الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قد حتمت عليه قواعد خاصة؛ إلا أن التفاوت في الإتقان ووجود بعض النماذج التي يعجز عنها الصانع الحديث بإمكانياته الضخمة يجعلنا نعتقد أن الصانع المصري كان يؤدي عمله برغبة واهتمام، وكثيرًا ما كانت له فرصة للحرية في اختيار بعض النماذج وابتكار ما يراه مناسبًا عند إخراج قطعة فنية.
أما المواد الخام التي كان يتناولها الصانع في صناعته؛ فكانت مما تنتجه البيئة المحلية أو مما يستورده من البيئات المجاورة، وكانت العلاقاتُ بين وادي النيل الأدنى ووادي النيل الأعلى -أي بين مصر والسودان- وبين وادي النيل وآسيا الغربية نشيطةً منذ فجر التاريخ، وقد تمثل التبادل التجاري بينها أو ما يدل على هذا التبادل في مقابر عصر ما قبل الأُسَرِ إذ وجد بها العاج وبعض المنتجات الصناعية التي تماثل ما وجد في جنوب غربي آسيا، ورغم أن الفيل كان يعيش في غربي آسيا، كما كان يعيش على حدود الصحراء الغربية لمصر نفسها؛ فإن من المسلم به أن العاج كان يأتي من النوبة؛ وإن كان من الممكن الحصول عليه من هذه المصادر الثلاثة جميعًا أي أن التبادل التجاري بين مصر وجيرانها في عصور ما قبل الأُسَرِ لا يمكن إنكاره.
وإذا ما تأملنا البيئة المصرية نجد أن أهم المواد الخام فيها هي:
1-
البردي
كان هذا النبات يمثل عنصرًا مهمًّا للغاية إذ إنه دخل في صناعات كثيرة، وأول ما تبادر إلى الذهن في هذا الشأن أن سيقان البردي استخدمت في بناء الأكواخ وعمل القوارب "شكل 18" والحصر والسلال والحبال ثم النعال، كذلك كانت سيقان البردي تجمع في حزم لتقوم مقام الأعمدة عند تسقيف المنازل أو عند رفع تعريشاتها الخفيفة
"شكل 18": زورق من البردي يجلس به صائد بالشص
أو لتقويه الجدران، وكان من أثر استخدام البردي في المباني القديمة أن ظل المصري يمثل سيقانه في المباني الحجرية حتى نهاية العصور الفرعونية، كذلك مثلت زهوره أيضًا في العمارة المصرية، ومما يدل على أثر هذا النبات في حياة المصري أن زهرة البردي كانت تعتبر رمزًا للوجه البحري، بينما كانت زهرة اللوتس ترمز للوجه القبلي، ثم استخدم البردي كذلك في عمل صحف الكتابة وبالطبع كانت الكلمة اليونانية "Papyrus" الدالة على هذا النبات هي الكلمة التي اشتقت منها الكلمة الدالة على الورق أو الصحف في معظم اللغات الحديثة حيث تسمى بالإنجليزية "Paper" وبالفرنسية "Papier"
…
إلخ. وكانت طريقة عمل الصحف منه تتلخص في قطع سيقان البردي إلى شرائح تلصق بعضها إلى جوار بعض طولا وعرضًا وتطرق بشدة ثم تجفف ويقوى طرفها وإذا ما أريد عمل قرطاس للكتابة فإن طرفي هذا القرطاس يقويان، وكان القرطاس لايستعمل مرة واحدة فقط بل كان من الجائز استعماله عدة مرات بعد أن تمحى الكتابة السابقة منه في كل مرة، وكان البردي سلعة رئيسية في الصادرات المصرية في العهد اليوناني الروماني.