الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
منطقة "كبدوشيا" كانوا يصدرون النحاس، كما أن الفضة كانت متوفرة إلى درجة سمحت باستخدامها كعملة، ومع أن الحديد كان متوفرًا أيضًا إلا أن العجز عن صهره وتنقيته لم يجعله شائع الاستعمال فكان يستعاض عنه في صناعة الأسلحة بالنحاس والبرونز، ولهذا عد الحديد من المعادن الثمينة، ورغم أن النصوص تشير إلى سيوف وألواح كتابة وتماثيل حديدية؛ إلا أن ما عثر عليه من هذه كان نادرًا، ومن المحتمل أن تلك المصنوعات كانت تقدم كهدايا ملكية ولم يتقنها إلا عدد قليل من الصناع.
وكان وجود مثل هذه المعادن سببًا في نشاط التبادل التجاري بين آسيا الصغرى وغيرها من الأقطار؛ فبعض النصوص تشير إلى انتقال التجار الحيثيين إلى خارج بلادهم كما أن بعض المعادن وخاصة النحاس كانت تصدر إلى بلاد النهرين في مقابل المنسوجات والصفيح.
العلوم والفنون
مما لا شك فيه أن اللغة الحيثية كانت مثار جدل كثير ولم تعرف صلتها باللغات الهندو أوروبية؛ إلا بعد فترة طويلة من البحث، وقد تبين أنها فعلًا من اللغات الهندو أوروبية بصفة مؤكدة منذ عهد قريب وإن كانت تحتوي على بعض الألفاظ الأجنبية، ويبدو أن هذه اللغة لم تستخدم في المكاتبات الرسمية إلا قليلًا واستخدمت بدلًا منها لغات أخرى، ومع هذا فإن بعض الكتابات وخاصة تلك التي تعرف باسم الهيروغليفية
الحيثية لم يمكن تفسيرها تفسيرًا مرضيًا حتى الآن؛ بل وهناك من الدلائل ما يشير إلى أن أمثال هذه الكتابات كانت عسيرة الفهم بالنسبة للحيثيين أنفسهم؛ حتى إنهم أضافوا بعض الفقرات كترجمة حيثية بين السطور لمساعدة الموظفين على تفهم هذه الكتابات، وبالطبع فإن لغةً هذا شأنها واختلافها الواضح عن لغة الكلام كانت لا تيسر رقي العلوم والمعارف. والظاهر أن قيام الدولة على أساس مجدها العسكري لم يتحِ الفرصة لوجود نهضة أدبية كبيرة؛ فقد عثر على قصص بسيطة بدائية، كما أن بعض الروايات والأساطير والقصص القصيرة أيضًا ترجع إلى أصول بابلية وحورية، ولم يترك الحيثيون -مع الأسف- ما يعطينا فكرة عما توصلوا إلية في المعارف المختلفة كالهندسة والفلك والطب وغيرها.
أما في الفنون؛ فإن أقدم ما عثر عليه لا يستحق الذكر وخاصة؛ لأنه من إنتاج مستوطنين يرجح أنهم كانوا قبل مجيء الحيثيين، ولا يمكن أن نعتبر المنتجات الفنية حيثية إلا بابتداء عهد الإمبراطورية تقريبًا؛ ففن النحت لم يبدأ إلا مع الإمبراطورية ومع ذلك فإنه لم ينته بزوالها، ومن المرجح أن الحيثيين تأثروا في بعض أساليبهم الفنية بما كان متبعًا في شمال بلاد النهرين وسوريا. وقد بلغ النقش مرتبة عالية من التطور، ومع هذا فإن الأختام الأسطوانية التي كانت تستخدم في حفر الرسوم على الألواح الطينية كانت من اختراع بلاد النهرين. وعند بداية المملكة الحيثية ظهرت نقوش غائرة على الحجر يصاحبها خط هيروغليفي. ومما يلاحظ أن الفنان كثيرًا ما يلجأ إلى تمثيل الأشخاص متجهين سواء في موكب أو موكبين نحو نقطة واحدة "شكل 34"، وقد اتبع الفنان طريقة الرسم التي
"شكل 34": اتجاه المواكب نحو مركز واحد.
كانت سائدة لدى معظم الشعوب البدائية؛ إذ كان يصور الأشخاص بحيث يبدو الجذع من الأمام والرأس والأقدام من الجانب، وربما كان هذا الوضع أيسر طريقة للتعبير عن أقرب الأشكال تمثيلًا لصاحبه -وعند تصوير مجموعة من الاشكال؛ كانت القاعدة التقليدية تظهرهم وكأنهم يسيرون قدمًا إلى الأمام نحو مركز معين- وقد أخطأ الفنان الحيثي كما أخطأ الفنان المصري في تصوير حركة الأشخاص بأن جعل الذراع اليسرى تمتد مع القدم اليسرى في حالة جعل هذه الأخيرة تمتد إلى الأمام تمثيلًا للبدء بها في السير وهو وضع غير طبيعي "لاحظ حركة الأشخاص في السابق" ومن الملاحظ عمومًا أن أشكال الأشخاص والحيوانات والكائنات الأخرى تبدو غالبًا كأنها مضغوطة الأعضاء أو بعبارة أخرى تتميز بالقصر والامتلاء أو عدم التناسق "شكل 35"، وربما يوحي ذلك أن الفنان الحيثي القديم كان خاضعًا لتقاليد لم يستطع التحرر منها، ومن المرجح أن هذه التقاليد ترتبط ببعض النواحي
"شكل 35": موكب يرى فيه أشخاص يغلب عليهم القصر وعدم تناسق الأعضاء.
الدينية، ومما يؤيد ذلك أن كثيرًا من الأشكال التي صورها كانت تبين أشكالًا خرافية، ومن هذه تمثال كائن يمثل قرصًا مغطى برسوم هندسية تعلوه رقبة طويلة أو رقبتان أو ثلاثة تنتهي كل منها برأس
"شكل 36": تمثال غريب اختصرت رأساه فلا تبدو منهما سوى العينين.
وقد تختزل الرأس فتصبح في هيئة عينين فقط "شكل رقم: 36"، وربما كان الحيثيون يتصورون أن نقوش وتماثيل الكائنات الحقيقية والخرافات التي خلفوها تهيئ لهم تحقيق أغراض سحرية، ومن هذه تماثيل في هيئة أسود وأخرى في هيئة أبي الهول بوجوه آدمية "شكل 37"؛ كذلك منها أشكال مجنحة
"شكل 37": تمثال مجنح لأبي الهول.
قد يكون لها أكثر من رأس أحيانًا "شكل 38" وبعضها كان يفترض فيها أنها كانت قائمة عند مداخل المعابد أو القصور للحماية والبعض الآخر يفترض أنها تمثل بعض الآلهة.
"شكل 38": نقش حيثي من قرقميش