الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْمُقَدِّمَاتِ فِي كِتَابِ جِنَايَاتِ الْعَبْدِ وَهَذَا قَوْلُ مَالِكٍ أَوْ يُفَصَّلُ فِي ذَلِكَ وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ وَالْمُغِيرَةِ انْتَهَى.
وَسُئِلْت عَنْ ذَلِكَ فِي عَبْدَيْنِ ضَرَبَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ بِعَصَا عَلَى حَاجِبِ عَيْنِهِ فَشَجَّهُ وَأَسَالَ دَمَهُ بِجُرْحِ الْعَصَا فَضَرَبَهُ الْآخَرُ بِجَنْبَيْهِ تَحْتَ ثَدْيِهِ فَهَلْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا الْقِصَاصُ مِنْ جَارِحِهِ أَمْ لَا يَجِبُ فِي ذَلِكَ إلَّا الْأَرْشُ أَمْ يَجِبُ الْأَرْشُ فِي جُرْحِ الْعَصَا وَالْقِصَاصُ فِي جُرْحِ الْآخَرِ؟ وَإِذَا انْدَمَلَ الْجُرْحَانِ قَبْلَ الْقِصَاصِ وَلَمْ يَجِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ سَيِّدِ الْعَبْدَيْنِ بَيِّنَةً تَشْهَدُ بِمِقْدَارِ عَرْضِ جُرْحِ عَبْدِهِ فَمَا يَكُونُ الْحُكْمُ فِي ذَلِكَ؟ وَهَلْ يَجِبُ بِالدَّعْوَى فِي الْجِرَاحَةِ أَنْ يُعَيَّنَ عَرْضُهَا وَقَدْرُهَا أَمْ لَا؟ فَأَجَبْت لِسَيِّدِ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْعَبْدَيْنِ أَنْ يَقْتَصَّ مِنْ جَارِحِ عَبْدِهِ وَلَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْعَبْدَ الْجَارِحَ لِعَبْدِهِ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ سَيِّدُهُ بِأَرْشِ ذَلِكَ الْجُرْحِ إنْ كَانَ لَهُ أَرْشٌ مُسَمًّى فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَرْشٌ مُسَمًّى فَإِنْ بَرِيءَ الْجُرْحُ عَلَى شَيْنٍ فَمَا نَقَصَهُ ذَلِكَ الشَّيْنُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ شَيْنٌ فَلَيْسَ فِيهِ إلَّا الْقِصَاصُ وَسَوَاءٌ كَانَ الْجُرْحُ بِعَصَا أَوْ بِغَيْرِهَا وَقَوْلُ أَصْحَابِنَا لَا قِصَاصَ فِي ضَرْبَةِ الْعَصَا إنَّمَا يُرِيدُونَ إذَا لَمْ يَكُنْ عَنْهَا جُرْحٌ وَإِذَا انْدَمَلَ الْجُرْحَانِ قَبْلَ الْقِصَاصِ وَلَمْ يُوجَدْ مَنْ يَشْهَدْ عَلَيْهَا فَإِنَّهُ يُقَالُ لِلْجَارِحِ صِفْ قَدْرَ الْجُرْحِ الَّذِي جَرَحْته وَغَوْرَهُ وَاحْلِفْ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُك غَيْرُهُ فَإِنْ أَبَى لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُنْظَرُ فَإِنْ أَرَادَ سَيِّدُ الْعَبْدِ الْمَجْرُوحِ الْأَرْشَ قِيلَ لَهُ صِفْ الْجُرْحَ وَاحْلِفْ عَلَيْهِ وَلَا يَلْزَمُك غَيْرُهُ وَإِنْ أَرَادَ الْقِصَاصَ فَيُخْتَلَفُ فِيهِ هَلْ يَحْلِفُ هُوَ أَوْ يَحْلِفُ الْعَبْدُ عَلَى الْخِلَافِ فِيمَا إذَا قَامَ لِلْعَبْدِ شَاهِدٌ وَاحِدٌ بِالْجُرْحِ فَإِنْ امْتَنَعَا مِنْ الْحَلِفِ لَمْ يَجِبْ مِنْ الْجِرَاحِ إلَّا مَا لَا يُشَكُّ فِيهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[فَرْعٌ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْجُرْحِ وَلَمْ تَعْرِفْ قَدْرَهُ أَوْ اسْمَهُ أَوْ كَتَبَتْهُ فِي وَرَقَةٍ وَضَاعَتْ]
(فَرْعٌ) فَإِنْ شَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ عَلَى الْجُرْحِ وَلَمْ تَعْرِفْ قَدْرَهُ أَوْ اسْمَهُ أَوْ كَتَبْته فِي وَرَقَةٍ وَضَاعَتْ فَقَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي تَرْجَمَةٍ: مَنْ يَسْتَقِيدُ لِلْمَجْرُوحِ؟ وَكَيْفَ يُقَادُ مِنْ الْجِرَاحِ وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ؟ قَالَ أَشْهَبُ وَإِذَا جَرَحَهُ مُوضِحَةً وَعَلَيْهِ بَيِّنَةٌ لَا يُدْرَى كَمْ طُولُهَا فَقَدْ ثَبَتَ لَهُ مُوضِحَةٌ وَلَيْسَ فِي الْعَمْدِ إلَّا الْقَوَدُ فَلْيُوقَفْ الشُّهُودُ عَلَى أَقَلِّ مُوضِحَةٍ فَإِنْ وَقَفُوا عِنْدَهُ لَمْ يُجَاوِزْهُ وَحُلِّفَ الْمَشْهُودُ عَلَيْهِ عَلَى مَا فَوْقَ ذَلِكَ وَقِيدَ مِنْهُ بِذَلِكَ وَإِنْ لَمْ يَحْلِفْ حُلِّفَ الْآخَرُ وَاسْتَقَادَ مَا ادَّعَى. قَالَ سَحْنُونٌ فِيمَنْ جَرَحَ رَجُلًا عَمْدًا وَلَمْ يُؤْخَذْ قِيَاسُ الْجُرْحِ حَتَّى بَرِيءَ فَلِيُدْعَ الْجَارِحُ فَيُوصَفُ قَدْرُ ضَرْبَتِهِ وَأَيْنَ بَلَغَتْ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ وَيُقْتَصُّ مِنْهُ عَلَى مَا أَقَرَّ بِهِ وَإِنْ لَمْ يَصِفْ وَأَبَى قِيلَ لِلْمَجْرُوحِ صِفْ ذَلِكَ وَاحْلِفْ فَيَحْلِفُ وَيُقْتَصُّ لَهُ مِنْهُ وَإِنْ أَبَى نُظِرَ إلَى مَا لَا يُشَكُّ فَاقْتُصَّ بِقَدْرِ ذَلِكَ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ خَالِدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمَجْرُوحِ عَمْدًا يَكْتُبُ قِيَاسَ جُرْحِهِ حَتَّى يَبْرَأَ فَيَذْهَبَ الْكِتَابُ وَلَا تُثْبِتُ الْبَيِّنَةُ طُولَهُ وَغَوْرَهُ وَقَدْ أَصَابَهُ مِنْ ذَلِكَ عَيْبٌ أَوْ شَلَلٌ فَلْيَسْتَنْزِلْ الْبَيِّنَةَ مِنْ مَعْرِفَةِ الْجُرْحِ إلَى مَا لَا يَشُكُّونَ فِيهِ فَإِنْ ثَبَتُوا عَلَى أَمْرٍ اقْتَصَّ مِنْهُ عَلَى قَدْرِ ذَلِكَ فَإِنْ عَابَهُ أَوْ أَشَلَّهُ كَالْأَوَّلِ وَإِلَّا عَقَلَ لَهُ الْعَيْبَ وَالشَّلَلَ قِيلَ أَتُقْبَلُ شَهَادَةُ الَّذِي عَقَلَ جُرْحَهُ وَعَرَفَ طُولَ غَوْرِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْرِفْ غَوْرَهُ؟ قَالَ نَعَمْ مَعَ يَمِينِهِ انْتَهَى. وَانْظُرْ كِتَابَ الشَّهَادَاتِ فَفِيهِ بَعْضُ شَيْءٍ يَتَعَلَّقُ بِهَذَا
ص (وَلَوْ قَالَ إنْ قَتَلْتَنِي أَبْرَأْتُك)
ش: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَوْ قَالَ لِلْقَاتِلِ إنْ قَتَلْتَنِي أَبْرَأْتُك أَوْ قَدْ وَهَبْت
لَك دَمِي فَقَوْلَانِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَحْسَنُهُمَا أَنْ يُقْتَلَ بِخِلَافِ عَفْوِهِ بَعْدَ عِلْمِهِ أَنَّهُ قَتَلَهُ فَلَوْ أَذِنَ فِي قَطْعِ يَدِهِ عُوقِبَ وَلَا قِصَاصَ. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ هَذَا الَّذِي نَسَبَهُ الْمُؤَلِّفُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَذَكَرَ فِي الْجَوَاهِرِ أَنَّ أَبَا زَيْدٍ رَوَاهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ فِي الْعُتْبِيَّة لِسَحْنُونٍ وَذَكَرَ لَفْظَ الْعُتْبِيَّة ثُمَّ قَالَ وَزَادَ فِي الْبَيَانِ ثَالِثًا فَنَفَى الْقِصَاصَ لِشُبْهَةِ عَفْوِ الْقِصَاصِ مِنْ الْمَقْتُولِ وَتَكُونُ الدِّيَةُ عَلَيْهِ فِي مَالِهِ قَالَ وَهُوَ أَظْهَرُ الْأَقْوَالِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ ذِكْرِهِ لَفْظَ الْعُتْبِيَّة وَفِي النَّوَادِرِ عَنْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِثْلُ لَفْظِ سَحْنُونٍ ثُمَّ ذَكَرَ عَنْ الصَّقَلِّيِّ أَنَّهُ نَقَلَ عَنْ سَحْنُونٍ نَفْيَ الْقِصَاصِ خِلَافَ اخْتِيَارِهِ فِي الْعُتْبِيَّة وَنَصَّهُ. قَالَ الصَّقَلِّيُّ فِي كِتَابِ الْجَعْلِ وَالْإِجَارَةِ وَرَوَى ابْنُ سَحْنُونٍ عَنْهُ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ اُقْتُلْنِي وَلَك أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَتَلَهُ فَلَا قَوَدَ عَلَيْهِ وَيُضْرَبُ مِائَةً وَيُحْبَسُ عَامًا وَلَا جَعْلَ لَهُ.
وَقَالَ يَحْيَى بْنُ عُمَرَ: لِلْأَوْلِيَاءِ قَتْلُهُ.
قَالَ وَلَوْ قَالَ اُقْتُلْ عَبْدِي وَلَك كَذَا أَوْ بِغَيْرِ شَيْءٍ فَقَتَلَهُ ضُرِبَ مِائَةً وَحُبِسَ وَكَذَا السَّيِّدُ يُضْرَبُ وَيُحْبَسُ. وَاخْتُلِفَ هَلْ تَكُونُ عَلَى الْقَاتِلِ قِيمَةُ الْعَبْدِ أَمْ لَا؟ فَالصَّوَابُ لَا قِيمَةَ لَهُ كَمَا لَوْ قَالَ لَهُ أَحْرِقْ ثَوْبِي فَفَعَلَ فَلَا غُرْمَ. الشَّيْخُ رَوَى ابْنُ عَبْدُوسٍ مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ اقْطَعْ يَدِي أَوْ يَدَ عَبْدِي عُوقِبَ الْمَأْمُورُ وَلَا غُرْمَ عَلَيْهِ فِي الْحُرِّ وَالْعَبْدِ. ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ يَغْرَمُ قِيمَةَ الْعَبْدِ لِحُرْمَةِ الْقَتْلِ كَمَا تَلْزَمُهُ دِيَةُ الْحُرِّ إذَا قَتَلَهُ بِإِذْنِ وَلِيِّهِ انْتَهَى. وَفِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الْجِنَايَاتِ قِيلَ لِسَحْنُونٍ أَصْبَغُ يَقُولُ يَغْرَمُ قَاتِلُ الْعَبْدِ بِأَمْرِ سَيِّدِهِ قِيمَتَهُ فَقَالَ لَيْسَ هَذَا بِشَيْءٍ لَا قِيمَةَ عَلَى الْقَاتِلِ لِأَنَّ صَاحِبَهُ عَرَّضَهُ لِلتَّلَفِ وَالْعَبْدُ مَالٌ مِنْ الْأَمْوَالِ وَلَيْسَ عَلَى مَنْ أَتْلَفَهَا بِإِذْنِ رَبِّهَا شَيْءٌ وَيُضْرَبُ الْقَاتِلُ مِائَةً وَيُسْجَنُ وَيُؤَدَّبُ الْآمِرُ أَدَبًا مُوجِعًا ابْنُ رُشْدٍ لِأَصْبَغَ فِي الْوَاضِحَةِ مِثْلُ قَوْلِهِ هُنَا إلَّا أَنَّهُ قَالَ: إنَّمَا أَغْرَمْته لِحُرْمَتِهِ عَلَى قَوْلِهِ وَقَالَ يُضْرَبُ السَّيِّدُ وَالْقَاتِلُ مِائَةَ سَوْطٍ وَيُسْجَنَانِ عَامًا وَقَوْلُ أَصْبَغَ فِي الْوَاضِحَةِ إنَّمَا أُغَرِّمُهُ الْقِيمَةَ لِحُرْمَتِهِ لَيْسَ بِجَيِّدٍ لِأَنَّ إغْرَامَهُ الْقِيمَةَ لِحُرْمَتِهِ لَيْسَ عَلَى قَوْلِهِ إنَّمَا هُوَ مِنْ بَابِ الْعُقُوبَةِ بِالْأَمْوَالِ وَإِذَا عُوقِبَ الْقَاتِلُ بِغُرْمِ مَا لَا يَجِبُ عَلَيْهِ غُرْمُهُ فَالسَّيِّدُ أَحَقُّ أَنْ لَا يُعْطِيَ الْقِيمَةَ لِحُرْمَتِهِ بِالْأَمْرِ بِقَتْلِ عَبْدِهِ وَلَوْ قَالَ أَصْبَغُ إنَّمَا أُغَرِّمُهُ الْقِيمَةَ لِإِسْقَاطِ سَيِّدِ الْعَبْدِ إيَّاهَا عَنْهُ قَبْلَ وُجُوبِهَا لَهُ عَلَيْهِ إذْ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ إلَّا بَعْدَ قَتْلِ الْعَبْدِ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ لِأَنَّ لُزُومَ إسْقَاطِ الْحَقِّ قَبْلَ وُجُوبِهِ أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ انْتَهَى.
ص (وَقَتْلُ الْأَدْنَى بِالْأَعْلَى كَحُرٍّ كِتَابِيٍّ بِعَبْدٍ مُسْلِمٍ)
ش: لِمَا تَقَرَّرَ أَنَّ الْإِسْلَامَ أَعْلَى حُرْمَةً وَأَعْظَمُ مِنْ الْحُرِّيَّةِ كَانَ مَنْ انْفَرَدَ بِهِ مِنْ الْقَاتِلِ وَالْمَقْتُولِ هُوَ الْأَعْلَى وَلَمَّا قَدَّمَ الْمُؤَلِّفُ رحمه الله أَنْ كَوْنَ الْقَاتِلِ زَائِدًا عَلَى الْمَقْتُولِ بِالْحُرِّيَّةِ أَوْ الْإِسْلَامِ مَانِعًا نَبَّهَ عَلَى أَنَّ كَوْنَ الْقَاتِلِ أَدْنَى مِنْ الْمَقْتُولِ لَا يَمْنَعُ الْقِصَاصُ وَالْمَعْنَى أَنَّ الْأَدْنَى إذَا قَتَلَ الْأَعْلَى فَإِنَّهُ يُقْتَلُ بِهِ ثُمَّ مَثَّلَ ذَلِكَ بِفَرْعٍ يَتَرَدَّدُ فِيهِ النَّظَرُ وَهُوَ إذَا قَتَلَ الْحُرُّ الْكِتَابِيُّ عَبْدًا مُسْلِمًا فَاخْتُلِفَ هَلْ يُقْتَلُ الْحُرُّ الْكِتَابِيُّ بِالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَوْ لَا يُقْتَلُ بِهِ وَعَلَيْهِ قِيمَتُهُ لِأَنَّهُ كَسِلْعَةٍ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمٍ سَلَفَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الدِّيَاتِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي نَصْرَانِيٍّ حُرٍّ قَتَلَ عَبْدًا مُسْلِمًا عَمْدًا قَالَ أَرَى أَنْ يُقْتَلَ بِهِ وَقَالَ سَحْنُونٌ عَلَيْهِ قِيمَتُهُ وَهُوَ كَسِلْعَةٍ مِنْ السِّلَعِ ابْنُ رُشْدٍ قَوْلُهُ وَأَرَى أَنْ يُقْتَلَ بِهِ مَعْنَاهُ إنْ أَرَادَ سَيِّدُ الْعَبْدِ أَنْ يَسْتَقِيدَ مِنْ الْكِتَابِيِّ وَأَمَّا إنْ أَرَادَ أَنْ يُضَمِّنَهُ قِيمَةَ عَبْدِهِ وَلَا يَقْتُلَهُ بِهِ فَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَإِنَّمَا الِاخْتِلَافُ إذَا أَرَادَ أَنْ يَقْتُلَهُ بِهِ فَقِيلَ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ الْأَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ اتِّبَاعِ مَا فِي الْقُرْآنِ وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ لَهُ وَهُوَ أَظْهَرُ مِنْ جِهَةِ الْمَعْنَى ثُمَّ اسْتَظْهَرَ الْقَوْلَ الثَّانِي وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَبِلَهُ وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَيُقْتَلُ الْحُرُّ الذِّمِّيُّ بِالْعَبْدِ الْمُسْلِمِ وَالْقِيمَةُ هُنَا كَالدِّيَةِ وَنَصُّهُ أَشَارَ بِقَوْلِهِ وَالْقِيمَةُ هُنَا كَالدِّيَةِ إلَى أَنَّ سَيِّدَ الْعَبْدِ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُلْزِمَ الذِّمِّيَّ قِيمَةَ الْعَبْدِ لَجَرَى عَلَى الْخِلَافِ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ
وَأَشْهَبَ فِي الدِّيَةِ فَعَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ لَيْسَ لِلسَّيِّدِ إلَّا قَتْلُ الذِّمِّيِّ أَوْ يَعْفُو وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُلْزِمَهُ قِيمَةَ الْعَبْدِ وَعَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ يَكُونُ لِلسَّيِّدِ هُنَا أَنْ يُلْزِمَ الْحُرَّ الْقِيمَةَ انْتَهَى. وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَالظَّاهِرُ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ لِأَنَّهُ قَدْ صَرَّحَ فِي الْمُدَوَّنَةِ بِأَنَّهُ إذَا جَرَحَ عَبْدٌ عَبْدًا أَوْ قَتَلَهُ أَنَّ سَيِّدَ الْمَجْرُوحِ أَوْ الْمَقْتُولِ مُخَيَّرٌ بَيْنَ أَنْ يَسْتَقِيدَ أَوْ يَأْخُذَ الْأَرْشَ كَمَا سَيَأْتِي وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَلَوْ قَالَ الْمُؤَلِّفُ الذِّمِّيُّ بَدَلَ الْكِتَابِيِّ كَمَا قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ كَانَ أَحْسَنَ وَفُهِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ حَيْثُ جَعَلَ الْحُرَّ الْكِتَابِيَّ أَدْنَى مِنْ الْعَبْدِ الْمُسْلِمِ أَنَّ الْعَبْدَ الْمُسْلِمَ لَا يُقْتَلُ إذَا قَتَلَ الْحُرَّ الْكِتَابِيَّ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَحَكَى صَاحِبُ الْبَيَانِ الِاتِّفَاقَ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَسَيِّدُ الْعَبْدِ مُخَيَّرٌ فِي افْتِكَاكِهِ بِالدِّيَةِ أَوْ إسْلَامِهِ فَيُبَاعُ لِأَوْلِيَائِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَحَكَى صَاحِبُ الْبَيَانِ أَنَّهُ يُبَاعُ بِدِيَةِ الْحُرِّ الذِّمِّيِّ وَيُبَاعُ لِأَوْلِيَاءِ الذِّمِّيِّ لِعَدَمِ جَوَازِ مِلْكِ الْكَافِرِ لِلْمُسْلِمِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا بِيعَ يُدْفَعُ جَمِيعُ الثَّمَنِ لِأَوْلِيَاءِ الذِّمِّيِّ وَإِنْ كَانَ أَكْثَرَ مِنْ دِيَتِهِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَهُ مَالِكٌ وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ إنْ فَضُلَ فَضْلٌ فَلِسَيِّدِهِ أَصْبَغُ وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ انْتَهَى مِنْ التَّوْضِيحِ.
ص (وَالْكُفَّارُ بَعْضُهُمْ بِبَعْضٍ)
ش: ابْنُ عَرَفَةَ رَوَى عَلَى قَتْلِ الْيَهُودِيِّ بِالْمَجُوسِيِّ وَنَقْصُ الدِّيَةِ لَغْوٌ كَالرَّجُلِ بِالْمَرْأَةِ انْتَهَى.
ص (كَذَوِي الرِّقِّ)
ش: قَالَ فِي كِتَابِ جِنَايَاتِ الْعَبِيدِ وَالْقِصَاصُ بَيْنَ الْمُلَّاكِ بَيْنَهُمْ كَهَيْئَتِهِ فِي الْأَحْرَارِ بِنَفْسِ الْأَمَةِ بِنَفْسِ الْعَبْدِ وَجُرْحِهَا كَجُرْحِهِ يُخَيَّرُ سَيِّدُ الْمَجْرُوحِ إنْ شَاءَ اسْتَقَادَ وَإِنْ شَاءَ أَخَذَ الْعَقْلَ إلَّا أَنْ يُسْلِمَ إلَيْهِ الْجَانِي سَيِّدُهُ وَإِنْ جَرَحَ عَبْدٌ عَبْدًا عَمْدًا. فَقَالَ سَيِّدُ الْمَجْرُوحِ: لَا أَقْتَصُّ وَلَكِنْ آخُذُ الْعَبْدَ الْجَارِحَ إلَّا أَنْ يَفْدِيَهُ سَيِّدُهُ بِالْأَرْشِ. وَقَالَ سَيِّدُ الْجَارِحِ: إمَّا أَنْ تَقْتَصَّ أَوْ تَدَعَ فَالْقَوْلُ قَوْلُ سَيِّدِ الْمَجْرُوحِ وَكَذَلِكَ فِي الْقَتْلِ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ لِأَنَّ نَفْسَ الْقَاتِلِ قَدْ وَجَبَتْ لِسَيِّدِ الْمَقْتُولِ فَإِنْ شَاءَ قَتَلَهُ أَوْ أَحْيَاهُ فَإِنْ أَحْيَاهُ صَارَ عَمْدُهُ كَالْخَطَإِ فَيَرْجِعُ الْخِيَارُ إلَى سَيِّدِهِ بَيْنَ أَنْ يُسْلِمَهُ أَوْ يَفْدِيَهُ وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْعَبْدِ وَبَيْنَ الْحُرِّ يَقْتُلُ حُرًّا فَيُعْفَى عَنْهُ عَلَى الدِّيَةِ فَيَأْبَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَلْزَمُهُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ الْعَبْدَ سِلْعَةٌ تُمْلَكُ فَلَمَّا جَازَ قَتْلُهُ وَإِتْلَافُهُ عَلَى سَيِّدِهِ جَازَ اسْتِرْقَاقُهُ وَخُرُوجُهُ عَنْ مِلْكِهِ وَالْحُرُّ لَا يُمْلَكُ فَلَا يَجُوزُ أَخْذُ مَالِهِ إلَّا بِطَوْعِهِ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ يَقُولُ أُؤَدِّي قِصَاصِي وَأُبْقِي مَالِي لِوَرَثَتِي وَالْعَبْدُ لَا حُكْمَ لَهُ فِي نَفْسِهِ وَلَا حُجَّةَ لِسَيِّدِهِ لِأَنَّ قَتْلَهُ عَلَيْهِ وَأَخْذَهُ سَوَاءٌ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْأَرْشَ فَلَا حُجَّةَ لِوَرَثَةِ الْمَقْتُولِ لِأَنَّهُمْ رَفَعُوا عَنْهُ الْقَوَدَ فَصَارَ فِعْلُهُ كَالْخَطَأِ وَلَا يَسْتَقِيمُ ذَلِكَ فِي الْحُرِّ لِأَنَّهُ تَكُونُ الدِّيَةُ عَلَى عَاقِلَتِهِ وَهِيَ لَا تَحْمِلُ شَيْئًا مِنْ عِنْدِهِ فَأَمْرُهُمَا مُفْتَرِقٌ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) إذَا كَانَ السَّيِّدُ عَبْدًا وَقَتَلَ عَبْدَهُ فَفِي الْقِصَاصِ قَوْلَانِ نَقَلَهُمَا ابْنُ سَلْمُونٍ ثُمَّ قَالَ وَفِي الزَّاهِي لِابْنِ شَعْبَانَ وَمَنْ قَتَلَ عَبْدَهُ لَمْ يُقْتَلْ بِهِ وَإِنْ كَانَ عَبْدًا انْتَهَى.
ص (وَإِنْ قَتَلَ عَبْدٌ عَمْدًا بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَسَامَةٍ)
ش: احْتَرَزَ بِقَوْلِهِ بِبَيِّنَةٍ أَوْ قَسَامَةٍ مِنْ إقْرَارِ الْعَبْدِ بِذَلِكَ فَإِنَّ الْحُكْمَ حِينَئِذٍ مُخَالِفٌ لِمَا ذَكَرَ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَصَّهُ. وَإِنْ أَقَرَّ الْعَبْدُ أَنَّهُ قَتَلَ حُرًّا عَمْدًا فَلِوَلِيِّهِ الْقِصَاصُ فَإِنْ عَفَا عَلَى أَنْ يَسْتَحْيِيَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ وَلَهُ مُعَاوَدَةُ الْقَتْلِ إنْ كَانَ مِمَّنْ يَظُنُّ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ انْتَهَى. أَبُو الْحَسَنِ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ وَأَمَّا إنْ كَانَ عَالَمًا أَنَّهُ عَفَا إنْ قَتَلَ الْعَبْدَ يَبْطُلُ فَلَا قَتْلَ لَهُ انْتَهَى. وَقَبْلُهُ بِيَسِيرٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَمَا أَقَرَّ الْعَبْدُ بِهِ مِمَّا يَلْزَمُهُ فِي جَسَدِهِ مِنْ قَتْلٍ أَوْ قَطْعٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِنَّهُ يُقْبَلُ إقْرَارُهُ. قَالَ ابْنُ زِيَادٍ إذَا أَقَرَّ طَائِعًا غَيْرَ مُسْتَرْهَبٍ وَمَا آلَ إلَى غُرْمٍ عَلَى سَيِّدِهِ فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى فِعْلِهِ مِثْلُ إقْرَارِهِ بِغَصْبِ أَمَةٍ أَوْ حُرَّةٍ نَفْسِهَا وَلَمْ تَكُنْ مُتَعَلِّقَةً بِهِ بِجُرْحٍ أَوْ بِقَتْلٍ أَوْ خَطَإٍ أَوْ بِاخْتِلَاسِ مَالٍ أَوْ اسْتِهْلَاكِهِ أَوْ سَرِقَةٍ لَا قَطْعَ فِيهَا وَلَا يُعْلَمُ ذَلِكَ إلَّا بِقَوْلِهِ فَلَا يَصَدَّقُ وَلَا يُتْبَعُ بِشَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ إذَا عَتَقَ انْتَهَى. وَنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ