الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأعمش، عن أنس
4006 -
حَدَّثَنَا العباس بن الوليد النرسى، حدّثنا يوسف بن خالد، عن الأعمش، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"يُعْرَضُ أَهْلُ النَّارِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ صُفُوفًا، فَيَمُرُّ بِهِمُ المُؤْمِنُونَ، فَيَرَى الرَّجُلُ مِنْ أَهْلِ النَّارِ الرَّجُلَ مِنَ المؤْمِنِينَ قَدْ عَرَفَهُ فِي الدُّنْيَا، فَيَقُولُ: يَا فُلانُ، أَمَا تَذْكُرُ يَوْمَ اسْتَعَنْتَنِى فِي حَاجَةِ كَذَا وَكَذَ!؟ قَالَ: فَيَذْكُرُ ذَلِكَ المؤْمِنُ فَيَعْرِفُهُ، فَيَشْفَعُ لَهُ إلَى رَبِّهِ فَيُشَفَّعُهُ فِيهِ".
4006 - ضعيف: أخرجه الطبراني في "الأوسط"[6/ رقم 6511]، من طريق محمد بن هشام السدوسى عن يوسف بن خالد السمتى عن الأعمش عن أنس به ..... قال الطبراني:"لم يرو هذا الحديث عن الأعمش إلا يوسف بن خالد السمتى".
قلتُ: وهو متروك كما قال الحافظ في المطالب [رقم 4711]، وقال الهيثمى في "المجمع" [10/ 382]:"رواه أبو يعلى، والطبرانى في "الأوسط" وفيه يوسف بن خالد السمتى وهو كذاب".
كذا قال الهيثمى، وله سلف في تكذيب خالد، فقد كذبه ابن معين وأبو داود والفلاس وغيرهم، ورماه ابن حبان بالوضع، وأسقطه سائر النقاد فسقط إلى يوم القيامة، فماذا نفعه علمه بالشروط والرأى والجدل؟! ونفاح بعضهم عنه فمن قبيل تجاهل العارف.
وقد خولف في سنده أيضًا؛ خالفه جماعة من ثقات أصحاب الأعمش، فرووه عنه فقالوا: عن يزيد بن أبان الرقاشي عن أنس به نحوه
…
وبعضهم في سياق أتم، فزادوا فيه واسطة بين الأعمش وأنس، ومن هؤلاء:
1 -
أبو معاوية الضرير عند البغوى في "تفسيره"[1/ 273]، وفى "شرح السنة"[7/ 460] ..
2 -
ووكيع عند ابن ماجه [3685] ..
3 -
وحفص بن غياث عند هناد في الزهد [رقم 187]، وابن أبى الدنيا في "قضاء الحوائج"[رقم 117] ..
4 -
وعبد الله بن داود الخريبى عند مسدد في "مسنده" كما في "المطالب"[رقم 4711]، ومن طريقه الأصبهانى في "الترغيب"[290 - 291]، كما في "الضعيفة"[11/ 441]،=
4007 -
حَدَّثَنَا نصر بن عليّ بن نصر، حدّثنا عثام بن عليّ، عن الأعمش، قال: قال أنس بن مالك، والبراء بن عازب: كنا لا نحنى ظهورنا حتى ننظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم ساجدًا.
= وهذا هو المحفوظ عن الأعمش؛ ويزيد الرقاشى هو الذي يقول عنه شعبة فيما صحَّ عنه: (لأن أزنى أحب إليَّ من أن أحدث عن يزيد الرقاشى) وصح عنه أيضًا أنه قال: (لأنْ أقطع الطريق أحب إلى من أن أروى عن يزيد الرقاشى) وكان يشبهه بـ (أبان بن أبى عياش) ذلك التالف المعروف، وضعَّف النقاد يزيد لسوء حفظه وكثرة أوهامه مع صلاحه وزهده وعبادته، حتى قال ابن حبان عنه بالمجروحين [3/ 98]: "كان من خير عباد الله، من البكائين بالليل في الخلوات، والقائمين بالحقائق في السَّبَرات، ممن غفل عن صناعة الحديث، وحفظها؛ واشتغل بالعبادة وأسبابها، حتى كان يقلب كلام الحسن؛ فيجعله عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، وهو لا يعلم!
…
".
قلتُ: فالإسناد منكر، وللحديث طرق أخرى عن أنس به نحوه
…
وبعضها في سياق أتم، ولا يصح منها شئ، وكلها مناكير على التحقيق، وقد مضى منها طريق ثابت البنانى [برقم 3490]، وراجع الضعيفة [رقم 93، 5280، 5186]، للإمام.
4007 -
صحيح: أخرجه الدارقطنى في "الأفراد"[رقم 903/ أطرافه]، من طريق عثام بن عليّ عن الأعمش عن أنس به
…
قال الدارقطنى: "تفرد به عثام - وكان بالأصل: (غنام) وهو تصحيف قد امتلأت به طبعة الكتب العلمية "للأفراد" - بن على عن الأعمش".
قلتُ: وعثام هذا وثقه الجماعة، واحتج به البخارى وأصحاب "السنن"؛ وعلة الإسناد هي الانقطاع؛ فإن الأعمش لا يصح له سماع من أنس ولا البراء، ولو صح - وهو لا يصح - فإنه مدلس مكثر؛ ولا يُحتج بحديثه إلا ما قال فيه:"حدّثنا وأخبرنا" وقد أحجم هنا عن التصريح بذلك، لكن الحديث محفوظ عن البراء، ووارد من غير هذا الطريق عن أنس.
1 -
أما حديث البراء: فقد مضى في "مسنده"[رقم 1676، 1677، 1697]، نحوه هنا ولكن بسياق أتم.
2 -
وأما أنس: فله طرق عنه: يأتى بعضها [برقم 4082].
وتمام تخريجه في كتابنا "غرس الأشجار بتخريج منتقى الأخبار".
4008 -
حَدَّثَنَا زهير بن حرب، وأبو بكر بن أبى شيبة، قالا: حدّثنا محمد بن فضيل، عن الأعمش، عن أنس، قال: كانت لرسول الله صلى الله عليه وسلم درعٌ رهنًا عند يهودى، فما وجد ما يفتكها حتى مات.
4009 -
حَدَّثَنَا جبارة بن مغلس، وعبد الغفار جميعًا، قالا: حدّثنا أبو شهاب، عن الأعمش، عن أنس، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"وَيْلٌ لِلْمَمْلُوكِ مِنَ المالِكِ! وَيْلٌ لِلْمَالِكِ مِنَ المَمْلُوكِ! وَيْلٌ لِلْغَنِيِّ مِنَ الْفَقِيرِ! وَيْلٌ لِلْفَقِيرِ مِنَ الْغَنِيِّ! وَيْلٌ لِلشَّدِيدِ مِنَ الضَّعِيفِ! وَيْلٌ لِلضَّعِيفِ مِنَ الشَّدِيدِ! ".
4008 - صحيح: أخرجه أحمد [3/ 102]، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم"[رقم 699]، وأبو الفضل الزهرى في "حديثه"[241]، والترمذى في "الشمائل"[رقم 334]، وغيرهم من طريق محمد بن فضيل عن الأعمش عن أنس به .... نحوه. وزاد الجميع في أوله سوى أحمد:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعى إلى خبز الشعير والإهالة السنخة؛ فيجيب) وهذا رواية المؤلف تأتى [برقم 4015].
قلتُ: ومن هذا الطريق أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"[4/ 142]، ورجاله ثقات مشاهير؛ لكن الأعمش لم يسمع من أنس أصلًا، إنما رآه رؤية كما قاله جماعة من النقاد؛ وقد كان يمكنه السماع من أنس؛ لولا أنه شدَّد على نفسه فيما جعل الله له فيه متسعًا، فأسند عنه أبو نعيم في "الحلية" [5/ 52/ 53]- والإسناد مغموز - أنه قال:(كان أنس بن مالك يمر بى في طرفى النهار؛ فأقول: لا أسمع منك حديثًا، خدمت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم جئت إلى الحجاج حتى ولاك) كذا قال الأعمش متسرعًا، ثم عاد فقال:"ثم ندمت، فصرت أروى عن رجل عنه".
قلتُ: وهكذا تكون الحسرة! وسيأتى المزيد من كلام النقاد حول عدم سماع الأعمش من أنس؛ وللحديث طرق أخرى عن أنس به نحوه
…
مضى بعضها عند المؤلف [برقم 3061]، وله شواهد ثابتة.
4009 -
ضعيف: أخرجه أبو نعيم في "الحلية"[5/ 55]، والبيهقى في "الشعب"[6/ رقم 7460، 8587]، والذهبى في "سير النبلاء"[6/ 241]، وأبو محمد الأردبيلى في "الفوائد"[1/ 183]، وابن بشران في "الأمالى"[25/ 91/ 2]، وأبو طاهر القرشى في حديث أبى عبد الله بن مروان الأنصارى [1/ 2]، كما في "الضعيفة"[10/ 301]، وغيرهم من طرق عن أبى شهاب الحناط عبد ربه بن نافع عن الأعمش عن أنس به
…
=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلتُ: وهذا إسناد لا يصح؛ الأعمش لم يسمع من أنس كما مضى مرارًا، وأبو شهاب الحناط مختلف فيه، وهو عندى صدوق متماسك إن شاء الله، وقد احتج به الشيخان.
قال الهيثمى في "المجمع"[10/ 631]: "رواه البزار عن شيخه محمد بن الليث، وقد ذكره ابن حبان في "الثقات" وقال: يخطئ ويخالفَ ولم أجده في "الميزان" وبقية رجاله رجال الصحيح؛ إلا أن الأعمش لم يسمع من أنس، ورواه أبو يعلى".
قلتُ: وإعلاله بشيخ البزار ليس بشئ؛ لكونه قد توبع عليه؛ فانحصرت العلة في الانقطاع بين الأعمش وأنس، نعم: قد رأيت الإمام قد زاد في الإعلال، فقال في "الضعيفة" [10/ 301]:"وأبو شهاب عبد ربه؛ وإن كان من رجال الشيخين، فقد قال الحافظ: "صدوق"
…
" ..
قلتُ: التحقيق أنه صدوق متماسك كما مضى، بل قد توبع عليه أيضًا: تابعه حفص بن غياث قال: حدّثنا الأعمش عن أنس به مختصرًا بلفظ: (ويل للمالك من المملوك! وويل للمملوك من المالك!).
أخرجه الخرائطى في "مكارم الأخلاق"[رقم 490]، بإسنادٍ صحيح إليه، ثم جاء قيس بن الربيع ورواه عن الأعمش فقال: عن شقيق عن حذيفة عن النبي صلى الله عليه وسلم به مثل لفظ الخرائطى الماضى، هكذا أخرجه البزار في "مسنده"[رقم 2880]، وقال:"وهذا الحديث لا نعلم رواه عن الأعمش عن أبى وائل عن حذيفة إلا قيس".
قلتُ: وهو منكر جدًّا من هذا الطريق؛ وقيس بن الربيع قد سقط حديثه يوم أن أفسده ولده؛ بحيث جعل يدخل في أصول أبيه ما ليس منه، والشيخ لغفلته وتغيره يروج عليه ذلك، فلعل هذا مما دسه ولده في كتبه دون علم منه.
والمحفوظ عن الأعمش هو الوجه الأول، وقد رأيت الهيثمى قد قال في "المجمع" [10/ 631]:(رواه البزار وفيه من لم أعرفهم) كذا قال، وسند البزار هكذا: (أخبرنا الحسين بن علي بن جعفر الأحمر قال: أخبرنا داود بن الربيع قال: أخبرنا قيس عن الأعمش عن شقيق عن حذيفة به
…
".
وشيخ البزار من مشيخة النسائي، قال عنه: صالح. وقد رجح الحافظ في "تهذيبه" أن أبا داود قد روى عنه؛ فإن ثبت ذلك فهو يقويه؛ لكون أبى داود كان لا يروى إلا عن ثقة عنده، فلا التفات بعد ذلك لقول أبى حاتم عنه: "لا أعرفه) فقد عرفه غيره، أما داود بن الربيع فهو =
4010 -
حَدَّثَنَا عقبة بن مكرم، حدّثنا يونس بن بكير، حدّثنا سليمان الأعمش، عن أنس بن مالك، قال: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم على رجل يعوده، فإذا هو قد عاد كالفرخ من شدة المرض، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"أَمَا كُنْتَ تَدْعُو؟ أَمَا كُنْتَ تَسْأَلُ؟ " فقال: بلى، كنت أقول: اللَّهم ما كنت معاقبى به في الآخرة فعجِّله لى في الدنيا، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إذًا لا تُطِيقُ ذَلِكَ، أَلا قُلْتَ: رَبِّ آتِنِى فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِى الآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّار"، فقالها، فعوفى.
4011 -
حَدَّثَنَا عقبة بن مكرم، حدّثنا يونس بن بكير، قال سليمان الأعمش،
= الأشجعي، شيخ مصرى روى عن حفص بن ميسرة ومسعود بن سعد وجرير بن أيوب وجماعة؛ وعنه جعفر بن محمد القلانسى وموسى بن هارون بن إسحاق وأحمد بن محمد بن يحيى بن سميع الكسائى وغيرهم، ولم أظفر له بترجمة، لكن وقع ذكره في حديث عند الحاكم [1/ 755]، وقال عقبه: "رواة هذا الحديث كلهم ثقات
…
" فكأن الرجل صدوق إن شاء الله.
وعلى كل حال؛ فالمحفوظ عن الأعمش هو اللون الأول من روايته عن أنس بن مالك به
…
وقد جزم النقاد بكونه لا يصح له سماع من أنس، اللَّهم إلا أن ابن حبان قد خالف في ذلك، وقال: سمع منه أحرفًا معدودة، وهذا لا يخالف قول الجمهور عند تدقيق النظر؛ فقد قال ابن حبان عقب قوله الماضى مباشرة في ترجمة الأعمش من "الثقات" [4/ 302]:"وكان مدلسًا، أخرجناه في هذه الطبقة؛ لأن له لقاءً وحفظًا؛ وإن لم يصح له سماع المسند عن أنس" وهذا آفة الحديث.
4010 -
صحيح: أخرجه ابن عدى في الكامل [7/ 177]، من طريق المؤلف به.
قلتُ: وهذا إسناد منقطع؛ فالأعمش لا يصح له سماع من أنس وإن رآه وشاهده يصلى، وهذا الحديث قد ساقه ابن عدى في ترجمة (يونس بن بكير) من كتابه "الكامل" ثم قال في ختام ترجمته: "وليونس بن بكير غير ما ذكرت من الغرائب وغيره
…
".
فكأنه يستنكر عليه تفرده بهذا الحديث عن الأعمش، لكن للحديث طرق أخرى عن أنس به نحوه، مضى بعضها عند المؤلف [برقم 3511، 3759، 3802، 3837].
4011 -
صحيح: أخرجه ابن عدى في "الكامل"[7/ 177]، من طريق المؤلف به
…
=
سمعته يذكر، عن أنس، يرفعه، أنه قال:"إِذَا تَزَوَّجَ الرَّجُلُ عَلَى امْرَأَةٍ، فَإِنْ كَانَتْ بِكْرًا أَقَامَ عِنْدَهَا سَبْعًا، وَإِنْ كَانَتْ ثَيِّبًا أَقَامَ مَعَهَا ثَلاثًا، ثُمَّ قَسَمَ بَعْدَ ذَلِكَ".
4012 -
حَدَّثَنَا أبو هشام الرفاعى، حدّثنا ابن فضيل، حدّثنا الأعمش، عن أنس، قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا أبصر الريح فزع، وقال:"اللَّهُمَّ إِنَّى أَسْأَلُكُ مِنْ خَيْرِ مَا أُمِرَتْ بِهِ، اللَّهُمَّ إِنَّى أَعُوذُ بِكَ مِنْ شَرِّ مَا أُرْسِلَتْ بِهِ".
= قال ابن عدى عقب روايته هذا والحديث الماضى: "وهذان الحديثان عن الأعمش عن أنس، يعرفان بيونس عنه".
قلتُ: ويونس بن بكير مختلف فيه، ولم يكن بحيث يقبل منه التفرد عن مثل أبى سليمان الأسدى في كثرة الأصحاب واشتهار الحديث؛ فهذا من غرائب يونس كما قال ابن عدى في ختام ترجمته، ثم إن سليمان بن مهران لم يصح له سماع من أنس؛ فالإسناد غريب منقطع، لكن للحديث طرق أخرى عن أنس به مثله
…
ونحوه، مضى بعضها عند المؤلف [برقم 2823، 3789]، وهذا الحديث وإن لم يثبت رفعه صراحة من حيث الصناعة الحديثية إلا أن له حكم الرفع جزمًا كما بسطناه في "غرس الأشجار".
4012 -
صحيح: أخرجه أبو الشيخ في "العظمة"[4/ 1330]، وابن أبى الدنيا في "المطر والبرق"[رقم 128]، وغيرهما من طريق محمد بن يزيد أبى هشام الرفاعى عن محمد بن فضيل عن الأعمش عن أنس به ....
قلتُ: وهذا إسناد ضعيف منقطع، وفيه علتان:
1 -
الانقطاع بين الأعمش وأنس؛ فهو لم يسمع منه كما شهد بنفسه على نفسه. فكيف وقد وافقه النقاد على ذلك؟! ..
2 -
أبو هشام الرفاعى: يقول عنه البخارى: "رأيتهم مجمعين على ضعفه" أخرجه عضه الخطيب في "تاريخه"[3/ 377]، بسند صحيح إليه، وكذا ضعفه النسائي وأبو حاتم وجماعة من الكبار، حتى رماه عثمان بن أبى شيبة بسرقة الحديث جهارًا، فماذا يجديه تساهل بعضهم بشأنه؟! ومثله إذا انفرد عن "الثقات" بما لم يتابعه عليه الأثبات؛ أضر ذلك بحديثه؛ وزاده وهنًا على وهن، ثم إنه عاد مرة أخرى، ورواه عن ابن فضيل فقال: عن الأعمش عن حبيب بن أبى=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ثابت عن ذر بن عبد الله بن زرارة الكوفى عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبى بن كعب مرفوعًا بلفظ: (لا تسبوا الريح؛ فإنها من روح الله تبارك وتعالى وسلوا الله خيرها، وخير ما فيها، وخير ما أرسلت به، وتعوذوا باللَّه من شرها وشر ما فيها، وشر ما أرسلت به) هكذا أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائده على مسند أبيه"[5/ 123]، قال: حدثنى [أبى][ثنا] محمد بن يزيد الكوفى، ثنا ابن فضيل به ....
قلتُ: كذا وقع في "المسند": (حدثنى أبى) وهذا يوهم أن الإمام أحمد يرويه عن أبى هشام الرفاعى، وهو غلط من وجهين:
الأول: أن الإمام أحمد غير معروف الرواية عن أبى هشام، وإنما يروى عنه ولده عبد الله دون أبيه، فلا تكون تلك الزيادة (حدثنى أبى) إلا مقحمة من الناسخ سهوًا، وهذا المثال له نظائر وقعت في مواضع من "المسند".
فمنها ما وقع في [5/ 62]: (حدّثنا عبد الله - هو ابن الإمام - (حدثنى أبى)، ثنا أبو كامل الجحدرى، ثنا حماد بن زيد، ثنا سماك بن عطية ويونس بن عبيد عن الحسن، عن عبد الرحمن بن سمرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم
…
).
فقوله في الإسناد: (حدثنى أبى) غلط أيضًا، فلم يكن الإمام أحمد بالمعروف بالرواية عن أبى كامل الجحدرى أصلًا، إنما يروى عن سميه أبى كامل الخراسانى (مظفر بن مدرك) فإما أن يكون وصف أبى كامل بـ (الجحدرى) وهمًا من بعضهم في الإسناد الماضى، أو تكون تلك الجملة (حدثنى أبى) مقحمة أيضًا من الناسخ سهوًا؛ لأن عبد الله بن أحمد مشهور الرواية عن أبى كامل الجحدرى:(فضيل بن حسين) فليس لوجود أبيه في الإسناد معنى، فانتبه يرعاك الله.
والأمر الثاني: أن ابن كثير في "جامع المسانيد"[1/ 115/ 86]، والحافظ في "أطراف المسند"[1/ 215/ 53]، كما في "الصحيحة"[6/ 598]، والسيوطى في "الجامع الكبير"[رقم 534]، وغيرهم كلهم قد عزوا هذا الحديث إلى عبد الله بن أحمد في (زوائده على المسند) وهذا يؤيد كون قوله (حدثنى أبى) ما هو إلا من زيادات الناسخ سهوًا.
وقد توبع عبد الله بن أحمد عليه عن أبى هشام: تابعه ابن أبى الدنيا في "المطر والرعد"[رقم 127]، إذا عرفت هذا: فاعلم أن أبا هشام الرفاعى قد توبع على هذا اللون الثاني عن ابن فضيل به مثله، تابعه: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=1 - عياش بن الوليد الرقام - وهو ثقة مشهور - عند النسائي في "الكبرى"[10770]، وفى "اليوم والليلة"[رقم 934].
2 -
وعليّ بن المدينى - الإمام الحجة - عند الطحاوى في "المشكل"[3/ 7]، بإسنادٍ صحيح إليه.
وغيرهما كلهم رووه عن محمد بن فضيل عن الأعمش عن حبيب بن أبى ثابت عن ذر بن عبد الله عن سعيد بن عبد الرحمن بن أبزى عن أبيه عن أبى بن كعب به مرفوعًا
…
وتابعهم أيضًا: إسحاق بن إبراهيم بن الشهيد، لكن اختلف عليه فيه؛ فرواه عنه النسائي في "الكبرى"[10770]، "واليوم والليلة"[رقم 934]، وعنه الطحاوى في "المشكل"[3/ 7]، والترمذى في "جامعه"[2252]، والحسن بن محمد بن شعبة - مشاه الدارقطنى ووثقه الخطيب - عند أبى الفضل الزهرى في حديثه [رقم 87]، وغيرهم.
كلهم رووه عنه على الوجه الماضى، وخالفهم جميعًا: محمد بن عليّ بن بحر؛ فرواه عن إسحاق بن الشهيد فقال: عن ابن فضيل عن الأعمش عن حبيب عن سعيد بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبى بن كعب به
…
، وأسقط منه (ذر بن عبد الله) هكذا أخرجه ابن السنى في عمل اليوم والليلة [رقم 297]، قال: حدّثنا محمد بن عليّ بن بحر به ....
قلتُ: وابن بحر هذا هو (محمد بن الحسن بن على بن بحر بن برى) روى عنه جماعة من الكبار أمثال ابن عدى وأبى محمد الرامهرمزى وأبى بكر بن المقرئ، وأبى الشيخ الأصبهانى، وأبى عبد الله بن الصفار - شيخ الحاكم - ومحمد بن مخلد الحافظ، وأبى عمرو بن السماك وغيرهم؛ وترجمه الخطيب في "تاريخه"[3/ 66]، فلم يذكره بشئ، لكنى وجدت أبا الشيخ الأصبهانى قد روى عنه خبرًا عند ابن عساكر في "تاريخه"[5/ 316]، ووصفه فيه بـ (الحافظ) فالظاهر أن الرجل صدوق صالح؛ لكن مثله لا يحتمل أن يصطدم عهنه بصم الصخور، فإذا خالفه أمثال الترمذى وابن المدينى والنسائى وغيرهم ممن ذكرنا؛ كان القول قول هؤلاء الجبال بلا تردد، اللَّهم إلا أن يكون ذكر (ذر بن عبد الله) قد سقط من سند ابن السنى.
وثم احتمال آخر، وهو أن حبيب بن أبى ثابت موصوف بالتدليس، فراجح جدًّا أن يكون قد دلس (ذرًا) هنا وأسقطه من الإسناد، وهذا لعله الناهض عندى.
وقد قال الترمذى عقب روايته: (هذا حديث حسن صحيح).
قلتُ: وهو كذلك لولا أنه قد اختلف في سنده على أربعة ألوان، وصوب النسائي وقفه على =
4013 -
حَدَّثَنَا العباس بن الوليد النرسى، حدّثنا يوسف بن خالد، عن الأعمش، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رأى رجلًا يحرك الحصى وهو في الصلاة، فلما انصرف، قال للرجل:"هُوَ حَظُّكَ مِنَ صَلاتِكَ".
4014 -
وَعَنْ أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سافر في رمضان فصام وأفطر، فصام أصحابه وأفطروا، فلم يعب بعضهم على بعض.
= أبى بن كعب من قوله نفسه؛ كما نقله عنه الطحاوى في "المشكل"[3/ 7]. وهذا هو الراجح عندى كما شرحته في غير هذا المكان.
لكن للحديث بلفظ المؤلف: شواهد عن جماعة من الصحابة به نحوه .. ؛ منها حديث عائشة عند مسلم [899]، والترمذى [3449]، وجماعة كثيرة، بل مضى له طريق آخر عن أنس به نحوه
…
؛ عند المؤلف [برقم 2905]، فانظر ثمَّة.
4013 -
منكر بهذا اللفظ: أخرجه البزار في "مسنده"[1/ رقم 569/ كشف الأستار]، وابن عدى في "الكامل"[7/ 161]، وغيرهما من طريق يوسف بن خالد السمتى عن الأعمش عن أنس به
…
قلتُ: وهذا إسناد باطل، ويوسف السمتى هالك، وقد كذبه جماعة من النقاد، وبه أعله الهيثمى في "المجمع"[2/ 244]، وقال صاحبه "الشهاب" البوصيرى في "إتحاف الخيرة" [2/ 7]:"هذا إسناد ضعيف؛ يوسف بن خالد السمتى ضعفوه؛ والأعمش اسمه سليمان بن مهران؛ لم يسمع من أنس بن مالك؛ إنما رآه رؤية بمكة يصلى خلف المقام؛ فأما طرق الأعمش عن أنس: فإنما يرويها عن يزيد الرقاشى عن أنس، قاله ابن المدينى".
قلتُ: والرقاشى ضعيف عندهم، بل هو منكر الحديث على التحقيق، والحديث ساقه ابن عدى في منكرات خالد السمتى من (ترجمته) في كتابه "الكامل"، وله شواهد بعضها ثابت لكن دون هذا اللفظ، قد ذكرتها في "غرس الأشجار" وشواهده بهذا اللفظ كلها منكرة الأسانيد، واللَّه المستعان.
4014 -
صحيح: هذا إسناد ساقط مثل الذي قبله، وفيه العلتان السابقتان أيضًا:
الأولى: سقوط يوسف بن خالد السمتى.
الثانية: الانقطاع بين الأعمش وأنس، لكن للحديث طرق أخرى عن أنس به نحوه
…
=
4015 -
حَدَّثَنَا واصل بن عبد الأعلى، حدّثنا ابن فضيل، عن الأعمش، عن أنس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدعى إلى خبز الشعير والإهالة السنخة فيجيب، ولقد كانت له درعٌ رهنًا عند يهودى ما وجد ما يفتكها حتى مات.
4016 -
حَدَّثَنَا الحسن بن حماد، حدّثنا أبو يحيى الحمانى، عن الأعمش، عن رجل، عن أنس، قال: دخل النبي صلى الله عليه وسلم على رجل يعوده، فقال:"هَلْ تَشْتَهِى شَيْئًا؟ هَلْ تَشْتَهِى كَعْكًا؟ " فقال: نعم، فطلبوا له.
= مضى بعضها عند المؤلف [برقم 3806]، وكذا له شواهد عن جماعة من الصحابة، مضى بعضها أيضًا [برقم 1035، 1372] ..
4015 -
صحيح: مضى الكلام علية قريبًا [برقم 4008] ..
4016 -
منكر: آخرجه ابن ماجه [1440، 3441]، وابن السنى في "عمل اليوم والليلة"[رقم 539]، من طريق يحيى بن عبد الحميد الحمانى عن الأعمش عن يزيد الرقاشى عن أنس به
…
قلتُ: ورواه ابن السنى من طريق المؤلف به والرجل المبهم عندهما قد بينه سفيان بن وكيع في روايته عند ابن ماجه بكونه (يزيد الرقاشى)، ومعلوم أن الأعمش لم تصح له رواية سماع من أنس أصلًا، وكان يكثر من الرواية عنه بواسطة يزيد الرقاشى، فربما سماه كما هنا، وربما أبهمه، وربما دلسه وسوى الإسناد.
ويزيد الرقاشى هذا ضنعفوه على زهده وعبادته وفرط تألهه، وهو منكر الحديث على التحقيق؛ وقد كان لشدة غفلته؛ ربما سمع الحديث من أبى سعيد البصرى ثم صيره عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم، كما قال ابن حبان.
وبه أعله البوصيرى في "مصباح الزجاجة" وضعفه النووى في "الأذكار"[رقم 373]، وفى الإسناد علة ثالثة غير ضعف الرقاشى، والانقطاع؛ وهى يحيى الحمانى راويه عن الأعمش، فهو مختلف فيه، والكلام فيه طويل الذيل، والتحقيق أنه ليس بعمدة على حفظه ومعرفته وسبقه إلى تصنيف "السند"، وقد شرحنا حاله في "المحارب الكفيل".
وللحديث شاهد من رواية ابن عباس عند ابن ماجه [1439]، وجماعة، وسنده منكر أيضًا
…
4017 -
حَدَّثَنَا عبد الرحمن بن صالح الأزدى، حدّثنا يحيى بن يعلى الأسلمى، عن الأعمش، عن أنس، قال: استشهد غلامٌ منا يوم أحد، فوجد على بطنه صخرةٌ مربوطةٌ من الجوع، فمسحت أمه التراب عن وجهه، وقالت: هنيئًا لك يا بنى الجنة!، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:"مَا يُدْرِيكِ؟! لَعَلَّه كَانَ يَتَكَلَّمُ فِيمَا لا يَعْنِيهِ، وَيَمْنَعُ مَا لا يَضُرُّهُ".
4017 - منكر بهذا اللفظ: أخرجه الطحاوى في "المشكل"[6/ 76]، وابن أبى الدنيا في "الصمت"[رقم 109]، من طريق عبد الرحمن بن صالح عن يحيى بن يعلى الأسلمى عن الأعمش عن أنس به نحوه ....
قلتُ: وهذا إسناد منكر مثل متنه، وفيه علتان:
الأولى: الانقطاع بين الأعمش وأنس، وبه أعله ابن عبد البر في "التمهيد"[10/ 228]، فقال:"هذا الحديث ليس بالقوى؛ لأن الأعمش لا يصح له سماع فن أنس، وكان مدلسًا عن الضعفاء" ونحو هذا قاله في الاستذكار أيضًا [7/ 196].
والثانية: يحيى بن يعلى الأسلمى: قد ضعفوه ولم يحتجوا به؛ قال البخارى: "مضطرب الحديث" وقال ابن معين: "ليس بشئ" وقال البزار: "يغلط في الأسانيد" وليس هو بيحيى بن يعلى أبى المحياة الكوفى، ذاك ثقة مشهور؛ فما وقع في سند الطحاوى: (ثنا عبد الرحمن بن صالح قال: ثنا أبو المحياة يحيى بن يعلى الأسلمى
…
) فخطأ ظاهر؛ لأن أبا المحياة ليس مشهور الرواية عن الأعمش، ولا ذكروه في شيوخ عبد الرحمن بن صالح الأزدى - راوى عنه هنا، - فكأنه وهم ممن دون عبد الرحمن، ثم وصفه بالأسلمى في سنده؛ مما يقطع بوهم من كناه بأبى المحياة؛ لأن أبا المحياة تيمى معروف؛ وأين التيمى من الأسلمى؟!
وعلى كل حال: فقد توبع عليه يحيى بن يعلى الأسلمى، تابعه حفص بن غياث عن الأعمش عن أنس قال:(توفى رجل من أصحابه، فقال: - يعنى رجل - أبشر بالجنة، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أولا تدرى؟! فلعله تكلم فيما لا يعنيه، أو بخل بما لا ينقصه) هكذا أخرجه الترمذى [2316]، والبيهقى في "الشعب"[7/ رقم 10835]، وقال الترمذى:"هذا حديث غريب".
وكذا أخرجه أبو نعيم في "الحلية"[5/ 55 - 56]، وقال:"وهذا الحديث تفرد به عمر عن أبيه حفص".
قلتُ: وعمر وأبوه ثقتان مشهوران؛ ثم جاء أبو حنيفة الواسطى ورواه عن سعد بن الصلت=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عن الأعمش فقال: عن أبى سفيان عن أنس قال: "أصيب رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد؛ فجاءت أمه فقالت: يا بنى ليهنئك الشهادة! فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: وما يدريك؟! لعله كان يتكلم بما لا يعنيه، ويبخل بما لا يغنيه" فزاد فيه واسطة بين الأعمش وأنس.
هكذا أخرجه البيهقى في "الشعب"[7/ رقم 10836]، بإسناد مستقيم إلى أبى حنيفة الواسطى به
…
قلتُ: وهذه مخالفة لا تثبت، وأبو حنيفة الواسطى ضعفه أبو الحسن الدارقطنى كما في تاريخ مدينة السلام [2/ 296]، وعنه في "الميزان"؛ وسعد بن الصلت قد روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في "الثقات"[6/ 378]، وقال:"ربما أغرب" وقد تصحف اسمه في "الشعب" إلى "سعيد".
ولو صحت هذه المتابعة؛ لأمكن أن يكون الأعمش قد دلس أبا سفيان - وهو طلحة بن نافع - في الطريق الأول، وقد رأيت: طريق عمر بن حفص عن أبيه حفص بن غياث عن الأعمش عن أنس به
…
قد أخرجه أيضًا: الطبرى في "تهذيب الآثار"[رقم 147]، والشجرى في "الأمالى"[ص 103]، والذهبى في "سير النبلاء"[6/ 240]، وقال الأخير:"غريب، يعد في أفراد عمر بن حفص شيخ البخارى".
قلتُ: قد مضى أن أبا نعيم قد جزم بتفرد عمر بن حفص به عن أبيه؛ وكذا استغربه الترمذى أيضًا، فأخشى أن يكون عمر قد وهم فيه على أبيه، وأن الحديث ليس بالمحفوظ من حديث حفص عن الأعمش، وفى "الغرائب والأفراد" للدارقطنى: جملة أحاديث قد استنكرها الدارقطنى من رواية عمر بن حفص عن أبيه، وجعل يقول إثر كل حديث: "تفرد به عمر بن حفص عن أبيه عن
…
" فانظر "الغرائب والأفراد" [رقم 2258، 2738، 3106، 3708، 3943/ أطرافه]، والحاصل: أن الحديث على ضعفه؛ فهو غريب أيضًا من حديث حفص عن الأعمش، وقد قال الإمام في "تعليقه على رفع الأستار للصنعانى" [ص 72]، بعد أن أعله بالانقطاع بين الأعمش وأنس، قال: (لكنه يتقوى، فإن له شاهدًا من حديث أبى هريرة مرفوعًا رواه أبو يعلى والبيهقى، وسكت عنه المنذرى، وشاهد آخر عن كعب بن عجرة رواه ابن عساكر كما في "كنز العمال" [3522]،
…
) ..
قلتُ: أما حديث أبى هريرة: فسيأتى عند المؤلف [برقم 6646]، وسنده منكر كما يأتى الكلام عليه هناك إن شاء الله.
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وأما حديث كعب بن عجرة: فأخرجه ابن أبى الدنيا في الصمت [رقم 110]، ومن طريقه الخطيب في "تاريخه"[4/ 272]، والطبرانى في "الأوسط"[7/ رقم 7157]، من طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[50/ 146]، وغيرهم من طريق أحمد بن عيسى المصرى عن ضمام بن إسماعيل عن يزيد بن أبى حبيب وموسى بن وردان كلاهما عن كعب بن عجرة به نحوه في سياق أتم فيه قصة، وموضع الشاهد منه قول النبي صلى الله عليه وسلم:(أبشر يا كعب؟! فقالت أمه: هنيئًا لك الجنة يا كعب، فقال النبي صلى الله عليه وسلم من هذه المتألية على الله؟! قال: هي أمى يا رسول الله، قال: ما يدريك يا أم كعب؟! لعل كعبًا قال ما لا ينفعه، أو منع ما لا يغنيه).
قال الطبراني: "لم يروه عن كعب إلا موسى بن وردان، تفرد به ضمام".
قلتُ: كأنه ذهل عن كون يزيد بن حبيب قد قُرنَ مع موسى في سنده، وقال المنذرى في "الترغيب" [4/ 94]:"رواه الطبراني، ولا يحضرنى الآن إسناده إلا أن شيخنا الحافظ أبا الحسن رحمه الله هو عليّ بن المفضل شرف الدين المقدسى - كان يقول: إسناده جيد".
وتابعه على تجويده: الهيثمى في "المجمع"[10/ 565]، وكذا شيخه أبو الفضل في "تخريج الإحياء"[3/ 67]، إلا أنه قال:"أخرجه ابن أبى الدنيا من حديث كعب بن عجرة بإسناد جيد، إلا أن الظاهر انقطاعه بين الصحابى وبين الراوى عنه".
قلتُ: وهو كما قال هذا الإمام الناقد؛ فإن يزيد بن أبى حبيب لم يسمع كعبًا بالاتفاق، أما موسى بن وردان فروايته عن كعب الظاهر أنها مرسلة أيضًا؛ فإن الحافظ ابن عساكر قد ترجمه في "تاريخه"[61/ 224 - 225]، ونص على أن روايته عن سعد بن أبى وقاص وأبى هريرة وأنس وأبى سعيد الخدرى: مرسلة، وهؤلاء جميعًا قد تأخرت وفياتهم - على خلاف في سعد - عن وفاة كعب بن عجرة، فإذا لم يصح له السماع من بعضهم؛ فعدم سماعه من كعب أظهر وأولى، ليس هذا فحسب، بل عندى من إعلال هذا الإسناد المزيد:
1 -
فضمام بن إسماعيل مختلف فيه؛ فهو وإن وثقه جماعة ومشاه آخرون؛ فقد قال الأزدى: "يتكلمون فيه" ونقل البرقانى في "سؤالاته"[ص 38/ رقم 237]، عن الدارقطنى أنه قال عنه:"متروك" وأورده ابن عدى في "الكامل".
2 -
وأحمد بن عيسى المصرى: مختلف فيه أيضًا، والكلام فيه طويل الذيل، والراجح عندى: عدم اعتماده إلا إذا توبع. فهذا الإسناد أقل أحواله أن يكون إلى الترك أقرب منه إلى الضعف، وقد أشار الحافظ إلى ضعفه في "الإصابة"[8/ 288]. =
4018 -
حَدَّثَنَا إسماعيل بن إبراهيم الواسطى، حدّثنا إسحاق الأزرق، عن شريك، يعنى، عن الأعمش، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"مَنْ بَنَى لِلَّهِ مَسْجِدًا كمِفْحَصِ قَطَاةٍ، بَنَى لَهُ بَيْتًا فِي الجَنَّةِ".
= • تنبيه: حديث أنس قد أورده الهيثمى في "المجمع"[10/ 544]، وقال:"رواه أبو يعلى، وفيه يحيى بن يعلى الأسلمى وهو ضعيف" وقبل ذلك قال: "روى الترمذى بعضه".
قلتُ: فكأنه ذهل عن كون يحيى بن يعلى قد توبع عليه عند الترمذى، وعبارة شيخه العراقى أحسن منه، فإنه قال في "المغنى" [3/ 67]:"أخرجه الترمذى من حديث أنس مختصرًا وقال: "غريب" ورواه ابن أبى الدنيا في الصمت بلفظ المصنف - يعنى أبا حامد - بسند ضعيف". واللَّه المستعان.
4018 -
صحيح: أخرجه الطبراني في "الأوسط"[2/ رقم 1857]، من طريق إسحاق الأزرق عن شريك القاضى عن الأعمش عن أنس به
…
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الأعمش إلا شريك، تفرد به إسحاق".
قلتُ: وإسحاق هو ابن يوسف الأزرق الثقة المأمون، لكن كان ربما غلط كما قال ابن سعد في "الطبقات" وعنه الخطيب في "تاريخه"[6/ 319]، والمزى في "تهذيبه"[2/ 500]، والحافظ أيضًا في "تهذيبه"[1/ 225]، والذى في المطبوع من طبقات ابن سعد [7/ 315]:(ربما خلط) كذا بالخاء، وهو تصحيف.
ولم يتابع إسحاق الأزرق على هذا الإسناد عن شريك، كما قال الدارقطنى في "العلل"[6/ 275]، وقد خالفه عليّ بن حكيم الكوفى - وهو ثقة معروفة، فرواه عن شريك فقال: عن الأعمش عن إبراهيم التيمى عن أبيه عن أبى ذر به مرفوعًا، هكذا ذكره ابن أبى حاتم في "العلل"[رقم 261]، ثم نقل عن أبيه وأبى زرعة أنهما قالا:"هكذا رواه عدة من أصحاب شريك فلم يرفعوه، والصحيح في أبى ذر ومن حديث شريك موقوفًا".
قلتُ: ولعل شريكًا لسوء حفظه؛ قد اضطرب فيه على تلك الألوان كلها، نعم: ما رواه الجماعة عنه أرجح ممن رواه الواحد، وقد توبع شريك على الوجهين عن الأعمش عن إبراهيم التيمى عن أبيه عن أبى ذر موقوفًا ومرفوعًا، وهكذا اختلف أصحاب الأعمش عليه، ولم ينفرد به الأعمش، بل تابعه عليه الحكم بن عتيبة؛ واختلف عليه هو الآخر على ثلاثة ألوان:
1 -
الوقف. =
4019 -
حَدَّثَنَا على بن جعفر الأحمر أبو الحسن الكوفى، حدّثنا محمد بن فضيل، عن الأعمش، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"المُؤْمِنُ لا يُقْضَى لَهُ قَضَاءٌ إِلا خَيْرٌ لَهُ".
=2 - والرفع.
3 -
والإرسال.
والموقوف هو الذي ذهب إليه الدارقطنى في "العلل"[6/ 274 - 275]، بعد أن ساق الاختلاف في سنده، وكذا رجَّحه أبو زرعة وصاحبه، وقالا كما في "العلل" [رقم 261]:"نفس الحديث موقوف، وهو أصح" والقول ما قالت حذام. بل في طريق الأعمش الماضى علة أخرى غير عنعنته، فقد أخرج ابن أبى حاتم في "العلل" بإسناده الصحيح عن ابن مهدى أنه قال:"حديث الأعمش: "من بنى للَّه مسجدًا ولو كمحفص قطاة" ليس من صحيح حديث الأعمش".
قلتُ: وذلك لكونه لم يسمعه من إبراهيم التيمى، كما جزم به الثورى وشعبة، وأخرجه عنهما ابن عبد البر في "التمهيد"[1/ 32]، بإسناد فيه نظر، وللحديث طرق أخرى عن أنس به
…
مثله، وبعضها نحوه
…
دون قوله: (ولو كمفحص قطاة) ولا يصح منها شئ قط.
وكذا للحديث شواهد عن جماعة من الصحابة به مثل لفظ المؤلف، وكلها معلولة أيضًا، اللَّهم إلا حديث جابر وحده مرفوعًا (من بنى مسجدًا للَّه كمفحص قطاة أو أصغر، بنى الله له بيتًا في الجنة).
أخرجه ابن ماجه [738]، وجماعة؛ وسنده صحيح كما قال البوصيرى في "مصباح الزجاجة" وقبله العراقى في "المغنى"[1/ 105]، وقبلهما المنذرى في الترغيب [1/ 120].
وقد استوفينا الكلام على هذا الحديث، مع استيفاء طرقه وشواهده في كتابنا "غرس الأشجار".
والحديث متفق عليه من حديث عثمان بن عفان به دون قوله: (ولو كمفحص قطاة) وكذا له شواهد عن جماعة من الصحابة - دون تلك الجملة، مضى منها حديث ابن عباس [برقم 2534]، وانظر الآتى [برقم 4298].
4019 -
قوى: أخرجه ابن حبان في "الثقات"[8/ 468]، من طريق المؤلف به
…
قلتُ: وسنده قوى في المتابعات؛ فإن الأعمش لا يصح له سماع من أنس أصلًا، لكن تابعه عليه ثعلبة أبو بحر عن أنس به
…
كما يأتى عند المؤلف [برقم 4217، 4218]، وهناك يكون تمام الكلام عليه.
وثعلبة شيخ صالح الحديث كما قال أبو حاتم، وذكره ابن حبان في "الثقات"[4/ 99]، =
4020 -
حَدَّثَنَا عبيد الله بن عمر، حدّثنا يوسف بن خالد، عن الأعمش، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يستاك بِفَضْل وَضوئه.
= ويشهد له حديث صهيب الرومى عند مسلم [2999]، والدارمى [2777]، وجماعة كثيرة، ولفظ مسلم:(عجبًا لأمر المؤمن إن أمره كله خير، وليس ذاك لأحد إلا للمؤمن .... إلخ).
4020 -
منكر: أخرجه الدارقطنى في "سننه"[1/ 40]، وابن عدى في الكامل [7/ 161]، والبزار في "مسنده" [1/ رقم 274/ كشف الأستار]. - وغيرهم من طريق يوسف بن خالد السمتى عن الأعمش عن أنس به .... ولفظ البزار:(كان يتوضأ بفضل سواكه).
قلتُ: ومن هذا الطريق: أخرجه أبو نعيم في "أخبار أصبهان"[1/ 193]، والدارقطنى أيضًا في الأفراد [رقم 897/ أطرافه]، قال البوصيرى في "إتحاف الخيرة" [1/ 74]:"يوسف بن خالد كذاب، كذبه غير واحد، وقال ابن حبان: كان يضع الحديث، لا تحل الرواية عنه".
وبه أعله الحافظ في المطالب [رقم 70]، وفى "مختصر الزوائد"[1/ 156/ 153]، كما في "الضعيفة"[13/ 940]، وضعف سنده في "الفتح"[1/ 295].
وقال الدارقطنى عقب روايته في "الأفراد": "تفرد به يوسف بن خالد السمتى عنه، يعنى عن الأعمش - وخالفه سعد بن الصلت، فرواه عن الأعمش عن مسلم الأعور عن أنس".
قلتُ: وقد أشار البزار إلى تلك المخالفة، فقال عقب روايته:(رواه سعد بن الصلت عن الأعمش عن مسلم).
ورواية سعد هذه: أخرجها الدارقطنى في "سننه"[1/ 40]، وفى الأفراد [رقم 1255/ أطرافه]، ومن طريقه الخطيب في "تاريخه"[11/ 16]، من طريق إسحاق بن إبراهيم بن شاذان عن سعد بن الصلت به
…
قال الدارقطنى: "غريب من حديث الأعمش عن مسلم بن كيسان الضبى الملائى، تفرد به سعد بن الصلت عنه - يعنى عن الأعمش - وتفرد عنه إسحاق بن إبراهيم شاذان".
قلتُ: قد توبع إسحاق بن إبراهيم: تابعه عبد الله بن ثابت أبو أحمد القرشى على مثله عن سعد بن الصلت عن الأعمش عن مسلم بن كيسان الأعور عن أنس به
…
مثل لفظ المؤلف، عند ابن عساكر في "تاريخه"[7/ 85]، لكن في الطريق إليه من لم أميِّز، وكذا عبد الله بن ثابت لا أفطن له الآن، وسعد بن الصلت قد وقع عند ابن عساكر والخطيب والدارقطنى في "سننه" =
4021 -
حَدَّثَنَا إبراهيم بن سعيد الجوهرى، حدّثنا أبو أسامة، أخبرنا الأعمش، قال: أخبرت، عن أنس، قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات ليلة وهو يريد أن يخبرنا بليلة القدر، وقد أخبرنا به، فسمع لغطًا في المسجد فاختلست منه.
= هكذا: (سعيد بن الصلت) وهو تصحيف، وصوابه (سعد) وهو شيخ صدوق صالح، روى عنه جماعة، وذكره ابن حبان في "الثقات"[6/ 378]، وقال:(ربما أغرب) وهذا منه إشارة إلى كونه قد عرفه، وإشارة إلى كونه قد سبر حديثه فوجده ربما أغرب فقط، فتوثيق ابن حبان له معتمد، لكن لم يكن ابن الصلت هذا بحيثُ يُقبل منه ما ينفرد به عن مثل الأعمش في كثرة الحديث والأصحاب، وإلى هذا أشار الدارقطنى حيث أنكره عليه، وساقه له في (الغرائب والأفراد) وقال:(تفرد به سعد بن الصلت عنه).
ثم إن الأعمش إمام في التدليس، وقد عنعنه، نعم: تابعه عليه محمد بن الفضل بن عطية عن مسلم الأعور عن أنس به مثل لفظ المؤلف، عند تمام في "فوائده"[رقم 747]، بإسناد صالح إليه، لكن ابن عطية هذا قد كذبوه بخط عريض، فلتذهب متابعته إلى الجحيم، ثم إن مسلمًا الأعور ضعيف مختلط، بل وهَّاه الفلاس وجماعة، وكان من كبار رواة المناكير عن الثقات، والحديث منكر الإسناد والمتن، وقد صح موقوفًا على جرير بن عبد الله البجلى، فراجع "الفتح"[1/ 295] للحافظ.
• تنبيهان:
الأول: هذا الحديث عزاه الحافظ في "الفتح"[1/ 295]، إلى الدارقطنى بلفظ (كان يتوضأ بفضل سواكه) وهذا لفظ البزار، ولفظ الدارقطنى إنما هو مثل لفظ المؤلف والآخرين.
والتنبيه الثاني: أن الإمام قد عزا في "الضعيفة"[9/ 267]، هذا الحديث إلى ابن عساكر [2/ 243/ 2]، من طريق إسحاق بن إبراهيم شاذان عن سعيد [كذا] بن الصلت بإسناده به .. ، وهذا منه غفلة عن كون ابن عساكر يرويه في "تاريخه"[7/ 85]، من طريق عبد الله بن ثابت القرشى عن سعد بن الصلت به
…
، ثم إن (سعد بن الصلت) قد وقع عند الإمام مصحفًا أيضًا، هكذا:(سعيد) وإنما هو سعد وسعد وسعد.
4021 -
صحيح: هذا إسناد ضعيف؛ لجهالة من أخبر الأعمش، وقد رواه عنه قران بن تمام فقال: عن الأعمش قال: قال أنس بن مالك به .... مثله دون قوله (فاختلست منه) فأسقط منه الواسطة المجهولة بين الأعمش وأنس. =
4022 -
حدّثنا إبراهيم، حدّثنا أبو أسامة حدّثنا الأعمش أن أنس بن مالك قرأ هذه الآية:{إِنَّ نَاشِئَةَ اللَّيْلِ هِيَ أَشَدُّ وَطْئًا وَأَقْوَمُ قِيلًا (6)} [المزمل: 6]، فقال له رجل إنما تقرؤها:{وَأَقْوَمُ قِيلًا (6)} [المزمل: 6]، فقال إن أقوم وأصوب وأهيأ وأشباه هذا واحد.
= هكذا أخرجه الطبراني في "الأوسط"[8/ رقم 8186]، وقال:"لم يرو هذا الحديث عن الأعمش إلا قران".
قلتُ: وقران ثقة مشهور؛ فالظاهر أن الأعمش قد دلس تلك الواسطة التى ذكرها هنا، وهى آفة هذا الإسناد، وبها أعله البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[3/ 38]، فقال:"رواه أبو يعلى بسند فيه راو لم يسم" وقال الهيثمى في "المجمع"[3/ 410]: "رواه أبو يعلى والطبرانى في "الأوسط" وسقظ منه التابعى، ورجاله ثقات".
"لكن يشهد له حديث أبى سعيد الخدرى الماضى [برقم 1076، 1280، 1324]، وكذا حديث أبى هريرة عند مسلم [1169]، وجماعة ..
4022 -
منكر: أخرجه الطبرى في "تفسيره"[12/ 282]، من طريق يحيى بن داود الواسطى عن أبى أسامة حماد بن أسامة عن الأعمش عن أنس به .....
قلتُ: وهذا إسناد ضعيف؛ لانقطاعه؛ فإن الأعمش لا يصح له سماع من أنس، وقد أسند الخطيب في "تاريخه"[9/ 4]، بالإسناد الصحيح إلى ابن معين قال:"كل ما روى الأعمش عن أنس فهو مرسل" وهو في "تاريخ ابن معين"[3/ 328/ رواية الدورى]، ونحوه جزم ابن المدينى وجماعة؛ بل صح عن الأعمش نفسه أنه قال:"رأيت أنس بن مالك، وما منعنى أن أسمع منه؛ إلا استغنائى بأصحابى" كذا قال، وبهذا أعله أبو بكر الأنبارى، وقال فيما نقله عنه القرطبى في "تفسيره" [19/ 38]:"حديث لا يصح عن أحد من أهل العلم؛ لأنه مبنى على رواية الأعمش عن أنس، فهو مقطوع ليس بمتصل، .. " ..
قلتُ: وقوله: (مقطوع) يعنى: منقطعًا في اصطلاح المتقدمين؛ لكن جاء جعفر بن عمران الثعلبى ورواه عن عبد الحميد الحمانى فأفسد هذا الانقطاع، فقال: حدّثنا أبو يحيى الحمانى عن الأعمش قال: سه سمعتُ أنسًا يقول
…
وذكره نحوه، هكذا جود إسناده، وصرَّح بسماع الأعمش له من أنس.
أخرجه الخطيب في "تاريخه"[9/ 4]، بإسناد صحيح إلى جعفر الثعلبى به
…
=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلتُ: والثعلبى هذا هو جعفر بن محمد بن عمران الكوفى، وقد ينسب إلى جده، وقد وثقه ابن حبان ومشاه أبو حاتم، وهو من رجال النسائي والترمذى؛ ولم ينفرد به هكذا عن الحمانى، بل تابعه عليه رزق الله بن موسى قال: ثنا عبد الحميد بن عبد الرحمن الحمانى عن الأعمش قال: سمعت أنس بن مالك يقول
…
وذكره نحوه.
هكذا أخرجه البزار في "مسنده"[3/ رقم 2139/ كشف الأستار]، قال: حدّثنا رزق الله بن موسى به
…
قال البزار: "لا نعلم رواه عن الأعمش إلا الحمانى، وإنما ذكرت هذا؛ لأبين أن الأعمش سمع من أنس".
قلتُ: وفى كلامه مناقشات من وجوه:
الأول: أن الحمانى لم ينفرد به عن الأعمش، بل تابعه أبو أسامة كما عند المؤلف والطبرى، نعم: إن كان البزار يقصد تفرد الحمانى عن الأعمش بسماعه أنسًا في هذا الطريق بخصوصه، فهو كما قال، لكن يبقى النظر في ثبوت ذلك عن الحمانى.
والثانى: أن رزق الله بن موسى - وهو صدوق يخطئ - وجعفر بن محمد بن عمران قد خولفا في تصريحهما بسماع الأعمش أنسًا من طريق عبد الحميد الحمانى عنه، خالفهما عباس الدورى، ذلك الحافظ المتقن، فرواه عن عبد الحميد الحمانى عن الأعمش عن أنس به نحوه
…
ولم يذكر فيه سماعًا.
هكذا أخرجه عباس الدورى في "تاريخه" عن ابن معين [3/ 238]، وتوبع عليه هكذا أيضًا: تابعه موسى بن عبد الرحمن المسروقى الثقة الصدوق قال: ثنا عبد الحميد الحمانى عن الأعمش قال: قرأ أنس
…
وذكره، ولم يذكر فيه سماعًا أيضًا، هكذا أخرجه الطبرى في "تفسيره"[12/ 282]، حدثنى موسى بن عبد الرحمن به
…
قلتُ: وهذا أصح عند الترجيح؛ لأن رزق الله بن موسى وصاحبه كلاهما دون عباس الدورى وصاحبه في الإتقان والضبط، ثم إن عبد الحميد الحمانى مختلف فيه، وثقه جماعة، وضعفه آخرون، فكأنه الواهم فيه، ولو لم يثبت عنه سوى الطريق الأول الذي فيه سماع الأعمش من أنس، لما كان يكون ذلك منه مقبولًا قط، فقد خالفه حماد بن أسامة الإمام الحافظ الثقة المأمون - وهو أثبت منه عشرين مرة - فرواه عن الأعمش (أن أنس قرأ هذه الآية
…
إلخ). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ولم يذكر فيه سماعًا ولا شبه سماع، وحماد ألزم للأعمش من عبد الحميد الحمانى على ضبطه وإتقانه، فلا يكون تصريح الأعمش بسماع أنس في هذا الخبر، إلا من أوهام الحمانى التى ضعفه لأجلها جماعة، وقلب العنعنة سماعًا: هو شئ عهدناه كثيرًا من خلق من الضعفاء ومن كان خفيف الضبط، بل قد رأيناه يقع من الثقة الثبت توهمًا، وما انتظارنا من الحمانى إلا أن يزيد الأمر ضغثًا على إبالة؛ ويرويه عن الأعمش عن أنس مرفوعًا، وما ذلك على الحمانى ببعيد!
وقد كفينا مؤنة الرد على هذا إن وقع برواية حماد بن أسامة هذا الخبر عن الأعمش عن أنس به
…
موقوفًا، ليس فيه (سمعت) ولا ما شابهها، وهذا هو المحفوظ عن الأعمش بلا تردد؛ فكفانا الله غلط الواهمين!
الثالثة: أما قول البزار: "وإنما ذكرت هذا؛ لأبين أن الأعمش سمع من أنس" فإن كان هذا الأثر عمدته في ذلك، فيرد عليه ما مضى من الاختلاف على الحمانى في سماع الأعمش، وكذا مخالفة حماد بن أسامة له في عدم السماع، فإن وافقنا على أن تصريح الأعمش بالسماع فيه من أنس؛ إن هو إلا وهم من عبد الحميد الحمانى، أو ممن رواه عنه هكذا، وإلا تحاكمنا نحن وإياه إلى الأعمش نفسه في تلك القضية، فذهبنا إلى "تاريخ مدينة السلام"[9/ 4]، فوجدنا صاحبه قد أسند بإسناده الصحيح المتصل إلى الأعمش أنه قال:(رأيت أنس بن مالك، وما منعنى أن أسمع منه إلا استغنائى بأصحابى).
فصح: أن الأعمش لم يسمع من أنس شيئًا بشهادته نفسه، وقد صدقه في ذلك: ابن المدينى وابن معين وابن المنادى وغيرهم من حذاق النقاد، بل لم يخالف في ذلك من المتقدمين من أئمة هذه الصنعة - دون البزار - سوى ابن حبان وحده، فإنه قال في ترجمة الأعمش من "الثقات"[4/ 302]، وفى كتابه "مشاهير علماء الأمصار" [ص 111]: (رأى أنس بن مالك
…
ولم يسمع منه إلا أحرفًا معدودة، وكان مدلسًا) ثم قال:"لم يصح له سماع المسند عن أنس" ..
قلتُ: وكلام ابن حبان أقرب إلى كلام من نفى سماع الأعمش مطلقًا من أنس، فلا عبرة بالاعتداد بتلك الأحرف المعدودات في إثبات سماع الأعمش، فقد تكون تلك الأحرف متمثلة في رؤية الأعمش أنسًا وهو يذكر الله؛ ونحو ذلك، وقد صح عن الأعمش أنه رأى أنسًا يصلى عند الكعبة كما أخرجه ابن أبى شيبة [2972]، وأبو نعيم في "الحلية"[5/ 55]، والخطيب في "تاريخه"[2/ 95]، وعباس الدورى في "تاريخه" عن ابن معين [3/ 328]، وغيرهم.