الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأساور تصنع غالبًا من موادَّ أقل قيمة؛ ولكنهم اجتهدوا في أن يجعلوا منها محاكاة لنظائرها الثمينة، هذا وقد استعمل أهل بلاد النهرين الزيوت والدهون العطرية بصفة دائمة.
الإدارة
أشرنا فيما سبق إلى أن الملكية في دولة المدينة -كما تتمثل في أقدم عصور بلاد النهرين- كانت تسير وفق نظام ديموقراطي، ثم أصبحت -بعد أن تطورت هذه إلى دولة الملكية- تسير وفق نظام أوتوقراطي "انظر أعلاه ص: 200"؛ فصارت السلطات جميعها بيد الملك وحكومته استنادًا إلى ما أشارت إليه الأساطير من حق إلهي للملوك والحكام، ولا يسري هذا بالطبع؛ إلا على من يتولى الحكم فلا تشير هذه الأساطير إلى ألوهية الملوك والحكام بخلاف ما اصطلح عليه المصريون من أن فراعنتهم كانوا من نسل الآلهة أو من الآلهة نفسها؛ غير أننا نلاحظ بأن التعاليم الدينية في بلاد النهرين كانت توحي بأن الآلهة هي التي تنتخب الحكام الذين يمثلون وكلاءهم في الأرض، وقد تطور الحال بعد ذلك فأصبح هؤلاء يتمتعون بقدسية جعلتهم ينتحلون بعض صفات الآلهة نفسها، وسبقوا أسماءهم بعلامة التأليه؛ ولكنهم لم يصلوا إلى مرتبة الآلهة الحقيقيين.
ومع أن بعض الملوك ادعوا أنهم أبناء بالتبني للآلهة؛ فإن كل ملك جديد يدعي أن الآلهة قد اختارته لكي يكون ملكًا على البلاد1. وكان على الملك
1 طه باقر، مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة، بغداد: 1955، "ج1، ص385.
بصفته مفوضًا من الآلهة واجباتٌ متعددة، ولذا كان بالطبع يحتاج إلى جمهور كبير من المعاونين؛ إذ كان له جملة وزراء يرأسهم وزير وهذا الرئيس يختص غالبًا بشئون السياسة الخارجية، ومن أخطر الوزراء منصبًا وزير المالية؛ إذ إنه كان مسئولًا عن الشئون الاقتصادية المختلفة، ويلي هؤلاء الوزراء أهمية قواد الجيش الذين علت مكانتهم بعد أن زادت جيوش الملوك قوة وعددًا.
وكان الملك يعين حكامًا وولاة للأقاليم، وكان هؤلاء في أقدم العصور أشبه بأمراء الإقطاع؛ إذ كانوا يرثون مناصبهم؛ ولكن زال عنهم هذا الحق فيما بعد حيث أصبح الحكم المركزي قويًّا، كما أن الملوك كانوا يعينون قضاة مدنيين بدرجات متفاوتة إلى جانب قيام الكهنة بتطبيق أحكام الشرائع وتفسير نصوصها في المعابد.
ويمكننا أن نعتبر طائفة من موظفي الخاصة أو البلاط كموظفين عموميين في نفس الوقت؛ حيث كان هؤلاء يقومون بمهام رسمية إلى جانب مراكزهم في البلاط، ومن هؤلاء مندوبون للملك يرسلهم كسفراء خصوصيين ليمثلوه لدى الدول الأجنبية ويصحبهم عادة مترجمون وكتبة وقضاة.
ومع وجود هذه الطوائف من الموظفين كان نشاط الملوك في الاضطلاع بمهام الدولة المختلفة غير محدود ونتبين في آثارهم مدى تنوع الأعمال التي قاموا بها كما نتبين مدى وقوفهم على مختلف شئون الدولة حتى في بعض الأمور التافهة؛ فكثيرًا مانجد أنهم كانوا ينظرون في بعض شكاوى الأفراد ويعيدون الدعاوى إلى المحاكم لإعادة النظر فيها استيفاءً لبعض الأصول المتبعة، كذلك كانت بعض القضايا لا يبت فيها إلا بقرار من