الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الزهرى، عن أنس
3536 -
حَدَّثَنَا أبو خيثمة زهيرٌ بن حرب، حدّثنا ابن أبى أويس، حدثنى سليمان بن بلال، عن يونس بن يزيد، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خاتمًا من فضة في يمينه فيه فصٌ حبشىٌ، وكان يجعل فصه في بطن كفه.
3537 -
حَدَّثَنَا يحيى بن أيوب، وابن قدامة، قالا: حدّثنا عبد الله بن وهب،
3536 - صحيح: أخرجه مسلم [2094]، وأبو داود [4216]، والترمذى في "جامعه"[رقم 1739]، وفى "الشمائل"[رقم 88]، والنسائى [5196، 5277، 5279]، وابن ماجه [3646]، وأحمد [3/ 209، 225]، وابن حبان [6394]، والطبرانى في "الأوسط"[5/ رقم 5295]، والبيهقى في "سننه"[7356]، وأبو عوانة [رقم 6993، 6991، 6992]، وابن سعد في "الطبقات"[1/ 472]، والبيهقى أيضًا في "الشعب"[رقم 6356، 6367، 6368]، وابن عساكر في "تاريخه"[4/ 179]، وابن جميع في "المعجم"[رقم 239]، وابن شاذان في "المشيخة"[رقم 51]، وابن عبد البر في "التمهيد"[17/ 158 - 109]، وابن أبى شيبة [25129]، والخطيب في "تاريخه"[2/ 90]، وابن عدى في "الكامل"[3/ 53]، والبغوى في "شرح السنة"[6/ 58]، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم"[رقم 342]، وابن وهب في "الجامع"[رقم 582]، وغيرهم من طرق عن يونس ابن يزيد الأيلى عن الزهرى عن أنس به ..
وهو عند أبى داود والترمذى وجماعة نحوه دون قوله: (وكان يجعل فصه
…
إلخ).
وهو رواية لمسلم والبيهقى وأبى عوانة؛ وليس عند أبى داود والترمذى وابن ماجه وابن سعد وغيرهم قوله: (في يمينه) وعند أبى داود والترمذى وابن عساكر والبغوى وغيرهم: (من ورق)، بدل:(من فضة) وهو رواية لمسلم والبيهقى والمؤلف والنسائى، وزاد ابن ماجه وابن سعد:(نقشه رسول الله) وهو رواية لأحمد والنسائى والمؤلف.
قلتُ: قد اختلف، على يونس الأيلى في لفظة:(في يمينه)، وقد رواه جماعة من أصحاب الزهرى عنه به نحوه
…
وقد بسطنا الكلام على طرق هذا الحديث وأوجه الاختلاف في سنده ومتنه على الزهرى في كتابنا "غرس الأشجار" وفى رسالة مفردة في "أحكام وآداب الخاتم".
والله المستعان.
3537 -
صحيح: انظر قبله.
أخبرنا يونس بن يزيدٍ الأيلى، عن الزهرى، قال: حدثنى أنس بن مالك، قال: كان لرسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم من ورِق، وكان فصه حبشيًا.
3538 -
حَدَّثَنَا عبد العزيز بن أبى سلمة بن عبيد الله بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، حدثنى إبراهيم بن سعد، عن الزهرى، عن أنس بن مالك، رأى في يد رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتمًا من ورق، قال: فصنع الناس الخواتيم من الورق، فطرح خاتمه، فطرح الناس خواتيمهم.
3538 - صحيح: أخرجه البخارى [5530]، ومسلم [2093]، وأبو داود [4221]، والنسائى [5291]، وأحمد [3/ 160، 206، 223، 225]، وابن حبان [5490]، وابن سعد في "الطبقات"[1/ 472]، وأبو عوانة [رقم 6981، 6983، 6984]، والبيهقى في "الجامع في الخاتم"[رقم 2]، والفاكهى في "حديثه"[رقم 245]، وجماعة من طرق عن الزهرى عن أنس بن مالك به
…
وهو عند جماعة بنحوه.
قلتُ: هذا الحديث قد أنكروه على الزهرى، وذكروا أنه قد وهم في متنه؛ فقال البيهقى في "سننه" [1/ 472]:(ويشبه أن يكون ذِكْر الوَرق في هذه القصة وهمًا سبق إليه لسان الزهرى؛ فحمل عنه على الوهم؛ فالذى طرحه هو خاتمه من ذهب، ثم اتخذ بعد ذلك خاتمًا من ورِق، ورواية ابن عمر تدل على أن الذي جعله في يمينه هو خاتمه من ذهب؛ ثم طرحه).
وقال أيضًا في كتابه "الجامع في الخاتم": "ويُشْبه أن يكون ذكر الورق في هذا الحديث وهمًا سبق إليه لسان الزهرى، فحملوه عنه على الوهم؛ فسائر الروايات عن أنس ابن مالك، ثم الروايات الصحيحة عن ابن عمر: تدل على أن الذي طرحه هو الخاتم الذي اتخذه من ذهب؛ وأن الذي اتخذه من ورق كان في يده حتى مات
…
".
وقال ابن عبد البر في "التمهيد"[17/ 100]، بعد أن ذكره: (وهذا غلط عند أهل العلم، والمعروف أنه نبذ خاتمًا من ذهب لا من ورق،
…
) ونقل النووى في "شرحه على مسلم"[14/ 70]، عن القاضى عياض أنه قال: "قال جميع أهل الحديث: هذا وهمٌ من ابن شهاب؛ فوهم من خاتم الذهب إلى خاتم الورق، والمعروف من روايات أنس من غير طريق ابن شهاب اتخاذه صلى الله عليه وسلم خاتم فضة، لم يطرحه؛ وإنما طرح خاتم الذهب
…
".
قلتُ: وقد تأوله بعض العلماء على أربعة وجوه كلها متكلفة على التحقيق، وقد بسطنا الكلام عليه في رسالتنا في "أحكام الخاتم". والله المستعان. =
3539 -
حَدَّثَنَا منصور بن أبى مزاحم، حدّثنا مالك بن أنس، عن الزهرى، عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل يوم الفتح، وعلى رأسه مغفرٌ، فقيل: هذا ابن خطل متعلقٌ بأستار الكعبة، فقال:"اقْتُلُوهُ".
= • تنبيه: قد اختلف في متن هذا الحديث على بعض أصحاب الزهرى، فانظر وجهًا من هذا الاختلاف في "الصحيحة"[6/ 1176]، ووجْه ثانٍ عند ابن حبان [303]، وأحمد [4/ 195]، والنسائى [5190]، وجماعة؛ ويأتى هذا الوجه عند المؤلف [برقم 3565].
3539 -
صحيح: أخرجه مالك [946]، ومن طريقه البخارى [1749، 2879، 4034، 5471]، ومسلم [1357]، وأبو داود [2685]، والترمذى في الجامع [1693]، وفى "الشمائل"[رقم 114]، والنسائى [2868]، وابن ماجه [2805]، وأحمد [3/ 185، 224، 231، 232]، والدارمى [1938، 2456]، وابن خزيمة [3063]، وابن حبان [3719، 3721، 3805، 3806]، والطبرانى في "الأوسط"[9/ رقم 9034]، وابن أبى شيبة [36914]، والبيهقى في "سننه"[9621 - وفى مواضع كثيرة]، والطحاوى في "شرح المعانى"[2/ 258، 329]، وفى "المشكل"[11/ 118]، والحميدى [1212]، وأبو عوانة [رقم 2528، 2529، 2530، 2531، 2532]، والبغوى في "شرح السنة"[3/ 436]، وجماعة كثيرة من طرق عن مالك بن أنس عن الزهرى عن أنس به
…
وليس عند النسائي وابن ماجه والحميدى جملة قتل ابن خطل، وهو رواية للبخارى وأحمد والبيهقى وابن حبان وأبى عوانة والمؤلف.
قلتُ: قال الترمذى: "هذا حديث حسن صحيح غريب لا نعرف كثير أحد رواه غير مالك عن الزهرى" وقال ابن عبد البر: "هذا حديث انفرد به مالك رحمه الله لا يُحْفَظ عن غيره، ولم يروه أحد عن الزهرى سواه من طريق صحيح، وقد رُوِىَ عن ابن أخى ابن شهاب عن عمه عن أنس، ولا يكاد: يصح، وروى أيضًا من غير هذا الوجه، ولا يثبت أهل النقل فيه إسنادًا غير حديث مالك" وقال ابن حبان في "المجروحين"[2/ 153]، بعد أن ساق متابعة بعضهم لمالك فيه عن الزهرى:"لا يصح إلا من رواية مالك عن الزهرى عن أنس بن مالك".
قلتُ: وقد ورد متابعة مالك: عن نحو ستة عشر روايًا كلهم رووه عن الزهرى مثل رواية مالك
…
كما تراه في "الفتح"[4/ 59 - 60]، لكنها كلها متابعات لا يثبت منها شئ قط، وثلثلها مناكير محضة، وقد بسطنا الكلام عليها في "غرس الأشجار" والقول ما قال ابن حبان وابن عبد البر من كون هذا الحديث لا يصح إلا من رواية مالك عن الزهرى به.
3540 -
حَدَّثَنَا محمد بن عباد المكى، حدّثنا سفيان، عن الزهرى، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم مكة وعليه مغفرٌ.
3541 -
حَدَّثَنَا عبد الأعلى بن حمادٌ، حدّثنا بشر بن السرى، حدّثنا مالكٌ، عن الزهرى، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم قدم عام الفتح وعليه مغفرٌ، فقيل: هذا ابن خطل متعلقٌ بأستار الكعبة، فقال:"اقْتُلُوهُ".
3542 -
حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبى شيبة، حدّثنا وكيعٌ، عن مالك بن أنس، عن الزهرى، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل مكة وعليه مغفرٌ.
3543 -
حَدَّثَنَا هدبة، حدّثنا همامٌ، حَدَّثَنَا ابن جريج، عن الزهرى، ولا أعلمه إلا عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا دخل الخلاء وضع خاتمه.
3540 - صحيح: انظر قبله.
3541 -
صحيح: انظر قبله.
3542 -
صحيح: انظر قبله.
3543 -
منكر: أخرجه أبو داود [19]، والترمذى في "الجامع"[1746]، وفى "الشمائل"[رقم 94]، والنسائى في "المجتبى"[5213]، وفى "الكبرى"[9542]، وابن ماجه [303]، وابن حبان [1413]، والحاكم [1/ 298]، والبيهقى في "سننه"[454]، وتمام في "الفوائد"[1/ رقم 496]، وابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 889]، وغيرهم من طرق عن همام بن يحيى عن ابن جريج عن الزهرى عن أنس به.
قلتُ: قال أبو داود: "هذا حديث منكر، وإنما يعرف عن ابن جريج عن زياد بن سعد عن الزهرى عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم: "اتخذ خاتمًا من وَرِق ثم ألقاه" والوهم فيه من همام؛ ولم يروه إلا همام" وقال النسائي في "الكبرى": "هذا الحديث غير محفوظ".
وهو كما قالا، لكن نازع في هذا آخرون، ومشوا على ظاهر الإسناد. فقال الترمذى:"هذا حديث حسن غريب" وفى بعض نسخ "الجامع" قال: "حسن صحيح غريب" وكذا صححه ابن حبان؛ وقال المنذرى: "الصواب عندى تصحيحه، فإن رواته ثقات أثبات" نقله عنه الحافظ في "التلخيص"[1/ 108]، ثم قال: "وتبعه أبو الفتح القشيرى في آخر الاقتراح
…
" =
3544 -
حدَّثَنَا زهيرٌ بن حرب، حدّثنا عثمان بن عمر، حدّثنا يونس، عن الزهرى، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتمًا من ورِق، له فصٌ حبشىٌ، ونقشه: محمدٌ رسول الله.
3545 -
حدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا سفيان بن عيينة، عن الزهرى، عن أنس،، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدباء والمزفت أن ينبذ فيه.
= وما إلى تصحيحه أيضًا: الحافظ موسى بن هارون الحمال كما نقله عنه السخاوى في "فتح المغيث"[1/ 205]، وانتصر له ابن التركمانى في "الجوهر النقى"[1/ 95] وعلق الحافظ صحته على تصريح ابن جريج فيه بالسماع، فقال في "النكت على ابن الصلاح" [ص 260/ طبعة المكتبة التوفيقية]:"ولا علة له عندى إلا تدليس ابن جريج؛ فإن وجد عنه التصريح بالسماع فلا مانع من الحكم بصحته في نقدى" كذا قال، والتحقيق أنه حديث منكر كما قاله أبو داود؛ وعلته الحقيقية هي: أن همامًا ومن تابعه عليه - إن صحت المتابعة - قد خولفوا في متنه وسنده، خالفهم جماعة من الثقات الأثبات، كلهم رووه عن ابن جريج فقالوا: عن زياد بن سعد عن الزهرى عن أنس أنه رأى رسول الله صلى الله عليه وسلم: "في يده يومًا خاتمًا من ذهب، فاضطرب الناس في الخواتيم، فرمى به النبي صلى الله عليه وسلم وقال: لا ألبسه أبدًا" فذا هو المحفوظ والصحيح عن ابن جريج كما يقول الدارقطنى في "علله" وعنه ابن القيم في "حاشية السنن"[1/ 25].
ويشبه أن يكون مَنْ رواه عن ابن جريج على غير هذا الوجه: قد دخل له حديث في حديث، وقد بسطنا الكلام على تخريج هذا الحديث، وبيان الاختلاف في سنده على همام، مع التنبيه على أوهام عديدة وقعت لجماعة ممن تكلموا عليه تصحيحًا وتضعيفًا، وذلك في كتابنا "غرس الأشجار بتخريج منتقى الأخبار" فاللَّه المستعان.
3544 -
صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 3536].
3545 -
صحيح: أخرجه مسلم [1992]، وأحمد [3/ 110]، والشافعى في "مسنده"[رقم 1353]، وفى "الأم"[6/ 247]، ومن طريقه البيهقى في "سننه"[17249، 17248]، وفى المعرفة [رقم 5483]، والحميدى [1185]، وأبو عوانة [رقم 6556]، وابن عساكر في "المعجم"[رقم 66]، وابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 1877]، وغيرهم من طرق عن سفيان بن عيينة عن الزهرى عن أنس به. =
3546 -
حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا ابن عيينة، عن الزهرى، عن أنس يبلغ به:"إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ، فَابْدَؤُوا بِالْعَشَاءِ".
3547 -
حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبى شيبة، حدّثنا ابن عيينة، نحوه.
3548 -
حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا ابن عيينة، عن الزهرى، عن أنس بن مالك، قال: آخر نظرة نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الإثنين، كشف الستارة والناس خلف أبى
= قلتُ: قد توبع ابن عيينة عليه: تابعه شعيب بن أبى حمزة، والليث بن سعد، ومحمد بن إسحاق، ومعمر، ومالك - لكن الطريق إليه لا يثبت - والزبيدى، وموسى بن عقبة، ويونس بن يزيد، وغيرهم؛ ورواياتهم مخرجة في "غرس الأشجار" وستأتى رواية ابن إسحاق [برقم 3589]، ورواية شعيب عند البخارى [5265]، وجماعة كثيرة.
3546 و 3547 - صحيح: أخرجه مسلم [557]، والترمذى [353]، والنسائى [853]، وابن ماجه [933]، وأحمد [3/ 110]، وابن خزيمة [934، 1651]، وابن أبى شيبة [7912]، والبيهقى في "سننه"[4811]، وفى "المعرفة"[رقم 1518]، والحميدى [1181]، وأبو عوانة [رقم 1006]، والبغوى في "شرح السنة"[2/ 74]، وابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 1878]، وابن سمعون في "الأمالى"[رقم 195]، والطحاوى في "المشكل"[5/ 103]، والخطيب في "تاريخه"[8/ 101]، وابن عساكر "المعجم"[رقم 1183]، وغيرهم من طرق عن ابن عيينة عن ابن شهاب عن أنس به.
قلتُ: وتوبع عليه ابن عيينة: تابعه سليمان بن كثير ومعمر وعمرو بن الحارث ومالك وعقيل ويونس والأوزاعى وسفيان بن حسين وهشيم وغيرهم، ورواية معمر ستأتى [برقم 3602]، وجاء ابن أبى ذئب وخالف الجميع في وصله، ورواه عن الزهرى به مرسلًا، هكذا أخرجه ابن الجعد [2788]. والمحفوظ هو الأول بلا ريب، وابن أبى ذئب شيخ من شيوخ الإسلام؛ إلا أن جماعة قد تكلموا في روايته عن الزهرى. راجع ترجمته في "التهذيب وذيوله"؛ والله المستعان؛ وتمام تخريجه في "غرس الأشجار".
3548 -
صحيح: أخرجه مسلم [419]، والنسائى [1831]، وابن ماجه [1624]، وأحمد [3/ 110]، والحميدى [1188]، ومن طريقه أبو عوانة [رقم 1304]، والبغوى في "شرح السنة"[7/ 50]، والترمذى في "الشمائل"[رقم 386]، والآجرى في "الشريعة"[رقم 1268]، وأبو زرعة الدمشقى في "تاريخه"[ص 2]، وابن سعد في "الطبقات" =
بكر، فنظرت إلى وجهه كأنه ورقة مصحف، فأراد الناس أن يتحركوا، فأشار إليهم: أن امكثوا، وألقى السجف، وتوفى في آخر ذلك اليوم.
3549 -
حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا ابن عيينة، عن الزهرى، سمعه من أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لا تَبَاغَضُوا، وَلا تَحَاسَدُوا، وَلا تَدَابَروا، وَلا تَقَاطَعُوا، وَكُونُوا عَبَّادَ اللهِ إِخْوَانًا، لا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاة فَوْقَ ثَلاثٍ".
= [2/ 216]، وغيرهم من طرق عن ابن عيينة عن الزهرى عن أنس به .. وهو عند بعضهم نحوه باختصار كأبى زرعة الشامى.
قلتُ: ومن هذا الطريق: أخرجه ابن الأثير في "أسد الغابة"[1/ 20]، وقد توبع عليه ابن عيينة؛ تابعه عليه: معمر وشعيب ويونس وعقيل وصالح بن كيسان وإسماعيل بن أمية وغيرهم كلهم عن الزهرى عن أنس به نحوه
…
وقد توبع عليه الزهرى على نحوه
…
تابعه عبد العزيز بن صهيب كما يأتى عند المؤلف [برقم 3924].
3549 -
صحيح: أخرجه مسلم [2559]، والترمذى [1935]، وأحمد [3/ 110]، والحميدى [1183]، وابن عساكر في "تاريخه"[11/ 275]، وفى "المعجم"[رقم 349]، وأبو الشيخ في "التنبيه والتوبيخ"[رقم 38]، وأبو سعد السمان في "مشيخته" كما في "تاريخ قزوين"[1/ 409]، والشجرى في الأمالى [1/ 358]، وغيرهم من طرق عن ابن عيينة عن الزهرى عن أنس به ..
قلتُ: قد توبع عليه ابن عيينة: تابعه:
1 -
مالك بن أنس على مثله دون قوله: (لا تقاطعوا): عنده في الموطأ [رقم 1615]، ومن طريقه البخارى [5718، 5726]، ومسلم [2558]، وأبو داود [4910]، وابن حبان [5660]، والبغوى في "شرح السنة"[6/ 325]، وإبراهيم بن عبد الصمد في أماليه [رقم 69]، وابن نصر في "السنة"[رقم 2]، والطحاوى في "المشكل"[2/ 6]، وابن قدامة في المتحابين في الله [رقم 69]، وغيرهم.
هكذا رواه الجماعة عن مالك، ورواه عنه سعيد بن أبى مريم به مثله وزاد:(ولا تنافسوا) أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد"[6/ 116]، من طريق حمزة بن محمد الكنانى الحافظ عن إسحاق بن إبراهيم بن جابر عن سعيد بن أبى مريم به. =
3550 -
حَدَّثَنَا محمد بن عباد المكى، حدّثنا سفيان، قال: حفظت هذه الأربعة من الزهرى، أنه سمع أنس بن مالك يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا تَقَاطَعُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَحَاسَدُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عَبَّادَ اللَّهِ إخْوَانًا، وَلا يَحِلُّ لمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثٍ".
3551 -
حَدَّثَنَا ابن أبى شيبة، حدّثنا يزيد بن هارون، أخبرنا سفيان بن حسين، عن الزهرى، عن أنس، عن النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه.
3552 -
حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا ابن عيينة، عن الزهرى، عن أنس، قال: قدم
= قلتُ: وهذا إسناد صحيح إليه، وقد قال حمزة الكنانى عقب روايته: "لا أعلم أحدًا قال في هذا الحديث عن مالك: (ولا تنافسوا) غير سعيد بن أبى مريم
…
" ورواه أبو نعيم الملائى عن مالك مختصرًا بلفظ: (لا يحل لمسلم أن يهجر أخاه فوق ثلاثة أيام؛ يلقاه هذا، فيعرض عنه، وأيهما بدأ بالسلام سبق إلى الجنة) أخرجه ابن عبد البر في "التمهيد" [6/ 115 - 116]، بإسناد صحيح إليه.
2 -
وتابعه سفيان بن حسين على نحوه: عند ابن أبى شيبة [25372]، وعنه المؤلف [برقم 3551]، - ولم يسق لفظه - وأبى نعيم في "الحلية"[3/ 374]، وغيرهم بإسناد صحيح إليه، وسفيان بن حسين ضعفوه في الزهرى.
3 -
وعبد الرحمن بن إسحاق على نحوه، وزاد:(ولا تنافسوا) ولم يقل: (لا تقاطعوا) أخرجه المؤلف [برقم 3612]، وعنه ابن حبان في روضة العقلاء [رقم 392/ بتخريجى]، والشجرى في "الأمالى"[1/ 363]، بإسناد صحيح إليه. وعبد الرحمن بن إسحاق هو ابن عبد الله بن الحارث القرشى، مختلف فيه.
4 -
5 - 6 - 7 وكذا تابعه شعيب والزبيدى ويونس ومعمر وعبد الله بن عمر العمرى؛ وأخو عبيد الله العمرى - لكن الطريق إليه لا يصح - وغيرهم عن الزهرى عن أنس به نحوه.
3550 و 3551 - صحيح: انظر قبله.
3552 -
صحيح: أخرجه مسلم [2029]، وأحمد [3/ 110]، وابن أبى شيبة [24195]، والبيهقى في "سننه"[14444]، وفي "الشعب"[5/ رقم 6034]، وفى "الآداب"[رقم 451]، والحميدى [1182]، وابن سعد في "الطبقات"[7/ 20]، وابن عساكر في "تاريخه"[9/ 340 - 341]، وفى "المعجم"[رقم 173، 302]، وابن عبد البر في "التمهيد" =
النبي صلى الله عليه وسلم وأنا ابن عشر، ومات وأنا ابن عشرين، فكن أمهاتى يحثثننى على خدمته، فدخل علينا دارنا، فحلبنا له من شاة داجن شيب له من بئر في الدار، فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له عمر - وأبو بكر عن شماله -: يا رسول الله، أعط أبا بكر، فأعطاه أعرابيًا عن يمينه، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الأَيْمَنُ فَالأَيْمَنُ".
= [6/ 152]، وفى "الاستذكار"[8/ 357]، وأبو عوانة [رقم 6655]، والبغوي في "شرح السنة"[6/ 6]، وغيرهم من طرق عن ابن عيينة عن الزهرى عن أنس به.
قلتُ: وقد توبع عليه ابن عيينة: تابعه عليه أصحاب الزهرى:
1 -
منهم مالك بن أنس عن الزهرى عن أنس: (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى بلبن قد شيب بماء من البئر، وعن يمينه، أعرابى، وعن يساره أبو بكر الصديق، فشرب ثم أعطى الأعرابى وقال: الأيمن فالأيمن).
هكذا أخرجه مالك [1655]، ومن طريقه البخارى [5296]، ومسلم [2029]، وأبو داود [3726]، والترمذى [1893]، وابن ماجه [3425]، وأحمد [3/ 113]، والدارمى [5333]، وابن حبان [5334، 5337]، وأبو نعيم في "الحلية"[3/ 374]، وأبو عوانة [رقم 6656]، والبغوى في "شرح السنة"[6/ 5]، وجماعة كثيرة.
2 -
ومنهم الأوزاعى على نحو سياق مالك: عند الدارمى [2116]، وابن حبان [5336]، والمؤلف [برقم 3561]، وابن طاهر في "العلو والنزول"[رقم 44]، وأبى عوانة [رقم 6658]، وأبى الشيخ في أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم[رقم 665]، والمحاملى في "أماليه"[رقم 382]، وغيرهم؛ لكن وقع لبعضهم وهم في متنه، يأتى التنبيه عليه [برقم 3560].
3 -
وعبد الرحمن بن إسحاق على نحو سياق مالك أيضًا: عند المؤلف [برقم 3564]، بإسناد صحيح إليه.
وتابعهم أيضًا الكافة من أصحاب الزهرى عليه: فقال أبو نعيم في "الحلية"[3/ 374]: "رواه عن الزهرى: صالح بن كيسان، وعبيد الله بن عمر وابن جريج ومعمر والأوزاعى ويزيد بن أبى حبيب والزبيرى [كذا عنده: (الزبيرى) وهو تصحيف، والصواب: (الزبيدى) وهو محمد بن الوليد]، وشعيب وعقيل ويونس وقُرَّة وإسحاق بن راشد والنعمان بن راشد وأبو أويس ويوسف بن الماجشون وعبيد الله بن أبى زياد وسفيان بن حسين وزكريا بن إسحاق وصالح بن أبى الأخضر وزمعة بن صالح وبحر السقَّاء وعبد الرحمن بن إسحاق". =
3553 -
حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبى شيبة، حدّثنا ابن عيينة، عن الزهرى، سمعه من أنس: قدم النبي صلى الله عليه وسلم، نحوه.
3554 -
حَدَّثَنَا محمد بن عباد المكى، حدّثنا سفيان، قال: حفظت من الزهرى، عودًا وبدءًا أنه سمع أنسًا يقول: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر سنين، وتوفى وأنا ابن عشرين سنةً، وكن أمهاتى يحثثننى على خدمته.
3555 -
حَدَّثَنَا محمد بن عباد المكى، حدّثنا سفيان، قال: حفظت من الزهرى، عودًا وبدءًا أنه سمع أنسًا يقول: دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم دارنا، فحلبنا له من شاة داجن، وشيب له من ماء بئر في الدار، فشرب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبو بكر عن شماله، وأعرابىٌ عن يمينه، وعمر عن ناحية، فقال عمر: أعط أبا بكر، فناوله رسول الله صلى الله عليه وسلم الأعرابيَّ وقال:"الأَيْمَنُ فَالأَيْمَنُ".
3556 -
حَدَّثَنَا أبو خيثمة، وأبو بكر بن أبى شيبة، قالا: حدّثنا ابن عيينة، عن الزهرى، عن أنس، قال: قال رجلٌ: يا رسول الله، متى الساعة؟ قال:"وَمَا أَعْدَدْتَ لَها؟ " قال: فلم يذكر خيرًا، ولكن أحب الله ورسوله، قال:"فَأَنْتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ".
= قلتُ: وقد أخرجه أبو نعيم من طريق أشعث بن سوار عن الزهرى أيضًا، وقد توبع عليه الزهرى: تابعه عبد الله بن عبد الرحمن بن معمر أبو طوالة على نحوه عند البخارى [2432]، ومسلم [2029]، وجماعة، وسيأتى هذا الطريق عند المؤلف [برقم 3674].
3553: 3555 - صحيح: انظر قبله.
3556 -
صحيح: أخرجه مسلم [2639]، وأحمد [3/ 110]، وابن حبان [563]، والبيهقى في "الشعب"[1/ رقم 498]، وفى "الآداب"[853]، والحميدى [1190]، ومن طريقه أبو نعيم في "الحلية"[7/ 309]، وهناد في "الزهد"[رقم 482]، والخطيب في "تاريخه"[1/ 255]، و [8/ 460]، والذهبى في "التذكرة"[3/ 864]، وابن عساكر في "تاريخه"[36/ 448]، و [56/ 289]، وأبو طاهر السلفى في "المجاز والمجيز"[ص 165]، وابن منده في "الإيمان"[1/ رقم 289]، والبغوى في "تفسيره"[1/ 247]، وفى "شرح السنة"[6/ 301]، وابن المقرئ في "المعجم"[رقم 1142]، وجماعة من طرق عن ابن عيينة عن الزهرى عن أنس به.=
3557 -
حَدَّثَنَا محمد بن عباد، حدّثنا سفيان، عن الزهرى، عن أنس، أن رجلًا سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الساعة، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم:"مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ " قال: ما أعددت لها كبيرًا من عمل غير أنى أحب الله ورسوله، فقال:"المرْءُ مَعَ مَنْ أَحَبَّ".
3558 -
حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبى شيبة وأبو خيثمة، قالا: حدّثنا ابن عيينة، عن الزهرى، عن أنس، قال: سقط النبي صلى الله عليه وسلم عن فرس فجحش شقه الأيمن، فحضرت الصلاة فصلى بنا قاعدًا، فلما قضى صلاته، قال:"إِنمَا جُعِلَ الإِمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ، فَإِذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإِذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإِذَا رَفَعَ فَارْفَعُوا، وَإِذَا، قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لمَنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الْحمْدُ، وَإِذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلُّوا قُعُودًا أَجْمَعِينَ".
3559 -
حَدَّثَنَا، أبو خيثمة، حدّثنا ابن عيينة، عن الزهرى، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على صفية - أراه قال -: بتمر وسويق.
= قلتُ: وقد توبع عليه ابن عيينة: تابعه معمر وشعيب وأبو المليح الرقى وابن أخى الزهرى وغيرهم.
وللحديث طرق أخرى عن أنس به نحوه
…
فانظر الماضى [برقم 2758، 3032، 3281].
3557 -
صحيح: انظر قبله.
3558 -
صحيح: أخرجه البخارى [772]، ومسلم [411]، والنسائى [794]، وابن ماجه [1238]، وأحمد [3/ 110]، وابن أبى شيبة [36134]، والبيهقى في "سننه"[3469]، والحميدى [1189]، وأبو عوانة [رقم 1282]، والبغوى في "شرح السنة"[2/ 105]، وابن سعد في "الطبقات"[2/ 214]، وابن عساكر في "المعجم"[رقم 724]، وجماعة من طرق عن ابن عيينة عن الزهرى عن أنس به.
قلتُ: وتوبع عليه ابن عيينة على نحوه: تابعه مالك ويونس والليث وابن جريج وشعيب وجماعة. واستيفاء تخريجه في "غرس الأشجار" أعاننا الله على إكماله.
3559 -
صحيح: أخرجه أحمد [3/ 110]، من طريق ابن عيينة عن الزهرى عن أنس به.
قلتُ: قد اختلف في إسناده على ابن عيينة على ألوان؛ فرواه عنه أحمد بن حنبل وأبو خيثمة على الوجه الماضى؛ وتابعهما عليه كذلك (إبراهيم بن المنذر وأبو الخطاب زياد بن يحيى وعبد الله بن محمد الزهرى وعليّ بن عمرو الأنصارى وابن المقرئ، وصرح عبد الله من =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= بينهم بأن ابن عيينة قال: سمعته من الزهرى ولم أحفظه؛ فسمعته من آخر) ذكر ذلك السخاوى في فتح المغيث [1/ 230].
وخالفهم جماعة آخرون رووه عن ابن عيينة فقالوا: عن وائل بن داود عن ابنه بكر بن وائل عن الزهرى عن أنس به
…
، فأدخلوا فيه واسطتين بين ابن عيينة والزهرى، هكذا رواه الحميدى وابن أبى عمر العدنى وحامد بن يحيى وغياث بن جعفر وإسماعيل بن يزيد الأصبهانى وعبد الوهاب بن الضحاك وأحمد بن عبدة ....
ورواياتهم عند الترمذى [1095]، وفى "الشمائل"[ص 147]، وأبى داود [3744]، وابن ماجه [1909]، وابن حبان [4061، 4064]، والنسائى في "الكبرى"[6601]، والطبرانى في "الكبير"[24/ رقم 184]، والبيهقى في "سننه"[14283]، وفى المعرفة [رقم 4575]، وأبى الشيخ في "الطبقات"[3/ 542]، وابن عبد البر في "التمهيد"[24/ 88]، والحميدى [1184]، والخطيب في "الأسماء المبهمة"[ص 36]، والدارقطنى في "الأفراد"[رقم 1057/ أطرافه]، وغيرهم.
وتابع هؤلاء أيضًا: إبراهيم بن بشار كما ذكره السخاوى في فتح المغيث [1/ 220]، قال الدارقطنى:(غريب من حديث بكر بن وائل عنه - يعنى عن الزهرى - يرويه أبوه وائل بن داود، ولم يروه عنه غير سفيان بن عيينة) وقال الترمذى: (هذا حديث حسن غريب) ثم قال: (وقد روى غير واحد هذا الحديث عن ابن عيينة عن الزهرى عن أنس
…
ولم يذكروا فيه (عن وائل عن ابنه) وكان سفيان بن عيينة يدلس في هذا الحديث، فربما لم يذكر فيه:(عن وائل عن ابنه) وربما ذكره".
قلتُ: وقد وقع في كلام الترمذى أكثر من تحريف في طبعة (دار إحياء التراث العربى) وقد أصلحت بعضه من "تحفة الأشراف"[رقم 1482].
ومراد الترمذى من هذا: أن المحفوظ في هذا الحديث هو رواية ابن عيينة عن وائل بن داود عن ابنه بكر بن وائل عن الزهرى به
…
وأن ابن عيينة كان ربما دلس في إسناده، وأسقط منه:(وائل عن ابنه) وصيَّره عن الزهرى به مُجوَّدًا، ففهمنا من ذلك: أن الوجهين عن ابن عيينة محفوظان، غير أن الثاني أصح إسنادًا؛ لما ثبت في الأول من تدليس ابن عيينة، وهكذا جزم الدارقطنى وقال:"والمحفوظ عن ابن عيينة الأول" نقله عنه السخاوي في "فتح المغيث"[1/ 220]، ثم قال:(وهو المعتمد). =
3560 -
حَدَّثَنَا ابن أبى شعيب الحرانى، حدّثنا مسكين بن بكير، عن الأوزاعى، عن ابن شهاب، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب قائمًا.
= لكن يعكر عليهم: أن ابن عيينة قد صرح بسماعه هذا الحديث من الزهرى إلا أنه لم يحفظه، فقد مضى من رواية عبد الله بن محمد الزهرى عن ابن عيينة عن الزهرى عن أنس به
…
وذكر فيه قول ابن عيينة: (سمعته من الزهرى ولم أحفظه؛ فسمعته من آخر) وفى رواية الحميدى عن ابن عيينة عن وائل بن داود عن بكر بن وائل عن الزهرى عن أنس به
…
قال الحميدى كما في "مسنده"[عقب رقم 1184]: "قال سفيان: وقد سمعت الزهرى يحدث به
…
فلم أحفظه، وكان بكر بن وائل، يجالس الزهرى معنا".
قلتُ: فصح بهذا سماع ابن عيينة له من الزهرى كما سمعه بكر بن وائل، إلا أن ابن عيينة لم يحفظه، فثبَّته فيه بَكْر؛ فطاش بهذا ما ذكره الترمذى من تدليس ابن عيينة، وصح الحديث من الوجهين معًا، وقد اختلف على ابن عيينة فيه على لونين آخرين، إلا أن المحفوظ عنه ما مضى؛ وقد بسطنا الكلام عليه في "غرس الأشجار" وذكرنا هناك بعض الاختلاف في متنه أيضًا على ابن عيينة، وللحديث طرق أخرى عن أنس به نحوه ..
[تنبيه] الوجه الثاني عن ابن عيينة: (عن وائل بن داود عن ابنه بكر بن وائل عن الزهرى عن أنس به
…
) سنده صحيح مستقيم؛ وبكر وأبوه ثقتان مشهوران؛ والابن ضعفه عبد الحق الإشبيلى في "الأحكام" في فجازف كعادته، وقد رده عليه ابن القطان الفاسى. راجع "التهذيب"[1/ 488]، لكن نقل الفسوى في "المعرفة"[2/ 143]، عن ابن المدينى عن ابن عيينة أنه قال:(وائل ابن داود لم يسمع من ابنه [بالأصل: (أبيه) وهو غلط ظاهر ونقله عنه المزى في "تهذيبه" على الصواب] شيئًا، إنما نظر في كتابه "حديث الوليمة" كذا قال، وهو غريب. وعلى ثبوت ذلك: فهى وجادة معتمدة. والله المستعان.
3560 -
صحيح: أخرجه أبو نعيم في "الحلية"[6/ 146]، وفى تاريخ أصبهان [1/ 217]، وأبو عوانة [برقم 6658]، والبغوى في "شرح السنة"[6/ 5]، وأبو الشيخ في "أخلاق النبي صلى الله عليه وسلم "[رقم 665، 669]، والمحاملى في "أماليه"[رقم 382]، وأبو الفضل الزهرى في "حديثه"[رقم 495]، وتمام في "فوائده"[رقم 158]، وابن عدى في. "الكامل"[1/ 203]، وابن عساكر في "تاريخه"[58/ 16]، وغيرهم من طريق مسكين بن بكير عن الأوزاعى عن ابن شهاب عن أنس به
…
وزاد البغوى والمحاملى وهو رواية للمؤلف [رقم 3561]، وأبى الشيخ:(وعلى يمينه أعرابى وعن شماله أبو بكر؛ فأعطاه للأعرابى وقال: الأيمن فالأيمن) =
3561 -
وَحَدَّثَنَا مرةً أخرى مسكين بن بكير، عن الأوزاعى، عن ابن شهاب، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب قائمًا، وعلى يمينه أعرابىٌ وعن شماله أبو بكر، فأعطاه الأعرابى وقال:"الأَيْمَنُ فَالأَيْمَنُ".
= قلتُ: ونقل أبو الفضل الزهرى ومن طريقه ابن عساكر عن أبى محمد بن صاعد أنه قال: "وهذا لا يحفظ إلا من حديث مسكين" وهو كما قال، وهذا المسكين مشاه جماعة، إلا أن أحمد قد قال عنه:"في حديثه خطأ" وقال أبو أحمد الحاكم: "كان كثير الوهم والخطأ" كذا في "التهذيب"[10/ 121]، ومثله ممن لا يحتمل التفرد عن مثل الأوزاعى، وقد صحف في متن الحديث تصحيفًا غريبًا، فقال:(شرب قائمًا) كذا أخطأ ذلك الخطأ الفاحش. وصواب الحديث: (شرب لبنًا) هكذا رواه عبد القدوس بن الحجاج عن الأوزاعى عن الزهرى عن أنس (أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم شرب لبنًا، وعن يساره أبو بكر، وعن يمينه أعرابى
…
إلخ) أخرجه الدارمى [2116].
وهكَذا رواه الوليد بن مسلم أيضًا عن الأوزاعى عند ابن حبان [5336]، وابن طاهر في العلو والنزول [رقم 44]، وهو المحفوظ عن الأوزاعى؛ وعلى نحوه تابعه جماعة عن الزهرى به .... كما مضى [برقم 3552].
وقد رواه بعض الضعفاء فركب فيه على التصحيف شيئًا عجيبًا؛ وهو أبو الفوارس الحرانى، فرواه عن أبى جعفر النفيلى - الإمام القدوة - عن مسكين بن بكير عن الأوزاعى عن الزهرى عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم:(نهى أن يشرب قائمًا) هكذا أخرجه ابن عدى في "الكامل"[1/ 203]، ثم قال:"وهذا حديث هو عندى شُبِّه على أبى الفوارس هذا؛ لأن هذا الحديث رواه عن مسكين: جماعة منهم أبو جعفر النفيلى عن الأوزاعى عن الزهرى عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم "شرب قائمًا" فجاء بهذا الحديث بالضد أن النبي صلى الله عليه وسلم " نهى عن الشرب قائمًا" ولم أر منه في حديثه - يعنى أبا الفوارس - أنكر من هذا
…
".
قلتُ: وقد ذكر ابن عدى في أول ترجمة أبى الفوارس هذا عن أبى عروبة الحرانى الحافظ أنه قال عنه: "أبو الفوارس هذا لم يكن بمؤتمن على نفسه ولا دينه" كذا قال. فنسأل الله السلامة! لكن للحديث بهذا اللفظ المصحف (شرب قائمًا) شواهد ثابتة، منها حديث ابن عباس الماضى في "مسنده"[برقم 2406]، فانظره.
3561 -
صحيح: انظر قبله. وقد عرفتَ فيما تقدم أن قوله في أول الحديث: (شرب قائمًا) مصحف من قوله: (شرب لبنًا) صحَّفه مسكين بن بكير. واللَّه المستعان. =
3562 -
حَدَّثَنَا زكريا بن يحيى الواسطى، حدّثنا هشيمٌ، عن سفيان بن حسين، عن الزهرى، عن أنس بن مالك، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتِىَ بلبن فشرب، قال: وأبو بكر عن يساره، وأعرابىٌ عن يمينه فقال عمر: يا رسول الله، ناول أبا بكر، قال: فناول الأعرابى.
3563 -
حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله بن نمير، حدّثنا أبو معاوية، عن إسماعيل بن مسلم، عن الزهرى، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يلبى:"لَبَّيْكَ اللَّهُمَّ لَبَّيْكَ، لَبَّيْكَ لا شَرِيكَ لَكَ لَبَّيْكَ، إِن الحمْدَ وَالنِّعْمَةَ لَكَ وَالملْكَ، لا شَرِيكَ لَكَ".
3564 -
حَدَّثَنَا وهب بن بقية الواسطى، حدّثنا خالدٌ، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهرى، عن أنس، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب وعن يساره أبو بكر، وعن يمينه رجل من الأعراب، فأعطى الأعرابى فضله، ثم قال:"الأَيْمَنُ فَالأَيْمَنُ".
3565 -
حَدَّثَنَا بشر بن الوليد الكندى، أخبرنا إبراهيم بن سعد، عن الزهرى، عن
3562 - صحيح: مضى قريبًا [برقم 3552].
3563 -
صحيح: هذا إسناد منكر، إسماعيل بن مسلم هذا هو المكى الفقيه الضعيف المشهور، صاحب تلك المناكير عن المشاهير، وكان من شدة تخليطه ربما حدث بالحديث الواحد على ثلاثة أضرب، كما يقول يحيى القطان، وعنه المزى في "تهذيبه" وقد تركه النسائي وغيره، وقد اضطرب فيه كعادته، فعاد ورواه مرة أخرى: عن الحسن البصرى وقتادة كلاهما عن أنس به مثله، كما مضى [(برقم 2768].
والراوى عنه هنا: هو أبو معاوية الضرير الحافظ المشهور؛ كان من أحفظ الناس لحديث أبى سليمان الأسدى، فإذا أراد أن يحدِّث عن سواه خَلَط ما شاء الله له أن يخلط، لكن الحديث صحيح ثابت لشواهده الكثيرة، مضى منها حديث جابر [برقم 2027، 2126]، ويأتى حديث عائشة [برقم 4671].
3564 -
صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 3552].
3565 -
ضعيف بهذا التمام: أخرجه ابن عساكر في "المعجم"[رقم 1401]، والذهبى في "التذكرة"[2/ 739]، وفى "الميزان"[1/ 327]، من طريق بشر بن الوليد الكندى عن إبراهيم بن سعد عن الزهرى عن أنس به. =
أنس، أنه أبصر على رسول الله صلى الله عليه وسلم خاتم وَرِقٍ يومًا واحدًا فصنع خواتيم من وَرِق فلبسوها، فطرح النبي صلى الله عليه وسلم خاتمه فطرح الناس خواتيمهم، ورأى في يد رجل خاتمًا من ذهبْ، فضرب إصبعه ضربةً، ورأى على أم سلمة قرطين من ذهب فأعرض عنها حتى رمت به.
= قلتُ: قال ابن عساكر: "صحيح: أخرجه مسلم عن محمد بن جعفر بن زياد الوركانى عن إبراهيم" كذا قال، وهو وهم منه، فإن الحديث عند مسلم [2093]، لكن دون تلك الزيادة في آخره: (ورأى في يد رجل خاتمًا من ذهب
…
إلخ) فقد تفرد بها بشر بن الوليد الكندى عن إبراهيم بن سعد في ذيل هذا الحديث.
وقال الذهبى عقب روايته في "الميزان": "هذا حديث صالح الإسناد غريب" كذا قال أيضًا، والصواب أنه منكر بهذا التمام، وبشر بن الوليد الكندى مختلف فيه، والتحقيق أنه: صدوق فقيه؛ لكنه كان قد خرف بأخرة كما قاله الحافظ صالح جزرة، وعنه الخطيب في "تاريخه"[7/ 83]، ولهذا ذكره ابن الكيالى في "الكواكب النيرات في معرفة من اختلط من الرواة الثقات"[ص 21/ رقم 10]، وقد وهم بشر على إبراهيم بن سعد في هذا الحديث مرتين:
الأولى: أن الحديث محفوظ عن إبراهيم بن سعد عن الزهرى عن أنس به .... دون تلك الزيادة في آخره: (ورأى في يد رجل خاتمًا من ذهب
…
إلخ) فهكذا رواه أسد بن موسى والوركانى وداود بن منصور ومحمد بن خالد وعليّ بن الجعد ومحمد بن سليمان المعروف بـ (لوين) وأبو كامل مظفر بن مدرك وهاشم بن القاسم وسليمان بن داود الهاشمى وموسى بن داود الضبى وأبو صالح كاتب الليث وغيرهم؛ كلهم رووه عن إبراهيم بن سعد بإسناده به دون الزيادة في آخره، بل وهكذا وجدتُ بشر بن الوليد نفسه قد رواه مراة هكذا عن إبراهيم بن سعد دون الزيادة
…
كما أخرجه ابن حبان [5490]، من طريق المؤلف عن بشر عن إبراهيم به
…
لكن لعل ابن حبان تعمد إسقاط تلك الزيادة لضعفها عنده، فإنها مثبتة عند المؤلف كما ترى؛ وابن حبان قد رواها من طريقه به
…
، وقد مضى تخريج رواية الجماعة عن إبراهيم بن سعد عند المؤلف [برقم 3538].
والثانية: أن الزيادة المشار إليها في آخر الحديث: قد رواها جماعة عن إبراهيم بن سعد عن الزهرى بها وحدها مرسلًا، فوهم بشر بن الوليد وأدرجها في ذيل الحديث الماضى موهمًا أنها موصولة من طريق إبراهيم عن الزهرى عن أنس به
…
والمحفوظ خلاف ذلك، فقد رواها منصور بن أبى مزاحم فقال: أخبرنا إبراهيم بن سعد =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= عن الزهرى (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في يد رجل خاتمًا من ذهب؛ فضرب أصبعه حتى ألقاه) هكذا أخرجه الذهبى في "التذكرة"[2/ 739]، بإسناد صحيح إلى منصور؛ وتوبع منصور على إرسال تلك الزيادة عن إبراهيم، تابعه محمد بن جعفر الوركانى عند النسائي [5194]، وتابعهما أيضًا أبو صالح كاتب الليث في روايته نسخة إبراهيم بن سعد عنه [برقم 4/ ضمن مجموع أجزاء حديثية]، فهؤلاء ثلاثة قد رووه عن إبراهيم عن الزهرى به مرسلًا.
ثم جاء عبد العزيز بن أبى سلمة العمرى ورواه عن: إبراهيم بن سعد فقال: عن الزهرى عن أبى إدريس الخولانى: (أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى في يد رجل خاتم ذهب؛ فضرب أصبعه بقضيب كان معه حتى رمى به
…
) وجعله من مرسل أبى إدريس بعد أن كان من مرسل الزهرى، هكذا أخرجه النسائي [5193]، وتوبع إبراهيم على هذا الوجه عن الزهرى: تابعه جماعة من أصحاب الزهرى عنه عن أبى إدريس الخولانى به
…
منهم يونس الأيلى والأوزاعى كلاهما عند النسائي [5191، 5191]، و حكاه الدارقطنى في "العلل"[6/ 319]، عن الحفاظ من أصحاب الزهرى عنه عن أبى إدريس به .. ثم قال:(وهو الصحيح).
وقد رواه معمر عن الزهرى به
…
دون ذكر (أبى إدريس) في سنده، عند عبد الرزاق [19477]، ووافق إبراهيم بن سعد في إحدى الروايتين عنه، وسواء كان الحديث محفوظًا من مرسل الزهرى، أو من مرسل أبى إدريس الخولانى، فهو مرسل على كل حال، ولذلك قال النسائي بعد أن ذكر طرفًا من الاختلاف في سنده على الزهرى:"والمراسيل أشبه بالصواب".
وقد وجدت عبد العزيز بن أبى سلمة العمرى - راويه عن إبراهيم بن سعد عن الزهرى عن أبى إدريس به مرسلًا - قد رواه مرة أخرى ووصله عن إبراهيم بن سعد عن الزهرى عن أنس به
…
، هكذا أخرجه النسائي في "الكبرى"[9506]، والطبرانى في "الأوسط"[8 رقم 8034]، والخطيب في "تاريخه"[10/ 447]، والدارقطنى في "الأفراد"[رقم 1171/ أطرافه]، وغيرهم.
قال الدارقطنى: (تفرد به إبراهيم بن سعد عن الزهرى، وهو معروف برواية عبد العزيز العمرى عنه، وتابعه بشر بن الوليد).
قلتُ: ورأيت الدارقطنى قد ذكر روايتى عبد العزيز وبشر في كتابه "العلل"[6/ 319]، ثم قال:"ووهما فيه، وغيرهما يرويه عن إبراهيم بن سعد عن الزهرى مرسلًا". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلتُ: وهذا هو المحفوظ عن إبراهيم؛ وقال الطبراني عقب روايته: "لم يرو هذا الحديث عن الزهرى عن أنس إلا إبراهيم بن سعد؛ تفرد بن عبد العزيز العمرى، ورواه النعمان بن راشد عن عطاء بن يزيد عن أبى ثعلبة الخشنى".
قلتُ: ورواية النعمان هذه: أخرجها النسائي [5190]، وأحمد [4/ 195]، وابن حبان [303]، والطبرانى في "الكبير"[22/ رقم 578، 579]، و"الأوسط"[4/ رقم 3750]، وابن سعد في "الطبقات"[7/ 416]، والمحاملى في "أماليه"[رقم 488]، والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 261]، وأبو نعيم في "أخبار أصبهان"[1/ 103]، وغيرهم من طريقين عن النعمان بن راشد عن الزهرى عن عطاء بن يزيد عن أبى ثعلبة الخشنى: أن النبي صلى الله عليه وسلم (أبصر رجلًا في يده خاتمًا من ذهب، فجعل يقرعه بقضيب معه، فلما غفل النبي صلى الله عليه وسلم ألقاه؛ قال: ما أرانا إلا قد أوجعناك وأغرمناك) لفظ النسائي.
قال ابن حبان عقب روايته: "النعمان بن راشد ربما أخطأ على الزهرى" وقال الطبراني في "الأوسط": (لم يرو هذا الحديث عن الزهرى إلا النعمان بن راشد، ولا يروى عن أبى ثعلبة إلا بهذا الإسناد) وقال النسائي: "خالفه - يعنى النعمان - يونس - يعنى ابن يزيد الأيلى - رواه عن الزهرى عن أبى إدريس مرسلًا" ثم أخرج [5191]، بإسناده الصحيح إلى يونس الايلى عن ابن شهاب قال: "أخبرنى أبو إدريس الخولانى: أن رجلًا ممن أدرك النبي صلى الله عليه وسلم لبس خاتمًا من ذهب
…
إلخ" ثم قال النسائي: "وحديث يونس أولى بالصواب من حديث النعمان".
قلتُ: وهذا لا شك فيه، وقد مضى أن الحفاظ من أصحاب الزهرى - كما يقول الدارقطنى - قد تابعوا يونس الأيلى على هذا الوجه المرسل، وهو الذي صححه الدارقطنى في "العلل"[6/ 319]، بعد أن ذكر الاختلاف في سنده على الزهرى؛ والنعمان بن راشد كان مضطرب الحديث، يروى مناكير كما قاله الإمام أحمد، وقد ضعفه الجماعة لسوء حفظه وقلة ضبطه، وهو من رجال "التهذيب" ولم يحتج مسلم بحديثه إلا ما تابعه الثقات عليه.
ورأيت أبا حاتم الرازى قد سُئِلَ عن حديثه هذا عن الزهرى
…
كما في "العلل"[رقم 4814]، فقال:(هذا خطأ، إنما هو كما رواه يونس عن الزهرى عن أبى إدريس عن رجل من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن النبي صلى الله عليه وسلم).
قلتُ: وهو كما قال. لكن قول أبى حاتم: (
…
عن أبى إدريس عن رجل
…
) =
3566 -
حَدَّثَنَا، أبو بكر بن أبى شيبة، حدّثنا ابن المبارك، عن يونس بن يزيد، أخبرنى أبو عليّ بن يزيد، عن ابن شهاب، عن أنس، قال: قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم: {وَكَتَبْنَا عَلَيْهِمْ فِيهَا أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَالْعَيْنَ بِالْعَيْنِ} [المائدة: 45].
= أراه من أخطاء الناسخ، وصوابه: (عن أبى إدريس أن رجلًا
…
) كما مضى عند النسائي من طريق يونس الأيلى به
…
و هذا هو الصواب مرسلًا، وعبارة أبى حاتم يُفْهَم منها الاتصال، وأنا أستبعد جدًّا أن يكون ذلك من قبيل الاختلاف في سنده على يونس الأيلى، والأقرب هو ما قلناه آنفًا؛ ولهذا المرسل شواهد نحوه، لكن دون سياقه جميعًا.
• تنبيه: قد علمت أن المحفوظ في تلك الزيادة المذكورة في ذيل الحديث: هو الإرسال كما مضى؛ لكن أكثر الذين رووه عن الزهرى به مرسلًا
…
أو عن الزهرى عن أبى إدريس الخولانى به مرسلًا
…
لم يذكروا هذه الزيادة بتمامها، وإنما ذكروا منها قصة الرجل صاحب خاتم الذهب فقط، ولم يذكروا سائرها من قصة أم سلمة وقرطيها، وقد رواه معمر عن الزهرى به مرسلًا بقصة أم سلمه فقط دون قصة الرجل، كما عند عبد الرزاق [19944]، ولقصة أم سلمة شواهد موصوله نحوها
…
ولا يصح منها شئ. والله المستعان.
3566 -
منكر: أخرجه أبو داود [3976، 3977]، والترمذى في "جامعه"[2929]، وفى عللَّه [رقم 420]، وأحمد [3/ 215]، والحاكم [2/ 257، 582]، والطبرانى في "الأوسط"[1/ رقم 153]، والبخارى في "الكنى"[رقم 455]، وأبو عمر الدورى في "جزء فيه قراءات النبي صلى الله عليه وسلم"[رقم 37]، وابن أبى عاصم في "الديات"[رقم 90، 91]، والمزى في "تهذيبه"[34/ 103]، وغيرهم من طريق ابن المبارك عن يونس بن يزيد الأيلى عن أخيه أبى عليّ بن يزيد عن الزهرى عن أنس به.
قال الترمذى: (وأبو عليّ بن يزيد هو أخو يونس بن يزيد، وهذا حديث حسن غريب) ثم قال: (قال محمد - يعنى البخارى - تفرد ابن المبارك بهذا الحديث عن يونس بن يزيد، وهكذا قرأ أبو عبيد: "والعين بالعين" اتباعًا لهذا الحديث) وقال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الزهرى إلا أبو عليّ بن يزيد، ولا عن أبى على إلا يونس، تفرد به ابن المبارك".
قلتُ: وآفة هذا الحديث: هي أبو عليّ بن يزيد الأيلى هذا، فإنه مجهول كما قال أبو حاتم الرازى، وذكره ابن حبان في "الثقات" فلم يفعل شيئًا، وتابعه الهيثمى في "المجمع"[7/ 321]، فقال:"رواه أحمد ورجاله رجال الصحيح غير أبى عليّ بن يزيد، وهو ثقة" =
3567 -
حَدَّثَنَا إسحاق بن أبى إسرائيل، وغيره، عن ابن المبارك، حدّثنا أبو بكر، حدثّنا يزيد بن هارون، عن سفيان بن حسين، عن الزهرى، عن أنس، قال: لما مرض رسول الله صلى الله عليه وسلم مرضه الذي مات فيه أتاه بلالًا فأذن بالصلاة فقال: "يَا بِلالُ، قَدْ بَلَّغْتَ فَمَنْ شَاءَ فَلْيُصَلِّ وَمَنْ شَاءَ فَلْيَدَعْ"، قال: يا رسول الله، فمن يصلى بالناس؟ قال:"مُرُوا أَبَا بَكْرٍ فَلْيُصَلِّ بِالنَّاسِ"، فلما تقدم أبو بكر رُفعت الستور عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فنظرنا إليه كأنه ورقة بيضاء عليه خميصةٌ سوداء، فظن أبو بكر أنه يريد الخروج فتأخر، فأشار إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أن صلِّ مكانك، فصلى أبو بكر، وما رأينا رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى مات من يومه.
= كذا قال، كأن الهيثمى لا يُحْسِن قولًا في المجاهيل دون توثيقهم، وقد وهم الوهم الفاحش في استدراكه الحديث، وهو عند الترمذى وأبى داود كما مضى.
وتبعه على هذا الوهم: صاحبه البوصيرى في "إتحاف الخيرة"[6/ 66]، وأربى عليهما الحاكم أبو عبد الله، فاستدركه على الشيخين في "مستدركه"[2/ 257]، ثم أطرف قائلًا:"هذا حديث صحيح الإسناد؛ ولم يخرجاه" هكذا يجازف على عادته، وقد سئل أبو حاتم الرازى عن هذا الحديث كما في "العلل"[رقم 1730]، فقال:(هذا حديث منكر؛ ولا أعلم أحدًا رواه عن يونس غير ابن المبارك، وأبو عليّ بن يزيد مجهول) ثم أفصح أبو حاتم عن نكارته فقال: "يرويه عقيل عن الزهرى عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلًا" ثم قال أبو حاتم: "وأهاب هذا الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم جدًّا" قال ابن أبى حاتم عقب هذا: "قيل لأبى: إن أبا عبيد - يعنى صاحب الغريب - يقول: هو حديث صحيح، فأجاب - يعنى أبا حاتم - بما وصفنا" يعنى بنكارة الحديث، وهو كما قال، لا سيما مع مخالفة أبى عليّ في وصله. والله المستعان.
3567 -
ضعيف بهذا السياق: أخرجه أحمد [3/ 202]، وابن أبى شيبة [7162]، وابن عساكر في "تاريخه" كما في مختصره لابن منظور [1/ 295]، والآجرى في "الشريعة"[رقم 1267]، وخيثمة بن سليمان في حديثه [ص 139 - 140]، وغيرهم من طرق عن يزيد بن هارون عن سفيان بن حسين عن ابن شهاب عن أنس به.
قلتُ: وهذا إسناد منكر، قال الهيثمى في "المجمع" [5/ 331]:"رواه حمد، وفيه سفيان بن حسين وهو ضعيف في الزهرى، وهذا من حديثه عنه" وهو كما قال، والنقاد على توهين =
3568 -
حَدَّثَنَا أبو بكر بن أبى شيبة، حدّثنا عبيد الله بن موسى، عن أسامة بن زيد، عن الزهرى، عن أنس، قال: لما كان يوم أحد مر رسول الله صلى الله عليه وسلم بحمزة وقد جُدع أنفه وَمُثِّل به - فقال: "لَوْلا أَنْ تَجِدَ صفِيَّةُ فِي نَفْسِهَا، تَرَكْتُهُ حَتَّى يَحْشُرَهُ اللَّهُ مِنْ بُطُونِ السِّبَاعِ وَالطَّيْرِ" فكفن في نمرة، إذا خمر رأسه بدت رجلاه، وإذا خُمرت رجلاه بدا رأسه، فخمروا رأسه، ولم يصلّ على أحد من الشهداء، وقال:"أَنَا شَهِيدٌ عَلَيْكُمُ الْيَوْمَ"، وكان يجمع الثلاثة في قبر، والاثنين في قبر، ويسأل:"أَيُّهُمْ كَانَ أَكْثَرَ قُرْآنًا؟ " فيقدمه في اللحد، ويكفن الرجلين والثلاثة في ثوب واحد.
= سفيان في الزهرى، راجع ترجمته في "التهذيب وذيوله"؛ والحديث محفوظ عن الزهرى عن أنس به
…
لكن دون هذا السياق جميعًا، فانظر الماضى [برقم 3548].
3568 -
منكر بهذا السياق: أخرجه أبو داود [3135، 3136، 3137]، والترمذى [1016]، وأحمد [3/ 128] والحاكم [1/ 519]، و [1/ 520]، والدارقطنى في "سننه"[4/ 116، 117]، والطبرانى في "الكبير"[3/ رقم 2939]، وابن أبى شيبة [36457، 36752]، والبيهقى في "سننه"[6089]، و [6588]، وفى "الشعب"[1/ رقم 357]، والشافعى في "مسنده"[رقم 1631]، وفى "الأم"[1/ 446]، - وعنده في سنده انقطاع - ومن طريقه البيهقى في المعرفة [رقم 2184]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[1164]، وابن سعد في "الطبقات"[3/ 14 - 15]، وأبو نعيم في "الحلية"[9/ 226]، وابن الأعرابى [رقم 1604]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 2653]، وفى "المشكل"[10/ 47]، وابن الجوزى في التحقيق [2/ 8]، والدينورى في المجالسة [رقم 3367]، وغيرهم من طرق عن أسامة بن زيد عن الزهرى عن أنس به
…
وهو عند بعضهم بنحوه، وعند بعضهم باختصار أيضًا، وسياق الطحاوى والدينورى والشافعى ومن طريقه البيهقى في "المعرفة" وهو رواية لأبى داود والدارقطنى والحاكم والبيهقى في "سننه":(أن شهداء أحد لم يُغسَّلوا، ودفنوا بدمائهم ولم يُصل عليهم) لفظ أبى داود؛ ولفظ ابن الجوزى: (كان يوم أحد يكفن الرجلين والثلاثة في الثوب الواحد، ودَفَنَهم ولم يُصِّل عليهم) وفى رواية لأبى داود: (أن النبي صلى الله عليه وسلم مَرَّ بحمزة وقد مثل به؛ ولم يُصل على أحد من الشهداء غيره) وهذه الرواية عند الدارقطنى وعبد بن حميد والطحاوى في "شرح المعانى" وابن أبى شيبة - في رواية له - وغيرهم في سياق أتم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قال الترمذى: "حديث أنس حديث حسن غريب لا نعرفه من حديث أنس إلا من هذا الوجه، وقد خولف أسامة بن زيد في رواية هذا الحديث؛ فروى الليث بن سعد عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر بن عبد الله، وروى معمر عن الزهرى، عن عبد الله بن ثعلبة عن جابر، وسألت محمدًا - يعنى البخارى - عن هذا الحديث فقال: حديث الليث عن ابن شهاب عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر أصح" وقال أيضًا في علله "الكبير"[رقم 151]: "وسألت محمدًا عن هذا الحديث فقال: حديث عبد الرحمن بن كعب عن جابر بن عبد الله في شهداء أحد وهو حديث حسن؛ وحديث أسامة بن زيد عن ابن شهاب عن أنس غير محفوظ، غلط فيه أسامة بن زيد" وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه، وقد أخرج البخارى وحده حديث الزهرى عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر: أن النبي صلى الله عليه وسلم: (لم يصل عليهم) ليس فيه الألفاظ المجموعة التى تفرد بها أسامة بن زيد الليثى عن الزهرى،
…
".
قلتُ: هذا الحديث قد اختلف في سنده - وكذا في سياقه - على الزهرى على خمسة ألوان أو ستة، حتى جزم الدارقطنى باضطرابه في "الإلزامات والتتبع"[ص 368]، ولا يُوافَق عليه، والمحفوظ من هذه الألوان كلها عن الزهرى: هما لونان:
اللون الأول: رواية الليث بن سعد عن الزهرى عن عبد الرحمن بن كعب بن مالك عن جابر بن عبد الله به باختصار دون سياقه هنا
…
وهذا الوجه صححه البخارى، وأخرجه في "صحيحه"[رقم 1278]، وكذا مال البيهقى إلى صحته أيضًا في "سننه"[4/ 11]، وانتصر له الحافظ في "هدى السارى"[1/ 356]، وقدَّمه على جميع الروايات المختلف فيها على الزهرى.
واللون الثاني: هو رواية أكثر أصحاب الزهرى من الثقات الأثبات عنه عن عبد الله بن أبى صغير مرسلًا ببعضه، وهذا اللون الثاني قد مضى بعض بسط لطرقه في مسند جابر بن عبد الله [برقم 1951، 2013]، فانظره ثمة.
وقد بَسَطْنا الكلام على هذا الحديث بسطًا وافيًا لاختلاف أصحاب الزهرى عليه في سنده وسياقه مع شواهده في كتابنا "غرس الأشجار بتخريج منتقى الأخبار".
وطريق أسامة بن زيد هنا عن الزهرى عن أنس به
…
منكر لا يتابع عليه، وقد انفرد فيه عن الزهرى بألفاظ لم يأت بها أحد سواه، وهو وإن كان صدوقًا في الجملة: فلم يكن بحيث يُقْبَل =
3569 -
حَدَّثَنَا يحيى بن معين، حدّثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمر، عن الزهرى، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة.
= منه مخالفة الثقات من أصحاب الزهرى في سند الحديث وسياقه، ومع هذا ترى ابن التركمانى يُصرُّ على تقوية حديثه هذا سندًا ومتنًا، كما في الجوهر النقى [4/ 11]، وقد رددنا عليه ردًا مشبعًا في المصدر المشار إليه. واللَّه تعالى المستعان.
3569 -
صحيح: أخرجه أبو داود [943]، وأحمد [3/ 138]، وابن حزم في "المحلى"[3/ 79]، وابن خزيمة [885]، وابن حبان [2264]، والدارقطنى في "سننه"[2/ 84]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[1162]، وعبد الرزاق [3276]، والبيهقى في "سننه"[3231]، وابن الجوزى في "التحقيق"[1/ 413]، والسهمى في "تاريخه"[ص 105]، وابن عساكر في "تاريخه"[8226/]، و [51/ 148]، وابن عبد البر في "التمهيد"[21/ 104]، وغيرهم من طرق عن عبد الرزاق عن معمر عن الزهرى عن أنس به.
قلتُ: وهذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وصحَّح إسناده الشوكانى في "نيل الأوطار"[2/ 376]، والعلامة أبو الأشبال أحمد شاكر في "تعليقه على المحلى"[3/ 80]، ونقل الزيلعى في "نصب الراية"[2/ 58]، عن النووى أنه قال:"إسناده على شرط مسلم" كذا قال، وهو قصور ظاهر، وقد سئل أبو حاتم الرازى عن هذا الحديث كما في "العلل"[رقم 453]، فقال: (اختصر عبد الرزاق هذه الكلمة من حديث النبي صلى الله عليه وسلم أنه ضَعُفَ، فقدم أبا بكر يصلى بالناس، فجاء النبي صلى الله عليه وسلم فذكر الحديث
…
) ثم قال أبو حاتم: "أخطأ عبد الرزاق في اختصاره هذه الكلمة؛ لأن عبد الرزاق اختصر هذه الكلمة وأدخله في باب "من كان يُشيِر بأصبعه في التشهد" وأوهم أن النبي صلى الله عليه وسلم إنما أشار بيده في التشهد؛ وليس كذلك هو
…
".
قلتُ: صنيع عبد الرزاق في "مصنفه" الذي بين أيدينا ليس كما قال أبو حاتم، فإنه ذكر هذا الحديث في باب (الإشارة في الصلاة) ثم إن الباب الذي ذكره أبو حاتم، لم أجده في (مصنف عبد الرزاق" أصلًا، فلعله في مصنف له آخر.
وقد توبع عليه معمر على مثله: تابعه الأوزاعى عند الطبراني في "الصغير"[2/ 695]، والخطيب في "تاريخه"[6/ 293]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[8/ 353]، وأبى الفضل، الزهرى في حديثه [503]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[56/ 203]، وغيرهم من طرق عن أبى هبيرة محمد بن الوليد عن سلامة ابن بشر عن يزيد بن السمط عن الأوزاعى عن الزهرى عن أنس به. =
3570 -
حدّثنا عبد الرحمن بن المتوكل، حدّثنا فضيل بن سليمان النميرى، حدّثنا عبد الرحمن بن إسحاق - المدنى، عن الزهرى، عن أنس بن مالك، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"سأَلْتُ اللهَ اللاهِينَ مِنْ ذُرِّيَّةِ الْبَشَرِ فَأَعْطَانِيهِمْ".
= قلتُ: وهذا إسناد قوى مستقيم
…
قال الطبراني: "لم يرو عن الأوزاعى إلا يزيد، تفرد به سلامة" ويزيد وسلامة ثقتان مشهوران؛ وأبو هبيرة مثلهما؛ نعم: قد انفرد الحاكم بتضعيف يزيد بن السمط، وهذا من غُلَوائه المعروف، وقد رده عليه الحافظ في "التقريب" فقال في ترجمة ابن السمط:"ثقة؛ أخطأ الحاكم في تضعيفه".
ولو تريث الحاكم: لعلم أن يزيد بن السمط هذا رجل صالح ورع فاضل من قدماء أصحاب الأوزاعى؛ وقد رواه بعض الضعفاء عن أبى هبيرة عن سلامة عن يزيد فقال: عن الأوزاعى عن مالك عن الزهرى عن أنس به
…
، فزاد فيه مالكًا بين أبى عمرو وابن شهاب، هكذا أخرجه الدارقطنى في "غرائب مالك" كما في "اللسان"[5/ 36]، ثم قال: "لم يقل فيه: عن مالك) غير أبى طاهر - وهو محمد بن أحمد بن عثمان - وكان ضعيفًا، وإنما رواه يزيد بن السمط عن الأوزاعى ليس فيه مالك
…
".
ورواه بعض الهلكى عن مالك عن الزهرى عن أنس به
…
، راجع ترجمة محمد بن أحمد بن رجاء الحنفى من "اللسان"[5/ 39]، وللحديث شواهد ثابتة ذكرناها في "غرس الأشجار".
3570 -
منكر: أخرجه الطبراني في "الأوسط"[6/ رقم 5957]، وابن عدى في "الكامل"[4/ 302]، و [6/ 19]، والدارقطنى في "الأفراد"[رقم 1095/ أطرافه]، والمؤلف في "المعجم"[رقم 236]، وغيرهم من طريق عبد الرحمن بن المتوكل عن فضيل بن سليمان عن عبد الرحمن بن إسحاق المدنى القرشى عن الزهرى عن أنس به.
قلتُ: وهذا إسناد منكر. قال الدارقطنى: (تفرد به عبد الرحمن بن المتوكل عن فضيل عن سليمان عن عبد الرحمن بن إسحاق المدنى عنه - يعنى عن الزهرى -) وقال الهيثمى في "المجمع"[7/ 443]: (رواه أبو يعلى من طرق، ورجال أحدها رجال الصحيح غير عبد الرحمن بن المتوكل، وهو ثقة) وهو كما قال.
وابن المتوكل هذا ذكره ابن حبان في "الثقات"[8/ 379]، وقال: "حدّثنا عنه أبو خليفة
…
" وتوثيقه لهذه الطبقة معتمد جدًّا؛ وقد خولف فيه عبد الرحمن، خالفه عمرو بن مالك النكرى =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= البصرى، فرواه عن فضيل بن سليمان فقال: عن عبد الرحمن بن إسحاق القرشى عن محمد بن المنكدر عن أنس به
…
، فأسقط منه:(الزهرى) وأبدله بـ (بابن المنكدر) هكذا أخرجه المؤلف [3636]، وعنه ابن عدى في "الكامل"[5/ 150]، وقال ابن عدى عقبه:"وهذا رواه غير عمرو بن مالك، عن الفضيل بن سليمان عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهرى عن أنس".
قلتُ: وعمرو بن مالك النكرى شيخ هالك؛ قال عنه ابن عدى: "منكر الحديث عن الثقات، ويسرق الحديث، سمعت أبا يعلى يقول: عمرو بن مالك النكرى كان ضعيفًا" ثم ساق له هذا الحديث مع غيره من مناكيره، ثم قال في ختام ترجمته:"ولعمرو غير ما ذكرت أحاديث مناكير، بعضها سرقها من قوم ثقات".
قلتُ: وهذا اللص غير عمرو بن مالك النكرى أبى يحيى البصرى الذي يروى عن أبى الجوزاء وهذه الطبقة، فإنه شيخ صدوق متقدم؛ فالصواب هو الطريق الأول عن فضيل بن سليمان
…
وقد قال ابن عدى عقب روايته: "وهذا الحديث لا أعلم يرويه عن الزهرى غير عبد الرحمن بن إسحاق، وعن عبد الرحمن: فضيل بن سليمان".
قلتُ: وفضيل هذا هو آفة الإسناد، وهو شيخ مختلف فيه، والجمهور على تضعيفه، وكان مع ضعفه يروى مناكير عن الثقات؛ وينفرد عن المشاهير بما لا يشبه حديث الأثبات، ولم يرو له الشيخان إلا ما تابعه الثقات عليه، راجع ترجمته في "التهذيب وذيوله"، وكذا في "هدْى السارى"[ص 435]، ونقل الحافظ في "تهذيبه"[8/ 262]، عن الآجرى أنه قال: "سألت أبا داود عن حديث فضيل بن سليمان عن عبد الرحمن بن إسحاق عن الزهرى
…
فقال: ليس بشئ، إنما هو حديث ابن المنكدر".
قلت: وأغلب الظن أن أبا داود يقصد هذا الحديث، وقوله:"إنما هو حديث ابن المنكدر"، لعله يريد أن هذا الحديث، معروف من رواية ابن المنكدر، ولكن لم يذكر أبو داود: عمن رواه ابن المنكدر، وإن كان ظاهر كلامه يُفْهَم منه أن ابن المنكدر يرويه عن أنس، وسيأتى الحديث من رواية ابن المنكدر عن يزيد الرقاشى عن أنس به .. عند المؤلف [برقم 4101].
وهذا هو المحفوظ عن ابن المنكدر في هذا الحديث؛ وسيأتى بَسْطُ الكلام على طريق يزيد الرقاشى هناك إن شاء الله، وهو طريق منكر أيضًا، وقد ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه (سئل عن اللاهين - وهم الأفراد من الأطفال - فقال: الله أعلم بما كانوا عاملين). =
3571 -
حَدَّثَنَا مؤمل بن إهاب، حدّثنا عبد الرزاق، عن معمر، عن الزهرى، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل في عمرة القضاء وابن رواحة بين يديه، وهو يقول:
خلوا بنى الكفار عن سبيله
…
قد أنزل الرحمن في تنزيله
بأن خير القتل في سبيله
= أخرجه الفريابى في "القدر"[رقم 177]، والطبرانى في "الكبير"[11/ رقم 11906]، وفى "الأوسط"[2/ رقم 1997]، من حديث ابن عباس. وسنده قوى. وقد حسنه الإمام في "الصحيحة"[4/ 502]، وهو أصح شئ في هذا الباب.
• تنبيه: رأيت الحافظ قد ذكر حديث أنس هذا في "الفتح"[3/ 246]، وعزاه إلى أبى يعلى، ثم قال:"إسناده حسن" ومثله قال العينى في "عمدة القارى"[8/ 211]، وهذا منهما تساهل، وكل أسانيد هذا الحديث عند المؤلف: مناكير كما مضى وسيأتى.
3571 -
ضعيف: أخرجه البيهقى في "سننه"[20825، 20826]، وفى "دلائل النبوة"[رقم 1663، 1664]، وأبو نعيم في "المعرفة"[رقم 3650]، وأبو زرعة الدمشقى في "الفوائد المعللة"[رقم 211]، وفى "تاريخه"[ص 56]، وابن عساكر في "المعجم"[رقم 489]، وفى "تاريخه"[28/ 100 - 101]، وابن أبى عاصم في "الآحاد والمثانى"[4/ رقم 1983]، والبغوى في "شرح السنة"[6/ 249]، والمؤلف في "المعجم"[رقم 298]، والدارقطنى في "الأفراد"[رقم 1184/ أطرافه]، والبزار في "مسنده"[2/ رقم 2099/ كشف]، وابن حبان [3521]، وغيرهم من طريق عبد الرزاق عن معمر عن الزهرى عن أنس به
…
وزاد البيهقى في "سننه" في الموضع الثاني، وكذا في "الدلائل" في الموضع الأول، ومن طريقه ابن عساكر "تاريخه" وأبو نعيم في آخره: (نحن قتلناكم على تأويله
…
كما قاتلناكم على تنزيله) وعند البيهقى في الموضع الأول من "سننه" وفى الموضع الثاني من "الدلائل" بعد المصراع الأول:
(اليوم نضربكم على تنزيله
…
ضربًا يزيل الهام عن مقيله
…
ويذهل الخليل عن خليله
…
يارب إنى مؤمن بقيله
…
).
قلتُ: قال ابن عساكر عقب روايته في "المعجم": "حسن صحيح غريب" وهو أعلى من ذلك، بل ظاهره على شرط الشيخين، إلا أنه معلول! فقال البزار عقب روايته:"لا نعلم رواه عن الزهرى عن أنس إلا معمر، ولا عنه إلا عبد الرزاق" وقال الدارقطنى: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= "تفرد به معمر بن راشد عن الزهرى؛ وتفرد به عنه عبد الرزاق، ورواه زمعة بن صالح عن الزهرى مرسلًا، لم يذكر فيه أنسًا، ورواه ثابت عن أنس".
أما رواية ثابت: فقد مضى الكلام عليها [برقم 3394]، وأما مخالفة زمعة بن صالح لمعمر في وصله، فلم أقف، عليها، وزمعة وإن كان ضعيفًا عندهم، إلا أن روايته تلك هي المحفوظة عن الزهرى، فقد توبع عليها: تابعه موسى بن عقبة عن الزهرى به مرسلًا في سياق أتم، أخرجه أبو نعيم في "المعرفة"[رقم 3651]، من طريق فاروق الخطابى - وهو ابن عبد "الكبير"، مشاه الذهبى - عن زياد بن الخليل - مشَّاه الدارقطنى - عن إبراهيم بن المنذر - ثقة عالم - عن محمد بن فليح - عن موسى بن عقبة عن الزهرى به.
قلتُ: وهذا إسناد مستقيم إلى موسى؛ وفليح وإن كانوا قد تكلموا فيه، إلا أن وجوده لا يعلُّ هذا الطريق؛ لكونه أحد رواة "مغازى" موسى بن عقبة؛ فقد تابعه غير واحد على رواية هذه (المغازى) عن موسى؛ وهذا الحديث بعينه قد رواه موسى في "مغازيه" عن الزهرى به مرسلًا كما ذكره الحافظ في "الفتح"[7/ 501]، ومعمر وإن كان أثبت في الزهرى عن موسى بن عقبة؛ إلا أن هذا الحديث قد أنكره عليه الإمام أحمد إنكارًا شديدًا، كما حكاه عنه أبو زرعة الشامى في "الفوائد المعللة"[ص 18].
فقال أبو زرعة: "قلتُ: يا أبا عبد الله - هي كنية أحمد: ليس له أصل؟! - يعنى هذا الحديث: قال: ما أدرى ما أقول لك).
وقال أبو زرعة أيضًا في "تاريخه"[ص 56]: سألت أحمد بن حنبل عن حديث أنس بن مالك: "دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، وعبد الله بن رواحة آخذ بغرزه" قال: لو قلت: إنه باطل، ورده ردًا شديدًا) ثم ساق أبو زرعة هذا الحديث من طريق معمر عن الزهرى عن أنس به
…
وقال قبل أن يذكره: (فأما حديث أنس الأول الذي أنكره أحمد بن حنبل؛ فحدثنى أحمد بن شبويه
…
) وذكر سنده إليه، وقد مضى للحديث طريق آخر [برقم 3394]، وهو معلول أيضًا، وله شاهد مرسل من رواية ابن سحاق عن عبد الله بن أبى بكر بن عمرو بن حزم به
…
عند البيهقى في الدلائل [رقم 1665]، وأبى نعيم في "المعرفة"[رقم 3652]، وهو مرسل حسن الإسناد.
3572 -
حَدَّثَنَا هارون بن معروف، حدّثنا عبد الله بن وهب، أخبرنى قرة بن عبد الرحمن، أن ابن شهاب حدّثه، عن أنس بن مالك، قال: تنبأ رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين سنةً، فمكث بمكة عشرًا، وبالمدينة عشرًا، وتوفى ابن ستين سنةً وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرةً بيضاء.
3573 -
حدّثنا محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكى، حَدَّثَنَا عيسى بن يونس، عن معاوية بن يحيى الصدفى، عن الزهرى، عن أنس بن مالك، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ لِكُلِّ دِينٍ خُلُقًا، وَإِنَّ خُلُقَ هَذَا الدِّينِ الحيَاءُ".
3572 - صحيح: أخرجه ابن سعد في "الطبقات"[2/ 308]، وأبو زرعة الدمشقى في "تاريخه"[ص 6]، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد"[3/ 16]، والمؤلف في "المعجم"[رقم 25]، وغيرهم من طريق ابن وهب عن قرة ابن عبد الرحمن عن ابن شهاب عن أنس به
…
وليس عند أبى زرعة ومن طريقه ابن عبد البر قوله: (وتوفى ابن ستين سنة
…
إلخ)،.
قلتُ: وهذا إسناد منكر، قال ابن عبد البر:"لا أعلم أحدًّا رواه عن ابن شهاب عن أنس غير قرة" وقرة هذا يقول عنه أحمد: "منكر الحديث جدًّا" وتكلم فيه جماعة، راجع ترجمته في "التهذيب وذيوله"؛ وللحديث طريق آخر عن أنس به نحوه
…
يأتى عند المؤلف [برقم 3641، 3643]، وله شواهد ثابتة.
3573 -
ضعيف: أخرجه أبو القاسم البغوى في "الجعديات"[رقم 2877]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[59/ 284]، والخليلى في "الإرشاد"[1/ 407]، من طريق محمد بن عبد الرحمن بن سهم [ووقع عند أبى القاسم البغوى:(ابن سهل) وهو تصحيف، وصوابه:(ابن سهم) وهو عند ابن عساكر على الصواب] الأنطاكى عن عيسى بن يونس عن معاوية بن يحيى الصدفى عن الزهرى عن أنس به.
قلتُ: هذا إسناد منكر كما يأتى الكلام عليه؛ وقد اختلف على محمد بن عبد الرحمن بن سهم في سنده، فرواه عنه المؤلف وأبو القاسم البغوى على الوجه الماضى، وهو المحفوظ؛ وتابعهما إبراهيم الحربى كما ذكره الخليلى في "الإرشاد"[1/ 408]، وخالفهم: الوليد بن حماد الرملى، وأحمد بن أبى موسى الأنطاكى! فروياه عن ابن سهم وجعلا مالك بن أنس بدل معاوية بن يحيى عن الزهرى.=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
=هكذا ذكره الخليلى، في "الإرشاد"[1/ 407]، ثم قال:"وهما ضعيفان، والثقات مثل أبى يعلى الموصلى والبغوى وإبراهيم الحربى رووه على الصواب".
قلتُ: وهو كما قال الخليلى الحافظ؛ ورواية أحمد بن أبى موسى قد أخرجها الطبراني في "الأوسط"، [2/ 1758]، وفى "الصغير"[1/ 13]، ومن طريقه ابن النجار في ذيل بغداد [1/ 238]، وقد وقع ذكر مالك بن أنس مقرونًا مع معاوية بن يحيى كلاهما عن الزهرى به
…
وسواء كان الإقران أو الإفراد فهذا طريق منكر، وابن أبى موسى ضعفه الخليلى كما مضى؛ ومتابعة الوليد بن حماد الرملى له لا تنفعه؛ لكونه قرينه في الضعف، وقد مضى تضعيف الخليلى للرجلين معًا، وقال الطبراني عقب روايته:"لم يرو هذا الحديث عن مالك إلا عيسى - يعنى ابن يونس - تفرد به محمد بن عبد الرحمن".
قلتُ: ابن سهم برئ هو وشيخه عيسى من عهدة روايته عن مالك كما مضى؛ وإنما الآفة ممن ممن دون ابن سهم؛ ومثل هذا الوهم الذي وقع فيه الطبراني، وقع مثله لتلميذه أبى نعيم في "الحلية"[6/ 346]، فقال بعد أن رواه من طريق باطل إلى مالك بن أنس عن سُمَيّ القرشى عن أبى صالح عن أبى هريرة به مرفوعًا بلفظ:(لكل دين خلق، وخلق الإسلام الحياء).
قال أبو نعيم: "اختلف على مالك فيه على أقاويل، فحديث سمى: تفرد به الكاهدى - وهو إسحاق بن بشر الهالك المعروف - ورواه عيسى بن يونس عن مالك عن الزهرى عن أنس، تفرد به ابن سهم".
قلتُ: من ينصر ابن سهم من هذا الزور الذي رُكِّبَ على عاتقه؟! بل المحفوظ عن ابن سهم هو ما رواه عن الثقات عن عيسى بن يونس عن معاوية بن يحيى عن الزهرى عن أنس به
…
كما مضى؛ ثم قال أبو نعيم: "ورواة مسعدة بن اليسع - وهو شيخ هالك - عن مالك عن سلمة عن طلحة بن يزيد بن ركانة عن أبى هريرة، ينفرد به، وفى "الموطأ" عن سلمة - يعنى ابن صفوان - عن طلحة
…
من دون أبى هريرة".
قلتُ: والذى في "الموطأ"[1610]، وهو المحفوظ عن مالك من كل تلك الوجوه عنه، وقول أبى نعيم:"وفى "الموطأ"
…
عن طلحة
…
"، أرى فيه سقطًا، وصوابه (عن زيد - أو يزيد - ابن طلحة بن ركانة) فهكذا رواه مالك في "موطئه" [1610]، عن سلمة بن صفوان عن زيد بن طلحة بن ركانة مرسلًا بلفظ:(لكل دين خلق، وخلق الإسلام الحياء). =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وزيد هذا - أو يزيد - تابعى معروف كما يقول الحافظ المستغفرى في (الصحابة) وعنه الحافظ في الإصابة [6/ 716]، وقد ذكره ابن حبان في ثقات التابعين [5/ 541]، وهذا الطريق هو المحفوظ من حديث مالك، وعليه رواه أكثر رواة الموطأ عنه
…
وخالفهم بعضهم، فجعله عن (زيد بن طلحة بن ركانة عن أبيه به موصولًا
…
) هكذا رواه وكيع عن مالك، عند هناد في "الزهد"[رقم 1347]، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد"[21/ 142 - 143]، وقد سقط (عن أبيه) من مطبوعة "زهد هناد" فليستدرك من هنا؛ قال ابن عبد البر في "التمهيد" [21/ 142]: (وقد أنكر يحيى بن معين على وكيع في هذا الحديث قوله "عن أبيه" وقال: ليس فيه "عن أبيه" وهو مرسل".
وقد تابع بعضهم وكيعًا على هذا الوجه الخطأ عن مالك، وجزم الدارقطنى بكون المرسل هو الصواب، كما نقله عنه الحافظ في الإصابة [3/ 528]، وهو موافق لقول ابن معين الماضى، وهو الذي صوبه ابن عبد البر وغيره عن مالك.
وكما ترى: فالاختلاف فيه على مالك بين رواة الموطأ قريب معهود؛ فمن يحاول الإغراب بروايته عن مالك، ويجعله عنه عن الزهرى عن أنس به
…
كما سبق، لا يسعنا إلا أن نجعله في خرقة بالية؛ ثم نرمى بها وجهه غير آسفين، ولسنا نصبر على هذا أصلًا، وقد نقل ابن الجوزى في المتناهية [2/ 709]، عن الدارقطنى أنه قال:"وقد روى عن مالك عن الزهرى، ولا يصح عن مالك، والحديث غير ثابت".
وهو كما قال، لكن يأبى الحسين بن أحمد بن عبد الله بن وهب الآمدى إلا أن يرهق نفسه، ويضيع نفسه، ويتجشم روايته عن محمد بن عبد الرحمن بن سهم عن عيسى بن يونس عن مالك بن أنس عن الزهرى عن أنس به
…
مثل لفظ المؤلف، ويتابع الوليد بن حماد وأحمد بن أبى موسى على رواية هذا المنكر عن ابن سهم.
هكذا أخرجه الخطيب في "تاريخه"[8/ 4]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[14/ 21]، - وفى سند الخطيب سَقْط - والإسماعيلى في "المعجم"[رقم 255]، ومن طريقه الخطيب أيضًا في "تاريخه"[8/ 4]، ومن طريقه ابن عساكر أيضًا في "تاريخه"[14/ 21]، وأبو نصر البزاز في (فوائده) كما في تاريخ قزوين [1/ 318]، وشُهْدة بنت أحمد في جزئها [رقم 76]، وغيرهم. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= والحسين بن أحمد الآمدى هذا: روى عنه جماعة من الحفاظ؛ وقال الخطيب كما نقله عنه ابن عساكر في "تاريخه"[14/ 21]: (ما علمت منه إلا خيرًا) فهو في رتبة الصدوق إن شاء الله؛ لكنه لم يكن بحيث يُقْبل منه ما يخالف فيه الثقات الأثبات، وأين هو من أبى يعلى فضلًا عن إبراهيم الحربى، فضلًا عن أبى القاسم البغوى؟! وكلهم خالفوه في سنده، ورووه عن ابن سهم فقالوا: عن (عيسى بن يونس عن معاوية بن يحيى عن الزهرى عن أنس به
…
).
وهذا هو الصواب كما قاله الحافظ الخليلى، وقد مضى نقل ذلك وعنه.
ومن الغرائب قول الإمام في "الصحيحة"[2/ 654]، عن طريق الحسين بن أحمد الآمدى .... بعد أن تكلم على رواته:"وبالجملة: فهذا الإسناد حسن، ولا يعكر عليه أن مالكًا أخرجه في "الموطأ" [2/ 905/ 9]، عن سلمة بن صفوان بن سلمة الزرقى عن يزيد بن طلحة بن ركانة يرفعه إلى النبي صلى الله عليه وسلم فذكره، لا يعكر هذا على ذاك، لأنه إسناد آخر، وهو مرسل؛ بل هو شاهد للموصول لا بأس به
…
".
قلتُ: ما عرفنا البأس بأشده إلا في هذا الطريق المنكر الذي يتعانى الإمام تحسينه، فلنضرب عن كلامه صفحًا، ولنعقد ولو على رأى العامرية صُلحًا،؛ اكتفاء بالاعتذار عن الإمام بكونه لم يقف على جميع ما مضى، وإلا ما قال ما قال.
ومما يؤيد: أن الإمام مالكًا ليس له في هذا الحديث - من الطريق السالف عن الزهرى - طارف ولا تالد: أن جماعة قد رووه عن عيسى بن يونس مثل الرواية المحفوظة عن ابن سهم عن عيسى عن معاوية بن يحيى عن الزهرى عن أنس به
…
ومن هؤلاء: إسماعيل بن عبد الله الرقى، وهشام بن عمار، ومحمد بن عبد الله بن عمار وابن راهويه ونعيم بن حماد وغيرهم؛ ورواياتهم عند ابن ماجه [4181]، والبيهقى في "الشعب"[6/ رقم 7715]، والقضاعى في"الشهاب"[2/ رقم 1018]، وابن نصر في "تعظيم قدر الصلاة"[2/ رقم 861]، والخطيب في "تاريخه"[7/ 239]، وابن عساكر في "تاريخه"[26/ 252]، والشجرى في الأمالى [1/ 410]، والخرائطى في "مكارم الأخلاق"[رقم 277]، وابن المظفر في "الفوائد المنتقاة"[2/ 216/ 2]، وأبى الحسن بن لؤلؤ في "حديث حمزة الكاتب"[206/ 1]، وأبى الحسن الحربى في جزء فيه نسخة عبد العزيز بن المختار عن سهيل بن أبى صالح عن أبيه عن أبى هريرة [2/ 164]، كما في "الصحيحة"[2/ 654]، وغيرهم من طريق عيسى بن يونس عن معاوية بن يحيى الصدفى عن الزهرى عن أنس به
…
=
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلتُ: وهذا إسناد منكر جدًّا، قال البوصيرى في "الزوائد":"حديث أنس ضعيف" ثم قال: "ومعاوية بن يحيى الصدفى أبو روح الدمشقى ضعفوه" وقال ابن عبد البر في "التمهيد"[21/ 142]، وبعد أن ذكره:"ومعاوية بن يحيى لا يحتج بحمله، ولا يوثق بنقله" وقال ابن الجوزى في "العلل"[2/ 709]،: (هذا حديث لا يصح
…
) ثم أعله بمعاوية، وأقره المناوى في فيض القدير [2/ 508].
وقد اضطرب معاوية في سنده أيضًا، فعاد ورواه عن عمر بن عبد العزيز عن الزهرى عن أنس به
…
، هكذا أخرجه البيهقى في "الشعب"[6/ رقم 7714]، بإسناد صحيح إلى بقية بن الوليد عن معاوية به .... ،
وتوبع عليه بقية: تابعه الحسن بن عليّ بن أبى مسلم البرَّاد الحمصى على مثله عن معاوية عند ابن أبى الدنيا في مكارم الأخلاق [رقم 98]، ووقع عنده (عن محمد بن عبد العزيز) يدل (عمر بن عبد العزيز) وهو وهم أو خطأ من الناسخ أو الطابع.
وقد توبع معاوية بن يحيى على هذا الوجه أيضًا: تابعه عباد بن كثير الفلسطينى عن عمر بن عبد العزيز به مثله
…
عند الباغندى في "مسند عمر بن عبد العزيز"[رقم 74]، ومن طريقه الخطيب في موضح الأوهام [2/ 311]، من طريق إبراهيم بن عبد العزيز عن عليّ بن زهير المعروف بابن أبى دولامة عن عليّ بن عياش عن عباد بن كثير به.
قلتُ: ورجاله مقبولون سوى عباد بن كثير هذا، فهو الرملى الشامى الضعيف المشهور، وهو في الضعف دون سَمِيِّه عباد بن كثير البصرى الهالك؛ وعليّ بن عياش ثقة معروف؛ وابن أبى دولامة محله الصدق كما يقول ابن أبى حاتم في الجرح والتعديل [6/ 187].
وإبراهيم بن عبد العزيز هو أبو إسحاق الصالحى المترجم في تاريخ بغداد [6/ 136]، وهو ثقة معروف بالصلاح والطلب كما يقول ابن المنادى، والراوى عنه هو الحافظ الباغندى المتكلم فيه بما تراه في "الميزان" و"اللسان" و"التنكيل" و"المحارب الكفيل" وكان شديد التدليس.
وقد خولف فيه إبراهيم بن عبد العزيز، خالفه وكيع القاضى محمد بن خلف، فرواه عن ابن أبى دولامة فقال: عن علي بن عياش عن أبى مطيع الأطرابلسى عن عباد بن كثير عن عمر بن عبد العزيز عن الزهرى عن أنس به
…
، فزاد فيه (أبا مطيع) بين ابن عياش وعباد.
هكذا أخرجه أبو نعيم في "الحلية"[5/ 333]، وقال: (غريب من حديث عمر، تفرد به =
3574 -
حَدَّثَنَا صالح بن مالك أبو عبد الله، حدّثنا عبد الرزاق بن عمر الثقفى، عن الزهرى، عن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:"إِنَّ لِكُلِّ أَمَةٍ أَمِينًا وَهَذَا أَمِينُنَا"، وَأخَذَ بَيْدِ أبِى عُبَيْدَةَ بْنِ الجُرَّاحِ.
= عليّ بن عياش عن أبى مطيع) وتوبع عليه وكيع القاضى على هذا الوجه بزيادة (أبى مطيع) في سنده، تابعه إسماعيل بن الفضل - وهو البلخى - عند الخطيب في "موضح الأوهام"[2/ 311].
وأبو مطيع الأطرابلسى هذا: هو نفسه معاوية بن يحيى الصدفى، فعاد الإسناد إليه مرة أخرى، وقد وقع في سنده قلب عند الخطيب في "موضحه"، وللحديث طريق آخر عن أنس به
…
نحوه
…
عند ابن بشران في "الأمالى"[رقم 756]، وسنده تالف جدًّا، وله شاهد نحوه من حديث ابن عباس مرفوعًا عند العقيلى في "الضعفاء"[2/ 201]، وابن عدى في "الكامل"[4/ 51 - 52]، وابن ماجه [4182]، والبيهقى في "الشعب"[6/ عقب رقم 7716]، وأبى نعيم في "الحلية"[3/ 220]، وغيرهم، وسنده منكر أيضًا؛ وضعفه البيهقى، وسئل عنه أبو حاتم كما في "العلل"[رقم 2368]، فقال:(هذا حديث منكر) وقال العقيلى عقب روايته: (وفى هذا رواية من وجه آخر أيضًا فيه لين؛ والصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "الحياء من الإيمان" والحياء - خير كله" أسانيدها جياد) والأمر كما قال أبو جعفر الحافظ.
ووجدت له شاهدًا ثانيًا من حديث معاذ بن جبل مرفوعًا به نحوه
…
عند ابن عبد البر في "التمهيد"[21/ 142]، ورجاله ثقات إلا أن في سنده انقطاعًا عظيمًا، وقد مضى قول الدارقطنى عن هذا الحديث:"والحديث غير ثابت".
3574 -
صحيح: أخرجه البزار [رقم 114]، وتمام في فوائده [رقم 4215]، والعقيلى في "الضعفاء"[3/ 106]، وابن عساكر في "تاريخه"[25/ 457 - 458]، و [36/ 151]، وغيرهم من طريقين عن عبد الرزاق بن عمر الثقفى عن الزهرى عن أنس به.
قلتُ: وهذا إسناد منكر، قال البزار:"وهذا الحديث لا نعلمه رواه عن الزهرى إلا عبد الرزاق بن عمر، وهو رجل قد حدث عنه غير واحد: يحيى بن حسان، وعبد الغفار بن داود وغيرهما، ولا نعلم أحدًا تابعه على رواية هذا الحديث عن الزهرى".
ومن طريق عبد الرزاق هذا: أخرجه ابن بشران في الجزء الأول من "فوائده"[رقم 127/ ضمن مجموع أجزاء حديثية]، والدارقطنى في "الأفراد"[رقم 1090/ أطرافه]، وقال الدارقطنى:"تفرد به عبد الرزاق بن عمر عن الزهرى". =
3575 -
حَدَّثَنَا محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأنطاكى، حدّثنا عبد الله بن المبارك أخبرنا معمر، عن الزهرى، عن أنس قال كان أشبههم بالنبى صلى الله عليه وسلم الحسن بن عليّ.
= وعبد الرزاق قد ضعفوه على قلب رجل واحد، بل كذبه ابن معين في رواية، وقال البخارى وغيره:"منكر الحديث" وقال دحيم: "كان قد كتب عن الزهرى؛ فضاع كتابه، فجمع حديث الزهرى من هاهنا وهاهنا، وليس حديثه بشئ) وقد قال أبو مسهر: "يترك حديثه عن الزهرى
…
" وقال الحافظ في "التقريب": "متروك الحديث عن الزهرى؛ لين في غيره".
وقد تَلوَّن عبد الرزاق هذا في روايته، فعاد ورواه مرة أخرى عن الزهرى فقال: عن سالم بن عبد الله عن أبيه عن جده به
…
، هكذا أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"[25/ 458]، والإسناد منكر وإن رواه عن الزهرى على مائة وجه، وقد قال العقيلى عقب روايته:"وهذا يروى عن أنس من غير هذا الطريق؛ بإسناد جد عن أنس، وعن غير أنس أيضًا".
قلتُ: وهو كما قال العقيلى، وقد مضى من رواية أبى قلابة عن أنس به
…
عند المؤلف [2808، 2815]، وقد مضى أيضًا من حديث عمر [228]، ويأتى من حديث ابن عمر [5763].
3575 -
صحيح: أخرجه البخارى [3542]، والترمذى [3776]، وأحمد [3/ 164، 199]، وابن حبان [6973]، والطبرانى في "الكبير"[3/ رقم 3543]، وعبد الرزاق [7980، 20984]، والبيهقى في "الشعب"[7/ رقم 11024]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[1160]، وابن أبى عاصم في "الآحاد والمثانى"[1/ رقم 403، 404]، وابن شاهين في "شرح مذاهب أهل السنة"[رقم 170]، وأبو نعيم في "المعرفة"[رقم 1640]، والدولابى في "الذرية الطاهرة"[رقم 103]، وأبو الفضل الزهرى في "حديثه"[رقم 276]، وأبو زرعة الشامى في "تاريخه"[ص 83]، وابن الأثير في "أسد الغابة"[1/ 259]، وغيرهم من طرق عن معمر عن الزهرى عن أنس به
…
وهو عند جماعة بنحوه
…
ولفظ البخارى: (لم يكن أحد أشبه بالنبى صلى الله عليه وسلم من الحسن بن عليّ) ولفظ الترمذى: (لم يكن منهم أحد أشبه برسول الله من الحسن بن عليّ) وفى رواية لأحمد والمؤلف (كان الحسن بن على أشبههم وجهًا برسول الله صلى الله عليه وسلم) وهذا رواية لابن أبى عاصم أيضًا، وعنده في الموضع الثاني بلفظ:(كان الحسن بن على - رضى الله عنهما - أشبه أهل بيته برسول الله صلى الله عليه وسلم) وزاد أحمد في الموضع الأول: (وفاطمة صلوات الله عليهم).
قلتُ: قال الترمذى: "هذا حديث حسن صحيح". =
3576 -
حَدَّثَنَا محمد بن عبد الله بن نمير، حدّثنا روحٌ، حدّثنا أسامة، عن نافع، عن ابن عمر، قال، أسامة وحدثنى الزهرى، عن أنس بن مالك، قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد سمع نساء الأنصار يبكين، فقال:"لَكِنَّ حَمْزَةَ لا بَوَاكِىَ له" فبلغ ذلك نساء الأنصار فبكين حمزة، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ وهن يبكين، فقال:"يَا ويْحَهُنَّ، أَمَا زِلْنَ يَبْكِينَ مُذ الْيَوْمِ؟! فَلْيَبْكِينَ، وَلا يَبْكِينَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الْيَوْمِ".
3577 -
حَدَّثَنَا وهب بن بقية الواسطى، حدّثنا خالدٌ، عن عبد الرحمن، عن الزهرى، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَابْدَؤُوا بِهِ، وَلا تَعْجَلُوا عَنْ عَشَائِكمْ".
3576 - قوى: أخرجه الحاكم [1/ 537]، وعنه البيهقى في "سننه"[6946]، من طريق أسامة بن زيد الليثى عن الزهرى عن أنس به.
قلتُ: وهذا إسناد حسن صالح؛ وأسامة بن زيد مختلف فيه، والتحقيق أنه صدوق متماسك على مناكير له يرويها عن المشاهير، فحديثه على الإبراء حتى يظهر خلاف ذلك، وهو معدود من أصحاب الزهرى؛ لكثرة ما رواه عنه؛ وحديثه هذا قد صححه الحاكم على شرط مسلم، ووهم في ذلك، فإن مسلمًا لم يحتج بروايته عن الزهرى قط.
ولأسامة في هذا الحديث إسناد آخر: يرويه عن نافع عن ابن عمر به
…
كما وقع مقرونًا عند المؤلف مع روايته عن الزهرى؛ وهذا الطريق وحده عند ابن ماجه وأحمد وجماعة كثيرة قد استوفيناهم في (غرس الأشجار) وله شواهد مراسيل بعضها مستقيم الإسناد؛ وقد ذكرناها في المصدر المشار إليه. والله المستعان.
3577 -
صحيح: هذا إسناد صحيح في المتابعات؛ وخالد هو ابن عبد الله الواسطى، وعبد الرحمن هو ابن إسحاق القرشى الذي يقال له (عباد بن إسحاق) صدوق معروف؛ وقد تابعه جماعة من أصحاب الزهرى عليه به مثله
…
منهم ابن عيينة كما مضى عند المؤلف [برقم 3546، 3547]، لكن ليس في رواية ابن عيينة:(ولا تعجلوا عن عشائكم) وهى ثابتة في رواية عقيل بن خالد وعمرو بن الحارث ومالك بن أنس وغيرهم من أصحاب الزهرى عنه به
…
وتمام تخريجه في "غرس الأشجار".
3578 -
حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا وهب بن جرير، حدّثنا أبى، قال: سمعت يونس، يحدث عن الزهرى، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "اللَّهمَّ اجْعَلْ بِالمدِينَةِ ضِعْفَىْ مَا بِمَكَّةَ مِنَ الْبَرَكَةِ".
3579 -
حَدَّثَنَا أبو بكر بن زنجويه، حدّثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهرى، أخبرنى أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل مكة في عمرة القضاء وابن رواحة آخذٌ بغرزه، وهو يقول:
خلوا بنى الكفار عن سبيله
…
قد أنزل الرحمن في تنزيله
بأن خير القتل في سبيله
3580 -
حَدَّثَنَا أبو بكر بن زنجويه، حدّثنا الحميدى، حدّثنا سفيان بن عيينة، حدّثنا وائل بن داود، عن ابنه بكر بن وائل، عن الزهرى، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم أولم على صفية بسويق وتمر، وقال سفيان: سمعته من الزهرى يحدثه ولم أحفظه وكان بكر بن وائل يجالس الزهرى معنا.
3578 - صحيح: أخرجه البخارى [1786]، ومسلم [1369]، وأحمد [3/ 142]، وأبو عوانة [رقم 2932]، والإسماعيلى في "المستخرج" كما في "الفتح"[4/ 98]، وغيرهم من طريق يونس بن يزيد الأيلى عن الزهرى عن أنس به.
قلتُ: وقد توبع عليه يونس:
1 -
تابعه عقيل بن خالد على مثله: عند أبى عوانة [رقم 2931]، وابن عدى في "الكامل"[3/ 314]، لكن الإسناد إليه لا يثبت.
2 -
وأسامة بن زيد الليثى عند الطبراني في "الأوسط"[6/ رقم 5707]، و [8/ رقم 8040]، بإسناد ضعيف إليه، فالمتابعة لا تثبت، وقد قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الزهرى إلا أسامة بن زيد
…
" كذا قال، ورواية يزيد الأيلى ترد عليه.
3579 -
ضعيف: مضى الكلام عليه [برقم 3571].
3580 -
صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 3559].
3581 -
حَدَّثَنَا أبو بكر بن زنجويه، حدّثنا عثمان بن صالح، حدّثنا ابن وهب، عن يونس، عن ابن شهاب، أخبرنى أنس بن مالك، أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم، يقول - وهو بالمدينة -:"اللَّهُمَّ اجْعَلْ فِيهَا ضِعْفَىْ مَا بِمَكَّةَ مِنَ الْبَرَكَةِ".
3582 -
حَدَّثَنَا محمد بن المنهال، حدّثنا يزيد بن زريع، حدّثنا معمرٌ، عن الزهرى، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كوى أسعد بن زرارة من الشوكة.
3581 - صحيح: مضى آنفًا [برقم 3578].
3582 -
ضعيف: أخرجه الترمذى [2050]، وابن حبان [6080]، والحاكم [3/ 207]، و [4/ 462]، والبيهقى في "سننه"[19335]، وأبو نعيم في "الحلية"[10/ 27]، وابن عساكر في "تاريخه"[59/ 392]، وابن عبد البر في "التمهيد"[24/ 60]، وفى "الاستذكار"[8/ 415]، والطبرى، في "تاريخه"[2/ 9]، والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 321]، وغيرهم من طرق عن يزيد بن زريع عن معمر عن الزهرى عن أنس به
…
قال الترمذى: "هذا حديث حسن غريب" وقال الحاكم: "هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه".
قلتُ: وهو كما قال الحاكم لولا أنه معلول؛ فقد قال ابن عبد البر في "التمهيد"[24/ 60]: (لم يروه بهذا الإساد عن ابن شهاب إلا معمر وحده، وهو عند أهل الحديث خطأ، يقولون: إنه مما أخطأ فيه معمر بالبصرة، ويقولون: إن الصواب في ذلك حديث ابن شهاب عن أبى أمامة بن سهل بن حنيف: "أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى أسعد بن زرارة" ونحوه في "الاستذكار"[8/ 415]، فقال: "حديث أسعد بن زرارة قد روى عن ابن شهاب بإسنادين:
أحدهما: ما رواه معمر عن ابن شهاب عن أنس، ولم يروه عن ابن شهاب عن أنس أحد - واللَّه أعلم - غير معمر، وهو عند أهل العلم بالحديث - واللَّه أعلم - مما أخطأ فيه معمر بالبصرة فيما أملاه من حفظه هناك.
والآخر: رواه ابن جريج ويونس بن يزيد عن ابن شهاب عن أبى أمامة بن سهل بن حنيف
…
وهو أولى عندهم بالصواب في الإسناد.
وسئل أبو حاتم الرازى عن هذا الحديث كما في "العلل"[رقم 2277]، فقال: "هذا خطأ، أخطأ فيه معمر، إنما هو عن الزهرى عن أبى أمامة بن سهل أن النبي صلى الله عليه وسلم كوى أسعد
…
مرسل". =
3583 -
حَدَّثَنَا أحمد بن المقدام العجلى، حدّثنا محمد بن بكر، حدّثنا ابن جريج، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك، قال: قدم النبي صلى الله عليه وسلم المدينة وهى محمّةٌ فحمَّ الناس، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم المسجد والناس قعودٌ يصلون، فقال:"صَلاةُ الْقَاعِدِ عَلَى النِّصْفِ مِنْ صَلاةِ الْقَائِمِ"، قَالَ: فَتَجَشَّمَ النَّاسُ الصَّلاةَ قِيَامًا.
= قلتُ: وهكذا رواه عبد الرزاق [19515]، عن معمر الزهرى عن أبى أمامة بن سهل به مرسلًا على الصواب
…
وهكذا أيضًا رواه الواقدى عن معمر مثل رواية عبد الرزاق عند ابن سعد في "الطبقات"[3/ 611].
ويزيد بن زريع راويه عن معمر على الوجه الأول: بصرى معروف، والحفاظ يتقون من حديث معمر ما حدَّث به بالبصرة؛ لأن كتبه لم تكن معه لما نزل البصرة؛ فجعل يخطئ ويضطرب كما نص عليه غير واحد من النقاد، راجع ترجمته من "التهذيب".
ورأيت ابن رجب قد ذكر له هذا الحديث في "شرح العلل"[ص 330/ طبعة السامرائى]، ثم قال:"رواه باليمن عن الزهرى عن أبى أمامة بن سهل مرسلًا .... ؛ ورواه بالبصرة عن الزهرى عن أنس، والصواب مرسل".
ووجدت ابن عساكر لما أخرج هذا الحديث في "تاريخه"[59/ 392]، بالإسناد الأول من طريق العباس بن يزيد البحرانى الحافظ عن يزيد بن زريع عن معمر عن الزهرى عن أنس به
…
قال العباس عقبه: "وهذا مما غلط فيه معمر بالبصرة؛ وذلك أنه لم يكن معه كتاب، فغلط في هذا" ثم ذكر عن عبد الرزاق أن معمرًا قال له: "إنى قد غلطت بالبصرة في حديثين حدثتهم عن الزهرى
…
" ثم ساق منهما هذا الحديث، ثم قال: "وإنما حدّثنا الزهرى عن أبى أمامة بن سهل مرسل".
قلتُ: وهكذا رواه الحفاظ من أصحاب الزهرى عنه عن أبى أمامة به مرسلًا
…
منهم ابن جريج وصالح بن كيسان ويونس الأيلى وغيرهم، وخالف بعضهم، ورواه عن الزهرى على ألوان غير محفوظة، وقد بسطنا الكلام عليه في "غرس الأشجار".
3583 -
صحيح المرفوع منه فقط: أخرجه أحمد [3/ 136]، وعبد الرزاق [4121]، ومن طريقه ابن عبد البر في "التمهيد"[12/ 48]، وابن نصر في "مختصر قيام الليل"[رقم 270]، وغيرهم من طريقين عن ابن جريج عن الزهرى عن أنس به. =
3584 -
حَدَّثَنَا عثمان بن أبى شيبة، حدّثنا طلحة بن يحيى، عن يونس، عن ابن شهاب، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لبس خاتمًا من فضة في يمينه فيه فصٌ حبشىٌ، وكان فصه مما يلى كفه.
3585 -
حَدَّثَنَا محمد بن يحيى بن أبى سمينة البغدادى، حدّثنا عبد الأعلى بن
= قلتُ: وهذا إسناد رجاله ثقات كما يقول الحافظ في "الفتح"[2/ 858]، وفيه علتان:
الأولى: عنعنة ابن جريج، فهو قبيح التدليس جدًّا، لا يدلس إلا فيما سمعه من مجروح، كما قاله الدارقطنى، وقد أوهم حسين الأسد في تعليقه على (مسند المؤلف) تصريح ابن جريج فيه بالسماع، فقال: "
…
ابن جريج قد عنعن، غير أنه صرح عند أحمد بالسماع، فصح الإسناد" كذا قال، والذي عند أحمد: "ثنا محمد بن بكر، ثنا ابن جريج، قال: قال ابن شهاب: أخبرنى أنس بن مالك
…
"، فانظر وتأمل هذا التصريح بالسماع! وهل قول المدلس: (قال فلان
…
) إلا مثل قوله: (عن فلان) أو (ذكر فلان)؟! فكلها واحدة في عدم وضوح السماع.
والعلة الثانية: أن ابن جريج قد خولف في هذا الإسناد، فقد اختلف في سنده على الزهرى على ألوان كثيرة، والذى رواه عنه الحفاظ من أصحابه كمالك؛ وعبيد الله بن عمر، وبكر بن وائل - واختلف عليه - ومعمر - واختلف عليه - وشعيب وغيرهم قالوا: عن الزهرى عن عبد الله بن عمرو بن العاص به نحوه
…
فهذا هو المحفوظ عنه كما جزم به ابن عبد البر في "التمهيد"[12/ 47]، وقبله ابن نصر المروزى الحافظ في "مختصر قيام الليل" وقد بسطنا الكلام عليه في (غرس الأشجار بتخريج منتقى الأخبار).
وقد سئل أبو حاتم الرازى عن طريق ابن جريج الماضى كما في "العلل"[رقم 452]، فقال:"هذا خطأ" وللحديث طريق آخر عن أنس به .. يأتى عند المؤلف [برقم 4336]، وهو غير محفوظ أيضًا كما يأتى الكلام عليه هناك إن شاء الله، لكن للحديث شواهد عن جماعة من الصحابة بالمرفوع منه
…
وبعضها صحيح الإسناد، وتمام تخريجها في "غرس الأشجار" واللَّه المستعان.
3584 -
صحيح: مضى سابقًا [برقم 3536].
3585 -
صحيح: مضى قريبًا [برقم 3575].
عبد الأعلى عن معمر، عن الزهرى، عن أنس بن مالك قال: كان الحسن بن على أشبههم وجهًا برسول صلى الله عليه وسلم.
3586 -
حَدَّثَنَا محمد بن يحيى بن أبى سمينة، حدّثنا عبد الأعلى، عن معمر، عن الزهرى، عن أنس قال رأيت على زينب بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم قميصًا سيراء حريرًا.
3587 -
حَدَّثَنَا محمد بن عباد، حدّثنا أبو ضمرة، عن يونس، عن الزهرى، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ حَوْضِى مَا بَيْنَ أَيْلَةَ وَصَنْعَاءَ مِنَ الْيَمَنِ، وَإِنَّ فِيهِ مِنَ الأَبَارِيقِ عَدَدَ نُجُومِ السَّمَاءِ".
3586 - صحيح: أخرجه النسائي [5296]، وابن ماجه [3598]، والحاكم [4/ 49]، وعبد الرزاق [19945]، وابن أبى شيبة [24679، 24789]، والطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 254]، وابن أبى عاصم في "الآحاد والمثانى"[2972، 2973]، وابن سعد في "الطبقات"[8/ 32 - 34]، والفسوى في "المعرفة"[3/ 163]، وغيرهم من طرق عن معمر عن الزهرى عن أنس به.
قلتُ: هذا إسناد صحيح على شرط الشيخين؛ وقد توبع عليه معمر: تابعه جماعة كثيرة من أصحاب الزهرى على مثله
…
منهم شعيب والزبيدى وعبيد الله بن أبى زياد الرصافى وابن أبى عتيق ويحيى بن سعيد الأنصارى وابن جريج وصالح بن أبى الأخضر وإسحاق بن راشد والنعمان بن راشد وغيرهم؛ لكنهم خالفوه جميعًا في اسم صاحبة الحديث التى رآها أنس، فقالوا جميعًا:(عن أنس: أنه رأى على أم كلثوم .. ) ومعمر يقول: (زينب) وقول الجماعة هو المحفوظ كما قاله الحافظ في "الفتح"[10/ 300]، وقبله صححه البخارى في تاريخه الأوسط المعروف بـ"الصغير"[ص 7]، فقال:"وأم كلثوم أصح" وكذا صوّبه النسائي في "الكبرى"[5/ 464]، وكذا الطبراني في "الكبير"[22/ 437، رقم 1065]، فقال:(هكذا رواه معمر على (زينب) ووهم فيه، والصواب (أم كلثوم).
قلتُ: لكن لم ينفرد معمر على قوله: "زينب" بل تابعه عليه الأوزاعى مقرونًا معه في روايته عند الحاكم [4/ 49]، وقول الجماعة أصح أيضًا؛ وقد استوفينا تخريجه في "غرس الأشجار" ورواية شعيب عن الزهرى عند البخارى [5504]، وجماعة.
3587 -
صحيح: أخرجه البخارى [6209]، ومسلم [2303]، والترمذى [2442]، وأحمد [3/ 225]، وابن حبان [6459]، وتمام في "فوائد"[2/ رقم 1051]، =
3588 -
حَدَّثَنَا إسحاق بن أبى إسرائيل، حدّثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهرى، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يشير في الصلاة.
3589 -
حَدَّثَنَا القواريرى، حدّثنا عبد الأعلى، عن محمد بن إسحاق، عن الزهرى، عن أنس بن مالك، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ينهى عن ما يصنع من الظروف والمزفتة وعن الدباء، وقال:"كُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ".
3590 -
حَدَّثَنَا محمد بن يوسف الغضيضى أبو جعفر، حدّثنا عبد الله بن وهب، عن قرة بن عبد الرحمن، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك، عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: تنبأ وهو ابن أربعين فمكث بمكة عشرًا، وبالمدينة عشرًا، وتوفى وهو ابن ستين وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء.
3591 -
حَدَّثَنَا زهيرٌ بن حرب، حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا أبى، عن صالح،
= وابن أبى عاصم في "السنة"[2/ رقم 711]، و [رقم 712]، وابن عبد البر في "التمهيد"[2/ 298]، وابن عدى في "الكامل"[2/ 298]، وابن بشكوال في "الذيل على الحوض والكوثر" لبقى بن مخلد [رقم 57]، والطبرانى في "مسند الشاميين"[3/ رقم 1697]، والبيهقى في "البعث والنشور"[رقم 112]، واللالكائى في "شرح الاعتقاد"[1708]، وغيرهم من طرق، عن الزهرى عن أنس به.
3588 -
صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 3569].
3589 -
صحيح: أخرجه الطحاوى في "شرح المعانى"[4/ 226]، وأبو عوانة [رقم 6432]، وغيرهما من طرق عن عبد الأعلى بن عبد الأعلى عن محمد بن إسحاق بن يسار عن أنس به.
قلتُ: وهذا إسناد صحيح في المتابعات والشواهد؛ وابن إسحاق مكثر من التدليس، وقد عنعنه كما ترى، لكن تابعه جماعة من أصحاب الزهرى على نحوه
…
دون قوله: (كل مسكر حرام) منهم ابن عيينة كما مضى عند المؤلف [برقم 3545]، وجملة (كل مسكر حرام) لها طريق آخر عن أنس يأتى [برقم 3954].
3590 -
صحيح: مضى قريبًا [برقم 3572].
3591 -
صحيح: أخرجه البخارى [6075]، ومسلم [1048]، والترمذى [2337]، وابن حبان [3235]، والطبرانى في "الأوسط"[2/ 1271]، وابن سمعون في "الأمالى"[رقم 83] =
عن ابن شهاب، حدّثنا أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال:"لَوْ أَنَّ لابْنِ آدَمَ وَادِيًا مِنْ ذَهَبٍ أَحَبّ أَنْ يكُونَ لَهُ وَادِيَانِ، وَلَنْ يَمْلأَ فَاهُ إلا التُّرَابُ، وَاللَّهُ يَتُوبُ عَلَى منْ تَابَ".
3592 -
حَدَّثَنَا أبو موسى، حدّثنا الحسن بن موسى، حدّثنا ابن لهيعة، حدّثنا يزيد بن أبى حبيب، وعقيل، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يبيع الرجل فِحْلَةَ فرسه.
= وغيرهم من طرق عن الزهرى عن أنس به. قال الترمذى: "هذا حديث حسن صحيح غريب من هذا الوجه".
قلتُ: وللحديث طرق أخرى عن أنس به
…
فانظر [رقم 2849].
3592 -
صحيح: أخرجه أحمد [3/ 145]، والمعافى النهروانى في "الجليس الصالح"[ص 427]، من طرق عن ابن لهيعة عن يزيد بن أبى حبيب وعقيل بن خالد عن ابن شهاب عن أنس به.
قلتُ: وهذا إسناد ضعيف؛ لضعف واختلاط ابن لهيعة، وقد سئل أبو حاتم الرازى عن هذا الطريق كما في "العلل"[رقم 1137]، فقال:"إنما يُروَى من كلام أنس".
لكن للحديث طريقان آخران عن أنس مرفوعًا بمعناه:
فالطريق الأول: يرويه إبراهيم بن حميد الرؤاسى عن هشام بن عروة عن محمد بن إبراهيم التيمى عن أنس: (أن رجلًا من كلاب سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عسب الفحل؛ فنهاه، فقال: يا رسول الله: إنما نطرق للفحل فنكرم؛ فرخص له في الكرامة).
أخرجه الترمذى [1274]- واللفظ له - والنسائى [4672]، والطبرانى في "الأوسط"[6/ رقم 5994]، وفى "الصغير"[2/ رقم 1032]، والبيهقى في "سننه"[10635]، وغيرهم؛ قال الترمذى:"هذا حديث حسن غريب لا نعرفه إلا من حديث إبراهيم بن حميد عن هشام بن عروة" وقال الطبراني: "لم يروه عن محمد بن إبراهيم إلا هشام بن عروة، ولا عن هشام إلا إبراهيم بن حميد .... ".
قلتُ: وإبراهيم بن حميد هذا وثقه جماعة؛ واحتج به الشيخان؛ ولم يتكلم فيه أحد، لكن حديثه هذا قد استنكر الدارقطنى تفرُّده به عن هشام بن عروة، فقال:"غريب من حديث هشام بن عروة عن محمد؛ تفرد به إبراهيم بن حميد الرؤاسى عنه" كما في "الأفراد"[رقم 1228/ أطرافه].=
3593 -
حَدَّثَنَا زهيرٌ، حدّثنا هاشم بن القاسم، حدّثنا الليث، حدثنى ابن شهاب، عن أنس بن مالك، أنه أخبره، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى العصر والشمس مرتفعةٌ حيةٌ، فيذهب الذاهب إلى العوالى والشمس مرتفعةٌ.
3594 -
حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا يعقوب بن إبراهيم، حدّثنا ابن أخى الزهرى، عن
= والطريق الثاني: يرويه سعيد بن سالم القداح عن شبيب بن عبد الله البجلى عن أنس مرفوعًا: (نهى عن عسب الفحل) أخرجه الشافعي في "سننه"[رقم 401/ رواية الطحاوى]، وفى "الأم" و"المختصر" كما في "التلخيص"[3/ 11]، ومن طريقه البيهقى في "المعرفة"[رقم 3571]، وأبو نعيم في "الحلية"[9/ 159]، وسنده محتمل.
وللحديث شواهد عن جماعة من الصحابة في النهى عن (عسب الفحل) وقد استوفيناها في "غرس الأشجار" ومضى منها حديث أبى سعيد [برقم 1024]، وحديث جابر [برقم 1816]، ويأتى منها حديث أبى هريرة [برقم 6371]، واللَّه المستعان.
3593 -
صحيح: أخرجه البخارى [525، 6898]، ومسلم [621]، وأبو داود [404]، والنسائى [507]، وابن ماجه [682]، وأحمد [3/ 161، 214، 217، 223]، والدارمى [1208]، وابن حبان [1518، 1519، 1520، 1522]، والشافعى [رقم 105]، والدارقطنى في "سننه"[1/ 253]، والطيالسى [2093]، وعبد الرزاق [2069]، ومن طريقه أبو داود أيضًا [405]، وابن أبى شيبة [3305]، والبيهقى في "سننه"[1912، 1913، 1914، 1915]، وفى "المعرفة"[رقم 673، 674]، وأبو عوانة [رقم 804، 805]، وجماعة كثيرة من طرق الزهرى عن أنس به.
قلتُ: وقد رواه مالك عن الزهرى واختلف عليه في رفْعه ووقْفِه وبعض ألفاظه، كما بسطناه في "غرس الأشجار".
3594 -
صحيح: أخرجه البخارى [2978، 4076]، ومسلم [1059]، وأحمد [3/ 165]، وابن حبان [7278]، والنسائى في "الكبرى"[8335، 11222]، والبيهقى في "سننه"[12713، 12960]، وفى "الدلائل"[رقم 1933]، والبغوى في "شرح السنة"[7/ 156]، وابن المنذر في "الأوسط"[رقم 3175]، وعبد الرزاق [19908]، والطبرانى في "مسند الشاميين"[4/ رقم 2920، 2981]، وغيرهم من طرق عن الزهرى عن أنس به مطولًا مثله.=
عمه، قال: أخبرنى أنس بن مالك، أن ناسًا من الأنصار، قالوا يوم حنين حين أفاء الله على رسوله من أموال هوازن ما أفاء، فطفق رسول الله صلى الله عليه وسلم يعطى رجالًا من قريش المئة من الإبل، قالوا: يغفر الله لرسول الله!، يعطى قريشًا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم! قال أنسٌ: فَحُدِّثَ رسول الله صلى الله عليه وسلم بمقالتهم، فأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الأنصار فجمعهم في قبة من أدم ولم يَدع معهم أحدَّا غيرهم، فلما اجتمعوا جاءهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال:"مَا حَدِيثٌ بَلَغَنِى عَنْكمْ؟ " فقال له فقهاء الأنصار: أما ذوو رأينا يا رسول الله فلم يقولوا شيئًا، وأما ناسٌ منا حديثةٌ أسنانهم، فقالوا: يغفر الله لرسول الله، أيعطى قريشًا ويتركنا وسيوفنا تقطر من دمائهم؟! فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فَإنى أعطِى حَدِيثِى عَهْدٍ بِكُفْرٍ أَتَأَلَّفُهمْ، أَفَلا تَرْضَوْنَ أَنْ يَذْهَبَ النَّاسُ بِالأَمْوَالِ، وَتَرْجِعُونَ إلَى رِحَالِكُمْ بِرَسُولِ اللَّهِ؟! فَوَاللَّهِ لمَا تَنْقَلِبُونَ بِهِ خَيْرٌ مِمَّا يَنْقَلِبُونَ بِهِ" قالوا: بلى يا رسول الله، قد رضينا، قال لهم:"فَإنَّكُمْ سَتَجِدُونَ بَعْدِى أَثَرَةً شَدِيدَةً، فَاصْبِرُوا حَتَّى تَلْقَوُا اللَّهَ وَرَسُولَهُ، فَإنِّى عَلَى الحوْضِ"، قال أنسٌ: قالوا: نعم.
3595 -
حَدَّثَنَا إسحاق، حدّثنا سفيان، حدّثنا الزهرى، سمع أنس بن مالك، يقول: سقط رسول الله صلى الله عليه وسلم من فرس فجحش شقه الأيمن فدخانا نعوده، فحضرت الصلاة فصلى بنا قاعدًا، فصلينا خلفه قعودًا، فلما قضى الصلاة، قال:"إنمَا جُعِلَ الإمَامُ لِيُؤْتَمَّ بِهِ فَإذَا كَبَّرَ فَكَبِّرُوا، وَإذَا رَكَعَ فَارْكَعُوا، وَإذَا سَجَدَ فَاسْجُدُوا، وَإذَا قَالَ: سَمِعَ اللَّهُ لمِنْ حَمِدَهُ، فَقُولُوا: رَبَّنَا لَكَ الحمْدُ، وَإذَا صَلَّى قَاعِدًا فَصَلَّوْا قُعُودًا أَجْمَعِينَ" قال أبو يعقوب: حدّثنا به سفيان مرةً أخرى، قال:"رَبَّنَا وَلَكَ الحمْدُ".
3596 -
حَدَّثَنَا إسحاق، حدّثنا سفيان، حدّثنا الزهرى، عن أنس، قال: آخر نظرة
= قلتُ: وللحديث طرق أخرى عن أنس به نحوه باختصار، مضى بعضها [برقم 3207، 3229، 3230].
3595 -
صحيح: مضى قريبًا [برقم 3558].
3596 -
صحيح: مضى قريبًا [برقم 3548].
نظرتها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، كشف الستارة يوم توفى فنظرت إلى وجهه كأنه ورقة مصحف، ثم أشار إلى الناس أن امكثوا، وأرخى السجف، وتوفى من آخر ذلك اليوم - وهم صفوفٌ خلف أبى بكر.
3597 -
حَدَّثَنَا إسحاق، حدّثنا سفيان، عن الزهرى، سمع أنسًا يقول: سأل رجلٌ النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة فقال: "مَا أَعْدَدْتَ لَهَا؟ " - قال: كأنه لم يذكر كبير شئ إلا أنى أحب الله ورسوله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"فَأَنتَ مَعَ مَنْ أَحْبَبْتَ".
3598 -
حَدَّثَنَا إسحاق، حدّثنا سفيان، عن الزهرى، عن أنس بن مالك، يبلغ به النبي صلى الله عليه وسلم:"إذَا حَضَرَ الْعَشَاءُ وَأُقِيمَتِ الصَّلاةُ فَابْدَؤُوا بِالْعَشَاءِ".
3599 -
حَدَّثَنَا إسحاق، حدّثنا سفيان، عن الزهرى، عن أنس بن مالك، قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الدباء والمزفت أن ينتبذ فيه.
3600 -
حَدَّثَنَا إسحاق، حدّثنا سفيان، قال: سمع الزهرى، أنسًا، يقول: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر سنين، ومات وأنا ابن عشرين سنةً، وكن أمهاتى يحثثننى على خدمته، فدخل علينا دارنا فحلبنا له من شاة داجن، وشبنا له لبنها بماء من بئر الدار، وأبو بكر عن يمينه وعمر ناحيةً، فشرب النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عمر: يا رسول الله، أعط أبا بكر فنا وله الأعرابى وقال:"الأَيْمَنُ فَالأَيْمَنُ".
3601 -
حَدَّثَه، إسحاق، حدّثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهرى، قال:
3597 - صحيح: مضر، قريبًا [برقم 3556].
3598 -
صحيح: مضير قريبًا [برقم 3546].
3599 -
صحيح: مضى سابقًا: [برقم 3545].
3600 -
صحيح: مضى سابقًا: [برقم 3552].
3601 -
صحيح: أخرجه البخارى [515، 6864]، ومسلم [2359]، والنسائى [496]، وأحمد [3/ 162]، والدارمى [1206]، وابن حبان [106]، والطبرانى في "الأوسط"[9/ رقم 9155]، وعبد الرزاق [2046، 20796]، وابن الأثير في "أسد الغابة"[1/ 596]، =
حدثنى أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حين زاغت الشمس فصلى الظهر، فلما سلم قام على المنبر فذكر الساعة وذكر أن بين يديها أمورًا عظامًا، قال:"مَنْ أَحَبَ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَىْءٍ فَلْيَسْأَلْ عَنْهُ، فَوَاللَّهِ لا تَسْأَلُونِى عَنْ شَىْءٍ إلا حَدَّثْتُكُمْ بِهِ مَا دُمْتُ فِي مَقَامِى هَذَا"، قال أنسٌ: فقام إليه رجلٌ، فقال: أين مدخل أبى يا رسول الله؟ قال: "النَّارُ"، فقام عبد الله بن حذافة، قال: من أبى يا رسول الله؟ قال: "أَبُوكَ حُذَافَةُ"، ثم أكثر أن يقول:"سَلُونِى"، فبرك عمر على ركبتيه، فقال: رضينا باللَّه ربًا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد رسولًا، فسكت رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال عمر ذلك، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم:"وَالَّذِى نَفسِى بِيَدِهِ، لَقَدْ عُرِضَتْ عَلَيَّ الْجَنَّةُ وَالنَّارُ آنِفًا فِي عَرْضِ هَذَا الحائِطِ فَلَمْ أَرَ كَالْيَوْمِ في الْخَيْرِ وَالشَّرِّ"، قال الزهرى: وأخبرنى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قالت أم عبد الله بن حذافة: ما رأيت ابنًا قط أعق منك، أكنت تأمن أن تكون أمك قارفت في الجاهلية فتفضحها على رؤوس النساء؟! قال عبد الله: واللَّه لو ألحقنى بعبد أسود للحقته.
= وابن عبد البر في "التمهيد"[5/ 6]، والبغوى في "شرح السنة"[6/ 457]، والخطيب في "الأسماء المبهمة"[ص 40]، وابن عساكر في "تاريخه"[7/ 20]، والطبرانى أيضًا في "مسند الشاميين"[4/ رقم 2978]، وغيرهم من طرق عن الزهرى عن أنس به .. وهو عند ابن عساكر، والطبرانى في "المسند" باختصار يسير؛ واقتصر النسائي وابن عبد البر والدارمى وهو رواية لعبد الرزاق وابن حبان على بعض من أوله فقط، وهو قول أنس:(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج حين زاغت الشمس؛ فصلى بهم صلاة الظهر).
قلتُ: وقول الزهرى في آخره: (وأخبرنى عبيد الله بن عبد الله بن عتبة: قالت أم عبد الله بن حذافة
…
إلخ
…
) هو عند عبد الرزاق ومن طريقه المؤلف ومسلم والبغوى من طريق معمر عن الزهرى به
…
وتوبع عليه معمر عن الزهرى: تابعه يونس الأيلى عند مسلم؛ وخالفهما شعيب، فرواه عن الزهرى فقال: أخبرنى عبيد الله بن عبد الله قال حدثنى رجل من أهل العلم أن أم عبد الله بن حذافة قالت وذكره، فزاد فيه رجلًا لم يُسَمَّ، هكذا أخرجه مسلم [2359].
وهذا جوَّده شعيب، وحفظ فيه ما لم يحفظه غيره عن الزهرى.
3602 -
أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عليّ بن المثنى الموصلى، حدّثنا القواريرى، حدّثنا يزيد، حدّثنا معمرٌ، عن الزهرى، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إذَا وُضِعَ الْعَشَاءُ وَنُودِىَ بِالصَّلاةِ فَابْدَؤُوا بِالْعَشَاءِ".
3603 -
حَدَّثَنَا أبو خيثمة، حدّثنا أحوص بن جواب، حدّثنا عمار بن رزيق، عن محمد بن عبد الرحمن، عن إسماعيل بن أمية، عن الزهرى، عن أنس، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يهلّ بعمرة وحج.
3604 -
حَدَّثَنَا إسحاق، حدثنا عبد الرزاق، أخبرنا معمرٌ، عن الزهرى، عن أنس، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلى العصر ثم يذهب الذاهب إلى العوالى والشمس مرتفعةٌ.
3605 -
حَدَّثَنَا زهير، حدّثنا عبيد الله بن عبد المجيد الحنفيُّ، حدّثنا ابن أبى ذئب، عن ابن شهاب، عن أنس، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلى العصر والشمس بيضاء حيةٌ، ثم يذهب الذاهب إلى العوالى فيأتيها والشمس مرتفعةٌ.
3606 -
حَدَّثَنَا محمد بن أبى بكر، حدّثنا عمرو بن عاصم، حدّثنا أبو العوام، عن
3602 - صحيح: مضى سابقًا [برقم 3546].
3603 -
صحيح: هذا إسناد رجاله ثقات سوى محمد بن عبد الرحمن وهو ابن أبى ليلى الفقيه الإمام المشهور بعلمه وسوء حفظه، لكن للحديث طرق كثيرة عن أنس مثله وبنحوه
…
مضى بعضها عند المؤلف [برقم 2794، 2814، 3025، 3407].
3604 -
صحيح: مضى قريبًا [برقم 3593].
3605 -
صحيح: انظر قيله.
3606 -
صحيح: دون قوله: (وكان عليٌّ
…
إلخ): أخرجه الطبراني في "الأوسط"[3/ رقم 2758]، من طريق عمرو بن عاصم عن عمران بن داور أبى عمران العوام عن معمر عن الزهرى عن أنس به.
قلتُ: وهذا إسناد ضعيف معلول، قال الهيثمى في "المجمع" [6/ 265]:(رواه أبو يعلى والطبرانى في "الأوسط" ورجالهما رجال "الصحيح"، غير عمران بن داور، وهو أبو العوام، وثقه ابن حبان وغيره، وضعفه ابن معين وغيره). =
معمر، عن الزهرى، عن أنس، قال: لما كان يوم حنين انهزم الناس عن رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا العباس بن عبد المطلب، وأبا سفيان بن الحارث، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم أن ينادى: يا أصحاب سورة البقرة، يا معشر الأنصار، ثم استحر النداء في بنى الحارث بن الخزرج، فلما سمعوا النداء أقبلوا، فواللَّه ما شبهتهم إلا إلى الإبل تجئ إلى أولادها، فلما التقوا التحم القتال، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"الآنَ حَمِىَ الْوَطِيسُ"، وأخذ كفّا من حصىً أبيض فرمى به، وقال:"هُزِمُوا وَرَبِّ الْكَعْبَةِ"، وكان عليّ بن أبى طالب - رضى الله عنه - يومئذ أشد الناس قتالًا بين يديه.
3607 -
حَدَّثَنَا أبو موسى هارون بن عبد الله، حدثنا ابن أبى فديك، عن عمر بن حفص، عن عثمان بن عبد الرحمن، عن الزهرى، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَسْلَمَ فَلْيَلْزَمِ الصَّمْتَ".
= والتحقيق أن عمران هذا ضعيف ليس بالضابط، وهو كثير المخالفة للثقات في حديثه، وقد سئل أبو زرعة الرازى عن هذا الطريق كما في "العلل"[رقم 994]، فقال: "هذا خطأ إنما هو كما رواه عبد الرزاق عن معمر عن الزهرى عن كثير بن العباس عن أبيه: أن النبي صلى الله عليه وسلم
…
".
قلتُ: وهذا هو المحفوظ عن معمر بلا تردد، رواه عنه جماعة من ثقات أصحابه
…
منهم: عبد الرزاق في "تفسيره"[2/ 269 - 270]، وفى المصنف [9741]، ومن طريقه مسلم [1775]، وابن حبان [7049]، والمؤلف [برقم 6708]، وأحمد [1/ 207]، وعنه المزى في تهذيبه [24/ 134 - 135]، وابن عساكر في "تاريخه"[4/ 18 - 19]، وأبو عوانة [رقم 5426، 5427]، وغيرهم؛ نحوه بسياق أتم
…
وليس فيه: (وكان عليّ بن أبى طالب
…
) إلى آخره، وزاد في آخره: (وكأنى أنظر إلى النبي صلى الله عليه وسلم يركض خلفهم على بغلة له
…
).
لفظ أبى عوانة، وكذا رواه محمد بن ثور على مثل رواية عبد الرزاق عن معمر عند النسائي في "الكبرى"[8647]، ومثلهما محمد بن حميد اليشكرى عن معمر عند ابن سعد في "الطبقات"[2/ 155]، ورواه ابن المبارك أيضًا عن معمر به
…
ولكن مختصرًا عند أبى الشيخ في الأمثال [رقم 219]، وقد توبع عليه معمر: تابعه ابن عيينة ويونس الأيلى وغيرهما.
3607 -
منكر: أخرجه البيهقى في "الشعب"[4/ رقم 4937]، والقضاعى في "الشهاب"[1/ رقم 371]، وابن أبى الدنيا في "الصمت"[رقم 11]. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= وتمام في "فوائده"[رقم 118]، وابن عساكر في "تاريخه"[5/ 398]، وغيرهم من طرق عن هارون بن عبد الله الحمال عن محمد بن إسماعيل بن أبى فديك عن عمر بن حفص عن عثمان بن عبد الرحمن الوقاصى عن الزهرى عن أنس به.
قلتُ: وهذا إسناد منكر كما يأتى، وقد خولف فيه هارون الحمال، خالفه عبيد الله بن عبد الله المنكدرى، فرواه عن ابن أبى فديك فقال: عن عثمان بن عبد الرحمن الوقاصى عن الزهرى عن أنس به
…
، وأسقط منه (عمر بن حفص).
هكذا أخرجه الطبراني في "الأوسط"[2/ رقم 1934]، من طريق أحمد بن محمد بن نافع عن المنكدرى به.
قلتُ: المنكدرى هذا هو أبو القاسم المدينى نزيل مصر
…
هكذا ترجمه ابن أبى حاتم في "الجرح والتعديل"[5/ 322]، وذكر أنه يروى عن (ابن أبى فديك
…
) ثم حكى توثيقه عن أبيه، ومَنْ وثقه أبو حاتم - دون معارض - فقد قفز القنطرة، والراوى عنه:(أحمد بن محمد بن نافع) هو المصرى الطحان، روى عنه جماعة من الحفاظ الكبار كالطبرانى - وأكثر عنه - وحمزة الكنانى، وابن الأعرابى وغيرهم؛ ولم يتكلم فيه أحد بشئ؛ فمثله في رتبة الصدوق إن شاء الله، وليس هو بالصوفى المترجم في "الميزان" و"اللسان".
لكن أراه وَهَم في إسقاطه (عمر بن حفص) من هذا الإسناد بين ابن أبى فديك وعثمان الوقاصى، وأخشى أن يكون هذا السقط من مطبوعة "أوسط الطبراني" نفسه.
وعلى كل حال فالطريق الأول هو المشهور: وقد سئل أبو حاتم الرازى عن هذا الإسناد كما في "العلل"[رقم 2207]، فقال:"عمر بن حفص مجهول، وهذا الحديث باطل" وقال الطبراني عقب روايته: (لم يرو هذا الحديث عن الزهرى إلا عثمان بن عبد الرحمن، تفرد به ابن أبى فديك) وقال الهيثمى في "المجمع"[10/ 297]: "رواه أبو يعلى والطبرانى في "الأوسط" وفيه عثمان بن عبد الرحمن الوقاصى، وهو متروك".
قلتُ: فالإسناد به علتان:
الأولى: عمر بن حفص المدنى الذي جهله أبو حاتم الرازى كما مضى؛ ونقل الذهبى في ترجمته من "الميزان"[3/ 191]، عن الأزدى أنه قال عنه:"منكر الحديث" ثم قال الذهبى: "وله حديث باطل عن عثمان عن الزهرى عن أنس مرفوعًا
…
"، وذكر هذا الحديث. =
3608 -
حَدَّثَنَا هارون بن عبد الله، حدّثنا محمد بن بكر البرسانى، حدّثنا يونس بن يزيد الأيلى، حدثنى الزهرى، عن أنس بن مالك، قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأبو بكر، وعمر، وعثمان يمشون أمام الجنازة.
= والثانية: عثمان بن عبد الرحمن الوقاصى، وهذا تركه أكثر النقاد، بل قال ابن معين:"كان يكذب) وهو من رجال "التهذيب" فالإسناد ساقط جدًّا، وزاد المناوى علة ثالثة في "فيضه" [6/ 151]، وهى ابن أبى فديك، وذكر قول ابن سعد فيه: "ليس بحجة" والصواب هو الإعلال بما مضى؛ وابن أبى فديك ثقة محدث على التحقيق.
وقد احتج به الجماعة؛ ومَنْ ضعَّفه لم يأت بحجة فيما قال. ولابن سعد انفردات في "الجرح والتعديل" هي محل نظر.
والحديث أشار المنذرى إلى تلْيينه في "الترغيب"[3/ 343]، بقوله: "وروى عن أنس
…
" وساق الحديث، وكذا ضعفه العراقى في "تخريج الإحياء" [3/ 62]، وقد سرقه عمر بن سيار الرقى ورواه عن أبيه عن ابن أخى الزهرى عن الزهرى عن أنس به
…
، أخرجه العقيلى في "الضعفاء"[3/ 171]، في ترجمة (عمر بن سيار) هذا؛ وقال في أول ترجمته:"لا يتابع على حديثه"، وساق له هذا الحديث ثم قال:"وهذا الحديث إنما يعرف بالوقاصى، ليس هو من حديث ابن أخى الزهرى، وقد حدث عمر بن سيار هذا عن ابن أخى الزهرى بما لا يعرف عنه؛ ولا يتابع عليه؛ وقد روى في الصمت أحاديث جياد بغير هذا اللفظ".
قلتُ: مثل حديث: "من عمت نجا" راجع تخريجه في "الصحيحة"[2/ 62]، وهو حديث ثابت.
3608 -
ضعيف: أخرجه الترمذى [1010]، وابن ماجه [1483]، والطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 481]، وغيرهم من طريق محمد بن بكر البرسانى عن يونس بن يزيد الأيلى عن الزهرى عن أنس به.
قلتُ: هذا إسناد منكر، قال الترمذى:(سألت محمدًا - يعنى البخارى - عن هذا الحديث فقال: هذا حديث خطأ، أخطأ فيه محمد بن بكر؛ وإنما يروى هذا الحديث عن يونس عن الزهرى أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة - يعنى مرسلًا - قال الزهرى: وأخبرنى سالم - يعنى ابن عبد الله بن عمر - أن أباه كان يمشى أمام الجنازة، قال محمد: وهذا أصح).
وأخرجه الترمذى أيضًا في "العلل"[رقم 151]، ثم قال: "سألت محمدًا عن =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= هذا الحديث فقال: غلط فيه محمد بن بكر؛ إنما يروى عن يونس عن الزهرى عن سالم عن ابن عمر فعله
…
".
قلتُ: وهو كما قال أبو عبد الله الجعفى الحافظ؛ ومحمد بن بكر وإن كان من رجال الشيخين إلا أن جماعة من النقاد قد تكلموا في حفظه وقد خالفه من هو أوثق منه كما يأتى. نعم: قد توبع عليه البرسانى:
1 -
تابعه بكر بن مضر على مثله عن يونس الأيلى
…
لكن دون (عثمان) في سياقه: عند الطبراني في "الأوسط"[1/ رقم 106]، من طريق أحمد بن يحيى بن خالد بن حيان عن محمد بن سفيان الحضرمى عن بكر بن مضر به.
قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن بكر بن مضر إلا محمد بن سفيان".
قلتُ: بكر ثقة حافظ لا جدال فيه، إنما الشأن في الطريق إليه؛ فأحمد بن يحيى أحد شيوخ الطبراني الذين أكثر من الرواية عنهم، وكذا حدث عنه جماعة من الكبار؛ ولم أجد فيه جرحًا ولا تعديلًا، وهو عندى في رتبة الصدوق إن شاء الله؛ وشيخه محمد بن سفيان المتفرد به عن (بكر بن مضر) هو المصرى العامرى المذكور في ثقات ابن حبان [9/ 106]، ونَصَّ هناك على روايته عن بكر بن مضر.
وقد رأيت ابن الجوزى قد ذكره تمييزًا في ترجمة سفيان بن محمد المصيصى من "الضعفاء والمتروكين"[2/ 4]، فقال:"قلتُ: وثم سفيان بن محمد المصرى يروى عن بكر بن مضر وسفيان بن محمد الهروى روى عنه إسماعيل، لم يُطْعَن فيهما" فالظاهر أن سفيان هذا شيخ صدوق؛ لكن تفرده عن بكر بن مضر عن يونس الأيلى فيما خولف فيه بكر عن يونس كما يأتى، فمما لا يقبل من مثله، والمحفوظ عن يونس هو الإرسال؛ فلعله وهم في وصله على بكر بن مضر، وربما كان الوهم من شيخ الطبراني:(أحمد بن يحيى بن خالد) فالتبعة في وصله على أحدهما ولا بد.
ثم وجدت الخطيب قد أخرج هذا الحديث من ذاك الطريق في كتابه "المتفق والمفترق"[رقم 687]، بإسناد صحيح إلى علي بن محمد بن أحمد المصرى - وهو ثقة معروف - عن جعفر بن محمد بن عبد الله المصرى قال: حدّثنا سفيان بن محمد القرشى أخبرنا بكر بن مضر عن يونس بن يزيد الأيلى عن ابن شهاب عن أنس به
…
مثل سياق المؤلف، هكذا وقع عنده: =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= (سفيان بن محمد القرشى) بدل: (محمد بن سفيان) ذكره الخطيب في ترجمة (سفيان بن محمد) هذا، فقال:"سفيان بن محمد: ثلاثة: أحدهم: سفيان بن محمد القرشى، وقيل الثقفى من أهل مصر، حدث عن بكر بن مضر، روى عنه جعفر بن محمد بن عبد الله المصرى".
قلتُ: الذي يبدو لى أن (سفيان بن محمد) و (محمد بن سفيان) كلاهما واحد، والصواب في الاسم هو الثاني (محمد بن سفيان)، وجعفر بن محمد المصرى لم أجد له ترجمة، فلعله وهم في اسم شيخه وقلبه إلى (سفيان بن محمد) وعنه أخذ الخطيب ترجمته، وأنا أستبعد أن يكونا رجلين، واللَّه أعلم بحقيقة الحال، وسواء كان هذا أو ذاك، فالمحفوظ عن يونس الأيلى خلاف ذلك كما يأتى.
2 -
وكذا تابعه أبو زرعة، فقال الإمام في "الإرواء"[3/ 191 - 192]، بعد أن نقل تخطئة البخارى لمحمد بن بكر البرسانى في وصْله عن يونس الأيلى: (قلتُ: محمد بن بكر مع أنه ثقة محتج به في "الصحيحين" فإنه لم يتفرد به، بل تابعه أبو زرعة قال: أنا يونس بن يزيد
…
لكنه زاد في آخره: "وخلفها" أخرجه الطحاوى - يعنى في "شرح المعانى"[1/ 481]- بسند صحيح، ولا علة له عندى إلا أن يكون الزهرى لم يسمعه من أنس".
قلتُ: المشهور: أن (أبا زرعة) عند الإطلاق: هو الحافظ الرازى الإمام الجبل المعروف؛ وأرى الإمام قد أراده هنا، بقرينة تصحيحه لسنده، فإن صح ذلك فهى وهلة شنيعة من الإمام، وغفلة لا تليق بمثله في المعرفة والاطلاع، فإن بين أبى زرعة الرازى ويونس الأيلى مسافة شاقة جدًّا لا يطيقها أبو زرعة ولا أهل عصره قاطبة.
وإنما أبو زرعة هنا: هو وهب بن راشد البصرى، فهو المعروف بروايته عن يونس الأيلى؛ وهكذا أخرج ابن عبد البر هذا الطريق في كتابه "التمهيد"[12/ 92]، بسنده إلى عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد الحكم قال: حدّثنا وهب الله بن راشد أبو زرعة عن يونس الأيلى عن الزهرى عن أنس به
…
مثل سياق الطحاوى سواء، ثم قال ابن عبد البر:"وكذلك رواه محمد بن بكر البرسانى عن يونس عن الزهرى عن أنس، وهذا خطأ لا شك فيه، لا أدرى ممن جاء، وإنما رواية يونس لهذا الحديث عن الزهرى عن سالم مرسلًا".
قلتُ: ووهب الله بن راشد هذا غمزه سعيد بن أبى مريم ونهى عن الكتابة عنه؛ كما في "ضعفاء العقيلى"(4/ 323)، ولم يكن النسائي يرضاه؛ كما حكاه عنه ابن يونس في "تاريخه"، =
3609 -
حَدَّثَّنَا كامل بن طلحة، حدّثنا ليث بن سعد، حدّثنا عقيلٌ، عن ابن شهاب، أنه سمع أنس بن مالك، يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يقول:"مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَجَلِهِ وَيُبْسَطَ لَهُ فِي - أَحْسِبُهُ قَالَ: - فِي رِزْقِهِ فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ".
= راجع ترجمته في "اللسان"[6/ 235]، وابنُ حبان وإنْ ذَكَره في "الثقات" إلا أنه قد وَسَمه بالخطأ، وقد خولف هو وبكر البرسانى وغيرهما ممن رواه عن يونس الأيلى موصولًا، خالفهم عبد الله بن وهب المصرى - وهو أوثق منهم جميعًا - فرواه عن يونس عن ابن شهاب عن سالم (أن عبد الله بن عمر - رضى الله عنهما - كان يمشى أمام الجنازة، قال - القائل هو الزهرى أو سالم -: وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يفعل ذلك، وأبو بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان - رضى الله عنهم) هكذا أخرجه الطحاوى في "شرح المعانى"[1/ 479]، وهذا هو الصواب مرسلًا
…
كما جزم البخارى وابن عبد البر وغيرهما.
نعم: قد توبع يونس على هذا الوجه الموصول عن الزهرى عن أنس، تابعه بعضهم! ولا يصح ذا، وقد جزم الترمذى في جامعه [3/ 330]، بكون حديث أنس غير محفوظ في هذا الباب، وقد اختلف على الزهرى في سنده على ألوان كثيرة ذكرها الدارقطنى في (علله) كما في "التلخيص"[2/ 111]، ثم صحح قول من رواه عن الزهرى مرسلًا، وسبقه إلى ذلك أحمد والبخارى والنسائى وجماعة من أحلاس هذا الفن، حتى قال الترمذى في جامعه [3/ 330]، بعد أن حكى الخلاف، فيه على الزهرى:(وأهل الحديث كلهم يرون أن الحديث المرسل في ذلك أصح) وقال ابن عبد البر في "التمهيد"[12/ 93]، بعد أن ساق شطرًا صالحًا من الاختلاف في وصله وإرساله عن الزهرى قال:"والذين يروونه عنه مرسلًا أكثر وأحفظ".
قلتُ: وإلى هذا مال الحافظ في "التلخيص"[2/ 111 - 112]، وهو الصواب عندنا الذي لا نرتاب فيه، وخالف في ذلك آخرون، ومشوا على ظواهر الأسانيد، وصححوا الحديث موصولًا، منهم البيهقى وابن حزم وابن المنذر وجماعة من المتأخرين، وهو الذي انتصر له الإمام في "الإرواء"[3/ 187 - 192]، وأطال النفس في تقريره! وقد تعقبنا هؤلاء خطوة خطوة في كتابنا "غرس الأشجار" بما تَقَرُّ به الأنفس وتَلذُّ الأعْينُ، وسيأتى المزيد في الكلام عليه عند الحديث الآتى [برقم 5421].
3609 -
صحيح: أخرجه البخارى [1961، 5640]، ومسلم [2557]، وأبو داود [1693]، وابن حبان [438]، والنسائى في "الكبرى"[11429]، والبيهقى في "سننه"[13000]، =
3610 -
حَدَّثَنَا زكريا بن يحيى الواسطى، حدّثنا روحٌ، حدّثنا أسامة بن زيد، عن نافع، عن ابن عمر، قال: وحدثنى الزهرى، عن أنس، قال: لما رجع رسول الله صلى الله عليه وسلم من أحد سمع نساء الأنصار يبكين، فقال:"لَكِنَّ حَمْزَةَ لا بَوَاكِىَ لَهُ"، فبلغ ذلك نساء الأنصار فبكين حمزة، فنام رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم استيقظ وهن يبكين، فقال:"يَا وَيْحَهُنَّ، مَا زِلْنَ يَبْكِينَ مُنْذُ الْيَوْمِ؟! فَلْيَبْكِينَ، وَلا يَبْكِينَ عَلَى هَالِكٍ بَعْدَ الْيَوْمِ".
3611 -
حَدَّثَنَا هذيل بن إبراهيم الجمانى، حدّثنا عثمان بن عبد الرحمن الزهرى، من ولد سعد بن أبى وقاص، عن الزهرى، عن أنس، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "مَا قَالَ عَبْدٌ: لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ، فِي سَاعَةٍ مِنْ لَيْلٍ أَوْ نَهَارٍ إِلا طُمِسَتْ مَا فِي صَحِيفَتِهِ مِنَ السَّيِّئَاتِ حَتَّى يَسْكُنَ إِلَى مِثْلِهَا مِنَ الحسَنَاتِ".
= وفى "الشعب"[6/ رقم 7946]، وفى "الأربعين الصغرى"[رقم 70]، والخطابى في "غريب الحديث"[1/ 339]، والبغوى في "تفسيره"[1/ 310]، وفى "شرح السنة"[6/ 265]، وابن شاهين في "فضائل الأعمال"[رقم 569]، وابن منده في "الإيمان"[رقم 334]، وابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 1802]، والخرائطى في "مكارم الأخلاق"[رقم 245، 246]، والطحاوى في "المشكل"[7/ 201، 202]، وغيرهم من طريقين عن الزهرى عن أنس به.
قلتُ: وللحديث طرق أخرى عن أنس به نحوه
…
فانظر الآتى [برقم 4097، 4123].
3610 -
قوى: مضى الكلام عليه [برقم 3576].
3611 -
منكر: أخرجه ابن عدى في "الكامل"[5/ 160]، وابن شاهين في "فضائل الأعمال"[رقم 5]، وابن البنا في "فضل التهليل"[ق 197/ 1 - 2]، كما في "الضعيفة"[11/ 210]، وبيبى الهرثمية في جزئها [رقم 37]، والحافظ في "الأمالى المطلقة"[ص 133 - 134]، وغيرهم من طريق الهذيل بن إبراهيم الجمانى عن عثمان بن عبد الرحمن الوقاصى عن الزهرى عن أنس به.
قلتُ: وهذا إسناد ساقط، قال الهيثمى في "المجمع" [10/ 88]:"رواه أبو يعلى وفيه عثمان بن عبد الرحمن الزهرى، وهو متروك" وبه أعله ابن كثير في "تفسيره"[2/ 606]، وقال الحافظ في "أماليه":"هذا حديث غريب، تفرد بن عثمان بن عبد الرحمن بن عمر بن سعد بن أبى وقاص، وهو ضعيف، متفق على تركه، وقد رخَّصوا في رواية الحديث الضعيف في فضائل الأعمال". =
3612 -
حَدَّثَنَا وهب بن بقية الواسطى، أخبرنا خالدٌ، عن عبد الرحمن بن إسحاق، عن الزهرى، عن أنس بن مالك، عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"لا تَحَاسَدُوا، وَلا تَنَافَسُوا، وَلا تَبَاغَضُوا، وَلا تَدَابَرُوا، وَكُونُوا عِبَادَ اللَّهِ إِخْوَانًا، وَلا يَحِلُّ لِرَجُلٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلاثَةِ أَيَّامٍ".
3613 -
حَدَّثَنَا وهبٌ، أخبرنا خالدٌ، عن عبد الرحمن، عن الزهرى، عن أنس، قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم شرب لبنًا وعن يساره أبو بكر، وعن يمينه رجلٌ من الأعراب، فأعطى الأعرابى فضله، ثم قال:"الأَيْمَنُ فَالأَيْمَنُ".
3614 -
حَدَّثَنَا محمد بن عباد المكى، حدّثنا أبو ضمرة، عن يونس، عن الزهرى، عن أنس، قال: كان [أبيّ] يحدث أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِى وَأَنَا بِمَكَّةَ، فَنَزَلَ جِبْرِيلُ فَفَرَجَ صَدْرِى ثُمَّ غَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ جَاءَ بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءٍ حِكْمَةً وَإيمَانًا، فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِى ثُمَّ أَطْبَقَهُ".
= قلتُ: الحافظ نفسه في هذه "الأمالى" ليس بالذى أعرف، فهو متسامح جدًّا في الكلام على الأسانيد والنقلة، وهو قد جزم بكون الوقاصى هذا متفق على تركه، فكيف يروق له أن يجعل حديثه هذا محشورًا في زمرة ما رخَّصوا في روايته من الحديث الضعيف في "فضائل الأعمال" ولو على هذا الإطلاق؟! وقد جزم الإمام بوضعه في "الضعيفة"[11/ 210]، ولا يبعد ذلك، فالوقاصى هذا قد كذبه ابن معين في رواية.
والحديث أشار المنذرى إلى تضعيفه في الترغيب [2/ 268]، بقوله: "ورُوىَ عن أنس
…
" ثم ذكره؛ وسكت عنه الدمياطى في المتجر الرابح [رقم 1291]، فأساء صنعًا، ومثله البوصيرى في "إتحاف الخيرة" [6/ 138]، وشيخ المؤلف: وثقه ابن حبان.
3612 -
صحيح: مضى الكلام عليه [برقم 3549].
3613 -
صحيح: مضى سابقًا [برقم 3552].
3614 -
صحيح: أخرجه عبد الله بن أحمد في "زوائده على المسند"[5/ 122]، ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[3/ 462]، من طريق محمد بن عباد المكى عن أنس بن عياض أبى ضمرة عن يونس بن يزيد الأيلى عن الزهرى عن أنس عن أبيّ به. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلتُ: هكذا رواه المؤلف وعبد الله بن أحمد كلاهما عن محمد بن عباد على هذا الوجه، وخالفهما أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفى، فرواه عن محمد بن عباد فقال: أنبأنا أبو صفوان، يعنى الأموى عبد الله بن سعيد بن عبد الملك بن مروان عن يونس عن الزهرى عن أنس به
…
مثله، وخالف في موضعين:
الأول: أنه جعله من (مسند أنس) بعد أن كان من (مسند أبى بن كعب).
والثانى: أنه أبدل (أنس بن عياض) بـ (أبى صفوان الأموى) هكذا أخرجه ابن عساكر في "تاريخه"[3/ 462] بإسناد صحيح إلى أحمد بن عبد الجبار الصوفى به.
قلتُ: وهذه مخالفة غير محفوظة، والصوفى هذا وإن وثقه الدارقطنى وغيره؛ إلا أنه كان صاحب أوهام أوقعته في مأزق، راجع ترجمته من "اللسان"[1/ 151 - 153].
والصواب عن محمد بن عباد هو الأول: وقد توبع عليه: تابعه محمد بن إسحاق بن محمد المسيبى عن أنس بن عياض عن يونس عن الزهرى عن أنس عن أبيّ بن كعب به مطولًا في سياق قصة الإسراء: عند عبد الله بن أحمد في "زوائد المسند"[5/ 143] ومن طريقه ابن عساكر في "تاريخه"[3/ 491]، والمسيبى هذا شيخ ثقة من رجال "التهذيب"، وقد خولف أنس بن عياض في سنده، خالفه جماعة من الأثبات، كلهم رووه عن يونس الأيلى عن ابن شهاب عن أنس عن أبى ذر به مطولًا في سياق قصة الإسراء، هكذا نقلوه إلى (مسند أبى ذر)، ومن هؤلاء:
1 -
الليث بن سعد: عند البخارى [342] وابن منده في "الإيمان"[2/ 722]، والدارمى في الرد على الجهمية [ص 67 - 68] والبيهقى في "الدلائل"[672]، والمؤلف [رقم 3616]، والبغوى في "شرح السنة"[6/ 497 - 498 - 499]، والبزار [رقم 38092]، وغيرهم.
2 -
وابن وهب: عند مسلم [163]، وابن حبان [7406]، والنسائى في "الكبرى"[314]، وابن عساكر في "تاريخه"[3/ 489 - 490]، وابن منده في "الإيمان"[2/ رقم 714]، والفريابى في "القدر"[رقم 440] والبيهقى في "الدلائل"[رقم 672]، وأبى عوانة [رقم 267]، وأبى نعيم في "المعرفة"[رقم 1287]، والآجرى في "الشريعة"[رقم 1012]، وغيرهم.
3 -
وابن المبارك عند البخارى [3164]، والجوزقى في "المستخرج على الصحيحين" كما في "التغليق"[2/ 317]. =
3615 -
حَدَّثَنَا أبو عليّ الحسنى، حدّثنا ابن أبى أويس، حدثنى أبى، عن موسى بن عقبة، عن الزهرى، عن أنس، قال: قالوا: يا رسول الله، ألا نعين في فداء العباس؟ قال:"وَلا بِدِرْهَمٍ".
= 4 - وعنبسة بن خالد بن يزيد: عند البخارى أيضًا [3164].
قلتُ: فهذا هو الذي أراه محفوظًا عن يونس الأيلى إن شاء الله، وإن كان لا مانع أن يكون الحديث عند أنس على الوجهين.
وقد توبع يونس على هذا الوجه الثاني عن الزهرى: تابعه عقيل بن خالد عند الفريابى في "القدر"[رقم 441]، وأبى عوانة [رقم 268]، لكن الطريق إليه لا يثبت.
ثم جاء معمر بن راشد ورواه عن الزهرى عن أنس ببعضه مختصرًا، ولم يذكر فيه (أبا ذر) ولا غيره، هكذا أخرجه عبد الرزاق [1768]، وعنه أحمد [3/ 161]، وعبد بن حميد في "المنتخب"[1158]، وابن منده في "الإيمان"[2/ رقم 711]، وأبو عوانة [رقم 269]، والبغوى في "شرح السنة"[7/ 2]، وابن المنذر في "الأوسط"[رقم 891، 2543]، والسلفى في المجاز والمجيز [ص 126]، وغيرهم.
فإن كان معمر قد حفظه، فالظاهر أن أنسًا قد أرسله، وقد اختلف في إسناد هذا الحديث - بطوله - على أنس بن مالك على ألوان، فتارة يرويه عن قتادة عن مالك بن صعصعة به
…
وتارة يرويه عنه الزهرى كما مضى ..
وتارة يرويه عنه جماعة به .. ويجعلونه من "مسنده".
والذى ينهض عندى: أن الحديث محفوظ على تلك الوجوه كلها، إلا أن الوجه الأخير محمول على أنه من مراسيل أنس، لم يسمعه من النبي صلى الله عليه وسلم وإنما سمعه بواسطة عنه.
3615 -
صحيح: أخرجه البخارى [2400، 2883، 3793]، وابن حبان [3/ 366]، والحاكم [3663]، والطبرانى في "الأوسط"[5/ رقم 4624]، والبيهقى في "سننه"[11930، 12627، 17822]، وفى "الدلائل"[رقم 1003]، وفى "سننه الصغير"[رقم 2851]، وابن سعد في "الطبقات"[4/ 14] وابن عساكر في "تاريخه"[23/ 292، 293]، وغيرهم من طرق عن موسى بن عقبة عن الزهرى عن أنس:(أن رجالًا من الأنصار استأذنوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: آئذن لنا يا رسول الله، فلنترك لابن أختنا العباس فداءه، فقال صلى الله عليه وسلم: لا واللَّه لا تذرون درهمًا) لفظ ابن حبان. ونحوه عند الباقين. =
3616 -
حَدَّثَنَا أبو بكر بن زنجويه، عن أبى صالح، عن الليث، عن يونس، عن الزهرى: عن أنس بن مالك، قال: كان أبو ذر يحدثه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "فُرِجَ سَقْفُ بَيْتِى وَأَنَا بِمَكَّةَ فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عليه السلام، فَفَرَجَ صَدْرِى ثُمَّ غَسَلَهُ مِنْ مَاءِ زَمْزَمَ، ثُمَّ أَتَى بِطَسْتٍ مِنْ ذَهَبٍ مَمْلُوءٍ حِكْمَةً وَإِيمَانًا فَأَفْرَغَهَا فِي صَدْرِى، ثُمَّ أَطْبَقَهُ، ثُمَّ أَخَذَ يَدِى فَعَرَجَ بِى إِلَى السَّمَاءِ، فَلَمَّا أَتَى السَّمَاءَ الدُّنْيَا، قَالَ جِبْرِيلُ لخِازِنِ السَّمَاءِ: افْتَحْ، قَالَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: جِبْرِيلُ، قَالَ: هَلْ مَعَكَ أَحَدٌ؟ قَالَ: نَعَمْ، قَالَ: وَقَدْ أُرْسِلَ إِلَيْهِ؟ قَالَ: نَعَمْ، فَفَتَحَ، فَلَمَّا عَلَوْنَا السَّمَاءَ الدُّنْيَا إِذَا رَجُلٌ قَاعِدٌ عَلَى يَمِينِهِ أَسْوِدَةٌ، وَعَلَى يَسَارِهِ أَسْوِدَةٌ، فَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ يَمِينِهِ تَبَسَّمَ وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى، قَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالابْنِ الصَّالِحِ، قَالَ: قُلْتُ لجِبْرِيلَ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا آدَمُ، وَهَذِهِ الأَسْوِدَةُ عَنْ يَمِينِهِ وَعَنْ شِمَالِهِ بَنُوهُ، فَأَهْلُ الْيَمِينِ مِنْهُمْ أَهْلُ الجَنَّةِ وَالأَسْوِدَةُ الَّتِى عَنْ شِمَالِهِ أَهْلُ النَّارِ، فَإِذَا نَظَرَ إلَى الْيَمِينِ ضَحِكَ، وَإِذَا نَظَرَ قِبَلَ شِمَالِهِ بَكَى، قَالَ: ثُمَّ عَرَجَ بِى جِبْرِيلُ حَتَّى أَتَى السَّمَاءَ الثَّانِيَةَ، فَقَالَ لخِازِنِهَا: افْتَحْ، قَالَ لَهُ: خَازِنِهَا مِثْلَ مَا قَالَ خَازِنُ السَّمَاءِ الدُّنْيَا، فَفَتَحَ، فَقَالَ أنَسٌ: فَذَكَرَ انَّهُ وَجَدَ في السَّمَاوَات آدَمَ، وَإدْريسَ، وَمُوسَى، وَعيسَى، وَإبْرَاهيمَ، وَلَمْ يُبَيِّنْ كَيْفَ مَنَازلُهُمْ غَيْرَ أَنَّهُ قَدْ ذَكَرَ أَنَّه وَجَدَ آدَمَ فَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وإِبرَاهيمَ فَى الَسَّمَاء الثَّالثَة، وَقَالَ أنَسٌ: فَلَمَّا مَرَّ جِبْرِيلُ وَرَسُولُ الله صلى الله عليه وسلم بِإِدْرِيسَ، قَالَ: مرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ، قَالَ: ثُمَّ قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِدرِيسُ، ثُمَّ مَرَرْتُ بِمُوسَى فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا مُوسَى، قَالَ: ثُمَّ مَرَرْتُ بِعِيسَى فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالأَخِ الصَّالِحِ، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ أُرَاهُ قَالَ: عِيسَى، قَالَ: ثُمَّ
= قلتُ: قال الطبراني: "لم يرو هذا الحديث عن الزهرى إلا موسى بن عقبة" وموسى ثقة حافظ إمام في الغازى؛ وهذا الحديث قد استدركه الحاكم على الشيخين فوهم؛ لأنه عند البخارى كما مضى. والله المستعان.
3616 -
صحيح: مضى الكلام عليه قريبًا قبل الماضى [برقم 3614].
مَرَرْتُ بِإِبْرَاهِيمَ فَقَالَ: مَرْحَبًا بِالنَّبِيِّ الصَّالِحِ وَالابْنِ الصَّالِحِ، قَالَ: قُلْتُ: مَنْ هَذَا؟ قَالَ: هَذَا إِبرَاهِيمُ".
3617 -
حَدَّثَنَا حميد بن الربيع الخزاز، حدّثنا سعيد بن أبى مريم المصرى، حدّثنا نافع بن يزيد، عن عقيل بن خالد، عن ابن شهاب، عن أنس بن مالك، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: "إِن أَيُّوبَ نَبِيَّ اللَّهِ كَانَ فِي بَلائِهِ ثَمَانِىَ عَشْرَةَ سَنَةً، فَرَفَضَهُ الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ، إِلا رَجُلانِ مِنْ إِخوَانِهِ كَانَا مِنْ أَخَصِّ إِخوَانِهِ، كَانَا يَغْدُوَانِ إِلَيْهِ وَيَرُوحَانِ إِلَيْهِ، فَقَالَ أَحَدُهُمَا لِصَاحِبِهِ: أَتَعْلَمُ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَذْنَبَ أَيُّوبُ ذَنْبًا مَا أَذْنَبَهُ أَحَدٌ، قَالَ صَاحِبُهُ: وَمَا ذَاكَ؟ قَالَ: مُنْذُ ثَمَانِىَ عَشْرَةَ سَنَةً لَمْ يَرْحَمْهُ اللهُ فَيَكْشِفُ عَنْهُ!، فَلَمَّا رَاحا إلَيْهِ لَمْ يَصْبِرِ الرَّجُلُ حَتَّى ذَكرَ ذَلِكَ لَهُ، فَقَالَ أَيُّوبُ: لا أَدْرِى مَا يَقُولُ غَيْرَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ أَنِّى كُنْتُ أَمُرُّ عَلَى الرَّجْلَيْنِ يَتَنَازَعَانِ فَيَذْكرَانِ اللَّهَ فَأَرْجِعُ إِلَى بَيْتِى فَأُكَفِّرُ عَنْهُمَا؛ كرَاهِيَةَ أَنْ يُذْكَرَ اللهُ إلا فِي حَقٍّ، قَالَ: وَكَانَ يَخْرُجُ إِلَى حَاجَتِهِ فَإِذَا قَضَى حَاجَتَهُ أَمْسَكَتِ امْرَأَتُهُ بِيَدِهِ حَتَّى يَبْلُغَ، فَلَمَّا كَانَ ذَاتَ يَوْمٍ أَبْطَأَ عَلَيْهَا وَأُوحِىَ إِلَى أَيُّوبَ فِي مَكَانِهِ أَنِ:{ارْكُضْ بِرِجْلِكَ هَذَا مُغْتَسَلٌ بَارِدٌ وَشَرَابٌ (42)} [ص: 42]، فَاسْتَبْطَأَتْهُ فَلَقِيَتْهُ يَنْتَظِرُ، وَأَقْبَلَ عَلَيْهَا قَدْ أَذْهَبَ اللَّهُ مَا بِهِ مِنَ الْبَلاءِ، وَهُوَ عَلَى أَحْسَنِ مَا كَانَ،
3617 - صحيح: أخرجه ابن حبان [2898]، والحاكم [2/ 635]، وأبو نعيم في "الحلية"[3/ 374 - 375]، والطبرانى في "الأحاديث الطوال"[رقم 40]، والطبرى في "تفسيره"[10/ 589]، وابن عساكر في "تاريخه"[10/ 71 - 72، 73]، والثعلبى في "تفسيره"[9/ 148]، والطحاوى في "المشكل"[11/ 187 - 188]، والضياء المقدسى في "المختارة"[2/ 220 - 221]، كما في "الصحيحة"[1/ 25]، والبزار [3/ رقم 2357/ كشف الأستار]، وغيرهم من طرق عن نافع بن يزيد المصرى عن عقيل بن خالد عن الزهرى عن أنس به ..
قلتُ: ومن هذا الطريق أخرجه ابن أبى حاتم في "تفسيره"[رقم 14563]، وسنده صحيح مستقيم، وقد صححه ابن حبان والضياء المقدسى، والبوصيرى في "إتحاف الخيرة"[7/ 57]، وقال الحاكم:(هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه). =
فَلَمَّا رَأَتْهُ، قَالَت: أَىْ بَارَكَ اللَّهُ فِيكَ، هَلْ رَأَيْتَ نَبِيَّ اللَّهِ هَذَا المُبْتَلَى؟ وَوَاللَّهِ عَلَى ذَلِكَ مَا رَأَيْتُ أَحَدًا أَشْبَهَ بِهِ مِنْكَ إِذ كَانَ صَحِيحًا، قَالَ: فَإِنِّى أَنَا هُوَ، وَكَانَ لَهُ أَنْدَرَانِ: أَنْدَرُ لِلْقَمْحَ، وَأَنْدَرُ لِلشَّعِيرِ، فَبَعَثَ اللَّهُ سَحَابَتَيْنِ، فَلَمَّا كَانَتْ إِحدَاهُمَا عَلَى أَنْدَرِ الْقَمْحِ أَفْرَغَتْ فِيهِ الذَّهَبَ حَتَّى فَاضَ، وَأَفْرَغَتِ الأُخْرَى عَلَى أَنْدَرِ الشَّعِيرِ الْوَرِقَ حَتَّى فَاضَ".
= وهذا منه وهمٌ قبيح، ونافع بن يزيد لم يحتج به البخارى أصلًا، إنما أخرج له تعليقًا، وليس هو على شرط مسلم أيضًا؛ لكون تلك الترجمة لم يخرجها مسلم في "صحيحه" لا احتجاجًا ولا استشهادًا.
وقال أبو نعيم عقب روايته: "غريب من حديث الزهرى، لم يروه عنه إلا عقيل، ورواته متفق على عدالتهم، تفرد به نافع" وهو كما قال، وقال البزار:"لا نعلم رواه عن الزهرى عن أنس إلا عقيل، ولا عنه إلا نافع، ورواه عن نافع غير واحد".
قلتُ: منهم سعيد بن أبى مريم وابن وهب وكاتب الليث، وقد غمز ابن كثير في صحة
الحديث، فقال في "تفسيره" [5/ 362/ طبعة دار طيبة]:(رَفْعُ هذا الحديث غريب جدًّا) وقال في "البداية"[1/ 223]: (هذا غريب رفعه جدًّا، والأشبه أن يكون موقوفًا).
قلتُ: ابن كثير بصنيعه هذا يُحاكِى أبا حاتم وصاحبه وابن المدينى وأحمد وهؤلاء العمالقة، وكثيرًا ما يذكر الحديث في"تفسيره" بالإسناد النظيف، ثم يقول:"غريب جدًّا، والأشبه أنه موقوف" ونحو ذلك، دون برهان يؤيد دعواه، وهذا شئ لا نقبله إلا من متقدمى نقاد هذه الصنعة وحسب؛ لأن أصول الأحاديث كانت بأيديهم يطلعون عليها، وينتقون منها، ويميزون بين الخطأ والصواب فيها، فإذا ما قال ابن المدينى مثلًا:(هذا حديث خطأ، والأشبه أنه مرسل) ولم يعارضه مَنْ هو مثله أو فوقه أو دونه ببرهان قائم؛ لزمنا قبول كلامه وإن لم نقف على العلة التى لأجلها حكم على الحديث بالخطأ، ورجَّح إرساله أو وقْفه، أما سائر المتأخرين من الحفاظ ونقَدَةُ هذا الفن: فلا نقبل من أحدهم مثل هذا الإعلال دون حجة تُقيم عوج كلامه، وتُفْصِح عن مكنون مرامه. فافهم هذا المسلك فإنه مهم للغاية.
وكم كان ينقدح في صدرى مثلما ينقدح في صدر ابن كثير من استغراب حديث موصول أرى أن الصواب فيه هو الإرسال أو الوقف، ثم أحْجم عن التفوه بذلك؛ لعدم استطاعتى إقامة البرهان عليه، وأقول لنفسى: قف يا هذا ولا تَعْدُ طوْرُك، أتُراك ابن المدينى حتى تتجشم التنفيس عما =
3618 -
حَدَّثَنَا حميد بن الربيع الخزاز، حدّثنا رويم القارئ، أخبرنا الليث بن سعد، عن عقيل، عن الزهرى، أخبرنى أنسٌ، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"إِذَا أَخْصَبَتِ الأَرْضُ فَانْزِلُوا عَنْ ظَهْرِكُمْ فَأعْطُوهُ حَقَّهُ مِنَ الْكَلأِ، وَإِذَا أَجْدَبَتِ الأَرْضُ فَامْضُوا عَلَيْهَا بِنِقْيِهَا، وَعَلَيْكُمْ بِالدُّلْجْةِ فَإِن الأَرْضَ تُطْوَى بِاللَّيْلِ".
= يجيش بين خلجات صدرك؟! وإنما حسْبُك اقتفاء آثار علوم ابن المدينى دون أن تكون له رأسًا برأس، وإياك ومخادعة نفسك لك، وقد جعل الله لك مخرجًا في نقاش مثل البخارى، ولكن بلسان غيرك من أقرانه ونظرائه في هذا الفن؛ فإذا اختصم أبو حاتم وأحمد في تصحيح حديث أو تضعيفه؛ بعد أن ذكر كل واحد منها برهانه فيما يروم؛ البصير فللمتأخر أن يُرجِّح بين القولين بما أدَّاه إليه اجتهاده ومعرفته؛ لا أن يُخَطِّئ الرجلين جميعًا، ثم يُحْدث لنفسه قولًا جديدًا في الحكم على الحديث، ولا يفعل هذا إلا كل مخدوع، جاهل بمراتب أقدار المتقدمين من أحلاس هذا العلم. والله تعالى المستعان.
والحاصل: أن تعلُّق ابن كثير بغرابة الحديث؛ لا يدل على أن الأشبه فيه هو الوقف، فإن ذلك لا يساعده عليه سلامة إسناده من الزَّغَل والدَّخَل، ولا يؤيد كلامه: أنْ جاء نعيم بن حماد الخزاعى وروى هذا الحديث عن ابن المبارك عن يونس الأيلى عن عقيل عن ابن شهاب به مرسلًا في سياق أتم
…
عنده في "زوائده على زهد ابن المبارك"[رقم 179]، ومن طريقه الطحاوى في "المشكل"[11/ 188].
فإن حمادًا هذا وإن كان إمامًا في "السنة"؛ جزعا في حُلوُق المبتدعة والجهمية، إلا أنه كان كثير المناكير عن الثقات، واسع الخطو في الوهم على الأثبات، وتفصيل حاله تجده في (التنكيل) وذيلنا عليه المسمى بـ (المحارب الكفيل).
ونحن مع ظاهر الإسناد حتى يظهر لنا خلافه. ونافع بن يزيد عن عقيل عن الزهرى عن أنس
…
إسناد كالشمس، والحديث ذكره الهيثمى في "المجمع"[8/ 381]، ثم قال:"رواه أبو يعلى والبزار، ورجال البزار رجال الصحيح" وهو كما قال، فإن شيخ المؤلف:(حميد بن الربيع) من رجال "اللسان".
3618 -
قوى: أخرجه ابن خزيمة [عقب رقم 2555]، والحاكم [1/ 613]، والبزار [رقم 1696/ كشف]، والبيهقى في "سننه"[رقم 10123]، وابن بشران في "الأمالى"[رقم 631]، والخطيب في "تاريخه"[8/ 429]، والترمذى في "علله"[رقم 419]، والمؤلف في "المعجم" =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= [رقم 156]، وابن الأعرابى في "المعجم"[رقم 270]، والطحاوى في "المشكل"[1/ 64]، وغيرهم من طرق عن رويم بن يزيد القارئ عن الليث بن سعد عن عقيل بن خالد عن الزهرى عن أنس به
…
وهو عند ابن خزيمة والحاكم وابن الأعرابى بفقرته الأخيرة فقط: (وعليكم بالدلجة
…
إلخ) وكذا هو عند البيهقى وابن بشران، وزاد الحاكم في آخره:(للمسافر) بعد قوله: (فإن الأرض تطوى بالليل).
قلتُ: وهذا إسناد ظاهره الصحة إلا أنه معلول، فرجاله كلهم ثقات معرفون؛ ورويم بن يزيد وثقه ابن حبان والخطيب البغدادى والبزار والهيثمى والبوصيرى وغيرهم؛ وصحح له ابن خزيمة والحاكم وغيرهما؛ وقال الذهبى في "معرفة القراء الكبار" [1/ 215]:"ثقة كبير القدر".
لكن ذكره ابن الرومية الحافظ في كتابه "الحافل" كما في "ذيل الميزان" للعراقى [ص 241/ طبعة دار الفكر]، وعنه الحافظ في "اللسان"[2/ 469]، وقال:"بغدادى مشهور، مسجده ببغداد ناحية الكرخ، يعرف به، روى عن الليث حديثًا منكرًا، لا أخبره بجرح ولا عدل، قاله الموصلى".
قلتُ: والموصلى هذا هو أبو الفتح الأزدى الحافظ صاحب (الضعفاء) وابن الرومية كثير التعويل عليه في كتابه "الحافل بذيل الكامل" وتعنُّت الأزدى في الجرح معلوم، وعدم معرفته ليس دليلًا على العدم، ورويم قد وثقه جماعة كما مضى؛ ولم يتكلم فيه أحد بشئ؛ اللَّهم إلا قول ابن حبان في "الثقات" [8/ 245]:"ربما أخطأ".
وحديثه المنكر عن الليث، الذي أشار إليه الأزدى آنفًا: هو هذا الحديث هنا، وسيأتى وجه نكارته سندًا؛ وقال البوصيرى في "إتحاف الخيرة" [3/ 42]: "رواه أبو يعلى ورجاله ثقات،
…
" كذا قال: وشيخ المؤلف "حميد بن الربيع" مختلف فيه، وثقه بعضهم، وكذبه آخرون، وعبارة الهيثمى في "المجمع" [3/ 486]، أحلى من عبارة صاحبه البوصيرى، فإنه قال: "رواه أبو يعلى، وفيه حميد بن الربيع، وثقه أحمد والدارقطنى، وضعفه جماعة، ورواه البزار ورجاله رجال الصحيح خلا رويم المعولى وهو ثقة".
قلتُ: ولم ينفرد به حميد بن الربيع عن رويم، بل تابعه عليه محمد بن غالب وعبد الرحمن بن الجارود وعباس العنبرى وغيرهم من الثقات. =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= ووصْفُ الهيثمى لرويم بـ (المعولى) لم أجده عند غيره ممن ترجموا له إلا ما وقع في سند البزار، وقال البزار عقب روايته:"لا نعلم رواه عن الليث هكذا إلا رويم، وكان ثقة، وروى عن الزهرى مرسلًا".
قلتُ: وهو كما قال، لكن هذا لا ينفى أن يكون رويم قد توبع على بعضه؛ فقد رواه محمد بن أسلم الطوسى عن قبيصة بن عقبة عن الليث عن عقيل عن الزهرى عن أنس مرفوعًا بفقرته الأخيرة فقط:(عليكم بالدلجة؛ فإن الأرض تطوى بالليل).
أخرجه ابن خزيمة [رقم 2555]، والحاكم [1/ 613]- وزاد في آخره:(للمسافر) - وأبو نعيم في "الحلية"[9/ 250]، وغيرهم.
وسنده صحيح أيضًا، لكن الحديث أعله جهابذة النقاد بالإرسال؛ فقال الترمذى في "علله" بعد أن رواه من طريق رويم عن الليث: (سألت محمدًا - يعنى البخارى - عن هذا الحديث فقال: إنما روى هذا الحديث عن الليث بن سعد عن عقيل عن الزهرى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وإنما ذكر فيه عن أنس: رويم هذا، قلتُ له: فإنهم ذكروا عن محمد بن أسلم أنه روى هذا الحديث عن قبيصة عن الليث بن سعد عن عقيل عن الزهرى عن أنس. فلم يعرفه محمد، وجعل يتعجب من هذا".
قلتُ: لعل تعجب البخارى من متابعة محمد بن أسلم عن قبيصة لرويم عمى هذا الخطأ في وصله؛ إذ محمد بن أسلم مشهور بالثقة والعدالة، كأن البخارى قال في نفسه:"محمد بن أسلم يروى عن في قبيصة مثل هذا؟! ".
ولم ينفرد به محمد بن أسلم: بل تابعه عليه قطن بن إبراهيم - وهو صدوق له أوهام - عن قبيصة عن الليث به سواء
…
عند ابن عبد البر في "التمهيد"[24/ 159]، بإسناد مستقيم إليه؛ ونقل الخطيب في "تاريخه"[8/ 429]، عن الدارقطنى أنه سئل عن هذا الحديث فقال:"رواه رويم بن يزيد المقرئ عن الليث عن عقيل عن الزهرى عن أنس، وتابعه محمد بن أسلم عن قبيصة عن الليث عن عقيل عن الزهرى، والمحفوظ عن ليث عن عقيل عن الزهرى مرسل".
قلتُ: فرجح الإرسال أيضًا، ورأيته قال في "الغرائب والأفراد"[رقم 1120/ أطرافه]، بعد أن أخرج الحديث من طريق رويم عن الليث:"تفرد به رويم بن يزيد المقرئ عن الليث عنه - يعنى عن عقيل - وتابعه محمد ابن أسلم الطوسى عن قبيصة عن الليث، كذا قال قبيصة، وأعله قتيبة وابن أعين". =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= قلتُ: أما إعلال قتيبة - وهو ابن سعيد - فهو روايته هذا الحديث عن الليث عن عقيل عن الزهرى به مرسلًا، كما يأتى.
وأما إعلال ابن أعين، فلم أقف عليه بعد، وقال ابن أبى حاتم في العلل [رقم 2256]:"وسمعت أحمد بن سلمة النيسابورى يقول: ذاكرتُ أبا زرعة بحديث رواه قبيصة بن عقبة عن الليث عن عقيل عن الزهرى عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالدلجة؛ فإن الأرض تطوى بالليل" الحديث .... فقال: أعرفه من حديث رويم بن يزيد عن الليث هكذا، فمن رواه عن قبيصة؟! فقلت: حدثنى محمد بن أسلم عن قبيصة هكذا، فقال: محمد بن أسلم ثقة".
قلتُ: وسكت أبو زرعة، كأنه ليس عنده فيه شئ، ثم قال أحمد بن سلمة: (فذاكرت به مسلم بن الحجاج فقال: أخرج إليَّ عبد الملك بن شعيب بن الليث - وهو ثقة فقيه كأبيه وجده - كتاب جده - يعنى الليث - فرأيت في كتاب الليث على ما رواه قتيبة، قال أبو الفضل - يعنى أحمد بن سلمة الحافظ - حدّثنا قتيبة عن الليث عن عقيل عن الزهرى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "عليكم بالدلجة
…
الحديث".
قلتُ: فهذا نص قاطع في كون المحفوظ في هذا الحديث عن الليث هو الإرسال، فهكذا رآه أبو الحسين النيسابورى، بعينىْ رأسه في كتاب الليث مرسلًا، والكتاب أثبت من الحفظ؛ إذ الذاكرة قد تخون؛ وقد جرت عادة القدماء من أئمة هذا الشأن: على أنهم: إن رأوا خطأ في رواية بعض النقلة طالبوه بإخراج أصله حتى ينظروا فيه، فإن وجدوا الحديث فيه على الجادة، غمزوه وتكلموا في حفظه، وإن رأوا الحديث في أصله على الخطأ، أمسكوا عنه - غالبًا - لاحتمال أن يكون الخطأ ممن فوقه وليس منه، وكثيرًا ما كانوا يتحاكمون عن مظنة الخطأ - إلى أصولهم وكتبهم المصونة من أوهام وأخطاء الحافظة البشرية، والأمثلة عندى كثيرة في هذا الصدد؛ فالحاصل: أن المحفوظ في هذا الحديث عن الليث هو الإرسال، فهكذا هو في أصل كتاب الليث مرسلًا، وتأيد ذلك بكون قتيبة بن سعيد قد رواه عن الليث أيضًا عن الزهرى به مرسلًا، وتابعه على الإرسال أيضًا: كاتب الليث عن الليث عن الزهرى به
…
عند الطحاوى في "المشكل"[1/ 64].
ومع كل هذا الوضوح: إلا أن الإمام في "الصحيحة"[2/ 298]، أبى لنفسه إلا مناهضة القدماء على طريقة الاغترار بظواهر الأسانيد وعدالة الرواة، فقال بعد أن ذكر إعلال النقاد لهذا الحديث بالإرسال: " .... لكن اتفاق قبيصة ورويم على وصله عن الليث، لا يجعلنا نطمئن =
3619 -
حَدَّثَنَا حميدٌ، حدّثنا شبابة بن سوار، حدّثنا عقيلٌ، عن ابن شهاب، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا أراد أن يجمع بين الظهر والعصر في السفر، أخر الظهر حتى يدخل وقت العصر فيجمع بينهما.
= لهذا الإعلال؛ لأنهما ثقتان، وزيادة الثقة مقبولة، واللَّه تعالى أعلم؛ لاسيما وقد وراه رويم في آخر الحديث له مصرحًا بتحديث الزهرى عن أنس
…
".
وأقول: لا بأس علينا إن جبرنا عثرات الكرام؛ وغضضنا الطرف عن هفوات الأئمة الأعلام؛ لوضوح ما في بعض كلامهم من الخدش؛ وظهور ما في غضون بعض أبحاثهم من المغالطة عن طريق الكشف، وكون رويم قد صرَّح بسماع الزهرى في هذا الحديث عن أنس، لا يسلم له، لأن من يغلط ويجعل المرسل موصولًا، لا يستغرب عليه أن يقلب العنعنة سماعًا، وربما كان ذلك ممن دون رويم في سنده.
وعلى كل حال: فللحديث شواهد تقويه إن شاء الله: أصحها حديث أبى هريرة عند مسلم [1926]، وأبى داود [2569]، والترمذى [2858]، والنسائى في "الكبرى"[8814]، وأحمد [2/ 337، 378]، وجماعة كثيرة، ولفظ أبى داود:(إذا سافرتم في الخصب؛ فأعطوا الإبل حقها؛ وإذا سافرتم في الجدْب، فأسرعوا السير، فإذا أردتم التعريس فتنكبوا عن الطريق) وسنده قوى.
ويشهد له أيضًا حديث جابر الماضى في "مسنده"[برقم 2219]، وراجع بقية شواهده في "الصحيحة"[2/ 300،342].
ولجملة (عليكم بالدلجة؛ فإن الأرض تطوى بالليل) طريق آخر عن أنس مرفوعًا
…
يرويه خالد بن يزيد العتكى الأزدى عن أبى جعفر الرازى بن الربيع بن أنس عن أنس به
…
عند أبى داود [2571]، والحاكم [2/ 124]، وعنه البيهقى في "سننه"[10122]، وغيرهم؛ وسنده ضعيف؛ لضعف أبى جعفر؛ والراوى عنه مختلف فيه، لكن لا بأس بهذا الإسناد في المتابعات والشواهد؛ ووجدت الحديث من هذا الطريق عند البزار أيضًا [2/ رقم 1694/ كشف]، ولكن بسياق أتم.
3619 -
صحيح: أخرجه مسلم [704]، وابن حبان [1456]، والبيهقى في "سننه"[5311]، ومحمد بن عاصم الثقفى في "جزئه"[رقم 43]، وأبو عوانة [رقم 1925]، وغيرهم من طرق عن شبابة بن سوار عن الليث بن سعد عن عقيل بن خالد عن الزهرى عن أنس به. =
3620 -
حَدَّثَنَا قاسم بن أبى شيبة، حدّثنا وهب بن جرير، عن أبيه، عن يونس الأيلى، عن الزهرى، عن أنس، أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال:"اللَّهُمَّ اجْعَلْ بِالمدِينَةِ ضِعْفَى مَا بِمَكَّةَ مِنَ الْبَرَكَةِ".
* * *
= قلتُ: ولشبابة بن سوار فيه سياق آخر بهذا الطريق أيضًا عند الإسماعيلى في "المستخرج" كما في "التلخيص"[2/ 49]، وفى "الفتح"[2/ 583]، ومن طريقه البيهقى في "سننه"[5312]، ولفظه:(كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان في سفر، فزالت الشمس، صلى الظهر والعصر جميعًا ثم ارتحل) وهو عند البيهقى أيضًا في المعرفة [رقم 1686].
وحكى الحافظ في "التلخيص" عن النووى أنه صحح إسناده بهذا اللفظ، ثم نقل الحافظ عن بعضهم أنه أعله، لكنه أجاب عن هذا الإعلال في "الفتح"[2/ 583]، وذكر متابعات له نحو هذا اللفظ. وراجع "الإرواء"[3/ 32 - 34].
وقد توبع عليه الليث بن سعد: تابعه المفضل بن فضالة عن عقيل عن ابن شهاب عن الزهرى عن أنس قال: (كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ارتحل قبل أن تزيغ الشمس؛ أخر الظهر إلى وقت العصر، يجمع بينهما، وإذا زاغت، صلى الظهر ثم ركب).
أخرجه البخارى [1060، 1061]، - واللفظ له - ومسلم [704]، وأبو داود [1218]، والنسائى [586]، وأحمد [3/ 247، 265]، وجماعة كثيرة، وتمام تخريجه مع بيان الاختلاف في بعض ألفاظه، والرد على من أعل بعض طرقه في كتابنا "غرس الأشجار" والله المستعان.
3620 -
صحيح: مضى سابقًا [برقم 3578، 3581].