الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يوضع تحت مظلة تحملها أعمدة خشبية دقيقة، ويبدو العرش وكأنه يرتكز على رءوس أعداء مصر التقليديين-الزنوج والآسيويين- وتحلَّى المظلة في أعلاها بزخارف في هيئة صفوف من أفاعي الحماية-أوريوس- وفي قاعدتها بأسماء البلاد الأجنبية التي هزمها الملك.
حاشية الملك
لا يمكننا أن نتعرف على كل أفراد حاشية الملك ووظائفهم في البلاط بصورة كامله؛ ولكن من الممكن أن نتبع الكثيرين منهم إذا تأملنا مناظر الاحتفالات المدنية والدينية التي كان الملك يشترك فيها وخاصة من عهد الدولة الحديثة؛ ففي أقدم العصور كان الملك يتجلى لرعيته في محفَّة يحملها عدد من الجنود ويرافقه موظف كبير يحمل لقب: حامل المروحة على يمين الملك، وهو يحمل مروحة صغيرة رمزًا لمكانته؛ بينما يوجد حامل مروحة كبيرة أمام المحفَّة وآخر من خلفها، وحينما يخرج الموكب الملكي من القصر لحضور أحد الاحتفالات أو للنزهة يجري في المقدمة رجلان يحملان العصي لإفساح الطريق أمام المركبة الملكية التي تشدها خيول مزينة وعلى جانبيها يجري الحرس الملكي ويتبعها عدد من الجنود يمثلون مختلف فرق الجيش ومن بعدهم كبار الضباط في مركباتهم، وإذا صاحبت سيداتُ القصر الملكَ في هذا الموكب؛ فإن عربات الملكة والأميرات تجري إلى جانب عربة الملك. وفي الاحتفالات التي تجري داخل المعابد نجد إلى جانب الكهنة القائمين بالطقوس بعض أبناء الملك الذين حضروا لمشاهدتها ويحيط بالملك عدد من كبار موظفيه، وقد يحمل محفته عدد من أبنائه بينما يقوم عدد آخر منهم باستخدام المراوح ويتقدم الكهنة في
الموكب طائفة من أقارب وأولاد الملك والأمراء العظام وفي طليعة الموكب نافخو الأبواق وقارعو الطبول، معلنين قدوم الموكب.
ومما يوضح لنا الدور الذي كان يقوم به بعض رجال البلاط عدد من النصوص التي خلفها هؤلاء وافتخروا فيها بمكانتهم وحظوتهم لدى سادتهم؛ فهناك مثلًا: المشرف على أسرار غرفة الصباح، وهو ما يعادل حاليًا: رئيس الخدمة الخاصة، الذي كان يشرف على ملابس الملك وزينته وتمتد اختصاصاته إلى كثير من الشئون، وكثيرًا ما كان يعهد بهذه الوظيفة إلى ابن الملك، أو إلى أقرب المقربين إليه؛ لأنه في غالب الأحيان كان يتحكم في إدارة القصر أيضًا، وإلى جانب هذا الموظف كان هناك عدد كبير من المقربين إلى الملك وكانت تقاليد القصر صارمة بحيث لا يمكن لأحد هؤلاء أن يتعدى في مثوله أمام الملك المكان الذي يخصص له أو أن يقترب من شخص الملك أكثر مما يستحق، ومع أن لقب: السمير والسمير الوحيد، يوحيان بأن حامل كل منهما لا بد وأن يكون من أتباع الملك الذين يضمهم بلاطه إي أن هذين اللقبين كثيرًا ما كانا يمنحان على سبيل التشريف لأشخاص يعملون في خارج البلاط أو في أماكن نائية عن العاصمة.
ومع أن الملوك كانوا يجمعون بين عدد من الزوجات إلا أن زوجة واحدة هي التي تعد ملكة شرعية وهي التي كان يجري في عروقها الدم الملكي أو تكون أولى زوجات الملك، وكان اسمها يوضع في خرطوش كما هو الحال بالنسبة لاسم زوجها وكان نفوذها عظيمًا وخاصة إذا استطاعت أن تتحكم في شخص الملك، وكثيرًا ما كنَّ يلعبنَ دورًا
رئيسيًّا في البلاط بعد وفاة أزواجهن، كما أن بعضهن بلغن مرتبة التقديس كآلهات.
وإلى جانب الملكات وغيرهن من زوجات الملك كان الملوك يحتفظون بحريم خاص ومحظيات يخضعن لرئيسة ويشرف عليهن عدد من الموظفين لهم مكانتهم مثل: المشرف على غرف الحريم الملكية، نائب رئيس الحريم، إلى جانب عدد من الحراس الذين يمنعونهن من الاتصال بالعالم الخارجي اتصالًا غير مرغوب فيه، وكثيرًا ما كان بعض النبلاء ذوو المكانة يفخرون بأنهم كانوا يشغلون وظيفة: المشرف على بيت الحريم الملكي، وبأنهم كانوا يعرضون الحريم على الملك ويلاحظون الرقص في القصر، وبالطبع كانت مهمة هذه الحريم تنحصر في تسلية الملك وإدخال السرور إلى نفسه، وكان الوصول إلى مرتبة محظية ملكية يعد شرفًا تتطلع إليه الكثيرات؛ لأن بعضهن كن يتمتعن بحظوة كبيرة لدى الملك وتمنحن ألقاب شرف رفيعة مثل: حاكمة البلاد كلها، سيدة القطرين، الحاكمة الجميلة
…
إلخ، وكثيرًا ما كان يفخر بعض العظماء باتخاذ محظيات ملكيات كزوجات لهم.
ولا شك في أن تعدد زوجات الملوك وكثرة محظياتهم قد أدى إلى وجود عدد وفير من الأبناء الملكيين؛ ولذا كانت تخصص لهم أملاك معينة كما كانت تسند إليهم مناصب مختلفة دينية وقضائية وإدارية وعسكرية، وقد عني بتنشئة هؤلاء الأمراء في أقسام خاصة من القصر وكان المشرفون على تربيتهم يتمتعون بمكانة سامية فمرضعاتهم -وهن غالبًا من زوجات الأشراف- كن يلعبنَ دورًا مهمًّا في البلاط وخاصة إذا ما أصبح الجالس
على العرش أو الملكة من بين الذين أرضعتهم، كما أن مربي الأمير أو الأميرة كان هو الآخر يعد أعلى شخصيات البلاط.
وكثيرًا ما كان الملوك يسمحون بتنشئة بعض أبناء كبار رجال الدولة مع أبنائهم في البلاط ويولونهم عطفهم ورعايتهم؛ ولذا كان هؤلاء يفخرون دائمًا بهذه النشأة عندما يصبحون رجالًا، مهما علا قدرهم.
وينبغي أن ندرك بأن كل ملك كان يشمل بعطفه، إلى جانب أفراد أسرته عدد من الأقارب يميزهم لقب: قريب الملك، أو المعروف لدى الملك، ولا يخلو الأمر من وجود أدعياء حملوا هذا اللقب؛ ولذا كان أقرباء الملك الحقيقيون يميزون أنفسهم بلقب: قريب حقيقي للملك، ويمكننا أن نتصور أن الملوك وخاصة في أقدم العصور كانوا لا يسندون أكبر وظائف الدولة إلا من يعيشون على مقربة منهم ومن يتوخون فيهم الإخلاص والحكمة؛ ولذا لا نستبعد أن الوزراء ورؤساء الكهنة كانوا من بين الأمراء الملكيين أو من أقرباء الملك، ويجيء هؤلاء في مركزهم الاجتماعي بعد ملك البلاد وأسرته بالطبع، وكان سراة القوم والنبلاء كثيرًا ما يحملون ألقابًا شرفية كانت لا تمنح صاحبها الحق في القيام بأعباء وظيفية وإن كانت في معناها تدل على أعمال معينة؛ إلا أن ذلك لم يكن ليقصد به إلا إظهار ما لحاملها من حظوة لدى الملك وتتيح له أن يظهر في معيته، ومع كلٍّ يمكننا أن نتخيل أن هذا الإجراء كان وسيلة فعالة لمراقبة هؤلاء بإبقائهم على مقربة من القصر.
أما حكام الأقاليم فكانوا يمثلون طبقة خاصة ويجمعون من السلطات مثلما يجمع الملوك في نطاق الأقليم التي يحكمونها، غير أنهم كانوا دون