المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

الشكل صفحة 57- معبد النار فى نقش رستم 280 58- الإله أهورا - معالم حضارات الشرق الأدني القديم

[محمد أبو المحاسن عصفور]

فهرس الكتاب

- ‌مقدمة

- ‌تمهيد

- ‌أولًا: حضارة مصر

- ‌التعرف على الحضارة المصرية:

- ‌مقومات الحضارة المصرية:

- ‌نشأة الحضارة المصرية

- ‌الأسرة

- ‌الملك

- ‌مدخل

- ‌حاشية الملك

- ‌المسكن

- ‌الملابس والزينه

- ‌مدخل

- ‌ملابس النساء

- ‌مدخل

- ‌النعال:

- ‌ الزينة:

- ‌ الشعر:

- ‌ اللحية:

- ‌ الحلي:

- ‌الإدارة

- ‌الديانة

- ‌مدخل

- ‌تطور التفكير الديني:

- ‌نشأة الأساطير

- ‌مدخل

- ‌مدرسة هليوبوليس:

- ‌مدرسة منف:

- ‌مدرسة الأشمولين:

- ‌طبيعة الآلهة:

- ‌الحوادث التاريخية وأثرها:

- ‌العقائد الجنزية:

- ‌القضاء

- ‌العسكرية

- ‌الحياة الاقتصادية:

- ‌الزراعة وتربية الحيوان:

- ‌الصناعة

- ‌مدخل

- ‌ البردي

- ‌ الكتان:

- ‌ الجلود:

- ‌ الأخشاب:

- ‌ الفخار:

- ‌ صهر المعادن:

- ‌ الأحجار:

- ‌المواصلات والتجارة:

- ‌التجارة والتجار:

- ‌العلوم والآداب

- ‌الفنون

- ‌ثانيًا: بلاد العرب

- ‌ثالثا: الاقليم السورى

- ‌‌‌‌‌مدخل

- ‌‌‌مدخل

- ‌مدخل

- ‌ الأموريون: أقدم العناصر السامية

- ‌ الكنعانيون والفينيقيون:

- ‌ الآراميون:

- ‌العبرائيون

- ‌رابعا: آسيا الصغرى

- ‌مدخل

- ‌الأسرة

- ‌الملك

- ‌الإدارة

- ‌العسكرية

- ‌الديانة

- ‌الحياة الاقتصادية

- ‌العلوم والفنون

- ‌خامسا: بلاد النهرين

- ‌مدخل

- ‌الأسرة

- ‌الملك

- ‌المنازل

- ‌الْمَلْبَس والزينة

- ‌الإدارة

- ‌العَسْكَرِيَّةُ

- ‌الديانة

- ‌القضاء

- ‌الحياة الاقتصادية

- ‌مدخل

- ‌الصناعة

- ‌المواصلات والتجارة

- ‌العلوم والآداب

- ‌الفنون

- ‌سادسا: ايران

- ‌مدخل

- ‌الحياة الاجتماعية

- ‌الدولة

- ‌العسكرية

- ‌الديانة

- ‌الفنون

- ‌خاتمة

- ‌المختار من المراجع العامة

- ‌باللغة العربية

- ‌باللغات الأوروبية

- ‌فهرس الأعلام

الفصل: الشكل صفحة 57- معبد النار فى نقش رستم 280 58- الإله أهورا

الشكل صفحة

57-

معبد النار فى نقش رستم 280

58-

الإله أهورا مزدا 281

59-

دبابيس من البرونز 283

60-

ثور مجنح من مدخل قصر اجزر كسيس 285

61-

أعمدة تنتهى برءوس حيوانات 287

ص: 16

كان الأمر فإنه في كل إنتاجه في المراحل الأولي من حضارته كان يهدف أصلا إلى تحقيق منفعة في حياته العملية شأنه في ذلك شأن الشعوب الأخرى.

وإذا ما أردنا دراسة مظاهر الحضارة المصرية المختلفة فان من الملائم أن نتحدث عنها على أنها مظاهر لمجتمع نشيط راق وصل إلى مرتبة عالية من التنظيم وبالطبع تحتل الأسرة المكانة الأولى فى دراسة أى مجتمع من المجتمعات وتمثل الحياة اليومية لأفرادها مظاهر الحضارة المختلفة.

ص: 16

‌الأسرة

إذا ما أردنا أن نتتبع تقاليد الزواج والنظام الأسرى في مصر القديمة فإننا لا نكاد نجد ما يشير إلى هذه الأمور في بداية العصور الفرعونية، ويخيل إلينا أن المصري في عصور ما قبل الأسرات كان يتخذ زوجة كأليف تعاونه في حياته وتنجب له الاطفال شأنه في ذلك شأن الإنسان في كل المجتمعات البدائية البسيطة، فإنجاب الذرية من أهم البواعث على الزواج في تلك المجتمعات -ويستدل على أن المصرى القديم قد توخى هذا الغرض من تماثيل السيدات التى وجدت في عصور ما قبل الأسرات فهى عموما تماثيل لسيدات متضخمات الأثداء والبطون وهى في هيأتها وتكوينها تدل على أن المقصود منها تمثيل الأمومة وانجاب الذرية، "شكل 1" ومن نصائح أحد الحكماء لشاب يحضه على الزواج قوله له أن يتخذ له زوجة في شبابه "فإن أحسن شئ في الوجود هو بيت الإنسان الخاص به" وأن "تلد له ابنا" -ويبدو أن الاحتفاظ بالزوجة لم يكن سهلا كما هو الحال في سائر الجماعات البدائية فربما كان القوى يغتصب زوجة الضعيف ويتخذها

ص: 16

لنفسه ولذا نجد أن الملك المتوفى يوصف فى نصوص الأهرام بأنه "يأخذ النساء من أزواجهن على حسب رغبته".

ولا نعرف طقوس الزواج فى مصر القديمة إلا أن من المرجح أنه كانت هناك عقود قانونية كما يفهم ذلك من أقوال الحكماء في نصحهم لمن يستمعون إليهم عند الإشارة إلى الزوج بقولهم "لكى يؤسس المرء لنفسه بيتا" مما يدل على أن هناك إتفاقا من نوع ما أو عقدا يكتب بصورة خاصة1.

"شكل 1" تماثيل سيدات من العصر قبل التاريخى.

أما مركز المرأة فى مصر القديمة فكان على خلاف ما يعتقده الأوربيون عن نساء الشرق إذ أن هؤلاء يعتقدون بأن المرأة في الشرق ملهاة للرجل وأنها لعبته ولمجرد تسليته والوقوف على راحته وظنوا أن الحالة في مصر القديمة لم تكن تختلف عن ذلك إلا أن هذا القول يتنافى مع الواقع فالمرأة فى الشرق من الناحية العملية تحظى بمكانة أعظم بكثير من مكانة المرأة الأوروبية ولها من الحقوق مالا تحلم به هذه الأخيرة في كثير من الأحيان. وعلى أية حال احتلت المرأة مركزا هاما في مصر

1 إرمان-رانكه "ترجمة أبو بكر ومحرم كمال""مصر والحياة المصرية""القاهرة سنة 1953" ص 162.

ص: 17

القديمة وظهرت سيدات عظيمات قمن بأدوار كبيرة في التاريخ، وكانت الزوجة الشرعية لاتقل مركزًا عن الزوج فهي على قدم المساواة معه وقد مثلت في تماثيل الدولة القديمة في حجم يكاد يكون مساويًا لحجم الرجل "شكل 2" وتضع يدها حول رقبته أو وسطه في تآلُفٍ وكانت تشترك في صيده ولهوه وفي الإشراف على أعماله المختلفة. أما في العصور المتأخرة نسبيًّا فقد روعي أن تمثل الزوجات بحجم أصغر من حجم أزواجهن لأسباب فنية أو تقليدية.

"شكل 2": تمثال منقرع وزوجته بمتحف بوسطن

وكان من النادر أن يجمع المرء أكثر من زوجة شرعية ومع هذا كانت الزوجات الشرعيات للشخص الواحد في درجة عظيمة من الوُدِّ

ص: 18

والتآلف فمثلا نجد أن "إميني" الذي كان نبيلا من نبلاء الدولة الوسطى كانت له زوجتان شرعيتان: إحداهما تسمى: حنوت، والآخرى تدعى: نبت، وقد أنجبت له الأولى ثلاث بنات وولدًا واحدًا، أما الثانية: فكان لها ولدان وخمس بنات وقد أسمت "حنوت" بناتها جميعًا باسم الزوجة الثانية، وسمت الأخرى ثاني بناتها باسم "حنوت" ويدل هذا على مقدار الصفاء بينهما1. وفي العصور المتأخرة لم تنشر عادة الزواج بأكثر من واحدة إلا في الطبقات الدنيا أو عند الملوك فقط وحكام الأقاليم وذلك لأسباب تتعلق بالوراثة أو لأسباب سياسية فأحد حكام الأقاليم في الدولة الوسطى قد أصاب ميراثًا عن طريق زواج والده بإحدى السيدات اللائي يرثن أحد الأقاليم أي أنه لم يكن له الحق في وراثته إلا عن طريق هذا الزواج، كما أن الملوك في الدولة الحديثة عمدوا إلى مصاهرة بعض ملوك دول الشرق المجاورة، ومن أبرز هذه الزيجات: زواج رمسيس الثاني بابنة ملك الحيثيين بعد عقد معاهدة الصلح بينهما، وقد جاء هذا الزواج توكيدًا للتحالف بينهما.

وكان الزواج يتم غالبًا في سن مبكرة فالولد يتزوج عادة في سن الخامسة عشر أما البنت فكانت تتزوج في الثانية عشرة، وكان زواج الأخت قاعدة متبعة ويمنح الوالد ابنته لولده ليتزوج منها وتطور الأمر فأصبحت كلمة الأخت تطلق لتعني الحبيبة أو الخليلة كما كانت تدل على الزوجة ولم تكن هناك غضاضة في زواج الأخت فقد نشأت هذه العادة على الأرجح

1 إرمان، رانكة "المرجع السابق "ص: 159".

ص: 19

في المجتمعات الصغيرة لظروف حتمتها البيئة حتى تحافظ على دمائها وظل الملوك في مصر يتبعونها للمحافظة على الدم الملكي المقدس في دائرة البيت الملكي نفسه.

ورغم الزواج المبكر كانت الحالة الخلقية بين الأزواج عادية في معظم الأحيان ولكن شابتها بعض الشوائب في أحوال نادرة إذ إن أمثلة وردت عن حدوث بعض الخيانات الزوجية إلا أنها لم تكن شائعة.

وكان ينظر إلى الأرملة نظرة الحذر وكان الحكماء يحضون الشباب على تجنب الالتقاء بها حتى لا يقعوا في حبائلها كما أنهم كانوا ينفرون من المرأة المجهولة الأصل1.

ولم يكن النبيل أو العظيم ليقتصر زوجته الشرعية فقط بل كان يتخذ بعض المحظيات فكان له بيت للحريم -شأنه في ذلك شأن الملوك- كان يعرف باسم: بيت المحجبات، ويخضع لرقابة شديدة. ولم يكن للحريم حقوق الزوجات الشرعيات، وليس لأبنائهم ولا لبناتهم حقوق شرعية، ولم يظهرن في الحفلات على قدم المساواة مع الزوجات بل كان مركزهن في المؤخرة دائمًا، وكان على المحظيات أن يقمن بالغناء وبالترفيه عن السيد، ومع هذا فقد وجدت أمثلة كثيرة للعتق وتشير إلى ذلك نصوص مختلفة وبعض النصوص تشتد في عتقهن والاحتفاظ لهن بالحقوق الشرعية كالأحرار2.

وكان مركز الأم عظيمًا للغاية وكان المرء ينسب إليها أحيانًا لا إلى

1 Max. d' Anii 2.13FF

2 Rec. Trav 29، 166، ASA 14، 23، JEA، 26، 23 FF

ص: 20

والده فيضاف اسم الأم بعد اسم الشخص، وكان التوريث في الدولة الوسطى يسير على نظام ابن الأبنة الكبرى هو الذي يرث لا الابن الأكبر كما أن جِد الشخص من جهة أمه كثيرًا ما كان يتوسط لحفيده في نيل الحظوة لدى البلاط أو في الحكومة، ولم يكن الابن ليرث عن أبيه شيئًا إلا بعد أن يقرر الملك ومستشاروه ذلك، لكي يوضع في مكان والده؟ 1.

ومن جهة أخرى كان يراعي دائمًا أن يحمي الابن اسم والده وأن يخلده فهو يشرف على تقديم القرابين له ويحافظ على مقبرته وإبقاء آثاره لأن المصري كان يعتقد أن زوال اسمه من النقوش هلاك أبدي له؛ ولذا كثيرًا ما عمد بعض المصريين إلى إزالة أسماء بعض السابقين للانتقام منهم، ومع كل لا نجد أمثلة كثيرة يفتخر فيها الابن بوالده، بل ولم نجد سلسلة نسب كاملة تستمر عدة أجيال إلا في العصور المتأخرة وربما ذلك لصعوبة التعرف على الأجيال السابقة وذلك لأن الشخص كثيرًا ما كان يغير اسمه في بعض مراحل حياته كما أن بعض الأشخاص كانوا يعرفون بأسماء التدليل لا بأسمائهم الأصلية وأصبحت أسماء التدليل هذه واختصارات الأسماء شائعة منذ الدولة الوسطى على الأقل.

أما الروابط العائلية بين أفراد الأسرة المختلفة فقد كانت تشوبها بعض الشوائب أحيانًا وذلك لانتشار عادة التسري ووجود الكثير من الرقيق الأجنبي وكان المصري ينظر إلى هؤلاء نظرة التحقير بل أنه كان ينظر

1 إرمان، رانكة "المرجع السابق" "ص: 165، 166".

ص: 21

إلى الأجنبي عامة نظرة الاحتقار شأنه في ذلك شأن الأمم التي تنهض وخاصة إذا كانت الأمم الأخرى أضعف منها ويتمثل هذا في تعريف المصري للمصريين بأنهم: الرجال أو بني الإنسان. وللبدو بأنهم: سكان الرمال أو الصحراء. ولأهل الجنوب بأهل كوش الخاسئين، ومن الأمثلة الواضحة على احتقار أهل البلاد الأخرى مانجده في نص يمثل شكوى أحد الأبناء إلى الوزير في حق والده الذي كتب جزءًا من أملاكه لزوجته الثانية، فقد أجاب الوزير على هذه الشكوى بأن الوالد حر فيما يمتلك حتى ولو كانت تلك الزوجة التي أعطاها ليست زوجته بل محبوبه أجنبية آسيويه أو نوبية1. وكثيرًا ما كانت الزوجة الثانية وخاصة التي لا أولاد لها، تُعامل بشيء من القسوة من أولاد زوجها وإن كنَّ أحيانًا يعاملن معاملة طيبة ويحظين بمركز ممتاز وبالطبع كان المال عاملا مهمًّا في تحديد بعض أنواع العلاقات التي كانت تسود في الأسرات.

أما فيما يختص بالأطفال وتنشئتهم فإنهم في عهد الدولة القديمة كانوا يتركون لحريتهم حتى سن الرابعة تقريبًا وكثيرًا ما تمثلهم النقوش وهم عرايا مجردين من اللباس يلعبون أو يصحبون آباءهم في نزهاتهم وصيدهم، أما بعد الدولة القديمة فيندر أن نجد صورة لطفل مجرد من اللباس، وكانوا يذهبون إلى مدارس تلحق بالمعابد غالبًا ولكن أبناء النبلاء وذوي النفوذ كانوا يذهبون إلى مدارس البلاط حيث ينشئون مع أبناء الملك وكانت العلامة المميزة لأبناء الملوك والنبلاء خصله من الشعر أشبه بالضفيرة على جانبي الرأس. ومع أنهم كانوا يعاملون بشيء من الحزم في تربيتهم أكثر

1 JEA 13، PL. XIV، p 32

ص: 22

من أطفال العصر الحالي إلا أنهم كانوا يحظون بالكثير من اللُّعب التي وجدت منها نماذج في بعض المقابر ومنها أنواع متقدمة في صناعتها وفكرتها كثيرا 1.

وقد روعي في قواعد السلوك أن تجعل من الإنسان شخصًا ممتازًا في عمله وفي علاقته مع الآخرين وهي تحضُّ على التعليم والابتعاد عن الشرور والآثام وعن قرناء السوء، ومن تعاليم بعض الحكماء نتبين أن السلوك في حضرة العظماء كان معقدًا يشوبه الكثير من التكلف ولا يكاد يختلف كثيرًا عن قواعد السلوك الحالية، ومن أمثلة ذلك ماورد على لسان أحد الحكماء:"إذا دعيت إلى حضرة العظيم فلا تجلس إلا إذا دعاك وإذا دعيت إلى الطعام فكل مما هو أمامك ولا تنظر إلى ما يأكله ذلك العظيم، اضحك عندما يضحك فإن هذا مما يبهج قلبه.. إلخ".

أما عن وسائل الترفيه وقتل أقات الفراغ: فكثيرًا ما كانت الأسرة تشترك في الخروج مع عميدها في رحلات صيده ولهوه، فبعض النقوش تبين لنا الرجل واقفًا في زورقه وهو يقوم بصيد الطيور أو الأسماك في المستنقعات ومعه زوجته وأولاده وقد يصحبهم قط أليف يأتي بالطيور المصابة إلى القارب، أما في رحلات الصيد المحفوفة بالمخاطر مثل: صيد فرس النهر والتمساح وصيد الحيوانات المفترسة في الصحاري فأغلب الظن أن الرجال هم الذين كانوا يخرجون فيها وحدهم إذ لم يَرِدْ في النقوش ما يبين اصطحابهم لعائلاتهم فيها، غير أنه في أحوال نادرة كان يطيب لبعضهم

Garstang Burial Customs، pp. 151 ff; Petrie، Naqada & Ballas، pp. 34 f; Petrie Kahun، Pl. 30، 57& Pl. IX، 18- 20.

ص: 23

أن يصحبوا زوجاتهم في صيد الصحراء حيث تقوم كلاب الصيد بدور مهم فيها إذ تكون حيوانات الصيد الرئيسية من الأرانب والغزلان التي يسهل للكلاب الإمساك بها، وكثيرًا ما كانت تقام في الصحراء ساحة مسورة بحواجز "جدران" في هيئة الشباك تساق إلى داخلها حيوانات الصيد حيث كان الملك في الدولة القديمة يمتع نفسه بإطلاق سهامه عليها بينما يقف على خدمته عدد من الخدم يقدمون له السهام التي يطلقها، وقد حاكى أمراء الأقاليم ملوكهم في هذه الرياضة منذ عهد الفوضى الأول، أما في الدولة الحديثة فإن الملوك كانوا مولعين بصيد الحيوانات المتوحشة ومواجهتها في العراء لما في ذلك من إثارة وحماس رغم الخطورة التي كانوا يتعرضون لها.

أما تسلية الأسرة داخل الدار فتنحصر في مشاهدة رب الدار وأسرته لبعض المتصارعين وهم يعرضون ألعابهم في مرونة وخفة ومهارة "شكل 3".

"شكل 3": فريق من المتصارعين.

أو بعض المتبارزين المسلحين بعصي قصيرة ويتقون ضربات خصومهم بأذرعهم الطليقة التي تحميها سيور جلدية شدت إليها، وقد تشاهد الأسرة

ص: 24

كذلك عرضًا لبعض الفتيات يلعبن بكرات صغيرة ألعابًا فيها كثير من المهارة والحذق أو يؤدين حركات بهلوانية أو يقمن بالرقص وهو ما كان يقوم به الرجال كذلك في بعض الأحيان، وكثيرًا ما يبدو في مناظر الرقص ما يمثل اللوحات الحية أو رقص الباليه "شكل 4"، وكانت الموسيقى

"شكل 4": راقصات يمثلن لوحة حية

والتصفيق بالأيدي والغناء ترافق الرقص في كثير من الأحيان، وقد أغرم المصريون بإقامة الحفلات التي كانت لا تخلو من الموسيقى والغناء والشراب.

ولم يقتصر المصريون على ضروب التسلية الرياضية أو مشاهدة فرق المصارعين والراقصين وغيرهم والاشتراك في الحفلات المختلفة بل كانت لديهم أنواع أخرى من الألعاب وضروب اللهو فمن ذلك مثلا: قيام بعض الصبية بلعبه يَتَكَهَّنُ فيها أحدهم بمن يضربه وهو راكع لا يرى أيدي زملائه حين يهوي أحدهم على ظهره "شكل 5" أو يشتركون في قذف أداة ذات سن مدببة على لوحة من الخشب وغيرها من الألعاب التي تحتاج إلى مران ومهارة، كما أن الألعاب التي تحتاج إلى إعمال الفكر كانت محببة لديهم في سائر عصورهم ومنها ما يشبه رقع الشطرنج أو الداما الحالية، ومنها لعبة كانت رقعتها

ص: 25

"شكل 5": لعبة محاولة معرفة الضارب

ذات مقبض وقد رسم عليها شكل أفعى مُلْتَفَّة حول نفسها ولكنها مقطعة في بعض الأماكن وكان المتباريات يلعبانها بوضع تماثيل صغيرة للأسود والكلاب على جسم الأفعى، ويبدو أن الفائز هو الذي يستطيع إخراج تماثيله من ذلك التيه الممثل في شكل جسم الأفعى بشروط معينة "شكل 6" وغير ذلك من الألعاب التي لم يكن التوصل إلى طريقة لعبها أو قواعدها.

"شكل 6": لعبة الثعبان

ص: 26