الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إلَى الْمُصَدِّقِ مِلْكًا انْتَهَى.
[فَائِدَة اخْتَلَطَ عَدَدٌ مَحْصُورٌ بِعَدَدٍ مَحْصُورٍ أَوْ بِغَيْرِ مَحْصُورٍ]
(فَائِدَةٌ) قَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ قَوْلُهُمْ لَوْ اخْتَلَطَ عَدَدٌ مَحْصُورٌ بِعَدَدٍ مَحْصُورٍ أَوْ بِغَيْرِ مَحْصُورٍ هَذَا اللَّفْظُ مِمَّا يَتَكَرَّرُ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ وَقَلَّ مَنْ يُبَيِّنُ حَقِيقَةَ الْفَرْقِ بَيْنَهُمَا وَقَدْ نَقَلْت فِي الرَّوْضَةِ فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّيْدِ كَلَامَ الْغَزَالِيِّ فِيهِ. قَالَ الْإِمَامُ الْغَزَالِيُّ إنْ قُلْت كُلُّ عَدَدٍ فَهُوَ مَحْصُورٌ فِي عِلْمِ اللَّهِ وَلَوْ أَرَادَ إنْسَانٌ حَصْرَ أَهْلِ الْبَلَدِ لَقَدَرَ عَلَيْهِ إنْ تَمَكَّنَ مِنْهُمْ فَاعْلَمْ أَنَّ تَحْرِيرَ أَمْثَالِ هَذِهِ الْأُمُورِ غَيْرُ مُمْكِنٍ وَإِنَّمَا يُضْبَطُ بِالتَّقْرِيبِ فَنَقُولُ كُلُّ عَدَدٍ لَوْ اجْتَمَعَ فِي صَعِيدٍ وَاحِدٍ لَعَسَرَ عَلَى النَّاظِرِ عَدَدُهُ بِمُجَرَّدِ النَّظَرِ كَالْأَلْفِ وَنَحْوِهِ فَهُوَ غَيْرُ مَحْصُورٍ وَمَا سَهُلَ كَالْعَشَرَةِ وَالْعِشْرِينَ فَهُوَ مَحْصُورٌ وَبَيْنَ الطَّرَفَيْنِ أَوْسَاطٌ مُتَشَابِهَةٌ تَلْحَقُ بِأَحَدِ الطَّرَفَيْنِ بِالظَّنِّ وَمَا وَقَعَ الشَّكُّ فِيهِ اسْتَفْتِ فِيهِ الْقَلْبَ هَذَا كَلَامُ الْغَزَالِيِّ انْتَهَى كَلَامُ النَّوَوِيِّ
[فَرْعٌ أَعْطَى فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقِيلَ لَهُ هُوَ لَك فِي سَبِيلِ اللَّهِ]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي التَّمْهِيدِ قَالَ مَالِكٌ إذَا أَعْطَى فَرَسًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَقِيلَ لَهُ هُوَ لَك فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَهُ أَنْ يَبِيعَهُ وَإِنْ قِيلَ هُوَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ رَكِبَهُ وَرَدَّهُ وَذَكَرَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَالَ قَالَ مَالِكٌ مَنْ حَمَلَ عَلَى فَرَسٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَا أَرَى لَهُ أَنْ يَنْتَفِعَ مِنْ ثَمَنِهِ فِي غَيْرِ سَبِيلِ اللَّهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ شَأْنَك بِهِ فَافْعَلْ بِهِ مَا أَرَدْت فَإِنْ قِيلَ لَهُ ذَلِكَ فَأَرَاهُ مَالًا مِنْ مَالِهِ يَعْمَلُ بِهِ فِي غَزْوِهِ إذَا هُوَ بَلَغَهُ مَا يَعْمَلُ بِهِ فِي مَالِهِ. قَالَ وَكَذَلِكَ لَوْ أَعْطَى ذَهَبَا أَوْ وَرِقًا فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَمَذْهَبُ مَالِكٍ فِيمَنْ أُعْطِيَ مَالًا يُنْفِقُهُ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَنَّهُ يُنْفِقُهُ فِي الْغَزْوِ فَإِنْ فَضَلَتْ مِنْهُ فَضْلَةٌ بَعْدَ مَا مَرَّ غَزْوُهُ لَمْ يَأْخُذْهَا لِنَفْسِهِ وَأَعْطَاهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ رَدَّهَا إلَى صَاحِبِهَا انْتَهَى مِنْ شَرْحِ الْحَدِيثِ السَّادِسَ عَشَرَ لِنَافِعٍ عَنْ ابْنِ عُمَرَ وَقَالَ ابْنُ يُونُسَ وَمَا جُعِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ مِنْ الْعَلَفِ وَالطَّعَامِ لَا يَأْخُذُ مِنْهُ إلَّا أَهْلُ الْحَاجَةِ وَمَا جُعِلَ فِي الْمَسْجِدِ مِنْ الْمَاءِ فَلْيَشْرَبْ مِنْهُ كُلُّ أَحَدٍ لِأَنَّ الْقَصْدَ مِنْهُ عُمُومُ النَّاسِ وَلَا مَهَانَةَ فِيهِ انْتَهَى.
قَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ مَسْأَلَةٌ فَإِنْ قِيلَ مَا تَقُولُونَ فِي كُتُبِ الْعِلْمِ تُوجَدُ عَلَى ظُهُورِهَا وَهَوَامِشِهَا كِتَابَةُ الْوَقْفِ هَلْ لِلْحَاكِمِ أَنْ يَحْكُمَ بِكَوْنِهَا وَقْفًا بِذَلِكَ قِيلَ هَذَا يَخْتَلِفُ بِاخْتِلَافِ قَرَائِنِ الْأَحْوَالِ فَإِنْ رَأَيْنَا كُتُبًا مَوْدُوعَةً فِي خِزَانَةٍ فِي مَدْرَسَةٍ وَعَلَيْهَا كِتَابَةُ الْوَقْفِ وَقَدْ مَضَى عَلَيْهَا مُدَّةٌ طَوِيلَةٌ كَذَلِكَ وَقَدْ اشْتَهَرَتْ بِذَلِكَ لَمْ يُشَكَّ فِي كَوْنِهَا وَقْفًا وَحُكْمُهَا حُكْمُ الْمَدْرَسَةِ فِي الْوَقْفِيَّةِ فَإِنْ انْقَطَعَتْ كُتُبُهَا أَوْ فُقِدَتْ ثُمَّ وُجِدَتْ وَعَلَيْهَا تِلْكَ الْوَقْفِيَّةُ وَشُهْرَةُ كُتُبِ الْمَدْرَسَةِ فِي الْوَقْفِيَّةِ مَعْلُومَةٌ فَيَكْفِي فِي ذَلِكَ الِاسْتِفَاضَةُ وَيَثْبُتُ مَصْرِفُهُ بِالِاسْتِفَاضَةِ وَأَمَّا إذَا رَأَيْنَا كُتُبًا لَا نَعْلَمُ مَقَرَّهَا وَلَا نَعْلَمُ مَنْ كَتَبَ عَلَيْهَا الْوَقْفِيَّةَ فَهَذِهِ يَجِبُ التَّوَقُّفُ فِي أَمْرِهَا حَتَّى يَتَبَيَّنَ حَالُهَا وَهُوَ عَيْبٌ يَثْبُتُ لِلْمُشْتَرِي بِهِ الرَّدُّ فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا فَيَنْبَغِي الِاعْتِمَادُ عَلَى مَا يُوجَدُ عَلَى أَبْوَابِ الرُّبُطِ وَالْمَدَارِسِ وَالْأَحْجَارِ الْمَكْتُوبَةُ عَلَيْهَا الْوَقْفِيَّةُ وَتَخْلِيصُ شُرُوطِهَا إذَا كَانَتْ تِلْكَ الْأَحْجَارُ قَدِيمَةً وَاشْتَهَرَ ذَلِكَ وَيُقْبَلُ قَوْلُ الْمُتَوَلِّي لِذَلِكَ الْوَقْفِ فِي مَصْرِفِهِ إذَا لَمْ يُوجَدْ كِتَابُ الْوَقْفِ انْتَهَى مِنْ التَّبْصِرَةِ انْتَهَى كَلَامُ الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ وَقَالَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَرَجَعَ إنْ انْقَطَعَ لِأَقْرَبِ فُقَرَاءِ عَصَبَةِ الْمُحْبِسِ)
ش: فَإِنْ كَانَ أَهْلُ الْمُرْجِعِ أَغْنِيَاءَ فَقِيلَ يَرْجِعُ إلَى أَوْلَى
النَّاسِ بِهِمْ وَقِيلَ يَرْجِعُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ انْتَهَى. مِنْ وَثَائِقِ الْجَزِيرِيِّ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ مَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْفُقَرَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَعَلَى اثْنَيْنِ وَبَعْدَهُمَا عَلَى الْفُقَرَاءِ نَصِيبُ مَنْ مَاتَ لَهُمْ)
ش: اُنْظُرْ الْقَاضِي عَبْدَ الْوَهَّابِ وَالْفَاكِهَانِيَّ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَمَنْ مَاتَ مِنْ أَهْلِ الْحَبْسِ رَجَعَ نَصِيبُهُ عَلَى مَنْ بَقِيَ اُنْظُرْ كَلَامَ ابْنِ بَطَّالٍ فِي مُقْنِعِهِ وَأَظُنُّهُ فِي النَّوَادِرِ وَقَدْ نَقَلْت بَعْضَهُ فِي الْهِبَةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْعُمْرَى وَمِنْ هَذَا الْبَابِ مَسْأَلَتَانِ سُئِلْت عَنْهُمَا إحْدَاهُمَا فِي امْرَأَةٍ أَوْقَفَتْ دَارًا لَهَا عَلَى وَلَدِهَا عُمَرَ وَعَلَى ذُرِّيَّتِهِ مِنْ بَعْدِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَالطَّبَقَةُ الْعُلْيَا تَحْجُبُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى فَتُوُفِّيَتْ الْوَاقِفَةُ وَتَسَلَّمَ الْوَقْفَ وَلَدُهَا عُمَرُ الْمَذْكُورُ ثُمَّ مَاتَ عَنْ ذَكَرٍ وَثَلَاثِ بَنَاتٍ ثُمَّ تُوُفِّيَ مِنْ الْبَنَاتِ اثْنَتَانِ كُلُّ وَاحِدَةٍ عَنْ أَوْلَادٍ فَهَلْ لِأَوْلَادِهِمْ حِصَّةٌ مَعَ وُجُودِ خَالِهِمْ وَخَالَتِهِمْ أَمْ لَا؟
فَأَجَبْت لِأَوْلَادِ كُلِّ مَيِّتَةٍ حِصَّةُ وَالِدَتِهِمْ وَلَيْسَ لِخَالِهِمْ وَلِخَالَتِهِمْ فِي ذَلِكَ شَيْءٌ وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْوَاقِفِ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا تَحْجُبُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى حَسْبَمَا ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَثْنَاءِ شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ السَّادِسَةِ مِنْ أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْحَبْسِ فِي مَسْأَلَةِ مَنْ حَبَسَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ مِنْ بَعْدِهِمْ أَنَّ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ فَحَظُّهُ لِوَالِدِهِ دُونَ إخْوَتِهِ وَأَطَالَ فِي ذَلِكَ وَذَكَرَ أَنَّ غَيْرَهُ مِنْ أَهْلِ زَمَانِهِ خَالَفَهُ فِي ذَلِكَ ثُمَّ رَدَّ عَلَيْهِ وَقَالَ فِي آخِرِ الرَّدِّ خَطَأٌ صُرَاحٌ وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَهُ فِي ذَلِكَ قَبْلَ الْكَلَامِ عَلَى تَحْقِيقِ لَفْظِ الْمُحْبِسِ عَلَيْهِ فِي مَسْأَلَةِ الْوَقْفِ عَلَى زَيْدٍ وَعَمْرٍو ثُمَّ عَلَى الْفُقَرَاءِ وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ الْمَسْأَلَةَ أَيْضًا فِي نَوَازِلِهِ وَنَقَلَهَا عَنْهُ الْبُرْزُلِيُّ أَيْضًا فِي مَسَائِلِ الْحَبْسِ وَهَذَا الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ قَوْلِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ وَعَلَى اثْنَيْنِ وَبَعْدَهُمَا عَلَى الْفُقَرَاءِ نَصِيبُ مَنْ مَاتَ مِنْهُمْ وَأَفْتَى بِذَلِكَ الشَّيْخُ شَمْسُ الدِّينِ اللَّقَانِيُّ وَغَيْرُهُ فِي هَذِهِ اللَّفْظَةِ أَعْنِي قَوْلَهُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا تَحْجُبُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى وَأَنَّ مَعْنَاهَا أَنَّ الْفُرُوعَ لَا تَدْخُلُ مَعَ أُصُولِهِمْ وَلَا يُشَارِكُونَهُمْ وَأَنَّ الْوَلَدَ يَسْتَحِقُّ مَا كَانَ لِأَبِيهِ مُعْتَمِدِينَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ لِابْنِ رُشْدٍ مِنْ مَسْأَلَةِ الشَّيْخِ خَلِيلٍ هَذِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا إذَا قَالَ وَأَوْلَادُهُمْ فَيَدْخُلُ أَوْلَادُ الْأَوْلَادِ مَعَ الْأَوْلَادِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي مَسَائِلِ الْحَبْسِ مِنْ أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ فِي مَسْأَلَةِ قَطِيعٌ حُبِسَ مِنْ جَنَّةٍ وَفِي غَيْرِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَالْمَسْأَلَةُ الثَّانِيَةُ) شَخْصٌ أَوْقَفَ مَالَهُ الْفُلَانِيَّ عَلَى مَنْ سَيُولَدُ لَهُ مِنْ ظَهْرِهِ مِنْ الْأَوْلَادِ ذَكَرًا كَانَ أَوْ أُنْثَى وَعَلَى أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِ أَبَدًا مَا تَنَاسَلُوا وَتَعَاقَبُوا بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَعَقِبًا بَعْد عَقِبٍ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْأَبْنَاءُ مَعَ الْآبَاءِ عَدَا أَوْلَادِ الْبَنَاتِ مِنْ بَنِيهِ وَبَنَاتِ بَنِيهِ وَمَنْ أَسْفَلَ مِنْهُمْ فَلَيْسَ لَهُمْ دُخُولٌ فِي ذَلِكَ وَقْفًا صَحِيحًا عَلَى مَنْ سَيُولَدُ مِنْ ظَهْرِهِ وَعَلَى مَنْ ذَكَرَ بَعْدَهُمْ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْأَبْنَاءُ مَعَ الْآبَاءِ فَهَلْ قَوْلُهُ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ يَمْنَعُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى مِنْ الدُّخُولِ مَعَ الطَّبَقَةِ الْعُلْيَا أَمْ لَا؟ فَإِنْ قُلْتُمْ يَمْنَعُ فَمَا مَعْنَى قَوْلِهِ يَدْخُلُ الْأَبْنَاءُ مَعَ الْآبَاءِ؟ .
وَإِنْ قُلْتُمْ لَا يَمْنَعُ فَهَلْ يُقَيَّدُ دُخُولُ الْأَبْنَاءِ بِوُجُودِ الْآبَاءِ بِحَيْثُ إنَّ مَنْ مَاتَ أَبُوهُ لَا يَدْخُلُ لِأَنَّ دُخُولَهُ كَانَ مُقَيَّدًا بِوُجُودِ أَبِيهِ؟ فَأَجَبْت لَا أَعْلَمُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ بِخُصُوصِهَا مَنْصُوصَةً أَعْنِي إذَا قَالَ الْوَاقِفُ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ ثُمَّ قَالَ وَيَدْخُلُ الْأَبْنَاءُ مَعَ الْآبَاءِ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَمْنَعُ مِنْ دُخُولِ الْأَبْنَاءِ مَعَ الْآبَاءِ وَكَلَامُ الْوَاقِفِ يَدُلُّ عَلَى دُخُولِهِمْ مَعَ آبَائِهِمْ فِي مَوْضِعَيْنِ الْأَوَّلُ مِنْهُمَا أَنَّهُ عَطَفَ الْأَبْنَاءَ عَلَى الْآبَاءِ بِالْوَاوِ وَهِيَ مُقْتَضِيَةٌ لِدُخُولِهِمْ مَعَهُمْ كَمَا جَزَمَ بِذَلِكَ عُلَمَاؤُنَا (وَالثَّانِي) وَهُوَ أَقْوَاهُمَا تَصْرِيحُهُمْ بِدُخُولِهِمْ مَعَ الْآبَاءِ مَرَّتَيْنِ وَأَمَّا قَوْلُهُ بَطْنًا بَعْدَ بَطْنٍ وَعَقِبًا بَعْدَ عَقِبٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ إنَّمَا أَرَادَ بِهِ التَّنْصِيصَ عَلَى تَأْكِيدِ اسْتِمْرَارِ الْوَقْفِ وَتَأْبِيدِهِ عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ عَلَى جَمِيعِ الْبُطُونِ وَالْأَعْقَابِ وَإِذَا ظَهَرَ دُخُولُهُمْ فِي الْوَقْفِ مَعَ آبَائِهِمْ فَدُخُولُ مَنْ مَاتَ أَبُوهُ فِي الْوَقْفِ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ أَحْرَى وَأَوْلَى وَلَا يَمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ قَوْلُ الْوَاقِفِ يَدْخُلُ فِي ذَلِكَ الْأَبْنَاءُ مَعَ الْآبَاءِ لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ بَابِ مَفْهُومِ الْمُوَافَقَةِ الَّذِي يَكُونُ فِيهِ؛ الْمَسْكُوتُ عَنْهُ أَوْلَى بِالْحُكْمِ مِنْ الْمَنْطُوقِ وَهُوَ الْمُسَمَّى بِفَحْوَى الْخِطَابِ لِأَنَّ مِنْ الْمَعْلُومِ أَنَّ النَّاسَ يَقْصِدُونَ أَنْ يَكُونَ مَا كَانَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْ أَوْلَادِهِمْ لِأَوْلَادِهِ بَعْدَ مَوْتِهِ فَإِذَا صَرَّحَ الْوَاقِفُ بِدُخُولِهِمْ مَعَ أَبِيهِمْ فِي حَيَاتِهِ فَدُخُولُهُمْ بَعْدَ مَوْتِهِ أَوْلَى وَأَحْرَى وَأَيْضًا فَقَدْ صَرَّحَ عُلَمَاؤُنَا فِيمَا إذَا وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ ثُمَّ عَلَى أَوْلَادِهِمْ ثُمَّ أَوْلَادِ أَوْلَادِهِمْ بِأَنَّ الْأَبْنَاءَ لَا يَدْخُلُونَ مَعَ آبَائِهِمْ.
قَالُوا: فَإِذَا مَاتَ وَلَدٌ مِنْ أَوْلَادِهِ وَلَهُ أَوْلَادٌ فَإِنَّ أَوْلَادَهُ يَسْتَحِقُّونَ مَا كَانَ لِأَبِيهِمْ وَيَدْخُلُونَ فِي الْوَقْفِ مَعَ وُجُودِ أَعْمَامِهِمْ وَلَا يُقَالُ إنَّ أَوْلَادَ الْأَوْلَادِ لَا يَدْخُلُونَ فِي الْوَقْفِ إلَّا بَعْدَ انْقِرَاضِ جَمِيعِ الْأَوْلَادِ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ الْمَعْمُولُ بِهِ وَأَفْتَى شُيُوخُنَا الْمُتَأَخِّرُونَ الَّذِينَ أَدْرَكْنَاهُمْ مِنْ أَهْلِ مِصْرَ وَغَيْرِهِمْ بِأَنَّ قَوْلَ الْوَاقِفِ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا تَحْجُبُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى إنَّمَا يَمْنَعُ مِنْ دُخُولِ الْوَلَدِ مَعَ أَبِيهِ لَا مِنْ دُخُولِهِ مَعَ أَعْمَامِهِ وَمَنْ فِي طَبَقَةِ أَبِيهِ فَإِذَا صَرَّحَ الْوَاقِفُ بِدُخُولِ الْأَوْلَادِ مَعَ آبَائِهِمْ فَلَا يُشَكُّ فِي دُخُولِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِ وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.
وَمِنْ هَذَا الْمَعْنَى مَسْأَلَةٌ رَاسَلَنِي بِهَا شَيْخُنَا الْعَلَّامَةُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ مِنْ الْمَدِينَةِ وَنَصُّهُ وَقَعَتْ لَنَا مَسْأَلَةٌ بِالْمَدِينَةِ وَهِيَ شَخْصٌ وَقَفَ عَلَى أَوْلَادِهِ وَأَوْلَادِهِمْ وَشَرَطَ أَنَّ الطَّبَقَةَ الْعُلْيَا تَحْجُبُ الطَّبَقَةَ السُّفْلَى ثُمَّ قَالَ عَلَى أَنَّ مَنْ مَاتَ وَلَهُ وَلَدٌ انْتَقَلَ نَصِيبُهُ لِوَلَدِهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ فَنَصِيبُهُ لِمَنْ هُوَ فِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فَمَاتَ شَخْصٌ مِنْ طَبَقَتِهِ عَنْ غَيْرِ وَلَدٍ وَثَمَّ شَخْصٌ فِي طَبَقَتِهِ إلَّا أَنَّ أَبَا هَذَا الشَّخْصِ مَوْجُودٌ وَهُوَ مَحْجُوبٌ بِهِ لَيْسَ لَهُ فِي الْوَقْفِ اسْتِحْقَاقٌ فَهَلْ يَكُونُ نَصِيبُ هَذَا الْمَيِّتِ لِهَذَا الْمَحْجُوبِ بِأَبِيهِ عَمَلًا بِقَوْلِ الْوَاقِفِ لِمَنْ هُوَ فِي طَبَقَتِهِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ لِأَنَّهُ مِنْ أَهْلِ الطَّبَقَةِ وَمِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ فِي الْجُمْلَةِ لِأَنَّهُ مِنْ أَوْلَادِ الْوَاقِفِ.
وَلَا يُعَارِضُهُ قَوْلُ الْوَاقِفِ تَحْجُبُ الطَّبَقَةُ الْعُلْيَا الطَّبَقَةَ السُّفْلَى لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الطَّبَقَةِ يَحْجُبُ فُرُوعَهُ لَا فُرُوعَ غَيْرِهِ أَوْ لَا يَسْتَحِقُّ شَيْئًا لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ الْآنَ إلَّا بِالْقُوَّةِ لَا بِالْفِعْلِ وَالظَّاهِرُ مِنْ قَوْلِ الْوَاقِفِ مِنْ أَهْلِ الْوَقْفِ إنَّمَا هُوَ مَنْ كَانَ مُسْتَحِقًّا بِالْفِعْلِ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ هُوَ الَّذِي ظَهَرَ لِي وَلَمْ أَجْزِمْ فِي الْمَسْأَلَةِ بِشَيْءٍ فَاكْتُبْ لِي مَا عِنْدَك فِيهَا نَقْلًا أَوْ بَحْثًا انْتَهَى كَلَامُهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَفِي كَقَنْطَرَةٍ
لَمْ يُرْجَ عَوْدُهَا فِي مِثْلِهَا)
ش: قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي أَوَائِلِ مَسَائِلِ الْحَبْسِ وَإِنْ جَعَلَهُ عَلَى وَجْهٍ مُعَيَّنٍ غَيْرِ مَحْصُورٍ كَقَوْلِهِ حَبْسٌ فِي السَّبِيلِ أَوْ فِي وَقَيْدِ مَسْجِدٍ أَوْ إصْلَاحِ قَنْطَرَةٍ كَذَا فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُبْهَمِ الْمُتَقَدِّمِ ذِكْرُهُ وَيُوقَفُ عَلَى التَّأْبِيدِ فَإِنْ تَعَذَّرَ ذَلِكَ الْوَجْهُ لِخَلَاءِ الْبَلَدِ أَوْ فَسَادِ مَوْضِعِ الْقَنْطَرَةِ حَتَّى لَا يُمْكِنَ بِنَاؤُهَا وُقِفَ إنْ طَمِعَ بِصَرْفِهِ إلَيْهِ أَوْ صَرْفِهِ فِي مِثْلِهِ (قُلْت) وَقَعَتْ بِتُونُسَ حَبَسَ الْأَمِيرُ أَبُو الْحَسَنِ كُتُبًا لِمَدْرَسَةٍ ابْتَدَأَهَا بِالْقَيْرَوَانِ وَأُخْرَى بِتُونُسَ وَجَعَلَ مَقَرَّهَا بَيْتًا بِجَامِعِ الزَّيْتُونَةِ فَلَمَّا أَيِسَ مِنْ تَمَامِهَا قُسِمَتْ الْكُتُبُ عَلَى مَدَارِسِ تُونُسَ انْتَهَى.
ص (وَلَا يُشْتَرَطُ التَّنْجِيزُ)
ش: وَيَصِيرُ كَالْمُعْتَقِ إلَى أَجَلٍ لِأَنَّ الْمُعْتَقَ إلَى أَجَلٍ لَا يَضُرُّهُ اسْتِحْدَاثُ سَيِّدِهِ دَيْنًا قَبْلَ الْأَجَلِ وَذَلِكَ يَضُرُّ عِنْدَ التَّحْبِيسِ
قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ. قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ ظَاهِرٌ إنْ لَمْ يَحُزْ عَنْهُ وَإِنْ حِيزَ عَنْهُ فَإِنَّ لَهُ مَنْفَعَتَهُ فِي الْأَجَلِ لِغَيْرِهِ لَمْ يَضُرَّهُ حُدُوثُ الدَّيْنِ وَإِنْ أَبْقَاهَا لِنَفْسِهِ بَطَلَ بِحُدُوثِ الدَّيْنِ عَلَى الْمَشْهُورِ فِي لَغْوِ حَوْزِ الْمُسْتَأْجَرِ لِغَيْرِهِ وَعَلَى إعْمَالِهِ لَا يَبْطُلُ بِهِ انْتَهَى.
ص (وَاتَّبَعَ شَرْطَهُ إنْ جَازَ لِتَخْصِيصِ مَذْهَبٍ) ش مَفْهُومُ قَوْلِهِ إنْ جَازَ أَنَّهُ إنْ شَرَطَ مَا لَا يَجُوزُ لَا يُتَّبَعُ وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إذَا شَرَطَ شَيْئًا مُتَّفَقًا عَلَى مَنْعِهِ وَإِلَّا فَقَدْ نَصَّ فِي النَّوَادِرِ وَالْمُتَيْطِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا أَنَّهُ إذَا شَرَطَ فِي وَقْفِهِ إنْ وَجَدَ فِيهِ ثَمَنَ رَغْبَةِ بَيْعٍ وَاشْتَرَى غَيْرَهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ فَإِنْ وَقَعَ وَنَزَلَ مَضَى وَعَمِلَ بِشَرْطِهِ. قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي تَرْجَمَةِ الرُّجُوعُ فِي الْحَبْسِ وَهَلْ يُبَاعُ: قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ لَا أَرَى أَنْ يَسْتَثْنِيَ فِي الدَّارِ أَنْ يَقُولَ إذَا وَجَدَ فِي الدَّارِ ثَمَنًا رَغِيبًا فَلْتُبَعْ وَيَشْتَرِ بِثَمَنِهَا دَارًا وَكَذَلِكَ الْأُصُولُ فَإِنْ اسْتَثْنَاهُ فِي حَبْسِهِ جَازَ وَمَضَى انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ فِي تَرْجَمَةِ مَا جَاءَ فِي مَرَاجِعِ الْأَحْبَاسِ: قَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ فِي الْوَاضِحَةِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَسْتَثْنِيَ مِنْ الْحَبْسِ فِي الرِّبَاعِ إنْ وَجَدَ ثَمَنًا رَغِيبًا فَقَدْ أَذِنَتْ فِي بَيْعِ ذَلِكَ وَأَنْ يُبْتَاعَ بِثَمَنِ ذَلِكَ رَبْعًا مِثْلَهُ لِأَنَّ هَذَا لَا يَقَعُ فِيهِ مِنْ الْحَاجَةِ إلَى بَيْعِ ذَلِكَ وَالْعُذْرُ فِي تَغْيِيرِهِ مَا وَقَعَ فِي الْبَيْعِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَإِنْ اسْتَثْنَاهُ مُسْتَثْنٍ جَازَ وَمَضَى انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ ابْنُ سَلْمُونٍ أَيْضًا وَمِنْ ذَلِكَ اشْتِرَاطُ إخْرَاجِ الْبَنَاتِ مِنْ الْوَقْفِ إذَا تَزَوَّجْنَ وَحَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ فِيهَا بَعْدَ الْوُقُوعِ وَالنُّزُولِ أَرْبَعَةَ أَقْوَالٍ وَلْنَذْكُرْ كَلَامَ الْعُتْبِيَّة وَكَلَامَهُ بِرُمَّتِهِ لِمَا فِيهِ مِنْ الْفَوَائِدِ: قَالَ فِي الْعُتْبِيَّة فِي أَثْنَاءِ الرَّسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْحَبْسِ: قَالَ مَالِكٌ مَنْ حَبَسَ حَبْسًا عَلَى ذُكُورِ وَلَدِهِ وَأَخْرَجَ الْبَنَاتِ مِنْهُ إذَا تَزَوَّجْنَ فَإِنِّي لَا أَرَى ذَلِكَ جَائِزًا لَهُ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فَقُلْت لِمَالِكٍ أَتَرَى أَنْ يَبْطُلَ ذَلِكَ وَيُسَجَّلُ الْحَبْسُ؟ قَالَ نَعَمْ وَذَلِكَ وَجْهُ الشَّأْنِ فِيهِ. قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَلَكِنْ إذَا فَاتَ ذَلِكَ فَهُوَ عَلَى مَا حَبَسَ؟ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الْمُحْبِسُ حَيًّا وَلَمْ يَحُزْ الْحَبْسَ فَأَرَى أَنْ يَفْسَخَهُ وَيُدْخِلَ فِيهِ الْإِنَاثَ وَإِنْ كَانَ قَدْ حِيزَ أَوْ مَاتَ فَهُوَ كَفَوْتٍ وَيَكُونُ عَلَى مَا جَعَلَهُ عَلَيْهِ. قَالَ ابْنُ رُشْدٍ ظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ هَذَا أَنَّ الْحَبْسَ لَا يَجُوزُ وَيَبْطُلُ عَلَى كُلِّ حَالٍ خِلَافَ مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَنَّهُ يَمْضِي إذَا فَاتَ وَلَا
يُنْقَضُ وَفَوْتُ الْحَبْسِ عِنْدِي أَنْ يُحَازَ عَنْ الْمُحْبِسِ عَلَى مَا قَالَهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَوْ يَمُوتَ يُرِيدُ أَوْ يَمُوتَ بَعْدَ أَنْ حِيزَ عَنْهُ وَرَأَى أَنَّ الْحَبْسَ إذَا لَمْ يُحَزْ عَنْ الْمُحْبِسِ عَنْهُ أَنْ يَبْطُلَ الْحَبْسُ وَيَدْخُلَ الْإِنَاثُ فِيهِ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ وَإِنْ كَرِهَ ذَلِكَ الْمُحْبَسُ عَلَيْهِمْ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ يَقُولُ إنَّ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ وَالْأَحْبَاسَ لَا تَلْزَمُ وَلَا يَجِبُ الْحُكْمُ بِهَا حَتَّى تُقْبَضَ.
وَقَدْ رُوِيَ عَنْ مَالِكٍ أَنَّ ذَلِكَ مَكْرُوهٌ مِنْ الْعَمَلِ فَعَلَى قَوْلِهِ هَذَا لَا يُفْسَخُ الْحَبْسُ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْمُحْبَسُ عَلَيْهِمْ بِفَسْخِهِ وَهُمْ كِبَارٌ وَذَهَبَ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ إلَى أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِاخْتِلَافٍ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ فَقَالَ إنَّمَا يُفْعَلُ مَا قَالَهُ مَالِكٌ مِنْ فَسْخِ الْحَبْسِ وَأَنْ يَجْعَلَهُ مُسَجَّلًا إنَّمَا ذَلِكَ مَا لَمْ يَأْبَهُ مَنْ حُبِسَ عَلَيْهِمْ فَإِنْ أَبَوْا لَمْ يَجُزْ لَهُ فَسْخُهُ وَيُقِرُّ عَلَى مَا حَبَسَ وَإِنْ كَانَ حَيًّا إلَّا أَنْ يَرْضَوْا لَهُ بِرَدِّهِ وَهُمْ كِبَارٌ.
قَالَ مَالِكٌ إنْ لَمْ يُخَاصِمْ فَلْيَرُدَّ الْحَبْسَ حَتَّى يَجْعَلَهُ عَلَى صَوَابٍ. ظَاهِرُهُ إنْ كَانَ لَمْ يَحُزْ عَنْهُ وَهُوَ عَلَى قِيَاسِ الْقَوْلِ بِأَنَّ ذَلِكَ عِنْدَهُ مَكْرُوهٌ مِنْ الْفِعْلِ. وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَإِنْ خُوصِمَ فَلْيُقِرَّهُ عَلَى حَالِهِ وَمَعْنَى ذَلِكَ عَلَى مَذْهَبِهِ إنْ كَانَ قَدْ حِيزَ عَنْهُ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ مِنْ التَّأْوِيلِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ أَنَّهُ فَرَّقَ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ فِي فَسْخِ الْحَبْسِ بِأَنْ يُحَازَى عَنْهُ أَوْ لَا يُحَازَ وَقَدْ تَأَوَّلَ عَلَى مَا حَكَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْمَوَّازِ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْحَبْسَ وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يُحَزْ عَنْهُ إلَّا بِإِذْنِ الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ وَرِضَاهُمْ وَقَدْ تَأَوَّلَ أَيْضًا أَنَّ لَهُ أَنْ يَفْسَخَهُ وَإِنْ كَانَ قَدْ حِيزَ عَنْهُ وَإِنْ أَبَى الْمُحْبَسُ عَلَيْهِمْ مُرَاعَاةً لِقَوْلِ مَنْ لَا يَرَى إعْمَالَ الْحَبْسِ جُمْلَةً وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَسْمِ شَكٍّ بَعْدَ هَذَا مِنْ هَذَا السَّمَاعِ وَفِي رَسْمِ نَذْرٍ وَتَأَوَّلَ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ أَنَّ الْحَبْسَ يُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ مَاتَ الْمُحْبَسُ عَنْهُ بَعْدَ أَنْ حِيزَ عَنْهُ الْحَبْسُ فَيَتَحَصَّلُ عَلَى هَذَا فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا قَوْلُ مَالِكٍ هَذَا أَنَّ الْحَبْسَ يُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَإِنْ مَاتَ الْمُحْبِسُ بَعْدَ أَنْ حِيزَ عَنْهُ الْحَبْسُ وَيَرْجِعَ لِمِلْكِهِ وَالثَّانِي أَنَّ الْمُحْبِسَ يَفْسَخُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْبَنَاتُ وَإِنْ حِيزَ عَنْهُ وَالثَّالِثُ أَنَّهُ يَفْسَخُهُ وَيَدْخُلُ فِيهِ الْبَنَاتُ مَا لَمْ يُحَزْ عَنْهُ فَإِنْ حِيزَ عَنْهُ لَمْ يَفْعَلْ إلَّا بِرِضَا الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ وَالرَّابِعُ أَنَّهُ لَا يَفْسَخُهُ.
وَيَدْخُلُ فِيهِ الْإِنَاثُ وَإِنْ لَمْ يُحَزْ عَنْهُ إلَّا بِرِضَا الْمُحْبَسِ عَلَيْهِمْ انْتَهَى.
وَقَالَ اللَّخْمِيُّ وَإِخْرَاجُ الْبَنَاتِ مِنْ الْحَبْسِ اُخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ فَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمَجْمُوعَةِ أَكْرَهُ ذَلِكَ وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّة إنْ أَخْرَجَ الْبَنَاتِ إنْ تَزَوَّجْنَ فَالْحَبْسُ بَاطِلٌ وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ كَانَ الْمُحْبِسُ حَيًّا فَأَرَى أَنْ يَفْسَخَهُ وَيُدْخِلَ فِيهِ الْبَنَاتِ وَإِنْ حِيزَ أَوْ مَاتَ فَاتَ وَكَانَ عَلَى مَا حَبَسَهُ عَلَيْهِ وَقَالَ أَيْضًا إنْ كَانَ الْمُحْبِسُ حَيًّا فَلْيَفْسَخْهُ وَيَجْعَلُهُ مُسَجَّلًا وَإِنْ مَاتَ لَمْ يُفْسَخْ فَجَعَلَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ بَعْدَ الْحَوْزِ وَيَجْعَلَهُ مُسَجَّلًا مَا لَمْ يَمُتْ وَقَالَ ابْنُ شَعْبَانَ مَنْ أَخْرَجَ الْبَنَاتِ أَبْطَلَ وَقْفَهُ وَهَذَا مِثْلُ قَوْلِ مَالِكٍ فِي الْعُتْبِيَّة فَعَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ يُكْرَهُ فَإِنْ نَزَلَ مَضَى وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يَبْطُلُ إنْ لَمْ يُشْرِكْهُمْ فِيهِ وَعَلَى أَحَدِ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ يُفْسَخُ مَا لَمْ يَحُزْهُ وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ يُفْسَخُ وَإِنْ حِيزَ مَا لَمْ يَفُتْ انْتَهَى.
وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَهُمَا بِرُمَّتِهِ وَقَالَ إثْرَ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ قُلْت فِي قَوْلِهِ هُوَ عَلَى قِيَاسِ قَوْلِهِ إنَّهُ مَكْرُوهٌ نَظَرٌ لِأَنَّ الْمَكْرُوهَ إذَا وَقَعَ أُمْضِيَ وَلَمْ يُفْسَخْ وَذَكَرَ الْأَرْبَعَةَ ابْنُ زَرْقُونٍ وَقَالَ: الْأَوَّلَانِ تَأَوَّلَا عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَالثَّالِثُ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِهِ وَالرَّابِعُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَقَالَ الْبَاجِيُّ قَبْلَ ذِكْرِهَا ابْنُ زَرْقُونٍ قَالَ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنْ فَاتَ ذَلِكَ مَضَى عَلَى شَرْطِهِ وَإِنْ كَانَ حَيًّا وَلَمْ يُحَزْ عَنْهُ فَأَرَى أَنْ يَرُدَّهُ وَيَدْخُلَ فِيهِ الْبَنَاتُ وَنَحْوُهُ لِعِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنْكَرَهُ سَحْنُونٌ.
(قُلْت) اُنْظُرْ هَلْ هَذَا زَائِدٌ عَلَى الْأَرْبَعَةِ أَوْ هُوَ تَقْيِيدٌ لِمَا سِوَى الْأَوَّلِ مِنْهَا وَإِنَّ الثَّلَاثَةَ إنَّمَا هِيَ مَا لَمْ يَمُتْ فَإِنْ مَاتَ مَضَى وَهُوَ أَبْيَنُ ثُمَّ قَالَ فَفِي الْحَبْسِ عَلَى الْبَنِينَ دُونَ الْبَنَاتِ مُطْلَقًا أَوْ إنْ تَزَوَّجْنَ أَرْبَعَةٌ ابْنُ رُشْدٍ وَخَامِسُهَا جَوَازُهُ وَسَادِسُهَا كَرَاهَتُهُ وَسَابِعُهَا فَوْتُهُ بِحَوْزِهِ وَإِلَّا فَسَخَهُ