الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سليمان بن جماز. وقد وهم من نسب عدد المدني الأول إلى أبي جعفر وشيبة وعدد المدني الأخير إلى إسماعيل ابن جعفر. وكأن الذي أوقعه في ذلك ما ذكر في بعض الكتب من أن نافعا روى عنهما عدد المدني الأول وأن أبا عمرو عرض العدد المذكور على أبي جعفر فإن رواية ذلك عنهما لا تقتضي نسبته إليهما. وأما نسبة عدد المدني الأخير إليهما فهو مما لا ريب فيه اهـ. ما أردنا نقله تنويرا في هذا الموضوع الذي اضطربت فيه بعض النقول.
سبب هذا الاختلاف:
سبب هذا الاختلاف أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقف على رؤوس الآي تعليما لأصحابه أنها رؤوس آي حتى إذا علموا ذلك وصل صلى الله عليه وسلم الآية بما بعدها طلبا لتمام المعنى فيظن بعض الناس أن ما وقف عليه النبي صلى الله عليه وسلم ليس فاصلة فيصلها بما بعدها معتبرا أن الجميع آية واحدة والبعض يعتبرها آية مستقلة فلا يصلها بما بعدها. وقد علمت أن الخطب في ذلك سهل لأنه لا يترتب عليه في القرآن زيادة ولا نقص.
وآيات القرآن مختلفة في الطول والقصر فأطول آية هي الدين في سورة البقرة التي هي أطول سورة وأقصر آية كلمة {يس} الواقعة في صدر سورة يس.
فوائد معرفة الآيات:
يزعم بعض الناس أنه لا فائدة من معرفة آيات القرآن. وللرد عليهم نذكر لهذه المعرفة ثلاث فوائد لا فائدة واحدة:
الفائدة الأولى: العلم بأن كل ثلاث آيات قصار معجزة للنبي صلى الله عليه وسلم. وفي حكمها الآية الطويلة التي تعدل بطولها تلك الثلاث القصار. ووجه ذلك أن الله تعالى أعلن التحدي بالسورة الواحدة فقال سبحانه: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى
عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّنْ مِثْلِهِ} والسورة تصدق بأقصر سورة كما تصدق بأطول سورة. وأقصر سورة في القرآن هي سورة الكوثر وهي ثلاث آيات قصار. فثبت أن كل ثلاث آيات قصار معجزة وفي قوتها الآية الواحدة الطويلة التي تكافئها.
الفائدة الثانية: حسن الوقف على رؤوس الآي عند من يرى أن الوقف على الفواصل سنة بناء على ظاهر الحديث الذي استدلوا به فيما يرويه أبو داود عن أم سلمة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا قرأ قطع قراءته آية آية يقول بسم الله الرحمن الرحيم ثم يقف. {الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} ثم يقف. {الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ} ثم يقف.
قال صاحب التبيان في موضع آخر ما نصه: قال بعض العلماء: وفي الاستدلال به أي بذلك الحديث على ما ذكر نظر وذلك لأنه حديث غريب غير متصل الإسناد. رواه يحيى بن سعد الأموي وغيره عن ابن جريج عن ابن أبي مليكة عن أم سلمة. والأصح ما رواه الليث عن ابن أبي مليكة عن يعلى بن مالك أنه سأل أم سلمة عن قراءة رسول الله صلى الله عليه وسلم وصلاته فقالت: ما لكم وصلاته؟ ثم نعتت قراءته مفسرة حرفا حرفا. ذكر ذلك الترمذي اهـ.
أقول: ويمكن الجمع بين هذين الحديثين بأن النبي صلى الله عليه وسلم كان تارة يقف على كل فاصلة ولو لم يتم المعنى بيانا لرؤوس الآي. وكان تارة يتبع في الوقف تمام المعنى فلا يلتزم أن يقف على رؤوس الآي لتكون قراءته مفسرة حرفا حرفا. وعلى هذا يمكن أن يقال: حيثما كان الناس في حاجة إلى بيان الآيات حسن الوقف على رؤوس الآي ولو لم يتم المعنى وحيثما كان الناس في غنى عن معرفة رؤوس الآي لم يحسن الوقف إلا حيث يتم المعنى.