الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَهِيَ مَنْدُوبٌ إلَيْهَا، وَإِنْ كَانَ قَدْرُ الْكِتَابَةِ أَكْثَرَ مِنْهُ بِكَثِيرٍ فَمُبَاحَةٌ، وَإِنْ عُرِفَ بِالسُّوءِ وَالْإِذَايَةُ فَمَكْرُوهَةٌ إنْ كَانَتْ سِعَايَتُهُ مِنْ حَرَامٍ فَهِيَ مُحَرَّمَةٌ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ:" أَهْلُ تَبَرُّعٍ " هُوَ فَاعِلُ الْمَصْدَرِ، وَهَذَا هُوَ الرُّكْنُ الْأَوَّلُ مِنْ أَرْكَانِهَا فَإِنَّ لَهَا أَرْبَعَةَ أَرْكَانٍ: الْمَكَاتِبُ، وَالْمُكَاتَبُ وَالصِّيغَةُ، وَالْعِوَضُ، فَالْأَوَّلُ قَالَ الْمُؤَلِّفُ: هُمْ أَهْلُ التَّبَرُّعِ فَخَرَجَ الصَّبِيُّ، وَالْمَجْنُونُ، وَالسَّفِيهُ الْمَحْجُورُ عَلَيْهِ وَيَرِدُ عَلَيْهِ الْعَبْدُ الْمُكَاتَبُ فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ، وَتَصِحُّ كِتَابَتُهُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ كَمَا سَيَأْتِي، وَالْمَرِيضُ وَالْمَرْأَةُ فِيمَا زَادَ عَلَى الثُّلُثِ إذَا لَمْ يُحَابَيَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (بِكَاتَبْتُكَ وَنَحْوُهُ بِكَذَا)
ش: هَذَا هُوَ الرُّكْنُ الثَّانِي، وَهُوَ الصِّيغَةُ قَالَ فِي اللُّبَابِ: هُوَ لَفْظٌ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ يَدُلُّ عَلَى الْعِتْقِ عَلَى مَالٍ مُنَجَّمٍ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الصِّيغَةُ مِثْلُ كَاتَبْتُكَ عَلَى كَذَا فِي نَجْمٍ أَوْ نَجْمَيْنِ فَصَاعِدًا، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ: مِثْلُ كَاتَبْتُكَ يَعْنِي، وَأَنْتَ مُكَاتَبٌ أَوْ مُعْتَقٌ عَلَى نَجْمَيْنِ، ثُمَّ قَالَ: وَظَاهِرُ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي نَجْمٍ أَوْ نَجْمَيْنِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ مَا قَلَّ مِنْ النُّجُومِ أَوْ كَثُرَ وَهَكَذَا ذَكَرَ ابْنُ شَعْبَانَ قَالَ وَمِنْ أَصْحَابِنَا مَنْ يَخْتَارُ جَعْلَهَا فِي نَجْمَيْنِ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي الذَّخِيرَةِ، وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ جُزَيٍّ وَنَقَلَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ قَوْلًا بِاشْتِرَاطِ كَوْنِهَا فِي نَجْمَيْنِ انْتَهَى.
[تَنْبِيه الْمُكَاتَبَ يَعْتِقُ إذَا أَدَّى جَمِيعَ الْكِتَابَةِ]
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ أَنَّ الْمُكَاتَبَ لَا يَعْتِقُ، وَإِنْ أَدَّى جَمِيعَ الْكِتَابَةِ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ فِي عَقْدِ الْكِتَابَةِ وَعِنْدَ مَالِكٍ وَأَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِمَا، وَجُمْهُورِ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّ الْمُكَاتَبَ يَعْتِقُ إذَا أَدَّى جَمِيعَ الْكِتَابَةِ، وَإِنْ لَمْ يَشْتَرِطْ ذَلِكَ وَلَا يَضُرُّهُ أَنْ لَا يَقُولَ لَهُ مَوْلَاهُ إذَا أَدَّيْت إلَيَّ جَمِيعَ كِتَابَتِك فَأَنْتَ حُرٌّ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَفْهُومٌ مِنْ فِعْلِهِمَا وَقَصْدِهِمَا، وَإِنْ لَمْ يَذْكُرَاهُ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ جُزَيٍّ: لِأَنَّ لَفْظَ الْكِتَابَةِ يَتَضَمَّنُ الْحُرِّيَّةَ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ قَالَ الشَّافِعِيُّ: لَفْظُ كَاتَبْتُكَ لَيْسَ صَرِيحًا فَلَا يَعْتِقُ بِالْأَدَاءِ إلَّا أَنْ يَقُولَ: نَوَيْت إنْ أَدَّى فَهُوَ حُرٌّ لِدَوَرَانِ الْكِتَابَةِ بَيْنَ الْمُخَارَجَةِ وَالْكِتَابَةِ بِالْقَلَمِ فَلَا يَنْصَرِفُ لِأَحَدِهِمَا إلَّا بِالنِّيَّةِ وَوَافَقَنَا أَبُو حَنِيفَةَ وَالْجَوَابُ أَنَّهُ مُشْتَهِرٌ فِي الْفَرْقِ فِي الْكِتَابَةِ الْمَخْصُوصَةِ فَيَنْصَرِفُ إلَيْهِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ انْتَهَى. فَالْحَاصِلُ مِنْ هَذِهِ النُّصُوصِ الْمُتَقَدِّمَةِ أَنَّ الْكِتَابَةَ تَكُونُ بِاللَّفْظِ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ، وَأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ أَنْ يَقُولَ لَهُ مَوْلَاهُ: إذَا أَدَّيْت فَأَنْتَ حُرٌّ، وَأَنَّ التَّنْجِيمَ الْمُشْتَرَطَ عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِهِ يَكْفِي فِيهِ أَنْ يَكُونَ فِي نَجْمٍ وَاحِدٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَظَاهِرُهَا اشْتِرَاطُ التَّنْجِيمِ وَصُحِّحَ خِلَافُهُ)
ش: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا
أَنَّ الْكِتَابَةَ الْحَالَّةَ لَا تَصِحُّ عَلَى ظَاهِرِ الْمُدَوَّنَةِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ الشَّيْخِ يَعْنِي فِي الرِّسَالَةِ وَغَيْرِهِ لَا يَدُلُّ عَلَى مَنْعِهَا حَالَّةً بَلْ عَلَى عَدَمِ صِدْقِ لَفْظِ الْكِتَابَةِ عَلَيْهَا فَقَطْ فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ
وَالْكِتَابَةُ جَائِزَةٌ عَلَى مَا تَرَاضَى عَلَيْهِ الْعَبْدُ وَالسَّيِّدُ مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ وَتَجُوزُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ حَالَّةً وَمُؤَجَّلَةً فَإِنْ وَقَعَتْ مَسْكُوتًا عَلَيْهَا نُجِّمَتْ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ التَّنْجِيمُ هَذَا قَوْلُ مُتَأَخِّرِي أَصْحَابِنَا، وَقَالَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي رِسَالَتِهِ وَالْكِتَابَةُ جَائِزَةٌ عَلَى مَا رَضِيَهُ الْعَبْدُ وَسَيِّدُهُ مِنْ الْمَالِ مُنَجَّمًا فَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّ الْكِتَابَةَ لَا تَكُونُ إلَّا مُنَجَّمَةً وَلَيْسَ ذَلِكَ بِصَحِيحٍ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ انْتَهَى. وَالْكِتَابَةُ الْحَالَّةُ تُسَمَّى بِالْقُطَاعَةِ، قَالَهُ ابْنُ رَاشِدٍ فِي اللُّبَابِ، وَنَصُّهُ: " قَالَ الْأُسْتَاذُ أَبُو بَكْرٍ وَظَاهِرُ قَوْلِ مَالِكٍ أَنَّ التَّأْجِيلَ شَرْطٌ فِي الْكِتَابَةِ قَالَ وَعُلَمَاؤُنَا النَّظَّارَةُ يُجِيزُونَ الْكِتَابَةَ الْحَالَّةَ وَيُسَمُّونَهَا الْقَطَاعَةَ انْتَهَى. وَتُطْلَقُ الْقَطَاعَةُ أَيْضًا عَلَى مَا يَفْسَخُ السَّيِّدُ فِيهِ كِتَابَةَ الْعَبْدِ قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ: وَالْقَطَاعَةُ: بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِهَا أَيْضًا هِيَ مُقَاطَعَةُ السَّيِّدِ عَبْدَهُ الْمُكَاتَبَ عَلَى مَالٍ يَتَعَجَّلهُ مِنْ ذَلِكَ وَأَخَذَ الْعِوَضِ مِنْهُ مُعَجَّلًا أَوْ مُؤَجَّلًا وَكَأَنَّهُ مَا انْقَطَعَ طَلَبُهُ عَنْهُ بِمَا أَعْطَاهُ وَانْقَطَعَ لَهُ بِتَمَامِ حُرِّيَّتِهِ بِذَلِكَ أَوْ قَطَعَ بَعْضَ مَا كَانَ لَهُ عِنْدَهُ مِنْ جُمْلَتِهِ وَهَذَا جَائِزٌ عِنْدَ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ بِكُلِّ مَا كَانَ وَبِمَا لَا يَجُوزُ بَيْنَ رَبِّ الْمَالِ وَغَرِيمِهِ عَجَّلَ الْعِتْقَ لِقَبْضِ جَمِيعِهِ أَوْ أَخَّرَهُ لِتَأْخِيرِ بَعْضِهِ عَجَّلَ قَبْضَ مَا قَاطَعَ عَلَيْهِ أَوْ أَخَّرَهُ وَسَحْنُونٌ لَا يُجِيزُهَا إلَّا بِمَا يَجُوزُ بَيْنَ الْأَجْنَبِيِّ وَغَرِيمِهِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: الْفَعَالَةُ بِالْفَتْحِ لِلسَّجَايَا الْخُلُقِيَّةِ كَالشَّجَاعَةِ، وَبِكَسْرِهَا لِلصَّنَائِعِ كَالتِّجَارَةِ، وَالْخِيَاطَةِ، وَبِضَمِّهَا لِمَا يُطْرَحُ كَالنُّخَالَةِ وَالزُّبَالَةِ وَهَذِهِ الِاسْتِعْمَالَاتُ أَكْثَرِيَّةٌ غَيْرُ مُطَّرِدَةٍ، وَالْقِطَاعَةُ: هِيَ بَيْعُ الْكِتَابَةِ بِشَيْءٍ آخَرَ فَهِيَ نَوْعٌ مِنْ التِّجَارَةِ وَالصِّنَاعَةِ فَالْكَسْرُ فِيهَا أَنْسَبُ انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) وَعَلَى الْقَوْلِ بِاشْتِرَاطِ التَّنْجِيمِ، وَهُوَ التَّأْجِيلُ فَيَكْفِي أَنْ يَجْعَلَ الْكِتَابَةَ كُلَّهَا فِي نَجْمٍ وَاحِدٍ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَوْلُهُ: وَصُحِّحَ خِلَافُهُ، قَالَ الشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَتَزْوِيجٌ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ قَالَ فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ مِنْهَا: وَلَيْسَ لِلْمُكَاتَبِ أَنْ يَتَزَوَّجَ، وَإِنْ رَآهُ مِنْ وَجْهِ النَّظَرِ أَوْ يُسَافِرَ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ اشْتَرَطَ ذَلِكَ السَّيِّدُ عَلَيْهِ أَمْ لَا إلَّا مَا قَرُبَ مِنْ السَّفَرِ مِمَّا لَا ضَرَرَ فِيهِ لِحُلُولِ نَجْمٍ أَوْ غَيْرِهِ فَذَلِكَ لَهُ انْتَهَى.
قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَيَتَزَوَّجُ بِإِذْنِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَفْتَقِرُ لِإِذْنِ غَيْرِهِ، وَهُوَ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ
مَعَهُ غَيْرُهُ. أَشْهَبُ وَإِنْ كَانَ مَعَهُ فِي الْكِتَابَةِ غَيْرُهُ فَلَيْسَ لِسَيِّدِهِ إجَازَةُ نِكَاحِهِ إلَّا بِإِجَازَةِ مَنْ مَعَهُ إلَّا أَنْ يَكُونُوا صِغَارًا فَيُفْسَخُ عَلَى كُلِّ حَالٍ وَيُتْرَكُ لَهَا إنْ دَخَلَ ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ وَلَا تَتْبَعُهُ إنْ عَتَقَ بِمَا بَقِيَ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: إنْ تَزَوَّجَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَأَجَازَهُ جَازَ، وَإِنْ رَدَّهُ فُسِخَ وَلَهَا ثَلَاثَةُ دَرَاهِمَ انْتَهَى. وَهَذَا فِي الذَّكَرِ وَأَمَّا الْأُنْثَى فَيَتَخَرَّجُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّهُ هَلْ لَهُ الْجَبْرُ أَمْ لَا.
(فَرْعٌ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَوْ شَرَطَ عَلَيْهِ السَّيِّدُ أَنَّهُ إنْ نَكَحَ أَوْ سَافَرَ بِغَيْرِ إذْنِهِ فَمَحْوُ كِتَابَتِهِ بِيَدِهِ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَحْوُهَا إنْ فَعَلَ الْمُكَاتَبُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ وَلْيَرْفَعْ ذَلِكَ إلَى السُّلْطَانِ، قَالَ رَبِيعَةُ لِلسَّيِّدِ فَسْخُ الْكِتَابَةِ فِي بَعِيدِ السَّفَرِ بِحُكْمِ الْإِمَامِ، وَإِنْ نَكَحَ فَرَّقَ بَيْنَهُمَا وَانْتَزَعَ مَا أَعْطَى انْتَهَى.
ص (وَسَفَرٌ بَعُدَ إلَّا بِإِذْنٍ)
ش: قَالَ اللَّخْمِيُّ: اُخْتُلِفَ فِي سَفَرِ الْمُكَاتَبِ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ فَمَنَعَهُ مَالِكٌ، وَقَالَ: قَدْ تَحِلُّ نُجُومُهُ وَهُوَ غَائِبٌ وَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ إذَا كَانَ قَرِيبًا، قَالَ: وَلَمْ يَكُنْ فِيهِ كَبِيرُ مُؤْنَةٍ فِيمَا يَغِيبُ عَلَى سَيِّدِهِ إذَا حَلَّتْ نُجُومُهُ، وَاخْتَارَ هُوَ الْمَنْعَ مِنْهُ إنْ كَانَ صَانِعًا أَوْ تَاجِرًا قَبْلَ الْكِتَابَةِ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ سِعَايَتُهُ فِي الْحَاضِرَةِ إلَّا أَنْ تَبُورَ صِنَاعَتُهُ الْجَارِيَةُ فَلَهُ السَّفَرُ بِحَمِيلٍ بِالْأَقَلِّ مِمَّا بَقِيَ عَلَيْهِ مِنْ الْكِتَابَةِ أَوْ مِنْ قِيمَتِهِ، وَإِنْ كَانَ شَأْنُهُ السَّفَرَ وَمِنْهُ سِعَايَتُهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَنْعُهُ وَلَا عَلَيْهِ أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ، وَإِنْ كَانَ النَّجْمُ يَحِلُّ قَبْلَ رُجُوعِهِ مُنِعَ مِنْهُ، وَإِنْ كَانَ يَعُودُ قَبْلَ ذَلِكَ وَكَانَتْ هُنَاكَ تُهْمَةٌ أَنَّهُ يَبْعُدُ أَوْ يَتَأَخَّرُ مُنِعَ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِحَمِيلٍ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَالَ بَعْدَهُ قُلْت الْحَمَالَةُ خِلَافُ الْمَذْهَبِ انْتَهَى.
ص (فَإِنْ عَجَزَ عَنْ شَيْءٍ أَوْ غَابَ عِنْدَ الْمَحِلِّ وَلَا مَالَ لَهُ فَسَخَ الْحَاكِمُ)
ش: أَيْ فَسَخَ الْحَاكِمُ الْكِتَابَةَ وَعَادَ الْعَبْدُ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْكِتَابَةِ مِنْ رِقٍّ أَوْ تَدْبِيرٍ أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ فَهُوَ أَحْسَنُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: " رُقَّ "، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَفُسِخَتْ إنْ مَاتَ، وَإِنْ عَنْ وَلَدٍ) ش
قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا أَدَّى الْمُكَاتَبُ كِتَابَتَهُ فِي مَرَضِهِ جَازَتْ وَصِيَّتُهُ فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ مِنْ مَالِهِ فَإِنْ مَاتَ دَفَعَهَا أَوْ أَمَرَ بِدَفْعِهَا فَلَمْ تَصِلْ إلَى السَّيِّدِ حَتَّى مَاتَ وَأَوْصَى بِوَصَايَا فَلَا وَصِيَّةَ لَهُ انْتَهَى. قَالَ ابْنُ يُونُسَ قِيلَ لِأَبِي عِمْرَانَ: فَلَوْ بَعَثَ كِتَابَتَهُ فِي مَرَضِهِ إلَى سَيِّدِهِ فَلَمْ يَقْبَلْهَا السَّيِّدُ حِينَ وُصُولِهَا إلَيْهِ هَلْ يَكُونُ حُرًّا وَيَرِثُهُ وَرَثَتُهُ؟ فَقَالَ: لَا حَتَّى يَقْضِيَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ إلَّا أَنْ تَكُونَ بِمَوْضِعٍ لَا حَاكِمَ فِيهِ فَلْيُشْهِدْ عَلَيْهِ، فَيَكُونُ ذَلِكَ كَالْحُكْمِ انْتَهَى.
ص (وَإِنْ وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا أَوْ اُسْتُحِقَّ مَوْصُوفٌ كَمُعَيَّنٍ، وَإِنْ بِشُبْهَةٍ لَهُ إنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ)
ش: هَكَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ وَهِيَ مُشْكِلَةٌ؛ لِأَنَّهُ لَا وَجْهَ لَهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ مَعْطُوفَةً عَلَى " إنْ " فِي قَوْلِهِ: " وَفُسِخَتْ إنْ مَاتَ " وَذَلِكَ يَقْتَضِي أَنَّ الْكِتَابَةَ تَنْفَسِخُ إذَا وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا أَوْ اُسْتُحِقَّ، وَنُصُوصُ الْمَذْهَبِ صَرِيحَةٌ بِخِلَافِ ذَلِكَ كَمَا بَيَّنَهُ ابْنُ مَرْزُوقٍ فِيمَا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَأَمَّا قَوْلُ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّهُ يَتَمَشَّى عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى: وَفُسِخَتْ الْعَتَاقَةُ وَلَا يَكُونُ حِينَئِذٍ مُخَالِفًا لِلْمَذْهَبِ لَوْلَا مَا عَارَضَهُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي اسْتِحْقَاقِ الْعَبْدِ الْمَوْصُوفِ فَلَيْسَ بِظَاهِرٍ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا تُفْسَخُ الْعَتَاقَةُ، وَهُوَ مُخَالِفٌ لِنَصِّ الْمُدَوَّنَةِ وَغَيْرِهَا كَمَا سَيَأْتِي وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَإِنْ وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا فَمِثْلُهُ أَوْ اُسْتُحِقَّ مَوْصُوفًا فَقِيمَتُهُ كَمُعَيَّنٍ بِشُبْهَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ أَتْبَعَ بِهِ دَيْنًا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ: وَهَذَا الْكَلَامُ أَقْرَبُ إلَى الِاسْتِقَامَةِ، وَمُوَافَقَةِ النَّقْلِ إلَّا أَنَّ قَوْلَهُ فِي الْمُسْتَحَقِّ: إذَا كَانَ مَوْصُوفًا يَرْجِعُ فِيهِ بِالْقِيمَةِ لَيْسَ كَذَلِكَ إنَّمَا يَرْجِعُ فِيهِ بِالْمِثْلِ انْتَهَى. وَقَبِلَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ كَمَا سَيَأْتِي مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي نَقَلَ ابْنُ غَازِيٍّ بَعْضَهُ وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ النُّسْخَةَ أَقْرَبُ إلَى الِاسْتِقَامَةِ وَمُوَافَقَةِ النَّقْلِ فَلْنَشْرَحْهَا وَنُبَيِّنْ مُوَافَقَتَهَا لِلنَّقْلِ فَقَوْلُهُ: وَإِنْ وُجِدَ الْعِوَضُ مَعِيبًا، فَمِثْلُهُ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا قَبَضَ السَّيِّدُ مِنْ الْمُكَاتَبِ الْعِوَضَ يَعْنِي الْكِتَابَةَ يُرِيدُ أَوْ بَعْضَهَا فَوَجَدَ مَا قَبَضَهُ أَوْ بَعْضَهُ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّهُ وَالرُّجُوعُ بِمِثْلِهِ
قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ؛ لِأَنَّ الْكِتَابَةَ إنَّمَا تَكُونُ
بِغَيْرِ مُعَيَّنٍ وَالْأَعْوَاضُ غَيْرُ الْمُعَيَّنَةِ إذَا اُطُّلِعَ فِيهَا عَلَى عَيْبٍ قُضِيَ بِمِثْلِهَا انْتَهَى. يُرِيدُ وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ وَلَوْ كَانَ عَدِيمًا قَالَ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْمُكَاتَبِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ كَاتَبَهُ عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ فَعَتَقَ بِأَدَائِهِ، ثُمَّ أَلْفَاهُ السَّيِّدُ مَعِيبًا فَلَهُ رَدُّهُ وَيَتْبَعُهُ بِمِثْلِهِ إنْ قَدَرَ وَإِلَّا كَانَ عَلَيْهِ دَيْنًا وَلَا يُرَدُّ الْعِتْقُ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ كَاتَبَهُ عَلَى عَبْدٍ مَضْمُونٍ وَلَوْ كَانَ مُعَيَّنًا لَرَجَعَ بِقِيمَتِهِ كَالنِّكَاحِ عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ وَالْخُلْعِ عَلَى عَبْدٍ بِعَيْنِهِ انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ: أَوْ اُسْتُحِقَّ مَوْصُوفٌ فَقِيمَتُهُ كَمُعَيَّنٍ، يَعْنِي بِهِ إذَا اُسْتُحِقَّ مَا قَبَضَهُ السَّيِّدُ مِنْ كِتَابَةِ عَبْدِهِ أَوْ قَطَاعَتِهِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا كَمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَصَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ كَمَا سَيَأْتِي وَكَانَ مَوْصُوفًا فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ الشَّيْءِ الْمَوْصُوفِ كَمَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ إذَا اُسْتُحِقَّ وَكَانَ مُعَيَّنًا بِقِيمَتِهَا أَمَّا الْمُعَيَّنُ فَلَا إشْكَالَ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ وَأَمَّا الْمَوْصُوفُ فَتَبِعَ فِي ذَلِكَ مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ أَشْهَبَ، وَنَصُّهُ:" وَلَا اخْتِلَافَ إذَا قَاطَعَ سَيِّدَهُ عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ وَاسْتُحِقَّ مِنْ يَدِهِ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ وَلَا يَرُدُّهُ فِي الْكِتَابَةِ " انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: " وَإِنْ بِشُبْهَةٍ " شَرْطٌ فِي مُضِيِّ الْعَقْدِ وَالرُّجُوعِ بِالْقِيمَةِ فِي اسْتِحْقَاقِ الْمَوْصُوفِ الْمُعَيَّنِ وَيَعْنِي بِهِ مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنَّ الْمُكَاتَبَ إذَا دَفَعَ لِسَيِّدِهِ شَيْئًا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهِ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي الْعِوَضِ الْمُسْتَحَقِّ شُبْهَةٌ فَإِنَّ عِتْقَهُ لَا يَمْضِي وَيَعُودُ الْعَبْدُ مُكَاتَبًا قَالَ فِي الْبَيَانِ إثْرَ كَلَامِهِ السَّابِقِ: وَأَمَّا إذَا قَاطَعَ سَيِّدَهُ عَلَى شَيْء بِعَيْنِهِ وَلَا شُبْهَةَ لَهُ فِي مِلْكِهِ غُرَّ بِهِ مَوْلَاهُ كَالْحُلِيِّ يَسْتَوْدِعُهُ وَالثِّيَابِ يَسْتَوْدِعُهَا وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا اخْتِلَافَ فِي أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَيَرْجِعُ فِي الْكِتَابَةِ عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ حَتَّى يُؤَدِّيَ قِيمَةَ مَا قَاطَعَ بِهِ انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ اُتُّبِعَ بِهِ دَيْنًا فَيَعْنِي بِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُكَاتَبِ الَّذِي دَفَعَ إلَّا الْمَعِيبُ وَالْمُسْتَحَقُّ الَّذِي لَهُ فِيهِ شُبْهَةُ مَالٍ فَإِنَّهُ يُتْبَعُ بِالْمِثْلِ وَالْقِيمَةِ دَيْنًا فِي ذِمَّتِهِ وَلَا تَعُودُ مُكَاتَبَتُهُ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَغَيْرُهُ: إنْ غَرَّهُ سَيِّدُهُ بِمَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ رُدَّ عِتْقُهُ، وَإِنْ تَقَدَّمَتْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ مَضَى عِتْقُهُ وَاتُّبِعَ بِقِيمَةِ ذَلِكَ دَيْنًا انْتَهَى. قَوْلُهُ: رُدَّ عِتْقُهُ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ وَيَرْجِعُ مُكَاتَبًا انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْبَيَانِ فِي السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ يَتَحَصَّلُ فِي الْمُكَاتَبِ يُقَاطِعُ سَيِّدَهُ مِنْ كِتَابَتِهِ عَلَى شَيْءٍ يُعَيِّنُهُ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَرْجِعُ فِي الْكِتَابَةِ حَتَّى يُؤَدِّيَ إلَى سَيِّدِهِ قِيمَةَ ذَلِكَ مَلِيئًا كَانَ أَوْ مُعْدِمًا، وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الَّذِي يُؤَدِّي كِتَابَتَهُ مِنْ أَمْوَالِ غُرَمَائِهِ: وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي الْكِتَابَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُعْدِمًا، وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَالثَّالِثُ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي الْكِتَابَةِ مَلِيئًا كَانَ أَوْ مُعْدِمًا وَيُتْبَعُ بِذَلِكَ إنْ كَانَ مُعْدِمًا فِي ذِمَّتِهِ، وَهُوَ حُرٌّ بِالْقَطَاعَةِ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ فِي الْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى.
(قُلْت) وَهُوَ الَّذِي يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ الَّذِي نَقَلْنَاهُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْغُرَمَاءِ فَسَيَأْتِي أَنَّهَا بِمَنْزِلَةِ مَا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ، وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ أَشْهَبُ وَابْنُ نَافِعٍ عَنْ مَالِكٍ فِي مُكَاتَبٍ قَاطَعَ سَيِّدَهُ فِيمَا بَقِيَ لَهُ عَلَيْهِ عَلَى عَبْدٍ دَفَعَهُ إلَيْهِ فَاعْتَرَفَ مَسْرُوقًا فَلْيَرْجِعْ السَّيِّدُ عَلَى الْمُكَاتَبِ بِقِيمَةِ الْعَبْدِ، قَالَ ابْنُ نَافِعٍ هَذَا إذَا كَانَ لَهُ مَالٌ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ عَادَ مُكَاتَبًا، وَقَالَ أَشْهَبُ: لَا يُرَدُّ عِتْقُهُ إذَا تَمَّتْ حُرِّيَّتُهُ، وَيُتْبَعُ بِذَلِكَ قَالَا عَنْ مَالِكٍ: وَإِنْ قَاطَعَهُ عَلَى وَدِيعَةٍ أُودِعَتْ عِنْدَهُ فَاعْتَرَفَ رُدَّ عِتْقُهُ انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ أَدَّى كِتَابَتَهُ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ، فَأَرَادَ غُرَمَاؤُهُ أَنْ يَأْخُذُوا مِنْ السَّيِّدِ مَا قَبَضَ مِنْهُ فَإِنْ عُلِمَ أَنَّ مَا دُفِعَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَلَهُمْ أَخْذُهُ، وَيَرْجِعُ رِقًّا، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ ذَلِكَ مَضَى عِتْقُهُ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ قَوْلُهُ: وَيَرْجِعُ رِقًّا يُرِيدُ مُكَاتَبًا وَهَذَا مِنْ قَوْلِهِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ دَفَعَ إلَى سَيِّدِهِ شَيْئًا تَقَدَّمَتْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ أَنَّهُ يُرَدُّ عِتْقُهُ وَيَرْجِعُ مُكَاتَبًا خِلَافُ مَالِهِ بَعْدَ هَذَا انْتَهَى. يُشِيرُ إلَى كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ السَّابِقِ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ فَجَعَلَ ابْنُ يُونُسَ مَا تَقَدَّمَ لِهَذَا الْعَبْدِ مِنْ مِلْكِهِ لِهَذَا الَّذِي دَفَعَ إلَى السَّيِّدِ شُبْهَةً، وَإِنْ
كَانَ أَمْوَالَ غُرَمَائِهِ، وَجَعَلَهُ اللَّخْمِيُّ لَيْسَ بِشُبْهَةٍ لِتَسَلُّطِ الْغُرَمَاءِ عَلَى ذَلِكَ فَحَمَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَلَى الْخِلَافِ، وَحَمَلَهُ اللَّخْمِيُّ عَلَى الْوِفَاقِ انْتَهَى. وَنَصُّ مَا فِي تَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ: قَالَ الشَّيْخُ إذَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ السَّيِّدِ مَا أَخَذَهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ أَوْ عَنْ الْمُقَاطَعَةِ فَإِنْ كَانَ الْمُكَاتَبُ مُوسِرًا غَرِمَ مِثْلَ مَا أَخَذَ مِنْ السَّيِّدِ وَمَضَى عِتْقُهُ وَسَوَاءٌ كَانَ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ أَمْ لَا، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا افْتَرَقَ الْجَوَابُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ فِي ذَلِكَ شُبْهَةٌ، وَإِنَّمَا قَضَى مِنْ أَمْوَالِ الْغُرَمَاءِ أَوْ مِنْ وَدِيعَةٍ وَلَا شَيْءَ لَهُ فِي الْكِتَابَةِ إنْ كَانَ يُرْجَى لَهُ مَالٌ، وَإِنْ كَانَ لَا يُرْجَى رُدَّ فِي الرِّقِّ وَسَقَطَتْ الْكِتَابَةُ، وَإِنْ كَانَ لَهُ فِي ذَلِكَ شُبْهَةٌ اُتُّبِعَ بِذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ وَلَمْ يَرُدَّهُ، وَقَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَيُحْمَلُ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ السَّيِّدَ أَعْتَقَهُ عِنْدَمَا دَفَعَ ذَلِكَ إلَيْهِ فَلَا يُرَدُّ عِتْقُهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْتِقْهُ، وَإِنَّمَا أَخَذَ مِنْهُ الْمَالِ، وَتَشَاهَدَا أَنَّهُ لَا مِلْكَ لَهُ عَلَيْهِ لِدَفْعِ الْمَالِ، وَأَنَّهُ قَدْ اسْتَحَقَّ الْحُرِّيَّةَ بِالْخُرُوجِ عَنْ مِلْكِ سَيِّدِهِ بِذَلِكَ كَانَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ إلَى الْكِتَابَةِ أَوْ فِي الرِّقِّ إذَا كَانَ لَا يُرْجَى لَهُ مَالٌ إلَّا أَنْ يَكُونَ الِاسْتِحْقَاقُ بَعْدَ أَنْ طَالَ أَمْرُهُ وَجَازَتْ شَهَادَتُهُ وَوَرِثَ الْأَحْرَارُ فَيُسْتَحْسَنُ أَنْ لَا يُرَدَّ انْتَهَى.
وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: إذَا قَاطَعَهُ سَيِّدُهُ عَلَى مَالٍ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ فَتَحْصِيلُهُ إنْ كَانَ الْمُكَاتَبُ مُوسِرًا غَرِمَ لِلسَّيِّدِ مِثْلَ مَا أَخَذَ مِنْهُ أَوْ قِيمَتَهُ إنْ كَانَ مِمَّا يَرْجِعُ إلَى الْقِيمَةِ وَمَضَى عِتْقُهُ وَسَوَاءٌ تَقَدَّمَتْ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ أَمْ لَا وَلَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ مُعْسِرًا، فَفِي ذَلِكَ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا أَنَّ عِتْقَهُ مَرْدُودٌ جُمْلَةً، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ فِي أَوَّلِ الْبَابِ إذَا عَلِمَ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ، وَالثَّانِي أَنَّ عِتْقَهُ مَاضٍ وَلَا يُرَدُّ وَيَتْبَعُهُ، وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ فِي الْكِتَابِ، وَالثَّالِثُ التَّفْصِيلُ بَيْنَ مَا تَقَدَّمَتْ فِيهِ شُبْهَةُ مِلْكٍ فَيَمْضِي عِتْقُهُ وَيُتْبَعُ بِقِيمَةِ ذَلِكَ وَمَا لَمْ يَتَقَدَّمْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ فَيَرُدُّ السَّيِّدُ عِتْقَهُ فِيهِ، وَهُوَ قَوْلُ الرُّوَاةِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ أَشْهَبَ فِي الْمُكَاتَبِ يُقَاطَعُ عَلَى وَدِيعَةٍ، وَالْقَوْلُ الرَّابِعُ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ أَوْ يَقْصُرَ فَيَمْضِي عِتْقُهُ مَعَ الطُّولِ وَيُرَدُّ مَعَ الْقُرْبِ، وَعَلَى الْقَوْلِ بِرَدِّ عِتْقِهِ هَلْ يُرَدُّ إلَى الرِّقِّ أَوْ إلَى الْحُرِّيَّةِ؟ الْمَذْهَبُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ كُلُّهَا مُسْتَقْرَأَةٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَحَدُهَا: أَنَّهُ يُرَدُّ إلَى الرِّقِّ لَا إلَى الْكِتَابَةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابَةِ، وَالثَّانِي: أَنَّهُ يُرَدُّ إلَى كِتَابَتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الرُّوَاةِ، وَالثَّالِثُ: التَّفْصِيلُ بَيْنَ أَنْ يُرْجَى لَهُ مَالٌ فَيُرَدُّ إلَى الْكِتَابَةِ أَوْ لَا يُرْجَى لَهُ مَالٌ فَيُرَدُّ إلَى الرِّقِّ، وَهُوَ اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ انْتَهَى.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ: اُخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ: فَإِنْ عَلِمَ أَنَّ مَا دَفَعَهُ مِنْ أَمْوَالِهِمْ هَلْ يُرِيدُ أَمْوَالَهُمْ بِعَيْنِهَا أَوْ دَفَعَ وَقَدْ اسْتَغْرَقَ الدَّيْنُ مَا كَانَ بِيَدِهِ وَاَلَّذِي أَرَى أَنَّهُ إنْ دَفَعَ، وَهُوَ مُسْتَغْرِقُ الذِّمَّةِ فَلَهُمْ رَدُّهُ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ أَعْيَانُ أَمْوَالِهِمْ؛ لِأَنَّهَا أَمْوَالُهُمْ أَوْ مَا تَوَلَّدَ عَنْهَا وَكَمَا لَهُمْ مَنْعُ الْحُرِّ مِنْ الْعِتْقِ وَالصَّدَقَةِ إذَا كَانَ مُسْتَغْرِقَ الذِّمَّةِ فَكَذَلِكَ لَهُمْ مَنْعُ هَذَا مِنْ أَنْ يُعْتِقَ نَفْسَهُ بِهَذَا، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ بَعْدَ هَذَا: إذَا كَانَ الْمُكَاتَبُ مِدْيَانًا فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُقَاطِعَ سَيِّدَهُ، وَيَبْقَى لَا شَيْءَ لَهُ؛ لِأَنَّ غُرَمَاءَهُ أَحَقُّ بِمَالِهِ مِنْ سَيِّدِهِ فَإِنْ فَعَلَ لَمْ يَجُزْ وَكَذَلِكَ أَدَاؤُهُ جَمِيعَ كِتَابَتِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَعْيَانِ أَمْوَالِهِمْ وَأَثْمَانِ ذَلِكَ وَمَا اعْتَاضَ الْمُكَاتَبُ مِنْهَا أَنَّ ذَلِكَ كَأَعْيَانِ أَمْوَالِهِمْ وَالْغُرَمَاءُ أَحَقُّ بِهِ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ مَا دَفَعَهُ إلَى السَّيِّدِ مِنْ أَمْوَالِهِمْ هُوَ مَا دَفَعَ مِمَّا أَفَادَهُ مِنْ عَمَلِ يَدِهِ أَوْ أَرْشِ خَرَاجِهِ أَوْ دَفَعَهُ مِمَّا بِيَدِهِ وَلَيْسَ بِمُسْتَغْرِقِ الذِّمَّةِ، وَفِيمَا بَقِيَ بِيَدِهِ وَفَاءً لِدَيْنِهِ، وَإِنْ أُشْكِلَ ذَلِكَ قَالَ بَعْضُ عُلَمَائِنَا: لَا سَبِيلَ إلَى نَقْضِ الْعِتْقِ فَإِنْ اعْتَرَفَ السَّيِّدُ بِذَلِكَ فَالْقِيَاسُ أَنْ يَنْفُذَ الْعِتْقُ وَيَرُدَّ عَلَى الْغُرَمَاءِ مَا قَبَضَ لِإِقْرَارِهِ أَنَّهُمْ أَوْلَى بِهِ مِنْهُ انْتَهَى.
فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ إذَا اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ السَّيِّدِ أَخَذَهُ مِنْ الْمُكَاتَبِ عَنْ كِتَابَتِهِ أَوْ عَنْ قَطَاعَتِهِ فَإِنَّهُ إنْ كَانَ مُوسِرًا أَخَذَ مِنْهُ مِثْلَ الَّذِي اُسْتُحِقَّ إنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْأَمْوَالِ، وَقِيمَتُهُ إنْ كَانَ مِنْ ذَوَاتِ الْقِيَمِ سَوَاءٌ كَانَ مَوْصُوفًا أَوْ مُعَيَّنًا كَمَا صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ، وَهُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ وَغَيْرِهِ خِلَافًا لِمَا قَالَ ابْنُ مَرْزُوقٍ: وَالْمَوْصُوفُ يَرْجِعُ فِيهِ لِلْمِثْلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَلَا يُرَدُّ
الْعِتْقُ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ فِيمَا دَفَعَهُ شُبْهَةٌ أَوْ لَمْ يَكُنْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ اللَّخْمِيُّ وَالرَّجْرَاجِيُّ خِلَافُ مَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي السَّمَاعِ الْمُتَقَدِّمِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِيمَا إذَا كَاتَبَهُ بِمَالِهِ فِيهِ شُبْهَةٌ، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْكِتَابَةِ مَلِيئًا كَانَ أَوْ مُعْدِمًا، وَهُوَ غَيْرُ ظَاهِرٍ بَلْ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ أَنَّهُ لَا يُرَدُّ إلَى الْكِتَابَةِ وَأَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ، فَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَوْ صَرِيحُهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْكِتَابَةِ بِلَا خِلَافٍ وَلَوْ كَانَ مُوسِرًا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُ مَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الرَّجْرَاجِيِّ وَاللَّخْمِيِّ وَأَمَّا إنْ كَانَ مُعْسِرًا فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ شُبْهَةٌ فِيهِ أَمْ لَا، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ شُبْهَةٌ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَى الْكِتَابَةِ، وَقَدْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ لَا خِلَافَ فِي ذَلِكَ لَكِنْ نَقَلَ الرَّجْرَاجِيُّ فِي ذَلِكَ خِلَافًا، وَهُوَ بَعِيدٌ وَلَا يَرْجِعُ إلَى الرِّقِّ إلَّا عَلَى الْقَوْلِ الَّذِي ذَكَرَهُ الرَّجْرَاجِيُّ آخِرًا، وَهُوَ بَعِيدٌ أَيْضًا وَأَمَّا تَفْصِيلُ اللَّخْمِيِّ بَيْنَ مَنْ يُرْجَى لَهُ مَالٌ أَوْ لَا، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُعَدَّ خِلَافًا؛ لِأَنَّ مَنْ لَا يُرْجَى لَهُ مَالٌ إذَا رَدَدْنَاهُ لِلْكِتَابَةِ وَعَجَزَ عَنْهَا رَجَعَ رَقِيقًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَأَمَّا إنْ كَانَتْ لَهُ فِيهِ شُبْهَةٌ فَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَاَلَّذِي عَلَيْهِ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ أَنَّهُ يُتْبَعُ بِذَلِكَ فِي ذِمَّتِهِ وَلَا يَعُودُ إلَى الْكِتَابَةِ، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ: يَعُودُ إلَى الْكِتَابَةِ، وَذَكَرَ الرَّجْرَاجِيُّ قَوْلًا بِأَنَّهُ يَعُودُ رَقِيقًا، وَهُوَ بَعِيدٌ وَمَا دَفَعَهُ مِنْ أَمْوَالِ الْغُرَمَاءِ فَجَعَلَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِمَّا لَا شُبْهَةَ لَهُ فِيهِ، وَهُوَ ظَاهِرٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) إنْ قِيلَ لِمَ قُلْتُمْ إذَا اُسْتُحِقَّ مَا قَاطَعَ بِهِ الْمُكَاتَبُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ وَلَمْ تَقُولُوا يَرْجِعُ بِبَقِيَّةِ الْكِتَابَةِ الَّتِي قَاطَعَ عَلَيْهَا كَمَنْ أَخَذَ مِنْ دَيْنِهِ عَرْضًا، ثُمَّ اُسْتُحِقَّ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِدَيْنِهِ، قِيلَ الْكِتَابَةُ لَيْسَتْ بِدَيْنٍ ثَابِتٍ؛ لِأَنَّهَا تَارَةً تَصِحُّ، وَتَارَةً لَا تَصِحُّ فَأَشْبَهَتْ مَا لَا عِوَضَ لَهُ مَعْلُومٌ مِنْ نِكَاحٍ أَوْ خُلْعٍ بِعِوَضٍ يُسْتَحَقُّ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيمَتِهِ.
ص (وَقَلِيلٌ كَخِدْمَةٍ لَغْوٌ)
ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ (فَرْعٌ) لَوْ شَرَطَ عَلَى مُكَاتَبِهِ أَنَّهُ إذَا شَرِبَ خَمْرًا عَادَ رَقِيقًا، فَفَعَلَ فَلَيْسَ لَهُ رَدُّهُ قَالَهُ فِي النُّكَتِ، وَنُقِلَ هَذَا الْفَرْعُ فِي التَّوْضِيحِ وَسَقَطَ مِنْ بَعْضِ نُسَخِهِ لَفْظَةُ لَيْسَ فَفَسَدَ الْكَلَامُ وَكَأَنَّهُ وَقَعَ فِي نُسْخَةِ الشَّارِحِ كَذَلِكَ قَالَ فِي الْكَبِيرِ أَنَّهُ إذَا فَعَلَ الْعَبْدُ ذَلِكَ رَجَعَ رَقِيقًا وَكَذَا فِي الشَّامِلِ وَتَبِعَهُ الْبِسَاطِيُّ وَقَدْ نَقَلْت لَفْظَ النُّكَتِ فِي حَاشِيَةِ الشَّامِلِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (رُقَّ كَالْقِنِّ)
ش: أَيْ فَيُخَيَّرُ سَيِّدُهُ حِينَئِذٍ فِي
فِدَائِهِ بِأَرْشِ الْجِنَايَةِ أَوْ إسْلَامِهِ.
ص (رَجَعُوا بِالْفَضْلَةِ)
ش: قَالَ الْجُزُولِيُّ فَإِنْ دَفَعَ إلَيْهِ اثْنَانِ مَالًا لِيُؤَدِّيَهُ فِي الْكِتَابَةِ فَدَفَعَ لَهُ مَالَ أَحَدِهِمَا، وَخَرَجَ حُرًّا فَإِنَّهُ يَرُدُّ مَالَ الْآخَرِ إلَيْهِ، وَإِنْ لَمْ يُعْلَمْ مَالُ مَنْ بَقِيَ فَإِنَّهُمَا يَتَحَاصَّانِ فِيهِ عَلَى قَدْرِ مَا دَفَعَا إلَيْهِ.
(فَرْعٌ) قَالَ الْجُزُولِيُّ وَكَذَلِكَ كُلُّ مَنْ دُفِعَ إلَيْهِ مَالٌ لِأَمْرٍ مَا، إمَّا لِكَوْنِهِ عَالِمًا أَوْ صَالِحًا أَوْ فَقِيرًا وَلَمْ تَكُنْ فِيهِ تِلْكَ الْخَصْلَةُ فَإِنَّهُ يَرُدُّهُ وَلَا يَأْكُلُهُ فَإِنْ فَعَلَ فَقَدْ أَكَلَ حَرَامًا انْتَهَى. وَانْظُرْ حَاشِيَةَ الْمَشَذَّالِيّ عَلَى الْمُدَوَّنَةِ فِي هَذَا الْمَحِلِّ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ.
ص (وَأَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا أَوْ وَعَلَيْك لَزِمَ الْعِتْقُ وَالْمَالُ)
ش: ذَكَرَ أَهْلُ الْمَذْهَبِ هُنَا خَمْسَ صِيَغٍ، وَفِي بَعْضِهَا خِلَافٌ مُخَرَّجٌ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي هَاتَيْنِ الْمَسْأَلَتَيْنِ هُوَ قَوْلُ مَالِكٍ قَالَ فِي التَّنْبِيهَاتِ الْأُولَى: قَوْلُهُ أَنْتَ حُرٌّ وَعَلَيْك أَلْفٌ وَالْعَبْدُ غَيْرُ رَاضٍ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: قَوْلُ مَالِكٍ وَأَشْهَبَ إلْزَامُ السَّيِّدِ الْعِتْقَ الْمُعَجَّلَ وَالْعَبْدِ الْمَالَ بِكُلِّ حَالٍ مُعَجَّلًا إنْ كَانَ مُوسِرًا أَوْ دَيْنًا إنْ كَانَ مُعْسِرًا انْتَهَى. وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ، ثُمَّ ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ، ثُمَّ قَالَ الثَّانِيَةُ: قَوْلُهُ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا فِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: قَوْلُ مَالِكٍ بِإِلْزَامِهِ الْعِتْقَ وَالْمَالَ كَمَا فِي الْأُولَى انْتَهَى. ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ الْأَقْوَالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَأَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ عِتْقٌ فِي الْمَالِ وَالْحَالِ فِي ذِمَّتِهِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ قَوْلُهُ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَلْفٍ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَقُولَ تُؤَدِّي أَوْ تَدْفَعَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ لَا يُفِيدُ شَيْئًا انْتَهَى. وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُهُ: عِتْقٌ يُرِيدُ إذَا قَبِلَ الْعَبْدُ، وَهَذَا الْكَلَامُ رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْك كَذَا وَعَلَى هَذِهِ الصُّورَةِ حَمَلَ ابْنُ رَاشِدٍ كَلَامَ الْمُؤَلِّفِ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ وَقَدْ ذَكَرُوا هَهُنَا صِيَغًا إلَى آخِرِهِ، ثُمَّ قَالَ وَاخْتُلِفَ فِي الْأُولَى وَهِيَ أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ لِمَالِكٍ بِإِلْزَامِهِ الْعِتْقَ وَإِلْزَامِ الْعَبْدِ الْمَالَ وَسَوَاءٌ قَالَ: أَنْتَ حُرٌّ السَّاعَةَ مَثَلًا أَوْ لَمْ يَقُلْ، وَهُوَ الَّذِي اقْتَصَرَ عَلَيْهِ