الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقد بذل العلماء همة جبارة في استقصاء حال ما نزل من السور والآيات حتى لقد قال أبو القاسم النيسابوري في كتاب التنبيه على فضل علوم القرآن ما نصه: من أشرف علوم القرآن علم نزوله وجهاته وترتيب ما نزل بمكة والمدينة وما نزل بمكة وحكمه مدني وما نزل بالمدينة وحكمه مكي وما نزل بمكة في أهل المدينة وما نزل بالمدينة في أهل مكة وما يشبه نزول المكي في المدني وما يشبه نزول المدني في المكي وما نزل بالجحفة وما نزل ببيت المقدس وما نزل بالطائف وما نزل بالحديبية وما نزل ليلا وما نزل نهارا وما نزل مشيعا وما نزل مفردا والآيات المدنيات في السور المكية والآيات المكيات في السور المدنية وما حمل من مكة إلى المدينة وما حمل من المدينة إلى مكة وما حمل من المدينة إلى أرض الحبشة وما نزل مجملا وما نزل مفسرا وما اختلفوا فيه فقال بعضهم: مكي وبعضهم مدني فهذه خمسة وعشرون وجها من لم يعرفها ويميز بينها لم يحل له أن يتكلم في كتاب الله تعالى ا. هـ.
قال السيوطي بعد أن أورد هذا: وقد أشبعت الكلام على هذه الأوجه فمنها ما أفردته بنوع ومنها ما تكلمت عليه في ضمن بعض الأنواع. اهـ وجزاهم الله أحسن الجزاء.
وجوه تتعلق بالمكي والمدني
نبه السيوطي عند كلامه في هذا المبحث إلى أن هناك وجوها في المكي والمدني. منها ما تستطيع أن تفهمه مما قصصناه عليك آنفا. ومنها ما يشبه تنزيل المدني في السور المكية في قوله تعالى في سورة النجم: {الَّذِينَ يَجْتَنِبُونَ كَبَائِرَ الْأِثْمِ وَالْفَوَاحِشَ إِلَّا اللَّمَمَ} قال السيوطي في توجيهه ما نصه: فإن الفواحش كل ذنب فيه حد والكبائر كل ذنب عاقبته النار واللمم ما بين الحدين من الذنوب ولم يكن بمكة حد ولا نحوه اهـ لكن فيه نظر من وجهين: أحدهما أن تفسير الفواحش بما ذكر غير متفق عليه،
بل فسرها غيره بأنها الكبائر مطلقا. وفسرها آخر بما يكبر عقابه دون تخصيص بحد. وفسرها السيوطي نفسه في سورة الأنعام بأنها الكبائر. والثاني أن بعضهم يستثني هذه الآية من سورة النجم المكية وينص على أنها مدنية.
ومنها: ما يشبه تنزيل المكي في السور المدنية نحو سورة {وَالْعَادِيَاتِ ضَبْحاً} وكقوله سبحانه في سورة الأنفال المدنية: {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ إِنْ كَانَ هَذَا هُوَ الْحَقَّ مِنْ عِنْدِكَ} الخ. وفي هذا نظر أيضا فإن المعروف أن سورة والعاديات من السور المكية كما سبق وأن آية {وَإِذْ قَالُوا اللَّهُمَّ} الخ منصوص على أنها نزلت بمكة كما نقل السيوطي نفسه عن مقاتل وقال: إنها مستثناة من سورة الأنفال المدنية. بل نص بعضهم على أن هذه الآية مع آيتين قبلها وأربع بعدها كلها مكيات مستثنيات من سورة الأنفال المدنية.
ومنها: ما حمل من مكة إلى المدينة نحو سورة يوسف وسورة الإخلاص وسورة سبح.
ومنها: ما حمل من المدينة إلى مكة نحو آية الربا في سورة البقرة المدنية وصدر سورة التوبة المدنية.
ومنها: ما حمل إلى الحبشة نحو سورة مريم فقد صح أن جعفر بن أبي طالب قرأها على النجاشي.
ومنها: ما حمل إلى الروم كقوله سبحانه وتعالى في سورة آل عمران: {قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْا إِلَى كَلِمَةٍ سَوَاءٍ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ} الآية.
وأنت خبير بأن الاصطلاح المشهور في المكي والمدني ينتظم كل ما نزل سواء أكان بمكة والمدينة أم بغيرهما كالجحفة والطائف وبيت المقدس والحديبية ومنى وعرفات وعسفان وتبوك وبدر وأحد وحراء وحمراء الأسد. وتفصيل ذلك يخرج بنا إلى حد الإطالة فناهيك ما ذكرنا. واللبيب تكفيه الإشارة.