتجاج الشيخين به يقويه ويرفع شأنه، وقد توبع عليه كما يأتى؛ ولم ينفرد به الليث بن سعد عن يزيد بن الهاد! بل تابعه عليه رشدين بن سعد على مثله عند الطبراني في "الأوسط"[1/ رقم 250]، لكن الطريق إليه لا يثبت، وقد قال الطبراني:"لم يرو هذا الحديث عن [مولى] المطلب، إلا ابن الهاد؛ تفرد به رشدين".

كذا قال، ورواية الليث ترد عليه، وله طرق أخرى عن أنس به نحوه

، وكذا له شواهد أيضًا عن جماعة من الصحابة.

3712 -

منكر: قال الهيثمى في "المجمع"[3/ 410]: "رواه أبو يعلى، وفيه من لم أعرفه" وقال حسين الأسد في تعليقه على مسند المؤلف [6/ 376]: "إسناده مسلسل بالمجاهيل" =

ص: 425

نحن بحيث قد علمت ولا نستطيع أن نحضر الشهر فأخبرنا بليلة القدر، قال:"احْضُرِ السَّبْعَ الأوَاخِرَ منَ الشَّهْرِ"، قال: لا أستطيع ذلك، قال:"الْتَمِسْهَا لَيْلَةَ سَابِعَةٍ تَبْقَى، وَهِىَ هَذِهِ اللَّيْلَةَ"، قال: قلت: يا رسول الله، هذه ليلة ثلاث وعشرين، وهى لثمان بقين، فقال:"كذَا هَذَا الشَّهْر يَنْقُصُ، وَهِىَ سَبْعٌ بَقِينَ".

3713 -

حَدَّثَنَا يحيى بن أيوب، حدّثنا أبو معاوية، حدّثنا إسماعيل بن أبى خالد،

= ثم حكى قول الهيثمى الماضى، وقد وقفت - بفضل الله - على معرفة رجال هذا الإسناد، كلهم ولله الحمد، فنقول:

1 -

شيخ المؤلف (أبو الوليد القرشى) هو أحمد بن عبد الرحمن بن بكار الدمشقى الصدوق المشهور، من رجال "التهذيب".

2 -

وشيخه (الوليد) هو ابن مسلم الدمشقى الحافظ العالم المشهور، وقد ذكروه في شيوخ أبى الوليد.

3 -

وشيخ الوليد: (سالم) هو ابن عبد الله البصرى الخياط، فقد ذكروا في الرواة عنه:(الوليد بن مسلم) وسالم هذا: شيخ مختلف فيه، والجمهور على تضعيفه، وهو من رجال "التهذيب".

4 -

و (محمد بن عمرو بن عثمان هو محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان بن عفان المعروف بالديباج؛ نُسبَ هنا إلى جده (عمرو) وقد ذكروه في شيوخ (سالم الخياط) وهو مختلف فيه أيضًا، ومع هَذا فهو لم يدرك أنس بن مالك أصلًا، إنما هو من طبقة الثورى وشعبة وابن طهمان وأضرابهم، وأخشى أن يكون ثم سقط في سند المؤلف بين أنس وهذا الديباج؛ فالحاصل: أن بالإسناد علتين:

الأولى: ضعف سالم الخياط.

والثانية: الانقطاع بين الديباج وأنس بن مالك. وفى متن الحديث نكارة ظاهرة. والله المستعان.

3713 -

باطل: أخرجه ابن ماجه [4140]، وأحمد [3/ 117، 167]، والبيهقى في "الشعب"[7/ رقم 10378]، وأبو نعيم في "الحلية"[10/ 69]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[1235]، وابن الأعرابى في "الزهد"[رقم 92]، وهناد في "الزهد"[رقم 596]، وابن أبى عاصم في "الزهد"[رقم 265]، وابن حبان في "المجروحين"[3/ 56]، ومن طريقه ابن الجوزى في "الموضوعات"[3/ 13]، وفى المتناهية [3/ 56]، والساجى في "الضعفاء" =

ص: 426

عن أبى داود، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"مَا مِنْ ذِى غِنًى إِلا يَسُرُّهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَنَّ مَا أُوتِى فِي الدُّنْيَا كانَ قُوتًا".

= كما في "تهذيب التهذيب"[10/ 471]، والثقفى في "الفوائد"[ج 3/ رقم 12]، كما في "الضعيفة"[5/ 266]، وابن النجار في "ذيل تاريخ بغداد"[1/ 128 - 129]، وأبو بكر بن عبد الباقى في "جزء من حديثه" كما في "تاريخ قزوين"[1/ 192]، وغيرهم من طرق عن إسماعيل بن أبى خالد عن أبى داود الأعمى نفيع بن الحارث [وسقط (أبو داود الأعمى) من مطبوعة "تاريخ قزوين"، وهى مليئة بالسقط والتصحيف] عن أنس به.

قال ابن الجوزى في "المتناهية": (هذا حديث لا يصح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفيه نفيع قد كذبه قتادة، وقال يحيى: ليس بشئ، وقال النسائي والدارقطنى: متروك الحديث، وقال ابن حبان: يروى عن الثقات الموضوعات توهمًا، لا يجوز الاحتجاج به، وقال ابن عدي: كان من الغلاة يتناول الصحابة".

قلتُ: وهو آفة هذا الحديث، وقد صح عن ابن معين تكذيبه، بل ورماه بالوضع أيضًا، وقال الساجى في "الضعفاء":"كان منكر الحديث يكذب" ثم ساق له هذا الحديث في مناكيره، وقال عقبه: (وهذا الحديث يصحح قول قتادة فيه أنه كان سائلا؛ لأن هذا حديث السؤَّال" نقله عنه الحافظ في "التهذيب" [10/ 471]، وقال الحاكم: "روى عن أنس أحاديث موضوعة" وقال ابن عبد البر: "أجمعوا على ضعفه وكذَّبه بعضهم؛ وأجمعوا على ترك الرواية عنه" راجع ترجمته من "التهذيب وذيول"؛ وما علمت أحدًا مشاه قط، اللَّهم إلا أن ابن حبان قد تناكد بشأنه، فذكره في "الثقات" [5/ 482]، وقال: "يروى عن أنس، روى عن إسماعيل بن أبى خالد" ثم عاد وأدرجه في "المجروحين" [3/ 55]، وقال: "كان ممن يروى عن الثقات، الأشياء الموضوعات توهمًا

" وتعقبه الحافظ في "التهذيب" [10/ 471]، قائلًا: "فكأنه - يعنى ابن حبان - جعله اثنين، وهو وهم منه بلا ريب؛ وهو هو".

قلتُ: وبه أعله العراقى في تخريج "الإحياء"[3/ 181]، والحافظ في "الفتح"[11/ 275]، وابن الجوزى كما مضى، وأقرهم المناوى في "الفيض"[5/ 479]، لكنه وَهَم فقال:(خرَّجه أبو داود عن أنس) وقد عرفت أنه لم يخرجه من الستة سوى ابن ماجه وحده، وقد أشار المنذرى إلى ضعفه أيضًا في "الترغيب"[4/ 81]، فقال: (وروى عن أنس

) وساق الحديث.

وأورده ابن طاهر المقدمى في التذكرة [رقم 691]، وأعله بأبى داود الأعمى أيضًا، ومثله الشوكانى في "الفوائد الجموعة"[ص 235]. =

ص: 427

3714 -

حَدَّثَنَا سويد بن سعيد، حدّثنا مروان بن معاوية، عن عيسى بن أبى عيسى، وليس بالأسوارى، عن أنس بن مالك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سَيِّدُ إِدَامِكُمُ الْمِلْحُ".

= وللحديث شاهد عن ابن مسعود مرفوعًا عند الخطيب في "تاريخه"[4/ 7]، يرويه أحمد بن إبراهيم القطيعى عن عباد بن العوام عن سفيان بن حسين عن سيار أبى الحكم عن أبى وائل عن ابن مسعود به نحوه.

قلتُ: أورده الخطيب في ترجمة القطيعى هذا، ولم يذكر فيه جرحًا ولا تعديلًا. وقد خالفه الإمام ابن أبى شيبة، فرواه عن عباد بن العوام بإسناده به موقوفًا على ابن مسعود.

هكذا أخرجه في "المصنف"[34567]، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية"[1/ 137]، وهكذا رواه محمد بن جعفر المدائنى أيضًا عن عباد بن العوام بإسناده به

موقوفًا عند أحمد في "الزهد"[رقم 849/ طبعة دار ابن رجب]، وهذا هو المحفوظ موقوفًا. والله المستعان.

3714 -

منكر: أخرجه ابن ماجه [3315]، والطبرانى في "الأوسط"[8/ رقم 8854]، والبيهقى في "الشعب"[5/ رقم 5951]، وابن عدى في "الكامل"[5/ 247]، وأبو بكر الشافعي في "الغيلانيات"[رقم 976]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[4/ 243]، والخطيب في "المتفق والمفترق"[رقم 1041]، وغيرهم من طرق عن مروان بن معاوية الفزارى عن عيسى بن أبى عيسى الحناط عن موسى عن أنس به.

قلتُ: قد اختلف في سنده على مروان بن معاوية، فرواه عنه جماعة على الوجه الماضى، وخالفهم محمد بن عبد العزيز الرملى؛ فرواه عنه فقال: عن عيسى بن أبى عيسى عن أنس به

، ولم يذكر فيه واسطة بين عيسى وأنس.

هكذا أخرجه القضاعى في "الشهاب"[2/ رقم 1327]، وابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 2196]، وتوبع عليه الرملى على هذا الوجه، تابعه سليمان بن عبد الرحمن الدمشقى عند تمام في "فوائده"[2/ رقم 1447]، بإسناد مستقيم إليه؛ وتابعهما العباس بن يزيد البحرانى على مثله عند الخطيب في "المتفق والمفترق"[رقم 1040]، لكن الإسناد إليه مخدوش.

ومدار الطريقين على عيسى بن أبى عيسى الحناط الخياط الخباط، وقد تركه جفاعة، وضعفه آخرون، راجع ترجمته من "التهذيب وذيوله". =

ص: 428

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وبه أعله البوصيري، في "مصباح الزجاجة" والمناوى في "الفيض"[4/ 123]، وساقه له ابن عدى في ترجمته من "الكامل" ومثله الذهبى في "الميزان" وقد وقع نسبه بصريًا عند الطبراني وابن الأعرابى والخطيب والقضاعى، وعيسى الحناط هذا: مدنى أصله من الكوفة، وقيل: نزل الكوفة، ولا مانع أن يكون نزل البصرة أيضًا.

لكن فرَّق الخطيب وفى "المتفق والمفترق" بينه وبين عيسى بن أبى عيسى الأنصارى البصرى، فقال: (حدث عن موسى الأسوارى.

روى عنه مروان بن معاوية) ثم ساق له هذا الحديث من الوجهين الماضيين، وكان قد ترجم قبله لـ (عيسى بن أبى عيسى الخياط المدنى) وهما من نفس الطبقة؛ فيشبه أن يكون الرجلان واحدًا، وإلا فالأقرب أن صاحب هذا الحديث هو (عيسى بن أبى عيسى الخياط الخباط) فقد ذكر له ابن عدى هذا الحديث في ترجمته من "الكامل".

ومثله الذهبى في "الميزان" ونحوهما أشار المزى إلى هذا في ترجمته من "تهذيب الكمال"[23/ 16]، فذكر من تلاميذه (مروان بن معاوية) ورمز أمامه بـ (ق) وهى علامة روايته عنه في سنن (ابن ماجه) وهكذا عينه البوصيرى في "مصباح الزجاجة" وتابعهم المناوى في "الفيض"[4/ 123]، وهو الظاهر عندى.

والحديث ذكره السخاوى في "المقاصد"[ص 392]، وقال:"ضعيف؛ أثبت بعضهم المبهم وحذفه آخرون".

قلتُ: والمبهم هذا قد وقع ذكره في الوجه الأول، وهو (موسى) هكذا غير منسوب، ونسبه الخطيب في روايته:(عن موسى الأسوارى) والأسوارى هذا هو موسى بن سيار من رجال "الميزان" ولسانه، ضعفه القطان وجهله أبو عاصم.

وقال ابن حبان في "المجروحين": [2402]: "منكر الحديث" وفى ترجمته من "ضعفاء العقيلى"[4/ 171]، ما يظهر منها أنه كان قدريًا زائغًا، يتسافه على أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

والحديث ضعفه الشوكانى أيضًا في "الفوائد المجموعة"[ص 169]، وقال الطبراني عقب روايته:"لا يروى هذا الحديث عن أنس إلا بهذا الإسناد؛ تفرد به مروان بن معاوية" ومروان حافظ ثقة مأمون.

ص: 429

3715 -

حَدَّثَنَا إسحاق بن أبى إسرائيل، حدّثنا عبد الله بن إدريس، عن محمد بن إسحاق، عن عبد الله بن دينار، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ بَيْنَ يَدَى السَّاعَةِ سِنِينَ خَوَادِعَةً، يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ، وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ، وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الخَائِنُ، وَيَتَكَلَّمُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ"، قالوا: يا رسول الله، وما الرويبضة؟ قال:"الْفُوَيْسِقُ يَتَكَلَّمُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ".

3715 - حسن بشواهده: أخرجه أحمد وابنه في "الزوائد"[3/ 120]، وابن عدى في "الكامل"[6/ 105]، والبزار في "مسنده"[رقم 2740/ البحر الزخار]، والرويانى في "مسنده"[عقب رقم 578]، والطحاوى في "المشكل"[2/ 10 - 11]، وغيرهم من طريقين عن محمد بن إسحاق بن يسار عن عبد الله بن دينار عن أنس به.

قال الهيثمى في "المجمع"[7/ 556]: "رواه أحمد وأبو يعلى والطبرانى في "الأوسط" وفيه ابن إسحاق، وهو مدلس" وقال في موضع آخر [7/ 557]: "رواه البزار، وقد صرح ابن إسحاق بالسماع من عبد الله بن دينار، وبقية رجاله ثقات".

قلتُ: تصريح ابن إسحاق بالسماع ثابت عند البزار في "مسنده" كما قال الهيثمى، وهو أيضًا في "كشف الأستار"[4/ رقم 3373]، فالإسناد ظاهره السلامة، بل قال الحافظ في "الفتح" [13/ 84]:(أخرجه أحمد وأبو يعلى والبزار وسنده جيد) وقال الإمام في "الصحيحة"[5/ 321]: (إسناده حسن؛ لتصريح ابن إسحاق بالتحديث) وكذا حسَّنهُ بعضهم أيضًا، غير أنه معلول على التحقيق، فقال أبو زكريا الغطفانى الحافظ في "تاريخه"[3/ 135/ رواية الدورى]، ومن طريقه ابن عدى في "الكامل" [6/ 105]: (لم نسمع "عن عبد الله بن دينار عن أنس" إلا الحديث الذي يحدث به محمد بن إسحاق عن عبد الله بن دينار عن أنس".

قلتُ: مراد أبى زكريا: هو غرابة تلك الترجمة التى لا تُعْرَف إلا من طريق ابن إسحاق في هذا الحديث، وعبد الله بن دينار - وهو القرشى العدوى - لا ينكر سماعه من أنس، إلا أن روايته عنه لا يعرف لها وجه إلا من طريق ابن إسحاق في ذاك الحديث، وابن دينار ثقة فقيه مشهور مكثر، له أصحاب كثيرون يضبطون حديثه وَهُمْ له حَفَظَة؛ فانفراد ابن إسحاق عنه بتلك الترجمة الغريبة، دون متابعة له من أحد من مشاهير أصحاب ابن دينار، فمما ينبغى التوقف فيه، وابن إسحاق - على جلالته في السير والمغازى - إلا أنه كان صاحب أوهام وأخطاء. =

ص: 430

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= ثم رأيت أبا حاتم الرازى قد سئل عن هذا الحديث من طريق ابن إسحاق به .. كما في "العلل"[رقم 2792]، فقال:"لا أعلم أحدًا روى عن عبد الله بن دينار هذا الحديث غير محمد بن إسحاق" ثم قال: "لو كان حديث ابن إسحاق صحيحًا؛ لكان قد رواه الثقات عنه" يعنى عن عبد الله بن دينار؛ وهذا يؤيد ما ذكرناه سابقًا، بل فيه إشارة إلى غلط ابن إسحاق فيه؛ إذ روى عن ثقة مكثر مشهور الحديث والأصحاب - وهو ابن دينار - ما لم يروه عنه سواه، ولو كان الحديث بتلك الترجمة معروفًا من حديث ابن دينار؛ لما تفرد به ابن إسحاق وحده عنه به، وقد يتكلم بعض النقاد في تفرد الحافظ المتقن .. فكيف إذا كان المتفرد خفيف الضبط، متوسط الحفظ كابن إسحاق.

بل رأيته قد خولف في سنده؛ خالفه سعيد بن عبد الرحمن الجحشى - وهو صدوق مشهور - فرواه عن عبد الله بن دينار به مرسلًا بنحوه دون تفسير الرويبضة بما عند المؤلف، بل بلفظ:(قال: قيل: وما الرويبضة يا رسول الله؟! قال: سفلة الناس) هكذا أخرجه عبد الرزاق [20803]، عن معمر عن سعيد بن عبد الرحمن به

وهذا هو المحفوظ مرسلًا، فانظر كيف وصله ابن إسحاق بذكر أنس فيه؟! ولابن إسحاق في هذا الحديث إسنادان آخران:

الأول: ما أخرجه أحمد [3/ 220]، من طريق محمد بن جعفر المدائنى عن عباد بن العوام عن ابن إسحاق عن محمد بن المنكدر عن أنس به نحوه

إلا أنه قال في أوله: (إن أمام الدجال

) بدل: (إن بين يدى الساعة

).

قلتُ: وسنده حسن لو صرَّح ابن إسحاق بسماعه من ابن المنكدر، ومحمد بن جعفر المدائنى مختلف فيه، وهو إلى رُتْبة الصدوق أقرب إن شاء الله.

والثانى: ما أخرجه الطبراني في "الكبير"[18/ رقم 125]، وفى "مسند الشاميين"[1/ رقم 48]، والبزار في "كل سنده"[رقم 2740/ البحر الزخار]، و [رقم 3373/ كشف الأستار]، والرويانى في "مسنده"[رقم 575]، والطحاوى في "المشكل"[2/ 10]، وغيرهم كلهم من طريق أبى كريب عن يونس بن بكير عن ابن إسحاق عن إبراهيم بن أبى عبلة عن أبيه عن عوف بن مالك به نحوه

ووقع عندهم تفسير الروبيضة بقوله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ لا يُؤْبَه له" بدل: (الفويسق يتكلم

إلخ) لكن وقع تفسيره عند البزار بقوله: (المرء التافه يتكلم في أمر العامة): =

ص: 431

3716 -

حَدَّثَنَا محمد بن جامع العطار، حدّثنا خالدٌ، عن شعبة، عن حماد، عن أنس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ".

= وعند الرويانى والطبرانى في "مسند الشاميين" والطحاوى في أوله: (تكون أمام الدجال سنون خوادع

) لفظ الطبراني؛ بدل قوله: (إن بين يدى الساعة

إلخ).

قلتُ: وهذا إسناد فيه علتان:

الأولى: عنعنة ابن إسحاق.

والثانية: جهالة حال والد إبراهيم بن أبى عبلة، واسمه:(شمر بن يقظان) فقد شمَّرتُ عن ساعد الجد؛ وأيقظت منى العيون الغوافل؛ لأجل الظفر له بتوثيق معتبر فلم أهتد لذلك، وتوثيق ابن حبان له كعدمه، لما عرف من تساهله في توثيق هذه الطبقة، ولم يذكروا راويًا عنه سوى ولده إبراهيم وحده.

وقد توبع ابن إسحاق عليه؛ فراجع "الصحيحة"[5/ 321].

ووجدت للحديث طريقًا آخرًا عن أنس بن مالك به نحوه

وفيه تفسير الروبيضة بقوله صلى الله عليه وسلم: (السفيه ينطق في أمر العامة) أخرجه الطبراني في "الأوسط"[3/ رقم 3258]، من طريق بكر بن سهل - وهو الدمياطى - عن عبد الله بن يوسف - وهو الكلاعى المصرى - عن ابن لهيعة - عن عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر - هو أبو طوالة - عن عبد الله بن أبى طلحة عن أنس به.

قلتُ: وهذا إسناد ضعيف، ابن لهيعة حاله معلومة! وبه أعله الهيثمى في "المجمع"[7/ 556]، فقال:(في إسناد الطبراني ابن لهيعة، وهو ليِّن).

وبكر بن سهل - شيخ الطبراني - قد تكلموا فيه بما تراه في ترجمته من "الميزان" ولسانه.

وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة، وكلها معلولة لا يصح منها شئ، وأنظف ما فيها هو ما ذكرناه سابقًا، لكن إذا ضمت إلى بعضها وتماسكت أوشاجها؛ أرجو أن يكون الحديث - آنذاك - حسنًا بشواهده. إن شاء الله.

3716 -

صحيح: أخرجه أحمد [3/ 203]، و [3/ 278]، والدارمى [236]، وابن الجعد [337]، والقطيعى في "الألف دينار"[رقم 21]، والطبرانى في طرق حديث:"من كذب على متعمدًا"[رقم 106]، وغيرهم من طرق عن شعبة عن حماد بن أبى سليمان [وقد قرن معه جماعة عند الجميع] عن أنس به. =

ص: 432

3717 -

حَدَّثَنَا بشر بن الوليد الكندى، حدّثنا أبو سهل يوسف بن عطية الصفار، قال: سمعت ثابتًا يقول: قال أنسٌ: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَثَل أُمَّتِي مَثَل المَطَرِ لا يُدْرَى أَوَّلُهُ خَيْرٌ، أَوْ آخِرُهُ خَيْرٌ".

= قلتُ: وسنده حسن، ومن هذا الطريق أخرجه أبو محمد الرامهرمزى في "المحدث الفاصل"[ص 481]، وابن سمعون في "الأمالى"[رقم 299]، والطحاوى في "المشكل"[1/ 208]، وبحشل في "تاريخ واسط"[ص 67]، وغيرهم.

وحماد بن أبى سليمان فقيه عالم، وهو صدوق متماسك؛ وقد تابعه جماعة كثيرة على مثله عن أنس به

فانظر الماضى [برقم 2909]، والآتى [برقم 3904، 4025، 4061]، وغير ذلك. وهو حديث متواتر جدًّا.

3717 -

ضعيف: هذا إسناد ساقط، آفته يوسف بن عطية الصفار هذا؛ فقد تركه النسائي والدولابى وغيرهما؛ وقال البخارى وغيره:"منكر الحديث" وضعفه جماعة؛ وقال الحاكم: "روى عن ثابت أحاديث مناكير" وقال الساجى: "ضعيف الحديث، وكان صدوقًا يهم؛ كان يغير أحاديث ثابت عن الشيوخ؛ فيجعلها عن أنس" راجع ترجمته من "التهذيب" وقال ابن حبان في "المجروحين"[3/ 134]: "كان ممن يقلب الأسانيد، ويلزق المتون الموضوعة بالأسانيد "الصحيحة"، ويحدث بها، لا يجوز الاحتجاج به بحال".

قلتُ: أراه كان يفعل ذلك على التوهُّم والغفلة؛ يدلك على ذلك قول الساجى: "وكان صدوقًا يهم" مع أنه قال: "كان يغير أحاديث ثابت عن الشيوخ؛ فيجعلها عن أنس" وقد صح عن عمرو الفلاس أنه قال عنه: "كان كثير الوهم والخطأ

وما علمته كان يكذب" كما نقله عنه ابن عدى في "الكامل" [7/ 153]، فاتهام بعضهم له بسرقة هذا الحديث من حماد الأبح كما فعل الباحث المحقق طارق بن عوض الله في تعليقه على منتخب علل الخلال "لابن قدامة" [ص 61]، فما أراه إلا مجازفة لا يساعده عليها كلام النقاد فيه، ولا يسعفه كلام ابن حبان الماضى؛ لما عُلمَ من تعنته، في النقد. والسرقة بمعنى الكذب والتوليد عندهم، وفى المتأخرين جماعة شغفَوا باتهام بعض النقلة بما هم برآء منه حتى عند من جرحوهم أنفسهم، فإذا جزم بعض النقاد مثلًا: بكون حديث بعينه قد انفرد به فلان ولم يروه غيره؛ تراهم كلما عثروا على متابعة لبعضهم لهذا المتفرد بذاك الحديث؛ لا يجدون بأسًا في رمْى هذا المتابع بالسرقة على الفور، مع أنك قد تجد في ترجمة هذا السارق عندهم؛ ما ينفى عنه تهمة السرقة رأسًا؛ =

ص: 433

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= كأن يوصف بالصلاح في نفسه حتى وإن كان متروكًا في روايته، فانتبه إلى هذا جيدًا؛ فإن أعراض الناس حُفْرة من حُفَر النار، كما يقول الإمام تقى الدين القشيرى الفقيه.

وقد توبع عليه يوسف بن عطية الصفار، تابعه عليه:

1 -

عبيد بن مسلم السابرى، فرواه عن ثابت البنانى عن أنس به مثله

عند أبى محمد الرامهرمزى في "الأمثال"[رقم 69]، من طريق شيخه محمد بن على السملى عن هدبة بن خالد عن عبيد السابرى به.

قلتُ: والسابرى هذا صدوق صالح الحديث، إلا أن الإسناد إليه لا يصح، ومحمد بن على السملى، كذا، والصواب (السلمى) بتقديم اللام على الميم؛ وجدت الرامهرمزى قد روى عنه حديثًا [برقم 38]، من روايته عن هدبة بن خالد أيضًا، فقال: "حدّثنا محمد بن على بن الوليد السلمى

" وبهذا الاسم ترجمه الذهبى في "الميزان" [3/ 651]، وقال: "روى أبو بكر البيهقى حديث الضب من طريقه بإسناد نظيف؛ ثم قال البيهقى "الحمل فيه على السلمى هذا،" قال الذهبى: "قلتُ: صدق والله البيهقى؛ فإنه خبر باطل" وزاد الحافظ في "اللسان"[5/ 292]: "وروى عنه الإسماعيلى في "معجمه" وقال: بصرى منكر الحديث".

قلتُ: فيُتعَجَّبُ من الإمام الألبانى، كيف جزم في "الصحيحة"[5/ 355]، بمتابعة عبيد السابرى لمن رواه عن ثابت البنانى، مع أن الطريق إليه فيه ذلك الشيخ الذي قال فيه الإسماعيلى وغيره ما قيل؟! كأنه ما عرفه، أو اشتبه عليه بآخر!

2 -

وتابعه أيضًا حماد بن سلمة، فرواه عن ثابت البنانى عن أنس به مرفوعًا بلفظ:(إنما مثل أمتى كمثل ماء أنزله الله من السماء لا يُدرى البركة في أولها أو في آخرها).

هكذا أخرجه الرامهرمزى أيضًا في الأمثال [رقم 68]، قال: حدّثنا أحمد بن يحيى الحلوانى تلقينًا ثنا إبراهيم بن حمزة بن أنس بحلوان ثنا حماد بن سلمة به.

قلتُ: الحلوانى هذا هو أحمد بن يحيى بن إسحاق أبو جعفر الحلوانى المترجم في "تاريخ بغداد"[5/ 212]، وفيه توثيقه عن ثلاثة من الكبار منهم ابن خراش وعبيد العجل، وهما حافظان مشهوران؛ وشيخه إبراهيم بن حمزة بن أنس، قال عنه الإمام في "الصحيحة" [5/ 355]:(لم أعرفه) كذا قال، وإبراهيم بن حمزة هذا هو ابن محمد بن حمزة الزبيرى المدنى المترجم في "التهذيب" ومن رجال البخارى وأبى داود والنسائى، وهو ثقة مشهور؛ وهو الذي يروى عنه =

ص: 434

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= أحمد بن يحيى الحلوانى كما ترى مصداق ذلك في مواضع عند الحاكم [2/ 263]، والطبرانى في "الأوسط"[1/ رقم 811]، والبيهقى في "الشعب"[2/ رقم 1698]، وفى "سننه"[17593]، و"ضعفاء العقيلى"(ترجمة عبد الله بن محمد بن عجلان).

بل روى عنه الرامهرمزى في موضع آخر من "الأمثال"[رقم 125]، فقال: "حدّثنا أحمد بن يحيى الحلوانى ثنا إبراهيم بن حمزة الزبيرى

" هكذا نسبه؛ فهو المراد هنا بلا تردد، وما وقع عند الرامهرمزى في تكملة اسمه بكونه (إبراهيم بن حمزة بن أنس) فلا وجه له عندى، ولهذا لم يعرفه الإمام، وأرى أن (ابن أنس) زيادة مقحمة سهوًا، أو تصحيف تكملة اسمه، أو تحريف لاسم الواسطة بين إبراهيم بن حمزة وبين حماد بن سلمة؛ فإنهم لم يذكروا في ترجمته رواية له عن حماد، وإزا كان من طبقة لا ينكر لها سماع ابن سلمة، وهذا الأمر الثالث هو الناهض عندى؛ فثم واسطة بين إبراهيم بن حمزة وحماد بن سلمة، وهى التى قد تحرَّف اسمها إلى (ابن أنس) ولم أستطع تمييزها الآن، وأرانى بحاجة إلى النظر في مخطوطات كتاب "الأمثال" للرامهرمزى؛ لعل إحداها تشفى لنا غليلًا بشأن تلك الحيرة.

وقد خولفت هذه الواسطة التى لا تعلم في سنده؛ خالفها حسن بن موسى الأشيب - الحافظ الضابط الثقة المأمون - فرواه عن حماد عن ثابت البنانى وحميد الطويل ويونس بن عبيد عن الحسن به مرسلًا

، كما يأتى الكلام عليه.

وهذا هو المحفوظ عن حماد بن سلمة في هذا الحديث.

3 -

وتابعه أيضًا عن ثابت: حماد بن يحيى الأبح: على مثله عند الترمذى [2869]، وأحمد في "المسند"[3/ 130، 143]، وفى العلل [3/ 314/ رواية ابن عبد الملك]، والطيالسى [2023]، والقضاعى في "الشهاب"[2/ رقم 1352]، وأبو الشيخ في الأمثال [رقم 330]، وابن عدى في "الكامل"[2/ 246]، والعقيلى في الضعفاء [1/ 309]، والكلاباذى في مفتاح المعانى [رقم 333]، وأبو الحسن القطان في (جزء من مسموعاته) كما في "تاريخ قزوين"[1/ 85]، والبغوى في "تفسيره [1/ 89]، وابن الضريس في "أحاديث مسلم بن إبراهيم الفراهيدى" [6/ 1]، كما في "الصحيحة" [5/ 355]، والبيهقى في "الزهد" [رقم 410]، وابن عبد البر في "التمهيد" [20/ 253]، والرامهرمزى في المحدث الفاصل [ص 346]، والخلال في "العلل" [ص 60/ "المنتخب" منه لابن قدامة]، وغيرهم من طرق عن حماد بن يحيى الأبح عن ثابت البنانى عن أنس به. =

ص: 435

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= قال الترمذى: "وفى الباب عن عمار وعبد الله بن عمرو وابن عمر، وهذا حديث حسن غريب من هذا الوجه، وروى عن عبد الرحمن بن مهدى أنه كان يثبت حماد بن يحيى الأبح، وكان يقول: هو من شيوخنا".

قلتُ: الأبح هذا مختلف فيه؛ وثقه جماعة، وضعفه آخرون؛ وتوسطَّتْ طائفة بشأنه، فأدرجوه في زمرة أهل الصدق ممن يقبل حديثهم، إلا أنهم وسموه بالخطأ في الروايات؛ والوهم في حديثه عن الثقات، ومن هؤلاء: ابن مهدى والدولابى وأبو داود وابن حبان وغيرهم، وهذا ما اعتمده الحافظ في "التقريب" وقال:"صدوق يخطئ" وأرجو أن يكون كذلك إن شاء الله.

راجع ترجمته في "التهذيب وذيوله".

لكن لم يكن الأبح بحيث يقبل منه تفرده عن المشاهير بما لا يتابع عليه من قبل الثقات، وحديثه هذا قد جزم غير واحد بكونه قد وهم فيه على ثابت البنانى؛ فأنكره عليه ابن عدى، وساق له هذا الحديث في ترجمته من "الكامل" ومثله العقيلى في "الضعفاء".

وقال عبد الله بن الإمام أحمد في "العلل"[3/ 314]، ومن طريقه العقيلى في "الضعفاء"[1/ 309]، والخلال في "علله"[ص 60/ منتخبه لابن قدامة]، بعد أن روى الحديث من طريق حماد الأبح به .. قال:(سألت أبى عن هذا الحديث فقال: هو خطأ، إنما يروى هذا الحديث عن الحسن) يعنى البصرى، ثم قال: حدثنى أبى - يعنى الإمام أحمد - حدّثناه حسن بن موسى - هو الأشيب - قال: حدّثنا حماد بن سلمة عن ثابت وحميد ويونس عن الحسن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مثل أمتى .. " وذكره، هكذا مرسلًا.

وهذا الطريق المرسل هو في "المسند" أيضًا [3/ 143]، عقب الطريقة الموصولة الماضية. وهذا المرسل مقدم على كل رواية موصولة عن ثابت البنانى؛ لأن حماد بن سلمة هو أثبت أهل الدنيا في ثابت، بل حكى الإمام مسلم في (التمييز) إجماع أهل الحديث وعلمائهم على ذلك، فلا يدانيه في هذا حماد الأبح ولا عبيد السابرى ولا يوسف الصفار ولا أهل الأرض، وقد قال ابن معين في "تاريخه" [4/ 265/ رواية الدورى]:"من خالف حماد بن سلمة في ثابت؛ فالقول قول حماد، .... وحماد أعلم الناس بثابت".

قلتُ: وكان حماد بن سلمة كثيرًا ما يبين خطأ هؤلاء الشيوخ في حديثهم عن ثابت البنانى كما أشار أبو حاتم الرازى، فجزى الله حمادًا خيرًا عن الإسلام وأهله؛ إذ به علمنا أن المحفوظ عن ثابت البنانى في هذا الحديث: هو روايته عن الحسن البصرى به مرسلًا، =

ص: 436

. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .

= وهذا ما صوبه ابن رجب أيضًا في شرح العلل [ص 280/ طبعة السامرائى]، فقال: (ومنهم - يعنى من أصحاب، ثابت البنانى - حماد بن يحيى الأبح، له أوهام عن ثابت، منها حديثه عنه عن أنس مرفوعًا. حديث:"مثل أمتى مثل المطر" والصواب عن ثابت عن الحسن مرسلًا، كذا رواه حماد بن سلمة عن ثابت".

قلتُ: وللحديث طرق أخرى عن الحسن موصولًا، وكذا عن أنس بن مالك أيضًا، وله شواهد عن جماعة من الصحابة، وكل ذلك مناكير لا تسلم من الغش؛ ولا تروج سلعتها إلا برذيلة النجش، ولا يصح في هذا الباب حديث قط، بل ولا تصلح طرقه وشواهده للتقوية عند من خبر عمل القوم من أئمة النقد.

وأنظف ما في هذا الباب على الإطلاق، هو ما نسبه العلامة علاء الدين مغلطاى في كتابه الإكمال [4/ 78]، إلى أبى يعلى أنه قال في "مسنده" حدّثنا حوثرة [وتصحفت في مطبوعة "الإكمال" إلى (جويرية)] بن أشرس أخبرنا عقبة بن أبى الصهباء فقال: سمعت الحسن بن أبى الحسن يقول: سمعت عليّ بن أبى طالب يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مثل أمتى مثل المطر

" الحديث.

فهذا إسناد ظاهره الصحة بلا ريب، رجاله كلهم ثقات مشاهير، ووهم من ظن أن حوثرة شيخ مجهول؛ لانفراد ابن حبان بتوثيقه، بل توثيق ابن حبان لهذه الطبقة مقبول منه على الرأس ومقلة العينين، كما بسطنا ذلك بسطًا وافيًا مع الأمثلة عليه في "المحارب الكفيل" وقبلنا المعلمى في "التنكيل" وقد روى عنه الأئمة الكبار أمثال مسلم وأبى زرعة وعبد الله بن أحمد وأبو حاتم والحسن بن سفيان وغيرهم، وترجمه الذهبى في "سير النبلاء"[10/ 668]، وقال:"المحدث الصدوق".

ورأيت الحافظ السيوطى قد ذكر إسناد أبى يعلى الماضى أيضًا في رسالته إتحاف الفرقة برفو الخرقة [2/ 102/ ضمن مجموع فتاويه/ طبعة الحلبى]، وعنه المباركفورى في تحفة الأحوذى [4/ 571]، نقلًا عن الحافظ ابن حجر أنه قال: (ووقع في "مسند أبى يعلى" قال: حدّثنا حوثرة بن أشرس

) وتصحفت (حوثرة) عند السيوطى أيضًا إلى (جويرية).

وهذا الإسناد مع نظافته وسلامته ظاهرًا من الخدش، إلا أن به ثلاث علل خفية لا يلحظها إلا الحذاق من أهل هذا الشأن، ولعلنا نستوفى الكلام على هذا الحديث وطرقه وشواهده في مكان آخر إن شاء الله؛ وقد تكلم جماعة في نكارة متنه أيضًا، ولا وجه لذلك عندى إذا صح الحديث.

ص: 437