الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لِلْمَخْزُومِيِّ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَالْمَبْسُوطِ وَمَذْهَبُ تَلْقِينُهُ أَنَّهُ مَتَى قَامَا مِنْ الْمَجْلِسِ فَلَا حُرِّيَّةَ لِلْعَبْدِ، وَإِنْ جَاءَهُ بِالْمَالِ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: فِي هَذِهِ الْوُجُوهِ يَعْنِي بِهِ الْمَسَائِلَ الثَّلَاثَ وَهِيَ عَلَى أَنْ تَدْفَعَ أَوْ عَلَى أَنْ تُؤَدِّيَ أَوْ إنْ أَعْطَيْت وَهَذَا كَلَامُ عِيَاضٍ الْمَوْعُودُ بِهِ وَاشْتَمَلَ أَوَّلُهُ عَلَى مَسْأَلَةٍ وَآخِرُهُ عَلَى مَسْأَلَةٍ أُخْرَى (السَّادِسُ) : إنْ قِيلَ مَا الْفَرْقُ بَيْنَ قَوْلِهِ: أَنْتَ حُرٌّ عَلَى أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا وَبَيْنَ قَوْلِهِ: عَلَى أَنْ تَدْفَعَ قِيلَ الْفَرْقُ أَنَّهُ إذَا قَالَ أَنَّ عَلَيْك أَلْفًا فَقَدْ أَلْزَمَهُ ذَلِكَ وَلَمْ يَجْعَلْهُ إلَيْهِ وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُلْزِمَ عَبْدَهُ وَيُجْبِرَهُ عَلَى الْعِتْقِ عَلَى الْمَالِ وَعَلَى التَّزْوِيجِ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَلَيْسَ فِي هَذِهِ مُصَادَرَةٌ؛ لِأَنَّ الْكَلَامَ مَعَ مَنْ يُسَلِّمُ أَنَّ لِلسَّيِّدِ أَنْ يُجْبِرَ عَبْدَهُ وَيُلْزِمَهُ وَلَكِنَّهُ يُسْأَلُ لَمْ جُعِلَ هَذَا اللَّفْظُ يَدُلُّ عَلَى الْإِلْزَامِ، وَهَذَا لَا يَدُلُّ عَلَيْهِ وَإِذَا قَالَ عَلَى أَنْ يَدْفَعَ فَقَدْ جَعَلَ الدَّفْعَ إلَيْهِ فَكَأَنَّهُ جَعَلَ لِلْعَبْدِ فِي ذَلِكَ اخْتِيَارًا وَنَظَرًا لِصَرْفِهِ الْعَمَلَ إلَيْهِ، وَفِي قَوْلِهِ: عَلَى أَنَّ عَلَيْك كَأَنَّهُ أَلْزَمَهُ وَلَمْ يَجْعَلْ لَهُ فِي ذَلِكَ رَأْيًا وَلَا اخْتِيَارًا بَلْ ظَاهِرُهُ الْجَبْرُ عَلَى الدَّفْعِ فَتَأَمَّلْهُ، وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ وَمِنْ الرَّجْرَاجِيِّ وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ أَبِي الْحَسَنِ شَيْءٌ مِنْ هَذَا فِي الْكَلَامِ عَلَى الْقَوْلَةِ الْأُولَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(السَّابِعُ) إذَا كَانَتْ الْمَقُولُ لَهَا أَمَةً، فَكُلُّ مَا وَلَدَتْ بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّهُ يُعْتَقُ إذَا أَدَّتْ الْأَلْفَ وَخَرَجَتْ حُرَّةً، قَالَ مَالِكٌ: كُلُّ شَرْطٍ كَانَ فِي أَمَةٍ فَمَا وَلَدَتْ بَعْدَ الشَّرْطِ مِنْ وَلَدٍ أَوْ كَانَتْ حَامِلًا بِهِ يَوْمَ شَرَطَ لَهَا ذَلِكَ فَوَلَدُهَا فِي ذَلِكَ الشَّرْطِ بِمَنْزِلَتِهَا انْتَهَى. مِنْ عِتْقِهَا الثَّانِي.
(الثَّامِنُ) قَالَ فِيهِ وَإِذَا قَالَ لِعَبْدِهِ: إنْ أَدَّيْت إلَيَّ الْيَوْمَ مِائَةَ دِينَارٍ فَأَنْتَ حُرٌّ فَمَضَى الْيَوْمُ وَلَمْ يُؤَدِّ شَيْئًا فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ التَّلَوُّمِ انْتَهَى. وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَاب الْإِقْرَار بِالْوَطْءِ]
ص (بَابٌ)(إنْ أَقَرَّ السَّيِّدُ بِوَطْءٍ وَلَا يَمِينَ إنْ أَنْكَرَ كَأَنْ ادَّعَى اسْتِبْرَاءً بِحَيْضَةٍ) ش هَذَا الْبَابُ يُسَمَّى بَابُ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ وَالْأُمُّ فِي اللُّغَةِ: أَصْلُ الشَّيْءِ وَالْجَمْعُ أُمَّاتُ، وَأَصْلُ الْأُمِّ أُمَّهَةٌ وَلِذَلِكَ يُجْمَعُ عَلَى أُمَّهَاتٍ، وَقِيلَ: الْأُمَّهَاتُ لِلنَّاسِ، وَأُمَّاتُ لِلنَّعَمِ، وَأُمُّ الْوَلَدِ فِي اللُّغَةِ: عِبَارَةٌ عَنْ كُلٍّ مَنْ وُلِدَ لَهَا وَلَدٌ، وَهُوَ خَاصٌّ فِي اسْتِعْمَالِ الْفُقَهَاءِ بِالْأَمَةِ الَّتِي وَلَدَتْ مِنْ سَيِّدِهَا، وَجَرَتْ عَادَةُ الْفُقَهَاءِ بِتَرْجَمَةِ هَذَا الْبَابِ بِالْجَمْعِ وَلَعَلَّ سَبَبَ ذَلِكَ تَنَوُّعُ الْوَلَدِ الَّذِي تَحْصُلُ بِهِ الْحُرِّيَّةُ فَقَدْ يَكُونُ تَامَّ الْخِلْقَةِ، وَقَدْ لَا يَكُونُ كَذَلِكَ مِنْ مُضْغَةٍ وَغَيْرِهَا. عِيَاضٌ وَلِأُمِّ الْوَلَدِ حُكْمُ الْحَرَائِرِ فِي سِتَّةِ أَوْجُهٍ وَهِيَ: أَنَّهُ لَا خِلَافَ أَنَّهُنَّ لَا يُبَعْنَ فِي دَيْنٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَلَا يُرْهَنَّ، وَلَا يُوهَبْنَ وَلَا يُؤَاجَرْنَ وَلَا يُسَلَّمْنَ فِي جِنَايَةٍ وَلَا يُسْتَسْعَيْنَ، وَحُكْمُ الْعَبِيدِ فِي أَرْبَعَةِ أَوْجُهٍ: انْتِزَاعُ مَا لَهُنَّ مَا لَمْ يَمْرَضْ السَّيِّدُ وَإِجْبَارُهُنَّ عَلَى النِّكَاحِ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ وَاسْتِخْدَامهنَّ فِي الْخَفِيفِ الَّذِي لَا يَلْزَمُ الْحُرَّةَ، وَكَوْنُهُنَّ لِسَيِّدِهِنَّ لَهُ فِيهِنَّ الِاسْتِمْتَاعُ انْتَهَى. مِنْ التَّوْضِيحِ.
(تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي رَسْمِ الْعُشُورِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْجَامِعِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: بَلَغَنِي أَنَّ الْقَاسِمَ بْنَ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقَ وَسَالِمَ بْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ وَعَلِيَّ بْنَ الْحُسَيْنِ بْنِ عَلِيِّ بْنِ أَبِي طَالِبٍ كَانُوا بَنِي أُمَّهَاتِ أَوْلَادٍ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ إنَّمَا ذَكَرَ هَذَا لِيَتَبَيَّنَ أَنَّ هَذَا لَيْسَ مِمَّا يُعَابُ بِهِ أَحَدٌ، وَهُوَ بَيِّنٌ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى {إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقَاكُمْ} [الحجرات: 13] انْتَهَى. وَقَوْلُهُ: وَلَا يَمِينَ إنْ أَنْكَرَ كَأَنْ ادَّعَى اسْتِبْرَاءً قَالَ فِي تَهْذِيبِ الطَّالِبِ وَسَأَلْت الشَّيْخَ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ
عَنْ الْأَمَةِ تَأْتِي بِوَلَدٍ فَيُنْكِرُهُ السَّيِّدُ وَيَدَّعِي الِاسْتِبْرَاءَ فَلَا يُلْحَقُ بِهِ هَلْ تُحَدُّ؟ فَوَقَفَ عَنْ الْحُدُودِ وَذَكَرَ أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا الْحَسَنِ وَقَفَ فِي ذَلِكَ قَالَ الشَّيْخُ أَبُو بَكْرٍ وَهِيَ شُبْهَةٌ تَدْفَعُ الْحَدَّ، وَالْمَرْأَةُ قَدْ تُهْرَقُ الدَّمَ عَلَى الْحَمْلِ، وَالْحَدُّ يَسْقُطُ عَنْهَا عِنْدِي وَكَذَلِكَ قَالَ غَيْرُهُ مِنْ شُيُوخِنَا الْقَرَوِيِّينَ أَنَّهَا شُبْهَةٌ تَدْفَعُ الْحَدَّ قَالَ: أَلَا تَرَى أَنَّ عَبْدَ الْمَلِكِ يُحَلِّفُهُ عَلَى مَا ادَّعَى مِنْ الِاسْتِبْرَاءِ قَالَ وَأَمَّا لَوْ أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ وَطِئَهَا أَصْلًا فَهَهُنَا تُحَدُّ إذْ لَا أَحَدَ عَلِمْنَاهُ يَقُولُ أَنَّ عَلَيْهِ الْيَمِينَ إذَا كَانَ يَقُولُ مَا وَطِئَهَا أَصْلًا انْتَهَى.
(مَسْأَلَةٌ) قَالَ فِي رَسْمِ الْمُكَاتَبِ مِنْ سَمَاعِ يَحْيَى مِنْ كِتَابِ الْعِتْقِ فِي أَمَةٍ أَقَرَّتْ بَعْدَ مَوْتِ سَيِّدِهَا أَنَّهَا أَتَتْ بِهَذَا الْوَلَدِ مِنْ فَاحِشَةٍ وَقَامَتْ بَيِّنَةٌ أَنَّ السَّيِّدَ كَانَ أَقَرَّ بِوَطْئِهَا فَإِنَّ الْوَلَدَ يُلْحَقُ بِهِ، وَإِقْرَارُهَا بِالزِّنَا لَا يَنْفِيهِ عَنْ وَالِدِهِ وَلَا يُوجِبُ إقْرَارُهَا مِلْكَهَا، بَلْ هِيَ حُرَّةٌ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (عَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ) ش قَالَ الْجُزُولِيُّ اُنْظُرْ إذَا تَرَكَهَا حَامِلًا هَلْ تُعْتَقُ فِي الْحَالِ أَوْ تَنْتَظِرُ حَتَّى تَضَعَ إذْ قَدْ يَنْفُشُ الْحَمْلُ قَوْلَانِ: الْمَشْهُورُ تُعْتَقُ فِي الْحَالِ، وَعَلَيْهِ اُخْتُلِفَ فِي نَفَقَتِهَا فَقِيلَ: فِي التَّرِكَةِ، وَقِيلَ: عَلَى نَفْسِهَا، وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ: نَفَقَتُهَا فِي التَّرِكَةِ انْتَهَى. وَانْظُرْ الْمَسْأَلَةَ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِبْرَاءِ، وَأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَفِي رَسْمِ سَعْدٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ طَلَاقِ السُّنَّةِ فَإِنَّهُ صَرَّحَ فِيهِ بِأَنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّهَا حُرَّةٌ بِتَبَيُّنِ الْحَمْلِ، وَأَنَّهُ لَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى وَكَذَلِكَ أُمُّ الْوَلَدِ إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا وَهِيَ حَامِلٌ فَلَا نَفَقَةَ لَهَا وَلَا سُكْنَى عَلَى الْمَشْهُورِ فَانْظُرْهُ.
ص (كَاشْتِرَاءِ زَوْجَتِهِ حَامِلًا)
ش: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ يُرِيدُ إذَا لَمْ تَكُنْ مِلْكًا لِمَنْ يُعْتَقُ عَلَيْهِ وَلَدُهَا كَأَبِيهِ، وَنَحْوِهِ فَإِنْ كَانَتْ لَمْ تَكُنْ بِذَلِكَ أُمَّ وَلَدٍ بِلَا خِلَافٍ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ أَمَّا إنْ أَعْتَقَ الْبَائِعُ وَلَدَهَا فَفِي ذَلِكَ قَوْلَانِ، وَانْظُرْ الْمَسْأَلَةَ فِي ابْنِ يُونُسَ، وَاقْتَصَرَ فِي التَّوْضِيحِ عَلَى أَنَّهَا تَكُونُ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ قَالَ: وَمَنْ تَزَوَّجَ أَمَةَ وَالِدِهِ فَمَاتَ فَوَرِثَهَا، وَهِيَ حَامِلٌ فَإِنْ كَانَ حَمْلًا ظَاهِرًا أَوْ لَمْ يَكُنْ ظَاهِرًا وَوَضَعَتْهُ لِأَقَلَّ مِنْ سِتَّةِ أَشْهُرٍ لَمْ تَكُنْ بِهِ أُمَّ وَلَدٍ؛ لِأَنَّهُ عِتْقٌ عَلَى حِدَةٍ، وَإِنْ وَضَعَتْهُ لِسِتَّةِ أَشْهُرٍ فَأَكْثَرَ، فَهِيَ بِهِ أُمُّ وَلَدٍ
ص (وَلَا يَدْفَعُهُ عَزْلٌ أَوْ وَطْءٌ بِدُبُرٍ أَوْ فَخِذَيْنِ إنْ أَنْزَلَ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَنْدَفِعُ
عَنْهُ بِقَوْلِهِ: كُنْتُ أَعْزِلُ إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ كَانَ يُنْزِلُ، وَلَا يَنْدَفِعُ عَنْهُ بِأَنَّهُ كَانَ يَأْتِيهَا فِي دُبُرِهَا إذَا أَقَرَّ بِالْإِنْزَالِ، وَلَا يَنْدَفِعُ بِالْوَطْءِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ إذْ الْأَقْرَبُ الْإِنْزَالُ أَيْضًا، فَقَوْلُهُ:" إنْ أَنْزَلَ " قَيْدٌ فِي الْمَسَائِلِ الثَّلَاثِ قَالَ فِي سَمَاعِ عِيسَى بْنِ مُعَاوِيَةَ مِنْ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِبْرَاءِ وَأُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَنْ زَعَمَ أَنَّهُ وَطِئَ جَارِيَتَهُ، وَأَنَّهُ يَعْزِلُ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَإِنَّهَا أُمُّ وَلَدِهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ لَا يَطَأُ جَارِيَتَهُ وَلَا يُنْزِلُ فَأَتَتْ بِوَلَدٍ فَلَا يَلْحَقُهُ، وَلَا تَكُونُ أُمَّ وَلَدٍ إلَّا إنْ زَعَمَ أَنَّهُ كَانَ يُفْضِي وَيُنْزِلُ وَيَعْزِلُ فَالْعَزْلُ قَدْ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ وَلِذَلِكَ أَلْزَمَهُ الْوَلَدَ، وَإِذَا قَالَ: كُنْتُ أَطَأُ وَلَا أُنْزِلُ فَإِنَّهُ لَيْسَ هَهُنَا مَوْضِعُ خَوْفٍ فِي أَنْ يَكُونَ قَدْ أَفْضَى فِيهَا بِالْعَزْلِ فَلِذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ الْوَلَدُ، ابْنُ رُشْدٍ هَذَا بَيِّنٌ؛ لِأَنَّ الْوَلَدَ إنَّمَا يَكُونُ مِنْ الْمَاءِ الدَّافِقِ، قَالَ اللَّهُ عز وجل {فَلْيَنْظُرِ الإِنْسَانُ مِمَّ خُلِقَ} [الطارق: 5] {خُلِقَ مِنْ مَاءٍ دَافِقٍ} [الطارق: 6] ، فَإِذَا لَمْ يُنْزِلْ أَصْلًا عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مَا يَكُونُ عَنْهُ الْوَلَدُ فَوَجَبَ أَنْ لَا يَلْزَمَهُ، وَإِذَا وَطِئَ وَأَنْزَلَ، فَعَزَلَ الْمَاءَ عَنْ الْمَوْطُوءَةِ، وَأَنْزَلَ خَارِجًا مِنْهَا احْتَمَلَ أَنْ يَكُونَ لَمْ يَعْزِلْهُ بِجُمْلَتِهِ وَسَبَقَهُ شَيْءٌ كَانَ عَنْهُ الْوَلَدُ فَوَجَبَ أَنْ يَلْزَمَهُ؛ لِأَنَّهَا صَارَتْ فِرَاشًا لَهُ بِوَطْئِهِ إيَّاهَا فَوَجَبَ أَنْ يُلْحَقَ بِهِ حَتَّى يُوقِنَ أَنَّهُ لَيْسَ مِنْهُ
وَقَوْلُهُ: صلى الله عليه وسلم فِي حَدِيثِ الْعَزْلِ «مَا مِنْ نَسَمَةٍ كَائِنَةٍ إلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ» . إخْبَارٌ أَنَّ الْوَلَدَ قَدْ يَكُونُ مَعَ الْعَزْلِ إذَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ يَكُونَ. وَقَالَ فِي آخِرِ كِتَابِ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ قَالَ: كُنْتُ أَطَأُ أَمَتِي وَلَا أُنْزِلُ فِيهَا فَإِنَّ الْوَلَدَ يَلْحَقُهُ وَلَا يَنْفَعُهُ أَنْ يَقُولَ: كُنْتُ أَعْزِلُ، فَذَهَبَ بَعْضُ النَّاسِ إلَى أَنَّ ذَلِكَ خِلَافُ رِوَايَةِ مُوسَى هَذِهِ فِي قَوْلِهِ فِيهَا أَنَّهُ مَنْ قَالَ: كُنْتُ أَطَأُ، وَلَا أُنْزِلُ أَنَّ الْوَلَدَ لَا يَلْحَقُهُ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَالَ كُنْتُ أَعْزِلُ وَلَيْسَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ فِي قَوْلِهِ: وَلَا أُنْزِلُ فِيهَا دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ كَانَ يُنْزِلُ خَارِجًا عَنْهَا وَهَذَا هُوَ الْعَزْلُ بِعَيْنِهِ فَعَنْهُ سَأَلَهُ، وَعَلَيْهِ أَجَابَهُ فَلَا خِلَافَ فِي رِوَايَةِ مُوسَى لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَهِيَ مُفَسِّرَةٌ لَهَا انْتَهَى. قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ:" وَمَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ وَلَمْ يَدَّعِ الِاسْتِبْرَاءَ لَزِمَهُ مَا أَتَتْ بِهِ مِنْ وَلَدٍ لِأَقْصَى مَا تَلِدُ النِّسَاءُ لَهُ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الِاسْتِبْرَاءَ بِحَيْضَةٍ "، قَالَ قَوْلُهُ: وَمَنْ أَقَرَّ بِوَطْءِ أَمَتِهِ. يُرِيدُ الْوَطْءَ التَّامَّ وَأَمَّا إنْ قَالَ كُنْتُ لَا أُنْزِلُ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَهُ وَيَحْلِفُ، وَإِنْ قَالَ: كُنْتُ أَعْزِلُ لَحِقَ بِهِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ الْكَلَامَ عَلَى الْعَزْلِ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَلَوْ قَالَ كُنْتُ أَطَأُ وَلَا أُنْزِلُ لَمْ أُلْزِمْهُ الْوَلَدَ انْتَهَى. وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ فَلَا بُدَّ مِنْ اشْتِرَاطِ الْإِنْزَالِ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا اُشْتُرِطَ فِي الْقُبُلِ فَأَحْرَى هُوَ، وَأَمَّا مَسْأَلَةُ الْوَطْءِ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ، فَنَصَّ عَلَيْهِمَا فِي آخِرِ كِتَابِ الِاسْتِبْرَاءِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَنَصُّهُ:" إنْ قَالَ الْبَائِعُ: كُنْتُ أُفَخِّذُ، وَلَا أُنْزِلُ وَوَلَدُهَا لَيْسَ مِنِّي لَمْ يَلْزَمْهُ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ عِيَاضٌ؛ لِأَنَّهُ لَوْ قَدَّرْنَا هُنَا إنْزَالًا بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ فَهُوَ يَسِيرٌ، وَلَا يَصِلُ لِيَسَارَتِهِ لِلْفَرْجِ بِخِلَافِ لَوْ أَنْزَلَ هُنَاكَ مَاءَهُ كُلَّهُ أَوْ كَثِيرًا مِنْهُ فَهَذَا يُخْشَى أَنْ يَسْرِيَ إلَى الْفَرْجِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: كُلُّ وَطْءٍ فِي مَوْضِعٍ إنْ أَنْزَلَ عَنْهُ وَصَلَ إلَى الْفَرْجِ لَحِقَ بِهِ الْوَلَدُ، قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ جَعَلَهَا عِيَاضٌ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ إنْ كَانَ وَطْؤُهُ، وَإِنْزَالُهُ فِي الْأَعْكَانِ، وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنْ جَسَدِهَا مِمَّا يَتَحَقَّقُ أَنَّهُ لَا يَصِلُ إلَى الْفَرْجِ مِنْهُ فَهَذَا لَا يُلْحَقُ بِهِ عِنْدَهُمْ وَلَدٌ " انْتَهَى. الثَّانِي: أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْفَخِذَيْنِ وَقَدْ تَقَدَّمَ، الثَّالِثُ: أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الشُّفْرَيْنِ فَهَذَا لَمْ يُخْتَلَفْ فِيهِ فِي لُحُوقِ الْوَلَدِ مِنْهُ وَكَذَلِكَ اُخْتُلِفَ فِي إلْحَاقِهِ مِنْ الْوَطْءِ فِي الدُّبُرِ انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ فِي مَسْأَلَةِ الْعَزْلِ: «وَقَدْ نَزَلَ هَذَا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ الرَّجُلُ كُنْتُ أَعْزِلُ فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: إنَّ الْوِكَاءَ يَنْفَلِتُ» وَأَلْحَقَ بِهِ الْوَلَدَ قَالَ عِيَاضٌ: الْوِكَاءُ بِكَسْرِ الْوَاوِ مَمْدُودٌ اسْتِعَارَةٌ وَتَشْبِيهٌ بِخُرُوجِ الْمَاءِ فِي الْفَرْجِ قَبْلَ الْعَزْلِ، وَالْوِكَاءُ الْخَيْطُ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ فَمُ الْقِرْبَةِ انْتَهَى.
ص (وَمُصِيبَتُهَا إنْ عَتَقَتْ مِنْ بَائِعِهَا وَرَدَّ عِتْقَهَا)
ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَإِذَا صَحَّ رَدُّ الْعِتْقِ فَأَحْرَى