الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَسْتَوِيَ فِيهَا الْوَارِثُ وَالْمَوْرُوثُ لِعُمُومِ قَوْلِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «مَنْ حَازَ شَيْئًا عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ لَهُ» وَتُضَافُ مُدَّةُ حِيَازَةِ الْوَارِثِ إلَى مُدَّةِ حِيَازَةِ الْمَوْرُوثِ مِثْلُ أَنْ يَكُونَ الْوَارِثُ قَدْ حَازَ خَمْسَةَ أَعْوَامٍ مَا كَانَ مُوَرِّثُهُ قَدْ حَازَهُ خَمْسَةَ أَعْوَامٍ فَيَكُونُ ذَلِكَ حِيَازَةً عَنْ الْحَاضِرِ انْتَهَى.
(الْخَامِسُ) اُخْتُلِفَ هَلْ يُطَالَبُ الْحَائِزُ بِبَيَانِ سَبَبِ مِلْكِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ لَا يُطَالَبُ وَقَالَ غَيْرُهُ يُطَالَبُ وَقِيلَ إنْ لَمْ يَثْبُتْ أَصْلُ الْمِلْكِ الْمُدَّعَى فَلَا يُسْأَلُ الْحَائِزُ عَنْ بَيَانِ أَصْلِ مِلْكِهِ وَإِنْ ثَبَتَ الْأَصْلُ لِلْمُدَّعِي بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارِ الْحَائِزِ سُئِلَ عَنْ سَبَبِ ذَلِكَ وَقَالَ ابْنُ عَتَّابٍ وَابْنُ الْقَطَّانِ لَا يُطَالَبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مَعْرُوفًا بِالْغَصْبِ وَالِاسْتِطَالَةِ وَالْقُدْرَةِ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى بِاخْتِصَارٍ وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي رَسْمٍ سَلَفَ أَنَّ الْحَائِزَ يُطَالَبُ بِبَيَانِ سَبَبِ مِلْكِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ قَالَ إذَا حَازَ الرَّجُلُ مَالَ غَيْرِهِ فِي وَجْهِهِ مُدَّةً تَكُونُ فِيهَا الْحِيَازَةُ عَامِلَةً وَادَّعَاهُ مِلْكًا لِنَفْسِهِ بِابْتِيَاعٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ هِبَةٍ وَجَبَ أَنْ يَكُونَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ فِي ذَلِكَ مَعَ يَمِينِهِ وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ هَذَا الْحَائِزُ وَارِثًا فَقِيلَ أَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ الَّذِي وَرِثَ ذَلِكَ عَنْهُ فِي أَنَّهُ لَا يَنْتَفِعُ بِهَا دُونَ أَنْ يَدَّعِيَ الْوَجْهَ الَّذِي يَصِيرُ بِهِ ذَلِكَ إلَى مُوَرِّثِهِ وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ وَأَصْبَغَ وَقِيلَ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ لِأَنَّهُ يَقُولُ وَرِثْنَا ذَلِكَ وَلَا أَدْرِي بِمَاذَا صَارَ ذَلِكَ إلَيْهِ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي رَسْمِ إنْ خَرَجَتْ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ هَذَا الْكِتَابِ وَقَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَقَوْلُهُ عِنْدِي بَيِّنٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يَسْأَلَ عَنْ شَيْءٍ انْتَهَى. وَأَفْتَى فِي نَوَازِلِهِ بِأَنَّ الْحَائِزَ لَا يُطَالَبُ بِشَيْءٍ حَتَّى يُثْبِتَ الْقَائِمُ عَلَيْهِ الْمِلْكَ وَسَيَأْتِي كَلَامُهُ فِي التَّنْبِيهِ السَّادِسِ وَجَزَمَ فِي شَرْحٍ آخِرِ مَسْأَلَةٍ مِنْ نَوَازِلِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ السَّدَادِ وَالْأَنْهَارِ بِأَنَّهُ إذَا ثَبَتَ أَصْلُ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ فَلَا بُدَّ مِنْ بَيَانِ سَبَبِ مِلْكِهِ قَالَ بِأَنْ يَقُولَ اشْتَرَيْته مِنْهُ أَوْ وَهَبَ لِي أَوْ تَصَدَّقَ بِهِ عَلَيَّ أَوْ يَقُولَ وَرِثْته عَنْ أَبِي أَوْ عَنْ فُلَانٍ وَلَا أَدْرِي بِأَيِّ وَجْهٍ يَصِيرُ إلَيَّ الَّذِي وَرَثَتُهُ مِنْهُ قَالَ وَأَمَّا مُجَرَّدُ دَعْوَى الْمِلْكِ دُونَ أَنْ يَدَّعِيَ شَيْئًا مِنْ هَذَا فَلَا يَنْتَفِعُ بِهِ مَعَ الْحِيَازَةِ إذَا ثَبَتَ أَصْلُ الْمِلْكِ لِغَيْرِهِ انْتَهَى.
[فَرْعٌ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِأَمْلَاكٍ فَقَالَ عِنْدِي وَثَائِقُ غَائِبَةٌ ثُمَّ طُولِبَ عِنْدَ حَاكِم آخَرَ فَأَنْكَرَ تِلْكَ الْمَقَالَةَ]
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ سَهْلٍ فِي مَسَائِلِ الْأَقْضِيَةِ مَنْ اُدُّعِيَ عَلَيْهِ بِأَمْلَاكٍ فَقَالَ عِنْدِي وَثَائِقُ غَائِبَةٌ ثُمَّ طُولِبَ عِنْدَ حَاكِمٍ آخَرَ فَأَنْكَرَ تِلْكَ الْمَقَالَةَ فَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ لَيْسَ عَلَيْهِ إحْضَارُ الْوَثَائِقِ انْتَهَى. اُنْظُرْ تَمَامَهَا فِيهِ.
(الثَّالِثُ) لَا تَسْقُطُ الْحِيَازَةُ وَلَوْ طَالَتْ الدَّعْوَى فِي الْحَبْسِ بِذَلِكَ أَفْتَى ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ فِي جَوَابِ الْمَسْأَلَةِ الْخَامِسَةِ مِنْ مَسَائِلِ الْوَقْفِ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ تَتَضَمَّنُ السُّؤَالَ عَنْ جَمَاعَةٍ وَاضِعِينَ أَيْدِيَهُمْ عَلَى أَمْلَاكِهِمْ وَمَوْرُوثِهِمْ وَمَوْرُوثِ مَوْرُوثِهِمْ نَحْوًا مِنْ سَبْعِينَ عَامًا يَتَصَرَّفُونَ فِيهِ بِالْبِنَاءِ وَالْغَرْسِ وَالتَّعْوِيضِ وَالْقِسْمَةِ وَكَثِيرًا مِنْ وُجُوهِ التَّفْوِيتِ فَادَّعَى عَلَيْهِمْ بِوَقْفِيَّتِهَا شَخْصٌ حَاضِرٌ عَالِمٌ بِالتَّفْوِيتِ الْمَذْكُورِ وَالتَّصَرُّفِ هُوَ وَمُوَرِّثُهُ مِنْ قَبْلِهِ وَنَصُّهُ وَلَا يَجِبُ الْقَضَاءُ بِالْحَبْسِ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَثْبُتَ التَّحْبِيسُ وَمِلْكُ الْمُحْبِسِ لِمَا حَبَسَهُ يَوْمَ التَّحْبِيسِ وَبَعْدَ أَنْ تَتَعَيَّنَ الْأَمْلَاكُ الْمُحْبَسَةُ بِالْحِيَازَةِ لَهَا عَلَى مَا تَصِحُّ فِيهِ الْحِيَازَةُ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ كُلُّهُ عَلَى وَجْهِهِ وَأُعْذِرَ إلَى الْمُقَوَّمِ عَلَيْهِمْ فَلَمْ يَكُنْ لَهُمْ حُجَّةٌ إلَّا مِنْ تَرْكِ الْقَائِمِ وَأَبِيهِ قَبْلَهُ عَلَيْهِمْ وَطُولِ سُكُوتِهِمَا عَنْ طَلَبِ حَقِّهِمَا مَعَ عِلْمِهِمَا بِتَفْوِيتِ الْأَمْلَاكِ فَالْقَضَاءُ بِالْحَبْسِ وَاجِبٌ وَالْحُكْمُ بِهِ لَازِمٌ انْتَهَى. وَأَفْتَى بِذَلِكَ أَيْضًا فِي الْمَسْأَلَةِ السَّادِسَةِ مِنْ مَسَائِلِ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَاتِ فِي مَسْأَلَةِ ابْنِ زَهْرٍ وَهِيَ مَسْأَلَةٌ تَتَضَمَّنُ أَنَّ رَجُلًا فِي مِلْكِهِ ضَيْعَةٌ وَرِثَهَا عَنْ سَلَفِهِ مُنْذُ سَبْعِينَ عَامًا هُوَ وَأَبُوهُ وَهُمْ يَتَصَرَّفُونَ فِيهَا تَصَرُّفَ الْمَالِكِ فِي مِلْكِهِ فَقَامَ عَلَيْهِ رَجُلٌ وَادَّعَى أَنَّ الضَّيْعَةَ رَهْنٌ بِيَدِهِ وَبِذَلِكَ مَلَكَهَا سَلَفُهُ قَبْلَهُ مِنْهُمْ وَاسْتَدْعَى عَقَدَ السَّمَاعِ بِالرَّهْنِ فَأَثْبَتَ الَّذِي بِيَدِهِ الضَّيْعَةُ أَنَّ جَدَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْ جَدِّ الْقَائِمِ عَلَيْهِ فِيهَا فَأَفْتَى أَنَّ شَهَادَةَ الشِّرَاءِ عَمَلٌ ثُمَّ قَامَ ذَلِكَ الرَّجُلُ الْمُشْتَرِي الْمُدَّعِي الرَّهِينَةَ بِعَيْنِهِ وَادَّعَى أَنَّهَا حَبْسٌ عَلَيْهِ وَأَثْبَتَ عَقَدَ التَّحْبِيسِ بِالشَّهَادَةِ عَلَى
خُطُوطِ شُهَدَائِهِ فَهَلْ تَرَى قِيَامَهُ أَوَّلًا بِالرَّهْنِ يُبْطِلُ قِيَامَهُ بِالْحَبْسِ أَمْ لَا؟ فَأَجَابَ كَانَ مِنْ وَجْهِ الْحُكْمِ أَنْ لَا يُكَلَّفَ الَّذِي بِيَدِهِ الضَّيْعَةُ مِنْ أَيْنَ صَارَتْ إلَيْهِ حَتَّى يُثْبِتَ الْقَائِمُ مِلْكَ الرَّاهِنِ لَهَا وَرَهْنَهُ إيَّاهَا وَمَوْتَهُ وَأَنَّهُ وَارِثُهُ أَوْ وَارِثُ وَارِثِهِ وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ فِي قِيَامِهِ بِالْحَبْسِ سَوَاءٌ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ غَيْرَ أَنَّ قَوْلَ الْمُقَوَّمِ عَلَيْهِ أَنَّ جَدَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْ جَدِّ الْقَائِمِ عَلَيْهِ إقْرَارٌ مِنْهُ لَهُ بِمِلْكِهَا فَإِنْ كَانَ هُوَ الْمُحْبِسُ وَأَثْبَتَ حَفِيدُهُ عَقْدَ التَّحْبِيسِ وَأَنَّهُ مِنْ عَقِبِهِ لَا عَقِبَ لَهُ غَيْرُهُ بِالسَّمَاعِ إنْ عَجَزَ عَنْ الْبَيِّنَةِ الْقَاطِعَةِ وَأَعْذَرَ إلَى الْمَقُومِ عَلَيْهِ فِيمَا ثَبَتَ مِنْ ذَلِكَ فَلَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ فِيهِ مَدْفَعٌ فَالْوَاجِبُ أَنْ يَسْأَلَ الْمُقَوَّمَ عَلَيْهِ فَإِنْ أَقَرَّ أَنَّهَا هِيَ الَّتِي وَقَعَ ذِكْرُهَا فِي كِتَابِ التَّحْبِيسِ لَمْ يَجِبْ عَلَى الْقَائِمِ فِيهَا حِيَازَةٌ لِاتِّفَاقِهِمَا عَلَيْهِ وَانْظُرْ إلَى تَارِيخِ كِتَابِ صَاحِبِ التَّحْبِيسِ وَتَارِيخِ السَّمَاعِ بِشِرَاءِ جَدِّ الْمُقَوَّمِ عَلَيْهِ مِنْ جَدِّ الْقَائِمِ فَإِنْ وَجَدَ تَارِيخَ الْحَبْسِ أَقْدَمَ قَضَى بِهِ وَبَطَلَ الشِّرَاءُ وَوَجَبَ الرُّجُوعُ بِالثَّمَنِ وَإِنْ وَجَدَ تَارِيخَ السَّمَاعِ بِالشِّرَاءِ أَقْدَمَ أَوْ لَمْ يَعْلَمْ أَيُّهُمَا أَقْدَمُ قَبْلَ صَاحِبِهِ قَضَى بِالشِّرَاءِ وَبَطَلَ التَّحْبِيسُ وَهَكَذَا الرِّوَايَةُ فِي ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ فِي جَوَابٍ ثَانٍ عَلَى الْمَسْأَلَةِ بِعَيْنِهَا إثْرَ الْجَوَابِ الْأَوَّلِ وَسَائِرُ مَا تَضَمَّنَهُ عَقْدُ التَّحْبِيسِ الثَّابِتِ لَا يُوجِبُ أَنْ يُسْأَلَ مَنْ بِيَدِهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ مِنْ أَيْنَ صَارَ لَهُ وَلَا يُعْتَقَلُ عَلَيْهِ وَلَا يُكَلَّفُ إثْبَاتًا وَلَا عَقْلًا إلَّا مِنْ بَعْدِ أَنْ يُثْبِتَ الْقَائِمُ بِالتَّحْبِيسِ مِلْكَ الْمُحْبِسِ لِمَا حَبَسَهُ وَيَحُوزُ مَا أَثْبَتَ تَحْبِيسَهُ حِيَازَةً صَحِيحَةً عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ وَهَذَا أَصْلٌ لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَعْنِي أَنَّ مَنْ بِيَدِهِ مِلْكٌ لَا يَدَّعِيه يُكَلَّفُ إثْبَاتَ مِنْ أَيْنَ صَارَ لَهُ حَتَّى يُثْبِتَ الْمُدَّعِي مَا ادَّعَاهُ وَيَحُوزَهُ وَلَا يُلْزَمُ الْمُقَوَّمُ عَلَيْهِ إذَا قَضَى بِبَقَاءِ الْمِلْكِ بِيَدِهِ وَحَكَمَ بِقَطْعِ الِاعْتِرَاضِ عَنْهُ بِشَيْءٍ مِنْ ثَمَنِ مَا ادَّعَى شِرَاءَهُ إذَا مَضَى مِنْ طُولِ الْمُدَّةِ مَا صَدَقَ فِيهِ الْمُبْتَاعُ عَلَى أَدَاءِ ثَمَنِ مَا ابْتَاعَهُ فِي قَوْلِ مَالِكٍ وَجَمِيعِ أَصْحَابِهِ وَلَوْ لَمْ يَمْضِ لَمْ يَحْكُمْ لِلْمُدَّعِي أَيْضًا بِالثَّمَنِ حَتَّى يَرْجِعَ عَمَّا ادَّعَاهُ مِنْ التَّحْبِيسِ إلَى تَصْدِيقِ دَعْوَى الْمُشْتَرِي عَلَى اخْتِلَافِ أَصْحَابِنَا الْمُتَقَدِّمِينَ أَيْ وَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَوَائِدُ مِنْهَا أَنَّهُ مَشَى عَلَى أَنَّهُ لَا يُسْأَلُ وَاضِعُ الْيَدِ عَنْ شَيْءٍ حَتَّى يُثْبِتَ الْقَائِمُ الْمِلْكَ. وَمِنْهَا حُكْمُ شَهَادَةِ السَّمَاعِ فِي الرَّهْنِ وَمِنْهَا الْقَضَاءُ بِالتَّارِيخِ السَّابِقِ وَمِنْهَا إذَا جُهِلَ السَّابِقُ مِنْ تَارِيخِ الشِّرَاءِ أَوْ الْحَبْسِ قُضِيَ بِتَارِيخِ الشِّرَاءِ وَبَطَلَ الْحَبْسُ وَأَفْتَى غَيْرُهُ أَنَّهُ إذَا جَهِلَ التَّارِيخَ قَدَّمَ الْحَبْسَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَفِي الشَّرِيكِ الْقَرِيبِ مَعَهُمَا قَوْلَانِ) ش يَعْنِي أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي الشَّرِيكِ الْقَرِيبِ إذَا حَازَ الْعَقَارَ بِالْبِنَاءِ وَالْهَدْمِ هَلْ تَكُونُ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ فِي حَقِّهِ عَشْرُ سِنِينَ كَالْأَجْنَبِيِّ أَوْ لَا يَكْفِي فِي ذَلِكَ عَشْرُ سِنِينَ
وَلَمْ يُبَيِّنْ الْمُصَنِّفُ قَدْرَ مُدَّةِ الْحِيَازَةِ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَالْقَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ ذَكَرَهُمَا فِي رَسْمِ الْكَبْشِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ فَكَانَ أَوَّلًا يَقُولُ أَنَّ الْعَشْرَ سِنِينَ حِيَازَةٌ ثُمَّ رَجَعَ إلَى أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ حِيَازَةً إلَّا أَنْ يَطُولَ الْأَمْرُ أَزْيَدَ مِنْ أَرْبَعِينَ سَنَةً (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْقَوْلَيْنِ مُتَسَاوِيَانِ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ الْقَوْلَ الَّذِي رَجَعَ إلَيْهِ ابْنُ الْقَاسِمِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ حِيَازَةً وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعَمَلَ عَلَى الْقَوْلِ الْمَرْجُوعِ إلَيْهِ فَتَأَمَّلْهُ (الثَّانِي) عُلِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ مَعَهُمَا أَنَّهُ لَا تَحْصُلُ الْحِيَازَةُ بَيْنَ الْقَرَابَةِ الشُّرَكَاءِ إذَا لَمْ يَكُنْ هَدْمٌ وَلَا بُنْيَانٌ وَهُوَ كَذَلِكَ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ الدَّارُ مِنْ غَيْرِهَا وَيَأْتِي أَيْضًا هُنَاكَ بَيَانُ حُكْمِ الْحِيَازَةِ بَيْنَ الْقَرَابَةِ الشُّرَكَاءِ فِي غَيْرِ الْعَقَارِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ حُكْمَ الْقَرِيبِ الَّذِي لَيْسَ بِشَرِيكٍ وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمٍ سَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ اخْتَلَفَ فِي ذَلِكَ فَجَعَلَهُ مَرَّةً كَالْقَرِيبِ الشَّرِيكِ قَالَ فَيَكُونُ قَدْ رَجَعَ عَنْ قَوْلِهِ أَنَّ الْحِيَازَةَ لَا تَكُونُ بَيْنَهُمْ فِي الْعَشَرَةِ الْأَعْوَامِ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ إلَى أَنَّهُ لَا حِيَازَةَ بَيْنَهُمْ فِي ذَلِكَ إلَّا مَعَ الطُّولِ الْكَثِيرِ وَهُوَ نَصُّ قَوْلِهِ فِي سَمَاعِ يَحْيَى الْمَذْكُورِ وَمَرَّةً رَآهُمْ بِخِلَافِ ذَلِكَ فَلَمْ يَرْجِعْ عَنْ قَوْلِهِ أَنَّ الْحِيَازَةَ تَكُونُ بَيْنَهُمْ فِي الْعَشَرَةِ الْأَعْوَامِ مَعَ الْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ وَهُوَ دَلِيلُ قَوْلِهِ فِي السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ انْتَهَى.
(قُلْت) فَعُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ هَذَا أَنَّ الْقَوْلَ بِأَنَّ حُكْمَ الْقَرِيبِ الَّذِي لَيْسَ بِشَرِيكٍ كَحُكْمِ الْقَرِيبِ الشَّرِيكِ هُوَ الرَّاجِحُ لِقَوْلِهِ أَنَّهُ نَصُّ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَنَّ الثَّانِي إنَّمَا هُوَ مَفْهُومٌ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَتَأَمَّلْهُ وَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْحِيَازَةَ بَيْنَ الْقَرَابَةِ سَوَاءٌ كَانُوا شُرَكَاءَ أَوْ غَيْرَ شُرَكَاءَ لَا تَكُونُ بِالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ وَإِنَّمَا تَكُونُ بِالْهَدْمِ وَالْبِنَاءِ فِي الْأَمَدِ الطَّوِيلِ الَّذِي يَزِيدُ عَلَى أَرْبَعِينَ سَنَةً عَلَى الْأَرْجَحِ مِنْ الْقَوْلَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الرَّابِعُ) مُحَصِّلُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي رَسْمٍ سَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَأَنَّ الْحِيَازَةَ لَا تَكُونُ بَيْنَ أَبٍ وَابْنِهِ بِالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَالرُّكُوبِ اتِّفَاقًا وَكَذَلِكَ الْأَقَارِبُ الشُّرَكَاءُ بِمِيرَاثٍ وَغَيْرِهِ عَلَى الْأَظْهَرِ وَكَذَا الشُّرَكَاءُ الْأَجَانِبُ الَّذِينَ الشَّرِكَةُ بَيْنَهُمْ فَتَكْفِي الْحِيَازَةُ عَشَرَةَ أَعْوَامٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ هَدْمٌ وَلَا بُنْيَانٌ عَلَى الْمَشْهُورِ. وَإِنْ حَصَلَ هَدْمٌ وَبِنَاءٌ وَغَرْسٌ فَتَكْفِي الْعَشَرَةُ الْأَعْوَامُ فِي الشَّرِيكِ الْأَجْنَبِيِّ وَفِي الشَّرِيكِ الْقَرِيبِ مَعَ ذَلِكَ قَوْلَانِ وَفِي كَوْنِ ذَلِكَ الْقَرِيبِ غَيْرِ الشَّرِيكِ وَالْمَوْلَى وَالصِّهْرِ الشَّرِيكَانِ ثَالِثُهَا فِي الصِّهْرِ وَالْمَوْلَى دُونَ الْقَرِيبِ وَفِي كَوْنِ السُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ فِي الْعَشَرَةِ حِيَازَةً لِمَوْلَى وَصِهْرٍ غَيْرِ شَرِيكَيْنِ أَوْ إنْ هَدَمَ وَبَنَى أَوْ إنْ طَالَ جِدًّا أَقْوَالٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (لَا بَيْنَ أَبٍ وَابْنِهِ إلَّا بِكَهِبَةٍ) ش قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمٍ
سَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ وَتَحْصُلُ الْحِيَازَةُ فِي كُلِّ شَيْءٍ بِالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْكِتَابَةِ وَالْوَلَاءِ وَلَوْ بَيْنَ أَبٍ وَابْنِهِ وَلَوْ قَصُرَتْ الْمُدَّةُ إلَّا أَنَّهُ إنْ حَضَرَ مَجْلِسَ الْبَيْعِ فَسَكَتَ حَتَّى انْقَضَى الْمَجْلِسُ لَزِمَهُ الْبَيْعُ فِي حِصَّتِهِ وَكَانَ لَهُ الثَّمَنُ وَإِنْ سَكَتَ بَعْدَ الْعَامِ وَنَحْوِهِ حَتَّى اسْتَحَقَّ الْبَائِعُ الثَّمَنَ بِالْحِيَازَةِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِالْبَيْعِ إلَّا بَعْدَ وُقُوعِهِ فَقَامَ حِينَ عَلِمَ أَخَذَ مِنْهُ وَإِنْ سَكَتَ الْعَامَ وَنَحْوَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ إلَّا الثَّمَنَ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ حَتَّى مَضَتْ مُدَّةُ الْحِيَازَةِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ وَاسْتَحَقَّهُ الْحَائِزُ وَإِنْ حَضَرَ مَجْلِسَ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْعِتْقِ فَسَكَتَ حَتَّى انْقَضَى الْمَجْلِسُ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ. وَإِنْ لَمْ يَحْضُرْ ثُمَّ عَلِمَ فَإِنْ قَامَ حِينَئِذٍ كَانَ لَهُ حَقُّهُ وَإِنْ سَكَتَ الْعَامَ وَنَحْوَهُ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَيُخْتَلَفُ فِي الْكِتَابَةِ هَلْ تُحْمَلُ عَلَى الْبَيْعِ أَوْ عَلَى الْعِتْقِ؟ قَوْلَانِ انْتَهَى مُخْتَصَرًا.
ص (وَإِنَّمَا تَفْتَرِقُ الدَّارُ مِنْ غَيْرِهَا فِي الْأَجْنَبِيِّ فَفِي الدَّابَّةِ وَأَمَةِ الْخِدْمَةِ السَّنَتَانِ وَيُزَادُ فِي عَبْدٍ وَعَرَضٍ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ إنَّمَا يَفْتَرِقُ بَيْنَ الدُّورِ وَغَيْرِهَا فِي مُدَّةِ الْحِيَازَةِ إذَا كَانَتْ الْحِيَازَةُ بَيْنَ الْأَجَانِبِ وَأَمَّا فِي حِيَازَةِ الْقَرَابَةِ بَعْضِهِمْ عَلَى بَعْضٍ فَلَا يُفَرَّقُ بَيْنَ الدُّورِ وَغَيْرِهَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمٍ سَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ أَنَّ الْأَقَارِبَ وَالشُّرَكَاءَ بِالْمِيرَاثِ أَوْ بِغَيْرِ الْمِيرَاثِ لَا خِلَافَ أَنَّ الْحِيَازَةَ بَيْنَهُمْ لَا تَكُونُ بِالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ وَلَا خِلَافَ أَنَّهَا لَا تَكُونُ بِالتَّفْوِيتِ بِالْبَيْعِ وَالصَّدَقَةِ وَالْهِبَةِ وَالْعِتْقِ وَالْكِتَابَةِ وَالتَّدْبِيرِ وَالْوَطْءِ وَإِنْ لَمْ تَطُلْ الْمُدَّةُ وَالِاسْتِخْدَامُ فِي الرَّقِيقِ وَالرُّكُوبُ فِي الدَّوَابِّ كَالسُّكْنَى فِيمَا يُسْكَنُ وَالِازْدِرَاعِ فِيمَا يُزْرَعُ قَالَ وَالِاسْتِغْلَالُ فِي ذَلِكَ كَالْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ فِي الدُّورِ وَكَالْغَرْسِ فِي الْأَرْضِينَ ثُمَّ قَالَ: وَلَا فَرْقَ فِي مُدَّةِ حِيَازَةِ الْوَارِثِ عَلَى وَارِثِهِ بَيْنَ الرَّبَاعِ وَالْأُصُولِ وَالثِّيَابِ وَالْحَيَوَانِ وَالْعُرُوضِ وَإِنَّمَا يَفْتَرِقُ ذَلِكَ فِي حِيَازَةِ الْأَجْنَبِيِّ بِالِاعْتِمَارِ وَالسُّكْنَى وَالِازْدِرَاعِ فِي الْأُصُولِ وَالِاسْتِخْدَامِ وَالرُّكُوبِ وَاللِّبَاسِ فِي الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ فَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ: إنَّ السَّنَةَ وَالسَّنَتَيْنِ فِي الثِّيَابِ حِيَازَةٌ إذَا كَانَتْ تُلْبَسُ وَتُمْتَهَنُ وَإِنَّ السَّنَتَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ حِيَازَةٌ فِي الدَّوَابِّ إذَا كَانَتْ تُرْكَبُ وَفِي الْإِمَاءِ إذَا كُنَّ يُسْتَخْدَمْنَ وَفِي الْعَبِيدِ وَالْعُرُوضِ فَوْقَ ذَلِكَ وَلَا يُبْلَغُ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بَيْنَ الْأَجْنَبِيَّيْنِ إلَى الْعَشَرَةِ الْأَعْوَامِ كَمَا يُصْنَعُ فِي الْأُصُولِ انْتَهَى.
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ اللِّبَاسَ فِي الثِّيَابِ كَالسُّكْنَى فِي الدُّورِ وَأَنَّهُ لَا تَحْصُلُ حِيَازَةٌ بَيْنَ الْأَقَارِبِ وَلَوْ طَالَتْ الْمُدَّةُ وَأَنَّ الِاسْتِقْلَالَ فِي الرَّقِيقِ وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ بِمَعْنَى قَبْضِ أُجْرَةِ الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ وَالثِّيَابِ كَالْهَدْمِ وَالْبُنْيَانِ فِي الْعَقَارِ فَلَا تَحْصُلُ الْحِيَازَةُ بَيْنَ الْأَقَارِبِ فِي الرَّقِيقِ وَالثِّيَابِ وَالْعُرُوضِ إلَّا بِالِاسْتِغْلَالِ وَيُخْتَلَفُ فِي مُدَّتِهَا عَلَى الْقَوْلَيْنِ السَّابِقَيْنِ اللَّذَيْنِ أَشَارَ إلَيْهِمَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَفِي الشَّرِيكِ الْقَرِيبِ مَعَهُمَا قَوْلَانِ أَوْ بِالْأُمُورِ الْمُفَوِّتَةِ كَالْبَيْعِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ وَالْعِتْقِ وَالْوَطْءِ وَيُعْلَمُ هَذَا مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ لِأَنَّهُ لَمَّا جَعَلَ ذَلِكَ مُفَوِّتًا بَيْنَ الْأَبِ وَابْنِهِ عُلِمَ أَنَّهُ مُفَوِّتٌ فِي حَقِّ غَيْرِهِمَا مِنْ بَابٍ أَحْرَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّانِي) فُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي الْأَجْنَبِيِّ أَنَّ الْقَرِيبَ لَا تَفْتَرِقُ الدَّارُ مِنْ غَيْرِهَا فِي حَقِّهِ سَوَاءٌ كَانَ شَرِيكًا أَوْ غَيْرَ شَرِيكٍ فَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى تَرْجِيحِ الْقَوْلِ بِتَسَاوِيهِمَا كَمَا تَقَدَّمَ ذَلِكَ (الثَّالِثُ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الثِّيَابُ يَكْفِي فِي حِيَازَتِهَا السَّنَةُ وَالسَّنَتَانِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهَا الْمُصَنِّفُ بَلْ قَدْ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِهِ دُخُولُهَا فِي الْعُرُوضِ فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ (الرَّابِعُ) التَّفْصِيلُ الَّذِي ذَكَرْنَاهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ لَا يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَلَمْ يَنْقُلْهُ فِي التَّوْضِيحِ وَهُوَ أَتَمُّ فَائِدَةً فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْخَامِسُ) فِي الْمُدَّةِ الَّتِي يَسْقُطُ بِهَا طَلَبُ الدَّيْنِ قَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ مِنْ الْكُتُبِ الْمَبْسُوطَةِ الْمَنْسُوبِ لِوَالِدِ ابْنُ فَرْحُونٍ السَّاكِتُ عَنْ طَلَبِ الدَّيْنِ ثَلَاثِينَ سَنَةً لَا قَوْلَ لَهُ وَيُصَدَّقُ الْغَرِيمُ فِي دَعْوَى الدَّفْعِ وَلَا يُكَلَّفُ الْغَرِيمُ بِبَيِّنَةٍ لِإِمْكَانِ
مَوْتِهِمْ أَوْ نِسْيَانِهِمْ لِلشَّهَادَةِ انْتَهَى مِنْ مُنْتَخَبِ الْحُكَّامِ لِابْنِ أَبِي زَمَنِينَ وَفِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ بْنِ يَاسِينَ فِي مُدَّعِي دَيْنٍ سَلَفَ بَعْدَ عِشْرِينَ سَنَةً أَنَّ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُصَدَّقٌ فِي الْقَضَاءِ إذْ الْغَالِبُ أَنْ لَا يُؤَخَّرَ السَّلَفُ مِثْلَ هَذِهِ الْمُدَّةِ كَالْبُيُوعَاتِ انْتَهَى كَلَامُ الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ. وَقَالَ وَالِدُهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ فِي الْبَابِ الثَّانِي وَالسِّتِّينَ فِي الْقَضَاءِ فِي شَهَادَةِ الْوَثِيقَةِ وَالرَّهْنِ عَلَى اسْتِيفَاءِ الْحَقِّ (فَرْعٌ) وَفِي مُخْتَصَرِ الْوَاضِحَةِ فِي آخِرِ بَابِ الْحِيَازَةِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ وَقَالَ لِي مُطَرِّفٌ وَأَصْبَغُ إذَا ادَّعَى رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ حَقًّا قَدِيمًا وَقَامَ عَلَيْهِ بِذِكْرِ حَقِّهِ وَذَلِكَ الْقِيَامُ بَعْدَ الْعِشْرِينَ سَنَةً وَنَحْوِهَا أَخَذَهُ بِهِ وَعَلَى الْآخَرِ الْبَرَاءَةُ مِنْهُ وَفِي مُفِيدِ الْحُكَّامِ أَنَّ ذِكْرَ الْحَقِّ الْمَشْهُودِ فِيهِ لَا يَبْطُلُ إلَّا بِطُولِ الزَّمَانِ كَالثَّلَاثِينَ سَنَةً وَالْأَرْبَعِينَ وَكَذَلِكَ الدَّيْنُ وَإِنْ كَانَتْ مَعْرُوفَةً فِي الْأَصْلِ إذَا طَالَ زَمَانُهَا هَكَذَا وَمَنْ هِيَ لَهُ وَعَلَيْهِ حُضُورٌ فَلَا يَقُومُ عَلَيْهِ بِدَيْنِهِ إلَّا بَعْدَ هَذَا بِطُولِ الزَّمَانِ فَيَقُولُ قَدْ قَضَيْتُك وَبَادَ شُهُودِي بِذَلِكَ فَلَا شَيْءَ عَلَى الْمِدْيَانِ غَيْرُ الْيَمِينِ. قَالَ وَكَذَلِكَ الْوَصِيُّ يَقُومُ عَلَيْهِ الْيَتِيمُ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ وَيُنْكِرُ قَبْضَ مَالِهِ مِنْ الْوَصِيِّ فَإِنْ كَانَتْ مُدَّةٌ يَهْلِكُ فِي مِثْلِهَا شُهُودُ الْوَصِيِّ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ، وَإِلَّا فَعَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ بِالدَّفْعِ انْتَهَى. وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي أَثْنَاءِ مَسَائِلِ الْبُيُوعِ رَأَيْت جَوَابًا وَأَظُنّهُ لِلْمَازِرِيِّ فِي الدُّيُونِ فَقَالَ إذَا طَالَ الزَّمَانُ عَلَى الطَّالِبِ وَبِيَدِهِ وَثَائِقُ وَأَحْكَامٌ وَهُوَ حَاضِرٌ مَعَ الْمَطْلُوبِ وَلَا عُذْرَ لَهُ يَمْنَعُهُ مِنْ الطَّلَبِ مِنْ ظُلْمٍ وَنَحْوِهِ وَسَكَتَ عَنْ الطَّلَبِ فَاخْتَلَفَ الْمَذْهَبُ فِي حَدِّ السُّكُوتِ الْقَاطِعِ لِطَلَبِ الدُّيُونِ الثَّابِتَةِ فِي الْوَثَائِقِ وَالْأَحْكَامِ هَلْ حَدُّ ذَلِكَ عِشْرُونَ سَنَةً وَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ أَوْ ثَلَاثُونَ سَنَةً وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَاتَّفَقَا جَمِيعًا عَلَى أَنَّ ذَلِكَ دَلَالَةٌ قَاطِعَةٌ لِطَلَبِ الطَّالِبِ وَقَوْلُهُ عليه السلام لَا يَبْطُلُ حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ وَإِنْ قَدُمَ مُعَلَّلٌ بِوُجُودِ الْأَسْبَابِ الْمَانِعَةِ مِنْ الطَّلَبِ بِالْغَيْبَةِ الْبَعِيدَةِ وَعَدَمِ الْقُدْرَةِ عَلَى الطَّلَبِ مَعَ الْحُضُورِ حَتَّى إذَا ارْتَفَعَتْ هَذِهِ الْأَسْبَابُ مِنْ الطَّلَبِ كَانَ طُولُ الْمُدَّةِ مَعَ السُّكُوتِ وَالْحُضُورِ دَلَالَةٌ يَقْوَى بِهَا سَبَبُ الْمَطْلُوبِ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «مَنْ حَازَ شَيْئًا عَلَى خَصْمِهِ عَشْرَ سِنِينَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ» فَأَطْلَقَ عليه السلام ذِكْرَ الْحِيَازَةِ فَهُوَ عَامٌ فِي كُلِّ مَا يُحَازُ مِنْ رَبْعٍ وَمَالٍ مُعَيَّنٍ وَغَيْرِهِ وَمَنْ اجْتَهَدَ فَحَدَّ فِي الرِّبَاعِ الْعَشْرَ سِنِينَ وَحَّدَ فِي الدَّيْنِ الْعِشْرِينَ وَالثَّلَاثِينَ رَأَى أَنَّ ذَلِكَ رَاجِعٌ إلَى حَالِ الطَّالِبِ مَعَ الْمَطْلُوبِ فَمَنْ غَلَبَ عَلَى حَالِهِ كَثْرَةُ الْمُشَاحَّةِ وَأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَسْكُتَ عَنْ خَصْمِهِ عَشْرَ سِنِينَ جَعَلَهَا حَدًّا قَاطِعًا وَمَنْ جَعَلَهَا عِشْرِينَ سَنَةً أَوْ ثَلَاثِينَ أَيْ أَنَّهَا أَقْصَى مَا يُمْكِنُ السُّكُوتُ فِي بَيْعِ الْمُتَحَمَّلِ فَجَعَلَهُمَا حَدًّا قَاطِعًا لِأَعْذَارِ الطَّالِبِينَ لِأَنَّ الْغَالِبَ مِنْ الْحَالِ أَنَّهُ قَضَاءٌ وَقَدْ قَضَى بِتَغْلِيبِ الْأَحْوَالِ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَقَالَهُ مَالِكٌ فِيمَنْ لَهُ شَيْءٌ تَرَكَ غَيْرَهُ يَتَصَرَّفُ فِيهِ وَيَفْعَلُ فِيهِ مَا يَفْعَلُ الْمَالِكُ الدَّهْرَ الطَّوِيلَ فَإِنَّ ذَلِكَ مِمَّا يُسْقِطُ الْمِلْكَ وَيَمْنَعُ الطَّالِبَ مِنْ الطَّلَبِ قَالَهُ مَالِكٌ وَابْنُ وَهْبٍ وَابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغُ وَإِذَا كَانَ طُولُ الْمُدَّةِ مَعَ حُضُورِ الطَّالِبِ وَسُكُوتِهِ مَانِعًا لَهُ مِنْ الطَّلَبِ فَالطَّلَبُ مَمْنُوعٌ فِي سَائِرِ الْمَطَالِبِ دُونَ وَثَائِقَ وَأَحْكَامٍ وَرِبَاعٍ بِدَلِيلِ أَنَّ السُّكُوتَ فِي ذَلِكَ يُعَدُّ كَالْإِقْرَارِ الْمَنْطُوقِ بِهِ مِنْ الطَّالِبِ لِلْمَطْلُوبِ بِأَنَّهُ لَا حَقَّ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا تِبَاعَةَ وَلَا طَلَبَ (قُلْت) هَذَا الْجَوَابُ يَقْتَضِي أَنَّ مَا بَعْدَ الثَّلَاثِينَ مُجْمَعٌ عَلَيْهِ وَإِذَا أَجْرَاهُ عَلَى مَسَائِلِ الْحِيَازَةِ فَفِيهَا قَرِيبُ الْقَرَابَةِ وَالْبَعِيدُ وَالْمُتَوَسِّطُ وَالْمُقَاطِعُ لِقَرِيبِهِ وَالْمُوَاصِلُ لَهُ فَيَجْرِي عَلَيْهَا وَفِي بَعْضِهَا مَا يَبْلُغُ الْخَمْسِينَ وَأَكْثَرَ مَعَ أَنِّي أَحْفَظُ لِابْنِ رُشْدٍ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ إذَا تَقَرَّرَ الدَّيْنُ وَثَبَتَ لَا يَبْطُلُ وَإِنْ طَالَ لِعُمُومِ الْحَدِيثِ الْمُتَقَدِّمِ وَاخْتَارَهُ التُّونُسِيُّ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِوَثِيقَةٍ مَكْتُوبَةٍ وَهِيَ فِي يَدِ الطَّالِبِ وَالطَّلَبُ بِسَبَبِهَا لِأَنَّ بَقَاءَهَا بِيَدِ رَبِّهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ دِينَهُ إذْ الْعَادَةُ إذَا قَبَضَ دَيْنَهُ أَخَذَ عَقْدَهُ أَوْ مَزَّقَهُ بِخِلَافِ إذَا كَانَتْ الدُّيُونُ بِغَيْرِ عُقُودٍ وَلَوْ وُجِدَتْ بِغَيْرِ الْمَطْلُوبِ وَإِلَّا فَفِيهَا قَوْلَانِ حَكَاهُمَا ابْنُ رُشْدٍ